الجمعة، 19 يوليو 2019

28-- شرح أصول السنة للإمام أحمد

النفاق هو الكفر

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: والنفاق هو الكفر أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية، مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقوله صلى الله عليه وسلم: « ثلاثٌ من كن فيه فهو منافق »(1)
هذا على التغليظ نرويها كما جاءت ولا نفسرها، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: « لا ترجعوا بعدي كفارا ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض »(2) ومثل: « إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار »(3) ومثل: « سباب المسلم فسوق وقتاله كفر »(4) ومثل: « من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما »(5) ومثل: « كفر بالله تبرؤ بالنسب وإن دق »(6) ونحو هذه الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم نعلم تفسيرها، ولا نتكلم فيها، ولا نجادل فيها، ولا نفسر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت، لا نردها إلا بأحق منها .
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
قال الإمام أحمد -رحمه الله- في رسالة أصول السنة: والنفاق هو الكفر، أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية، مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النفاق هو مشتق من النافقاء، والنافقاء: هي جحر اليربوع الخفي، وذلك أن اليربوع له جحران: جحر ظاهر، وجحر خفي، فالجحر الظاهر يقال له: القاصعة، والجحر الخفي يقال له: النافقاء، فله جحر ظاهر يعرفه كل واحد، وله جحر خفي، وذلك أنه يحفر في الأرض حتى يخرق الأرض، فإذا خرقها وصار جحرا كاملا جعل فوقه تراب لا يعلم عنه، فإذا دخل مع جحره القاصع المعروف، ثم جاءه أحد دف برأسه التراب الذي في الجحر الخفي، وخرج منه، فالجحر الخفي يقال له النافقاء، والجحر الظاهر يقال له القاصعة.
والمنافق له باطن وله ظاهر، باطنه الكفر، وظاهره الإيمان، كذلك الحفر، النافقاء الذي يحفره اليربوع، ظاهره أنه تراب وباطنه حفر، فهذا وجه اشتقاق المنافق، فالمنافق سمي المنافق؛ لأن له باطن وظاهر، فباطنه الكفر وظاهره الإسلام، كذلك جحر اليربوع النافقاء له باطن وله ظاهر، باطنه جحر وظاهره تراب، فإذا اليربوع دفع برأسه التراب الذي بالجحر فخرج، فهذا وجه اشتقاق المنافق، سمي منافقا؛ لأن له باطنا وظاهرا، كما أن اليربوع جحره له ظاهر وله باطن النافقاء، يسمى النافقاء.
والنفاق: هو الكفر هو أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية، مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا يسمى كفر النفاق؛ لأن الكفر أنواع، فالكفر معناه في اللغة: الستر والتغطية، ومنه سمي الزارع كافرا؛ لأنه يستر الحب في التراب، الزراع: ﴿ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾(7) فالزارع يسمى كافرا؛ لأنه يستر في اللغة، يستر الحب في التراب، كذلك الكافر سمي كافرا؛ لأنه يستر الحق ويغطيه بكفره وضلاله وهو التوحيد.
وأما الكفر في الشرع فهو أنواع؛ الكفر ينقسم إلى قسمين: كفر أكبر، وكفر أصغر، من حيث الحكم، والمؤلف ذكر النوعين، فالنوع الأول: الكفر الأكبر الذي يخرج من الملة أنواع؛ النوع الأول: كفر النفاق الذي ذكره المؤلف، وهو أن يكفر بالله ويعبد غيره في الباطن يعني، ويظهر الإسلام في العلانية، في الظاهر يظهر الإسلام، يشهد أن لا إله إلا الله، ويشهد أن محمدا رسول الله في الظاهر، ولكنه في الباطن مكذب لله ولرسوله، مثل المنافقين الذين كانوا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- كعبد الله بن أبيّ، الذين يظهرون الإسلام على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ويصلون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ويجاهدون وهم كفرة في الباطن، وإنما فعلوا ذلك حتى تسلم دماءهم وأموالهم؛ لأنهم لو أظهروا الكفر لقتلوا وأخذت أموالهم.
والنفاق إنما يوجد إذا قوي الإسلام، إذا قوي الإسلام وجد النفاق؛ لأنه عند ضعف الإسلام يظهر الكفار كفرهم ولا يبالون، لكن إذا خافوا من المسلمين أظهروا، أخفوا كفرهم ونفاقهم، فالمنافق تعريفه: هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، والله تعالى ذكر في أول سورة البقرة ثلاثة أصناف: الصنف الأول المؤمنون ظاهرا وباطنا، ذكره في أربع آيات: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾(8) إلى قوله: ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾(9) ثم ذكر الكفار في الظاهر والباطن في آيتين: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10) ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾(11) ثم ذكر المنافقين الذين هم كفار في الباطن ومسلمون في الظاهر في ثلاث عشرة آية، وجلَّ أوصافهم بخبثهم وشرهم؛ لأنهم يعيشون بين المسلمين، وهم يدبرون المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين يعيشون بين المسلمين.
وذكر من أوصافهم أنهم يقولون: ﴿ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾(12) في الظاهر: ﴿ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾(12) ومن أوصافهم الخداع: ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾(13) ومن أوصافهم أنهم: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا (14) أظهروا الإيمان: ﴿ وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ﴾(14) أظهروا الكفر، ومن أوصافهم أنهم يسمون الإيمان سفها، ويصفون المؤمنين بالسفه، ومنها استهزاءهم بالمؤمنين، ومنها أن الله تعالى ذكر لهم مثلا مائيا ومثلا ناريا: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا ﴾(15) هذا مثل الناري: ﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ ﴾(16) هذا مثل المائي، والله تعالى ذكر المنافقين ذكر أيضا في سورة البقرة: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾(17) ذكر في سورة النساء، وذكر أيضا في سورة التوبة ذكر كثيرا من أوصافهم وجلاها، وجعل يذكر أوصافهم ومنهم، ومنهم ومنهم، حتى خشي المنافقون أن يسموا بأسمائهم، وكذلك في سورة محمد ذكر الله أوصافهم، وفي سورة خاصة تسمى سورة المنافقين؛ لعظم ضررهم على الإسلام والمسلمين؛ لأنهم عدو خفي، العدو الظاهر الذي ظاهره وباطنه الكفر تأخذ حذرك منه؛ يهودي نصراني وثني شيوعي تعرفه، تعرف أنه عدوك تأخذ حذرك منه، عدو ظاهر كفر باطن، كفر ظاهر وكفر باطن.
لكن المصيبة العدو الخفي: الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر يعيش بين المسلمين، ويدبر المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين، هذا، ولذلك صار عذابهم أشد في دركة سفلى تحت دركة اليهود والنصارى، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾(18) ؛ لأنهم وافقوا اليهود والنصارى، والوثنيين في الكفر، وزادوا في الخداع؛ فزاد عذابهم، تعريف المنافق: هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، هذا هو المنافق، ظاهره الإسلام وباطنه الكفر، قال الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾(12) هذا بألسنتهم ﴿ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾(12) أي بقلوبهم، وقال - سبحانه وتعالى-: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ﴾(19) يعني في الظاهر، ثم قال في آخرها: ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾(19) في الباطن، وكانوا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- رئيسهم عبد الله بن أبي.
ثم بعد ذلك صار يسمى المنافق، بعد الرسول -عليه الصلاة والسلام- يسمى زنديقا، الزنديق كلمة أصلها فارسية، صار يسمى زنديقا يطلق على المنافق زنديق، ويطلق الزنديق على الجاحد المعطل، ثم صاروا يسموا في زمننا الآن علمانيا، والعلمانيون هم المنافقون، العلمانيون، +علماني يعني منافق، علمانيون منافقون، الذين يعيشون بين المسلمين وهم يدبرون المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين، ويتصلون بالكفرة وباليهود، ويدبرون المكائد، ويطالبون بالفساد والشر على المسلمين، هؤلاء العلمانيون هم المنافقون، هم الزنادقة، هم في كل وقت، ولكن كونهم الآن لا يظهرون كفرهم يدل على قوة المسلمين، وقوة أهل الخير، وقوة أهل الصلاح جعلتهم ضغط عليهم ما يظهرون كفرهم.
فوجود المنافقين يدل على قوة المسلمين؛ لأن في مكة لما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة ما في منافقين؛ لأن الكفار هم الأقوياء يظهرون كفرهم، متى وجد النفاق؟ بعد غزوة بدر، بعد غزوة بدر لما أعز الله الإسلام وأهله، ونصر الله نبيه وحزبه، وقتل سبعون من صناديد قريش وأسر سبعون، قال عبد الله بن أبي: هذا أمر توجه، فأظهر الإسلام وأبطن الكفر، فنجم النفاق بعد غزوة بدر، بعد قوة المسلمين، قبل ذلك ما في نفاق، في مكة ما في نفاق، ما في إلا كفر، إما كفر إما أو إسلام؛ لأنهم هم الأقوياء، لكن لما قوي المسلمون خافوا أن يقتلوا، خافوا على دماءهم وأموالهم فأظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر.
إذن كفر النفاق أنواع منها:
النوع الأول: تكذيب الله في الباطن، تكذيب الله في الباطن.
الثاني: التكذيب ببعض ما جاء عن الله.
والثالث: تكذيب الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
الرابع: التكذيب ببعض ما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
الخامس: بغض الله.
السادس: بغض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
السابع: السرور، والفرح بضعف الإسلام والمسلمين، وانخفاض دين الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا ضعف الإسلام والمسلمين فرح واستبشر، إذا انخفض دين الرسول فرح.
الثامن: الكراهية لانتصار الإسلام والمسلمين، إذا انتصر الإسلام والمسلمون كره ذلك، وإن شئت كما ذكر العلماء تقول: ستة+؛ النفاق ستة أنواع: تكذيب الله، تكذيب الرسول -صلى الله عليه وسلم - بغض الله، بغض الرسول، المسرة لانخفاض دين الرسول، الكراهية لانتصار دين الرسول، هذه ستة أنواع صاحبها في الدرك الأسفل من النار، من اتصف بواحد من هذه الأمور الستة، فهو في الدرك الأسفل من النار، في دركة تحت دركة اليهود والنصارى، وهو كافر كفر النفاق، هذا نوع من أنواع الكفر.
النوع الثاني: كفر الجحود، كفر الجحود والتكذيب، كأن يكذب الله ويكذب رسوله، والأدلة على هذا كما سمعتم: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ﴾(19) ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾(12) الثاني: كفر التكذيب والجحود يكذب ويجحد في الظاهر والباطن، يكون أيش؟ الفرق بينه وبين كفر النفاق، أن الجحود كفر النفاق في الباطن، وفي الظاهر مستور، وأما كفر الجحود والتكذيب فهو جحودٌ وتكذيبٌ في الظاهر والباطن، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ﴾(20) هذا كفر يسمى كفر التكذيب والجحود، الأول: كفر النفاق، والثاني: كفر التكذيب والجحود، كفر النفاق عرفنا أنه ستة أنواع، وقد يلحق بكفر النفاق أيضا أخرى مشابهة.
الثالث: كفر الإباء والاستكبار مع التصديق، كفر الإباء والاستكبار مع التصديق، وهو أن يقابل أمر الله، أو أمر رسوله بالإباء والاستكبار وإن كان مصدقا، مثل كفر إبليس، إبليس مصدق قابل أمر الله بأي شيء؟ ما جحد، قابل أمره بالإباء والاستكبار، قال الله تبارك و تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ ﴾(21) إذا كفر إبليس بأي شيء بالجحود ولا بالتكذيب؟ لا، ما جحد ولا كذب، بالإباء والاستكبار، استكبر، بالإباء والاستكبار، إذا من استكبر عن عبادة الله فهو كافر، ومثل كفر فرعون مستكبر: ﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾(22) ومنه كفر اليهود: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ﴾(23) .
ومثل كفر أبي طالب عم الرسول فإنه مصدق، ولكن منعه الكبر عن الإيمان بالله وبرسوله لما حضرت الوفاة، أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام فأبى، وخشي أن يشهد، استكبر أن يشهد على آبائه وأجداده بالكفر، فكان مستكبرا عن عبادة الله واتباع رسوله، وإلا هو مصدق، قال:

مـن خير أديـان البرية دينـا
لـولا المـلامة أو حـذار سـبةٍ

لوجـدتني سـمحا بذاك مبينـا
يقول: أخشى من الملامة، وأحذر +من سب آبائي وأجدادي، أشهد عليهم بالكفر! ما أشهد عليهم، فاستكبر عن عبادة الله واتباع رسوله، ومن هنا يأتي، يسأل كثير من الناس يقول: هل جنس العمل لا بد منه، أو ليس من جنس العمل في الإيمان؟ نعم اللي ما يأتي بالعمل مستكبر، لا بد أن يأتي بالعمل؛ الإيمان في الباطن لابد له من عمل في الظاهر يتحقق به، وإلا صار مستكبرا كإيمان إبليس وفرعون؛ إيمان إبليس مصدق وفرعون مصدق، لكن ما عنده عمل، ما في عمل، لا بد من أن يلزم عمل، جنس العمل لا بد منه، لا بد من عمل يتحقق به.
وكذلك اللي يعبد ويصلي ويصوم، لا بد له من تصديق في الباطن، يصحح وإلا صار كإسلام المنافقين، المنافقون يصلون ويصومون لكن في الباطن ما عندهم تصديق يصحح هذا العمل، كما أن إبليس وفرعون مصدق في الباطن، لكن ما عنده عمل يتحقق به هذا التصديق، لا بد من أمرين: عملٌ يتحقق به التصديق في الباطن، وتصديقٌ في الباطن يتحقق بالعمل؛ التصديق في الباطن لا بد له من عمل يتحقق به، والعمل لا بد له من تصديق في الباطن يصححه.
الرابع: كفر الشك والظن، كأن يشك في ربوبية الله، أو يشك في ألوهيته، أو يشك في ربوبيته، أو يشك في الملائكة في ملك من الملائكة، أو يشك في رسول من الرسل، أو يشك في الجنة، أو يشك في النار، أو يشك في البعث، أو يشك في قيام الساعة يكون كافرا، قال الله تعالى: ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾(24) هذا الشك، أنكر الساعة: ﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾(25) ﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ ﴾(26) كفر بأي شيء؟ بالشك، الشك في الساعة، ومن أمثلة ذلك: أن رجلا من عبد ياليل عرض عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- الإسلام، لا هذا يأتي في الذي بعده، هذا كفر الشك مثاله الآية.
الخامس: كفر الإعراض، كفر الإعراض، وهو أن يعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، يعني يعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله، معرض فيكون كافرا بهذا الإعراض، الرفض رفض دين الله، لا يتعلمه ولا يعمل به، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ﴾(27) ومن ذلك هذه القصة: « أن رجلا يقال من بني عبد ياليل، عرض عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- الإسلام، فقال: والله لأقول لك كلمة؛ إن كنت صادقا فأنت أجل في عيني من أن أرد عليك، وإن كنت كاذبا فأنت أحقر من أن أكلمك، ومشى وتركه »(28) هذا يصلح للشك، ولا يصلح للإعراض؟ اللي يقولون: يصلح للشك، يعني، نعم هذا شاك، أو معرض ها ها، قد يقال: إنه شاك لكن لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن آيات صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- جملة فيكون معرضا، في أول الأمر شاك، فإن استمر في شكه أعرض، وإن نظر في آيات صدق الرسول فإنه لا بد أن يؤمن أو يكذب، هو أحد من الأمرين، فهذه أنواع الكفر، كل هذه الأنواع الخمسة صاحبها مخلد في النار: كفر النفاق، كفر التكذيب والجحود مع التصديق، كفر الإباء والاستكبار، كفر الشك والظن، كفر الإعراض، هذا الكفر الأكبر المخرج من الملة.
هناك الشرك، الشرك كذلك نوعان: شرك يخرج من الملة، وهو أن يصرف نوعا من أنواع العبادة لغير الله، كأن يدعو غير الله، أو يذبح لغير الله، أو يصلي لغير الله، أو يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام، كأن يسب الله أو يسب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيكون مشركا شركا أكبر.
وكذلك الظلم الأكبر، الظلم الأكبر: هو الظلم المخرج من الملة، وهو ظلم الشرك والكفر، والظلم الأصغر ظلم المعاصي، وكذلك الفسق، يكون فسقا أكبر وهو فسق الكفر: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴾(29) +الفسوق الأكبر يخرج من الملة: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾(30) يعني فسق فسوق كفر.
وعلى هذا فيكون الكفر كفرا أكبر، وهو المخرج من الملة في هذه الأنواع الخمسة، ويكون شركا أكبر مخرجا من الملة، وهو إذا صرف نوع من أنواع العبادة لغير الله، أو فعل ناقضا من نواقض الإسلام، ويكون الظلم ظلما أكبر مخرجا من الملة، وهو ظلم الشرك والكفر، ويكون الفسق فسقا أكبر، وهو فسق الكفر والشرك، ويكون أيضا الجهل، الجهل يكون جهلا أكبر وهو مخرج من الملة، وهو جهل الكفر والشرك، بقي الأصغر، هناك كفر أصغر، وشرك أصغر، وظلم أصغر، وفسق أصغر، وجهل أصغر، لا يخرج من الملة، وضابط الشرك الأصغر، عرفنا الأكبر أنواعه، والكفر الأكبر، والشرك الأكبر عرفنا أنه إما ناقض من نواقض الإسلام، أو فيه صرف العبادة نوع من أنواع العبادة لغير الله، والظلم الأكبر هو ظلم الكفر والفسق، والفسق الأكبر فسق الكفر المخرج من الملة، والجهل الأكبر جهل الكفر.
بقي الأصغر من هذه الأنواع، الكفر الأصغر، والشرك الأكبر، والظلم الأصغر، والفسق الأكبر + الأكبر، ما ورد تسميته من الذنوب شركا، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر، ليس ناقضا للإسلام، ولا شركا في العبادة، وكذلك ما اعتبر تسميته من الذنوب بالكفر وليس واحدا من أنواع الكفر الخمسة فهو أصغر.
وكذلك الظلم الأصغر ما ورد تسميته من الذنوب ظلما، ولم يصل إلى حد الظلم الأكبر فهو ظلم أصغر، وكذلك الفسق، وكذلك الجهل، المؤلف -رحمه الله- كم ذكر من أنواع الكفر الأكبر، ذكر النفاق، قال النفاق هو الكفر أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية، مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم أيش؟ عبد الله بن أبي وغيره، ثم ذكر الكفر الأصغر قال: وقوله: « ثلاثٌ من كن فيه فهو منافق »(1) هذا على التغليظ هذا الكفر الأصغر، والحديث رواه الإمام مسلم يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: « ثلاثٌ من كن فيه فهو منافق وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان »(1) وفي رواية أخرى: « آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان »(31) وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم، ورواه الشيخان عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: « أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن »(32) وفي رواية: « خلة منهن »(33) « كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا واعد أخلف، وإذا خاصم فجر »(34) .
هذا الحديث ذكر فيه النفاق، هذا النفاق نفاق الأصغر؛ لأن هذا نفاق في العمل، النفاق الأكبر يكون في القلب، وهو أن يكفر بالله، ويعبد ما في القلب، والنفاق الأصغر يكون في العمل، هذا النفاق الأصغر لا يخرج من الملة، لكن صاحبه عليه أن يعيد الشريط+، ما هو النفاق الأصغر: إذا حدث كذب، هذا عمل، عمل ولا في القلب، عمل، ديدنه أنه يكذب في الحديث أو يخلف في الوعد، هذا نوع من النفاق، أو يخون في الأمانة، أو يفجر في الخصومة، هذه كلها أنواع.
وفي حديث عبد الله بن عمرو: « أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا واعد أخلف، وإذا خاصم فجر »(32) قال العلماء: كل واحد من هذه الخصال معصية، لكن إذا اجتمعت في الإنسان الأربع كلها، واستحكمت وكملت فإنها تجره إلى النفاق الأكبر، ولهذا قال: « أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها »(32) يقول المؤلف: ثلاث من كن فيه فهو منافق، هذا على التغليظ، أيش معنى على التغليظ؟ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يتوعد صاحب المعاصي، وإلا فليس نفاقا أكبر، النفاق الأكبر بينه المؤلف، ما هو؟ هو أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية مثل المنافقين هذا أكبر، وأما: « ثلاث من كن فيه كان منافقا »(28) فهذه معاصٍ، معاصٍ وكبائر، سماها النبي، وسمي منافقا للتغليظ، للتغليظ والوعيد واضح هذا؛ لأنها أصغر لا تصير إلى حد الأكبر ولا تخرج من الملة، لكن من الكبائر.
قال المؤلف الإمام: نرويها كما جاءت ولا نفسرها، يعني لا نفسرها تفسيرا يخالف ظاهرها، وإلا كما ذكر المؤلف في الآخر قال: ولا نفسر هذه الأحاديث إلا مثلما جاءت، المعنى لا نفسرها تفسيرا يخالف ظاهرها، والعلماء يقولون: لا تفسر، هذه الأحاديث تترك على ظاهرها حتى تفيد الزجر والوعيد، ولكن تبين لأهل العلم، يبين لأهل العلم، أنها لا تخرج من الملة يبين لأهل العلم ولكن لا تفسر للعامة وتترك هكذا حتى تفيد الزجر، ولهذا قال: وهذا على التغليظ نرويها كما جاءت ولا نفسرها للعامة، ولا نفسرها يعني تفسيرا يخالف ظاهرها هذا مثال.
المثال الثاني: قال: وقوله: « لا ترجعوا بعدي كفارا ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض »(2) الشاهد قوله: كفارا، القتال بين المسلمين، هل هو كفر يخرج من الملة، لا يخرج من الملة إلا إذا استحله، إذا اعتقد أنه حلال ورأى أنه حلال هذا معناه يكون كفرا أكبر؛ لأنه استحل أمرا معلوم من الدين بالضرورة، إذا استحل قتل أخيه، أو قتل نفسه أو استحل الزنى أو الربا أو الخمر، صار كفرا أكبر بهذا الاعتقاد، أما مجرد القتل، أو الزنى أو السرقة، وهو يعلم أنه عاصٍ، هذا يكون معصية كبيرة، لكن لا تخرج من الملة.
وهذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما من حديث جرير بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له في حجة الوداع: « استنصت الناس »(35) بهذا جاء مسلم، ثم قال: « لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض »36 يعني لا يقتل بعضكم بعضا، قوله: كفارا، هل الكفر القتال كفر مخرج من الملة؟ لا، يقول المؤلف: هذا على التغليظ، على التغليظ يعني أنه من باب الوعيد، فهو كفر أصغر.
ومثل: « إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار »37 هذا الحديث أيضا حديث صحيح رواه الشيخان: البخاري ومسلم وغيرهما من طريق الأحنف بن قيس عن أبي بكرة، مرفوعا، قال: « إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار »37 هل يخلدان في النار؟ لا يخلدان؛ لأنه سماهما مسلمين قال: « إذا التقى المسلمان »37 هل يكفر هذان المسلمان إذا التقيا بالقتال؟ لا، إلا إذا استحله، إذا رآه حلالا، أما إذا لم يستحله، وإنما التقيا بسبب الهوى وطاعة الشيطان، يكون عصاة، وهو من كبائر الذنوب، وقوله: في النار هل يخلد في النار؟ لا يخلد في النار إلا كافر، وهذان ليسا كافرين: « إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار »37 وليس من هذا قتال الصحابة، قتال الصحابة فيما بينهم إنما هو عن اجتهاد وعن تأويل، إذا القتال عن اجتهاد وتأويل فليس من هذا الباب، لكن إذا كان القتال عن هوى وعصبية، وبغي وعدوان وطاعة للهوى والشيطان، هذا اللي عليه الوعيد، قوله: « في النار »38 يعني متوعد بالنار، متوعد بالنار وإذا دخل النار فلا يخلد فيها.
المثال أيش الرابع: ومثل: « سباب المسلم فسوق وقتاله كفر »37 هذا أيضا حديث صحيح، رواه مسلم من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر، أيما الحديث حديث رواه البخاري ومسلم من طريق زبيد، عن أبي وائل، أنه قال: « سباب المسلم فسوق وقتاله كفر »(4) قوله: وقتاله كفر هذا من باب الوعيد على التغليظ كما قال المؤلف قتاله كفر لا يخرج من الملة، إلا إذا استحله.
ومثل المثال الخامس: « من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما »(5) هذا الحديث رواه مسلم عن ابن عمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما »39 إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه، وفي لفظ: « من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما »(5) فقوله: إذا قال لأخيه: يا كافر رجعت عليه، رجعت عليه هل يكون كفر مخرجا من الملة أو لا يخرج من الملة، لا يخرج من الملة؛ لأنه معصية، معصية كبيرة من كبائر الذنوب إلا إذا استحله.
ومثل: « كفرٌ بالله تبرؤ من نسب وإن دق »40 هذا حديث حسن: « كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق »40 وهذا له طرق في بعضها في رواه الإمام أحمد بسند فيه ضعف، ورواه أيضا، روي في سنن ابن ماجه +وفي سند لا بأس به، وبلفظ: كفرٌ بامرئ ادعاء إلى نسب لا يعرف وجحده وإن دق، يعني إذا انتسب الإنسان إلى غير أبيه، جاء في الحديث الآخر: « ما من أحدٍ ينتسب إلى غير أبيه وهو يعلم إلا كفر »(28) وكذلك المولى من انتسب إلى غير مواليه فقد كفر، ومن انتسب إلى غير أبيه فقد كفر، هذا الكفر هل يخرج من الملة؟ ل،ا هذا كفرٌ أصغر كبيرة من كبائر الذنوب، وهذا على التغليظ كما قال المؤلف؛ لأنه ليس جحودا وليس شركا في العبادة، كم مثال ذكره المؤلف للكفر الأصغر؟ خمسة ستة سبعة.
في قول المؤلف -رحمه الله-: ونحو هذه الأحاديث مما قد صح وحفظ، فيه أحاديث أخرى غيرها، مثل حديث: « اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت »41 هذا كفر، هذا كفر أصغر كبيرة من كبائر الذنوب، اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت، ومثل كفر النعمة: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ﴾42 هذا كفر أصغر لا يخرج من الملة، والأحاديث في هذا كثيرة، ولهذا قال المؤلف، ونحو هذه الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، يعني نسلم أنه حديث للرسول -عليه الصلاة والسلام- وإن لم نعلم تفسيرها، يعني وإن لم نعلم تفسيرها الذي يخالف ظاهرها، ولا نتكلم فيها، ولا نجادل فيها، ولا نفسر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت، يعني مثل ما جاءت على ظاهرها لا نفسر تفسير يخالف الظاهر، قال: لا نردها إلا بأحق منها.
فجمهور أهل السنة يرون أن التسمية حقيقية إلا أنها كفر أصغر، وأما الأحناف فيقولون: هذه كفر مجازي تسميتها كفرا مجازي، الكفر الحقيقي إنما هو الكفر الأكبر، أما هذه الكفر مجازي، تسمى كفر مجازي، والصواب أنه كفر حقيقي لكن لا يخرج من الملة، الكفر نوعان: الشرك الأصغر الذي لا يخرج من الملة، ما ورد تسميته من الذنوب شركا، ولم يصل إلى حد الشرك الأصغر، مثل: « من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك »43 ومثل: لما قال رجل للنبي ما شاء الله وشئت، قال: « أجعلتني لله ندا، بل ما شاء الله وحده »44 ومثل قول ابن عباس عن قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾45 قال: الأنداد الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، وهو أن تقول: والله، وحياتك يا فلان، وتقول: لولا الله وفلان، وتقول: لولا كلبة هذا لأتى اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، ولولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلانا هذا كله فيه شرك، هذا من الشرك الأصغر.
والجهل: الجهل الأكبر، جهل الكفر، والجهل الأصغر جهل المعاصي كقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ﴾48 بجهالة، بجهالة يعملون السوء بجهالة يعني يعمل المعصية بجهالة هذه جهالة المعصية، الجهالة الصغرى، الجهل الأصغر، وهو جهل المعاصي.
وبهذا يتبين أن الكفر يكون أكبر، ويكون أصغر، فالأكبر خمسة أنواع التي سمعتم أُخْرِج من الملة، والأصغر المعاصي التي سميت كفرا ولم تصل إلى حد الأكبر، وذكر المؤلف منها ستة أمثلة، والشرك نوعان: الشرك الأكبر، وهو المخرج من الملة، وهو أن يكون ناقضا من نواقض الإسلام أو شركا في العبادة، والشرك الأصغر: المعاصي التي سميت شركا، ولم تصل إلى حد الأكبر، مثل الحلف بغير الله يقول: ما شاء الله وشئت، لولا الله وفلان، والظلم نوعان: ظلم أكبر وهو ظلم الكفر والشرك، وظلم أصغر، وهو ظلم المعاصي، والفسق نوعان: فسق أكبر، وفسق الكفر والشرك، وفسق أصغر وهو فسق المعاصي، والجهل نوعان: جهل أكبر وهو جهل الكفر، وجهل أصغر وهو جهل المعاصي. نعم.


(1) النسائي : الإيمان وشرائعه (5023).
(2) البخاري : العلم (121) , ومسلم : الإيمان (65) , والنسائي : تحريم الدم (4131) , وابن ماجه : الفتن (3942) , وأحمد (4/358) , والدارمي : المناسك (1921).
(3) البخاري : الإيمان (31) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (2888) , والنسائي : تحريم الدم (4122) , وأبو داود : الفتن والملاحم (4268) , وابن ماجه : الفتن (3965) , وأحمد (5/51).
(4) البخاري : الإيمان (48) , ومسلم : الإيمان (64) , والترمذي : البر والصلة (1983) , والنسائي : تحريم الدم (4108) , وابن ماجه : المقدمة (69) , وأحمد (1/446).
(5) البخاري : الأدب (6104) , ومسلم : الإيمان (60) , والترمذي : الإيمان (2637) , وأبو داود : السنة (4687) , وأحمد (2/18) , ومالك : الجامع (1844).
(6) ابن ماجه : الفرائض (2744) , وأحمد (2/215).
(7) سورة الفتح (سورة رقم: 48)؛ آية رقم:29
(8) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:3
(9) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:5
(10) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:6
(11) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:7
(12) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:8
(13) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:9
(14) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:14
(15) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:17
(16) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:19
(17) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:204
(18) سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:145
(19) سورة المنافقون (سورة رقم: 63)؛ آية رقم:1
(20) سورة العنكبوت (سورة رقم: 29)؛ آية رقم:68
(21) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:34
(22) سورة المؤمنون (سورة رقم: 23)؛ آية رقم:47
(23) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:87
(24) سورة الكهف (سورة رقم: 18)؛ آية رقم:35 - 36
(25) سورة الكهف (سورة رقم: 18)؛ آية رقم:36
(26) سورة الكهف (سورة رقم: 18)؛ آية رقم:37
(27) سورة الأحقاف (سورة رقم: 46)؛ آية رقم:3
(28)
(29) سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:99
(30) سورة الكهف (سورة رقم: 18)؛ آية رقم:50
(31) البخاري : الإيمان (33) , ومسلم : الإيمان (59) , والترمذي : الإيمان (2631) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (5021) , وأحمد (2/357).
(32) البخاري : الإيمان (34) , ومسلم : الإيمان (58) , والترمذي : الإيمان (2632) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (5020) , وأبو داود : السنة (4688) , وأحمد (2/189).
(33) مسلم : الإيمان (58) , وأبو داود : السنة (4688).
(34) مسلم : الإيمان (58) , وأبو داود : السنة (4688).
35 : البخاري : العلم (121) , ومسلم : الإيمان (65) , والنسائي : تحريم الدم (4131) , وابن ماجه : الفتن (3942) , وأحمد (4/358) , والدارمي : المناسك (1921).
36 : البخاري : العلم (121) , ومسلم : الإيمان (65) , والنسائي : تحريم الدم (4131) , وابن ماجه : الفتن (3942) , وأحمد (4/358) , والدارمي : المناسك (1921).
37 : البخاري : الإيمان (31) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (2888) , والنسائي : تحريم الدم (4122) , وأبو داود : الفتن والملاحم (4268) , وابن ماجه : الفتن (3965) , وأحمد (5/51).
38 : الترمذي : الفتن (2183) , وأبو داود : الملاحم (4311) , وابن ماجه : الفتن (4055) , وأحمد (4/7).
39 : البخاري : الأدب (6104) , ومسلم : الإيمان (60) , والترمذي : الإيمان (2637) , وأبو داود : السنة (4687) , وأحمد (2/47) , ومالك : الجامع (1844).
40 : ابن ماجه : الفرائض (2744) , وأحمد (2/215).
41 : مسلم : الإيمان (67) , والترمذي : الجنائز (1001) , وأحمد (2/496).
42 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:112
43 : الترمذي : النذور والأيمان (1535) , وأبو داود : الأيمان والنذور (3251) , وأحمد (2/69).
44 : ابن ماجه : الكفارات (2117) , وأحمد (1/214).
45 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:22
46 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:229
47 : سورة النور (سورة رقم: 24)؛ آية رقم:4
48 : سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:17.


= هنا =

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق