المجلس الخامس والعشرون
شرح حلية طالب العلم
تابع- 6
-القناعةُ
والزَّهادةُ
التَّحَلِّي بالقَناعةِ والزَّهادةِ ، وحقيقةُ الزهْدِ الزهْدُ بالحرامِ والابتعادُ عن حِمَاهُ ، بالكَفِّ عن الْمُشتَبِهَاتِ وعن التَّطَلُّعِ إلى ما في أيدي الناسِ .
ويُؤْثَرُ عن الإمامِ الشافعيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى : لو أَوْصَى إنسانٌ لأَعْقَلِ الناسِ صُرِفَ إلى الزهَّادِ.
الشيخ :
الله أكبر يعني في الوصية لو قال: أوصيت لأعقل الناس، يُصرف إلى من؟ إلى الزهاد لأن الزهاد هم أعقل الناس حيث تجنبوا ما لا ينفعهم في الآخرة, وهذا الذي قاله رحمه الله ليس على إطلاقه لأن الوصايا والأوقاف والهبات والرهون وغيرها ترجع إلى معناها في العرف فإذا كان أعقل الناس في عرفنا هم الزهاد صرف لهم وإذا كان أعقل الناس هم ذوو المروءة والوقار والكرم بالمال والنفس صرف إليهم .
القارئ
:
وعن مُحَمَّدِ بنِ الحسَنِ الشيبانيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى لَمَّا قِيلَ له : أَلَا تُصَنِّفُ كتابًا في الزهْدِ ؟ قال : قد صَنَّفْتُ كِتابًا في البُيوعِ .
يعني: الزاهدُ مَن يَتَحَرَّزُ عن الشُّبُهاتِ والمكروهاتِ في التجاراتِ وكذلك في سائرِ الْمُعاملاتِ والْحِرَفِ. اهـ .
الشيخ :
لما طُلب منه أن يصنف في الزهد قال: قد صنفت كتابًا في البيوع لأن من عَرف البيوع وأحكامها وتحرز من الحرام واستحل الحلال فإن هذا هو الزاهد .
القارئ :
وعليه فليكنْ مُعْتَدِلًا في مَعاشِه بما لا يُشِينُه بحيثُ يَصونُ نفسَه ومَن يَعولُ ولا يَرِدُ مَواطِنَ الذلَّةِ والْهُونِ .
وقد كان شيخُنا مُحَمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ الْمُتَوَفَّى في السابع عشر من شهر ذي الحجة عام 1393هـ رَحِمَه اللهُ تعالى متَقَلِّلًا من الدنيا وقد شاهَدْتُه لا يَعرِفُ فِئاتِ العُملةِ الوَرَقِيَّةِ وقد شافَهَنِي بقولِه : لقد جِئْتُ من البلادِ – شِنقيطَ – ومعي كَنْزٌ قلَّ أن يُوجدَ عندَ أحدٍ وهو القَناعةُ ، ولو أرَدْتُ المناصِبَ لعَرَفْتُ الطريقَ إليها ولكني لا أُوثِرُ الدنيا على الآخِرةِ ولا أَبْذُلُ العلْمَ لنَيْلِ المآرِبِ الدُّنيويَّةِ . فرَحِمَه اللهُ تَعَالَى رَحمةً واسعةً آمِينَ .
الشيخ :
آمين . هذا الكلام من الشيخ الشنقيطي وأشباهه من أهل العلم لا يريدون بذلك تزكية النفس إنما يريدون بذلك نفع الخلق وأن يقتدي الناس بهم وأن يكونوا على هذا الطريق لأننا نعلم هذا من أحوالهم يعني أحوال العلماء أنهم لا يريدون تزكية النفس وهم أبعد الناس عن ذلك وهو رحمه الله كما ذكره الشيخ بكر من الزهاد إذا رأيته لا تقول إلا أنه رجل من أهل البادية حتى العباءة تجد أن عليه عباءة عادية وكذلك الثياب ولا تجده يهتم بهندمة نفسه وثيابه .
هنا
وعن مُحَمَّدِ بنِ الحسَنِ الشيبانيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى لَمَّا قِيلَ له : أَلَا تُصَنِّفُ كتابًا في الزهْدِ ؟ قال : قد صَنَّفْتُ كِتابًا في البُيوعِ .
يعني: الزاهدُ مَن يَتَحَرَّزُ عن الشُّبُهاتِ والمكروهاتِ في التجاراتِ وكذلك في سائرِ الْمُعاملاتِ والْحِرَفِ. اهـ .
الشيخ :
لما طُلب منه أن يصنف في الزهد قال: قد صنفت كتابًا في البيوع لأن من عَرف البيوع وأحكامها وتحرز من الحرام واستحل الحلال فإن هذا هو الزاهد .
القارئ :
وعليه فليكنْ مُعْتَدِلًا في مَعاشِه بما لا يُشِينُه بحيثُ يَصونُ نفسَه ومَن يَعولُ ولا يَرِدُ مَواطِنَ الذلَّةِ والْهُونِ .
وقد كان شيخُنا مُحَمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ الْمُتَوَفَّى في السابع عشر من شهر ذي الحجة عام 1393هـ رَحِمَه اللهُ تعالى متَقَلِّلًا من الدنيا وقد شاهَدْتُه لا يَعرِفُ فِئاتِ العُملةِ الوَرَقِيَّةِ وقد شافَهَنِي بقولِه : لقد جِئْتُ من البلادِ – شِنقيطَ – ومعي كَنْزٌ قلَّ أن يُوجدَ عندَ أحدٍ وهو القَناعةُ ، ولو أرَدْتُ المناصِبَ لعَرَفْتُ الطريقَ إليها ولكني لا أُوثِرُ الدنيا على الآخِرةِ ولا أَبْذُلُ العلْمَ لنَيْلِ المآرِبِ الدُّنيويَّةِ . فرَحِمَه اللهُ تَعَالَى رَحمةً واسعةً آمِينَ .
الشيخ :
آمين . هذا الكلام من الشيخ الشنقيطي وأشباهه من أهل العلم لا يريدون بذلك تزكية النفس إنما يريدون بذلك نفع الخلق وأن يقتدي الناس بهم وأن يكونوا على هذا الطريق لأننا نعلم هذا من أحوالهم يعني أحوال العلماء أنهم لا يريدون تزكية النفس وهم أبعد الناس عن ذلك وهو رحمه الله كما ذكره الشيخ بكر من الزهاد إذا رأيته لا تقول إلا أنه رجل من أهل البادية حتى العباءة تجد أن عليه عباءة عادية وكذلك الثياب ولا تجده يهتم بهندمة نفسه وثيابه .
هنا
- 7 التَّحَلِّي
برَوْنَقِ العِلْمِ
التَّحَلِّي بـ ( رَوْنَقِ العِلْمِ ) حُسْنِ السمْتِ ، والْهَدْيِ
الصالحِ ، من دَوامِ السكينةِ والوَقارِ والخشوعِ والتواضُعِ ولزومِ الْمَحَجَّةِ
بعِمارةِ الظاهِرِ والباطنِ والتَّخَلِّي عن نواقِضِها .
القارئ :
الأمر الثامن - تَحَلَّ بِالْمُرُوءَةِ :
التَّحَلِّي بـ ( الْمُروءةِ ) وما يَحْمِلُ إليها ، من مَكارِمِ الأخلاقِ وطَلاقةِ الوَجْهِ ، وإفشاءِ السلامِ وتُحَمُّلِ الناسِ والأَنَفَةِ من غيرِ كِبرياءَ والعِزَّةِ في غيرِ جَبَرُوتٍ والشهامةِ في غيرِ عَصَبِيَّةٍ والْحَمِيَّةِ في غيرِ جَاهليَّةٍ .
الشيخ :
نعم . يقول التحلي بالمروءة , فما هي المروءة ؟
حدها الفقهاء رحمهم الله , في كتاب الشهادات , قالوا : هي فعل ما يجمله ويزينه , واجتناب ما يدنسه ويشينه .
وهذه عبارة عامة، كل شي يجملك عند الناس ويزينك ويكون سببًا للثناء عليك , فهو مروءة , وإن لم يكن من العبادات , وكل شيء بالعكس فهو خلاف المروءة .
ثم ضرب لهذا مثلًا , فقال من مكارم الأخلاق , فما هو كرم الخُلُق ؟
أن يكون الإنسان دائما متسامحًا , أو أن يتسامح في موضع التسامح , ويأخذ بالعزم في موضع العزيمة .
ولهذا جاء الدين الإسلامي وسطًا بين التسامح الذي تضيع به الحقوق , وبين العزيمة التي ربما تحمل على الجَور , فنضرب مثلًا بالقصاص : وهو قتل النفس بالنفس , يذكر أن بني اسرائيل انقسمت شرائعهم في القصاص إلى قسمين :
قسم أوجب القتل , ولا خيار لأولياء المقتول فيه , وهي شريعة التوراة .
لأن شريعة التوراة تميل إلى الغلظة والشدة .
وقسم آخر أوجب العفو , وقال: إنه إذا قتل الإنسان عمدًا فالواجب على أوليائه التسامح .
هكذا نقرأ في الكتب المنقولة , لأننا لم نقف على نص في الإنجيل وإلا فإن الأصل أن شريعة الإنجيل هي شريعة التوراة , وقد قال الله تعالى " وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ "المائدة 45 .
لكن فيما ينقل عن بني إسرائيل نسمع هذا .
فجاء دين الاسلام وسطًا وجعل الخيار لأولياء المقتول , إن شاءوا قتلوا قصاصًا ولهم الحق , وإن شاءوا عفوا مجانا , وإن شاءوا أخذوا الدية .فصار الأمر في ذلك واسعا .
ومعلوم أن كل عاقل يخير في مثل هذه الأمور , سيختار ما فيه المصلحة العامة , يقدمها على كل شيء .
فمثلًا إذا كان هذا الرجل شريرًا -يعني القاتل- وأولياء المقتول يحبون المال وقالوا نريد أن نعفو إلى الدية , لأننا محتاجون ليس عندنا مال نقول: هذا ليس من الحكمة , انظر الى المصلحة العامة , وأنتم إذا تركتم شيئا لله عوضكم الله خيرا منه . اقتلوا هذا القاتل .
ولهذا أوجب شيخ الإسلام ابن تيمية تبعًا للإمام مالك رحمه الله , أوجب قتل القاتل غيلة , حتى لو عفا أولياءه, حتى لو كان له صغار يحتاجون إلى المال , فإنه يجب أن يقتل , لأن القتل غيلة لا يمكن التخلص منه . إذ أن الإنسان اغتيل في حال لا يمكن أن يدافع عن نفسه , والمغتال مفسد في الأرض ,"إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 33"المائدة.
إذن , مكارم الأخلاق ما هي ؟
هي أن يتخلق الإنسان بالأخلاق الفاضلة الجامعة بين العدل والإحسان , فيأخذ بالحزم في موضع الحزم , وباللين واليسر في موضع اللين واليسر.
القارئ :
الأمر الثامن - تَحَلَّ بِالْمُرُوءَةِ :
التَّحَلِّي بـ ( الْمُروءةِ ) وما يَحْمِلُ إليها ، من مَكارِمِ الأخلاقِ وطَلاقةِ الوَجْهِ ، وإفشاءِ السلامِ وتُحَمُّلِ الناسِ والأَنَفَةِ من غيرِ كِبرياءَ والعِزَّةِ في غيرِ جَبَرُوتٍ والشهامةِ في غيرِ عَصَبِيَّةٍ والْحَمِيَّةِ في غيرِ جَاهليَّةٍ .
الشيخ :
نعم . يقول التحلي بالمروءة , فما هي المروءة ؟
حدها الفقهاء رحمهم الله , في كتاب الشهادات , قالوا : هي فعل ما يجمله ويزينه , واجتناب ما يدنسه ويشينه .
وهذه عبارة عامة، كل شي يجملك عند الناس ويزينك ويكون سببًا للثناء عليك , فهو مروءة , وإن لم يكن من العبادات , وكل شيء بالعكس فهو خلاف المروءة .
ثم ضرب لهذا مثلًا , فقال من مكارم الأخلاق , فما هو كرم الخُلُق ؟
أن يكون الإنسان دائما متسامحًا , أو أن يتسامح في موضع التسامح , ويأخذ بالعزم في موضع العزيمة .
ولهذا جاء الدين الإسلامي وسطًا بين التسامح الذي تضيع به الحقوق , وبين العزيمة التي ربما تحمل على الجَور , فنضرب مثلًا بالقصاص : وهو قتل النفس بالنفس , يذكر أن بني اسرائيل انقسمت شرائعهم في القصاص إلى قسمين :
قسم أوجب القتل , ولا خيار لأولياء المقتول فيه , وهي شريعة التوراة .
لأن شريعة التوراة تميل إلى الغلظة والشدة .
وقسم آخر أوجب العفو , وقال: إنه إذا قتل الإنسان عمدًا فالواجب على أوليائه التسامح .
هكذا نقرأ في الكتب المنقولة , لأننا لم نقف على نص في الإنجيل وإلا فإن الأصل أن شريعة الإنجيل هي شريعة التوراة , وقد قال الله تعالى " وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ "المائدة 45 .
لكن فيما ينقل عن بني إسرائيل نسمع هذا .
فجاء دين الاسلام وسطًا وجعل الخيار لأولياء المقتول , إن شاءوا قتلوا قصاصًا ولهم الحق , وإن شاءوا عفوا مجانا , وإن شاءوا أخذوا الدية .فصار الأمر في ذلك واسعا .
ومعلوم أن كل عاقل يخير في مثل هذه الأمور , سيختار ما فيه المصلحة العامة , يقدمها على كل شيء .
فمثلًا إذا كان هذا الرجل شريرًا -يعني القاتل- وأولياء المقتول يحبون المال وقالوا نريد أن نعفو إلى الدية , لأننا محتاجون ليس عندنا مال نقول: هذا ليس من الحكمة , انظر الى المصلحة العامة , وأنتم إذا تركتم شيئا لله عوضكم الله خيرا منه . اقتلوا هذا القاتل .
ولهذا أوجب شيخ الإسلام ابن تيمية تبعًا للإمام مالك رحمه الله , أوجب قتل القاتل غيلة , حتى لو عفا أولياءه, حتى لو كان له صغار يحتاجون إلى المال , فإنه يجب أن يقتل , لأن القتل غيلة لا يمكن التخلص منه . إذ أن الإنسان اغتيل في حال لا يمكن أن يدافع عن نفسه , والمغتال مفسد في الأرض ,"إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 33"المائدة.
إذن , مكارم الأخلاق ما هي ؟
هي أن يتخلق الإنسان بالأخلاق الفاضلة الجامعة بين العدل والإحسان , فيأخذ بالحزم في موضع الحزم , وباللين واليسر في موضع اللين واليسر.
"كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ وهْيَ عَمَّةُ أنَسِ بنِ مَالِكٍ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنَ الأنْصَارِ، فَطَلَبَ القَوْمُ القِصَاصَ، فأتَوُا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالقِصَاصِ، فَقالَ أنَسُ بنُ النَّضْرِ عَمُّ أنَسِ بنِ مَالِكٍ: لا واللَّهِ، لا تُكْسَرُ سِنُّهَا يا رَسولَ اللَّهِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أنَسُ كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ فَرَضِيَ القَوْمُ وقَبِلُوا الأرْشَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن عِبَادِ اللَّهِ مَن لو أقْسَمَ علَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ."الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم- 4611: خلاصة حكم المحدث : صحيح – الدرر -
إذن
, مكارم الأخلاق ما هي ؟
هي أن يتخلق الإنسان بالأخلاق الفاضلة الجامعة بين العدل والإحسان ,
فيأخذ بالحزم في موضع الحزم , وباللين واليسر في موضع اللين واليسر.
طلاقة الوجه، أيضًا طلاقة الوجه هذه من مكارم الأخلاق , وهل مثلا
أطلق وجهي لكل إنسان حتى لو كان من أجرم المجرمين أو على حسب الحال؟ على حسب الحال
, أطلق الوجه في ستة من تسعة : ما معناها؟ يعني في الثلثين ، والثلث دعه لما
تقتضيه الحاجة.
ليكن سيمتك طلاقة الوجه , هذا أحسن شيء , تجذب الناس إلى نفسك ,
ويحبك الناس, ويستطيعون أن يفضوا إليك ما يخفونه من أسرارهم .
لكن إذا كنت عبوسًا , تعض على شفتك السفلى , فإن الناس يهابوك , ولا
يستطيعون أن يتكلموا معك .
لكن إذا اقتضت الحال أن لا تطلق الوجه , فافعل . ولهذا لا يلام
الإنسان على العبوسة لومًا مطلقًا , ولا يمدح على تركها مدحًا مطلقًا .
إفشاء السلام : يعني نشره وإظهاره على كل أحد؟ لا ليس على كل أحد،
على من يستحق أن يسلم عليه , على المسلم وإن كان عاصيًا , وإن كان زانيًا وإن كان
سارقا وإن كان مرابيًا وإن كان يشرب الخمر , لأنه مسلم ألقي إليه السلام.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يحل
لمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن -أو قال أخاه- فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا
وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" .
فإن فعل المؤمن منكرا , ولاسيما إذا كان مُنكرا عظيمًا يخشى منه أن
يتفتت المجتمع الإسلامي , فحينئذ يكون هجره واجبا هجره إن نفع الهجر,
وإنما أقول ذلك لئلا يرد علينا قصة كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف عن غزوة
تبوك , فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بهجره , أمر أن يهجره الناس فهجروه
وصاروا لا يتكلمون معه , حتى إنه ذات يوم تسور حديقة أبي قتادة رضي الله عنه , وهو
ابن عمه وأحب الناس إليه , فسلم على أبي قتادة فلم يرد عليه السلام , سلم ثانيًا
فلم يرد عليه السلام, سلم ثالثا فلم يرد عليه السلام, فقال : أنشدك الله , هل تعلم
أني أحب الله ورسوله , - يعني أنت كيف تهجرني وأنا أحب الله ورسوله - وهل تعلم؟
يعني ألم تعلم ؟ ولم يرد عليه .
ما قال نعم ولا لا قال : الله ورسوله أعلم . ما أجاب، لماذا ؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم, ولو أمرهم أن يفعلوا أكبر من
ذلك لفعلوا .
المهم أن الصحابة هجروه لأنه تخلف عن غزوة تبوك وكان هجره بأمر من
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تصوروا يا إخوان يأتي ويسلم على الرسول
عليه الصلاة والسلام يقول : فلا أدري أحرك شفتيه برد السلام أم لا . يعني هو لا
يسمع الرد قطعا لكن لا يدري هل حرك شفتيه بالسلام أم لا.
ولكن الرسول يحبه , لأنه إذا قام يصلي -كعب- جعل النبي صلى الله عليه
وسلم يسارقه النظر ينظر إليه .
فهل هذا الهجر الذي وقع من الصحابة لكعب بن مالك هل أثر أو لم يؤثر ؟
أثر، أثر رجوعا عظيما إلى الله عز وجل ,"وَعَلَى الثَّلَاثَةِ
الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ
وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ
إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 118"التوبة. , ظنوا بمعنى أيقنوا , لجؤوا
إلى الله , ففرج الله عنهم .
فهذا الهجر أثر تأثيرًا عظيما , وحصل به مصلحة عظيمة , تُتلى قصتهم
في كتاب الله عز وجل ,
يقرؤها المسلمون كلهم في صلواتهم وفي خلواتهم . يذكرونهم كلما مروا
بذكرهم هذه فائدة عظيمة ثم فيها محنة عظيمة أيضا لكعب , جاءه كتاب من ملك غسان ,
فقال له في الكتاب : إنه بلغنا أن صاحبك قلاك -يعني أبغضك وهجرك وتركك- , فالحق بنا نواسك , "
يعني ائت إلينا نجعلك مثلنا "
كأنه يشير أن يجعله ملكا على غسان ، فماذا فعل ؟
رأى أن هذه فتنة عظيمة , ذهب بالورقة فسجَّر بها التنور , يعني
أحرقها , إحراقا تاما كراهة لها ولما تضمنته , ولئلا تغلبه نفسه في المستقبل حتى
يجيب لهذا الطلب . وهكذا
يكون الإيمان وهذه لا شك أنها محنة عظيمة , حصلت من أجل هذه القصة .
فالحاصل أن إفشاء السلام الأصل فيه أنه عام , لكل أحد من المسلمين ,
إلا من جاهر بمعصية , وكان من المصلحة أن يُهجر فليُهجر .
أما غير المسلمين فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " لا تبدَؤوا اليهودَ والنَّصارى بالسَّلامِ "
"
فيحرم علينا أن نبدأ اليهود والنصارى ومن سواهم أخبث منهم فلا نبدأه بالسلام ، إن سلموا نرد عليهم , لقول الله تعالى :
وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" .النساء : 86.
فيحرم علينا أن نبدأ اليهود والنصارى ومن سواهم أخبث منهم فلا نبدأه بالسلام ، إن سلموا نرد عليهم , لقول الله تعالى :
وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" .النساء : 86.
فإذا قالوا : السلام عليكم ,
نقول : عليكم السلام صراحة
لأن الآية ناطقة بذلك " فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" .
ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما أمر أن نقول : وعليكم , لأنهم يقولون السام عليكم , كما جاء ذلك مصرحا به في حديث عبد الله بن عمر قال إن اليهود أو قال أهل الكتاب يقولون السام عليكم فإذا سلموا فقولوا وعليكم .
لأن الآية ناطقة بذلك " فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" .
ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما أمر أن نقول : وعليكم , لأنهم يقولون السام عليكم , كما جاء ذلك مصرحا به في حديث عبد الله بن عمر قال إن اليهود أو قال أهل الكتاب يقولون السام عليكم فإذا سلموا فقولوا وعليكم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق