الجمعة، 19 يوليو 2019

23-- شرح أصول السنة للإمام أحمد


قتال اللصوص والخوارج




وقتال اللصوص والخوارج جائز إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله، فله أن يقاتل عن نفسه وماله ويدفع عنها بكل ما يقدر، وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم، ولا يتبع آثارهم ليس لأحد إلا الإمام أو ولاة المسلمين إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك وينوي بجهده أن لا يقتل أحدا، فإن مات على يديه في دفعه عن نفسه في المعركة فأبعد الله المقتول، وإن قتل هذا في تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله رجوت له الشهادة، كما جاء في الأحاديث وجميع الآثار في هذا إنما أمر بقتاله، ولم يؤمر بقتله ولا اتباعه، ولا يُجهِز عليه إن صرع أو كان جريحا، وإن أخذه أسيرا فليس له أن يقتله ولا يقيم عليه الحد، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله فيحكم فيه.




نعم هذا من عقيدة أهل السنة في قتال اللصوص والخوارج، إذا جاء لص شخصا في بيته أو في غيره يريد أن يأخذ ماله، أو كذلك بعض الخوارج اللي يخالفون الرأي، الخوارج يكفر بالمعاصي تراه، ماذا يفعل، صال عليه، صال عليه لص أو خارجيّ في بيته أو في مكان، هل يستسلم أو يدافع عن نفسه؟ يدافع، يدافع عن نفسه، لك أن تدافع عن نفسك، فإذا عرض اللصوص للشخص، وأرادوا نفسه أو أرادوا ماله أو أهله فله أن يدافع عنهم، فله أن يدافع عن نفسه، ويدافع، عن أهله.

إذا صال عليه لص أو خارجي يريد ماله يأخذ ماله، أو يريد نفسه، أو يريد أهله هل يستسلم أو يدافع؟ يدافع عن نفسه، له أن يدافع عن نفسه، ولكن يدفع هذا اللص أو الخارجي بالأسهل فالأسهل، إذا اندفع بالضرب فلا يقتله، يضربه حتى يندفع إذا اندفع أو يكسر يده أو يقطع يده، ولا يقتله، إذا لا يندفع إلا بقطع اليد أو الكسر، فله إذا اندفع بالضرب بالعصا فلا يضربه بالسيف ولا بالسلاح، وإذا لم يندفع فله أن يدفع بالأخف فالأخف، ولا ينوي قتله، فهو يدافع بالأسهل فالأسهل.

وإذا هرب فليس له أن يطلبه، يلحقه ويقاتله ويطلق عليه النار، ما دام هرب اتركه، إذا هرب خرج من البيت أو من المكان أو فارق المكان وسلمت من شره اتركه، لا تطلبه، ولا تتبع أثره، إنما الذي يلحقه ويتبع أثره الولاة ولي الأمر، الإمام، الشرطة، هم الذي يلحقونه حتى يؤدب ويقام عليه الحد أو التعزير هذا لولاة الأمور، أما أنت فليس لك أن تلحقه ثم تأخذه وتؤدبه وتضربه أو تطلق عليه النار، لا، أنت لست سلطة إنما موقفك موقف المدافع عن نفسه، تدافع عن نفسك، فإذا سلمت من شره فاتركه، لكن لا مانع أن تبلغ، تبلغ ولاة الأمور وتبلغ الشرطة، حتى يؤخذ لا بأس، لكن أنت بنفسك لا تتبعه ولا تقاتله، ولا تقتله، ولا تقم عليه الحد، إنما يقيم ولاة الأمور.

وتنوي في نفسك أنك تدافع، تدفع عن نفسك الشر، ولا تنوي أنك تقتله أو تريد قتله، لا.

فإن لم يندفع إلا بالقتل إما أن يقتلك أو تقتله، فلك قتله في هذه الحالة للضرورة، لا تستسلم للقتل، فإن قتلته يقول الإمام: أبعده الله، وإن قتلك أنت فأنت شهيد، ولهذا قال: إذا قتلك وأنت تدافع عن نفسك، قال الإمام: رجوت له الشهادة، كما جاء في الأحاديث وجميع الآثار في هذا إنما أُمِر بقتاله، أنت مأمور بقتاله لا بقتله واتباعه، فرق بين الأمرين، بين القتل والقتال، أنت مأمور بقتاله ولم تؤمر بقتله، القتال دفاع عن النفس، قاتلك تقاتله تدفع عن نفسك، ولست مأمورا بقتله تطلق عليه النار وتقتله في الحال، لا، أنت لست مأموراًَ بقتله ولكنك مأمورا بقتاله دفاعا عن النفس، ولست مأمورا باتباعه واللحق، وطلبه إذا هرب أو فارقك.

كما أنه يقول: ليس لك أن تجهز عليه إذا مات صريعا أو جريحا، إذا سقط، بعض الناس إذا سقط قال الحمد لله سقط، لا يأتي ويقتله يكمله، لا، إذا سقط صريعا ليس لك أن تقتله، سلمت من شره، الآن يسلم، يسلم لولاة الأمور أو يسلم للشرطة، ليس لك أن تقتله إذا سقط جريحا أو صريعا، وإن أخذته أسيرا أيضا ليس لك أن تقتله.

وليس لك أن تقيم عليه الحد بعض الناس يكون أقوى منه أخذ السارق ثم أوثقه بالوثاق، ربط يديه ورجليه، وقال الحمد الآن ثم يقتله، أو يقطع يده لأنه سارق، لا أنت ليس لك أن تقطع يده ولا أن تقتله، وإنما تسلمه لولاة الأمور، ولا تقم عليه الحد؛ لأن إقامة الحد هذا من شأن ولاة الأمور، ولكن ترفع أمره إلى ولاة الأمور.

والدليل على هذا الأحاديث، ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « من قتل دون ماله فهو شهيد »(1) وفي لفظ: « من قتل دون نفسه فهو شهيد، من قتل دون أهله فهو شهيد »(2) من ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار، قال: هو في النار، وكذلك حديث عبد الله بن عمرو الذي رواه الإمام مسلم: « من قتل دون ماله فهو شهيد »(1) وفي اللفظ الآخر: « من قتل دون أهله فهو شهيد، من قتل دون ماله فهو شهيد، من قتل دون نفسه فهو شهيد »(3) .

إذا أنت مأمورٌ بالدفاع عن نفسك، لكن لا تنوي قتله، وإنما تدفع بالأسهل فالأسهل، ولا تجهز عليه إذا سقط صريعا أو جريحا، وإن أخذته أسيرا فلا تقتله ولا تقم عليه الحد، ولكن تسلمه إلى ولاة الأمور، وإن هرب فلا تتبعه.

أيضا من كلام الإمام أحمد -رحمه الله- ما رواه الخلال في كتاب السنة، قال: أخبرني عبد الملك الميموني أنه قال لأبي عبد الله يعني الإمام أحمد: هل علمت أحدا ترك قتال اللصوص تأثما؟ يعني خشية الإثم، قال: لا، قلت: قوم يقولون: إن لقيتهم فقاتلهم، لا تضربه بالسيف وأنت تريد قتله، قال: إنما أضربه لأمنع نفسي ومالي منه، فإن أصيب فسح+، أو فسال دمه، قلت: نعم يا أبا عبد الله أعلم أني أضربه بالسيف، ولست آلو قطع يده ورجله، وأشاغله عني بكل ما أمكن، قال: نعم، وقد كنت قلت له: في أن يخرج عليه؟ قال: وهو يدعوك حتى تخرج عليهم، هم أخبث من ذلك، ورأيته يعجب ممن يقول: أقاتله وأمنعه وأنا لا أريد نفسه، أي فهذا مما لا ينبغي أن يشغل به القلب، له قتاله ودفعه عن نفسه بكل ما أمكنه أصاب نفسه أو بقيت.

كذلك أيضا روي بسند صحيح عن الإمام أحمد، قال: أرى قتال اللصوص إذا أرادوا مالك ونفسك، فأما أن تذهب إليهم أو تتبعهم إذا ولوا فلا يجوز لك قتالهم، فالمقصود أن قتال اللصوص وقتال الخوارج، إنما يقاتلهم الإنسان قتال دفاع، ويدفعهم بالأسهل فالأسهل، فإن اندفعوا بالضرب فلا يستعمل السلاح، وهكذا، وإذا اضطر إلى السلاح فيشغله بنفسه، يعني يضربه بشيء يؤثر على بعض أعضائه حتى يشتغل بنفسه عنه عن قتل نفس، لا يقتل نفسه يصيب يده أو رجله حتى يشغله، نعم. 









 









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق