الجمعة، 19 يوليو 2019

20-- شرح أصول السنة للإمام أحمد

السمع والطاعة للأئمة

والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين والغزو ماضٍ مع الأميرِ إلى يوم القيامة البرِ والفاجرِ لا يترك، وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض ليس لأحدٍ أن يطعن عليهم ولا ينازعهم، ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة من دفعها إليهم أجزأت عنه برا كان أو فاجرا.

نعم هذا البحث، بحث الأئمة وولاة الأمور، يقول المؤلف رحمه الله: والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومن ولي الخلافة، + ومَن عندِك ولا ممن ولي الخلافة، ومَن ولي الخلافة طيب لا بأس.
والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، يعني من عقيدة أهل السنة والجماعة ومن أصول الدين، وأصول السنة السمع والطاعة للأئمة، للأئمة وولاة الأمور، وأمير المؤمنين البر والفاجر، هذه عقيدة أهل السنة أنهم يسمعون ويطيعون للإمام، وأمير المؤمنين سواء كان برا أو فاجرا ولا يخرجون عليه.
من هو الذي يؤمروه، مين؟ بين قال: ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين هذا هو ولي الأمر، إذا من عقيدة أهل السنة وأصول السنة السمع والطاعة للأئمة وولاة الأمور، أبرارا كانوا أو فجارا، إمام المسلمين يجب السمع له والطاعة، برا كان أو فاجرا.
متى تكون له الولاية، حتى يكون إمام المؤمنين، متى تثبت الولاية له؟ تثبت الولاية بواحدة من ثلاثة أمور، تثبت الولاية والإمامة بثلاثة أمور:
الأمر الأول: الانتخاب من أهل الحل والعقد، الانتخاب والاختيار، إذا انتخبه واختاره أهل الحل والعقد ثبتت له الخلافة والإمامة.
الثاني: أن يعهد إليه الخليفة السابق بولاية العهد، يعهد إليه ثم تنتقل الخلافة إلى ولي العهد، فتثبت له الخلافة بولاية العهد.
الأمر الثالث: أن يغلبهم بسيفه وقوته وسلطانه، حتى يستتب له الأمر وتثبت له الخلافة بالقوة والغلبة، واضح هذا؟ تحصل الولاية بواحد من ثلاثة أمور:
الاختيار والانتخاب من قبل أهل الحل والعقد، هذا إذا كان الاختيار والانتخاب لهم، لا ما في شورى انتخاب واختيار، اختيار يجتمع أهل الحل والعقد ويختارون واحدا ويختارون من هو أيش؟ من يصلح للإمامة.
والأمر الثاني: اللي تثبت به الخلافة، ولاية العهد من الخليفة السابقة يعهد إليه.
الأمر الثالث: القوة والغلبة، يغلبهم بسيفه وسلطانه حتى يستتب له الأمر، فتثبت له الخلافة، والاختيار والانتخاب، الاختيار والانتخاب متى يكون هذا؟ إذا كان الأمر للمسلمين.
والانتخاب والاختيار ما حصل إلا للخلفاء الراشدين، ومن عهد الخلفاء الراشدين إلى الآن ما حصل اختيار، أبو بكر الصديق ثبت له الخلافة بأي شيء؟ بالاختيار والانتخاب، اختاره أهل الحل والعقد على الصحيح، قال بعض العلماء: ثبت له الخلافة بالنص من النبي صلى الله عليه وسلم، والذين قالوا بالنص قالوا: ثبت له الخلافة بالنص الجلي، وقال قوم: بالنص الخفي؟
والصواب أنه ثبتت له الخلافة بالاختيار والانتخاب، لما اجتمع الأصحاب في سقيفة بني ساعد جاءهم عمر وعثمان وأبو عبيدة، تكلم عمر، وقال: اختاروا رضيت لكم، قال: أبو بكر اختاروا أحد الرجلين إما عمر وإما أبو عبيدة فقال عمر فقال: أرضيك الرسول -صلى الله عليه وسلم- لدينه أفلا نرضاك لدنيانا، فبايعه وبايعه الناس، ولو كان هناك نص ما حصل خلاف بين الصحابة، ولا اجتمعوا، يعني كان ذكر عمر النص وأبو عبيدة، ما في نص.
وأما ما ذكر من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للمرأة التي قالت أين أجدك متى إن لم أجدك؟ ائتي أبا بكر، كون النبي -صلى الله عليه وسلم- قدمه يصلي بالناس، والمنامات، قوله: "لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا" هذه ليست نص وإنما هي إرشاد، إرشاد من النبي -صلى الله عليه وسلم- لاختياره وانتخابه، تقديمه للصلاة كان إرشادا، هذا هو الصواب، إذًا ثبتت الخلافة للصديق بأي شيء؟ بالاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقد.
ولا يشترط كل واحد يبايع، لا، يكفي العلماء والأعيان والوجهاء ورؤساء القبائل يكفي، والباقي تبعٌ له ما يشترط كل واحد يبايع، أهل الحل والعقد، أما الانتخابات التي تسمعونها الآن اللي هو بالأصوات والاختيارات هذه غير شرعية، بالأصوات يختارون، والأصوات أصوات من؟ أصوات العقلاء والمجانين والنساء والصبيان، كلها أصوات، كل هذه مقبولة عندهم حتى المجانين المجنون يصير له صوت، أو طفل أو امرأة أو معتوه ما في مانع عندهم، أصوات هذه ليست شرعية.
الاختيار والانتخاب إنما هو من أهل الحل والعقد العقلاء والوجهاء ورؤساء القبائل والعلماء هؤلاء هم أهل الحل والعقد، واللي يختارون هم الذين يبايعون والباقي تبعٌ لهم.
ثبتت الخلافة بالاختيار والانتخاب لمن؟ للصديق، وثبتت الخلافة بالاختيار والانتخاب لعثمان -رضي الله عنه- وثبتت الخلافة لعلي بايعه أكثر أهل الحل والعقد، وامتنع معاوية وأهل الشام، لا طلبا للخلافة وإنما مطالبة بدم عثمان، وإلا فإن معاوية لا يطالب بالخلافة، ولا يقول: إنه أولى بالخلافة من علي، وهو موافق، امتنعوا للمطالبة بدم عثمان، ولهذا ثبت له الخلافة.
أما عمر ثبت له الخلافة بولاية العهد من الصديق، ثبت له الخلافة بولاية العهد من الصديق، ولم تثبت الخلافة بعد ذلك من عهد الخلفاء الراشدين إلى اليوم إلا بأحد أمرين: إما بولاية العهد، وإما بالقوة والغلبة إلى الآن.
وإذا كان الاختيار والانتخاب للمسلمين، فلا بد أن تتوفر الشروط في الخليفة الذي يختار، من الشروط أن يكون قرشيا، من قريش، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « الأئمة من قريش »(1) ولقوله -صلى الله عليه وسلم- كما ثبت في الصحيحين: « لا يزال هذا الأمر -يعني في قريش- ما بقي منهم اثنان »(2) ثم قيدها فقال: ما أقاموا الدين، الشرط أن يقيموا الدين.
أما إذا لم يوجد من قريش من يقيم الدين يختار من غيره، لا بد أن يكون فيه يعني الشروط التي من الشروط أن يكون قرشيا، ومن الشروط أن يكون يقيم الدين، يعني معروف الشروط: أن يكون مسلما، وأن يكون قرشيا، وأن يقيم الدين، وفيه الصفات التي تؤهله، هذا إذا كان الاختيار هو اختيار المسلمين، يختارونه؛ ولذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي كلهم من قريش، وكذلك معاوية، والدولة الأموية والعباسية.
بعد ذلك بعد الخلفاء الراشدين صار الولاية تثبت بأحد أمرين: إما بولاية العهد وإما بالقوة والغلبة، وإذا غلب الناس في قوته وسيفه وسلطانه ثبت له الخلافة، ولو لم يكن من قريش، والدليل على هذا الأحاديث الصحيحة، حديث أبي ذر، قال: « أمرني خليلي أن أسمع وأطيع ولو كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف »(3) وفي لفظ: « ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة »(4) الحبشي ما هو من قريش، ولو حبشي، واضح هذا؟ إذا هذه عقيدة أهل السنة والجماعة.
تثبت الخلافة بواحد من أيش؟ من ثلاثة أمور:
إما بالاختيار والانتخاب من قبل أهل الحل والعقد، وفي هذه الحالة يختار من قريش من توافرت فيه الشروط، فإن لم يجد من قريش يختار من غيرهم، وبشرط أن يقيموا الدين لقوله: « ما يزال هذا الأمر في هذا الحي ما بقي منهم اثنان ما أقاموا الدين »(5) كما في الصحيحين.
الثاني: ولاية العهد من الخليفة السابق.
الثالث: القوة والغلبة.
وحينئذ إذا ثبت له الخلافة وجب له السمع والطاعة، وجب له السمع والطاعة، في أي شيء السمع والطاعة له؟ في طاعة الله، لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾(6) قال العلماء: أعاد الفعل في قوله وأطيعوا الرسول ولم يعد مع أولي الأمر؛ لأن طاعة الرسول من طاعة الله، وهو لا يأمر إلا بطاعة الله.
أما أولي الأمر قال: وأولي الأمر منكم، فدل على أن طاعة أولي الأمر إنما تكون في طاعة الله، يطاع ولي الأمر في طاعة الله، ويطاع في الأمور المباحة، أما المعصية فلا يطاع، فلا يطاع أحدٌ في المعاصي؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي ذر: « اسمع وأطع، وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف، اسمع وأطع ولو ضرب ظهرك، وأخذ مالك »(7) هذا يقيد بأي شيء؟ يقيد بالنصوص الأخرى النصوص يضم بعضها إلى بعض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق »(8) وقال: « إنما الطاعة في المعروف »(9) فولاة الأمور إنما يطاعون في طاعة الله، وفي الأمور المباحة.
أما المعاصي فلا يطاع فيها ولي الأمر، ولكن ليس معنى ذلك أن الإنسان يتمرد على ولي الأمر ويخرج لا، لا يطيعه في خصوص المعصية، خصوص المعصية ما يطاع فيها أحد، ولي الأمر ما يطاع في المعصية، قال اشرب الخمر لا تطعه، قال لك تعامل بالربا لا تطعه، قال لك اقتل فلان بغير حق لا تطعه، لكن ليس معنى ذلك أنك تتمرد عليه وتخرج وتنقض بيعته وتؤلب الناس عليه لا، لا تطعه في خصوص المعصية وتطعه فيما عدا ذلك، واضح هذا؟
أمير الجيش لا يطاع في المعصية، أمير السرية لا يطاع في المعصية، الأب إذا أمر ابنه بالمعصية لا يطيعه، أب قال لولده اشتر دخانا أو خمرا ما يطيعه، الزوجة لا تطيع زوجها في المعصية إذا أمرها زوجها، العبد إذا أمره سيده بالمعصية لا يطيعه، عام، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن ليس معنى ذلك أن العبد يتمرد على سيده، لا يطيعه بخصوص المعصية.
والزوجة ما تتمرد على زوجها لا تطيعه في خصوص المعصية، والابن ما يتمرد على أبيه، لكن لا يطيعه في خصوص المعصية، ولا الرعية لا تتمرد على الأمير ولا على ولي الأمر، لكن لا يطيعه في خصوص المعصية، ومع ذلك لا بد من التلطف والخطاب اللين، يعني يخاطب الأمير بما يليق به يقول يا فلان هذا لا يجوز، يخاطب: هذا محرم، هذا كذا، يخاطب باللين والرفق، والخطاب المناسب لولاة الأمور، يبين لهم، تكون المناصحة من قبل أهل الحل والعقد، ومن قبل أهل العلم.
كذلك الأب يصحب ابنه يقول يا أبي أنا لا يجوز لي أن أرتكب معصية هذا محرم، هذا لا يجوز لي، هذا علي إثم في هذا وعليك ولا يجوز، والزوجة كذلك، تتلطف مع زوجها تقول أنا لا أطيعك في المعصية، هذا محرم، والعبد كذلك يتلطف مع سيده، نعم، ولو أيش؟ ما فهمت كلامك، تكلم، ارفع صوتك، تكلم.
فإذا السمع، قول المؤلف رحمه الله: والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، يعني سواء كان أمير المؤمنين برا أو فاجرا، سواء إذا تثبت له الإمامة، ولو كان فاجرا، الفاجر يعني العاصي، ولو كان يعمل بعض الكبائر يعمل بعض المعاصي، تثبت له الولاية، واضح هذا، والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين هذا هو الخليفة إذا ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به بالاختيار والانتخاب أو بولاية العهد من الخليفة السابق، أو غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين وجب السمع له والطاعة.
والغزو ماضٍ مع الأميرِ إلى يوم القيامة البرِ والفاجرِ، يعني أمير المؤمنين، يعني ولي الأمر والخليفة والملك ورئيس الدولة ورئيس الجمهورية، هو ولي الأمر، الغزو معه ماض، يعني غزو الكفار، غزو الكفار يكون مع الأمير، ولو كان فاجرا ولو عنده بعض المعاصي، ما يضر، وكذلك أمير الجيش، ولو كان عنده بعض المعاصي؛ لأن بعض المعاصي تخصه، والغزو هذه مصلحة للإسلام والمسلمين نجاهد معه ونقاتل ونقيم الجهاد، يقاتَل الكفار مع الأمير ولو كان فاجرا.
وقسمة الفيء كذلك، الفيء المال الذي يتركه الكفار من دون حرب، والغنيمة المال الذي يأخذونه بعد الحرب، كل هذا يقسمه من؟ هو ولي الأمر، وإقامة الحدود، إقامة الحدود إلى الأئمة ماض ليس لأحدٍ أن يطعن فيهم ولا ينازعهم، إقامة الحدود: حد الزاني، حد السارق، تقطع يده، شارب الخمر، من بدل دينه يقتل، من الذي يقيم الحدود؟ ولي الأمر، ولي الأمر يقيم القضاة ورجال الحسبة، رجال الهيئة ورجال الحسبة يؤدبون والقضاة يقيمون الحدود، فهذه كلها يسمع، الرعية يسمعون ويطيعون لولي الأمر في قسمة الفيء، وفي إقامة الحدود، ليس لأحد أن يطعن فيهم ولا ينازعهم.
ودفع الصدقات إليهم جائزة نافعة، الصدقات الزكاة، يعني المراد بالصدقات، الصدقات الفريضة إنما الصدقات، فإذا طلب ولي الأمر الزكاة تدفعها إليه، وحينئذ تبرأ ذمتك، ولهذا قال المؤلف: ودفع الصدقات إليهم جائزة نافعة، يعني صحيحة، من دفعها إليهم أجزأت عنه برا كان أو فاجرا، برا من هو؟ الأمير يعني الأمير والإمام، سواء كان برا أو فاجرا.
الفاجر العاصي المرتكب للكبيرة، تثبت له الولاية، تبقى الإمامة، ما دام أنه لم يفعل كفرا صريحا فالإمامة باقية، ولو كان عاصيا ولو كان فاجرا تبقى الإمامة له يجاهد الناس معه ويحجون معه، كما قال الغزو والحج، يقيم للناس الحج ويقيم للناس الجهاد، ويقسم الفيء، ويقيم الحدود وتدفع إليه الزكوات ولا يجوز الخروج عليه، هذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة، نعم.


(1) أحمد (3/129).
(2) البخاري : المناقب (3501) , ومسلم : الإمارة (1820) , وأحمد (2/29).
(3) مسلم : الإمارة (1837) , وابن ماجه : الجهاد (2862) , وأحمد (5/171).
(4) البخاري : الأذان (696) , وابن ماجه : الجهاد (2860) , وأحمد (3/114).
(5) البخاري : المناقب (3501) , ومسلم : الإمارة (1820) , وأحمد (2/29).
(6) سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:59
(7) مسلم : الإمارة (1837) , وابن ماجه : الجهاد (2862) , وأحمد (5/171).
(8) أحمد (1/131).
(9) البخاري : الأحكام (7145) , ومسلم : الإمارة (1840) , والنسائي : البيعة (4205) , وأبو داود : الجهاد (2625) , وأحمد (1/82).
(10) البخاري : الأحكام (7145) , ومسلم : الإمارة (1840) , والنسائي : البيعة (4205) , وأبو داود : الجهاد (2625) , وأحمد (1/82).

= هنا =

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق