الخميس، 17 يناير 2019

24- حلية طالب العلم



المجلس الرابع والعشرون
شرح حلية طالب العلم
القناعةُ والزَّهادةُ-تابع- 6

التَّحَلِّي بالقَناعةِ والزَّهادةِ ، وحقيقةُ الزهْدِ ؛الزهْدُ بالحرامِ والابتعادُ عن حِمَاهُ ، بالكَفِّ عن الْمُشتَبِهَاتِ وعن التَّطَلُّعِ إلى ما في أيدي الناسِ .

الشيخ :
التحلي بالقناعة من أهم خصال طالب العلم يعني أن يقنع بما أتاه الله عزوجل ولايطلب أن يكون في مصاف الأغنياء والمترفين، لأن بعض طلبة العلم وغيرهم تجده يريد أن يكون في مصاف الأغنياء والمترفين فيتكلف النفقات في المأكل والمشرب والملبس والمفرش ،ثم يثقل كاهله بالديون وهذا خطأ بل عليك بالقناعة فإنها خير زاد للمسلم .
وقفة:
لابد للمسلم في هذه الحياة من وقفات يقفها مع نفسه ، يعيد فيها تقويم أمورَهُ ، ويتفكر في مصيره ، ويصحح بها مسارَهُ ، فقطار الحياة يمضي بنا شِئْنَا أم أبَينا ، ولابد من وقت نتركه فيه كما تركه مَن سَبَقَنَا .
الحذر من تحقير شأن الذنوب وعاقبتها مهما قلت
قال ابن القيم في كتابه الفوائد:
يَا مغرورا بالأماني لعن إِبْلِيس وأهبط من منزل الْعِزّ بترك سَجْدَة وَاحِدَة أَمر بهَا " إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا" الإسراء :61.، وَأخرج آدم من الْجنَّة بلقمة تنَاولهَا ، وحجب الْقَاتِل عَنْهَا بعد أَن رَآهَا عيَانًا بملء كف من دم ،وَأُمر بقتل الزَّانِي أشنع القِتلات بإيلاج قدر الْأُنْمُلَة فِيمَا لَا يحل ، وَأمر بإيساع الظّهْر سياطًا بِكَلِمَة قذف أَو بقطرة سكر، وَأَبَان- قُطِعَ- عضوًا من أعضائك بِثَلَاثَة دَرَاهِم فَلَا تأمنه أَن يحبسك فِي النَّار بِمَعْصِيَة وَاحِدَة من مَعَاصيه .
دخلت امْرَأَة النَّار فِي هِرَّة ، وَإِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ لَا يلقِي لَهَا بَالا يهوي بهَا فِي النَّار أبعد مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب ،وَإِن الرجل ليعْمَل بِطَاعَة الله سِتِّينَ سنة فَإِذا كَانَ عِنْد الْمَوْت جَار فِي الْوَصِيَّة فيختم لَهُ بِسوء عمله فَيدْخل النَّار، الْعُمر بآخره وَالْعَمَل بخاتمته ،من أحدث قبل السَّلَام بَطل مَا مضى من صلَاته وَمن أفطر قبل غرُوب الشَّمْس ذهب صِيَامه ضائعا وَمن أَسَاءَ فِي آخر عمره لقى ربه فِي ذَلِك الْوَجْه لَو قدمت لقْمَة وَجدتهَا وَلَكِن يُؤْذِيك الشره كم جَاءَ
الثَّوَاب يسْعَى إِلَيْك فَوقف بِالْبَابِ فَرده بواب سَوف وَلَعَلَّ وَعَسَى كَيفَ الْفَلاح.
قال تعالى " وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ  وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ "البقرة : 36-37.
"دخلَتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها ، فلم تَطعَمْها ، ولم تَدَعْها تأكلُ من خَشاشِ الأرضِ ."الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم  3318  -خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر =
- إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ ، لا يُلقي لها بالًا ، يرفعُه اللهُ بها درجاتٍ ، وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ ، لا يُلقي لها بالًا ، يهوي بها في جهنَّمَ"
الراوي : أبو هريرة -المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم-  6478  خلاصة حكم المحدث : صحيح=الدرر =


الأربعاء، 16 يناير 2019

23- حلية طالب العلم



المجلس الثالث والعشرون
شرح حلية طالب العلم
القناعةُ والزَّهادةُ-6

التَّحَلِّي بالقَناعةِ والزَّهادةِ ، وحقيقةُ الزهْدِ الزهْدُ بالحرامِ والابتعادُ عن حِمَاهُ ، بالكَفِّ عن الْمُشتَبِهَاتِ وعن التَّطَلُّعِ إلى ما في أيدي الناسِ .
ويُؤْثَرُ عن الإمامِ الشافعيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى " لو أَوْصَى إنسانٌ لأَعْقَلِ الناسِ صُرِفَ إلى الزهَّادِ " وعن مُحَمَّدِ بنِ الحسَنِ الشيبانيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى لَمَّا قِيلَ له : أَلَا تُصَنِّفُ كتابًا في الزهْدِ ؟ قال " قد صَنَّفْتُ كِتابًا في البُيوعِ .
يعني" الزاهدُ مَن يَتَحَرَّزُ عن الشُّبُهاتِ والمكروهاتِ في التجاراتِ وكذلك في سائرِ الْمُعاملاتِ والْحِرَفِ " اهـ .
وعليه فليكنْ مُعْتَدِلًا في مَعاشِه بما لا يُشِينُه بحيثُ يَصونُ نفسَه ومَن يَعولُ ولا يَرِدُ مَواطِنَ الذلَّةِ والْهُونِ .
وقد كان شيخُنا مُحَمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ الْمُتَوَفَّى في 17/12/1393 هـ رَحِمَه اللهُ تعالى متَقَلِّلًا من الدنيا وقد شاهَدْتُه لا يَعرِفُ فِئاتِ العُملةِ الوَرَقِيَّةِ وقد شافَهَنِي بقولِه :
لقد جِئْتُ من البلادِ – شِنقيطَ – ومعي كَنْزٌ قلَّ أن يُوجدَ عندَ أحدٍ وهو : القَناعةُ ، ولوأرَدْتُ المناصِبَ لعَرَفْتُ الطريقَ إليها ولكني لا أُؤْثِرُ الدنيا على الآخِرةِ ولا أَبْذُلُ العلْمَ لنَيْلِ المآرِبِ الدُّنيويَّةِ . فرَحِمَه اللهُ تَعَالَى رَحمةً واسعةً آمِينَ .هنا
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : مفرغ
القارئ :
الأمر السادس: القناعة والزهادة
التَّحَلِّي بالقَناعةِ والزَّهادةِ ، وحقيقةُ الزهْدِ : الزهْدُ بالحرامِ والابتعادُ عن حِمَاهُ ، بالكَفِّ عن الْمُشتَبِهَاتِ وعن التَّطَلُّعِ إلى ما في أيدي الناسِ
الشيخ :
التحلي بالقناعة من أهم خصال طالب العلم يعني أن يقتنع بما أتاه الله عزوجل ولايطلب أن يكون في مصاف الأغنياء والمترفين، لأن بعض طلبة العلم وغيرهم تجده يريد أن يكون في مصاف الأغنياء والمترفين فيتكلف النفقات في المأكل والمشرب والملبس والمفرش ثم يثقل كاهله بالديون وهذا خطأ بل عليك بالقناعة فإنها خير زاد للمسلم .
وأما الزهادة فيقول حقيقة الزهد : الزهد بالحرام والابتعاد عن حماه بالكف عن المشتبهات وكأنه أراد بالزهد هنا الورع لأن هناك ورعًا وزهدًا، والزهد أعلى مقامًا من الورع لأن الورع ترك ما يضر في الآخرة والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، وبينهما فرق الفرق الذي بينهما المرتبة التي ليس فيها ضرر وليس فيها نفع فالورِع لا يتحاشاها والزاهد يتحاشاها ويتركها لأنه لا يريد إلا ما ينفعه في الآخرة.

وقفة :
لابد للمسلم في هذه الحياة من وقفات يقفها مع نفسه ، يعيد فيها تقويم أمورَهُ ، ويتفكر في مصيره ، ويصحح بها مسارَهُ ، فقطار الحياة يمضي بنا شئنا أم أبينا ، ولابد من وقت نتركه فيه كما تركه مَن سَبَقَنَا .

لقد سبقنا إلى القبور أُناسٌ كثيرون ، لهم أحلام وطموحات مثلنا ، يُمْسون ويصبحون عليها ، وفجأة جاءهم ملك الموت ، في هذه اللحظات العصيبة ، انكشفت لهم حقيقة الوجود في الدنيا ، وأنها مرحلة من رحلة طويلة . رحلة العودة إلى الله . وتمنوا في هذه اللحظات أن ينصرف عنهم ملك الموت ولو للحظة يصلحون فيها ما أفسدوا .
قال تعالى " حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" سورة المؤمنون / آية : 99 ، 100 .
فإذا كان هذا هو حال الكثير ممن سبقنا إلى لقاء الموت فلماذا لا نعتبر بهم حتى لا نقع فيما وقعوا فيه ؟
إن من فضل الله علينا أننا مازلنا في الأمنية التي يتمناها هؤلاء في العودة إلى الدنيا .فهل لنا أن نفعل ما يتمنون فعله لو كانوا مكاننا ؟ !
هل لنا أن نبدأ في تصحيح المسار ، ووضع الدنيا في حجمها الصحيح ، والزهد فيها ، والتعامل معها على أنها مزرعة للآخرة ؟ !
ولنحذر من حب الدنيا والحرص عليها فحب الدنيا هو الذي عَمَّرَ النار بأهلها ، والزهد في الدنيا هو الذي عَمَّرَ الجنة بأهلها .
ومما يعين على الزهد فيها ، والعمل للآخرة :
ذكر الموت ، وكفى بالموت واعظًا .
"الرِّزقُ أشدُّ طلبًا للعبدِ من أجَلِه"الراوي : أبو الدرداء - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع -الصفحة أو الرقم 3551: - خلاصة حكم المحدث : حسن = الدرر =
الموت جلاء للقلب حديث ضعيف:
إنَّ هذِهِ القلوبَ تَصدأُ كما يَصدأُ الحديدُ إذا أصابَهُ الماءُ. قيلَ وما جِلاؤُها؟ قالَ: كثرةُ ذِكْرِ الموتِ وتلاوةِ القرآنِ
الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني - المصدر : السلسلة الضعيفة -الصفحة أو الرقم-  6096  خلاصة حكم المحدث : منكر = الدرر =
فلنتدبر أحوال الميت بعد نزع روحه ، وقد تصلبت أطرافه ، وشخص بصره ، واستسلم جسدُه ليد المُغَسِّل ، فلا كلام ، ولا حِراك ، ولا اعتراض ، وبعد تكفينه يُحمل على الأكتاف فيصلى عليه ، ثم يوضع في حفرة ضيقة من الأرض ، ويُهَال عليه التراب ، فلا منفذ يبقى للهواء ولا للضياء ، ثم بعد فترة يتحلل اللحم ويتساقط من فوق العظام ، وشيئًا فشيئًا تتحول العظام إلى تراب .
والله أعلم بحاله أمُنَعَّم أم غير ذلك ؟ !
لا فرق في هذا بين الجميل والدميم ، والشاب والهرم ، والغني والفقير .
فهي رحلة بدايتها هذه الحياة ثم الموت والقبر والنشور ؛ثم الجنة أو النار .
فالدنيا دار امتحان ، ونهاية الامتحان هي اللحظة التي قدرها الله لنهاية حياة العبد ، فيأتي ملك الموت ومن ورائه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ..... يأتي ملك الموت لنزع الروح وإنهاء الوجود في دار الامتحان ؛ في هذه اللحظات يرى العبد الملائكة لأول مرة في حياته ؛يُرْفع الستار بين عالَمِ الغيبِ وعَالَمِ الشهادةِ وتنكشفُ الحقيقةُ :
قال تعالى " لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ " . سورة ق / آية : 22 .
"إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ" فصلت 30 .
القارئ :
ويُؤْثَرُ عن الإمامِ الشافعيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى : لو أَوْصَى إنسانٌ لأَعْقَلِ الناسِ صُرِفَ إلى الزهَّادِ.
الشيخ :
الله أكبر يعني في الوصية لو قال: أوصيت لأعقل الناس، يصرف إلى من؟ إلى الزهاد لأن الزهاد هم أعقل الناس حيث تجنبوا ما لا ينفعهم في الآخرة, وهذا الذي قاله رحمه الله ليس على إطلاق لأن الوصايا والأوقاف والهبات والرهون وغيرها ترجع إلى معناها في العرف فإذا كان أعقل الناس في عرفنا هم الزهاد صرف لهم وإذا كان أعقل الناس هم ذوو المروءة والوقار والكرم بالمال والنفس صرف إليهم .

22- حلية طالب العلم



المجلس الثاني والعشرون
شرح حلية طالب العلم
تابع :- 5خَفْضُ الْجَناحِ ونَبذُ الْخُيلاءِ والكِبرياءِ

المتن:فَالزَمْ رَحِمَكَ الله- اللُّصوقَ إِلى الأَرْضِ، وَالإِزْراءَ عَلى نَفْسِكَ، وَهَضْمِها، وَمُراغَمَتِها عِنْدَ الاسْتِشْرافِ لِكِبْرياءٍ أَوْ غَطْرَسَةٍ، أَوْ حُبِّ ظُهورٍ، أَوْ عُجُبٍ.. وَنَحْوِ ذلكَ مِنْ آفاتِ الْعِلْمِ الْقاتِلَةِ لَهُ، الْمُذْهِبَةِ لِهَيْبَتِهِ، الْمُطْفِئَةِ لنِورِهِ، وَكُلَّما ازْدَدَتْ عِلْمًا أَوْ رِفْعَةً في وِلايَةٍ، فَالزَمْ ذلكِ؛ تَحْرُزْ سَعادَةً عُظْمى، وَمَقامًا يُغْبِطُكَ عَلَيْهِ النّاسُ.
وعن عبد الله ابن الإمام الحجة الراوية في الكتب السنة بكر بن عبد الله المزني رحمهما الله تعالى، قال:
"
سمعت إنسانًا يحدث عن أبي، أنه كان واقفًا بعرفة، فَرَقَّ، فقال: لولا أني فيهم، لقُلتُ: قد غفر لهم"
خرجه الذهبي ، ثم قال: "قلت: كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها"اهـ.وانظر كلامًا نفيسًا لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (14/160 ..

الشيخ:
وهذه العبارات التي تطلق عن السلف، من مثل هذا يريدون به التواضع، وليسوا يريدون أنهم يُغَلِّبون جانب سوء الظن بالله عزوجل أبدًا، لكنهم إذا رأوا ما هم عليه خافوا وحذروا وجرت منهم هذه الكلمات، وإلا فإن الأولى بالإنسان أن يُحسن الظن بالله ولا سيما في هذا المقام – عرفة -.

التواضع

فما هو التواضع؟
التعريف لغة:
التواضع مأخوذ من مادة :وضع، التي تدل على الخفض للشيء وحطه، يقال: وضعته بالأرض وضعًا، ووضعت المرأة ولدها.
وأما في الاصطلاح فهو: إظهار التنزل عن المرتبة لمن يُراد تعظيمه.
وفي مدارج السالكين: 2/329: قال الجنيد بن محمد رحمه الله: "التواضع هو خفض الجناح ولين الجانب".
وفيه :2/329 : "سئل الفضيل بن عياض- رحمه الله عن التواضع؟ فقال: يخضع للحق، وينقاد له ويقبله ممن قاله، ولو سمعه من صبي قبله، ولو سمعه من أجهل الناس قبله. وقال أبو يزيد البسطامي: هو أن لا يرى لنفسه مقامًا ولا حالا، ولا يرى في الخلق شرا منه. وقال ابن عطاء: هو قبول الحق"

*الأمر به:
"ما نَقَصتْ صدقةٌ من مالٍ وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا . وما تواضَع أحدٌ للهِ إلَّا رفعه اللهُ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم 2588  -خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =
قال تعالى" وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" سبأ: 39.
أي يجعل بدله خَلَفًا.فلا تظن أنك لو أنفقت عشرة من مئة أنها تنقصه بل تزيده بركة .
*جلسَ جبريلُ إلى النبيِّ فَنظرَ إلى السَّماءِ ، فإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ ، فقال لهُ جبريلُ : هذا المَلَكُ ما نزلَ مُنْذُ خُلِقَ قبلَ هذه السَّاعَةِ ، فلمَّا نزلَ قال : يا محمدُ ! أَرْسَلَنِي إليكَ رَبُّكَ ؛ أَمَلَكًا جعلكَ ، أَمْ عبدًا رَسُولًا ؟ قال لهُ جبريلُ : تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يا محمدُ ! فقال رسولُ اللهِ : لا بَلْ عبدًا رَسُولًا .الراوي : أبو هريرة -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم  3280:  - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =
 
"ما من آدميٍّ إلا في رأسِه حَكَمَةٌ بيدِ مَلَكٍ ، فإذا تواضَع قِيلَ للملَكِ ارْفَعْ حَكَمَتَه ، وإذا تكبَّر قيل للملَكِ : ضَعْ حَكَمَتَه .
الراوي : عبدالله بن عباس -المحدث : الألباني - المصدر : صحيح -الترغيب - الصفحة أو الرقم-  2895  :خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره =الدرر=
الحدث كناية عن التواضع .

َقَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ : الْحَكَمَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْكَافِ هِيَ مَا يُجْعَلُ فِي رَأْسِ الدَّابَّةِ كَاللِّجَامِ وَنَحْوِهِ . الآداب الشرعية

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب/محمد بن أحمد بن سالم السفاريني = هنا =

" إلا في رأسِه حَكَمَةٌ" وهي: ما يُجْعَل تحت حنكِ الدابةِ يمنعُها المخالفة كاللجام، والحنك متصل بالرأس " حَكَمَةٌ بيدِ مَلَكٍ" موكل به " فإذا تواضَع" للحق والخلق " قِيلَ للملَكِ ارْفَعْ حَكَمَتَه" من قبل اللّه تعالى " ارْفَعْ حَكَمَتَه" " أي قدره ومنزلته، يقال: فلان عالي الحَكَمَة، فرفعها كناية عن الإعزاز "، وإذا تكبَّر قيل للملَكِ : ضَعْ حَكَمَتَه" كناية عن إذلاله، فإن من صفة الذليل تنكيس رأسه، فثمرة التكبر في الدنيا الذِّلة بين عبادِ اللّهِ، وفي الآخرةِ نار الإيثار، وهي عصارة أهل النار كما جاء في بعض الأخبار.

"لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ"  الحجر :88  .هنا  

فالتّواضع كان خُلُقًا مُلازمًا لرسول الله صلى الله عليه وسَلَم،وهو من الأخلاق التي ينبغي على المسلم أن يتحلى بها و يحرص عليها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم كي ينال خيريِّ الدنيا والآخرة.

*أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ رجلٌ ، فَكَلَّمَهُ ، فجَعلَ ترعدُ فرائصُهُ ، فقالَ لَهُ " هوِّن عليكَ ، فإنِّي لستُ بملِكٍ ، إنَّما أَنا ابنُ امرأةٍ تأكُلُ القَديدَ"الراوي : عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم-  2693  خلاصة حكم المحدث : صحيحالدرر =

ـ والقديد هو اللحم المجفف - وهذا من تمام تواضعه صلى الله عليه وسلم حيث بين له أنه ليس بملِك، وذكر له ما كانت تأكله أمه لبيان أنه رجل منهم ، وليس بمتجبر يُخاف منه.

"تأكُلُ القَديدَ"، أنَّهم لم يَكُنْ عندهم درَجةُ الرَّفاهيةِ الَّتي تكونُ في أبناءِ المُلوكِ؛ فربَّما أكلوا اللَّحمَ المخزَّنَ مِن ذَبائحِهم وليس الطَّازَجَ.
*عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ»
حكم الألبانى : صحيح ابن ماجه: 4214 // صحيح الجامع :1725 ، الصحيحة :570
 / هنا  //
كان عليه الصلاة والسلام إذا مرَّ على الصبيان والصغار سلَّمَ عليهم، وداعبهم بكلمة طيبة، أو لاطفهم بلمسة حانية .
*قالَ ثابتٌ: كُنتُ معَ أنسٍ، فمرَّ على صبيانٍ فسلَّمَ عليهم، وقالَ أنسٌ: كنتُ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فمرَّ على صبيانٍ فسلَّمَ علَيهِم"الراوي : أنس بن مالك- المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم-  2696  خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =
فالتواضع كان سمة  ملازمة له صلى الله عليه وسلم في حياتهِ كلِّها ، في ركوبِهِ وفي أكلِهِ وفي شأنِهِ كلِّهِ،
"آكُلُ كما يأكلُ العبدُ ، وأجلِسُ كما يجلِسُ العبدُ"الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع -الصفحة أو الرقم  7 -خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =
وفي ركوبه :يركب ما يركب عامة الناس ، فركبَ البعير والحمار والبغلة والفرس  .
كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يركبُ الحمارَ ويلبسُ الصُّوفَ ويعتقلُ الشاةَ ويأتي مُراعاةَ الضَّيفِ
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس - المحدث : الألباني - المصدر : السلسلة الصحيحة على شرط الشيخين
وهكذا الأنبياء:
"صلَّى في مسجدِ الخَيْفِ سَبعونَ نبيًّا منهُم موسَى ، كأنِّي أنظرُ إليه وعليهِ عباءتانِ قَطوانِيَّتانِ وهوَ مُحرِمٌ ، على بعيرٍ من إبلِ شَنوءَةَ مَخطومٍ بخطامِ ليفٍ ، لهُ ضَفيرَتانِ" .الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب -الصفحة أو الرقم  1127  -خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره = الدرر=
" مسجدِ الخَيْفِ "  هو مسجد منى، سُمِّي بذلك لأنّه في سفح جبلها، والخيف هو ما ارتفع عن مجرى السّيل وانحدر.
" قَطَوَانِيَّتَانِ" نسبةً إلى قطوان - بفتح القاف والطاء المهملة جميعًا -، وهو موضع بالكوفة تنسب إليه العُبِيّ والأكسية، كما قال الإمام المنذريّ رحمه الله.
- شَنُوءَةٍ: قبيلة مِن اليَمن، وهم بنو كعب بن الحارث ينتهون إلى الأزد.
قال المناوي في " فيض القدير "" والشنوءة -بفتح الشين-: التّباعد من الأدناس، لُقِّب به حيّ من اليمن لطهارة نسبهم وحسن سيرتهم ".
والشّاهد من هذا الحديث بيان تواضع الأنبياء في الحجّ، وذلك من وجوه:
- أنّ موسى عليه السّلام ما حجّ على فرس، ولا على محمل أو هودج.
- أنّه حجّ وعليه عباءتان ممّا يلبسه سائر النّاس.
- وكان بعيره مخطومًا بخطام من ليف، وليس من جلد كما هو حال أهل التّرف.
والخِطام يوضع في : أنف البعير ، لينقاد إلى صاحبه، لذلك يسمّى أنِفًا، كما في الحديث الّذي رواه ابن ماجه عن العرباضِ بن سارية رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال" فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ" . هنا   .
-كان صلى الله عليه وسلم : يعود المريض ويشهد الجنازة
-ومن تواضعه أنه كان يشارك في خدمة أهله في البيت :
"سأَلْتُ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها : ما كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يصنعُ في البيتِ ؟ قالتْ : كان يكونُ في مهنةِ أهلهِ ، فإذا سمِعَ الآذانَ خرجَ" .الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم- 5363 : خلاصة حكم المحدث : صحيحالدرر =