الخميس، 24 أبريل 2014

هجر الترفه

المتن
10- هجر الترفه:
لا تسترسل في ( التنعم والرفاهية )، فإن البذاذة من الايمان
وخذ بوصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كتابه المشهور، وفيه
"وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا
شرح الشيخ
يقول لا تسترسل في التنعم والرفاهية
... وهذه نصيحة تقال لطالب العلم ولغيره
, لان الاسترسال في ذلك مخالف لإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم
فقد كان ينهى عن كثرة الارفاه
ويأمر بالاحتفاء أحيانا
, والانسان الذي يعتاد الرفاهية يصعب عليه معالجة الأمور
لأنه قد تأتيه الأمور على وجه لا يتمكن معه من الرفاهية ومثال ذلك:
ان النبي صلى الله عليه وسلك كان يأمر بالاحتفاء أحيانا
, بعض الناس لا يحتفون
دائما عليه جورب وخف أو نعل ولا تجده يمشي
, هذا الرجل لو عرض له عرض ٌ ما
, متر بدون تنعل500 وقيل له تمشي
لوجدت ذلك يشق عليه مشقة عظيمة
, وربما تدمى قدمه من مماسة الأرض
لكن لو عوَّد نفسه على الخشونة وترك الترفه دائما
لحصل له خير كثير
ثم إن البدن إذا لم يعتاد على مثل هذه الأمور لم يكن عنده مناعة
, فتجده يتألم من أي شئ من ذلك
, فمثلا تجد الآن أيدي العمال أقوى بكثير من أيدي طلبة العلم
لأنها اعتادت على ذلك
وكان العمال فيما سبق يتعاملون مع الطين واللبن إذا مسست أيديهم كأنما مسست حجرا من خشونتها
وربما لو أنه ضم أصابعه على يدك لآلمك كثيرا
فترفيه الإنسان نفسه كثيرا لا شك ضرر عليه كبير
قوله: البذاذة من الايمان
ما هي البذاذة ؟؟؟
عدم التنعم والترفه
, وهي ليست البذاءة
, هناك فرق بينهما
البذاءة صفة غير محمودة
أما البذاذة فهي صفة محمودة
يقول أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كتابه المشهور، وفيه
وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا
هذه الجمله تحذيرية
لأن العرب عندهم جمل تحذيرية وعندهم جمل إغرائية
.فإن وردت في مطلوب فهي إغراء
وإن وردت في محذور فهي تحذير
فلو قلت لشخص: الأسد الأسد.
هذا تحذير
وإن قلت : الغزال الغزال.
هذا إغراء
أما ( إيَّا) فهي للتحذير .
قال أبو مالك إياك والشر ونحوه ،نصب بما استجار وجر
ومعنى إياكم: احذركم .
والتنعم: الواو للعطف وقيل للمعية والمعنى :
أحذركم أن تكونوا مع التنعم
باللباس أو البدن , والمراد بذلك كثرته
لأن التنعم بما أحل الله على وجه لا إسراف فيه
من الأمور المحمودة بلا شك
ومن ترك التنعم بما أحل الله من غير سبب شرعي
هو مذموم
أما قوله زي العجم
ما هو زي العجم ؟؟؟ هو شكله
سواء كان باللحية أو شعر الرأس أو اللباس
...فإننا منهون عن زي العجم
وليس المقصود بالعجم أمة ايران
والمراد بالعجم كل ما سوى العرب فيدخل فيه الأوروبيون والشرقيون في آسيا وغيرها
لا نسبالكن المسلم من العجم التحق بالأعرابي حكما
لأنه اقتدى بمن بعث في الأميين رسولا
صلى الله عليه وسلم
تمعددوا: معد بن عدنان أعلى أشجارالرسول صلى الله عليه وسلم في النسب وهو لا شك من صميم العرب أي كأنه يقول اتركوا زي العجم وعليكم زي العرب ( معد بن عدنان )
اخشوشنوا:
هو من الخشونة التي هي ضد الليونة والتنعم
وكل هذا وصايا نافعة من عمر رضي الله عنه
, لو أن الناس عملوا بها
, سواء طلبة العلم أو غيرهم
, لكان في هذا خير كثير
لكن الآن في البلاد التي منَّ الله عليها بالأمن وطيب العيش وكثرة المال
صار الأمر بالعكس
التنعم موجود ولا يعجب الإنسان إلا أن يركب مركبا مريحا ويبني قصرا مشيدا
ولهذا كثرت الأمراض التي تترتب على عدم الحركة
وعدم القدرةكالسمنة والضغط وضيق التنفس
غيرها
تجد الشاب اذا صعد جبلا لا ينتصف الجبل إلا وقد انقطع نفسه
وانت تكون مستريح لأنك متعود على ذلك وهو لا مع أنه شاب
كذلك الأمر
زي العجم موجود يترقبون كل موضة تخرج حتى يقلدوها
, وقد أتعبت النساء رجالها تجدها تأتي الصباح بلباس نظيف ساتر
, ثم تنزل آخر النهار الى السوق فإذا بموضة جديدة
, تجدها تريد ان تشتريه مع أنه أضيق وأسوأ من الأول
, لكن هذا جديد تريد شراؤه
, خصوصا من منَّ الله عليها بالمال
فلا يهمها تشتر ما تريد
وهذا غلط
كذلك المجلات التي كثرت بين أيدي النساء تسمى البردة
تأخذها وتنظر ما فيها حتى ولو كان لا يتناسب مع اللباس الشرعي
لكنه جديد ؟ نسأل الله السلامة والهداية
المتن
وعليه، فازور عن زيف الحضارة، فإنه يؤنث الطباع، ويرخى الأعصاب، ويقيدك بخيط الأوهام، ويصل المجدون لغاياتهم وأنت لم تبرح مكانك، مشغول بالتأنق في ملبسك، وإن كان منها شيات ليست محرمة ولا مكروهة، لكن ليست سمتاً صالحاً، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على انتماء الشخص، بل تحديد له، وهل اللباس إلا وسيلة التعبير عن الذات؟!
فكن حذراً في لباسك، لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق، ولهذا قيل
الحلية في الظاهر تدل على ميل في الباطن، والناس يصنفونك من لباسك، بل إن كيفية اللبس تعطي للناظر تصنيف اللابس من:
الرصانة والتعقل
أو التمشيخ والرهبنة
.أو التصابي وحب الظهور
فخذ من اللباس ما يزينك ولا يشينك، ولا يجعل فيك مقالا لقائل، ولا لمزا للامز، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية لبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعي، كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك، بل بحسن نيتك يكون قربة، إنه وسيلة إلى هداية الخلق للحق
وفي المأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه
أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب
أي ليعظم في نفوس الناس، فيعظم في نفوسهم ما لديه من الحق
والناس - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كأسراب القطا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض
فإياك ثم إياك من لباس التصابي، أما اللباس الإفرنجي، فغير خاف عليك حكمه، وليس معنى هذا أن تأتى بلباس مشوه، لكنه الاقتصاد في اللباس برسم الشرع، تحفه بالسمت الصالح والهدي الحسن.
وتطلب دلائل ذلك في كتب السنة الرقاق، لا سيما في
للخطيبالجامع
ولا تستنكر هذه الإشارة، فما زال أهل العلم ينبهون على هذا في كتب الرقاق والآداب واللباس والله اعلم .
شرح الشيخ
هو لما ذكر
هجر الترفه ، أطنب في ذكر اللباس, وفقه الله
لأن اللباس الظاهر عنوان على اللباس الباطن
ولهذا يمر بك رجلان كلاهما عليه ثوب مثل الآخر
فتزدري أحدهما ولا تهتم بالآخر
تزدري باللباس ان يكون على غير هذا المنظر
. إما بالكيفية أو باللون أو بالخياطة أو غير ذلك
, والثاني لا ترفه به رأسا ولا ترى بلباسه بأسا
لأن لكل قالب ما يناسبه
مثلا لبس العقال
في الأصل لا بأس فيه
, وبعضهم يقول أنه العمامة العصرية
وعمامة الرسول عليه الصلاة والسلام لفافة تطوى على الرأس
لكن هذا مطوي جاهز ليس عليك إلا أن تضعه على رأسك ، عمامه ميسرة
( العقل ) بيضاء لتكون كالعمامة تماما.ولهذا كان بعض الناس فيما سبق يجعلون
وهذه العقل لا يلبسها كل الناس على حد سواء
مثلا يمر بك رجلان كلاهما يلبسان العقال أحدهما تزدريه والثاني لا تهتم به
لأن الأول لبس ما لا يلبسه مثله والثاني لبس ما يلبسه مثله ولا تهتم به
وايضا مثلا مر بك رجلان أحدهما ميكانيكي عليه بنطلون والآخر عالم أيضا عليه بنطلون في بلد لا يلبس العلماء فيه مثله تجد نفسك تزدري الثاني ولا تزدري الأول
المهم أن الشيخ وفقه الله
, يقول أن بعض الناس يكون مشغولا بالتأنق في ملابسه
, حتى وإن كانت مباحة
, فلا ينبغي أن يكون أكبر همك الهندمة والتأنق في اللباس
, كالتأنق في لبس الغترة وأجعلها مرزاب لما مرزابين أو ثلاثة ..
لا تهتم لذلك
, ولكن أيضا لا تكون بالعكس
, لا تهتم بنفسك ولا بلباسك
, وقد سبق أن التجمل باللباس مما يحبه الله عز وجل
, وهذا عمر رضي الله عنه يقول
أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب
لأنه جمال, وقول الشيخ بكر أبو زيد ,وفقه الله
وقول الشيخ محمد بكر ابو زيد
لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق
هذا أيضا صحيح ،لأن كل إنسان قد يزن من لاقاه بحسب ما عليه من اللباس
كما يزنه بالنسبة لحكاته وكلامه وأقواله
وخفته ورزانته كذلك في اللباس
والناس مجبولون على التشبه بعضهم ببعض
ولذلك إذا ظهر نوع جديد من اللباس تجد الناس يتطايرون عليه فما تلبث أن يسع الناس كلهم
ثم حذر من لباس التصابي
وهو أن يلبس الشيخ الكبير سنا ما يلبسه الصبيان
من رقيق الثياب وما أشبه ذلك فهذه من الامور التي لا ينبغي للانسان أن يمارسها
أما اللباس الإفرنجي فغير خاف عليك حكمه
ما هو حكمه ؟
التحريم
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم
لكن ما هو اللباس الافرنجي ؟؟
هو اللباس المختص بهم بحيث لا يلبسه غيرهم
وإذا رآه الرائي قال إن لابسه من الإفرنج
, وأما ما كان شائعا بين الناس
, من الإفرنج وغيرهم
, فهذا لا يكون من التشبه
لكن من جهة أخرى قد يحرم كأن يكون حريرا بالنسبة للرجال
أو قصيرا بالنسبة للنساء وما أشبه ذلك
ولما خاف الشيخ بكر ان يذهب الذهن بعيدا قال
وليس معنى هذا أن تأتي بلباس مشوه
كما بفعله بعض الناس اظهارا للزهد
.تجد ثوبه مشق ومتسخ لا يهتم به
, يقول أنا مآلي للتراب والأرض تأكل البدن
الانسان يجب ان يعتني بنفسه ولا يأتي بهزءا في حقه
لأن الانسان مأمور أن يدفع الغيبة عن نفسه
رحم الله امرئ كف الغيبة عن نفسه
*********************************************** 


خطر الرفاهية على الدين
للشيخ ابن عثيمين رحمه الله



المقطع من شرحه -رحمه الله- لرياض الصالحين (الشريط 17)


التفريغ :

ومع هذا؛ فإن الناس كلما ازادوا في الرفاهية، وكلما انفتحوا على الناس؛ انفتحت عليهم الشرور، فالرفاهية هي التي تدمر الإنسان؛ لأن الإنسان إذا نظر إلى الرفاهية وتنعيم جسده؛ غفل عن تنعيم قلبه، وصار أكبر همه أن ينعم هذا الجسد الذي مآله إلى الديدان والنتن، وهذا هو البلاء، وهذا هو الذي ضر الناس اليوم، لا تكاد تجد أحداً إلا ويقول: ما قصرنا ؟ ما سيارتنا ؟ ما فرشنا ؟ ما أكلنا ؟ حتى الذين يقرءون العلم ويدرسون العلم، بعضهم إنما يدرس لينال رتبة أو مرتبة يتوصل بها إلى نعيم الدنيا. وكأن الإنسان لم يخلق لأمر عظيم، والدنيا ونعيمها إنما هي وسيلة فقط. نسأل الله أن نستعمله وإياكم وسيلة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - ما معناه: ينبغي على الإنسان أن يستعمل المال كما يستعمل الحمار للركوب، وكما يستعمل بيت الخلاء للغائط .
فهؤلاء هم الذين يعرفون المال ويعرفون قدره، لا تجعل المال أكبر همك، اركب المال، فإن لم تركب المال ركبك المال، وصار همك هو الدنيا.

ولهذا نقول: إن الناس كلما انفتحت عليهم الدنيا، وصاروا ينظرون إليها، فإنهم يخسرون من الآخرة بقدر ما ربحوا من الدنيا، قال النبي : ( والله ما الفقر أخشى عليكم ) يعني ما أخاف عليكم الفقر، فالدنيا ستفتح ( ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوا كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتكم ) (*)، وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا الذي أهلك الناس اليوم، الذي أهلك الناس اليوم التنافس في الدنيا، وكونهم كأنهم إنما خلقوا لها لا أنها خلقت لهم، فاشتغلوا بما خلق لهم عما خلقوا له، وهذا من الانتكاس -نسأل الله العافية-.

________
(*) أخرجه البخاري ، كتاب المغازي ، باب رقم (12) حديث رقم (4015) ، ومسلم ، كتاب الزهد ، باب الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، رقم (2961) .




وذلك عند شرحه الحديث التالي
 92 ـ السادس : عن الزبير بن عدي قال : أتينا أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج . فقال : ( اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري( 
(33)  أخرجه البخاري  ، كتاب الفتن ، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه ، رقم (  
7068) . 

========


92 ـ السادس : عن الزبير بن عدي قال : أتينا أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج . فقال : ( اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري(33) .
 
(33)  أخرجه البخاري  ، كتاب الفتن ، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه ، رقم ( 7068

الشرح
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ فيما نقله عن الزبير بن عدي ؛ أنهم أتوا إلى أنس بن مالك رضي الله عنه ؛ خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان قد عمر ، وبقى إلى حوالي تسعين سنة من الهجرة النبوية ، وكان قد أدرك وقته شيء من الفتن ، فجاءوا يشكون إليه ما يجدون من الحجاج بن يوسف الثقفي ؛ أحد الأمراء لخلفاء بني أمية ، وكان معروفاً بالظلم وسفك الدماء ، وكان جباراً عنيداً والعياذ بالله .
وهو الذي حاصر مكة لقتال عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ، وجعل يرمي الكعبة بالمنجنيق ؛ حتى هدمها أو هدم شيئاً منها ، وكان قد آذى الناس ، فجاءوا يشكون إلى أنس بن مالك رضي الله عنه ، فقال لهم أنس رضي الله عنه : اصبروا ؛ أمرهم بالصبر على جور ولاة الأمور ، وذلك لأن ولاة الأمور قد يسلطون على الناس ؛ بسبب ظلم الناس ، كما قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129) .
فإذا رأيت ولاة الأمور قد ظلموا الناس في أموالهم ، أو في أبدانهم ، أو حالوا بينهم وبين الدعوة إلى الله عز وجل ، أو ما أشبه ذلك ؛ ففكر في حال الناس ؛ تجد أن البلاء أساسه من الناس ، هم الذين انحرفوا ؛ فسلط الله عليهم من سلط من ولاة الأمور ، وفي الأثر ـ وليس بحديث ـ كما تكونون يولى عليكم .

ويذكر أن بعض خلفاء بني أمية ـ وأظنه عبد الملك بن مروان ـ جمع وجهاء الناس ؛ لما سمع أن الناس يتكلمون في الولاية ، جمع الوجهاء وقال لهم : أيها الناس ، أتريدون أن نكون لكم كما كان أبو بكر وعمر ؟
قالوا : بلى نريد ذلك ، قال : كونوا كالرجال الذين تولى عليهم أبو بكر وعمر ؛ لنكون لكم كأبي بكر وعمر ، يعني أن الناس على دين ملوكهم ، فإذا ظلم ولاة الأمور الناس ؛ فإنه غالباً يكون بسبب أعمال الناس .
وجاء رجل من الخوارج إلى على بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وقال : ما بال الناس انتقضوا عليك ولم ينتقضوا على أبي بكر وعمر ، قال : لأن رجال أبي بكر وعمر أنا وأمثالي ، ورجالي أنت وأمثالك ؛ يعني أن الناس إذا ظلموا سلطت عليهم الولاة .
ولهذا قال أنس : اصبروا ، هذا هو الواجب ، الواجب أن يصبر الإنسان ، ولكل كربة فرجة ، لا تظن أن الأمور تأتي بكل سهولة ، الشر ربما يأتي بغتة ويأتي هجمة ، ولكنه لن يدال على الخير أبداً ، ولكن علينا أن نصبر ، وأن نعالج الأمور بحكمة ، لا نستسلم ولا نتهور ، نعالج الأمور بحكمة وصبر وتأن ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (آل عمران:200) ، إن كنت تريد الفلاح فهذه أسبابه وهذه طرقه ؛ أربعة أشياء : ( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .
ثم قال أنس بن مالك : فإنه لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده أشر منه ، حتى تلقوا ربكم ، سمعته من نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم . يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده أشر منه ) . شر منه في الدين ، وهذا الشر ليس شراً مطلقاً عاماً ، بل قد يكون شراً في بعض المواضع ، ويكون خيراً في مواضع أخرى وهكذا .
ومع هذا ؛ فإن الناس كما ازادوا في الرفاهية ، وكلما انفتحوا على الناس ؛ انفتحت عليهم الشرور ، فالرفاهية هي التي تدمر الإنسان ؛ لأن الإنسان إذا نظر إلى الرفاهية وتنعيم جسده ؛ غفل عن تنعيم قلبه ، وصار أكبر همه أن ينعم هذا الجسد الذي مآله إلى الديدان والنتن ، وهذا هو البلاء ، وهذا هو الذي ضر الناس اليوم ، لا تكاد تجد أحداً إلا ويقول : ما قصرنا ؟ ما سيارتنا ؟ ما فرشنا ؟ ما أكلنا ؟ حتى الذين يقرءون العلم ويدرسون العلم ، بعضهم إنما يدرس لينال رتبة أو مرتبة يتوصل بها إلى نعيم الدنيا . وكأن الإنسان لم يخلق لأمر عظيم ، والدنيا ونعيمها إنما هي وسيلة فقط . نسأل الله أن نستعمله وإياكم وسيلة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ما معناه : ينبغي على الإنسان أن يستعمل المال كما يستعمل الحمار للركوب ، وكما يستعمل بيت الخلاء للغائط .
فهؤلاء هم الذين يعرفون المال ويعرفون قدره ، لا تجعل المال أكبر همك ، اركب المال ، فإن لم تركب المال ركبك المال ، وصار همك هو الدنيا .
ولهذا نقول : إن الناس كلما انفتحت عليهم الدنيا ، وصاروا ينظرون إليها ، فإنهم يخسرون من الآخرة بقدر ما ربحوا من الدنيا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله ما الفقر أخشى عليكم ) يعني ما أخاف عليكم الفقر ، فالدنيا ستفتح . ( ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوا كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتكم )(34) 
 - *أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَثَ أبا عُبيدَةَ بنَ الجَرَّاحِ إلى البَحرَينِ يأتي بجِزيَتِها، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟و صالَحَ أهلَ البَحرَينِ وأمَّرَ عَلَيهمُ العلاءَ بنَ الحَضرَميِّ، فقَدِمَ أبو عُبيدَةَ بمالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فسمِعَتِ الأنصارُ بِقُدومِهِ، فوافَت صلاةَ الصُّبْحِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلما انصَرَف تَعَرَّضوا له، فتَبَسَّم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين رآهُم وقال : ( أظُنُّكُم سَمِعتُم بِقُدومِ أبي عُبيدَةَ، وأنه جاء بشيءٍ ) . قالوا : أجل يا رسولَ اللهِ، قال : ( فأبْشِروا وأمِّلُوا ما يَسُرُّكم، فواللَّهِ ما الفقرَ أخشَى عليكم، ولكن أخشَى عليكم أن تُبسَطَ عليكمُ الدُّنْيا، كما بُسِطَتْ علَى مَن كان قبلكم، فَتَنافَسوها كما تَنافَسوها، وتُلْهيَكُم كما ألهَتْهُمْ ) .
 
الراوي: عمرو بن عوف المزني المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6425
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] 
، وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام ، هذا الذي أهلك الناس اليوم ، الذي أهلك الناس اليوم التنافس في الدنيا ، وكونهم كأنهم إنما خلقوا لها لا أنها خلقت لهم ، فاشتغلوا بما خلق لهم عما خلقوا له ، وهذا من الانتكاس نسأل الله العافية .
وفي هذا الحديث وجوب الصبر على ولاة الأمور وإن ظلموا وجاروا ، لأنك سوف تقف معهم موقفاً تكون أنت وإياهم على حد سواء ؛ عند ملك الملوك ، سوف تكون خصمهم يوم القيامة إذا ظلموك ، لا تظن أن ما يكون في الدنيا من الظلم سيذهب هباءً أبداً ، حق المخلوق لابد أن يؤخذ يوم القيامة ؛ فأنت سوف تقف معهم بين يدي الله ـ عز وجل ـ ليقضي بينكم بالعدل ، فاصبر وانتظر الفرج ، فيحصل لك بذلك اطمئنان النفس والثبات ، وانتظار الفرج عبادة ، تتعبد لله به ، وإذا انتظرت الفرج من الله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً )(35) .
وفي هذا التحذير من سوء الزمان ، وأن الزمان يتغير ، ويتغير إلى ما هو أشر . وقد قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ذات يوم لأصحابه : ( من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً )(36) وأظن أننا ـ وعيشنا في الدنيا قليل بالنسبة لمن سبق ـ نرى اختلافاً كثيراً . رأينا اختلافاً كثيراً بين سنين مضت وسنين الوقت الحاضر .
حدثني من أثق به ؛ أن هذا المسجد ـ مسجد الجامع ـ كان لا يؤذن لصلاة الفجر إلا وقد تم الصف الأول ، يأتي الناس إلى المسجد يتهجدون ، أين المتهجدون اليوم إلا ما شاء الله ؟ . قليل !! تغيرت الأحوال ، كنت تجد الواحد منهم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( كالطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً )(37) إذا أصبح يقول : اللهم ارزقني ، قلبه معلق بالله ـ عز وجل ـ فيرزقه الله ، وأما الآن ، فأكثر الناس في غفلة عن هذا الشيء ، يعتمدون على من سوى الله ، ومن تعلق شيئاً وكل إليه .
نعم في الآونة الأخيرة ـ والحمد لله ـ لا شك أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ فتح على الشباب فتحاً ؛ أسأل الله تعالى أن يزيدهم من فضله ، فتح عليهم وأقبلوا إلى الله ، فتجد بين سنواتنا هذه الأخيرة ، والسنوات الماضية بالنسبة للشباب فرقاً عظيماً ، قبل نحو عشرين سنة ؛ كنت لا تكاد تجد الشباب بالمسجد ، أما الآن ـ ولله الحمد ـ فأكثر من في المسجد هم الشباب ، وهذه نعمة ولله الحمد ، يرجو الإنسان لها مستقبلاً زاهراً ، وثقوا أن الشعب إذا صلح فسوف تضطر ولاة أموره إلى الصلاح مهما كان فنحن نرجو لإخواننا في غير هذه البلاد ـ الذين من الله ـ عليهم بالصلاح واستقاموا على الحق ـ أن يصلح لهم الولاة ، ونقول : اصبروا فإن ولاتكم سيصلحون رغماً عنهم ، فإذا صلحت الشعوب ؛ صلحت الولاة بالاضطرار .
نسأل الله أن يصلح للمسلمين ولاة أمورهم وشعوبهم ؛ إنه جواد كريم .
*********** 

- كتب إلينا عمرُ ونحن بأذرِبيجانَ : يا عتبةُ بنَ فرقدٍ ! إنه ليس من كدِّكَ ولا من كَدِّ أبيك ولا من كدِّ أمِّكَ . فأشبِعِ المسلمين في رِحالهم ، مما تشبعُ منه في رَحلِكَ ، وإياكم والتَّنعمَ ، وزيَّ أهلِ الشركِ ، ولبوسَ الحريرِ ! فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نهى عن لُبوسِ الحريرِ . قال إلا هكذا . ورفع لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إصبعَيه الوُسطى والسبَّابةِ وضمَّهما . قال زهيرٌ : قال عاصمٌ : هذا في الكتابِ قال ورفع زهيرٌ إصبعَيهِ .
الراوي: عبدالرحمن بن مل النهدي أبو عثمان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2069
خلاصة حكم المحدث: صحيح 
*********** 
عن القعقاع بن أبي حدردٍ مرفوعًا
ما صحة حديث : تمعددوا، واخشوشنوا ، وانتعلوا ، وامشوا حفاةً؟
  حديث ضعيف جدا

ضعيف جدّا

أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6061)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (4/2361) عن صفوان بن عيسى، والطبراني في «الكبير» (ج19/ رقم 84)، وأبو نعيم في «المعرفة» (5801)، وأبو الشيخ في «كتاب السبق»، وابن شاهين في «الصحابة» عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (1655، 1987)، ومن طريقه أبو نعيم في «المعرفة» (5800) عن إسماعيل بن زكريا ثلاثتهم عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن القعقاع بن أبي حدردٍ مرفوعًا به.ووقع عند البغوي: «ابن أبي حدردٍ» غير مسمى. وسمَّاه البغوي مرة «عبد الله» ومرة: «قعقاع».ونقل السيوطي في «الجامع الكبير» (12850/526) عن ابن عساكر قال: «اعتقد البغوي أن ابن أبي حدردٍ، هو عبد الله فأخرجه في ترجمته، وإنما هو القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد، وكذلك رواه صفوان بن عيسى ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عبد الله بن سعيد المقبري، فيكون الحديثُ مرسلاً؛ لأن القعقاع لا صحبة له، وعبد الله بن سعيد ضعيف بمرة». انتهى.قلت: وقد اختلف في إسناده، فرواه صفوان بن عيسى، ويحيى بن زكريا، وإسماعيل بن زكريا ثلاثتهم عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن القعقاع ابن أبي حدْردٍ.وخالفهم عبد الرحيم بن سليمان فرواه عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن رجل من أسلم يقال له: ابنُ الأدرع مرفوعًا فذكره.أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2386)، والرامهرمزي في «الأمثال» (136) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرميّ، قالا: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وهذا في «المصنف» (9/22)، وفي «المسند» (597) قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان بهذا.وأخرجه الطبراني في «الكبير» (ج22/ رقم 885) من طريق سعيد بن سليمان، عن إسماعيل بن زكريا، عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي حدْردٍ مرفوعًا، وهذا اضطرابٌ شديد، وآفته عبد الله بن سعيد فإنه واهٍ، متروك الحديث.وقد صحَّ هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: «أمَّا بعدُ، فاتزروا وارتدوا، وانتعلوا وارموا بالخفاف، واقطعوا السراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل، وإيَّاكم والتنعم وزيّ الأعاجم، وعليكم بالشمس، فإنها حمام العرب، وتمعددوا، واخشوشنوا، واخلولقوا، وارموا الأغراض، وانزوا نزوًا، والنبي صلى الله عليه و سلم نهانا عن الحرير إلا هكذا: أصبعيه، السبابة والوسطى، قال: فما علمنا أنه يعني إلا الأعلام».أخرجه أبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1030) قال: حدثنا عليّ بنُ الجعد. وابنُ حبان (5454) عن عيسى بن يونس عن شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: أتانا كتاب عمر، ونحن بأذريبجان مع عتبة بن فرقد: «أما بعدُ... إلخ».وأخرجه البغوي أيضًا (1031) قال: حدثنا علي بن الجعد، والبيهقي (10/14) عن آدم بن أبي إياس، عن شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي عن عمر نحوه وزاد: «وتعلموا العربية».وتوبع شعبة على هذا الوجه. فأخرجه البخاري في «اللباس» (10/284)، ومسلم (2069/12) عن زهير بن معاوية وأحمد (1/43) قال: حدثنا يزيد بن هارون، وأبو يعلى (213) عن حماد بن سلمة ثلاثتهم عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن عمر نحوه مطوَّلاً ومختصرًا. وأخرجه أبو عبيد في «غريب الحديث» (3/325) قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي العدبَّس الأسدي، عن عمر نحوه.وأبو العدبَّس فيه جهالة.وأخرجه البخاري (10/284) عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان قال: كنا مع عتبة- يعني: ابن فرقد- فكتب إليه عمرُ. فذكر بعضه مرفوعًا: «لا يلبس الحرير في الدنيا، إلا لم يُلبس منه شيء في الآخرة

هنا 
قال الإمام العجلوني رحمه الله في كشف الخفاء :
والمشهور على الألسنة "اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم " فليراجع اهـ .

قلت : لا أصل له بهذا اللفظ ، ومعناه صحيح .

هنا 
تقشفوا واخشوشنو فإن النعمة لن تدوم هذا الحديث ثابت من قول عمر رضي الله عنه
السحيم
   

السبت، 12 أبريل 2014

الشجاعة وشدة البأس في الحق

الشجاعة وشدة البأس في الحق


التمَتُّعُ بخِصَالِ الرجولةِ :

تَمَتَّعْ بِخِصالِ الرجولةِ من الشجاعةِ وشِدَّةِ البَأْسِ في الحقِّ ومَكارِمِ الأخلاقِ والبَذْلِ في سبيلِ المعروفِ حتى تَنْقَطِعَ دونَك آمالُ الرجالِ .
وعليه فاحْذَرْ نَوَاقِضَها : من ضَعْفِ الْجَأْشِ ، وقِلَّةِ الصبْرِ وضَعْفِ الْمَكَارِمِ فإنها تَهْضِمُ العِلْمَ وتَقْطَعُ اللسانَ عن قَوْلَةِ الْحَقِّ ، وتَأْخُذُ بناصيَتِه إلى خُصومِه في حالةٍ تَلْفَحُ بسمومِها في وُجوهِ الصالحينَ من عِبادِه .

الشيخ:
هذا كالتكميل للأول لأن التمتع بخصال الرجولة من المروءة بلا شك , فإن الإنسان إذا نزل نفسه منزلة الرجال الذين هم رجال بمعنى الكلمة , فإنه سوف يتمتع بما ذكره , الشجاعة وشدة البأس في الحق , مكارم الأخلاق، البذل في سبيل المعروف، حتى تنقطع دونك آمال الرجال: يعني حتى لا يهم أحد بأن يسبقك بما أنت عليه من هذه الخصال .
فالشجاعة: الإقدام في محل الإقدام , فإذا كانت الشجاعة هي الإقدام في محل الإقدام لزم من ذلك أن تسبق برأي وتفكير وحنكة .
ولهذا قال المتنبي :
الرأي قبل شجاعة الشجعان = هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا بنفس حرة = بلغت من العلياء كل أمال
فلا بد من رأي , لأن الإقدام في غير رأي تهور , تكون نتيجته عكس ما يريده هذا المقدم.
كذلك أيضا شدة البأس في الحق , بحيث يكون قويا فيه صابرا على ما يحصل من أذى أو غيره في جانب الحق.

مكارم الأخلاق سبق الكلام عليها وأنها تشمل كل خلق كريم يحمد الإنسان عليه , البذل في سبيل المعروف، البذل: يشمل بذل المال والجاه والعلم , وكل ما يبذل للغير لكن في سبيل المعروف . أما البذل في سبيل المنكر فهو منكر , والبذل فيما ليس بمعروف ولا منكر قد يكون من إضاعة الوقت أو من إضاعة المال .

 قال المؤلف رحمه الله :
التمتع بخصال الرجولة:
تمتع بخصال الرجولة، من الشجاعة، وشدة البأس في الحق، ومكارم الأخلاق، والبذل في سبيل المعروف، حتى تنقطع دونك آمال الرجال.
وعليه، فاحذر نواقضها، من ضعف الجأش، وقلة الصبر، وضعف المكارم، فإنها تهضم العلم، وتقطع اللسان عن قوله الحق، وتأخذ بناصيته إلى خصومة في حالة تلفح بسمومها في وجوه الصالحين من عباده.

الشيخ:
هذه الخصلة التاسعة من خصال طالب العلم : اتّصافه بصفات الرجولة ، وصفات الرجولة أنواع ؛ منها : (الشجاعة) بحيث يكون مِقداما على الأفعال الطيبة ، ولا تكون نفسه ذات خَوَر أو ضَعف عن الإقدام عمّا يليق به ، فالشجاعة صفة من صفات الرجال الذين يُثنى عليهم ، ولذلك جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تعوَّذ من الجُبْن ، والجبن هو : الضَعْف والخَوَر مما يقابل الشجاعة ، ومن أنواع الشجاعة (شدة البأس في الحق). ومن صفات الرجال اتصافهم ( بمكارم الأخلاق) وبذلك يكونون على الخلق الفاضل العالي ، وقد جاءت الشريعة ترغب في اتِّصاف المؤمنين بالصفات العالية والأخلاق الكريمة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أنا ضمين ببيت في أعلى الجنة لمن حَسُن خلقه)) ، وجاء في حديث في السنن أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ المؤمن يبلغ بحسن الخلق درجة الصائم القائم)). ومن خصال الرجولة ( البذل في سبيل المعروف) ، بحيث يعطي الإنسان لله ، وكم من آية في كتاب الله تثني على أولئك الذين يبذلون في سبيل الله ، قال – جل وعلا-: { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} ، والآية التي قبلها
{ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ، وقال – جل وعلا-: { يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ } ، يعني أنه يضاعفها ، وقد وعد الله- جل وعلا- المنفقين في سبيله بالخَلَف في الدنيا والأجر العظيم في الآخرة قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ، وجاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( قال الله - عز وجل-: يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ)) ، وجاء في الحديث الآخر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من صباح إلا وينادي فيه ملكان يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا)) يعني : خسارة وذهابا للمال.
كذلك هذه الصفات الثلاثة : الشجاعة ، والأخلاق الفاضلة ، والبذل بالمعروف ، من وُجدت فيه أصبح ممن يَعظُم أجرهم ، ومن الرجال الذين يعتمد عليهم ، يقابل هذا أمور :
أولها : (ضعف الجأش) والجُبن والخَوَر ، والضعف صفة يُذم بها الإنسان ،
الصفة الثانية : (قلة الصبر) وعدم التمكن من إمساك النفس في المكارم وأفعال الخيرات ،
الثالث : (عدم فعل الأخلاق الفاضلة) فهذه الأمور (تهضِم العلم) ، يعني : تُنقص مقدار العلم ، فالعالم متى كان باذلا للمعروف منفقا فيه فإنَّ الله – جل وعلا- يبارك له في علمه ويضع له القبول في الأرض ، وكذلك هذه الصفات ؛ وهي الجُبن وسوء الأخلاق والبخل (تقطع اللسان عن قولة الحق) ، بحيث تُعجز الإنسان عن أن يتكلم بما ينتفع به الناس في دنياهم وآخرتهم ، بل إنَّ هذه الصفات تجعل طالب العلم في حالة يتمكن أعداؤه منه ويتمكنون من بث سمومهم في سمعته فيكون ذلك سببا لإعراض الناس عن العلم النافع بسبب عدم اتِّصاف أصحابه بهذه الصفات التي تجعل الناس يُقبلون عليه.

آفاق التيسير  

ملخصٌّ لـ حلية طالبِ العالم !هنا


الحكمة
الحِكْمَة نوعان:
النَّوع الأوَّل: حِكْمَة علميَّة نظريَّة، وهي الاطلاع على بواطن الأشياء، ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها، خلقًا وأمرًا، قدرًا وشرعًا.


النَّوع الثَّاني: حِكْمَة عمليَّة، وهي وضع الشيء في موضعه



درجات الحِكْمَة:
وهي على ثلاث درجات:
الدَّرجة الأولى: أن تعطي كلَّ شيء حقَّه ولا تعدِّيه حدَّه، ولا تعجِّله عن وقته، ولا تؤخِّره عنه.
لما كانت الأشياء لها مراتب وحقوق، تقتضيها شرعًا وقدرًا. ولها حدود ونهايات تصل إليها ولا تتعدَّاها. ولها أوقات لا تتقدَّم عنها ولا تتأخَّر، كانت الحِكْمَة مراعاة هذه الجهات الثلاث. بأن تُعطي كلَّ مرتبة حقَّها الذي أحقَّه الله بشرعه وقدره. ولا تتعدَّى بها حدَّها. فتكون متعديًا مخالفًا للحِكْمَة. ولا تطلب تعجيلها عن وقتها فتخالف الحِكْمَة. ولا تؤخِّرها عنه فتفوتها... فالحِكْمَة إذًا: فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي... فكلُّ نظام الوجود مرتبط بهذه الصِّفة. وكلُّ خلل في الوجود، وفي العبد فسببه الإخلال بها. فأكمل النَّاس، أوفرهم نصيبًا. وأنقصهم وأبعدهم عن الكمال، أقلهم منها ميراثًا.
ولها ثلاثة أركان: العلم، والحلم، والأَنَاة.
وآفاتها وأضدادها: الجهل، والطَّيش، والعجلة.
فلا حِكْمَة لجاهل، ولا طائش، ولا عجول.
الدَّرجة الثَّانية: أن تشهد نظر الله في وَعْده، وتعرف عدله في حُكْمه. وتلحظ بِرَّه في منعه.
أي: تعرف الحِكْمَة في الوعد والوعيد، وتشهد حُكْمه كما في قوله: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، فتشهد عدله في وعيده، وإحسانه في وعده، وكلٌّ قائمٌ بحِكْمَته.
وكذلك تعرف عدله في أحكامه الشَّرعية، والكونيَّة الجارية على الخلائق، فإنَّه لا ظلم فيها، ولا حَيْف ولا جور، وكذلك تعرف بِرَّه في منعه. فإنَّه سبحانه هو الجَوَاد الذي لا ينقص خزائنه الإنفاق، ولا يَغِيض ما في يمينه سعَة عطائه. فما منع من منعه فضله إلَّا لحِكْمَة كاملة في ذلك.
الدَّرجة الثَّالثة: أن تبلغ في استدلالك البصيرة، وفي إرشادك الحقيقة. وفي إشارتك الغاية.
فتصل باستدلالك إلى أعلى درجات العلم. وهي البصيرة التي تكون نسبة العلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئي إلى البصر، وهذه هي الخصِّيصة التي اختصَّ بها الصَّحابة عن سائر الأمَّة، وهي أعلى درجات العلماء



موسوعة الأخلاق - الدرر السنية


- ضَمَّني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إليهِ وقالَ اللَّهمَّ عَلِّمهُ الحِكمةَ وتأويلَ الكتابِ.     

    الراوي:          عبدالله بن عباس     المحدث:         الألباني     - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 136
خلاصة حكم المحدث: صحيح


- لا حسَدَ إلَّا في اثنتيْنِ : رجلٌ آتاهُ اللهُ مالًا ، فسلَّطَهُ على هلَكتِه في الحقِّ ، ورجلٌ آتاهُ اللهُ الحِكمةَ ، فهوَ يقضِي بِها ، ويُعلِّمُها          الراوي:          عبدالله بن مسعود     المحدث:         الألباني     - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7488
خلاصة حكم المحدث: صحيح
       


الدرر السنية

- أتاكم أهلُ اليمنِ ، هم أرقُّ أفئدةً وألينُ قلوبًا ، الإيمانُ يَمانٌ والحكمةُ يمانيةٌ ، والفخرُ والخُيَلاءُ في أصحابِ الإبلِ ، والسَّكينةُ والوقارُ في أهلِ الغنمِ          الراوي:          أبو هريرة     المحدث:         البخاري     - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4388
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


الدرر السنية
                 معنى حديث \"..الإيمان يمان والحكمة يمانية..\"
ا
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المشار إليه في السؤال حديث صحيح رواه الشيخان، فقوله عليه الصلاة والسلام (وأرق أفئدة...) أي ألينها وأسرعها لقبول الحق واستجابة للداعي لأنهم أجابوا إلى الإسلام بدون محاربة للين قلوبهم، وقوله (ألين قلوباً) وفي رواية (أضعف قلوباً) أي أعطفها وأشفقها، وقوله (الإيمان يمان) أي الإيمان يماني، فنسب الإيمان إلى أصل اليمن إشعاراً بكمال إيمانهم، قال النووي: ثم المراد بذلك الموجودون منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان. قوله (الحكمة يمانية) نسب الحكمة إليهم كما نسب الإيمان، قال ابن حجر: والمراد بها هنا العلم المشتمل على المعرفة بالله.
وقوله (الفخر والخيلاء في أصحاب الإبل) الفخر هو الافتخار وعد المآثر، والخيلاء هو الكبر، قال الخطابي: إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب. (والسكينة والوقار في أهل الغنم) لأنهم غالباً دون أهل الإبل في التوسعة والكثرة وهما سبب الفخر والخيلاء، وقيل: أراد بأهل الغنم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم؛ بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب الإبل.
والله أعلم.
هنا

الأربعاء، 2 أبريل 2014

التحلي بالمروءة

تَحَلَّ بِالْمُرُوءَةِ :
التَّحَلِّي بـ ( الْمُروءةِ ) وما يَحْمِلُ إليها ، من مَكارِمِ الأخلاقِ وطَلاقةِالوَجْهِ ، وإفشاءِ السلامِ وتُحَمُّلِ الناسِ والأَنَفَةِ من غيرِ كِبرياءَوالعِزَّةِ في غيرِ جَبَرُوتٍ والشهامةِ في غيرِ عَصَبِيَّةٍ والْحَمِيَّةِ في غيرِ جَاهليَّةٍ .
وعليه فتَنَكُّبُ ( خَوارِمِ الْمُروءةِ ) في طَبْعٍ أو قولٍ أو عَمَلٍ من حِرفةٍ مَهِينَةٍ أو خَلَّةٍ رَديئةٍ كالعُجْبِ والرياءِ والبَطَرِ والْخُيلاءِ واحتقارِ الآخرينَ وغِشْيَانِ مَواطِنِ الرِّيَبِ .


شرح الشيخ :
نعم . يقول التحلي بالمروءة , فما هي المروءة ؟
حتى الفقهاء رحمهم الله , في كتاب الشهادات , قالوا :
هي فعل ما يجمله ويزينه , واجتناب ما يجلسه ويشينه .

كل شي يجملك عند الناس ويزينك ويكون سببا للثناء عليك , فهو مروءة , وإن لم يكن من العبادات , وكل شئ بالعكس فهو خلاف المروءة .

ثم ضرب لهذا مثلا ,فقال من مكارم الأخلاق , فما هو كرم الخلق ؟
أن يكون الإنسان دائما متسامحا , أو أن يتسامح في موضع التسامح , ويأخذ بالعزم في موضع العزيمة .


ولهذا جاء دين الإسلام وسطا بين التسامح الذي تضيع فيه الحقوق , وبين العزيمة التي ربما تحمل على الجور ,

فنضرب مثلا بالقصاص : وهو قتل النفس بالنفس , يذكر أن بني إسرائيل انقسمت شرائعهم بالقصاص إلى قسمين :
** قسم أوجب القتل ,ولا خيار لأولياء المقتول فيه , وهي شريعة التوراة .

لان شريعة التوراة تميل الى الغلظة والشدة .
** وقسم آخر أوجب العفو ,وقالوا انه اذا قتل الانسان عمدا فالواجب على أولياؤه التسامح .
هكذا نقرأ بالكتب المنقولة , والا فالأصل ان الشريعة هي شريعة التوراة ,
وقد قال الله تعالى :
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
"

سورة المائدة » الآية 45
لكن هذا فيما ينقل عن بني إسرائيل نسمع هذا .

فجاء دين الاسلام وسطا وجعل الخيار لأولياء المقتول , ان شاؤوا اقتصوا ولهم الحق , وإن شاؤوا عفوا مجانا , وان شاؤوا أخذوا الدية .
ومعلوم أن كل عاقل يخير في مثل هذه الأمور , سيختار ما فيه المصلحة العامة , يقدمها على كل شئ .
مثلا اذا كان هذا الرجل شريرا وأولياء المقتول يحبون المال وطلبوا الدية , نقول ان هذا ليس من الحكمة , انظر الى المصلحة العامة , وانتم اذا تركتم شيئا لله عوضكم الله خير منه .
اقتلوا هذا القاتل .
ولهذا اوجب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تبعا للإمام مالك ,أوجب قتل القاتل غيلة , حتى لو عفا أولياء المقتول , حتى لو كان له صغار , فإنه يجب أن يقتل ,
لأن قتل غيلة لا يمكن التخلص منه . الإنسان في قتل الغيلة لا يمكن أن يدافع عن نفسه ,
والمغتال مفسد في الأرض ,

"
إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" .المائدة 33


إذن , مكارم الأخلاق ما هي ؟؟؟
هي ان يتخلق الانسان بالأخلاق الفاضلة الجامعة بين العدل والإحسان , فيأخذ بالحزم في موضع الحزم , وباللين واليسر في موضع اللين .


** أيضا طلاقة الوجه : من مكارم الأخلاق , ولكن هل أطلق وجهي لأي انسان حتى لو كان من أجرم المجرمين ؟؟

طبعا على حسب الحال , اطلق الوجه في ستة من تسعة : أي ثلثين إلى ثلث .

لتكن سيمتك طلاقة الوجه , هذه أحسن شئ , تجذب الناس إلى نفسك , ويحبوك , ويفضوا إليك ما يستطيعون من أسرارهم .

لكن إذا كنت عبوسا , تعض على شفتك السفلى , فإن الناس يهابونك , ولا يستطيعون التكلم معك .
لكن إذا اقتضت الحال إلى أن لا تطلق الوجه , فافعل . ولهذا لا يلام الإنسان على العبوسة ذم مطلقا , ولا على إطلاق الوجه مدحا مطلقا .
  ۩ღ۩ مثال  ۩ღ۩
حديث كعب بن مالك

....وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الْأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَأَقُولُ فِي نَفْسِي هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَيَّ أَمْ لَا ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ فَقُلْتُ يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ لَهُ فَنَاشَدْتُهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ لَهُ فَنَاشَدْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ.......
فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب الْمَغَازِي - باب حديث كعب بن مالك هنا  
 هنا
** إفشاء السلام : أي نشره وإدخاله على كل من يستحق أن يسلم عليه , على كل مسلم وإن كان عاصيا , أو زانيا أو شاربا للخمر أو مرابيا ....., فإنه مسلم .
لقول النبي عليه الصلاة والسلام :
لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث* ........وخيرهما الذي يبدأ بالسلام .
* لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوق ثلاثٍ ، يلتقيان : فيصدُّ هذا ويصدُّ هذا ، وخيرُهما الذي يبدأُ بالسلامِ . وذكر سفيانُ : أنه سمعه منه ثلاثَ مراتٍ .
الراوي: أبو أيوب الأنصاري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6237
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] 
فإن فعل المسلم منكرا ,ولاسيما ان يكون منكرا عظيما يخشى منه ان يتفكك المجتمع الاسلامي , فهذا واجب هجره ان نفع, وانما أقول لقصة كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف في غزوة تبوك , فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بهجره , فهجره الناس وصاروا لا يتكلمون معه , حتى انه ذات يوم تسور حديقة ابي قتادة رضي الله عنه , وهو ابن عمه وأحب الناس اليه , فسلم على ابي قتادة فلم يرد عليه السلام , سلم ثانية فلم يرد عليه , سلم ثالثة فلم يرد عليه , فقال : أنشدك الله , هل تعلم أني احب ظهر رسولك ,

( يعني كيف تهجرني وأنا أحب الله ورسوله ) ألم تعلم ؟؟؟... فلم يرد عليه .
قال : الله ورسوله أعلم .
لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمره بذلك , ولو أمرهم أن يفعلوا أكبر من ذلك لفعلوا .
تصوروا يا إخوان انه يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ويلقي عليه السلام فيقول : لا أدري أحرك شفتيه برد السلام أو لا .
الا أن الرسول الكريم يحب كعبا , لأنه اذا قام يصلي فان الرسول ينظر اليه .

فهل هذا الهجر الذي وقع من الصحابة لكعب بن مالك أثر أم لا ؟
نعم أثر ... رجوعا عظيما إلى الله عز وجل ,

"وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"التوبة :118 , وظنوا أي أيقنوا ,


لجؤوا الى الله , ففرج عنهم .
فهذا الهجر أثر تأثيرا عظيما , حصل فيه مصلحة عظيمة , تتلى قصتهم في كتاب الله عز وجل , يقرؤها المسلمون كلهم في صلواتهم وخلواتهم .


وفيها أيضا محنة عظيمة لكعب , جاءهم كتاب من الملك غسان , قال له :

إنه بلغنا أن صاحبك قد قلاك , فالحق بنا نواسك , ( يعني تعال إلينا نجعلك مثلنا )


(وكأنه يشير إلى أن يجعله ملك )

فماذا فعل الصحابي كعب ؟؟؟
انظر الى هذه الفتنة العظيمة , ذهب بالورقة فسجَّر بها التنور , يعني أحرقها , كراهة لها ولما تضمنته , ولئلا تغلبه نفسه بالمستقبل حتى يجيب لهذا الطلب .


[1] -”الجامع”(1/156).

[2] -”سير أعلام النبلاء”(4/94).

[3] -”إعلام الموقعين". (2/161-162).

[4] - فيها مؤلفات مفردة، انظر:”معجم الموضوعات المطروقة”(ص392).
 هنا 

تحضير

هنا
هنا