الجمعة، 19 يوليو 2019

16-- شرح أصول السنة للإمام أحمد

الإيمان قول وعمل يزيد وينقص

والإيمان قول وعمل يزيد وينقص كما جاء في الخبر: « أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا »(1)
.
نعم الإيمان يزيد وينقص، الإيمان قول وعمل يزيد وينقص كما جاء في الخبر: « أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا »(1) الإيمان قول وعمل يزيد، وينقص هذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وقال بعضهم: الإيمان قول وعمل وسنة، وأصل الإيمان هو التصديق في القلب، قولٌ هو قول القلب، قول القلب هو تصديقه وإقراره، وقول اللسان، وهو النطق وعمل، عمل القلب، وهو الاعتقاد والمحبة والخوف والرجاء، والرغبة والرهبة، وعمل الجوارح يزيد وينقص.
ولهذا قال روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة عن أبيه أنه قال لما سئل عن الإرجاء قال: نحن نقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، إذا زنى وشرب الخمر نقص إيمانه، وروى إسحاق بن هانئ في مسائله عن الإمام أحمد أنه قال: أدركنا الناس وهم يقولون الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ونية صادقة، هذا هو مذهب السلف رضوان الله عليهم، قد قرر هذا العلماء في أصول السنة كالآجري في الشريعة روى عن عبد الرزاق الصنعاني وقال سمعت مالكا والأوزاعي وابن جريج، والثوري وبعض أهل العلم يقولون الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
وكذلك روى الخلال في السنة، عن الإمام أحمد أنه قال: حسن يحيى بن سعيد الزيادة والنقصان دخل على ابن عيينة أنه قال سمعته يقول الإيمان يزيد، قيل سمعت سائلا يقول: قال لا، لا يعنف من قال الإيمان ينقص، وكذلك يحيى بن معين روى الخلال عنه وقال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وكذلك أيضا روى عبد الله بن الإمام أحمد عن ابن إدريس وجرير ووكيع قالوا: الإيمان يزيد وينقص.
وكذلك أيضا روي عن جمع من السلف، أنهم قالوا: الإيمان يزيد وينقص، وترجم البخاري في صحيحه باب زيادة الإيمان ونقصانه، وقول الله تعالى: ﴿ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾(2) ﴿ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ﴾(3) ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾(4) كل هذه النصوص تدل على أن الإيمان يزيد وينقص، وكذلك أيضا روى ابن أبي حاتم أنه قال: سألت أبي وأبا زرعة، عن مذاهب أهل السنة، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا، فكان من مذهبهم أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
وكذلك روى الآجري في الشريعة بسنده إلى الشافعي أنه يقول: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. وكذلك أيضا قول أبي عبيد ابن أبي القاسم بن سلام سمى من يقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص من أهل الأمصار في الإبانة، وهذا قول أهل السنة قاطبة كلهم يقول: قول وعمل يزيد وينقص. والقول نوعان: قول القلب وهو التصديق والإقرار والاعتراف، وقول اللسان وهو النطق، والعمل عملُ القلب، وهو النية والإخلاص والمحبة والخوف والرجاء، وعمل الجوارح.
فالإيمان يزيد وينقص، والكفر يزيد وينقص، إذا أطاع الإنسان ربه زاد، وإذا عصى نقص هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وروي عن الإمام مالك أنه قال، يزيد، وتوقف في النقصان، والصواب أنه يزيد وينقص، وما من شيء يزيد إلا وهو ينقص، ذكر المؤلف -رحمه الله- قال: كما جاء في الخبر: « أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا »(1) قوله أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا هذا دليل على أن الإيمان يزيد وينقص، والحديث هذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد، وابن أبي شيبة، وغيرهم وهو حديث صحيح وثابت.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾(4) هذا دليل على أن الإيمان يزيد وينقص، أكملت لكم دينكم، وكذلك الكفر يزيد وينقص ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾(6) وأما المرجئة فإنهم خالفوا أهل السنة والجماعة، فقالوا: إن الإيمان ليس قولا ولا عملا ولا يزيد ولا ينقص، قالوا: الإيمان هو في القلب فقط، ومنهم من قال الإيمان في اللسان فقط، فالمرجئة طوائف.
الطائفة الأولى: الجهمية، الذين قالوا إن الإيمان مجرد المعرفة، معرفة الرب بالقلب، والكفر هو جهل الرب بالقلب، فعند الجهم المؤمن هو الذي عرف ربه بقلبه، والكافر هو الذي جهل ربه بقلبه. وعلى ذلك ألزم ألزمه العلماء بأن إبليس مؤمن على مذهب الجهم، لأنه عرف ربه بقلبه ﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾(7) وفرعون مؤمن قال الله تعالى: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْما وَعُلُوًّا ﴾(8) وقال الله عن موسى أنه قال لفرعون ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ ﴾(9) والعلم معرفة القلب.
وهذا أفسد ما قيل في تعريف الإيمان هو قول الجهم، أفسد ما قيل، أفسد تعريف للإيمان على وجه الأرض هو تعريف جهم للإيمان، الإيمان هو معرفة الرب بالقلب والكفر هو جهل الرب بالقلب، وعلى ذلك ما في أحد كافر على مذهب الجهم كله، ما في أحد ما يعرف ربه بقلبه، ويقول: إن الإنسان عند الذين يعني يعملون نواقض الإيمان، ويفعلون جميع أنواع الكفر، من قتل الأنبياء، وسب الله ورسوله وهدم المساجد، هؤلاء مؤمنون على مذهب الجهم لأنهم يعرفون ربهم بقلوبهم ولا يكفر إلا من جهل ربه بقلبه، هذا من أشنع ما قيل في تعريف الإيمان، الطائفة الأولى الجهمية.
الطائفة الثانية، الطائفة الأولى الجهمية، الطائفة الثانية: الكرامية أتباع محمد بن كرام، يقولون الإيمان هو النطق باللسان، إذا نطق باللسان وقال آمنت، أو قال: لا إله إلا الله، فهو مؤمن ولو كان مكذبا بقلبه، فإذا نطق بلسانه فهو مؤمن، كامل الإيمان عند الكرامية، وإن كان مكذبا بقلبه فإنه يخلد بالنار، ولو كان مؤمنا، فيجمعون بين المتناقضين فيقولون: هو مؤمن كامل الإيمان، وهو مخلد في النار، هو مؤمن كامل الإيمان لأنه آمن بلسانه، وهو مخلد في النار لأنه مكذب بقلبه، هذا مذهب الكرامية الطائفة الثانية من المرجئة.
الطائفة الثالثة: الماتريدية والأشاعرة، مذهب الماتريدية والأشاعرة، يقولون: الإيمان هو مجرد التصديق، ولو لم ينطق بلسانه، مجرد التصديق في القلب، وهذه إحدى روايتين عن الإمام أبي حنيفة يرى أن الإيمان هو التصديق في القلب من دون إقرار اللسان، والتصديق المجرد يقول شيخ الإسلام -رحمه الله- يعسر التفريق بينه وبين المعرفة وبينه وبين مذهب الجهم، ويقول إن الأشعري، أبو الحسن الأشعري نصر مذهب الجهم، فالتصديق المجرد يعسر التفريق بينه وبين المعرفة.
فالمذهب الثالث مذهب الماتريدية والأشاعرة، وهو الذي عليه الإمام أبو حنيفة وعليه بعض أصحابه أن الإيمان هو التصديق، مجرد التصديق، والأعمال ليست داخلة في الإيمان عند هذه الطوائف كلها.
الطائفة الرابعة: مرجئة الفقهاء، وهو أن الإيمان شيئان تصديق بالقلب، وإقرار باللسان , وأما الأعمال فليست داخلة في مسمى الإيمان هذا مذهب مرجئة الفقهاء، وهي الرواية الثانية عن الإمام أبي حنيفة وعليها أكثر أصحابه، وسموا مرجئة الفقهاء وهم أهل الكوفة، وأول من قال بالإرجاء حماد بن سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة هذه طوائف المرجئة الأربع كلهم يقولون: الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان.
وكلهم يقولون الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص، وشبهتهم في هذا يقولون: إن الإيمان حقيقة مركبة، والحقيقة المركبة تزول بزوال بعض أجزائها، وهذا باطل، من قال: إن الحقيقة تزول بزوال بعض أجزائها، الإنسان حقيقة مركبة مركب، فإذا قطع نصفه هل تزول الحقيقة الإنسانية لأ تنقص لا تزول، فهؤلاء المرجئة كلهم يقولون: كل المرجئة يتفقون على أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان، بطوائفهم الأربع الجهمية، والكرامية , والماتريدية والأشعرية، ومرجئة الفقهاء، كلهم يقولون: الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان، وكلهم يقولون الإيمان لا يزيد ولا ينقص.
وأما أهل السنة، جماهير أهل السنة الأئمة الثلاثة الشافعي ومالك وأحمد والجماهير، يقولون إن الإيمان قول وعمل، قول القلب وقول اللسان، وعمل القلب وعمل الجوارح، ويزيد وينقص ويقوى ويضعف، والأدلة في هذا كثيرة من ذلك قول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴾(10) فأدخل عمل القلب ﴿ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾(11) وزيادة الإيمان، والصلاة والزكاة والإنفاق، كلها دخلت في مسمى الإيمان.
وقد تتبع البيهقي -رحمه الله- هذه الشعب من الكتاب والسنة، وأوصلها إلى أعلى الجمع وهي تسع وسبعون فألف كتاب سماه شعب الإيمان، وتتبعها من النصوص، فالإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها: قول لا إله إلا الله، فالإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله هذه أعلى شيء، وهي قول باللسان، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق هذا عمل بدن، والحياء شعبة من الإيمان هذا عمل قلبي، وبين الشعاب الشهادة والإماطة شعب، الصلاة شعبة، والصيام شعبة، والزكاة شعبة، والحج شعبة، والأمر بالمعروف شعبة، والنهي عن المنكر شعبة وهكذا، كل هذه شعب داخلة في مسمى الإيمان.
إذا فسر الإيمان بأي شيء، بالعمل، آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم، فأدخلها في مسمى الإيمان، فكيف يقال بعد هذا إن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان.
وأما الخوارج والمعتزلة، فإن مذهبهم في مسمى الإيمان هو مذهب أهل السنة والجماعة لا يفترق، يقولون: الإيمان قول باللسان وعمل بالقلب وعمل بالجوارح، لكن يأتي الفرق بينهم وبين أهل السنة والجماعة، أهل السنة والجماعة يقولون: إذا فعل الإنسان المعصية نقص الإيمان وضعف، وأما الخوارج والمعتزلة فيقولون إذا فعل الإنسان الكبيرة انتهى الإيمان، انتهى الإيمان وخرج من الإيمان، يخرج من الإيمان بالكبيرة؛ لأن عندهم الإيمان شيء واحد إذا زال زال جميعه، وإذا ثبت ثبت جميعه، لا يتبعض، لأنه حقيقة مركبة، والحقيقة المركبة تزول بزوال أجزائها.
فالخوارج يقولون، إذا ارتكب الكبيرة، صحيح أن الإيمان قول وعمل وتصديق، لكنه إذا فعل الكبيرة زال الإيمان بالكلية، خرج من الإيمان ودخل في الكفر، ويخلدون في النار. والمعتزلة يقولون: يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر، فيكون في منزلة بين المنزلتين، يسمونه فاسق لا مؤمن ولا كافر ويخلدونه في النار، كالخوارج، وهذا من أبطل الباطل، هذا من أبطل الباطل، مرجئة الفقهاء، وهم الإمام أبو حنيفة وغيره، الذين يقولون الإيمان شيئان ما هما: إقرار اللسان وتصديق بالقلب. يقولون: الأعمال ليست من الإيمان لكنها مطلوبة، مطلوبة الواجبات واجبات والمحرمات محرمات، لكن لا نسميها إيمان، وإلا فهي مطلوبة، الصلاة والزكاة والصوم والحج هذه مطلوبة.
وكذلك ترك المحرمات مطلوب من الإنسان أن يترك المحرمات يجب عليه أن يترك شرب الخمر، يترك التعامل بالربا، يترك الرشوة، لكن ما نسمي هذه إيمان نقول الإنسان عليه واجبات، واجب الإيمان، وواجب العمل، وهذه أعمال واجبة ليست من الإيمان، وجمهور أهل السنة يقولون أعمال واجبة وهي من الإيمان، وهم يقولون أعمال واجبة وليست من الإيمان، فيقولون: من فعل الواجبات يستحق الثواب، ويمدح ويثنى عليه، ومن ترك الواجبات يستحق العقاب ويقام عليه الحد إذا كان عليه حد، لكنه لا يسمى إيمان.
وجمهور أهل السنة يقولون لا، ومن ثم قيل: إن الخلاف بين مرجئة الفقهاء وبين الجمهور خلاف لفظي، يقولون إنه خلاف لفظي، لأن كلا من الطائفتين اتفقوا على أن الواجبات واجبات، واتفقوا على أن المحرمات محرمات، واتفقوا على أن الواجب يجب فعله، وأن من تركه فإنه يثاب ويعاقب، وكذلك المحرم يجب تركه، وأن من فعله يعاقب هذا ما اتفقوا عليه، لكن اختلفوا في التسمية، فالجمهور جمهور أهل السنة، قالوا نسمي إيمانا والأحناف قالوا لا نسمي إيمانا.
لكن هناك ثمرة الخلاف، ليس خلاف لفظي هي في الحقيقة من ثمرات الخلاف بين مرجئة الفقهاء والأحناف وهو أبو حنيفة وأصحابه والجمهور أن جمهور أهل السنة وافقوا الكتاب والسنة في اللفظ والمعنى، ومرجئة الفقهاء وافقوا الكتاب والسنة في المعنى وخالفوهما في اللفظ، والواجب على المسلم أن يتأدب مع النصوص وأن يوافق الكتاب والسنة في اللفظ والمعنى، لا يجوز له أن يخالف، بل يجب عليه أن يوافق الكتاب والسنة في اللفظ والمعنى.
ثانيا: أن مرجئة الفقهاء في اختلافهم مع جمهور أهل السنة فتحوا باب، فتحوا باب إلى المرجئة المحضة فدخلوا معه، لما قالوا إن الأعمال ليست من الإيمان وإن كانت واجبة، دخلت المرجئة المحضة الجهمية وقالوا: ليست واجبة، الواجبات ليست واجبات، من الذي فتح لهم الباب؟ مرجئة الفقهاء لما قالوا ليست من الإيمان جاء المرجئة المحضة وقالوا ليست واجبة ومنها أنهم فتحوا بابا للفساق ،
هذا الثالث فتحوا باب للفساق، فيأتي الفاسق السكير العربيد فيقول أنا مؤمن كامل الإيمان إيماني كإيمان أبي بكر وعمر، وكإيمان جبريل وميكائيل، فإذا قيل: كيف إيمانك كإيمان أبي بكر وعمر، أبو بكر وعمر لهم أعمال عظيمة قال ما لنا دعوة في الأعمال أنا مصدق وأبو بكر مصدق والإيمان هو التصديق والعمل شيء آخر. من الذي فتح الباب لهم؟ مرجئة الفقها، يقول السكير العربيد يقول أنا مؤمن وكامل الإيمان، ولهذا قالوا: إن إيمان أهل الأرض وأهل السماء سواء، والخلاف في التقوى، الخلاف بينهم في التقوى والأعمال.
ومن ثمرات الخلاف بين مرجئة الفقها وجمهور أهل السنة، مسألة الاستثناء في الإيمان وهو أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، فمرجئة الفقها يمنعون أن تقول أنا مؤمن إن شاء الله، يقولون تشك في إيمانك الإيمان شيء واحد التصديق أن تعرف من نفسك أنك مصدق، فكيف تقول إن شاء الله، لا تشك في إيمانك ولهذا يقولون من قال: أنا مؤمن إن شاء الله، يسمونه الشكاك، يسمونه الشكاك، يقولون تشك في أصل إيمانك لا تشك في إيمانك أنت تعلم من نفسك أنك مصدق، كما تعلم أنك تحب الرسول، وكما تعلم أنك تبغض اليهود فلا تشك، فلا تقول أنا مؤمن إن شاء الله.
وأما جمهور أهل السنة فيفصلون، فيقولون: يجوز الاستثنا باعتبار ولا يجوز باعتبار، فإذا قصد الإنسان الشك في أصل إيمانه فلا يجوز له الاستثنا، فلا يقول أنا مؤمن إن شاء الله، وكذلك أما إذا لم يرد الشك في أصل إيمانه، وأراد أن الإيمان متعدد وأنه شعب وأن الإنسان لا يزكي نفسه ولا يجزم بأنه أدى ما عليه فإنه يستثني، فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله , ويكون الاستثنا راجع إلى شرائع الإيمان، الإيمان متعدد والإنسان لا يجزم بأنه أدى ما عليه، ولا يزكي نفسه، بل يزري على نفسه فيقول أنا مؤمن إن شاء الله، إن شاء الله كملت وأديت ما علي.
وكذلك إذا أراد التبرك بذكر اسم الله، فله أن يستثني فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وكذلك إذا أراد عدم علمه بالعاقبة، وأما إذا أراد الشك في أصل الإيمان فلا، هذه كلها من ثمرات الخلاف بين مرجئة الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه والقائلون بأن الإيمان تصديق القلب وإقرار باللسان، وبين جمهور أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل ونية، نعم.


(1) الترمذي : الرضاع (1162) , وأحمد (2/250) , والدارمي : الرقاق (2792).
(2) سورة الكهف (سورة رقم: 18)؛ آية رقم:13
(3) سورة المدثر (سورة رقم: 74)؛ آية رقم:31
(4) سورة المائدة (سورة رقم: 5)؛ آية رقم:3
(5) سورة التوبة (سورة رقم: 9)؛ آية رقم:124 - 125
(6) سورة آل عمران (سورة رقم: 3)؛ آية رقم:167
(7) سورة الأعراف (سورة رقم: 7)؛ آية رقم:14
(8) سورة النمل (سورة رقم: 27)؛ آية رقم:14
(9) سورة الإسراء (سورة رقم: 17)؛ آية رقم:102
(10) سورة الأنفال (سورة رقم: 8)؛ آية رقم:2 - 4
(11) سورة الأنفال (سورة رقم: 8)؛ آية رقم:2
(12) سورة الحجرات (سورة رقم: 49)؛ آية رقم:15
(13) سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:65
(14) البخاري : الإيمان (9) , ومسلم : الإيمان (35) , والترمذي : الإيمان (2614) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (5005) , وأبو داود : السنة (4676) , وابن ماجه : المقدمة (57) , وأحمد (2/414).
(15) البخاري : الإيمان (9) , ومسلم : الإيمان (35) , والترمذي : الإيمان (2614) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (5005) , وأبو داود : السنة (4676) , وابن ماجه : المقدمة (57) , وأحمد (2/379).
(16) البخاري : الإيمان (53) , ومسلم : الإيمان (17) , والترمذي : الإيمان (2611) , والنسائي : الأشربة (5692) , وأبو داود : الأشربة (3692) , وأحمد (1/361).


= هنا =

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق