الجمعة، 19 يوليو 2019

21-- شرح أصول السنة للإمام أحمد

الصلاة خلف الأئمة برهم وفاجرهم

وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولاه جائزة باقية تامة ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنة، ليس له من فضل الجمعة شيء إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم، فالسنة بأن يصلي معهم ركعتين، ويدين بأنها تامة، لا يكن في صدرك من ذلك شك.

نعم هذه عقيدة أهل السنة والجماعة أن صلاة الجمعة خلفه، يعني خلف الأمير، ولي الأمر الملك أو رئيس الدولة، صلاة الجمعة خلفه جائزة، وخلف من ولاه جائزة تامة ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنة، يقول: يعني صلاة الجمعة إذا كان تولى الإمام وصار يصلي بالناس الجمعة، يصلون خلفه، ولو كان فاجرا، ولو كان عاصيا، والصلاة خلفه صحيحة، ومن أعادها، فهو مبتدع.
والحكمة في ذلك أن عدم الصلاة خلفه يفضي إلى النزاع والشقاق وانقسام المسلمين واختلاف الكلمة، والإسلام متشوف إلى جمع الكلمة وإلى الائتلاف، فلو كان بعض الناس لا يصلي خلفه يقول: إنه فاسق أو عاص، معناه حصل نزاع بين المسلمين، وانقسموا قسمين، وحصل تفرق، وهذا التفرق في صالح الكفار وأعداء الإسلام، يستغلون الخلاف والفرقة، فصلاة الجمعة خلفه صحيحة.
وكان الخلفاء والأمراء في زمن الدولة الأموية والعباسية هم الذين يتولون الإمامة يصلون بالناس، وكان بعضهم عاصيا فكان الصحابة وكذلك التابعون بعدهم، يصلون، الصحابة صلوا خلف الحجاج وكان فاسقا ظالما، صلوا خلفه الجمعة والعيدين، والصلوات كلها، وصلاة الجماعة فصلاة الجماعة خلف الإمام وخلف من ولاه الإمام، فإذا صلى بالناس الإمام الجمعة نصلي خلفه أو الجماعة.
وإذا صلى بنا الأمير الذي ولاه كذلك، ولى على البلد أميرا مثل ما ولى عبد الملك بن مروان الحجاج على العراق وصار الحجاج يصلي بالناس الجمعة والجماعة والعيدين ويصلون خلفه والصحابة يصلون خلفه، وصلى الصحابة خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط في زمن عثمان، وكان أخاه من أمه، وكان فاسقا يشرب الخمر، وصلى بهم وكان الصحابة يصلون خلفه، كان أمير الكوفة، وصلى بهم مرة الفجر وهو سكران، لم يعلموا أنه سكران فلما صلى ركعتين التفت فقال هل تريدون أن أزيدكم؟ فقال بعض الصحابة ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة، ثم أعادوا الصلاة، ثم جلده، جلده أمير المؤمنين جلد الحد ثمانين.
والشاهد من هذا أن الصحابة يصلون خلف الولاة والأمراء ولو كانوا فسقة، والحكمة في ذلك جمع الكلمة، جمع الكلمة وعدم الفرقة؛ ولهذا قال المؤلف: صلاة الجمعة خلفه يعني ولي الأمر جائزة، وخلف من ولاه الأمراء اللي ولوا أمراء البلدان، ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار، لماذا مبتدع؟ لأنه خالف الجماعة، وتسبب في الفرقة تارك للآثار للأحاديث ومخالف للسنة، ليس له من فضل الجماعة شيء، ليس له من فضل الجمعة شيء إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم، يعني سواء كان عدلا أو فاجرا أو عاصيًا.
قال فالسنة أن يصلي معهم ركعتين، ويدين بأنها تامة، ما معنى يدين، يدين يعني يعتقد دينا أنها صحيحة، وأنها تامة، يدين بهذا، يدين الله يعتقد أنها صحيحة وأن هذا دين، ولهذا قال، لا يكن في صدرك من ذلك شيء، فإذا الصلاة ومن أعاد الصلاة أو من لم يصل خلفهم فهو مبتدع عند أهل السنة، إذا عقيدة أهل السنة والجماعة الصلاة خلف ولاة الأمور، وخلف من ولاهم، ولو كانوا فجارا، ومن لم يصل خلفهم أو أعادها فهو مبتدع.
طيب غير الأئمة هل تصح الصلاة خلف الفاسق غير الإمام، أو الجمعة؟ هذا فيه تفصيل، فيه تفصيل، إن كان لا يوجد إلا جمعة واحدة في البلد، وإمامها فاسق يصلى خلفه، لأنك لو لم تصل خلفه تصلي وحدك وهذا بدعة، إذا لم يوجد إلا هذه الجمعة أو هذا الجامع الذي إمامه فاسق يصلى خلفه عند عامة أهل السنة، ومن تركه ولم يصل خلفه فهو مبتدع، إذا صلى وحده فهو مبتدع.
إذا وجد إمام جامع آخر مسجد آخر جمعة أو جماعة، وأحدهما إمامه فاسق، والآخر إمامه عادل، وصلى خلف الفاسق مع وجود العادل، فهل تصح صلاته أو لا تصح؟ إن كان يترتب على ترك الصلاة خلف الفاسق مفسدة، فيصلى خلف الفاسق، كأن يكون مثلا إذا لم يصلّ خلفه يتحزب الناس حزبين حزب مع الإمام وحزب معه ويحصل فرقة واختلاف، فهذا يصلى خلفه.
إذا لم يترتب على هذا مفسدة، وصلى خلف الفاسق مع وجود العادل ففيه خلاف بين العلماء، من العلماء من قال تصح، ومنهم من قال لا تصح، ومنهم من قال تصح ويعيد، ومنهم من قال لا يعيد، والسبب في ذلك أنه إذا صلى خلفه فاسق، لم ينكر المنكر عليه أقره على المنكر، والواجب إنكار المنكر، فإذًا يصلى خلف الفاسق إذا كان إمام المسلمين، ويصلى خلف الفاسق إذا كان من ولاه إمام المسلمين، ويصلى خلف الفاسق إذا لم يوجد جماعة أخرى أو جمعة، ويصلى خلف الفاسق إذا وجدت جماعة أخرى أو جمعة، لكن يترتب على تركها مفسدة.
أما إذا صلى خلف الفاسق ووجد إمام غيره، ولا يترتب على هذا مفسدة، هذا محل الخلاف بين أهل العلم، من العلماء من قال تصح، ومنهم من قال لا تصح، ومنهم من قال تصح وتعاد، واضح هذا؟ نعم.

= هنا =

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق