الجمعة، 15 يوليو 2011

شرح أصول السنة للإمام أحمد




شرح أصول السنة للإمام أحمد

  شرح


أُصُولُ السُّنَّةِ


لِلإمَامِ

أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ


هنا

* * * * *
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه

مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ

فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ

إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

[آل عِمْرَان:١٠٢].


﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ

وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً

وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ

عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

[النِّسَاء:١].


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ

وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

[الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].


أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ

مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،

وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


ثم أَمَّا بَعْدُ:

إن خير ما أنفق فيه الإنسان عمره، وأوقاته وأنفاسه طلب العلم وتعلم العلم

وتعليمه، الذي هو من أفضل العبادات وأجل القربات

فإن الاشتغال بالعلم النافع المستمد من كتاب الله عز وجل

وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بهذا العلم هو

سبيل الفلاح وسبب السعادة في الدنيا والآخرة لأن هذا

العلم هو ميراث النبوة الذي من أخذ به أخذ بحظ وافر

ولأن العمل بهذا العلم مبني على جادة قويمة

وصراط مستقيم
، لذا نقدم قبسة من قبسات العلم ،


ونظرًا لأهمية دراسة العقيدة


فأهمية دراسة العقيدة

تتبين من وجهين:
فأهمية دراسة العقيدة


تتبين من وجهين:

الوجه الأول: أنها جزء من الدين , وبالتالي فكل النصوص


الآمرة بأخذ الدين وتعلمه تتناول مسائل العقيدة بالأولوية.

الوجه الثاني: أنها أصل في أعمال الجوارح , بمعنى أن صلاح العقيدة يورث صلاح العمل والعكس بالعكس , وقد ضرب الله مثلا لذلك بأهل الكتاب حين قال: {


"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ
اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ *
ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ۖ وَغَرَّهُمْ
فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ "
[آلعمران24- 23]
فالله -عز وجل- جعل افتراءهم في الدين , وفساد اعتقادهم... سببا لفساد أعمالهم وأصلا لإعراضهم.

لا بد لطالب العلم أن يستشعر هذا الأمر وأنه في عبادة، وعليه أن يخلص لله -عز وجل- في عبادته، فإذا كان تعلم العلم وتعليمه من العبادات العظيمة، فعلى أهل العلم أن يخلصوا أعمالهم لله -عز وجل- لأن العبادة لا تصح ولا تكون نافعة، ولا مقبولة عند الله، حتى يتحقق فيها: الإخلاص لله، والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم،

والمؤمنين الذين أنعم الله عليهم بالعلم والعمل لهم أربع مراتب: المرتبة الأولى: مرتبة الأنبياء، والمرتبة الثانية: مرتبة الصديقين، والمرتبة الثالثة: مرتبة الشهداء، والمرتبة الرابعة: مرتبة الصالحين، قال الله تعالى في كتابه العظيم:

"وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ
النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا"
سورة النساء- الجزء 5 - الآية 69 - الصفحة 89

هنا


إذًا على طالب العلم أن يجاهد نفسه، حتى يكون تعلمه على أهل العلم، كل واحد عليه أن يجاهد نفسه، في تعلمه وتعليمه، حتى يكون يريد بذلك وجه الله والدار الآخرة لا رياء ولا سمعة، والنية هي أساس العمل، وإصلاح النية من أصعب الأمور، قيل للإمام أحمد: كيف ينوي في طلبه العلم؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه، ورفع الجهل عن غيره، ينوي به ذلك؛ يعني لا يريد الدنيا ولا المال ولا المناصب ولا الجاه، ولا الشهرة، ولا الوظيفة، وإنما ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره، يتعلم
العلم لله


فلا بد لطالب العلم، لأهل العلم أن يستشعر -طالب العلم والمتعلم والمعلم- أن يستشعر العبادة يستشعر هذه العبادة العظيمة، وأنه في عبادة من أجل العبادات وأشرف القربات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل


ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، ونسأله أن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه، ونسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا، ونسأله أن يعيذنا من الرياء والسمعة، وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه، وأن يثبتنا على دينه القويم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لذا نقدم درة من درر العقيدة ،وهي
شرح

أُصُولُ السُّنَّةِ
لِلإمَامِ
أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ


وقد قام بشرح هذا المتن كثير من العلماء حفظهم الله ،
وعملنا إن شاء الله ،الالتزام بمتن الرسالة
، ثم نتخير قطوف من شروح العلماء ، وكتب السنن


رابط تحميل المتن
هنا

و رابط

مباشر


رابط المتن مشروحًا

هنا

ربط مباشر لتحميل الشرح

هنا


فالإمام أحمد رحمه الله في هذه الرسالة يقرر مذهب أهل السنة والجماعة، ويبين مذهب أهل البدع، وأنهم مخالفون لمذهب أهل السنة والجماعة، ومعروف أن الإمام أحمد هو إمام أهل السنة والجماعة، كما هو معروف لدى الجميع، وقد امتحن في مسألة القول بخلق القرآن فثبته الله، ثبته الله وصبر على الأذى والسجن والضرب، حتى نصره الله، والله تعالى كما قال بعض العلماء: إن الله تعالى حفظ الإسلام بأبي بكر الصديق يوم الردة، وحفظ الإسلام بالإمام أحمد يوم المحنة،
ترجمة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله 
يؤيد الله عز وجل لأمة الإسلام في كل حقبة من الزمن من يقودها إلى الحق، فرغم شدة المحنة، وألم العذاب، كان القرار الجريء من الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله بالثبات على الحق في محنة خلق القرآن، هذه المحنة التي عصفت بالأمة في تلك الحقبة من تاريخنا.

اسمه ونسبه


أحمـد بـن محمـد بـن حنبـل الذهلـي الشـيباني ـ أبـو عبـد الله .
ولـد سـنة 164 هـ ، وتوفـي ببغـداد سـنة 241 هـ .
ويمتـد نسـبه حتى يلاقـي فيـه نسـب رسـول الله ـ صلى

الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي نـزار ، لأن نـزارًا كـان لـه أربعـة أولاد ،

منهـم مُضَـر ، ونبينـا ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ

مـن ولـده ومنهـم ربيعـة وإمامنـا أبـو عبـد الله أحمـد من ولـده . والإمـام

أحمـد عربـي صحيـح النسـب ، حملـت به أمـه بـ مـرو ، وقَدِمَـتْ بغـداد وهـي


حامـل بـه فولدتـه فـي شـهر ربيـع الأول سـنة أربـع وسـتين ومائـة .


وكـان أبـوه "محمـد" والـي سـرخـس ، وكـان مـن أبنـاء الدعـوة العباسـية ،


وتوفـي ـ أي : والـد الإمـام أحمـد ـ ولـه ثلاثـون سـنة ، وكانـت


وفاتـه فـي سـنة تسـع وسـبعين ومائـة .





من أعلام السلف/ للشيخ أحمد فريد / ج : 2 / ص : 220 .


صفتــه ـ رحمه الله ـ :

صفتــه ـ رحمه الله ـ :


قـال ابـن ذريـح العكبـري :
طلبـت أحمـد بـن حنبـل فسـلمتُ عليـه ، وكـان شـيخنا مخضوبًـا طـوالاً أسـمر شـديد السـمرة .
وعـن محمـد بـن عبـاس النحـوي قـال : رأيـت أحمـد بـن حنبـل حسـن الوجـه ، ربعـه ، يخضـب بالحنـاء خضابًـا ليـس بالقانـي ، فـي لحيتـه شـعرات سـود ، ورأيـت ثيابـه غلاظًـا بيضـًا ، ورأيتـه معتمًّـا وعليـه إزار .
( تهذيـب الكمـال للحافـظ المـزي . وسير أعلام النبلاء ) .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 221
طلبــه للعلــم :


كانـت لوائح النجابـة تظهـر منـه زمـن الصبـا ، وكـان حفظـه للعلـم مـن ذلـك الزمـان غزيـرًا ، وعلمـه بـه متوافـرًا ، وربمـا كـان يريـد البكـور في الحديـث فتأخـذ أمـه بثيابـه فتقـول : حتـى يُـؤَذِّن النـاس ، أو حتـى يصبحـوا .
وطلـب الحديـث وهـو ابـن سـت عشـرة سـنة .
وسـافر فـي طلـب العلـم أسـفارًا كثيـرة إلى البـلاد ، الكوفـة ، والبصـرة ، والحجـاز ، ومكـة ، والمدينـة واليمـن والشـام ، والثغـور ، والسـواحل ، والمغـرب ، والجزائـر ، والفراتيـن جميعـًا ، وأرض فـارس ، وخراسـان ، ..... .
ثـم رجـع إلـى بغـداد وسـاد أهـل عصـره ، ونصـر الله بـه دينـه .
قـال يحيـى ـ بـن معيـن ـ : خرجنـا إلـى " عبـد الـرزاق " إلـى اليمــن حججنـا ، فبينـا أنـا بالطـواف إذا " بعبـد الـرزاق " فـي الطـواف ، فسـلمت عليـه ، وقلــت لـه : هـذا " أحمـد بـن حنبـل " . فقـال : حيـاه الله ، وثبتـه فإنـه بلغنـي عنـه كـل جميـل .
فقلـتُ لأحمـد : قـد قَـرَّبَ اللهُ خُطانـا ، وَوُفِّـرَتْ علينـا النفقـة ، وأراحنـا مـن
مسـيرة شـهر .

فقـال : إنـي نويـت ببغـداد أن أسـمع عنـه بصنعـاء ، والله لا غيـرت نيتـي ، فخرجنـا إلـى صنعـاء فنفـدت نفقتـه ، فعـرض علينـا عبـد الـرزاق دراهـم كثيـرة ، فلـم يقبلهـا ، فقـال : ـ أي عبـد الـرزاق ـ علـى وجـه القــرض . فأبـى ، وعرضنـا عليـه نفقاتنـا ، فلـم يقبـل . فاطلعنــا عليـه وإذا هـو بـه يعمـل التـك (1) ، ويفطـر علـى ثمنهـا . واحتـاج مـرة فأكـرى (2) نفسـه للجماليـن .


( 1 ) كـذا ، ولـم يصـرح بمعنـاه . ( حاشية : من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 223 ) .
( 2 ) أكرى نفسه ... : أي عمل أجير عندهم .


* وقـال أحمـد الدورقـي : لمـا قـدم " أحمـد بـن حنبــل " مـن عنـد " عبـد الـرزاق " رأيـتُ بـه شـحوبًا بمكـة ، وقـد تبيـن عليـه النصـب والتعـب ، فكلمتـه فقـال : هيـن فيمـا اسـتفدناه مـن عبـد الـرزاق .
( سير أعلام النبلاء ) .
* وكـان مـن أصحـاب الإمـام الشـافعي وخواصـه ، وكـان الشـافعي يُجلـه ويثنـي عليـه .
قـال حرملـة : سـمعت الشافعي يقــول عنـد قدومــه إلـى مصــر مـن العـراق : مـا خلفـت بالعـراق أحـدًا يشـبه أحمـد بـن حنبـل .
* وحـج خمـس حجـات ، ثـلاث حجـج ماشـيًا ، واثنتيـن راكبًـا .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 222 .

آدابـه وأخلاقــه :


* عـن أبـي داود السـجسـتاني قـال : لـم يكـن " أحمـد بـن حنبـل " يخـوض فـي شـيء ممـا يخـوض فيـه النـاس مـن أمـر الدنيـا ، فإذا ذُكـر العلـم تكلـم . وقـال مجالسـة " أحمـد بـن حنبـل " مجالسـة الآخـرة ، لا يذكـر فيهـا شـيء مـن أمـر الدنيـا .
وعن أبـي بكـر المطوعـي قـال : اختلفـت إلى أبـي عبـد الله أحمـد بن حنبـل اثنـى عشـرة سـنة وهـو يقـرأ المسـند علـى أولاده ، فمـا كتبـتُ منـه حديثًـا واحـدًا ، وإنمـا كنـت أنظـر إلـى هديـه وأخلاقـه وآدابـه .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 232 .

شـــيوخه :
--------
قـال الخطيـب فـي تاريـخ بغـداد :
سـمع مـن إسـماعيل بـن عُلَّيـة ، وَهُشَـيْم بـن بشـير ، ووكيـع بـن الجـراح ، ..... وخلـق سـوى هـؤلاء يطـول ذكرهـم .
وذكـر المِـزِّي فـي تهذيبـه مائـة وأربعـة مـن شـيوخه .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 245 .

تلامذتـــه :




قـال الخطيـب :
وروى عنـه غيـر واحـد مـن شـيوخه ، وحـدَّثَ عنـه ابنـاه :
" صالـح " و " عبـد الله " ، وابـن عمـه " حنبـل بـن إسـحاق " .
وقـد ذكـر المـزي أيضًـا فـي تهذيبــه ثمانيـة وثمانيـن مـن تلامذتــه ، وفيهـم جملـة مـن شـيوخه
منهـم محمـد بـن إدريـس الشـافعي ، ووكيـع بـن الجـراح ، ويحيـى بـن آدم ،
ويزيـد بـن هـارون .
ومن أقرانـه : علي بـن المدينـي ، ويحيـى بن معيـن ، ودحيـم الشـامي ، وأحمـد بـن صالـح المصـري .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 246 .
محنــة الإمــام أحمــد :
عرضـت عليـه الدنيـا فأباهـا ، والبدعـة فنفاهـا .
فقـد تعـرض الإمـام للفتنـة من أربعـة مـن الخلفـاء ، وهـم المأمـون ، والمعتصـم ، والواثـق ، والمتوكـل .
وقد كانـت الأمـة قبـل ذلـك ترتفـع فيهـا رايـة السـنة إلى عهـد الخليفـة " هـارون الرشـيد " ـ رحمه الله ـ ، فكـان أهـل البـدع يسـتخفون ببدعتهـم ، ولا يجهـرون بباطلهـم .
ولمـا ولـيَ المأمـون أبـو جعفـر بـن هـارون الرشـيد ، وكانـت ولايتـه فـي المحـرم وقيـل فـي رجـب سـنة ثمـان وتسـعين ومائـة ، صـار إليه قـوم مـن المعتزلـة وأزاغـوه عـن طريـق الحـق إلـى الباطـل ، وحسـنوا لـه قبيـح القـول بخلـق القـرآن ونفـي صفـة الكـلام عـن الله .
فالمعتزلـة رفضـوا الإيمـان بصفـة الكـلام لاعتقادهـم التشـبيه وقيـاس الله على خلقـه فـي الحكـم ، فكذبـوا بالآيـات التـي تـدل على ثبـوت الصفـة لله ، فقالـوا : " لا يتكلـم ولا يكلـم " . تعالـى الله عـن قولهـم علـوًّا كبيـرًا .
وحـاول المأمـون أن يجبـر العلمـاء والقضـاة على القـول بمذهبـه ، فأجابـه أكثرهـم تقيـة ، وقتـل من قتـل فـي المحنـة ، ووقـف الإمـام أحمـد كأنه جبـل شـامخ تكسـرت عليه المحـن وانهزمـت على قدميـه الفتـن .
ولمـا هلــك " المأمـون " تبعــه " المعتصـم " فجلــد الإمــام وحبسـه ثمانيـة وعشـرين شـهرًا علـى أن يليـن . فثبـت علـى الحـق حتـى هلـك " المعتصـم " ، ومـن بعـده " الواثـق " .
ثـم أشـرقت عليـه خلافـة " المتوكـل " ، وكـان مـن أهـل السـنة ، فَرُفِعَـتْ أعـلام السـنة ونُكسـت أعـلام البدعـة ، وأهلـك الله عـز وجـل كـل مـن شـارك فـي المحنـة .
ولكـن الإمـام أحمـد لـم يَسْـلَم فـي زمـن " المتوكـل " مـن الفتنـة ولكنهـا فتنـة مـن نـوع جديـد ، إنهـا فتنـة الدنيـا ، فتنـة المـال والجـاه والدخـول علـى السـلطان .
فقـد حـاول " المتوكـل " أن يغـدق علـى الإمـام الأمـوال ، ولكـن إمامنـا وعالمنـا لـم ترهبـه السـياط والتعذيـب ، ولـم يجذبـه بريـق المـال والسـلطان .
فقـال الإمـام ـ رحمه الله ـ : أسـلم مـن هـؤلاء سـتين سـنة ثـم ابتلـى بهـم ، فما قبـل مـن ذلـك شـيئًا ،
وعـاش بقيـة عمـره زاهـدًا فـي الدنيـا راغبـًا فـي الآخـرة ، فازداد ارتفاعـًا فـي قلـوب الخلـق ... .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 218 / بتصرف .

وصـايــا الصالحيـــن :

----------------
من أسـباب الثبـات الدعـاء بأن يقيـض الله للمـرء رجـلاً صالحـًا يعظـه فيثبتـه الله وينفعـه بتلـك الكلمـات ، فتنبنـي نفسـه ، وتُسـدَّد خطـاه يـوم يتعـرض لفتنـة أو بـلاء مـن ربـه ليمحصـه بـه .
هـا هـو الإمـام أحمـد ـ رحمه الله ـ يسـاق إلـى المأمـون مقيـدًا بالأغـلال ، وقـد توعـده وعيـدًا شـديدًا قبـل أن يصـل إليـه حتـى قـال خادمـه : يعـز علـيَّ يـا أبـا عبـد الله أن المأمـون قـد سـلَّ سـيفًا لـم يسـلَّه قبـل ذلـك ، وأنـه أقسـم بقرابتـه (1) مـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لئـن لـم تجبـه ليقتلنـك بذلـك السـيف . وهنـا يأتـي الصالحـون ، أهـل البصيـرة لينتهـزوا الفرصـة ليلقـوا بالوصايـا التـي تثبـت فـي المواقـف الحرجـة . ففـي السِّـيَرِ ( 11 / 241 ) :
أن أبـا جعفـر الأنبـاري قــال : لمـا حُمـل الإمـام أحمـد إلـى المأمـون أُخبـرتُ ، فعبـرتُ الفــرات ، وجئتَـهُ ، فسـلمتُ عليـه ، وقلـتُ : يـا إمـام أنـت اليـوم رأس ، والنـاس يقتـدون بـك ؛ فـوالله لئـن أجبـت إلـى خلـق القـرآن ليجيبـنَّ خلـق كثيـر ، وإن لـم تجـب ليمتنعـن خلـق كثيـر ، ومـع هـذا فـإن الرجـل إن لـم يقتلـك فإنـك تمـوت ، لابـد مـن المـوت فاتـق الله ولا تجبـه .
والإمـام أحمـد في سـياق رحلتـه إلى المأمـون يقـول : وصلنـا إلـى رحبـة (2) ، ورحلنـا منهـا في جـوف الليـل ، قـال : فعـرض لنـا رجــل ، فقـال : أيكـم أحمـد بـن حنبـل ؟ فقيــل هـذا . فقـال : يـا هـذا مـاعليـك أن تُقْتَـل هـا هنـا وتدخـل الجنـة . ثـم قـال : أسـتودعك الله ، ومضـى .
وأعرابـي يعترضـه ، ويقـول : يـا هـذا إنـك وافـد النـاس فـلا تكـن شـؤمًا عليهـم ، إنـك رأس النـاس فإيـاك أن تجيبهـم إلـى مـا يدعونـك إليـه ؛ فيجيبـوا فتحمـل أوزارهـم يـوم القيامـة ، إن كنـت تحـب الله فاصبـر ، فـوالله مـا بينـك وبيـن الجنـة إلا أن تُقتـل .
ويقـول الإمـام أحمـد : مـا سـمعت كلمـة مُـذ وقعـت في هـذا الأمـر أقـوى من كلمـة أعرابـي كلمنـي بهـا في " طـوق " ، قـال : يا أحمـد إن يقتلـك الحـق مـت شـهيدًا ، وإن عشـت عشـت حميـدًا فقـوَّى بها قلبـي .



( 1 ) لا يجـوز القسـم إلا بالله أو بصفاتـه سـبحانه فقـط .
( 2 ) رحبـة : تقـع بيـن الرقـة وبغـداد علـى شـاطئ الفـرات .
( حاشية : عوامل بناء النفس / ص : 55 ) .



فـإن أردت بنـاء نفسـك أخـي الكريـم ـ فاحـرص علـى طلـب الوصيـة مـن الصالحيـن ، اعقلهـا إذا تُلِيَـت عليـك ، اطلبهـا قبـل سـفر إذا خشـيت ممـا يقـع فيـه ـ مـن المعاصـي ..... ، اطلبهـا أثنـاء ابتــلاء ، أو قبـل حـدوث محنـة متوقعـة ، اطلبهـا إذا عُيِّنْـتَ فـي منصـب صَغُـرَ أو كَبُـرَ ، أو ورثـت مـالاً وصـرت ذا غنـى ، اطلبهـا فـي الشـدة والرخـاء والعسـر واليسـر لتنبنـي نفسـك ـ علـى الحـق ـ وينبنـي بهـا غيـرك والله ولـي المؤمنيـن .
عوامل بناء النفس / علي القرني / ص : 55 .

مرضــه ووفاتــه :
قـال صالـح ـ ابـن الإمـام أحمـد ـ لمـا كـان فـي أول
يـوم مـن ربيـع أول مـن سـنة أحـدى وأربعيـن ومائتيـن

حُـمَّ أبـي ليلـة الأربعـاء . وكنـت قـد عرفـت علتـه ،

وكنـت أمرضـه إذا اعتـل ، فقلـتُ لـه : يـا أبـةِ علـى

مـا أفطـرت البارحـة ؟ .قـال :علـى مـاء باقـلاء .

ووصـف لـه فـي علتـه قرعـة تشـوى ويسـقى
ماؤهـا ، فلمـا جـاءوا بالقرعـة قـال يـا صالـح .

فقلـت لبيـك قـال : لا تشـوي في منزلـك ، ولا فـي منـزل

أخيـك . وذلـك لأنه نهـى وَلَدَيْـه ( صالـح ، وعبـد الله ) وعمـه ،

عـن أخـذ العطـاء مـن مـال الخليفـة ، فاعتـذروا بالحاجـة ،

فهجرهـم شـهرًا لأخـذ العطـاء . ورفـض أن يسـتخدم

فـرن ولديـه لأجـل هـذا .

ـ وصـار الفتـح بـن سـهل إلـى البـاب ليعـوده فحجبـه ،
وأتـى ابـن علـي بـن الجعـد وكثـر النـاس ،

فقـال : أي شـيء تـرى ؟ .

قلـت : تـأذن لهـم ، فيدعـون لـك .
قـال : اسـتخير الله .
فجعلـوا يدخلــون عليـه أفواجـًا حتـى تمتلـئ الــدار ،
فيسـألونه ويدعـون لـه ، ثـم يخرجـون ، ويدخـل فـوج

آخـر ، وكثــر النـاس فامتـلأ الشـارع ،

وأغلقنــا بـاب الزُّقـاق ، وجـاء رجــل مـن

جيراننـا قـد خضـب فقـال أبـي : إنـي لأرى الرجـل

يُحْيِـي شـيئًا مـن السـنة فأفـرح بـه .

ولـم يئـن إلا فـي الليلـة التـي توفـي فيهـا ،
ولـم يــزل يصلـي قائمًـا ،أمسـكه فيركـع ويسـجد ،

وأرفعـه فـي ركوعـه .

واجتمعـت عليـه أوجـاع الْحُصْـر وغيـر ذلـك ،
ولـم يـزل عقلـه ثابتًـا .

قـال البخـاري : مـرض أحمـد بـن حنبـل لليلتيـن
خلتـا مـن ربيـع أول ، ومـات يـوم الجمعـة لاثنتـي
عشـرة خلـت مـن ربيـع الأول .
وفتـح النـاس أبـواب المنـازل فـي الشـوارع والـدروب
ينـادون مـن أراد الوضـوء ـ للصـلاة عليـه ـ ، وصلـى

عليـه جمـوع كبيـرة مـن الخلـق . وشـيعه جمـوع

ـ قـال أبـو بكـر الخـلال :

سـمعت عبـد الوهـاب الـوراق يقـول : مـا بلغنـا

أن جمعًـا فـي الجاهليـة والإسـلام مثلـه .

من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 230 ، 253 / بتصرف . ******************

وقـد كـان أحمـد ـ رحمه الله ـ محنـة فـي زمانـه وبعـد
زمانـه حتـى صـار الرجـل يعـرف هـل هـو مـن أهـل
السـنة أو مـن أهـل البـدع بحبـه لأحمـد
أو بغضـه لأحمـد ـ رحمه الله تعالى ـ .

وليـس معنـاه أبـدًا أن أحمـد بـن حنبـل ـ رحمه
الله ـ معصـوم ،فـلا أبـو بكـر معصـوم ولا غيرهـم مـن
أهـل هـذه الأمـة معصـوم ...
فـلا عصمـة لأحـد فـي هـذه الأمـة بعـد رسـول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .


فهـذه أصـول أهـل السـنة والجماعـة لإمـام
أهـل السـنة ، أحمـد بـن حنبـل ـ رحمه الله ـ .


وهـي قواعـد ينبغـي علـى كـل مـن يطالعهـا أن يعـض
عليهـا بالنواجـذ ، فهـي سـبيل الهدايـة والنجـاة
والسـعادة فـي الداريـن .


ذلـك لأنهـا عقيـدة سـلف الأمـة " رضي الله
عنهم " ولـن يصلـح آخـر الأمـة إلا بمـا صلـح بـه أولهـا ...


{ فَـإِنْ ءَامَنُـواْ بِمِثْـلِ مَـا ءَامَنتُـم بِـهِ فَقَـدِ اهْتَـدَواْ
وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُـمْ فِـي شِقَاقٍ فَسَـيَكْفِيكَهُمُ اللهُ

وَهُـوَ السَّـمِيعُ الْعَلِيـمُ } . سورة البقرة / آية : 137 .


قـال محققـوا هـذه النسـخة :
وهـي عبـارة عـن مخطوطـة نسـخها
شـيخ الحديـث فـي عصرنـا العلاّمـة الشـيخ / الألبانـي
جـزاه الله خيـرًا ، ولـه عليهـا بعـض التحقيقـات



قـال بعدهـا " أعنـي محققـوا هـذه النسـخة " :

[ ولـم أرهـا طبعـت مفـردة مـن قبـل بـل طبعـت
ضمـن طبقـات الحنابلـة ] .




[ ولـم أرهـا طبعـت مفـردة مـن قبـل بـل طبعـت
ضمـن مجلـد واحـد / صفحـة مائتيـن وواحـد وأربعيـن ،

للقاضـي أبـي يعلـي الحنبلـي ]

وهـي كذلـك ضمـن كتـاب :

[ " شـرح أصـول اعتقـاد أهـل السـنة " " اللالكائي-رحمه الله -
المجلـد الأول / صفحـة سـتة وخمسـين ومائـة ] .

هـذا غيـر مـا ذكـر منهـا متنائـرًا فـي بطـون كتـب العقائـد
علـى سبيل المثـال :

[ نقـل شـيخ الإسـلام " ابـن تيميـة " عنهـا فـي
منهـاج السـنة -جـزء واحـد / صفحـة خمـس مائـة

وتسـع وعشـرون محتجًـا بهـا ] .


ومثـل هـذه التقدمـة المـراد منهـا :

1 ـ معرفـة أهـل هـذه الرسـالة .

2 ـ متـى خرجـت إلـى عالـم المطبوعـات .

3 ـ متـى طبعـت مفـردة .

4 ـ كيـف كانـت قبـل ذلـك .

5 ـ ذكـر احتجـاج شـيخ الإسـلام " ابـن تيميـة "
بهـا فـي كتابـه ( منهـاج السـنة ) علـى سـبيل

المثـال ممـا يؤكـد صحـة نسـبتها إلـى

الإمام " أحمـد " ـ رحمه الله تعالى ـ .


******************
سند الرسالة


قَالَ اَلشَّيْخُ اَلْإِمَامُ أَبُو اَلْمُظَفَّرِ عَبْدُ اَلْمَلِكِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الهَمْدَانِيُّ: حَدَّثَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي اَلْحَسَنِ بْنِ اَلْبَنَّا، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَالِدِِي أَبُو عَلِيٍّ اَلْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْبَنَّا، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو اَلْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ اَلْمُعَدَّلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ اَلسَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ بْنِ أَبِي اَلْعَنْبَرِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ اَلْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ اَلْمِنْقَرِيُّ اَلْبَصْرِيُّ بِتِنِّيسَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ اَلْعَطَّارُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ أُصُولُ اَلسُّنَّةِ عِنْدَنَا:....
الشرح :
عرضنا إسناد الرسالة من باب إحياء سنة الإسناد
فـإن " الإسـناد " مـن خصائـص هـذه الأمـة ، فـإن هـذه
الأمـة ( أمـة الإسـناد ) .


وهـي خصيصـة لهـا دون باقـي الأمـم السـابقة ،
فلـم يعـرف لأمـة مـن الأمـم التـي تقدمـت ، لـم يُعـرف

لهـم نقـل بالأسـانيد .


وإن بقيـت الأسـانيد فـي عصرنـا وبعـد عصرنـا
إن شـاء الله علـى سـبيل بقـاء الخصيصـة فـإن هـذا أمـر

مطلـوب وإن كـان لا يؤثـر فـي صحـة كثيـر مـن المنقـول

بهـذه الأسـانيد .


فمثـلاً هنـاك مـن يـروي الكتـب السـتة بالأسـانيد
مـن عصرنـا هـذا إلـى النبـي ـ صلى الله عليه

وسلم ـ لكـن هـذا لا يتوقـف عليـه ( صحـةٌ )

أو ( ضعـفٌ ) وخاصـة فـي هـذه الكتـب المشـهورة

أو فـي تلـك الأحاديـث المعروفـة .


والمـراد علـى كـل حـال :

أن بقـاء الإسـناد مطلـوب وأنـه مـن خصائـص هـذه الأمـة
الخاتمـة وهـو مـن أصـول الحـق . فالإسـناد مـن الديـن .


( ولـولا الإسـناد لقـال مـن شـاء مـا شـاء ) .

ولكـن حقيقـة هـذه الأسـانيد التـي يُـروى بهـا الكتـب مهمـة
لأنـه يتوقـف عليهـا صحـة النسـبة أو عـدم صحتهـا .


وكـم مـن كتـاب مشـهور عنـد النـاس لا تصـح نسـبته
إلـى مُصَنفـه ، ومـن أشـهر الأمثلـة علـى ذلـك :


( كتـاب الأحـــلام ) المنسـوب ( لابـن ســيرين ) ـ
رحمه الله ـ .


فالكتـاب مشـهور جـدًا عنـد كثيـر مـن المسـلمين حتـى العـوام
يقولـون " كتـاب الأحـلام " لابـن سـيرين .


والكتـاب لا تصـح نسـبته للإمـام محمـد بـن سـيرين إمـام
التابعيـن ـ رحمه الله تعالى ـ . وإن كـان الكتـاب متخصصًـا

فـي تفسـير المنامـات والأحـلام وقـد يسـفاد منـه فـي

هـذا البـاب لكـن لا تصـح نسـبته لمحمـد بـن سـيرين .

فالله أعلـم مـن مؤلفـه .


يعنينـا أن الكتـاب وإن اشـتهر لكـن لا تصـح نسـبته
لمحمـد بـن سـيرين .
فهنـا مـا عُـرف ذلـك إلا مـن الإسـناد .
فصحة النسبة تحتاج إلى صحة الأسانيد
هذا سند الرسالة إلى الإمام أحمد -رحمه الله- فهي من رواية
عبدوس بن مالك أبو محمد العطار سماعًا عن الإمام إمام
السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله-
وبذلك تكون هذه الرسالة سندها متصل إلى الإمام أحمد -رحمه الله-
هنا
************* 
المقصود بأصول السنة

يَقُولُ أُصُولُ اَلسُّنَّةِ عِنْدَنَا:
اَلتَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ r وَاَلاقْتِدَاءُ بِهِمْ،
وَتَرْكُ اَلْبِدَعِ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلالَةٌ، وَتَرْكُ اَلْخُصُومَاتِ،

وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ اَلأهْوَاءِ، وَتَرْكُ اَلْمِرَاءِ

وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَاتِ فِي اَلدِّينِ.

وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا آثَارُ رَسُولِ اَللَّهِ r، وَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ اَلْقُرْآنَ، وَهِيَ دَائِلُ اَلْقُرْآنِ،
وَلَيْسَ فِي اَلسُّنَّةِ قِيَاسٌ، وَلَا تُضْرَبُ لَهَا اَلْأَمْثَالُ، وَلَا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ
وَلا اَلأهْوَاءِ، إِنَّمَا هُوَ اَلاتِّبَاعُ وَتَرْكُ اَلْهَوَى.

اَلسُّنَّةِ اَللَّازِمَةِ اَلَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً - لَمْ يَقْبَلْهَا وَيُؤْمِنْ بِهَا - لَمْ
يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا اَلإيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ


توطئة

«السنة وأنواعها»
*السنة لغة: السيرة حسنة كانت أو قبيحة

«
من سن في الإسلام سنة حسنة»

(1)
و السنة في اللغة أيضاً: الطريقة و الهدي،

للحديث
«........من سنّ في الإسلام سنة حسنة......»

صحيح مسلم - كِتَاب
الزَّكَاةِ - اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة – حديث رقم:
1691 1017


هنا


ومنه حديث «
لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر..»

قال البخاري في صحيحه

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ،قال:حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ

مِنْ الْيَمَنِ،عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ،عَنْ

أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

"
لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ

حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُ" ف
قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ

الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
؟. قَالَ :" فَمَنْ؟"

صحيح البخاري - كِتَاب
الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ - لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر
وذراعا بذراع
– حديث رقم : 6889


هنا


*السنة في الشرع
: هي كل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم
أو نهى عنه أو نَدَبَ إليه قولاً أو فعلاً.


*السنة عند المحدثين
: هي كل ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلُقية أوسيرة سواء كان ذلك قبل البعثة أو بعدها (2)

(2)
انظر السنة و مكانتها في التشريع الإسلامي (صـ 47) المصطفى السباعي رحمه الله تعالى.
هنا

مفهوم السنة في المعتقد:
السنة في اللغة: الطريقة والسيرة، حسنة كانت أم قبيحة، وهي في اصطلاح علماء العقيدة الإسلامية: الهدي الذي كان عليه رسول الله وأصحابُه، علمًا واعتقادًا، وقولا، وعملا، وهي السنة التي يجب اتباعها، ويحمد أهلُها، ويُذمُّ من خَالَفها؛ ولهذا قيل: فلان من أهل السنة: أي من أهل الطريقة الصحيحة المستقيمة المحمودة.


الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز



فالعلماء يعتبرون السنة مقابل البدعة مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) حتى قال (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة(5)

الشرح

اَلتَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ r وَاَلأقْتِدَاءُ
بِهِمْ، وَتَرْكُ اَلْبِدَعِ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلالَةٌ، وَتَرْكُ

اَلْخُصُومَاتِ، وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ اَلأهْوَاءِ، وَتَرْكُ

اَلْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَاتِ فِي اَلدِّينِ.


نعم. هذه أصول السنة يقول الإمام أحمد -رحمه
الله-: أصول السنة عندنا، الأصول جمع أصل،
وهو ما يبنى عليه غيره، الأصول التي تنبني عليها
السنن: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم وترك
البدع. هذه أصول السنة عندنا، يقول الإمام أحمد:
هذه أصول السنة عندنا، يعني نحن معشر أهل
السنة، أصول السنة عند الأئمة والعلماء التمسك
بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، والاقتداء بهم وترك البدع.
___________________-
البــدع وأقســامها

تعريــف البدعــة :
************
هـي طريقـة فـي الديـن مُخْتَرَعـةٍ ، تضاهـي الشـرعِيَّة ،
يُقصَـدُ بالسـلوكِ عليهـا المبالغـةُ فـي التعبُّـدِ للهِ سـبحانه .
علم أصول البدع /علي حسن على عبد الحميد/ ص : 24 .


" فمـن أحـدث شـيئًا يتقـرب بـه إلـى الله تعالـى مـن قـولٍ
أو فعـلٍ ، فقـد شَـرَعَ مـن الديـن مـا لـم يـأذن بـه الله ، فَعُلِـمَ
أنَّ كـلَّ بدعـةٍ مـن العبـادات الدينيـة لا تكـون إلا سـيئة " .
علم أصول البدع / علي حسن على عبد الحميد / ص : 101 .

أقســـام البــدع

*********


أ ـ البـدع الحقيقيـة .


ب ـ البـدع الإضافيـة .


أ ـ البــدع الحقيقيــة :

قـال العلامـة الشـاطبي فـي " الاعتصـام " ( 1 / 286 ) :
" إن البدعـةَ الحقيقيـةَ هـي التـي لـم يَـدُل عليهـا دليـل شـرعيٌّ ؛
لا مـن كتـابٍ ولا سـنةٍ ، ولا إجمـاعٍ ، ولا اسـتدلالٍ معتبـرٍ
عنـد أهـل العلـم ، لا فـي الجملـة ولا فـي التفصيـل " . ا . هـ .
علم أصول البدع / علي حسن على عبد الحميد / ص : 147 .


وعليـه ؛ فإن البدعـة الحقيقيـة أعظـمُ وزرًا ؛ لأنها مخالَفَـةٌ
مَحْضَـةٌ ، وخـروج عـن السـنةِ ظاهـرٌ ؛ كالقـول بالقَـدَرِ ،
وإنكـار تحريـم الخمـر ، ..... ومـا أشـبه ذلـك .
علم أصول البدع/ علي حسن على عبد الحميد / ص : 148 .


ب ـ البـدع الإضافيـة :

البدعـة الإضافيـة هـي التـي لهـا أصـل مـن الديـن ولكـن أضيـف
إليهـا هيئـات ، أو أزمنـة ، أو ..... ، ليـس مـن الديـن .


فالبدعـة الإضافيـة لهـا شـائبتان :


إحداهمـا : لهـا مـن الأدلـة مُتَعَلَّـقٌ ، فـلا تكـون مـن تلـك الجهـةِ بدعـةً .

والأخـرى: ليـس لهـا مُتَعَلَّـقٌ ؛ إلا مثـل ما للبدعـةِ الحقيقيـة .

فالبدعـة الإضافيـة بالنسـبة إلـى إحـدى الجهتيـن سـنةٌ ،

لأنهـا مسـتندةٌ إلـى دليـلٍ ـ لكنـه عـام ـ وبالنسـبة إلـى الجهـة

الأخـرى بدعـةٌ ، لأنهـا مسـتندة إلـى شـبهةٍ ، لا إلـى دليـل ،

أو غيـر مسـتندة إلـى شـيءٍ .

فالدليـل عليهـا مـن جهـة الأصـل قائـم ، ومـن جهـة الكيفيـات

أو الأحـوال أو التفاصيـل لـم يَقُـمْ عليهـا ، مـع أنهـا محتاجـةٌ إليـه .
علم أصول البدع / ص : 148 .

هـذا وإن صاحـب البدعـة الإضافيـة يتقـربُ إلـى اللهِ تعالى
بمشـروعٍ وغيـرِ مشـروع ، والتقـرب يجـب أن يكـون
بمحـضِ المشـروع ، فكما يجـب أن يكـون العمـلُ مشـروعـًا
باعتبـار ذاتـه ، يجـبُ أن يكـونَ مشـروعـًا باعتبـار كيفيتـه ،
كمـا يفيـده الحديـث : قـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" مـن عمـل عمـلاً ليـس عليـه أمرُنـا ؛ فهـو ردٌّ " .

قال الإمام مسلم في صحيحه

وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي
عَامِرٍ قَالَ عَبْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ
مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ مَسَاكِنَ فَأَوْصَى بِثُلُثِ كُلِّ مَسْكَنٍ
مِنْهَا قَالَ يُجْمَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَتْنِي
عَائِشَةُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
" مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ"
صحيح مسلم بشرح النووي - كِتَاب الْأَقْضِيَةِ - من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد – حديث رقم :1718


فالمبتـدع بدعـةً إضافيـةً قـد خلـط عمـلاً صالحـًا وآخـر سـيئـًا ،
وهـو يـرى أن الكـلَّ صالـح .
علم أصول البدع/ علي حسن على عبد الحميد / ص : 152 / بتصرف يسير .

أمثلـة البـدع الإضافيـة :
*************
ـ تخصيـص نصـف شـعبان بصيـام وقيـام : فأصـل الصيـام
مشـروع وأصـل القيـام مشـروع . ولكـن تخصيـص هـذا
اليـوم وليلتـه بعبـادات معينـة فهـذا ممـا لا دليـل عليـه .


ـ عـن سـعيد بـن المسـيب : أنـه رأى رجـلاً يصلـي بعـد طلـوع
الفجـر أكثـر مـن ركعتيـن يكثـرُ فيهمـا الركـوع والسـجود فنهـاه .
فقـال : يـا أبـا محمـد ! يعذبنـي الله علـى الصـلاة ؟ !
قـال : " لا ، ولكـن يعذبُـك علـى خـلاف السـنة " .
رواه البيهقي وغيره بسند حسن .


قـال شـيخنا العلامـة الألبانـي ـ رحمه الله ـ فـي
إرواء الغليـل ( 2 / 236 ) بعـد إيـراده هـذا الأثـر :
" وهـذا مـن بدائـع أجوبـة سـعيد بن المسـيب رحمه الله تعالى ،
وهـو سـلاحٌ قـويٌّ علـى المبتدعـة الذيـن يسـتحسنون كثيـرًا من
البـدع باسـم أنهـا ذِكـرٌ وصـلاةٌ ! ! ثـم ينكـرون علـى أهـل السـنة
إنكـار ذلـك عليهـم ، ويتهمونهـم بأنهـم ينكــرون الذكــر
والصــلاة ! ! وهـم فـي الحقيقــة إنمـا
ينكـرون خلافهـم للسـنة فـي الذكـر والصـلاة ونحـو ذلـك " .
ا . هـ .

( علم أصول البدع / للشيخ : علي حسن عبد الحميد / ص : 72 ) .


ـ عـن عمـر بـن سـلمة الهَمْـدَانـي ـ رحمه الله ـ قـال :
" كنـا نجلـس علـى بـاب " عبـد الله بـن مسعـود " قبـل صـلاة
الغـداةِ ، فـإذا خـرج مَشَـيْنا معـه إلـى المسجـد .
فجاءنـا " أبـو موسـى الأشعـري " ، فقـال : أَخَـرَجَ إليكـم
" أبـو عبـد الرحمـن " بعـد ؟
قلنـا : لا .
فجلـس معنـا حتـى خـرج ، فلمـا خـرج قمنـا إليـه جميعـًا .
فقـال لـه " أبـو موسـى " : يـا " أبـا عبـد الرحمـن "
إنـي رأيـت فـي المسجـد آنفـًا أمْـرًا أنكرتـه ! ولـم أرَ والحمـد
لله إلا خيـرًا .
قـال : فمـا هـو ؟
فقـال ( أي أبـي موسـى ) : إنْ عشـتَ فسـتراه .
قـال أبـو موسـى : رأيـتُ فـي المسـجد قوْمـًا حِِِلَقـًا ، جلوسـًا ،
ينتظـرون الصـلاة ، فـي كـل حلْقـة رجـل ، وفـي أيديهـم
حصـى فيقـول : سـبَّحوا مائـة ، فيسـبحون مائـةً .
قـال ـ أي : عبـد الله بـن مسـعود ( أبـو عبـد الرحمـن ) ـ :
فمـاذا قلـتَ لهـم ؟
قـال ( أي : أبـي موسـى الأشـعري ) : مـا قلـتُ لهـم شـيئًا انتظـارَ رأيـك .
قـال ( ابـن مسـعود ) : أفـلا أمرتَهـم أن يَعُـدُّوا سـيئاتهم وضَمِنـتَ
لهـم أن لا يضيـع مـن حسـناتهم شـيء ؟ !
ثـم مضـى ومضينـا معـه ، حتـى أتـى حَلْقـةً مـن تلـك الحِلَـق ،
فوقـف عليهـم فقـال : مـا هـذا الـذى أراكـم تصنعـون ؟
قالـوا : يـا أبـا عبـد الرحمـن ، حصـى نَعُـدُّ بـه التكبيـر
والتهليـل والتسـبيح .
قـال : فَعُـدُّوا سـيئاتكم ، فأنـا ضامـن أن لا يضيـع مـن حسـناتكم شـيء ، ويْحَكُـم يا أمـة محمـد ! مـا أَسْـرعَ هلكتكـم ! هـؤلاء صحابـة نبيكـم ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ متوافـرون وهـذه ثيـابـه لـم تَبْـل ، وآنيتـه لـم تُكْسَـرْ ، والـذي نفسـي بيـده إنكـم لعلـى ملـة هـي أهـدى مـن ملـة محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو مفتتحـو بـاب ضلالـة ؟ ! ! !
قالـوا : والله يـا أبـا عبـد الرحمـن ، مـا أردنـا إلا الخيـر .
قـال : وكـم مـن مريـد للخيـر لـن يصيبـه ،
إن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حدثنـا :
" إن قومـًا يقـرءون القـرآن ، لا يجـاوز تراقيـهم ،
يمرقـون مـن الإسـلام كما يمـرقُ السـهم مـن الرَّمِيَّـة " .
" وايـم الله " (1) مـا أدري لعـلَّ أكثرهـم منكـم!
ثـم تولـى عنهـم .
فقـال عمـرو بـن سلمـة : فرأينـا عامـة أولئـك الحِلَـق
يطاعنوننـا يـوم النهـروان مـع الخـوارج .
أخرجه الدارمي . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة
الصحيحة / مجلد رقم :5/حديث رقم : 5002 .
( 1 ) " وايـم الله " : كلمـة قسـم . همزتهـا همـزة وصـل . المعجم الوجيز / ص :31 .


* قـال الشـيخ الألبانـي ـ رحمـه الله ـ :


وإنمـا عُنيـتُ بتخريجـه مـن هـذا الوجـه لقصـة ابـن
مسـعود مـع أصحـاب الحلقـات ، فـإن فيهـا عبـرة لأصحـاب
الطـرق وحلقـات الذكـر علـى خـلاف السـنة ، فـإن هـؤلاء إذا
أنكـرعليهـم منكـر مـا هـم فيـه ، اتهمـوه بإنكـار الذكـر مـن
أصلـه ! وهـذا كفـر لا يقـع فيـه مسـلم ، وإنمـا المنكَـر مـا
أُلصِـق بـه مـن الهيئـات والتجمعـات التـي لـم تكـن مشـروعة
علـى عهـد النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وإلا فمـا الـذي
أنكـره ابـنُ مسـعود ـ رضي الله عنه ـ علـى أصحـاب تلـك الحلقـات ؟ !
ليـس هـو إلا التجمـع فـي يـوم معيـن ، والذكـر بعـدد لـم يـرد ،
وإنمـا يحصـره الشـيخ صاحـب الحَلْقـة ، ويأمرهـم بـه
مـن عنـد نفسـه ، وكأنـه مُشـرِّع عـن الله تعالـى .
قـال تعالـى :
{ أَمْ لَهُـمْ شُـرَكَاء شَـرَعُوا لَهُـم مِّـنَ الدِّيـنِ مَـا لَـمْ يَـأْذَن
بِـهِ اللهُ ...
} .

سورة الشورى / آية : 21 .
ـ زد علـى ذلـك أن السـنة الثابتـة عنـه صلـى الله عليـه
وعلـى آله وسـلم فعـلاً وقـولاً إنمـا هـي التسبيـح بالأنامـل .
* ومـن الفوائـد التـي تؤخـذ مـن الحديـث ، أن العبـرة ليسـت
بكثـرة العبـادة ، وإنمـا بكونهـا علـى السـنة ، بعيـدة عـن البدعـة .
وقـد أشـار إلـى هـذا ( ابـن مسـعود ) بقولـه :
" اقتصـاد فـي سـنة ، خيـرٌ مـن اجتهـادٍ فـي بدعـة " .


* ومـن الفوائـد أن البدعـة الصغيـرة بريـدٌ إلـى البدعـة الكبيـرة ،
ألا تـرى أن أصحـاب الحلقـات صـاروا بعـدُ مِـنَ الخـوارج
الذيـن قتلهـم الخليفـة الراشـد " علـي بـن أبـى طالـب " ؟
فهـل مـن مُعْتَبِـر ؟
نظم الفرائد : ج : 1 / ص : 211 .

كلمـــة ذهبيـــة


=============


"اقتصاد فـي سـنةٍ خيـرٌ مـن اجتهـادٍ فـي
بدعـةٍ
" .



هـذه الكلمـة الذهبيـة صحَّـت عـن غيـرِ واحـدٍ مـن الصحابـةِ ـ
رضي الله عنهم ـ ، منهـم :
أبـو الدرداء ، وعبـد الله بـن مسـعود .


ووردت أيضـًا عـن أُبَـيّ بـن كعـب رضي الله عنه ؛ كمـا فـي
" الحُجَّـة فـي بيـان المحجـة " .
( 1 / 111 ) ؛ بلفـظ :
" وإن اقتصـادًا فـي سـبيلٍ وسُـنَّةٍ خيـرٌ مـن اجتهـادٍ فـي
خـلافِ سـبيلٍ وسُـنَّة ، فانظـرُوا أنْ يكـونَ عملُكـم إنْ كان
اجتهـادًا أو اقتصـادًا أن يكـون ذلـك على منهـاج الأنبيـاء وسـنتهم صلـوات الله عليهـم " .
رواه اللاكائي ..... .


وهـي كلمـة تعطـي منهاجـًا عظيمـًا للمسـلم الـذي يريـد الاتبـاع
الصحيـح فـي أعمالـه وأقوالـه الشـرعية .
وهـذه الكلمـة مأخـوذة مـن عـدة أحاديـث نبويـة صحيحـة منهـا :


قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " إياكـم والغلـو فـي الديـن " .
والغلـو مجـاوزة الحـد .

* فعـن ابـن عبـاس ؛ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ ..... غـداة يـوم العقبـة وهـو علـى ناقتـه :
" ..... إياكـم والغلـو فـي الديـن ، ..... " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 25 ) ـ
كتاب : المناسك / ( 63 ) ـ باب : قدر حصى الرمي / حديث
رقم : 3029 / ص : 513 / التحقيق :صحيح .


ومنهـا قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم
* عـن عائشـة قالـت : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" أحـبُّ الأعمـالِ إلـى الله أدومهـا وإن قـل " .


صحيح مسلم . متون / ( 6 ) ـ كتاب : صلاة العمل الدائم من قيام
الليل وغيره / حديث رقم : 218 ـ ( 783 ) / ص : 188.
وغيرهـا مـن الأحاديـث .


وقـد طبـق الصحابـة ـ رضي الله عنهم ـ والتابعـون ـ رحمهم
الله تعالى ـ هـذه القاعـدة تطبيقـًا دقيقـًا ، فكانـوا جـد حريصيـن
علـى اتبـاع السـنة ولـو بقليـل عمـلٍ ، ومـن ثَـمَّ ابتعـدوا
عـن البدعـة ابتعـادًا كثيـرًا ، ونفـروا عنهـا ومنهـا ، ولـو توهَّـم
متوهـمٌ أن فـي هـذه البدعـة اجتهـادًا وزيـادة خيـر ؛ ـ تذكـر
قـول ـ أبـي الأحـوص وهـو يقـول لنفسـه :


" يـا سـلام نَـمْ علـى سُـنَّةٍ ، خيـرٌ مـن أن تقـوم علـى بدعـة " .
علم أصول البدع / على حسن على عبد الحميد

" ألهمنـا الله وإياكُـم حُسـن المتابعـة ، وجنبنـا الهـوى والمخالفـة " .
آميـــن .
علم أصول البدع / ص : 88 .

طريــق الخــلاص
مـن البـــدع


بعـد أن ظهـر جليًـا أن كـل بدعـة ضلالـة ، فمـا هـو

طريـق الخـلاص مـن البـدع التـي هـي مفتـاح الضـلال ؟


فالجـواب مـا قالـه الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :

" تركـتُ فيكـم شـيئين ، لـن تضلـوا بعدهمـا : كتـابَ اللهِ ،

وسُـنتي ، ولـن يتفرقـا حتـى يـردا علـيَّ الحـوضَ" .

رواه الحاكم ، عن أبي هريرة . وصححه الشيخ الألباني ـ
رحمه الله ـ في : صحيح ا
لجامع الصغير وزيادته
مرتب على الحروف الهجائية
/
ج : 1 / حديث رقم : 2937 / ص : 566.

فالبـدع فـي حقيقتهـا سـمٌّ ناقـعٌ ، فالحـذر الحـذر مـن

هـذا السُّـمِّ ؛ فإنـه قاتـل ، ومِـلْ مـع الحـقِّ حيـث كـان ،

وكـنْ متيقِّظـًا لخـلاص مُهْجَتِـك بالاتبـاع ، وتـرك الابتـداع
.

إذن " الطريـق الوحيـد للخـلاص مـن البـدع وآثارهـا

السـيئة هـو الاعتصـام بالكتـاب والسـنة اعتقـادًا

وعِلمـًا وعمـلاً " .

محوطـًا ذلـك كلُّـه بالاهتـداء بهَـدْي السـلف وفهمِهِـم

ونهجِهِـم وتطبيقِهِـم لهذيـن الوحييـن الشـريفيـن ؛

فَهُـمْ ـ رحمهم الله ـ أعظـمُ النـاس حبّـًا ، وأشـدُّهم

اتباعـًا ، وأكثرُهـم حرصـًا ، وأعمقهـم علمـًا ،

وأوسـعُهم درايـة
.

وترجـع أهميـة هـذا الأمـر :

أنـه الشـرط الثانـي لقبـول أي عبـادة

فشـرطى قبـول أي عمـل صالـح همـا : أن يكـون هـذا العمـل :

1 ـ خالصـًا لله وحده.

2 ـ صوابـًا علـى نهـج رسـول الله ـ صلى الله عليه

وعلى آله وسلم ـ .

وهـذا الطريـق يسـير علـى مـن يسَّـره اللهُ لـه ، وسـهلٌ

علـى مـن سَـهَّلَهُ اللهُ عليـه ، لكنـه يحتـاج إلـى جهـود

علميـة ودَعَويَّـةٍ متكاتفـةٍ متعاونـةٍ ، سـاقُها الصِّـدْقُ ،

وأسـاسُها الحـبُّ والأخـوَّةُ ـ بعيـدًا عـن أيِّ حزبيـةٍ

أو تكتُّـلٍ أو تمحْوِرٍ ـ ومنطَلَقُهـا العمـلُ بأمـره تعالـى :

{... وَتَعَاوَنُـواْ عَلَى الْبـرِّ وَالتَّقْـوَى وَلاَ تَعَاوَنُـواْ

عَلَـى الإِثْـمِ وَالْعُـدْوَانِ
...}.
سورة المائدة / آية : 2 .

والله الهـادي ـ وحـده ـ إلـى سـواءِ السَّـبيل .

فهنيئـًا لمـن وفَّقَـهُ اللهُ في عبادتـه لاتِّبـاع سـنة نبيـه ـ

صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ،
ولـم يخالطهـا ببدعـةٍ ،

إذن ؛ فَلْيُبَشَّـرْ بتقبـل الله
عـز وجـل لطاعتـه ،

وإدخالـه إيـاه فـي جنتـه
.

جعلنـا اللهُ مـن المتبعيـن للسـنن كيفمـا دارتْ ،

والمتباعديـنَ عـن الأهـواء حيثمـا مالـتْ ؛ إنـه خيــر

مسـئول ، وأعظـم مأمـول . وصلـى الله تعالـى وسـلم

علـى نبيـه وعبـده وعلـى آله وصحبـه
.



علم أصول البدع / للشيخ : علي حسن عبد الحميد / ص : 313





******************
هنا

________________


الصحابة رضوان الله عليهم،

هم أفضل الناس


هذه أصول السنة عندنا، يقول الإمام أحمد:

هذه أصول السنة عندنا، يعني نحن معشر أهل
السنة، أصول السنة عند الأئمة والعلماء التمسك
بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، والاقتداء بهم وترك البدع.

فالصحابة رضوان الله عليهم، هم أفضل الناس،
لا كان ولا يكون مثلهم، والصحابة جمع صحابي،
والصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم
مؤمنًا، ومات على الإسلام، هذا أصح ما قيل في
تعريف الصحابي. من لقي النبي صلى الله
عليه وسلم مؤمنًا ولو لحظة، ثم مات على الإسلام
هذا هو الصحابي، وهذا أولى من قول:
"من رأى النبي صلى الله عليه وسلم" ليشمل
العميان، كعبد الله ابن أم مكتوم، فإنه لقي
النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يره لأنه
أعمى، ولكنه لم يره، فهو صحابي، التعبير بلقي
أولى من التعبير برأى كل من لقي النبي صلى الله
عليه وسلم مؤمنًا، ومات على الإسلام ولو لحظة
فهو صحابي، ويشمل ذلك صغار الصحابة وأطفالهم
الذين حنكهم النبي صلى الله عليه وسلم فهم
صحابة، ولكنهم يتفاوتون؛ يختلفون في الصحبة
يختلفون، كما سيبين المؤلف رحمه الله، فالذي
طالت صحبته أفضل ممن لم تطل صحبته،
والأعراب الذين رأوا النبي صلى الله عليه
وسلم وآمنوا ليسوا كالصحابة الذين لازموا
النبي صلى الله عليه وسلم سنين وأشهر،
فكل له نصيبه كل له حظه من الصحبة لكن
يجمعهم أنهم صحابة.

ومزية الصحبة خاصة بالصحابة لا يلحقهم
من بعدهم من التابعين والأئمة، فصحبة النبي
صلى الله عليه وسلم وسماع كلامه والجهاد معه
هذه مزية خاصة للصحابة لا يلحقهم من بعدهم،
قد يفوق بعض التابعين الصحابة مثلا في العبادة
ولكنه لا يستطيع أن يصل إلى الصحبة، الصحبة
مزية خاصة، ولهذا لما أراد بعض الناس أن
يقارن بين عمر بن عبد العزيز ومعاوية بن أبي
سفيان. عمر بن عبد العزيز ورع عادل معروف
عدله وورعه، ومعاوية صحابي، قال بعض
أهل العلم: الغبار الذي دخل في أنف معاوية في
جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم يعدل بورع
عمر بن العزيز. عمر بن عبد العزيز له فضله
وله مزيته لكن لا يلحق الصحبة، لا يصل إلى
الصحبة؛ الصحبة مزية خاصة للصحابة لا كان
ولا يكون بعدهم، لا يمكن أن يلحقهم من بعدهم أبدًا.

ولذلك الصحابة كلهم عدول لا يُبحث عنهم،
فالمحدثون إذا وصلوا إلى الصحابي،قالوا: الصحابي
عدل كل الصحابة عدول لا تبحث عنهم رضي
الله عنهم وأرضاهم. أما مَن
بعدهم لا بد أن يبحث عنهم هل هو عدل أو ليس
بعدل، هل هو ثقة أو ليس بثقة، هل هو ضابط أو
ليس بضابط، كل واحد من رواة الحديث يبحث
عنه يبحث عنه الأئمة من التابعين فمن بعدهم.

ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم ، وثناء رسوله -عليه السلام- ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، ولا تعديل أكمل منه قال الله تعالى ذكره ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود)( الفتح: 29)


قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآية الكريمة( إضافة خارجية)
يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار، أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم المسلمون، ( رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، هذه معاملتهم مع الخلق، وأما معاملتهم مع الخالق فإنك ( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ) أي: وصفهم كثرة الصلاة، التي أجل أركانها الركوع والسجود.
( يَبْتَغُونَ ) بتلك العبادة ( فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ) أي: هذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم، والوصول إلى ثوابه.
( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) أي: قد أثرت العبادة - من كثرتها وحسنها- في وجوههم، حتى استنارت، لما استنارت بالصلاة بواطنهم، استنارت [ بالجلال ] ظواهرهم.
ا.هـ


ومما جاء في السنة :
عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه )
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2540خلاصة حكم المحدث: صحيح


ومما جاء في فضلهم -رضي الله عنهم- حديث ابن مسعود _رضي الله عنه_ عن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال :
( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2652خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
~.~.~.~.~.~.~

وَاجِبُنَا تِجَاهَ الصَّحَابَة

الصحابة هـم الجسـر المبـارك الـذي حمـل إلينـا الكتـاب الكريـم ، ونقـل إلينـا بيانـه عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ
وبدأ الإمام أصوله بقوله


أصـول السـنة عندنـا التمسـك بمـا كـان عليـه
أصحــاب رســول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ

لذلـك خـرج الشِّـيعة ... لأنهـم يطنعـون فـي الصحابـة !! وخـرج الخـوارج ... لأنهـم يكفِّـرُون الصحابـة !!!
وهكـذا سـتجد أن الفِـرق تتسـاقط يمينًـا وشـمالاً بالبيـان والتفصيـل .



الطعــن فـي صحابــيّ واحـد هـو طعـن فـي الإسـلام
==================================
، فهؤلاء أرادوا أن يجرحوا شهودنا فهم بالجرح أولى فهم زنادقة
؛ فإنَّ الطَّعن فيهم رضي الله عنهم طعنٌ في الدِّين نفسِه ؛ كما قال العلماء: «الطَّعنُ في النَّاقل طعنٌ في المنقُول»
كثيـر ممـا يتكلمـون فـي معاويـة ـ رضي الله عنه ـ لا يعرفـون أن معاويـة ـ رضي الله عنه ـ هـو أحـد كتبـه الوحـي بيـن يـدي النبـي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
الطعـن فيـه ، الطعـن فيمـا كتـب !!!

ولذلـك الشِّـيعة قالـوا
( بهـذا اللازم ) ... ( الطعـن فـي الصحابـة طعـن فـي الديـن ) فقالـوا : إن الصحابـة لـم يكونـوا علـى خيـر !!! فـزادوا ... ونقّصـوا ... حرّفـوا ...
يقولـون : عنـدك ( سـورة الشـرح ) كـان فيهـا :

{ أَلَـمْ نَشْـرَحْ لَـكَ صَـدْرَكَ ، وجعلنـا عليًـا صِهـرك }

فحذفــوا الصحابة: [ وجعلنـا عليًـا صِهـرك ] فلـم يكتبوهـا لأنهـم يحسـدون عليًـا ـ رضي الله عنه ـ فقالــوا ( باللازم ) .

إذا اتهمـت معاويـة ـ رضي الله عنه ـ فـي دينـه ، وجـب عليـك الطعـن فـي القـرآن الـذي الـذي كتبـه معاويـة ـ رضي الله عنه ـ فهـو أحـد كتبـه الوحـي بيـن يـدي رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هـذا الأمـر أعـم وأعظـم .


الطعــن فـي صحابــيّ واحـد هـو طعـن فـي الإسـلام
==================================
، فهؤلاء أرادوا أن يجرحوا شهودنا فهم بالجرح أولى فهم زنادقة
؛ فإنَّ الطَّعن فيهم رضي الله عنهم طعنٌ في الدِّين نفسِه ؛ كما قال العلماء: «الطَّعنُ في النَّاقل طعنٌ في المنقُول»
كثيـر ممـا يتكلمـون فـي معاويـة ـ رضي الله عنه ـ لا يعرفـون أن معاويـة ـ رضي الله عنه ـ هـو أحـد كتبـه الوحـي بيـن يـدي النبـي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
الطعـن فيـه ، الطعـن فيمـا كتـب !!!

ولذلـك الشِّـيعة قالـوا
( بهـذا اللازم ) ... ( الطعـن فـي الصحابـة طعـن فـي الديـن ) فقالـوا : إن الصحابـة لـم يكونـوا علـى خيـر !!! فـزادوا ... ونقّصـوا ... حرّفـوا ...
يقولـون : عنـدك ( سـورة الشـرح ) كـان فيهـا :

{ أَلَـمْ نَشْـرَحْ لَـكَ صَـدْرَكَ ، وجعلنـا عليًـا صِهـرك }

فحذفــوا الصحابة: [ وجعلنـا عليًـا صِهـرك ] فلـم يكتبوهـا لأنهـم يحسـدون عليًـا ـ رضي الله عنه ـ فقالــوا ( باللازم ) .

إذا اتهمـت معاويـة ـ رضي الله عنه ـ فـي دينـه ، وجـب عليـك الطعـن فـي القـرآن الـذي الـذي كتبـه معاويـة ـ رضي الله عنه ـ فهـو أحـد كتبـه الوحـي بيـن يـدي رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هـذا الأمـر أعـم وأعظـم .




لذا


« واجبُنا نحو الصَّحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم »
واجبٌ عظيمٌ ومطلَبٌ جليلٌ يجدُر بنا جميعًا أن نُرعيه اهتمامَنا وأن نعتنيَ به غايةَ العناية ؛ واجبُنا نحو أصحاب النبي الكريم عليه الصلاة والسلام .

ولنعلَم أنَّ واجبنا نحو الصَّحابة هو جزءٌ من واجبنا نحو دينِنا دينِ الإسلام دين الله تبارك وتعالى الَّذي رضيَه الله لعباده ولا يقبل منهُم دينًا سواه ، كما قال الله جلَّ وعلا : ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ[آل عمران: 19] ، وكما قال جلَّ وعلا : ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[آل عمران:85]، وكما قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا[المائدة:3] .
هذا الدِّين القَويم والصِّراط المستَقيم دينُ الله عز وجل قد اختَار الله له مبَلِّغًا أمينًا وناصحًا حكيمًا ورسولا كريمًا ألا وهُو محمَّد صلى الله عليه وسلم ، فبلَّغ هذا الدِّين أتمَّ البلاغ ، وبيَّنه أكمَل البيان ، وقام بما أمرَهُ به ربُّه تبارك وتعالى على أتمِّ وجهٍ وأكمَل حالٍ ، قال الله له: ﴿
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ[المائدة: 67] ، فبلَّغ الرِّسالة ، وأدَّى الأمانةَ ، ونصحَ الأمَّة ، وجاهد في الله حقَّ جهادِه حتَّى أتاه اليقين ، وما تركَ خيرًا إلَّا دلَّ الأمَّة عليه ، ولا شرًّا إلَّا حذَّرها منه ، قال الله تعالى ممتنًّا على عباده: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ[الجمعة:2] ؛ بلَّغ رسولُنا صلى الله عليه وسلم دينَ الله على التَّمام والكَمال ، ونصحَ للأمَّة غايةَ النُّصح ، وأوضَح لهم المحجَّة وأبانَ لهم السَّبيل - صلواتُ الله وسلامُه عليه - .
وقد اختَار الله جلَّ وعلا لهذا الرَّسول الكريم صحابةً كرامًا ، وأنصارًا عدولاً ، وأئمَّةً ثقاتًا ؛ نصروه وعزَّروه وأيَّدوه، ونصروا دينَ الله تبارك وتعالى ، فكانوا رضي الله عنهم وأرضاهم خيرَ صَحْبٍ لخيرِ مَن مشى على وجهِ الأرضِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، كانوا صحابةً بَرَرَةً ، وإخوَةً كِرامًا ، وأعوانًا أقوياءَ أشدَّاءَ ، نصروا دينَ الله عز وجل وأيَّدوه، وكانوا خيرَ أعوانٍ لنشره ونصره ؛ فأَنْعِمْ بِهِمْ وأَكْرِمْ ؛ أنعِم بهم ما أعلى قدرَهم
! وما أجلَّ مكانتَهم ! وما أشرَفَ الجُهدَ الَّذي قاموا به لنُصرة دين الله تبارك وتعالى !
واللهُ عز وجل اختار هَؤلاء الصَّحابة لنبيِّه صلى الله عليه وسلم عن علمٍ وحكمةٍ ، اختار له خيارًا عدولاً ، كانوا بشهادة ربِّ العالمينَ وشهادةِ الرَّسولِ الكريم صلى الله عليه وسلم خيرَ النَّاس بعدَ الأنبياءِ ، كما قال الله تعالى : ﴿
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ[آل عمران:110] ، وأوَّل مَن يدخُل في ذلك صحابةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ فهُم يدخُلونَ في هذا الثَّناء دخولاً أوَّليًّا ، وجاء في الصَّحيحيْن عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ؛ فهذه خيريَّة للصَّحابة شهِد لهم بها ربُّ العالمين ، وشهِد لهم بها رسولُه الكريمُ صلى الله عليه وسلم ، وكانوا حقًّا خيارًا عدولاً ثقاتًا أثباتًا أئمَّةً هداةً - رضي الله عنهم وأرضاهم - .

ولهذا يجبُ علينَا أن نعيَ أنَّ الحديثَ عن الصَّحابة وأن الواجب نحو الصحابة هُو جزءٌ من الدِّينِ، جزءٌ من العقيدة الإسلاميَّة ، جزءٌ من الإيمان الَّذي تعبَّدَنا الله تبارك وتعالى به؛ لماذا الحديث عن الصحابة وعن واجبنا نحو الصحابة جزء من الإسلام ؟ وإذا طالعتَ كُتُبَ العقيدةِ الَّتي كتبَها أئمَّةُ السَّلف في القَديم والحديثِ لا تجد كتابًا منها يخلو من بيانِ العقيدةِ نحو الصَّحابة . لماذا هذا الاهتمام بالصحابة ؟ ولماذا كان واجبُنا نحوَ الصَّحابَة جُزءًا من واجبِنا نحوَ دِينِنا ؟!

إنَّ الصَّحابة هُم حملَةُ هذا الدِّين ونقلتُه للأمَّة ؛ منَّ الله عليهم وشرَّفهم وأكرمَهُم بسماع دينِ الله من رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ، شرَّفهم الله برؤيةِ طَلْعَته ومشاهَدتِه صلى الله عليه وسلم ، وشرَّفَهُم بسَماع حديثِه صلى الله عليه وسلم منه بدُون واسطة ، رَأوه وسَمِعوا حديثَه وحفظُوه ووَعَوْه ونقَلُوه لأمَّة الإسلام.
وبالمقابل ؛ فإنَّ الطَّعن فيهم رضي الله عنهم طعنٌ في الدِّين نفسِه ؛ كما قال العلماء: «الطَّعنُ في النَّاقل طعنٌ في المنقُول» ، إذا كان مَن نقَل لنا الدِّينَ وهُم الصَّحابة مطعونٌ فيهم متكَلَّمٌ في عدالتِهم، متكلَّمٌ في ثقتِهم وأمانتِهم؛ فالدين ما شأنُه إذا كانَ مَن نقَل لنا الدِّين مطعونٌ فيه ؟ يكون الدِّينُ ذاتُه مطعونًا فيه ، ولهذا قال العلماء «الطَّعنُ في النَّاقل طعنٌ في المنقُول»
ولهذا يتلَخَّص منهجُ أهل الإيمان تُجاه الصَّحابة رضي الله
عنهم في نُقطتَين:

* النقطة الأولى: سلامة القَلب ؛ القلب ليس فيه غل ، ليس فيه حقد ، ليس فيه ضغينة ، ليس فيه عداوة .
*والخصلة الثَّانية: سلامة اللِّسان ؛ ليس فيه سب ، ليس فيه طعن ، ليس فيه بذاء ، ليس فيه فحش ، وإنما قلبٌ نظيفٌ، ولسانٌ نقيٌّ تُجاه الصَّحابة الكرامِ رضي الله عنهم وأرضاهم.

جاء في الصَّحيحين عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يحذِّر الأمَّة وفي الوقتِ نفسِه يبيِّن لهم مكانَة الصحابة ، قال عليه الصَّلاة والسَّلام : «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا – اذهب إلى جبل أحد وانظر ما أكبره وما أكبر حجمه - مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ» ؛ لو أحدَ الصَّحابةِ رضي الله عنه جاء بمُدٍّ من الذهب وتصدَّقَ به على مسكين ، وجئتَ أنتَ بمِثْلِ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهبًا - ولا يستَطيعُه أحدٌ منَّا مهما بلغَ مالُه أن يأتي بذهب مثل جَبل أُحُد يتصدَّق به - وربَّما لو جاءه من الذَّهب مثل جَبل أُحُدٍ لفَتَنَهُ وأقبَل عليه وأصبح شَحِيحًا به بخيلًا ، لكن لَو فُرِض أنَّ أحدَنا عنده منَ الذَّهب مثلُ جبلِ أُحُدٍ وتصدَّق به ما بلَغَ مثل مُدَّ أحد الصَّحابة ، يقول احذروا يحذِّر عليه الصلاة والسلام احذروا تنبَّهوا اعرِفُوا قدرَ هؤلاء اعرفوا مكانتهم «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» اعرفوا مكانة الصَّحابةَ رضي الله عنهم وأرضاهم. «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» ؛ هذا كلامُ النَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام ليسَ كلامَ أَحَدٍ مِنَ النَّاس أو أَحَدِ العلماء ، وإنَّما كلامُ الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام ينصَح الأمَّة «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ» .
الصَّحابة بينهم تفاضل:

أفضَلُ الصَّحابة : الَّذين بايعوا تحتَ الشَّجرة ، وأفضلُ مِن هؤلاء: الَّذين شهِدوا بَدْرًا ، وأفضلُ هؤلاء كلِّهم: العَشرة المبشَّرون بالجنَّةِ ؛ من هم العَشرة المبشَّرون بالجنَّةِ ؟ هؤلاء عَشْرةٌ من أصحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم شهِد لهم عليه الصَّلاة والسَّلام في مجلسٍ واحدٍ بأنَّهم في الجنَّة ، نصَّ عليه الصَّلاة والسَّلام نصًّا زادَهُم شرفًا أنَّهم في جنَّة الخُلد في مجلسٍ واحدٍ ؛ والحديث رواه التِّرمذيِّ ورواه الإمام أحمد ورواه غيرهما
عن عبد الرَّحمن بن عَوف رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ عَوْفٍ فِي الجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الجَنَّةِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ ابْنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ فِي الجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ فِي الجَنَّةِ» ، فهؤلاء عشرةٌ في مجلس واحد شهِد لهمُ النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام بأنَّهم في الجنَّة ، لهذا - يا إخوان - أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وبقية هؤلاء العشرة كانوا يمشُون على الأرضِ وهُم يعلمُونَ أنَّهم في الجنَّة ، شهِد لهم الصَّادق الأمينُ عليه الصَّلاة والسَّلام ، وأَعْظِمْ بها وأَكْرِمْ بها من شهادةٍ ؛ يمشي على وجهِ الأرض وهو يعلَمُ أنَّه في جنة الخلد يومَ القيامة مِن أهل الجنَّة شهِد له النبي عليه الصَّلاة والسَّلام بذلك .

وأفضَلُ هؤلاء العَشْرة: الخلفاء الأربعة ، وأفضَل الخلفاء الأربعة : أبو بكر وعمر ، وأفضل الصَّحابة على الإطلاق: أبو بكر الصِّدِّيق ، صدِّيق الأمَّة ؛ حتى إن أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه خُصَّ من بين الصَّحابةِ كلِّهم بأنْ نُصَّ على صحبتِه في القرآن: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ[التوبة:40] لا يوجَد أحدٌ من الصَّحابة نُصَّ على صُحبَتِه في القُرآن إلَّا أبا بكرٍ رضي الله عنه صدِّيقَ الأمَّة ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ ﴾ ، وهو أوَّل من أسلمَ من الرِّجال ، وكان صِدِّيقًا ، ما يبلُغه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يقول – رأساً – صَدَق ، حتَّى إنَّ المشركين لما جاء النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام وأخبرهم أنَّه أُسرِي به إلى بيت المقدس، وعُرِجَ به إلى السَّماء، وركب البُراق، سمعوا أخبارًا ما استطاعوا أن يصدِّقوها ، فجاءوا إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: أما علمتَ ماذا يقولُ صاحبُك؟ يقول كذا وكذا وكذا، قال: «إنْ كانَ قالَ ذلكَ فقَد صَدَق» ؛ فهو صدِّيق الأمَّة رضي الله عنه ما يبلغُ أحدٌ منزلتَه في الصِّدِّيقيَّة ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ[الحديد:19] ، أوَّل الأمَّة – أمة محمد صلى الله عليه وسلم - دخولاً في هذا الشَّرف وهذا اللَّقب : أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه .
وانظروا هذه الصِّفة البَليغَة له : كانَ مرَّةً عليه الصَّلاة والسَّلام يحدِّثُ أصحابَه ، وما كان ثَمَّ أبو بكرٍ وعُمَر - ما كانا موجودَيْن - ، قال أبو هريرة رضي الله عنه:
1 -« صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، ثم أقبل على الناس فقال :« ( بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها ، فقالت : إنا لم نخلق لهذا ، إنما خلقنا للحرث ) . فقال الناس : سبحان الله بقرة تكلم ، فقال : ( فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر - وما هما ثم - وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة ، فطلب حتى كأنه استنقذها منه ، فقال له الذئب هذا : استنقذتها مني ، فمن لها يوم السبع ، يوم لا راعي لها غيري ) . فقال الناس : سبحان الله ذئب يتكلم ، قال : ( فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر ) ».

الراوي: أبو هريرة- المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3471
خلاصة حكم المحدث:
[صحيح]


2 - بينما رجل راكب على بقرة التفتت إليه ، فقالت : إني لم أخلق لهذا ، إنما خلقت للحرث ، فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر ، وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب ، فذهب منها بشاة ، فطلبه حتى استنقذها منه ، فقال له الذئب : هنا استنقذتها مني ، فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري ، فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2871
خلاصة حكم المحدث: صحيح


الدرر السنية


انظروا الصِّدِّيق ، وانظروا الإيمان ، وانظروا كمالَ هديِ الصَّحابةِ .
ولو أخذنا نتحدَّث عن فضَائلِ أبي بكر وعمر خاصَّةً، من خلالِ القرآن ومن خلالِ سنَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ لما كفتْنَا محاضرةٌ واحدةٌ ولا محاضرات، وما كفانا درسٌ واحدٌ ولا دروسٌ ؛ لكثرَة الفضَائل وكثرة المناقب الَّتي خُصَّ بها هَذين الصَّاحبين .

ولهذا نتوجَّه إلى الله عزَّ وجلَّ ونسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا ، وبأنَّه الله الَّذي لا إله إلَّا هو ألَّا يجعل في قلوبنا غِلًّا لأحدٍ من أصحاب النَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام ولا لأحدٍ من المؤمنين ، وأن يغفرَ لنا ولإخواننا الَّذين سبقونا بالإيمان، ونسأله جلَّ وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يحشرَنا يومَ القيامة مع نبيِّه الكريم ، ومع صحابتِه الميامين، نسأله جلَّ وعلا أن يحشرنا يوم القيامة مع أبي بكر، ومع عُمَر، ومع عثمان، ومع عليٍّ، ومع زوجاتِ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهنَّ وأرضاهنَّ ، وأن يحشرَنا يوم القيامة مع الصَّحابة أجمعين ؛ أهل الدَّرجات العُلى والمنازل الرَّفيعة والأماكن العليَّة.


أصل المعلومة مقتبس من

هنا

عـدد الصحابــة :



ليـس هنـاك إحصـاء دقيـق لعـدد الصحابــة ، لكـن هنـاك أقــوال لأهـل العلـم يسـتفاد منهـا أنهـميزيـدون علـى مائـة ألـف صحابـي .
وأشـهر هـذه الأقـوال قـول " أبـي زُرْعـة الـرازي " :

( قُبـض رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عـن مائـة ألـف وأربعـة عشـر ألفـًا مـن الصحابـة ممـن روى عنـه وسـمع منـه ) .


تيسير مصطلح الحديث / ص : 200

أفضلهـــم :


أفضلهـم علـى الإطـلاق " أبو بكـر الصديـق " ثـم " عمـر بـن الخطــاب " ـ رضي الله عنهما ـ بإجمـاع أهـل السـنة ، ثـم " عثمـان بـن عفـان " ثـم " علـي بـن أبـي طالـب " ، علـى قـول جمهــور أهـل السـنة ، ثـم " تمـام العشـرة " ، ثـم " أهـل بـدر " ، ثـم " أهـل أُحـد " ، ثـم أهـل بيعـة الرضـوان " .
تيسير مصطلح الحديث / ص : 201 / بتصرف .

آخرهــم موتــًـا :

آخرهـم موتـًا " أبـو الطفيـل عامـر بـن واثِلَـة الليثـي " ، مـات سـنة " مائـة " بمكـة المكرمـة ، وقيـل أكثـر من ذلـك ، ثـم آخرهـم موتـًا قبلـه " أنـس بن مالـك " توفـي سـنة " ثـلاث وتسـعين " بالبصـرة .
تيسير مصطلح الحديث / ص : 201 .

طبقــات الصحابــة :
اختلفـوا فـي طبقــات الصحابـة ، فجعلهـا بعضهـم خمـس طبقــات ، وعليـه عمـل " ابـن سـعد " فـي كتابـه ، ولـو كـان المطبـوع كامـلاً لاسـتخرجناها منـه وذكرناهـا .
وجعلهـا الحاكـم اثنتـي عشـرة طبقـة ، وزاد بعضهـم أكثـر مـن ذلـك والمشـهور ما ذهـب إليه الحاكـم .
الباعث الحثيث … / ص : 260 .
قسـمهم الحاكـم إلـى اثنتـي عشـرة طبقـة :
· الطبقــة الأولــى :
قـوم أسـلموا بمكـة ، مثـل : " أبـي بكـر " و " عمـر " و " عثمـان " و " علـي " وغيرهـم ـ رضى الله عنهم ـ .

·
الطبقــة الثانيــة :

أصحـاب دار النـدوة ، وذلـك أن " عمـر بـن الخطـاب " ـ رضي الله عنه ـ لمـا أسـلم وأظهـر إسـلامه حمـل رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إلـى دار النـدوة ، فبايعـه جماعـة مـن أهـل مكـة .

·
الطبقــة الثالثــة :

المهاجـرة إلـى الحبشـة .

·
الطبقــة الرابعــة :

الذيـن بايعـوا النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عنـد العقبـة ، يُقـال فـلان عقبـي .

·
الطبقــة الخامســة :

أصحـاب العقبـة الثانيـة ، وأكثرهـم مـن الأنصـار .

·
الطبقــة الســادسـة :

أول المهاجريـن الذيـن وصلـوا إلـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بقبــاء قبـل أن يدخلـوا المدينـة
ويُبنـى المسـجد .

·
الطبقــة الســابعة :


أهـل بـدر الذيـن قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فيهـم :
" ..... لعـل الله اطلـع على أهـل بـدر فقـال : اعملـوا ما شـئتم فقـد غفـرتُ لكـم ..... " .
رواه البخاري / كتاب : المغازي / باب : 9 / حديث رقم : 3983 / ص : 468 .

·
الطبقــة الثامنــة :

المهاجـرة الذيـن هاجـروا بيـن بـدر والحديبيـة .

·
الطبقــة التاســعة :

أهـل بيعـة الرضـوان الذيـن أنـزل الله تعالـى فيهـم :
{ لَقَـدْ رَضِـيَ اللهُ عَـنِ الْمُؤْمِنِيـنَ إِذْ يُبَايِعُونَـكَ تَحْـتَ الشَّـجَرَةِ } . ( سورة الفتح / آية 18 ) .

·
الطبقــة العاشــرة :

المهاجـرة بيـن الحديبيـة والفتـح ، منهـم " خالـد بـن الوليـد " و " عمـرو بن العـاص " و " أبـو هريـرة " وغيرهـم .

·
الطبقــة الحاديــة عشــرة :

فهـم الذيـن أسـلموا يـوم الفتـح ، وهـم جماعـة مـن قريـش .

·
الطبقــة الثانيــة عشــرة :

صبيـان وأطفـال رأوا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وفـي حجـة الـوداع وغيرهـا وعدادهـم فـي الصحابـة منهـم : " السـائب بـن يزيـد " ، و " عبـد الله بـن ثعلبـة بـن أبـي صعيـر " ومنهـم " أبـو الطفيـل عامـر بـن واثلـة " ، و " أبـو جحيفـة وهـب بـن عبـد الله " .
نظم الدُّرر ... / ص : 243 .

"وترك الخصومات في الدين"

يَقُولُ الإمام أحمد أُصُولُ اَلسُّنَّةِ عِنْدَنَا:
اَلتَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ r وَاَلاقْتِدَاءُ بِهِمْ،
وَتَرْكُ اَلْبِدَعِ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلالَةٌ، وَتَرْكُ اَلْخُصُومَاتِ،

وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ اَلأهْوَاءِ، وَتَرْكُ اَلْمِرَاءِ

وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَاتِ فِي اَلدِّينِ.


"ترك الخصومات في الدين" هذا من أصول السنة،

الخصومات جمع خصومة، وهي الجدال والنزاع.

الخصومـات هنـا بمعنـى التصـدر للكـلام فـي الديـن بغيـر

حجـة ولا برهـان ، وعلـى غيـر مـا كـان عليـه أصحـاب

رسـول الله ـ
صلى الله عليه وسلم ـ .

وليـس المـراد : أننـا لا نعـادي أهـل البـدع .

فمن ترْك الخصومات:
[ التسـليم للنصـوص ] بفهم السلف الصالح، دون لمـاذا ؟ وكيـف ؟
ومن خاصمك وجادلك فإنك ترد هذا
الخصام، أو إذا تخاصم الناس وتنازعوا فإن هذا
النزاع يرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم بفهم السلف الصالح؛ لقول الله عز وجل في كتابه العظيم:
﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾
سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:59
تسـلِّم للنـص [ وجـاء ربــك ] :
لا تخاصـم فـي النـص ... [ وجـاء ربــك ] تؤمـن بـأن الله يجـيء مجيئًـا يليـق بعظمتـه وجلالتـه ... ولا تخاصـم وتقـول : إنمـا المجـيء يعنـي الانتقـال مـن مكـان إلـى مكـان وهـذا يسـتحيل فـي حـق الله عـز وجـل أنـه ينتقـل سـبحانه مـن مكـان إلـى مكـان ... إذًا المجـيء هنـا مجـاز عـن مجـيء أمـر الله .

هـذا هـو الخصــام فـي الديـن ... المـراد التسـليم للنصـوص فتـرك الخصومـة فـي الديـن معنـاه [ التسـليم للنـص ] .
تحذير
يزيـن الشَّـيطان لكثيـر مـن النـاس وسط أهل البدع مـن أجـل أن يُصلِحَهُـم .هـذه الحجـة باطلـة .. نجـاة النفـس أولـى مـن نجـاة الغيـر ، الإنسـان يحـرص علـى نجـاة نفسـه ، وتـرك الخصومـات والجلـوس مـع أصحـاب الأهـواء
[ ومناظـرة أهـل البـدع غالبًـا ضررهـا أكثـر مـن نفعهـا ] فهذه

المناظرات تشهرهم وقد تكون سببًا في فتنة البعض

وإذا اضطـر الإنسـان إلـى ذلـك وهـو إمـام مـن أئمـة الْـهُدَى ،

فهـو الإمـام ... هـو الـذي يشـترط

أن يكـون بالطريقـة الفلانيـة ، وأن يكـون هـذا بعيـدًا عـن

أعيـن النـاس ) حتـى لا يفتـن النـاس

بكـلام هـذا المبتـدع الـذي عنـده شـبهات خطّافـة ،

وقلـوب النـاس ( وخصوصًـا العـوام ) ضعيفـة ، لا ينبغـي أبـدًا
أن يُطـرح هـذا علـى المـلأ ولا أن يُعلـن ولا أن يُنشـر .
] وكـم مـن إمـام مـن أئمـة الهـدى ، دخلـت عليـه البـدع بسـبب

حُبِّـه لشـيخه المبتـدع ، أو مجالسـته لشـيخ مبتـدع .
قيـل لعبـد الـرزّاق ـ رحمه الله ـ :
إن شـيوخك مـن أهـل السـنة فمـن أيـن دخلـت عليـك هـذه المسـائل ؟

وكـان قـد دخلـت عليـه شـيء مـن ( التَّشـيُّع )

فائدة:
وتشـيُّع السـلف كـان فقـط قاصـرًا فـي تقديـم علـيّ علـى عثمـان " رضي الله عنهما " ... هـذا إن وُجـد التَّشـيُّع فـي قـرون السـلف الفاضلـة الثلاثـة الأولـى .
يقولـون فيـه تشـيُّع يعنـي أنهـم يُقدِّمـوا ( علـيّ )

علـى ( عثمـان ) ، فقـط فـي الترتيـب ، يقولـون :

أفضـل الصحابـة أبـو بكـر ثـم عمـر ثـم علـيّ ثـم عثمـان

فكانـوا يعـدّون مثـل هـذا تشيع،ا.هـ

فقيـل لعبـد الـرزّاق بـن همـام الصنعانـيوهو صاحـب
" المُصّنِّـف "
:

أنـت رجـل كـل شـيوخك مـن أهـل السـنة

فمـن أيـن دخلـت عليـك مثـل هـذه المسـائل ؟ قـال :

قـدِم علينـا جعفـر بـن سُـليمان ، فعجبنـي سـمته وهديـه فأخـذت عنـه تلـك المسـائل .ا.هـ

وغالـب مـن ينخـدع مـن شـباب أهـل الحديـث والسـنة ، ينخـدع

مـن هـذا البـاب ... يـرى أهـل البـدع فيهـم الزاهـد ، وفيهـم

الـذي يصبـر علـى البـلاء ، وفيهـم الـذي يكثـر مـن الصـلاة

أو يكثـر مـن الصيـام أو يتقلـل مـن حطـام الدنيـا .

فمصاحبـة أهـل البـدع كمخالطـة الأجـرب لا يُؤْمَـن

معهـا مـن انتقـال المـرض
 
مصاحبـة أهـل البـدع كمخالطـة الأجـرب لا يُؤْمَـن معهـا مـن انتقـال المـرض

وإن كـان ذلـك كلـه بـإذن الله ، لكنهـا أسـباب معروفـة كمـا قـال صلـى الله عليـه وسـلم :
[ لا يـورد ممـرضٌ علـى مُصِـح ]
5 - لا يوردن ممرض على مصح
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7810
خلاصة حكم المحدث:
صحيح
هنا


فـلا ينبغـي لمـن عـرف السـنّة أن يصاحـب أهـل البـدع ولـو بنيـة إصلاحهـم ...
أن يدخـل بينهـم ولـو بنيـة نصحهـم ، فـإن هـذا غالبًـا يفسـده ويضـره ويجـره إلـى الجـدل المذمـوم .
فـإن الجـدل نوعـان :
1 ـ جـدال بالتـي هـي أحسـن :
وهـذا قـد أمـر الله بـه :
{ ادْعُ إِلِـى سَـبِيلِ رَبِّـكَ بِالْحِكْمَـةِ وَالْمَوْعِظَـةِ الْحَسَـنَةِ وَجَادِلْهُـم بِالَّتِـي هِـيَ أَحْسَـنُ
... } . سورة النحل / آية : 125 .
ومثـل هـذا لا يـؤدي إلا للـذي هـو أحسـن .
2 ـ وجـدال مذمـوم :
لا يـؤدي إلـى نتيجـة وإن كـان الإنسـان محقًـا فعليـه أن يُعـرِض .
فـإن رأيـت أهـل الهـوى وأصحابـه لا يسـتفيدون مـن كلامـك معهـم ، بـل إنهـم يجرونـك إلـى الكـلام المذمـوم .
{ ... فَأَعْـرِضْ عَنْهُـمْ وَعِظْهُـمْ وَقُـل لَّهُـمْ فِـي أَنفُسِـهِمْ قَـوْلاً بَلِيغـاً } .
سورة النساء / آية : 63 .
ففيهـم شـبه مـن المنافقيـن .
      


************************** 

[وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا آثَارُ رَسُولِ

اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم
]

المتن:

وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا آثَارُ رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ اَلْقُرْآنَ، وَهِيَ دَلَائِلُ اَلْقُرْآنِ، وَلَيْسَ فِي اَلسُّنَّةِ قِيَاسٌ، وَلَا تُضْرَبُ لَهَا اَلْأَمْثَالُ، وَلَا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ وَلَا اَلْأَهْوَاءِ، إِنَّمَا هُوَ اَلِاتِّبَاعُ وَتَرْكُ اَلْهَوَى.


الشرح:


[وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا آثَارُ رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

أهـل الحـق يسـتعملون مـن الألفـاظ مـا يُبيِّنـون بـه علامـات الحـق ودلائلـه، وإن تفاوتـت العبـارات، فهـذا التفـاوت فـي العبـارة؛ هـو مـن أسـباب بيـان الحـق ومعالمـه ودلائلـه .

فهنـا ذكـر
الأثـر :


[ والسـنّة عندنـا آثـار رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ]

والآثار
: هي أقواله وأفعاله وتقريراته، ما أُثِرَ عنه عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير، هذه هي السنة،

فأهـل الحـق حريصـون علـى اتبـاع الأثـر ، لا يتكلمـون بالـرأي ،فأهـل الأثـر ضـد أهـل الـرأي ، كما أن أهـل السـنّة
ضـد أهـل البـدع ، كمـا أن السـلف ضـد الخلـف ، كمـا أن العلـم ضـد الجهـل
فأهـل الحديـث والأثـر
ضـد أهـل الـرأي

فالسـنَّة سـبيل النجـاة ، واتبـاع آثـار رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليـس بالـرأي .-
السـنَّة عندنـا آثـار رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لذلـك فأهـل السـنَّة ... أهـل الحديـث ... أهـل العلـم ، الربَّانيـون يُلقّبـون ( بأهـل الأثـر ) .

مـن أسـماء أهـل السـنَّة ( أهـل الأثـر ) لأنهـم حريصـون علـى الآثـار ، لا يتكلمـون فيهـا بالـرأي ولا يجادلـون فيهـا بالهـوى بـل يُسَـلِِّمون للأثـر ... إذا صـح الحديـث ... سـلِّموا لـه ، وإذا صحـت الأسـانيد ، سـلِّموا واتّبعـوا وانقـادوا .


تعقيب
والسـنّة عندنـا آثـار رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
لابد من التأكد من ثبوت هذه الآثار وعدم الاعتماد على
مجرد النقل دون تثبت وتحري
بيان أهمية العزو والتخريج والتحقيق
معنى التخريج


أ في اللغة :التخريج على وزن " تفعيل " بمعنى الإخراج ، كتكريم بمعنى الإكرام ، وهو في أصل اللغة مأخوذ من (خرج ) ، فهو النفاذ من الشيء ،و اختلاف لونين .

ب- في اصطلاح المحدثين : عزو الحديث إلى من أخرجه من أئمة الحديث ، والكلام عليه بعد التفتيش عن حاله ورجال مخرجه .

ج- الفرق بين التخريج و التحقيق : ان بين التخريج و التحقيق عموم و خصوص ، فكل تحقيق يمكن أن يشتمل على تخريج ، ولكن ليس كل تخريج يتضمن تحقيقا .
فالتحقيق يتضمن توثيق نص مخطوط وبيان صحة نسبته إلى مؤلفه ، وضبطه وإخراجه في أقرب ما يكون على ما أراده عليه مؤلفه .

د- الفرق بين التخريج و العزو : فبينهما فرق فكل تخريج يمكن أن يكون عزوا ، وليس كل عزو يسمى تخريجا .
فالتخريج لابد فيه من الكلام على الحديث سندا و متنا اضافة إلى العزو .
بينما العزو قد يكتفي الباحث بذكر مرجع أو المصدر فقط .

فوائد التخريج


1- توثيق الحديث – موضوع التخريج – و معرفة درجته في اصطلاح المحدثين .
2- معرفة الزيادة و النقص في متن الحديث ، فيعرف ما هو صحيح وما هو شاذ أو منكر أو مدرج .
3- معرفة الوجوه المختلفة لرواية الحديث مما يساعد في الإستنباط الصحيح للأحكام الفقهية .
4- تصويب النص مما يقع في التصحيف أو التحريف ، فنخلص إلى نص صحيح .
5- تصويب الأسماء في الإسناد ، وتوضيح المبهمات و المهملات منها ، وضبطها الضبط الصحيح ، وغير ذلك .
6- فائدة تعود للباحث نفسه ، وهي تكوين ملكة علمية لديه في اتقان وسرعة تصويب وعزو النصوص وتوثيقها ، واطلاعه على أوجه الاحتمالات للنصوص العلمية ورواياتها ، كما يزيد من أفقه العلمي من الإطلاع على أساليب العلماء في العزو و الجرح و التعديل و الاستنباط أيضا .

منقول
أهمية التمســـك بالكتــاب والســنة
إن قـوة الأمـة فـي ولائهـا لربهـا .
وترابطهـا فـي ارتباطهـا بدينـه .
وعزتهـا فـي إعزازهـا لكلماتـه .
وشـرفها فـي دعوتهـا إليـه .
ورخاءهـا فـي طاعتـه .
وعافيتهـا وأمنهـا فـي اعتصامهـا بـه .
والخيـر جميعًـا فـي إيمانهـا وعملهـا بكتـاب الله وسـنة رسـوله صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم .

وقـد آمنـت أمـة محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي عهدهـا الأول بذلـك كلـه ، فعضـت بنواجذهـا علـى كتـاب ربهـا وسـنة نبيهـا ، وقبضـت علـى دينهـا قبضـة المؤمـن الموقـن بجمـال وكمـال دينـه ، وصلاحـه لقيـادة الحيـاة وهدايـة النـاس ، فعـاش الكتـاب والسـنة حينـذاك فـي القلـوب إيمانًـا وعقيـدة ، وفـي العقـول فكـرًا وثقافـة ، وفـي النفـوس واعظًــا ومربيًـا ، وبيـن النـاس حاكمًـا وقاضيًـا ، وبالجملـة فقـد كانـا - أي الكتاب والسنة -فـي حيـاة المسـلمين روحًـا وغايـة وفـي جماعتهـم بِنْيَــةً وقوامًـا وشـريعة ونظامًـا .

ولمـا كـان ذلـك هـو حـال أمـة الإسـلام أعزهـا الله بعـزه وحماهـا بحمايتـه وأيدهـا بجنـود مـن عنـده وحقـق فيهـا وعـده ، كمـا قـال تعالـى :
{ يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـوا إِن تَنصُـرُوا اللهَ يَنصُرْكُـمْ وَيُثَبِّـتْ
أَقْدَامَكُـمْ
} . سورة محمد / آية : 7 .

فلمـا وهنـت عضدتهـا علـى دينهـا ، وتداعـت قبضتهـا علـى الكتـاب والسـنة ، وراحـت تهتـدي بغيـر هـدي محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وتحتكـم إلـى غيـر حكمـه ، وتركـت الدعـوة إلـى الله ، قَـلَّ عزهـا وغـرب مجدهـا .
مقدمة جامع الأحاديث القدسية / عصام ... الصبابطي / ج : 1 / ص : 9 .
* * * * *

اهتمامنـا بالسـنة ليـس اهتمـام دراسـة فحسـب

ولكـن اهتمـام اعتقـاد بالدرجـة الأولـى ، اهتمـام منهـج ،

كيـف تتجـه .

فالسـنة ليسـت فـرعًا مـن فـروع العلـم ،

ولكنهـا أصـل هـذا الديـن مـع كتـاب الله تبـارك وتعالـى ،

فـلا تنفـك السـنة عـن القـرآن ، ولا ينفـك

القـرآن عـن السـنة .

* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال :

قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :


" تركـت فيكـم شـيئين ، لـن تضلـوا بعدهمـا :
كتـاب الله ، وسـنتي ،
ولـن يتفرقـا حتـى يـردا علـيَّ الحـوضَ " .

أخرجه الحاكم . وصححه الشيخ الألباني في :
صحيح الجامع الصغير وزيادته / الهجائي / ج : 1 /

حديث رقم : 2937 / ص : 566


* وكـل مسـلم لا يصـح إسـلامه إلا أن ينتمـيَ إلـى

سـنة الرسـول الكريـم ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .

فالشـهادتان ! هـل يصـح إسـلام أحـد بشـهادة أن لا إله إلا

الله وحدهـا ؟ ! . لا ، هنـاك شـهادة قرينــة مـع

شـهادة أن لا إله إلا الله ، هـي : " أن محمـدًا رسـولُ الله " ،

معنى شـهادة" أن لا إله إلا الله "

أي لامعبود بحق إلا الله

معنى شـهادة: " أن محمـدًا رسـولُ الله " ،

أي تجريد المتابعة لرسـول الله صلى الله عليه وسلم

فهـذا يُلزم باتبـاع هـذا النبي الأمـي ،


وهذا ابن عباس علم قيمة السنة ومتابعتها

أخرج الحاكم في مستدركه،

عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال:

( لما قُـبِـضَ رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت لرجل


هلمَّ فلنتعلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم كثير،

فقال :

العجب والله لك يابن عباس ، أترى الناس يحتاجون إليك

وفي الناس
من ترى من أصحاب رسول الله صلى

الله عليه وسلم؟


فركبت ذلك وأقبلت على المسألة


وتتبع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

فإن كنت لآتي الرجل في الحديث

يبلغني أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه

وسلم
فأتوسد ردائي على باب داره، تسفي الرياح

عليَّ وجهي حتى يخرج إليَّ

فإذا رآني قال:

يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لك ؟

قلت :حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله

عليه وسلم
فأحببت أن أسمعه منك .

فيقول : هلاَّ أرسلت إليّ فآتِيَك؟

فأقول : أنا كنت أحق أن آتيك،

وكان ذلك الرجل يراني فذهب أصحاب رسول الله صلى

الله عليه وسلم
وقد احتاج الناس إليَّ .

فيقول : أنت أعلم مني

مجمع الزوائد للهيثمي حديث رقم 9/280 خلاصة
الدرجة : رجاله رجال الصحيح

(الدرر السنية)


وهكذا كان اهتمام الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم في

حفظ السنة ونقلها، جيلاً بعد جيل رواية وحفظاً وعملاً

مـن البديهـي بعـد هـذا أن نقـول

إن السـنة التـي لها هـذه الأهميـة فـي التشـريع ،

إنمـا هـي السـنة الثابتـة عـن النبـي ـ صلى الله

عليه وسلم ـ بالطـرق العلميـة والأسـانيد الصحيحـة

المعروفـة عنـد أهـل العلـم بالحديـث ورجالـه

فلنحذر أن نكتب كل ما سمعنا
أو قرأنا ..... دون تحري وتحقيق خشية أن نقع في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
*قال أبو داود في سننه

حدثنا حفص بن عمر،قال: حدثنا شعبة ح وحدثنا

محمد بن الحسين ، قال: حدثنا علي بن حفص، قال:

حدثنا شعبة ،عن خبيب بن عبد الرحمن،

عن حفص بن عاصم:قال: قال: ابن حسين في حديثه

عن أبي هريرة ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

" كفـى بالمـرء إثمـًا أن يحـدث بكـل مـا سـمع " .
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .محدث العصر .رحمه الله /
كتاب الأدب / باب في التشديد في الكذب / حديث رقم : 4992 / التحقيق : صحيح
[ سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني : حديث رقم :2025 ] .
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال :قـال رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :

" كفـى بالمـرءِ كذبـًا (1) أن يحـدِّث بكـل مـا سـمع " .

رواه مسلم في مقدمته / باب : النهي عن الحديث بكل ما سمع / حديث رقم : 5 / ص : 5 .*
وصححه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في:
صحيح الجامع الصغيروزيادته /المجلد الثاني / حديث رقم : 4483 / ص : 827 .
* عـن عامـر بـن عبـد الله بـن الزبيـر ، عـن أبيـه قـال :
قلـتُ للزبيـر بـن العـوام : مالـي لا أسـمعُكَ تُحـدِّثُ عـن
رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كمـا أسـمع

ابـنَ مسـعودٍ وفلانـًا وفـلانـًا ؟ !
.
قـال :

أمـا إنـي لـم أفارقـه منـذ أسـلمتُ ، ولكنـي سـمعتُ منـه كلمـةً
،


يقـول :

" مـن كـذب علـيَّ متعمـدًا فليتبـوأ مقعـده مـن النـار " .



سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / كتاب : / باب : ( 4 ) /حديث

رقم : 36 /
ص : 19 / صحيح .
وهذه قطوف مستخلصة من أقوال أهل العلم


**البخاري ، ومسلم


اشترطا على نفسيهما الصحة

في صحيحيهما

*.*.*.*.

سنن النسائي:

ألف النسائي رحمه الله كتابه "السنن الكبرى" وضمنه

الصحيح، والمعلول،

ثم اختصره في كتاب "السنن الصغرى"، وسماه "المجتبى

جمع فيه الصحيح عنده، وهو المقصود بما ينسب

إلى رواية النسائي من حديث.

و"المجتبى" أقل السنن حديثاً ضعيفاً، ورجلاً مجروحاً


ودرجته بعد "الصحيحين"، فهو - من حيث الرجال –


مقدم على:

"سنن أبي داود والترمذي"؛

لشدة تحري مؤلفه في الرجال،

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

كم من رجل أخرج له أبو داود والترمذي تجنب

النسائي إخراج حديثه،

بل تجنب إخراج حديثه جماعة في "الصحيحين"
. اهـ.

*.*.*.*.

سنن ابن ماجه

أقل رتبة من "السنن": "سنن النسائي وأبي داود والترمذي"،


حتى كان من المشهور أن ما انفرد به يكون ضعيفاً غالباً

إلا أن الحافظ ابن حجر قال:

ليس الأمر في ذلك على إطلاقه باستقرائي، وفي

الجملة ففيه أحاديث

كثيرة منكرة، والله المستعان.
اهـ،


وقال الذهبي:

فيه مناكير وقليل من الموضوعات. اهـ،


وقال السيوطي:

إنه تفرد بإخراج الحديث عن رجال متهمين بالكذب،

وسرقة الأحاديث، وبعض تلك الأحاديث،

لا تعرف إلا من جهتهم.
*.*.*.*.

موطأ مالك

وَقَدْ اِعْتَنَى النَّاسُ بِكِتَابِهِ (اَلْمُوَطَّأِ) وَعَلَّقُوا عَلَيْهِ كُتُبًا جَمَّةً وَمِنْ


أَجْوَدِ ذَلِكَ كِتَابَا (اَلتَّمْهِيدِ) ، وَ(اَلِاسْتِذْكَارِ) ، لِلشَّيْخِ

أَبِي عُمَرَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ


النَّمْرِيِّ الْقُرْطُبِيِّ ، -رَحِمَهُ اللَّهُ- هَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ

الْأَحَادِيثِ الْمُتَّصِلَةِ
الصَّحِيحَةِ وَالْمُرْسَلَةِ وَالْمُنْقَطِعَةِ ،

وَالْبَلاغَاتِ اللاتِي لاتَكَادُ تُوجَدُ مُسْنَدَةً


إِلا عَلَى نُدُور
*.*.*.*.

مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ

وَأَمَّا قَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينِيِّ عَنْ

مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إِنَّهُ صَحِيحٌ ، فَقَوْلٌ ضَعِيفٌ ،

فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً ، بَلْ وَمَوْضُوعَةً ، كَأَحَادِيثِ فَضَائِلِ مَرْوٍ

، وَعَسْقَلانَ ، وَالْبَرْثِ الْأَحْمَرِ عِنْدَ حِمْصٍ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ،

كَمَا قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ.

ثُمَّ إِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَدْ فَاتَهُ فِي كِتَابِهِ هَذَا -مَعَ أَنَّهُ

لَا يُوَازِيهِ مُسْنَدٌ فِي
كَثْرَتِهِ وَحُسْنِ سِيَاقَتِهِ- أَحَادِيثُ

كَثِيرَةٌ جِدًّ ، بَلْ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ

مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْنِ

(اَلْكُتُبُ الْخَمْسَةُ وَغَيْرُهَا)

وَهَكَذَا قَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ السَّلَفِيِّ فِي الْأُصُولِ

الْخَمْسَةِ ، يَعْنِي

الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا وَسُنَنَ أَبِي دَاوُدَ وَاَلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ

إِنَّهُ اِتَّفَقَ عَلَى

صِحَّتِهَا (1) عُلَمَاءُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

تَسَاهُلٌ مِنْهُ وَقَدْ أَنْكَرَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ

وَغَيْرُهُ قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَهِيَ ذَلِكَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ

كُتُبِ الْمَسَانِيدِ كَمُسْنَدِ
عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ، وَالدَّارِمِيِّ ،

وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَأَبِي يَعْلَى ، وَالْبَزَّارِ ،

وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ ، وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ ، وَإِسْحَاقَ

ابْنِ رَاهْوَيْهِ ،
وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى ، وَغَيْرِهِمْ ؛

لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ عَنْ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا يَقَعُ لَهُمْ مِنْ حَدِيثِهِ.

___________
(1)


مما قيل عن مدلول هذه العبارة


اتفـق علمـاء المشـرق والمغـرب علـى صحـة هـذه الكتـب ،

أي اتفقــوا علـى صحـة نسـبتها إلـى مصنفيهـا ومؤلفيهـا ،

وأنـه لـم يُـزَدْ فيهـا ولـم يُنْقـص . فـلا نشـك فـي أن هـذا

الكتـاب الـذي بيـن أيدينـا هـو كتـاب الإمـام البخـاري ،


ولا نشـك أن هـذا الكتـاب الـذي بيـن أيدينـا هـو كتـاب

الترمـذي ، .....


وهكـذا باقـي الكتـب .
يستخلص مما سبق

أن أحاديث البخاري ومسلم

إجمالاً يمكن الاستشهاد بها دون البحث عن تحقيقها

أما ما عداهما فلابد قبل الاستشهاد بأحديثهم

البحث والتنقيب عن تحقيقها ، لتمييز صحيحها من سقيمها
كيفية تطبيق ذلك وسبيله عمليًا عندما نتعامل مع الحديث النبوي

من سُبل ذلك

بداية لابد من التأكد من مخرج الحديث

أي التأكد من العزو الدقيق ، فإذا كتب بجانب الحديث رواه البخاري أو مسلم مثلاً

لابد من الرجوع لكتاب البخاري أو مسلم للتأكد من وجود

الحديث في السنة المشار


إليها ، ليس كأصل للحديث فقط بل بمراجعة ألفاظه

ليكون عزوك دقيقًا


* ثم في غير البخاري ومسلم ، بعد الخطوة السابقة ،

لابد من البحث عن تحقيق الحديث


هل هو مقبول أم مردود ؟

* وسبل هذه الخطوات ميسرة ، إما

بالرجوع للكتب المحققة

أو

بالرجوع للموسوعات ،والمكتبات ،والمواقع التي تهتم بالتحقيق

ومما يعينك على ذلك

** مكتبة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني

الإصدار الأول

رحمه الله

حمِّلْهَا على جهازك وابحث ، عن الحديث ،

واعلم أهو مقبول أم مردود قبل كتابته

دون الاحتياج لدخول الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)

وهذا رابط تحميلها وعليه شرح كيفية البحث فيها
هنا


ولكن أضيف إضافة بسيطة وهامة

وهي بعد البحث على الحديث بالطريقة المشروحة

على الرابط ، اضغط على عبارة (عرض كامل)

وذلك لتحصل على عرض تفصيلي لاسم الكتاب

والباب و... للحديث المطلوب


لكن يلاحظ أن كتب السنن فيه غير محققة

فيرجع لمكتبة الألباني لتحقيقها
أو

الدرر السنية

ماعليك سوى وضع كلمة من الحديث الذي تريد التأكد

من صحته في محرك البحث

وتظهر لك النتيجة بإذن الله ..

وإتمامًا للفائدة يرجع لبحث

زهور السنة
و

دورة النضارة الموعودة 
[ والسـنّة تفسـر القـرآن وهـي دلائـل القـرآن ]

والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن، السنة تفسر القرآن وتوضحه،
فإذا كان الدليل من القرآن مجمل فالسنة تفصل هذا المجمل، وإذا كان مبهم فالسنة توضحه، وإذا كان عام فالسنة تخصصه؛
_________________
علاقــة الســـنة بالقــرآن الكريــم :


1ـ أنهـا تأتـي مُفَصِّلَـة ومُفَسِّـرَة لِمَـا جـاء مُجْمَـلاً مـن أحكـام فـي القـرآن الكريـم
فالصـلاة وردت -مجملة- فـي عشـرات الآيـات ، ولكـن لـم تُبَيَّـن لهـا كيفيـة ، وأوقـات ، وأركـان ، وسـنن ، وعـدد ركعـات كـل صـلاة ، ... فجـاءت السـنة - مفصلة -بتوضيـح كـل ذلـك .
وكذلـك الزكـاة قـال تعالـى : { ... وَآتُـواْ الزَّكَـاةَ ... } . سورة البقرة / آية : 43 .
فـإن مقـدار الزكـاة الواجبـة مجهـول يحتـاج إلـى بيـان .

فجاءت السنة مفصلة لمقدار الزكاة ونصابها

مثاله

1 - ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ، ولا فيما دون خمس ذود صدقة ، ولا فيما دون خمسة أواق صدقة
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 2444
خلاصة حكم المحدث:
صحيح

هنا




2 ـ وقـد تأتـي السـنة مُقَيِّـدة لمـا جـاء مطلقًـا فـي القـرآن .
مثـــال :
قـال تعالـى : { وَالسَّـارِقُ وَالسَّـارِقَةُ فَاقْطَعُـواْ أَيْدِيَهُمَـا ... } . سورة المائدة / آية : 38 .
فكلمـة " الأيـدي " فـي الآيـة وردت مطلقـة ، وكـان مقتضـى هـذا الإطـلاق أن تُقْطَـع يـد السـارق كلهـا عمـلاً بالإطـلاق ، ولكـن السـنة قيـدت هـذا الإطـلاق ، إذ وردت بأن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قطـع يـد السـارق مـن الرسـغ فيصـح تقييـد مطلـق الكتـاب بصحيـح السـنة .
الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 280 / بتصرف يسير .

* فعـن رجـاء بـن حيـوة عن عـدي بـن عـدي : " أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قطـع رجـلاً مـن
المِفْصَـلِ " .
أخرجه ابن أبي شَيْبَة . قال الألباني إسناده مرسل جيد / إرواء الغليل ... / ج : 8 / باب : القطع في السرقة / ص : 28 .

قـال الشـيخ الألبانـي ـ رحمه الله ـ : وقـد وصلـه بعضهـم ، فأخرجـه البيهقـي ـ موصـولاً ـ .
فهـو صحيـح موصـول . انتهى بتصرف .
إرواء الغليل ... / ج : 8 / ص : 82 .

3ـ كمـا تأتـي السـنة مُخَصِّصَـة لمـا جـاء عامًّـا فـي القـرآن مـن أحكـام .
مثـــال :
قـال تعالـى : { يُوصِيكُـمُ اللهَ فِـي أَوْلاَدِكُـمْ لِلذَّكَـرِ مِثْـلُ حَـظِّ الأُنثَيَيْـنِ ... } .
سورة النساء / آية : 11 .

هـذا حكـم عـام ، فخصصـت السـنة هـذا الحكـم العـام - لكل الأبناء من الصلب - ، بـأن قَصَـرَت الميـراث علـى مَـنْ لـم يعتـدِ علـى مُوَرِّثِـهِ بالقتـل ، فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " القاتـل لا يـرث " .
صحيح سنن ابن ماجه / ج : 2 / ( 21 ) ـ كتاب : الديات / ( 14 ) ـ باب :
القاتل لا يرث / حديث رقم : 2211 / ص : 117 .


وكذلـك قَصـرت السـنة الميـراث علـى المسـلم فقـط حتـى ولـو كـان الكافـر ابنـًا مـن صلبـه .
* فعـن أسـامة بـن زيـد ـ رضي الله عنهما ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " لا يـرثُ المسـلمُ الكافـر ، ولا الكافـرُ المسـلمَ " .
صحيح البخاري . متون / ( 85 ) ـ كتاب : الفرائض / ( 26 ) ـ باب :لا يرث
المسلم الكافر ... / حديث رقم : 6764 / ص : 788 .

تخصيص العام مثل قوله تعالي "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "
المائدة / 38
العام هو لفظ يدل بحسب وضعه اللغوي علي الشمول والاستغراق ،وتستعمل له ألفاظ لغوية معينة مثل كل وجميع وأل التي تفيد الجنس ،مثل السارق والزاني وهكذا ،وهذه الآية لم تحدد قدر المسروق الذي يجب فيه القطع فجاءت السنة لتبين قدر المسروق والمعني أنها خصصت العام، فليس كل سارق تقطع يده بل من سرق نصابا قيمته ربع دينار فصاعدا


الشيخ / أشرف الفيل هنا

"تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا" الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6789
خلاصة حكم المحدث:
[صحيح]

الدرر


4 ـ وقـد تأتـي السـنة بحكـم جديـد
منشئة لأحكام سكت عنها القرآن
ففـي سـورة النسـاء حـرم تعالـى الجمـع بيـن الأختيـن فـي النكـاح ، قـال تعالـى :

"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا "
سورة النساء / آية : 23

هنا
وورد بالسـنة تحريـم الجمـع بيـن العمـة وابنـة أخيهـا ، والخالـة وابنـة أختهـا .
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : سـمعتُ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : " لا تُنكـحُ العمـةُ علـى بنـت الأخ ، ولا ابنـة الأخـت علـى الخالـة " .
صحيح مسلم . متون / ( 16 ) ـ كتاب : النكاح / ( 4 ) ـ باب : تحريم الجمع بين المرأة

وعمتها أو خالتها في النكاح / حديث رقم : 35 ـ ( 1408 ) / ص : 346 .



* وعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" لا تُنكـح المـرأةُ علـى عمتهـا ولا علـى خالتهـا " .
صحيح مسلم . متون / ( 16 ) ـ كتاب : النكاح / ( 4 ) ـ باب : تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أوخالتها في النكاح . تحريم الجمع بين المرأة ... / حديث رقم : 37 ـ ( 1408 ) / ص : 346 .

أن تكون السنة ناسخة لحكم ثبت بالكتاب

ينقسـم النسـخ بحسـب الاعتبـار إلـى ثلاثـة أقسـام :
ـ باعتبـار الناسـخ .
ـ باعتبـار النـص .
ـ باعتبـار البـدل .
التأسيس ... / ص : 409 .
النســخ باعتبـار : " الناســخ "
وهـو أربعـة أنـواع :

# النـوع الأول : نسـخ القـرآن بالقـرآن :

وهـذا مجمـع عليـه ولا خـلاف فيـه ، أن يُنْسَـخ القـرآنُ بالقـرآن ، لأن القـرآن كلـه متواتـر .

مثالـــه
: آيـة المصابـرة :
وهـي قولـه تعالـى :
{ ... إِن يَكُـن مِّنكُـمْ عِشْـرُونَ صَابِـرُونَ يَغْلِبُـواْ مِئَتَيْـنِ وَإِن يَكُـن مِّنكُـم مِّئَـةٌ يَغْلِبُـواْ أَلْفـاً مِّـنَ الَّذِيـنَ كَفَـرُواْ ... } . سورة الأنفال / آية : 65 .
ثـم قـال سـبحانه بعدهـا :

{ الآنَ خَفَّـفَ اللهُ عَنكُـمْ وَعَلِـمَ أَنَّ فِيكُـمْ ضَعْفـاً فَـإِن يَكُـن مِّنكُـم مِّئَـةٌ صَابِـرَةٌ يَغْلِبُـواْ مِئَتَيْـنِ وَإِن يَكُـن مِّنكُـمْ أَلْـفٌ يَغْلِبُـواْ أَلْفَيْـنِ ... } .
سورة الأنفال / آية : 66 .

شرح الأأصول من علم الأصول / ص : 425 .

# النـوع الثانـي : نسـخ القـرآن بالسـنة :
فيـه خـلاف
بيـن أهـل العلـم :
ـ ذهـب جمهـور الأصولييـن إلـى أنـه : يجـوز نسـخ القـرآن بالسـنة المتواتـرة .

وهـو اختيـار الأميـن الشـنقيطي .


ـ وذهـب الإمـام الشـافعي وأحمـد إلـى أنـه : لا يجـوز نسـخ القـرآن بالسـنة ؛ بـل لا يَنْسَـخ القـرآن إلا قـرآن مثلـه .

وهـذا اختيـار ابـن قدامـة وابـن تيميـة .


ـ حجــة الجمهـور :

أن الجميـع وحـيٌ مـن الله تعالـى ، فالناسـخ والمنسـوخ من عنـد الله ، والله هـو مختـار ذلـك حقيقـة ، لكنـه سـبحانه أظهـر النسـخ علـى لسـان رسـوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .


وَمَثـَّلَ الجمهـور للوقـوع ـ أي وقـوع نسـخ القـرآن بالسـنة ـ بـأن آيـة التحريـم بعشـر رضعـات نُسـخت بالسـنة .


وَرَدَ ذلـك فيمـا روتـه عائشـة ـ
رضي الله عنها ـ قالـت :
" كـان فيمـا أُنـزل مـن القــرآن عشـر رضعـات معلومـات يحرمـن ، ثـم نسـخن بخمـس معلومـات ،

فتوفـي رسـول الله ـ
صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـن فيمـا يُقـرأ مـن القـرآن " .

صحيح مسلم . بشرح ... النووي / ج : 10 / ( 17 ) ـ كتاب : الرضاع / ( 6 ) ـ باب : التحريم بخمس رضعات / حديث رقم : 1452 / ص : 44 .


معالم أصول الفقه ... / ص : 267 .
ومعنـاه : أن النسـخ بخمـس رضعـات تأخـر إنزالـه جـدًا ، حتـى أنـه صلـى الله عليـه وعلـى آله و سـلم توفـي ، وبعـض النـاس يقـرأ خمـس رضعـات ، ويجعلهـا قرآنـًا متلـوًا ، لكونـه لـم يبلغـه النسـخ (1) لقـرب عهـده ، فلمـا بلغهـم النسـخ بعـد ذلـك رجعـوا عـن ذلـك ، وأجمعـوا علـى أن هـذا لا يتلـى .
( 1 ) لم يبلغه النسخ : أي لم يبلغه النسخ اللفظي دون الحكمي ، أي نسخ تلاوة " خمس رضعات " وبقاء حكمها ، فهذا نسخ ـ لفظي فقط ـ للقرآن بالسنة .

والنسـخ ثلاثـة أنـواع :
أحدهــا : مـا نُسـخ حكمـه وتلاوتـه كعشـر رضعـات .

والثانـي : مـا نُسـخت تلاوتـه دون حكمـه كخمـس رضعـات ،

والثالــث : مـا نسـخ حكمـه وبقيـت تلاوتـه ، مثـل آيـات المصابـرة ( الأنفـال : 65 ، 66 ) .


# النـوع الثالـث : نسـخ السـنة بالقـرآن :

ذهـب جمهـور الأصولييـن إلى أنـه يجـوز نسـخ السـنة بالقـرآن ، وهـذا اختيـار ابـن النجـار الفتوحـي ، والأميـن الشـنقيطي .

وذهـب الإمـام الشـافعي إلـى أن السـنة لا ينسـخها إلا سـنة مثلهـا .

وقـد مثَّـلَ الجمهـور للوقـوع بأمثلـة كثيـرة منهـا :

ـ التوجـه إلـى بيـت المقـدس وهـو ثابـت بالسـنة ، وناسـخه فـي القـرآن قولُـه تعالـى :

{ ... فَـوَلِّ وَجْهَـكَ شَـطْرَ الْمَسْـجِدِ الْحَـرَامِ ... } .
سورة البقرة / آية : 144 .
* فعـن البـراء بـن عـازب أن النبـي ـ
صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان أول مـا قـدم المدينـة ، نـزل علـى أجـداده أو قـال : أخوالـه مـن الأنصـار ، وأنـه صلـى قِبَـلَ بيـتِ المقـدسِ سـتة عَشَـرَ شـهرًا أو سـبعة عشــر شـهرًا ، وكـان يعجبـه أن تكــون قبلتـه قِبَـلَ البيــت ، وأنـه صلـى أولَ صــلاةٍ صلاهـا صـلاةَ العصـرِ وصلـى معـه قـوم ، فخـرج رجـل مِمـن صلـى معـه فمـر علـى أهـل مسـجدٍ وهـم راكعـون ، فقـال أشـهد بالله لقـد صليـتُ مـع رســول الله قِبَـلَ مكـة فـدارو كمـا هـم قِبَـل البيـت (1) ، وكانـت اليهـود قـد أعجبهـم إذ كـان يصلـي قِبَـلَ بيـتِ المقـدسِ وأهـل الكتـاب ، فلمـا وَلَّـى وَجْهـه قِبَـلَ البيـتِ (1) أنكـروا ذلـك .

صحيح البخاري . متون / ( 2 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 30 ) ـ باب : الصلاة من الإيمان ... / حديث رقم : 40 / ص : 15 .
( 1 ) البيـت : أي بيـت الله الحـرام أي الكعبـة .
--------------


# النـوع الرابـع : نسـخ السـنة بالسـنة :
وهـذا كثيـر ، مثالــه :
* عـن ابـن بُرَيْـدَةَ ، عـن أبيـه قـال : قـال رسـول الله صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :

---------

قال الإمام مسلم في صحيحه

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ نُمَيْرٍ، قَالُوا :حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ
عَنْ أَبِي سِنَانٍ- وَهُوَ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ -،عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ ،عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ ،عَنْ أَبِيهِ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ ،وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا"


رواه مسلم / ( 11 ) ـ كتاب : الجنائز / ( 36 ) ـ باب : استئذان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في زيارة قبر أمه / حديث رقم : 977 / ص : 231 .
موقع الإسلام
وهـذا صريـح فـي ثبـوت الحكـم ثـم نسـخه .

شرح الأصول من علم الأصول / ص : 428 / بتصرف


فالسـنة إذن لا غنـى عنهـا فـي تفسـير وتوضيـح ما جــاء مجمـلاً أو مطلقًـا أو عامًّـا فـي القــرآن الكريـم .
* * * * *


، وَلَيْسَ فِي اَلسُّنَّةِ قِيَاسٌ، وَلَا تُضْرَبُ لَهَا اَلْأَمْثَالُ، وَلَا تُدْرَكُ

بِالْعُقُولِ وَلَا اَلْأَهْوَاءِ، إِنَّمَا هُوَ اَلِاتِّبَاعُ وَتَرْكُ اَلْهَوَى

..
.
الشرح



هنـا لا ينفـي الإمـام أحمـد ـ رحمه الله ـ القيـاس المعـروف عنـد الأصولييـن " علمـاء أصـول الفقـه "
... لا ينفـي هـذا ... إنمـا يقصـد :
إذا جـاء النَّص مـن السـنَّة ، فـلا يجـوز أن يقـال : أليـس ذلـك يقـاس علـى كـذا وكـذا ... أي إذاصـح الحديـث ، فـلا يجـوز أن يُـرد بقيـاس عقلـي ... ولا يجـوز أن يضـرب بذلـك الأمثـال كمـا كمـا بيـن شـيخ الإسـلام " ابـن تيميـة " ـ رحمه الله ـ :
[ لا يمكـن أن يتعـارض نـص صريـح مـع مـا يقتضيـه العقـل السـليم أبـدًا ]
( فصريـح المعقـول يلتقـي مـع صحيـح المنقـول ... وصحيـح المنقـول يلتقـي مـع صريـح المعقـول ) ... ومـع ذلـك :
لا يجـوز أن تقـاس السـنّة بالعقـول أو أن يضـرب لهـا الأمثـال .

[ وليـس فـي السـنّة قيـاس ولا تضـرب لهـا الأمثـال ] أي :

عليـك أن تسـلِّم بالنصـوص ، وإن لـم تدركهـا بعقلـك القاصـر


فالعقـل ليـس حجـة فـي نفسـه وإن كـان يصلـح أن يُحسِّـن ويقبِّـح علـى الراجـح مـن أقـوال أهـل الحديـث والسـنَّة ، ولكنـه لا يسـتقل بذلـك ، ولا يمكنـه إدراك ذلـك فـي كـل شـيء

بـل كمـا قـال شـيخ الإسـلام " ابـن تيميـة " ـ
رحمه الله ـ فـي مجمـوع فتـاواه وفـي بعـض المواضـع مـن كتبـه الأخـرى ... قـال :
( إن العقـل إذا كـان سـليمًا فهـو كالعيـن السـليمة ، فكمـا أن العيـن لا تـرى ولا تبصـر إلا إذا ظهـر نـورًا أمامهـا ، فكذلـك العقـل لا يسـتقل بالهدايـة حتـى تطلـع عليـه شـمس الرسـالة ) .
عبــارة عظيمــة

هذا رجـل كمـا يقولـون فـي الطـب : نظـره سـتة علـى
سـتة ( 6/6 ) وضعـه فـي غرفـة مظلمـة تمامًـا ، ليـس فيهـا ثقـب إبـرة يـؤدي إلـى الخـارج ... هـل سـيرى شـيئًا ؟ لا ... لا يسـتطيع أن يـرى إلا إذا ظهـر نـور أمـام عينـه ... يسـتطيع أن يـرى ...
وكذلـك العقـل ... مهمـا كـان ذكيًـا ومسـتنيرًا ، مهمـا كـان عبقريًـا وفـذًا ، لا يمكـن أن يسـتقل بالهدايـة ، حتـى تطلـع
عليـه شـمس الرسـالة ...

فالوحـي لابـد منـه لهدايـة العقـل ... ومـا ضـلَّ أكثـر مـن ضـلْ مـن البشـر إلا بسـبب اغترارهـم بذكائهـم . إذا نظـرت إلـى الملاحـدة ، وجـدت معظـم الملاحـدة مـن العباقـرة والأذكيـاء فـي أقوامهـم ممـن يصفونهـم بالعبقريـة وبالذكـاء الخـارق ، تجـد هـذا فـي المخترعيـن والأدبـاء كثيـرًا جـدًا قديمًـا وحديثًـا ، تجـده عبقريًـا فـي الطـب ... تجـده ملحـدًا !!!


اغتـر بعقلـه وظـنَّ أنـه ممكـن أن يسـتقل بالهدايـة دون الحاجـة
إلـى نـور الرسـالة وأبـى الله إلا أن يقـول :

"اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌعَلَىنُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "

هنا

سورة النور / آية : 35 .
فـإذا التقـى نـور الوحـي مـع نـور الفطـرة والعقـل السـليم ،

حصلـت الهدايـة ( نُّـورٌ عَلَـى نُـورٍ... يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) فاتضـح أن المـراد مـن الآيـة الهدايـة ... ( يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) فـلا هدايـة إلا بنـور الله سـبحانه وتعالـى ... بوحـي الله بالرسـل والكتـب ...

فلابـد مـن التسـليم بمـا جـاء مـن عنـد الله عـز وجـل ...
ولايُضـرب الأمثـال ولا يُـرد بالقيـاس ...


أمـا القياـس عنـد الأصولييـن ... فهـو موضـوع آخـر ... فالمجتهـد مـن هـذه الأمـة ... مـن علمائهـا ... إذا عرضـت لـه مسـألة ولـم يجـد فيهـا نـص ... فإنـه يلجـأ إلـى ( القيـاس ) كوسـيلة لمعرفـة الحـق ، إذ يحـاول أن يعـرف حكـم هـذه المسـألة بـإن يقارنهـا بأقـرب مثـال أو بأشـبه المسـائل بالمسـألة التـي يبحثهـا ...
وهـذا سـبيل لمعرفـة الحـق والصـواب ... وقـد يصيـب وقـد يخطـئ ... فـإ، أصـاب فلـه أجـران ... وإن أخطـأ فلـه لأجـر ... وهـو سـبيل سـلكها ورأى بمشـروعيتها جماهيـر أهـل العلـم ... بـل قـد نقـول أنـه ( إجمـاع ) لأن المخالـف فـي هـذه المسـألة ، قـد لا يعتـد بخلافـه .



المـراد علـى كـل حـال ... لا تُـرد الآثـار بالـرأي أو بالقيـاس أو يضـرب لهـا الأمثـال ... كيـف هـذا ؟ ... وكيـف هـذا ؟ ... وكيـف يكـون كـذا ؟ وكيـف يأتـي مَلـك المـوت لموسـى " عليه السلام " فـي صـورة رجـل فيفقـأ عينـه !!! مـا فـي كيـف ...
كيـف أجمـع عقـلاء النـاس علـى أن الذبابـة شـرٌ وضـرٌ ثـم نحـن نقـول إن الحديـث فيـع [ إنـك تغمسـها ثـم إنـك تنزعهـا ] ... ثـم ... ثـم ... كيـف ؟ ... هكـذا تُـرد الآثـار بالـرأي ...

"إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ؛ فإن في أحد جناحيه داء ، و في الآخر شفاء ، و إنه يتقي بجناحيه الذى فيه الداء ، فليغمسه كله ثم لينزعه"
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 835
خلاصة حكم المحدث:
صحيح

الدرر السنية


قال صلى الله عليه وسلم:
"إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ، ثم ليطرحه ، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء"
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5782
خلاصة حكم المحدث:
[صحيح]

الدرر السنية