الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

لو تَعلَمونَ ما أعلَمُ



"لو يعلم المؤمنُ ما عند اللهِ من العقوبةِ ، ما طمع بجنتِه أحدٌ . ولو يعلمُ الكافرُ ما عند اللهِ من الرحمةِ ، ما قنط من جنتِه أحدٌ"
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2755
خلاصة حكم المحدث: صحيح 
 
خطَب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خطبةً ما سمِعتُ مثلَها قَطُّ قال : ( لو تَعلَمونَ ما أعلَمُ لضَحِكتُم قليلًا ولبَكيتُم كثيرًا ) . قال فغطَّى أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وجوهَهم لهم خَنينٌ ، فقال رجلٌ : من أبي ؟ قال : ( فلانٌ ) . فنزَلَتْ هذه الآيةُ : { لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4621
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
- " إنِّي أرى ما لاَ ترونَ ، وأسمعُ ما لاَ تسمعونَ ، إنَّ السَّماءَ أطَّت ، وحقَّ لَها أن تئطَّ ، ما فيها موضعُ أربعِ أصابعَ إلاَّ وملَكٌ واضعٌ جبْهتَهُ ساجدًا للَّهِ ، واللَّهِ لو تعلمونَ ما أعلمُ لضحِكتم قليلاً ، ولبَكيتم كثيرًا ، وما تلذَّذتم بالنِّساءِ على الفرشاتِ ، ولخرجتم إلى الصُّعداتِ ، تجأرونَ إلى اللهِ "، واللَّهِ لوددتُ أنِّي كنتُ شجرةً تعضد.
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3397
خلاصة حكم المحدث: حسن دون قوله: "والله لوددت ..." 
  - " إنِّي أرى ما لا تَرونَ ، وأسمعُ ما لا تسمَعونَ أطَّتِ السَّماءُ ، وحُقَّ لَها أن تَئطَّ ما فيها موضعُ أربعِ أصابعَ إلَّا وملَكٌ واضعٌ جبهتَهُ للَّهِ ساجدًا ، واللَّهِ لو تعلَمونَ ما أعلمُ لضَحِكْتُم قليلاً ولبَكَيتُمْ كثيرًا ، وما تلذَّذتُمْ بالنِّساءِ على الفُرُشِ ولخرجتُمْ إلى الصُّعداتِ تجأرونَ إلى اللَّهِ "، لوَدِدْتُ أنِّي كنتُ شجرةً تُعضَدُ
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2312
خلاصة حكم المحدث: حسن دون قوله: "والله لوددت ..."
 
 قالَ الإمامُ مُحمَّد عبد الرَّحمـٰن بن عبد الرَّحيم المباركفوري (ت: 1353هـ) ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ ـ في «تحفة الأحوذي» (6 / 603)": قَوْله: (لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ) أيْ: مِنْ عقاب الله للعصاة وشدَّة المناقشة يوم الحساب.
لضحكتم جواب «لَوْ».

(وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا) أيْ: بكاءً كثيرًا أو زمانًا كثيرًا، أيْ: مِنْ خشية الله ترجيحًا للخوف على الرَّجاء، وخوفًا مِنْ سُوء الخاتمة.

قالَ الحافظُ: والمرادُ بالعِلْمِ هُنا: ما يتعلَّق بعظمة الله، وانْتقامه ممَّن يعصيه، والأهوال الَّتي تقع عند النِّزاع والموت، وفي القبر، ويوم القيامة، ومناسبة كثرة البُكاء وقلَّة الضَّحك في هذا المقام واضحة، والمرادُ به: التَّخويف.

وقد جاءَ لهذا الحديث سببٌ أخرجهُ سنيد في «تفسيره» بسندٍ واهٍ، والطَّبراني عَنْ ابن عمر: خرجَ رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المسجد، فإذا بقوم يتحدَّثونَ ويضحكونَ، فَقَالَ: (والَّذي نفسي بيده)، فذكر هذا الحديث.

وعَنْ حسن البَصْريّ: "مَنْ عَلِمَ أنَّ الموت مورده، والقيامة موعده، والوُقوف بين يدي الله مشهده، فحقّه أنْ يطُول في الدُّنيا حزنه". انتهى.

قَوْله: (هَذَا حديثٌ صحيحٌ) وأخرجهُ البُخاريّ، والنَّسائي.اهـ.

([«تحفة الأحوذي شرح "جامع التِّرمذيَّ"» / (6 / 603)]) منقول


 بطولة الإنسان أن يعيش المستقبل لا أن يعيش الحاضر 

 الإمام النووي - رحمه الله تعالى- في رياض الصالحين ذكر بعض الأحاديث المتعلقة بالخوف، يقول عليه الصلاة والسلام:
((لو يَعلمُ المُؤمِنُ ما عِندَ اللَّهِ من العقُوبةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِه أحد، ولو يَعْلَمُ الكافرُ ما عندَ الله من الرَّحْمَةِ ما قَنِطَ من جَنَّتهِ أحد))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة]


"لو يعلم المؤمنُ ما عند اللهِ من العقوبةِ ، ما طمع بجنتِه أحدٌ . ولو يعلمُ الكافرُ ما عند اللهِ من الرحمةِ ، ما قنط من جنتِه أحدٌ"
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2755
خلاصة حكم المحدث: صحيح 
 
هنا

 الإنسان يعيش في حياته الدنيا, بطولته أن يعيش المستقبل, لا أن يعيش الحاضر, معظم البشر يعيشون الحاضر.
 كائن, أجهزته سليمة, دخله وفير, استمتاعه بالحياة شديد, لا يفكر في ساعة المغادرة، ساعة المغادرة ساقطة من حساباته, لذلك حينما تأتي يُصعق, مبرمج حياته و أموره على أنه سيعيش, ولا يفكر في هذه اللحظة التي لا بد منها, لحظة المغادرة, من الذي يسلم منها؟ الذي استعد لها, من الذي يسلم منها؟ الذي أدخلها في حساباته, من الذي يسلم منها؟ هو الذي فكر فيها كل يوم, فهيأ نفسه لهذه الساعة؛ لذلك نخاف كي لا نخاف, نخاف الآن كي لا نخاف عند الموت, والذي لا يخاف الآن سيُصعق, سيصيح صيحة لو سمعها أهل الأرض لصعقوا.
 الإنسان لو سُحب خط الهاتف منه يختل توازنه, يقول لك: ليس فقط سوف ينسحب خط الهاتف, سينسحب البيت, والزوجة, والدخل, والأرصدة, والمكانة, وكل شيء وصلت إليه في عمر مديد, سيُسحب في ثانية, ثانية واحدة, وكل آمال الإنسان مبنية على ثلاثة أشياء, مبنية على اتساع الشريان التاجي, مبنية على سيولة الدم, مبنية على نمو الخلايا, كل شيء حصّلته في هذا العمر في ثانية تفقده.


﴿يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً
[سورة الكهف الآية:49]
﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً
 المؤمن الصادق في كل دقيقة, في كل موقف, يقول: ماذا سأجيب الله عز وجل لو سألني؟ ابتسامتك مسجلة, عبوسك مسجل, إعطاؤك مسجل, منعك مسجل, صلتك مسجلة, قطيعتك مسجلة, كل حركة, كل سكنة مسجلة, والبطل هو الذي يهيىء لله جواباً عن كل شيء يفعله, وكلما شددت على نفسك كان حسابك أهون، من حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيراً.

السبت، 18 أكتوبر 2014

جواهر القواعد المثلى فصل 2






شرح القواعد المثلى الفصل الثاني

قواعد في صفات الله تعالى
القاعدة الأولى: 
صفات الله تعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه *- وهذا نظير القاعدة الأولى من قواعد الأسماء وهي : أسماء الله تعالى كلها حسنى -*، كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والرحمة، والعزة، والحكمة، والعلو، والعظمة، وغير ذلك.

وقد دل على هذا السمع، والعقل، والفطرة.

أما السمع: فمنه قوله تعالى: (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)سورة النحل، الآية: 60. والمثل الأعلى هو الوصف الأعلى.
الشرح
 دليل السمع على أنَّ اللهَ تعالى موصوفٌ بصفات الكمال قوله تعالى :" لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ" سورة النحل، الآية: 60" ؛ يعني مثل النقص والعيب؛ "وللهِ المثلُ الأعلى"(النحل60)ولم يقل ولله مثل الكمال ، بل قال:"المثلُ الأعلى" يعني: الذي لاشيء فوقه.والمثلُ بمعنى الوصف الأعلى، فكل صفة اتصف الله بها اللهُ تعالى فهي أعلى ماتكون من صفات الكمال.   
 المتن

وأما العقل: فوجهه أن كل موجود حقيقة، فلابد أن تكون له صفة. إما صفة كمال، وإما صفة نقص. والثاني باطل بالنسبة إلى الرب الكامل المستحق للعبادة؛ ولهذا أظهر الله تعالى بطلان ألوهية الأصنام باتصافها بالنقص والعجز. فقال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)سورة الأحقاف، الآية: 5. وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ* أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)سورة النحل، الآيتان: 20، 21. وقال عن إبراهيم وهو يحتج على أبيه: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً)سورة مريم، الآية: 42، وعلى قومه: (أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ* أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) سورة الأنبياء، الآيتان: 66، 67.
ثم إنه قد ثبت بالحس والمشاهدة أن للمخلوق صفات كمال، وهي من الله تعالى، فمعطي الكمال أولى به.
الشرح 

   
   
أما من جهة العقل:                                       
  1-فإذا قال لنا قائلٌ:ماهودليلكم على أن اللهَ مُتَصِفٌ بصفة الكمال؟.
 قلنا:كل موجودٍ حقيقة لابد له من صفة، فإما أن تكون صفة كمال، وإما أن تكون صفة نقص، أما صفات النقص فهي مُستحيلة في حق الله-عزوجل- ، وأما صفات الكمال ، فهي واجبة لله ، فوجب أن يكون  الله موصوفاً بصفات الكمال ، لأنه مُنزهٌ عن صفات النقص.
فإن قال قائلٌ:هذا الحصر غير صواب ؛ لأن الموجود قد يكون موصوفاً بصفات الكمال أو صفات النقص أوبصفة لانقص فيها ولاكمال.
نقول: هذا القسم الأخيرغيرُصحيحٍ ؛ لأن الصفة التي لا كمال فيها ولانقص ؛ هي في الحقيقة نقصٌ ؛ لأنها لغوٌ وعبث ، فالكمال أن يكون الإنسان مُتصفاً بالصفات النافعة المفيدة ،.وما لانفع فيه ولاضرر، فهو داخلٌ في صفات النقص، ولهذا قال النبي-صلى الله عليه وسلم-حاثاً على تكميل الإيمان:
"
مَنْ كان يؤمن باللهِ واليومِ الآخر فليقل خيراً أو ليصمُت".  
والدليل الثاني من العقل : أن نقول:نحن نُشاهد في المخلوق صفات كمال، والذي أعطاه هذا الكمال هو الله -عزوجل- ، فمُعطي الكمال أولى بالكمال ،  ومِنْ كمالهِ أنه أعطى الكمال.فهذا أيضاً دليلٌ عقلي على ثبوت صفات الكمال لله-عزوجل- ،
- ومما يدل -على  بُطلان ألوهية الأصنام أنها ناقصة ، قال-سبحانه وتعالى-:" {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ }الأحقاف5
وقال تعالى:" وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ "النحل20 ،21).وقال إبراهيمُ يُحاج أباه:" إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً "مريم42.وقال محاجاً لقومه:" قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ* أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ "(الأنبياء66-67).
 فتبيَّن بهذا أن الرب لابد أن يكون كامل الصفات ،وإلا لم يصح أن يكون رباً                                    
 المتن
وأما الفطرة: فلأن النفوس السليمة مجبولة مفطورة على محبة الله وتعظيمه وعبادته، وهل تحب وتعظم وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟
*الشرح*
أي :أن الفطرة السليمة أو النفوس المجبولة على الفطر السليمة ؛تحب الله وتعظمه لكماله ،إذ أنَّ المجهول لايُحَبُّ ولايُعَظمُ، ومَنْ عُلِمَ نقصه لايُحبُّ ولايُعظمُ  ؛ فالفطرة - التي هي محبة الله وتعظيمه ؛ مبنية على أصل ؛ وهو علم الإنسان فطرياً بكمال صفات مَنْ يعبده سبحانه وتعالى          .                                    
*المـتـن*
وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حق الله تعالى كالموت والجهل، والنسيان، والعجز،والعمى،والصمم ونحوها؛لقوله تعالى:"وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ"سورة الفرقان، الآية: . وقوله عن موسى : "فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى" سورة طه، الآية: 52. وقوله : "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ" سورة فاطر، الآية: 44. وقوله: "أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ" سورة فاطر، الآية: 44.وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال:"إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور" سورة فاطر، الآية: 44. وقال: " أيها الناس، أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ، ولا غائباً"
رواه البخاري، كتاب المغازي (4202)، ومسلم، كتاب الذكر :2704.. 

الشرح 
فقوله عن موسى:"فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى" سورة طه، الآية: 52.نفي الجهل والنسيان .
. وقوله: "أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ" سورة فاطر، الآية: 44. نفي الصمم.
 وقوله :"وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ" سورة فاطر، الآية:44.  نفي العجز .
 وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال:"إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور" سورة فاطر، الآية:44.  نفي العمى _ العور-
*المـتـن*  
   وقد عاقب الله تعالى الواصفين له بالنقص، كما في قوله تعالى: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ"سورة المائدة، الآية: 64. وقوله:  "لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ"سورة آل عمران، الآية: 181.
ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، فقال سبحانه: "سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"سورة الصافات، الآيات: 180 - 182. وقال تعالى":  "مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ" سورة المؤمنون، الآية: 91.
وإذا كانت الصفة كمالاً في حال، ونقصاً في حال، لم تكن جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تثبت له إثباتاً مطلقاً، ولا تنفى عنه نفياً مطلقاً بل لابد من التفصيل: فتجوز في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً ،وذلك كالمكر، والكيد، والخداع، ونحوها. فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها؛ لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد، وتكون نقصاً في غير هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها،كقوله تعالى: "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"سورة الأنفال، الآية: 30. وقوله: "إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً" سورة الطارق، الآيتان: 15، 16.. وقوله:"وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ*وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ"سورة الأعراف، الآيتان: 182، 183.وقوله" :إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ"سورة النساء، الآية: 142 وقوله:"قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ" سورة البقرة، الآيتان: 14، 15..
ولهذا لم يذكر الله أنه خان من خانوه فقال تعالى: "وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" سورة الأنفال، الآية: 71. فقال: (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ )، ولم يقل: فخانهم؛ لأن الخيانة خدعة في مقام الائتمان، وهي صفة ذم مطلقاً.
وبهذا عرف أن قول بعض العوام: "خان الله من يخون" منكر فاحش، يجب النهي عنه.
*الشرح

بعض الناس يقول:"خان اللهُ من يخون"، أو يقول: يخونني اللهُ إن كنتُ خُنتك"!؛هذا لايجوز ،لأن الخيانة خُدعة في مقام الائتمان؛  والخيانة صفة ذم فلا تجوز على الله
 وقد سبق لنا في القاعدة الأولى؛ أن صفات الله تعالى كلها صفات كمال، وأن الصفات من حيثُ هي صفات: منها صفات  صفات كمال على الإطلاق، ومنها صفات نقص على الإطلاق، ومنها مايكون نقصاً في حال وكمالاً في حال أخرى، فالذي هو كمالٌ على الإطلاق ثابتٌ لله عز وجل ، والذي هو نقص على الإطلاق يمتنع على الله عز وجل، والذي هو كمالٌ في حال دون حال؛ يوصف الله به في حال الكمال دون حال النقص. فهذه قاعدة عامة.
طيب ماهو الكمال؟ هل كل كمال في المخلوق ؛كمال في الله؟ وهل كل كمال في الله كمالٌ في المخلوق؟      لا؛ فليس كل كمال في الله كمالاً في المخلوق ؛ فمثلاً "التكبر" صفة كمال في الله؛ وفي المخلوق صفة نقص,و"الأكل والشُرب والنكاح" ؛صفة كمال  للإنسان ، وصفة نقص بالنسبة لله؛ ولهذا يُنزَّه اللهُ عنها. فالكمال المطلق غير النسبي؛ ثابتٌ لله على الإطلاق ، والنقص المطلق يُنزَّهُ الله عنه.   
المـتـن  
 القاعدة الثانية من قواعد الصفات
باب الصفات أوسع من باب الأسماء
وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة 1كما سبق في القاعدة الثانية من قواعد الأسماء، ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله لا منتهى لها، قال الله تعالى: "وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"سورة لقمان، الآية: 27  
ومن أمثلة ذلك: أن من صفات الله تعالى المجيء، والإتيان، والأخذ والإمساك، والبطش، إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى كما قال تعالى: (وَجَاءَ رَبُّك)سورة الفجر، الآية: 22
وقال: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ) سورة البقرة، الآية: 210
وقال: "فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ" سورة آل عمران، الآية: 11
وقال: "وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ"سورة الحج، الآية: 65. . وقال: "إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ"سورة البروج، الآية: 12 وقال: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "سورة البقرة، الآية: 185.. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا"سورة البقرة، الآية: 185..
فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولا نسميه بها، فلا نقول إن من أسمائه الجائي، والآتي، والآخذ، والممسك، والباطش، والمريد، والنازل، ونحو ذلك، وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به.

الشرح
هذه قاعدة مهمة ، وهي أن  باب الإخبار أوسع من باب الأسماء - أو من باب التسمية.
فنحنُ نصف الله تعالى  بأنه ؛يأخذ؛ ويبطش؛ ويُريد ؛ويتكلم؛ ويُحي ؛ويأتي ؛ويمشي ، وماأشبه ذلك ، ولكننا لا نُسميه بهذا .لأننا كلما سميناهُ باسم؛ فإن ذلك يتضمن وصفه بما دل عليه الاسم من الصفة كما سبق ، فإن الإيمان بالاسم يحتاج إلى الإيمان بالاسم اسماً لله؛ وبما تضمنه من صفة ؛ وبما تضمنه من أثر وحُكم ؛إن كان مُتعدِياً.        
___________ 

 إضافات خارج تسلسل كتاب القواعد المثلى
فالقاعدة الثانية من قواعد الأسماء
أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف
أعلام باعتبار دلالتها على الذات1، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله - عز وجل - وبالاعتبار الثاني متباينة2 لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم". كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا. 
                        
************** 
المتن 
القاعدة الثالثة من صفات الله تعالى 
  صفات الله تعالى تنقسم إلى قسمين: ثبوتية، وسلبية:
الشرح  

قال بعض الناس إن الأوْلى أن نُعبر بـ "ثبوتية ومنفية " لأن التي وصف اللهُ بها نفسه إما مثبتة وإما منفية . ولكن الصواب أنه لافرق،  لأن السلب والنفي معناهما واحدٌ، فإذا قُلت:فلان لم يقم . فالمعنى أنه مسلوب عنه القيام ، أي منفي عنه ،ولا إشكال في ذلك.                                    
المتن 

فالثبوتية: ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، كالحياة والعلم، والقدرة، والاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والوجه، واليدين، ونحو ذلك.
فيجب إثباتها لله تعالى حقيقة على الوجه اللائق به بدليل السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدا"
سورة النساء، الآية: 136.
فالإيمان بالله يتضمن: الإيمان بصفاته. والإيمان بالكتاب الذي نزل على رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما جاء فيه من صفات الله. وكون محمد صلى الله عليه وسلم ؛رسوله ؛يتضمن: الإيمان بكل ما أخبر به عن مُرْسِلِه، وهو الله - عز وجل.
وأما العقل: فلأن الله تعالى أخبر بها عن نفسه، وهو أعلم بها من غيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً من غيره، فوجب إثباتها له كما أخبر بها من غير تردد، فإن التردد في الخبر إنما يتأتي حين يكون الخبر صادراً ممن يجوز عليه الجهل، أو الكذب، أو العي بحيث لا يفصح بما يريد، وكل هذه العيوب الثلاثة ممتنعة في حق الله - عز وجل - فوجب قبول خبره على ما أخبر به.
الشرح 

أما دلالة السمع على وجوب ما أخبر اللهُ به عن نفسه ؛ في كتابه؛ أوأخبر به رسوله-صلى الله عليه وسلم- فواضحة ، لأنَّ اللهَ أنزل الكتاب على محمد-صلى الله عليه وسلم-فالإيمان بالكتاب إيمانٌ بمن أنزله.والإيمان بالرسول إيمانٌ بما أرسله فلاجرم أن يجب الإيمان بكل ماجاء في الكتاب والسُنة من أسماء الله وصفاته.