مناسك الحج والعمرة من الكتاب والسنة
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا"
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
ثم أَمَّا بَعْدُ:
فهــذه رسـالة ميســرة لتبسـيط مناسـك الحــج والعمــرة ، وذلـك باسـتخلاصها مـن الكتــب الصحيحـة بأدلتها من الكتاب والسنة الصحيحة .
مناسك الحج والعمرة من الكتاب والسنة
المناسك :جمع منسك،والأصل أن المنسك مكان العبادة أو زمانها ويطلق على التعبد فهو على هذا يكون مصدراً ميمياً بمعنى التعبد، قال الله تعالى:{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً}الحج34 أي:متعبداً يتعبدون فيه،وأكثر إطلاق المنسك،أو النسك على الذبيحة،قال الله تعالى:{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } الأنعام162.
تعريف الحج والعمرة
الحج في اللغة : القصد .
قال في لسان العرب: الحج: القصد، حج إلينا فلان أي قدم.
وفي الشرع : التعبد لله – عز وجل – بأداء المناسك على ما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
((والعمرة ))
في اللغة : الزيارة .
وفي الشرع : التعبد لله بالطواف بالبيت وبالصفا والمروة والحلق أو التقصير .العثيمين الشرح الممتع
متى شرع الحج؟
فُرض الحج في أواخر سنة تسع من الهجرة، وآية فرضه قوله تعالى:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}(97) سورة آل عمران. نزلت عام الوفود أواخر سنة تسع وهو رأي أكثر العلماء.
-" تَعَجَّلُوا إلى الحَجِّ ، فإنَّ أحَدَكُمْ لا يَدرِي ما يَعرِضُ لَهُ"
الراوي :
عبدالله بن عباس - المحدث :
الألباني-
المصدر :
صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 2957 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر السنية
فضل الحج والعمرة:الْحُجَّاجُ والعُمَّارُ وفدُ اللهِ:
- " الْحُجَّاجُ والعُمَّارُ وفدُ اللهِ ، دعاهم فأجابوهُ ، وسألوهُ فأعطاهم"
الراوي :
جابر بن عبدالله - المحدث :
الألباني -
المصدر :
صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 3173 - خلاصة حكم المحدث : حسن
.الدرر السنية
نسـأل الله أن يوفـق وفـد الله ، لهـذه الرحلـة كمـا يحـب ويرضـى سـبحانه . ونسـأله سـبحانه أن يـرزق كـل مـن سـأله ودعـاه .
- الحج من أفضل الأعمال عند الله تعالى: نسـأل الله أن يوفـق وفـد الله ، لهـذه الرحلـة كمـا يحـب ويرضـى سـبحانه . ونسـأله سـبحانه أن يـرزق كـل مـن سـأله ودعـاه .
- يا رسولَ اللَّهِ ! ألا نَخرجُ فنجاهدَ معَك ، فإنِّي لا أرَى عملًا في القرآنِ أفضلَ منَ الجِهادِ ؟ ! قالَ :" لا ، ولَكُنَّ أحسنُ الجِهادِ وأجملُه ، حجُّ البيتِ ، حجٌّ مبرورٌ"الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 2627 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية
- أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أيُّ العملِ أفضلُ ؟ فقال: إيمانٌ باللهِ ورسولهِ . قيل: ثم ماذا ؟ قال: الجهادُ في سبيلِ اللهِ . قيل: ثم ماذا ؟ قال: حَجٌ مبرورٌ.
الراوي :
أبو هريرة - المحدث :
البخاري -
المصدر :
صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 26 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
-الدرر السنية
- الحج من أسباب مغفرة الذنوب:
ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
- الحج من أسباب مغفرة الذنوب:
- "سَمعتُ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يقولُ : مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه" .
الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1521 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح] -الدرر السنيةولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
- " العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا ، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ" .الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1773 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح] -الدرر السنية
الحج يهدم ما كان قبله:
....قال " مالك يا عمرو ؟ " قال قلت : أردت أن أشترط . قال " تشترط بماذا ؟ " قلت : أن يغفر لي . قال " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ "...
- قال تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ
رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ"الحج: 26-27
....قال " مالك يا عمرو ؟ " قال قلت : أردت أن أشترط . قال " تشترط بماذا ؟ " قلت : أن يغفر لي . قال " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ "...
الراوي :
عمرو بن العاص - المحدث :
مسلم -
المصدر :
صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 121 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.الدرر السنية
ينفي الفقر والذنوب:
- تابِعوا بين الحجِّ والعمرةِ ؛ فإنهما ينفِيان الفقرَ والذُّنوبَ ، كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضةِ ، وليس للحجَّةِ المبرورةِ ثوابٌ إلا الجنَّةَ . وما من مؤمنٍ يظلُّ يومَه محرمًا إلا غابت الشمسُ بذنوبِه .
الراوي : عبدالله بن مسعود - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 1133 - خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح -وآخره حسن- الدرر السنيةمن حِكَم مشروعية الحج
1-تحقيق توحيد الله تعالى:- قال تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ
رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ"الحج: 26-27
...وما عمل به من شيءٍ عملنا به . فأهلَّ بالتوحيد
" لبيك اللهمَّ ! لبَّيك . لبيك لا شريك لك لبيكَ . إنَّ الحمدَ والنعمةَ
لك . والملكَ لا شريك لك " . وأهلَّ الناس ُبهذا الذي يُهلُّون به . فلم
يَرُّدَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليه.....
الراوي :
جابر بن عبدالله - المحدث :
مسلم -
المصدر :
صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1218 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية
2- إظهار الافتقار إلى الله سبحانه:
فالحاج يبتعد عن الترفه والتزين، ويلبس ثياب الإحرام متجرداً عن الدنيا وزينتها، فيُظهر عجزه، ومسكنته، ويكون في أثناء المناسك، ضارعا لربه عز وجل، مفتقرا إليه، ذليلا بين يديه، منقادا بطواعية لأوامره، مجتنبا لنواهيه سبحانه، سواء علم حكمتها أم لم يعلم
3- تحقيق التقوى لله تعالى:
قال تعالى:" وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ " [البقرة: 197].
ومما تتحقق به التقوى في الحج، الابتعاد عن محظورات الإحرام.
4- إقامة ذكر الله عز وجل:
قال تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة: 198 – 200].
5- تهذيب النفس البشرية، بتطهيرها من فعل السيئات، ومبادرتها إلى القيام بالطاعات:
قال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ (7) [البقرة: 197].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
6- في الحج تذكير بالآخرة، ووقوف العباد بين يدي الله تعالى يوم القيامة:
فالمشاعر تجمع الناس من مختلف الأجناس في زيٍ واحد، مكشوفي الرؤوس، يلبون دعوة الخالق عز وجل، وهذا المشهد يشبه وقوفهم بين يديه سبحانه يوم القيامة في صعيدٍ واحدٍ حفاةً عراةً غرلاً خائفين وجلين مشفقين؛ وذلك مما يبعث في نفس الحاج خوف الله ومراقبته والإخلاص له في العمل .
7- تربية الأمة على معاني الوحدة الصحيحة:
ففي الحج تختفي الفوارق بين الناس من الغنى والفقر والجنس واللون وغير ذلك، وتتوحد وجهتهم نحو خالقٍ واحد، وبلباسٍ واحد، يؤدون نفس الأعمال في زمنٍ واحد ومكانٍ واحد، بالإضافة إلى ما يكون بين الحجيج من مظاهر التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر (.
8- أن أداء فريضة الحج فيه شكرٌ لنعمة المال وسلامة البدن:
ففي الحج شكر هاتين النعمتين العظيمتين، حيث يجهد الإنسان نفسه، وينفق ماله في التقرب إلى الله تبارك وتعالى.
فالحاج يبتعد عن الترفه والتزين، ويلبس ثياب الإحرام متجرداً عن الدنيا وزينتها، فيُظهر عجزه، ومسكنته، ويكون في أثناء المناسك، ضارعا لربه عز وجل، مفتقرا إليه، ذليلا بين يديه، منقادا بطواعية لأوامره، مجتنبا لنواهيه سبحانه، سواء علم حكمتها أم لم يعلم
3- تحقيق التقوى لله تعالى:
قال تعالى:" وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ " [البقرة: 197].
ومما تتحقق به التقوى في الحج، الابتعاد عن محظورات الإحرام.
4- إقامة ذكر الله عز وجل:
قال تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة: 198 – 200].
5- تهذيب النفس البشرية، بتطهيرها من فعل السيئات، ومبادرتها إلى القيام بالطاعات:
قال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ (7) [البقرة: 197].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
: مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه" .
الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1521 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح] -الدرر السنية6- في الحج تذكير بالآخرة، ووقوف العباد بين يدي الله تعالى يوم القيامة:
فالمشاعر تجمع الناس من مختلف الأجناس في زيٍ واحد، مكشوفي الرؤوس، يلبون دعوة الخالق عز وجل، وهذا المشهد يشبه وقوفهم بين يديه سبحانه يوم القيامة في صعيدٍ واحدٍ حفاةً عراةً غرلاً خائفين وجلين مشفقين؛ وذلك مما يبعث في نفس الحاج خوف الله ومراقبته والإخلاص له في العمل .
7- تربية الأمة على معاني الوحدة الصحيحة:
ففي الحج تختفي الفوارق بين الناس من الغنى والفقر والجنس واللون وغير ذلك، وتتوحد وجهتهم نحو خالقٍ واحد، وبلباسٍ واحد، يؤدون نفس الأعمال في زمنٍ واحد ومكانٍ واحد، بالإضافة إلى ما يكون بين الحجيج من مظاهر التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر (.
8- أن أداء فريضة الحج فيه شكرٌ لنعمة المال وسلامة البدن:
ففي الحج شكر هاتين النعمتين العظيمتين، حيث يجهد الإنسان نفسه، وينفق ماله في التقرب إلى الله تبارك وتعالى.
إلى غير ذلك من الحكم والفوائد والمنافع
حُكْم الحج:
الحج ركنٌ من أركان الإسلام، وفرضٌ من فروضه.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب
قوله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ"آل عمران: 97
ثانيًا: من السنة:
حُكْم الحج:
الحج ركنٌ من أركان الإسلام، وفرضٌ من فروضه.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب
قوله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ"آل عمران: 97
ثانيًا: من السنة:
- بُنِيَ الإسلامُ على خَمْسٍ . شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . وإقامِ الصلاةِ . وإيتَاءِ الزكاةِ . وحجِّ البيتِ . وصومِ رمضانَ
الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 16 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر السنيةثالثاً: الإجماع:فقد نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر- وابن حزم-والكاساني
الدرر السنية
الحج والعمرة واجبان *في العمر مرة بلا توان
بشرط إسلام كذا حرية *عقل بلوغ قدرة جلية
فيشترط لوجوبه:
أولاً: الإسلام فغير المسلم لا يجب عليه الحج، بل ولا يصح منه لو حج، بل ولا يجوز له دخوله مكة لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}(28) سورة التوبة.
ثانياً: العقل، فالمجنون لا يجب عليه الحج، فلو كان الإنسان مجنوناً من قبل أن يبلغ حتى مات فإنه لا يجب عليه الحج ولو كان غنياً.
أن المراد برفع القلم عدم تكليفهم، فدل ذلك على أن المجنون ليس من أهل التكليف، وعلى عدم صحة العبادة منه.
ثانياً:أن العقل مناط التكليف، وبه تحصل أهلية العبادة، والمجنون ليس أهلا لذلك، فلا معنى ولا فائدة في نسكه، أشبه العجماوات.
ثالثاً: أن الحج عبادة من شرطها النية، وهي لا تصح من المجنون
رابعاً:الإجماع على أن المجنون لو أحرم بنفسه لم ينعقد إحرامه؛ وقد حكى المرداوي الإجماع على ذلك، فكذلك إذا أحرم عنه غيره.
ثالثاً: البلوغ: فمن كان دون البلوغ فإنه لا يجب عليه، لكن لو حج فإن حجه صحيح، ولكن لا يُجزئه عن حجة الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي رفعت إليه صبياً وقالت:
شروط الحج
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
وأمّا شروط وجوب الحج والعمرة فخمسة مجموعة في قول الناظم:الحج والعمرة واجبان *في العمر مرة بلا توان
بشرط إسلام كذا حرية *عقل بلوغ قدرة جلية
فيشترط لوجوبه:
أولاً: الإسلام فغير المسلم لا يجب عليه الحج، بل ولا يصح منه لو حج، بل ولا يجوز له دخوله مكة لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}(28) سورة التوبة.
ثانياً: العقل، فالمجنون لا يجب عليه الحج، فلو كان الإنسان مجنوناً من قبل أن يبلغ حتى مات فإنه لا يجب عليه الحج ولو كان غنياً.
- "رُفِعَ القلَمُ عن ثَلاثٍ ، عنِ النَّائمِ حتَّى يستَيقظَ ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يَكْبرَ ، وعنِ المَجنونِ حتَّى يعقلَ أو يُفيقَ"
الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 3432 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية
وجه الدلالة:
أن المراد برفع القلم عدم تكليفهم، فدل ذلك على أن المجنون ليس من أهل التكليف، وعلى عدم صحة العبادة منه.
ثانياً:أن العقل مناط التكليف، وبه تحصل أهلية العبادة، والمجنون ليس أهلا لذلك، فلا معنى ولا فائدة في نسكه، أشبه العجماوات.
ثالثاً: أن الحج عبادة من شرطها النية، وهي لا تصح من المجنون
رابعاً:الإجماع على أن المجنون لو أحرم بنفسه لم ينعقد إحرامه؛ وقد حكى المرداوي الإجماع على ذلك، فكذلك إذا أحرم عنه غيره.
ثالثاً: البلوغ: فمن كان دون البلوغ فإنه لا يجب عليه، لكن لو حج فإن حجه صحيح، ولكن لا يُجزئه عن حجة الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي رفعت إليه صبياً وقالت:
- "رفعتِ امرأةٌ صبيًّا لَها إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ في حَجَّتِهِ فقالت يا رسولَ اللَّهِ ألِهذا حجٌّ قالَ نعَم ولَكِ أجرٌ"
الراوي : جابر بن عبدالله- المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 2369 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية
لكنه لا يُجزئه عن حجة الإسلام، لأنه لم يُوجَّه إليه الأمر بها. حتى يجزئه عنها، ولا يتوجه الأمر إليه إلا بعد البلوغ.
رابعاً: الحرية: فالرقيق المملوك لا يجب عليه الحج، لأنه مملوك مشغول بسيده، فهو معذور بترك الحج لا يستطيع السبيلَ إليه.
- " أيُّما صبيٍّ حجَّ ثم بلغ فعليهِ حجَّةٌ أُخرى ، وأيُّما عبدٍ حجَّ ثم عُتِقَ فعليهِ حجَّةٌ أُخرى"
الراوي : عبدالله بن عباس- المحدث : الألباني - المصدر : إرواء الغليل-الصفحة أو الرقم: 986 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -الدرر السنية
فالرقيق فعل ذلك قبل وجوبه عليه، فلم يجزئه إذا صار من أهله، كالصغير
وجه الدلالة:
أولاً:أن الحج لو كان واجبا على العبد في حال كونه مملوكا لأجزأه ذلك عن حجة الإسلام، وقد دل الحديث أنه لا يجزئه، وأنه إذا أعتق بعد ذلك لزمته حجة الإسلام
ثانياً: أن الحج عبادة تطول مدتها، وتتعلق بقطع مسافة، والعبد مستغرق في خدمة سيده، ومنافعه مستحقة له، فلو وجب الحج عليه لضاعت حقوق سيده المتعلقة به، فلم يجب عليه كالجهاد
ثالثاً: أن الاستطاعة شرط في الحج، وهي لا تتحقق إلا بملك الزاد والراحلة، والعبد لا يتملك شيئ. الدرر السنية
وجه الدلالة:
أولاً:أن الحج لو كان واجبا على العبد في حال كونه مملوكا لأجزأه ذلك عن حجة الإسلام، وقد دل الحديث أنه لا يجزئه، وأنه إذا أعتق بعد ذلك لزمته حجة الإسلام
ثانياً: أن الحج عبادة تطول مدتها، وتتعلق بقطع مسافة، والعبد مستغرق في خدمة سيده، ومنافعه مستحقة له، فلو وجب الحج عليه لضاعت حقوق سيده المتعلقة به، فلم يجب عليه كالجهاد
ثالثاً: أن الاستطاعة شرط في الحج، وهي لا تتحقق إلا بملك الزاد والراحلة، والعبد لا يتملك شيئ. الدرر السنية
خامساً: القدرة على الحج بالمال والبدن: فإن كان الإنسان قادراً بماله دون بدنه،
فإنه يُنيب من يحج* عنه فالاستطاعة شرطٌ في وجوب الحج.
الأدلة:
1- قال الله تعالى:" وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً "آل عمران: 97
وجه الدلالة: أن الله تعالى خص المستطيع بالإيجاب عليه، فيختص بالوجوب، وغير المستطيع لا يجب عليه.
الأدلة:
1- قال الله تعالى:" وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً "آل عمران: 97
وجه الدلالة: أن الله تعالى خص المستطيع بالإيجاب عليه، فيختص بالوجوب، وغير المستطيع لا يجب عليه.
*- كان الفضلُ رديفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجاءَتِ امرأةٌ من خَثعَمٍ، فجعَل الفضلُ ينظُرُ إليها وتنظُرُ إليه، وجعَل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصرِفُ وجهَ الفضلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ، فقالتْ : يا رسولَ اللهِ، إن فريضةَ اللهِ على عبادِه في الحجِّ أدركَتْ أبي شيخًا كبيرًا، لا يَثبُتُ على الراحلةِ، أفأحُجُّ عنه . قال : نعمْ ". وذلك في حَجَّةِ الوداعِ .
الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1513 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح] -الدرر السنية
ففي قولها: أدركته فريضة الله على عباده في الحج، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم
إياها على ذلك دليل على أن من كان قادراً بماله دون بدنه، فإنه يجب عليه أن يُقيم
من يحج عنه. أما مَن كان قادراً ببدنه دون ماله، ولا يستطيع الوصول إلى مكة ببدنه،
فإن الحج لا يجب عليه.
ويشـترط لمـن أراد الحــج عـن غيـره أن يكـون قـد حــج عـن نفسـه أولاً ، ولا يحـج عـن الغيـر إلا إذا كـان الغيـر ميتـاً أو مـن عجـز عـن أداء المناسـك بنفسـه .
ويشـترط لمـن أراد الحــج عـن غيـره أن يكـون قـد حــج عـن نفسـه أولاً ، ولا يحـج عـن الغيـر إلا إذا كـان الغيـر ميتـاً أو مـن عجـز عـن أداء المناسـك بنفسـه .
- أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سمعَ رجلاً يقولُ: "لبَّيْكَ عن شبرمة. قالَ: من شبرمةَ؟ قالَ: أخٌ لي أو قريبٌ لي. قالَ: حججتَ عن نفسِكَ؟ قالَ: لا. قالَ: حجَّ عن نفسِكَ ثمَّ حجَّ عن شبرمةَ".الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داودالصفحة أو الرقم: 1811 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية
وألحق بعض العلماء بهذا الشرط-الاستطاعة- أمن الطريق، بحيث يكون الطريق آمناً لا خوف فيه فإن
عُدم هذا الشرط لم يجب عليه الحج.
وهنا شروط زائدة خاصة بالنساء:
أحدهما: أن يكون معها زوجها أو محرم لها، فإن لم يُوجد أحدهما لا يجب عليها الحج.
"لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا معَ ذِي مَحرمٍ . فقامَ رجلٌ فقالَ : يا رسولَ اللهِ ، امرأتِي خرجتْ حاجَّةً ، واكْتُتِبْتُ في غزوةِ كذا وكذا ، قالَ : ارْجِعْ ، فحُجَّ معَ امرأتِكَ"
الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 5233 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح] -الدرر السنية- "لا يحلُّ لإمرأةٍ تؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ ، تسافرُ مسيرةَ يومٍ وليلةٍ ، إلا مع ذي محرمٍ عليها"
الراوي :
أبو هريرة - المحدث :
مسلم -
المصدر :
صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1339 - خلاصة حكم المحدث : صحيح .الدرر السنية
الثاني: ألا تكون معتدة عن طلاق أو وفاة؛ لأن الله تعالى نهى المعتدات عن الخروج
بقوله:"لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا
يَخْرُجْنَ"
سورة الطلاق 1.
ولأن الحج يمكن أداؤه في وقت آخر.
أنواع النسك ثلاثة:
- خرجنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فمنَّا منْ أهلَّ بعمرةٍ ومنَّا منْ أهلَّ بحجةٍ، ومنَّا منْ أهلَّ بحجٍّ وعمرةٍ، وأهلَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالحجِّ، فأما منْ أهلَّ بالحجِّ، أو جمعَ الحجَّ والعمرةَ، فلم يَحلّوا حتى يومَ النحرِ .
الراوي :
عائشة أم المؤمنين - المحدث :
البخاري -
المصدر :
صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4408 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية
أَنساكُ الحَجِّ ثلاثةٌ:
التَّمَتُّع: وهو أنْ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ في أشهُرِ الحجِّ- وهي شوَّال وذو القَعدةِ وعَشْر مِن ذِي الحَجَّة- ثُمَّ يَحِلَّ منها، ثُمَّ يُحْرِمَ بالحَجِّ مِن عامِه.
التَّمَتُّع: وهو أنْ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ في أشهُرِ الحجِّ- وهي شوَّال وذو القَعدةِ وعَشْر مِن ذِي الحَجَّة- ثُمَّ يَحِلَّ منها، ثُمَّ يُحْرِمَ بالحَجِّ مِن عامِه.
والإفْرَاد: وهو أن يُحْرِمَ الحاجُّ بالحَجِّ فَقَطْ.
والقِرَان: وهو أن يُحْرِمَ الحاجُّ بالحَجِّ والعُمْرَةِ معًا.
وفي هذا الحديثِ تَذكُر عَائِشَةُ رضِي اللهُ عنها اختلافَ أَوْجُهِ الإحرامِ لِأَصْحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذلك حينما خَرَجوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذَكَرَتْ أنَّ البعضَ أَهَلَّ- أي أَحْرَمَ- بِعُمْرَةٍ فَقَطْ، يَنْوِي التَّمَتُّعَ، والبعضَ أَهَلَّ بِحَجٍّ وعُمْرَةٍ معًا، يَنوِي القِرَانَ، وأهَلَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالحَجِّ فَقَطْ، أي: أنَّه كان مُفْرِدًا.
وقد رُوِيَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رواياتٍ أُخرَى: أنَّه كان قَارِنًا، يعني أنَّه أَحْرَمَ بِحَجٍّ وعُمْرَةٍ معًا، ووَجْهُ الجَمْعِ بينَ هذه الرِّواياتِ وهذا الحديث: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان مُفْرِدًا في بدايةِ الأمرِ، ثُمَّ استقرَّ على أنْ يُحْرِمَ بالحَجِّ والعُمْرَةِ معًا، فصار قَارِنًا، فمَن نَقَل أنَّه كان مُفْرِدًا قَصَد أولَ الأمرِ، ومَن نَقَل أنَّه كان قارِنًا قَصَد ما استقرَّ عليه الأمرُ.
ثُمَّ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ رضِي اللهُ عنها أنَّ مَن يُحرِمُ بالحَجِّ أو بالحَجِّ والعُمْرَةِ معًا، لا يَحِلُّ مِن إحرامِه إلَّا في يومِ النَّحْرِ؛ لأنَّ مَن أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَقَطْ يَحِلُّ ثُمَّ يُحْرِمُ بالحَجِّ.الدرر السنية شرح الحديث
وفي هذا الحديثِ تَذكُر عَائِشَةُ رضِي اللهُ عنها اختلافَ أَوْجُهِ الإحرامِ لِأَصْحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذلك حينما خَرَجوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذَكَرَتْ أنَّ البعضَ أَهَلَّ- أي أَحْرَمَ- بِعُمْرَةٍ فَقَطْ، يَنْوِي التَّمَتُّعَ، والبعضَ أَهَلَّ بِحَجٍّ وعُمْرَةٍ معًا، يَنوِي القِرَانَ، وأهَلَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالحَجِّ فَقَطْ، أي: أنَّه كان مُفْرِدًا.
وقد رُوِيَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رواياتٍ أُخرَى: أنَّه كان قَارِنًا، يعني أنَّه أَحْرَمَ بِحَجٍّ وعُمْرَةٍ معًا، ووَجْهُ الجَمْعِ بينَ هذه الرِّواياتِ وهذا الحديث: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان مُفْرِدًا في بدايةِ الأمرِ، ثُمَّ استقرَّ على أنْ يُحْرِمَ بالحَجِّ والعُمْرَةِ معًا، فصار قَارِنًا، فمَن نَقَل أنَّه كان مُفْرِدًا قَصَد أولَ الأمرِ، ومَن نَقَل أنَّه كان قارِنًا قَصَد ما استقرَّ عليه الأمرُ.
ثُمَّ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ رضِي اللهُ عنها أنَّ مَن يُحرِمُ بالحَجِّ أو بالحَجِّ والعُمْرَةِ معًا، لا يَحِلُّ مِن إحرامِه إلَّا في يومِ النَّحْرِ؛ لأنَّ مَن أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَقَطْ يَحِلُّ ثُمَّ يُحْرِمُ بالحَجِّ.الدرر السنية شرح الحديث
-
حج إفراد:الإفراد بالحج أن يحرم بالحج مفرداً، فيقول: «لبيك اللهم حجاً»، ثم يمضي في عمل حجه حتى يتمه، فليس عليه إلا طواف واحد، وهو طواف الإفاضة ،وليس عليه إلا سعي واحد، وهو سعي الحج، ولا يحل إلا يوم النحر، وليس عليه دم، وإن كان يستحب له ذلك .الدرر
-
حج قِران:أن يحرم بالعمرة والحج معاً في نسك واحد، فيقول: لبيك اللهم عمرة في حجة.الدرر
- " سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بوادي العقيقِ يقولُ : "أتاني الليلةَ آتٍ من ربي فقال : صَلِّ في هذا الوادي المبارَكِ ، وقُلْ : عمرةً في حَجَّةٍ"
الراوي : عمر بن الخطاب - المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1534 - خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنيةينوي فيه الحاج نية الإتيان بحج وعمرة معاً في آن واحد وبأفعال واحدة، من طواف وغيره من أعمال الحج، أو يحرم بالعمرة أولاً ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها. وعمل القارن كعمل المفرد سواء، إلا أن القارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه.
لا تلازم بين القران وسوق الهدي، فإنه يجوز أن يحج قارنا من لم يسق الهدي، ويجوز أن يسوق الهدي من لم يحج قارناً، وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم قارناً على أرجح الأقوال، وقد ساق معه الهدي فدل ذلك على استحباب سوق الهدي، وليس ذلك بواجب ولا هو شرط في جواز القران، قال الشيخ العثيمين رحمه الله: سوق الهدي مسنون وليس بواجب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولم يأمر به، والأصل فيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم تعبداً دون أمر فإنه مسنون. انتهى.هنا -
حج تمتع: ينوي فيه الحاج نية العمرة في أشهر الحج (شوال، ذي العقدة وأول 8 أيام من شهر ذي الحجة)، فينوي العمرة فقط ويؤدي مناسكها ثم يتحلل من إحرامه ويتمتع بحياته العادية من ملبس وغيره من معاشرة النساء فإذا أتى اليوم الثامن من ذي الحجة نوى الحج من مكانه بمكة ولبس ملابس الإحرام وأتى بمناسك الحج.
- لقوله تعالى:" فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ "البقرة:196
"خرجنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا نذكر إلا الحجَّ..............."قالت : فلما قدمتُ مكةَ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه " اجعلوها عمرةً " فأحلَّ الناسُ إلا من كان معه الهديُ . قالت : فكان الهديُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأبي بكر وعمرَ وذوي اليسارةِ . ثم أهلُّوا حين راحوا ................."الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1211 - خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية
وهذا النسك هو الأفضل.
"...........فقام النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فينا . فقال : " قد علمتُم أني أتقاكم للهِ وأصدقُكم وأبرُّكم . ولولا هديي لحللتُ كما تُحلُّون . ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أَسُقِ الهديَ . فحلُّوا " فحلَلْنا وسمعنا وأطعْنا........."
.الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : مسلم -المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1216 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.الدرر السنية
الاشتراط في الحج والعمرة
يصح الاشتراط في الحج والعمرة،يشرع الاشتراط إذا خاف المانع من إتمام النسك، وهذا اختيار ابن تيمية،وابن القيم،وابن باز، وابن عثيمين.الدرر.
- دخل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على ضُباعةَ بنتِ الزبيرِ فقال لها: لعلك أردتِ الحجَّ . قالت: واللهِ لا أجدُني إلا وَجِعَةً، فقال لها: حُجِّي واشترطي، قولي: اللهم محَلِّي حيث حبستني. وكانت تحتَ المقدادِ بنِ الأسودِ.الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5089 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- .الدرر السنية
فائدة الاشتراط: أنه إذا حبس عن النسك بعذر فإنه يحل منه وليس عليه هدي ولا صوم ولا قضاء ولا غيره، الدرر.
مواقيت الحج والعمرة:
المواقيت في اللغة: جمع ميقات، وهو الوقت المضروب للفعل والموضع، ثم استعير للمكان، ومنه مواقيت الحج لمواضع الإحرام يقال: هذا ميقات أهل الشام: للموضع الذي يحرمون منه.
المواقيت في الاصطلاح: زمان النسك وموضع الإحرام له
المواقيت الزمانية :اختلف أهل العلم في تحديد مواقيت الحج الزمانية على أقوال، أشهرها:
المَواقِيتُ الزَمَانِيَّةٌ ، هِيَ: شَوَّالٌ ، وَذُو القَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، لا يَصِحُّ شيءٌ من أعْمالِ الحَجِّ إلا فِيها.
أمَّا العُمْرَةُ فَتَصِحُّ في كُلّ وَقْتٍ .
وهذا مذهب الحنفية،وابن تيمية،وابن باز ، واللجنة الدائمة .قال الله تعالى "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ "البقرة: 197
وجه الدلالة:
أن الآية عبرت بالجمع (أشهر)، وأقل الجمع ثلاث.
المَواقِيتُ المَكانِيَّةٌ:
المَواقِيتُ المَكانِيَّةٌ ،هِيَ الأماكِنُ التي يُحْرِمُ مِنْها مَنْ أرادَ الحَجَّ والعُمرةَ. وهِيَ:
1- ذُو الْحُلَيْفَةِ، وَهُوَ مِيقاتُ أهْل المدينَةِ.
2- الجُحْفَةُ ، وَ هِيَ مِيقاتُ أهْل الشَّام.
3- يَلَمْلَمُ، وَهِيَ مِيقاتُ أهْل اليَمَن.
4- قَرْنُ المَنَازِلِ، وَهُوَ مِيقاتُ أهْل نَجْدٍ .
5- ذَاتُ عِرْق، وَهِيَ مِيقاتُ أهْل العِراقِ.
- وَقَّتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لأهلِ المدينةِ ذا الحُلَيْفَةَ، ولأهلِ الشأْمِ الجُحْفَةَ، ولأهلِ نَجْدٍ قَرْنَ المنازلِ، ولأهلِ اليمنِ يَلَمْلَمَ، فهُنَّ لَهُنَّ، ولِمَن أَتَى عليهن من غيرِ أهلِهِن، لِمَن كان يريدُ الحَجَّ والعمرةَ، فمن كان دونَهن فمُهَلُّهُ من أهلِهِ، وكذلك حتى أهلُ مكةَ يُهِلُّون منها" .
الراوي :
عبدالله بن عباس- المحدث :
البخاري-
المصدر :
صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1526 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-
الدرر السنية
-قال البخاري في صحيحه:حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ،قال:حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ،قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ "
صحيح البخاري » كتاب الحج » باب ذات عرق لأهل العراق » حديث رقم :1458 . هنا
قَوْلُهُ : ( بَابُ ذَاتِ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ) هِيَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ، بَعْدَهَا قَافٌ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ ، لِأَنَّ فِيهِ عِرْقًا ، وَهُوَ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ ، وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ تُنْبِتُ الطَّرْفَاءَ ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ ، وَالْمَسَافَةُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا ، وَهُوَ الْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ. هنا
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " هُنَّ
لَهُنَّ وِلمَنْ أتَى عَليْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهْلِهِنَّ لِمَنْ
أرادَ الحجَّ والعُمْرَةَ ". أيْ: هذه المَواقِيتُ لأهْلِ البِلادِ
المذكورةِ، وكذلِكَ لِمَنْ مَرَّ بها مُتَّجهاً إلَى مَكَّةَ لأداءِ
الحجِّ والعُمرةِ. أهْلُ مَكَّةَ يُحْرِمُونَ لِلحَجِّ منْ
مَكَّةَ، ويُحْرِمُونَ لِلْعُمرةِ من أدْنَى الحِلّ.هنا -قال البخاري في صحيحه:حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ،قال:حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ،قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ "
صحيح البخاري » كتاب الحج » باب ذات عرق لأهل العراق » حديث رقم :1458 . هنا
قَوْلُهُ : ( بَابُ ذَاتِ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ) هِيَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ، بَعْدَهَا قَافٌ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ ، لِأَنَّ فِيهِ عِرْقًا ، وَهُوَ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ ، وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ تُنْبِتُ الطَّرْفَاءَ ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ ، وَالْمَسَافَةُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا ، وَهُوَ الْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ. هنا
أما ذُو الحُلَيْفَةُ: فهي المكان المسمى الآن بأبيار علي، وهي قريبة من المدينة، وتبعد عن مكة بنحو عشر مراحل، وهي أبعد المواقيت عن مكة، وهي لأهل المدينة، ولمن مر به من غير أهل المدينة.
وأما الجُحْفَةُ: فهي قرية قديمة في طريق أهل الشام إلى مكة، وبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل، وقد خربت القرية، وصار الناس يحرمون بدلا منها من رابغ.
وأما يَلَمْلَمُ: فهو جبل أو مكان في طريق أهل اليمن إلى مكة، ويسمى اليوم: السعدية وبينه وبين مكة نحو مرحلتين.
وأما قَرْنُ المَنَازِلِ: فهو جبل في طريق أهل نجد إلى مكة، ويسمى الآن: السيل الكبير، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين.
وأما ذَاتُ عِرْق: فهي مكان في طريق أهل العراق إلى مكة، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين أيضا. الشيخ العثيمين
وأما من كان مسكنه دون هذه المواقيت كسكان : جدة , وبحرة , والشرائع , وغيرها فمسكنه هو ميقاته فيُحْرِم منه بما أراد من حج أو عمرة , أما أهل مكة فيحرمون بالحج وحده من مكة .هنا
الإحرام ومحظوراته:
المراد بالإحرام
الإحرام لغة: نية الدخول في التحريم،
فإن المحرم يحرم على نفسه بالإحرام ما كان مباحا له قبله، من النكاح،
والطيب، والحلق، وأشياء من اللباس ونحو ذلك.
الإحرام شرعا: نية الدخول في النسك مع التلبية عند الميقات . هنا
محظورات الإحرام
أصل الحظر المنع، فالمحظور الممنوع، ومحظورات
الإحرام هي: الأمور التي يمنع المحرم من فعلها بسبب الإحرام مدة الإحرام
ففعلها حال الإحرام من غير عذر حرام. هنا
إذا دخل في النُّّسك حُظِرت عليه محظورات الإحرام والأصل فيها ما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما:
إذا دخل في النُّّسك حُظِرت عليه محظورات الإحرام والأصل فيها ما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما:
- أن رجلاً قال: يا رسولَ اللهِ، ما يلبَسُ المحرِمُ من الثيابِ؟ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:لا تلبَسوا القُمُصَ, ولا العمائِمَ، ولا السرويلات، ولا البَرانِسَ، ولا الخِفافَ، إلا أحدٌ لا يجدَ النعلين فليلبَسْ خُفين، وليقطعْهما أسفلَ من الكعبين، ولا تلبَسوا من الثيابِ شيئًا مسَّه الزعفران ولا الورْسُ .
الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5803 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح] - انظر شرح الحديث رقم 8467- الدرر السنية- قامَ رجلٌ فقالَ : يا رسولَ اللهِ ، ماذا تَأْمُرُنَا أنْ نلبسَ من الثيابِ في الإحرامِ ؟ فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : لا تَلْبَسوا القَميصَ ، ولا السَّراويلاتِ ، ولا العَمَائمَ ، ولا البَرَانِسَ ، إلا أنْ يكونَ أحدٌ ليستْ لهُ نعْلانِ فلْيِلْبسْ الخفينْ ، ولْيَقْطَعْ أسفلَ من الكعبينِ ، ولا تَلْبَسوا شيئًا مسَّهُ الزعفرانُ ولا الوَرْسُ ، ولا تَنْتَقِبْ المرأةُ المُحْرِمَةُ ، ولا تَلْبَسْ القُفَّازَينِ" .
الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1838 - خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه- الدرر السنية
الشرح:
يُبيِّن لنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ما يُحظَر على المُحرِم لَبسُه، فلا يَلبَس العِمامةَ؛ لأنَّها مَخيط، ولا يَلبَس القَميصَ:- القَمِيصُ : لباسٌ رقيق يُرتَدَى تحت السّترة غالبًا-؛ ولا السَّراويلَ:- لباسٌ يغطِّي الجسمَ من السُّرَّة إلى الرُّكبتين أو إلى القدمين-؛ ولا البُرْنُسَ: - رداء ذو كُمَّين يتَّصل به غطاء للرأس؛ لأنَّها مَخيطٌ، ولا يَلبَس ثوبًا مسَّه "الوَرْسُ"، وهو نَبت طيِّب الرائحةِ، ولا الزَّعْفَرانُ؛ لأنَّه من الطِّيب. ثُمَّ أجازَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لبسَ الخُفَّين للمُحرِم بعد قطعِ أعلاهما إذا لَم يَجِد النَّعلَين حتَّى يَكشِفا عن الكَعبَين. ونهى صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن تَستُر المَرأةُ المُحرِمةُ وجْهَها بالبُرْقُعِ والنِّقابِ، أو أن تَلبَس "القُفَّازَين"، وهو شيءٌ تَلبَسه نِساءُ العَربِ في أيديهِنَّ يُغطِّي الأصابعَ والكَفَّ والسَّاعدَ من البَردِ، ولكن لها أن تُغَطِّي وجْهَها وكفَّيها بِغَيرِ ذلك مِن الخِمارِ ونَحوِه.وقد ورَد عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضي الله عنها: أنَّها كانت تُغطِّي وجهَها في الإحرامِ، وقد جاء النَّصُّ بالنَّهيِ عن النِّقابِ خاصَّةً،وليس عن تغطية الوجه.
في الحديثِ: إجابةُ السَّائِلِ بأكثرَ مِن سُؤالِه؛ إتمامًا للفائِدةِ.
وفيه: بيانُ مَحظوراتِ الإحرامِ.
وفيه: النَّهيُ عن لبس الثوب الَّذي مسَّه وَرس أو زعفران.
وفيه: النهي عن لُبْس النِّقابِ أو القُفَّازَين للمُحرِمةِ.- الدرر السنية
فمن هذا الحديث وغيره يتبين أن المحرم يحرم عليه عدة أمور هي:
الأول:حلق
الشعر فلا يجوز للمحرم أن يحلق شعره من جميع بدنه بلا عذر, والعذر مرض أو
قروح أو صداع وغيره مما يتضرر به إجماعاً والقص والقلع والنتف كالحلق, وذلك
لقوله تعالى: "وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ"(2), أي مكانه الذي يجب أن يذبح فيه.
الثاني:
تقليم الأظافر أو قصها , فالتقليم يحصل به الرفاهية فأشبه إزالة الشعر,
قال الموفق ابن قدامة رحمه الله: أجمع أهل العلم على أن المُحْرِم ممنوع من
أخذ أظافره وسواء كانت هذه الأظافر في اليدين أو الرجلين إذا كان بغير عذر(3) المغني 3/320..
وما ينبه له هنا أنه إذا أزال شعراً أو قلم أظافراً بعذر فإنه يسلم من الإثم ولكن عليه الفدية, وذلك لقوله تعالى: " فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ"(4),
ولحديث كعب بن عُجرة رضي الله عنه أنه قال: كان بي أذى من رأسي فحُمِلْتُ إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال: (ما كنت أرى الجهد يبلغ بك ما أرى’ تجد شاة؟) قلت: لا فَنَزَلَتْ: "فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ", قال: (هو صوم ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين, نصف صاع طعاماً لكل مسكين أو ذبح شاة) متفق عليه(5)البخاري
مع الفتح في مواضع منها( 3: 12 رقم 1813) كتاب المحصر, باب قول الله تعالى
فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك.،
ومسلم( 2: 859 رقم 1201)، كتاب الحج، باب جواز حلق الرأس.,
والفدية هنا على التخيير وليست على الترتيب.
والفدية هنا على التخيير وليست على الترتيب.
ومما
ينبغي علمه هنا أن يجوز للمحرم أن يغسل شعره وأن ينظف جسده بالماء كما
يجوز بصابون أو نحوه, ومما يخطئ فيه بعض الناس هنا أنه يترك جسده وشعره
متسخاً بحجة أنه لا يجوز ذلك خشية أن يسقط شعر وهذا غير صحيح فله أن ينظف
كما له أيضاً أن يحك شعر رأسه أو جزاءاً من جسده إذا تطلب ذلك حكاً عادياً
وإن سقط شعر منه فلا يضر إن شاء الله.
كما يجوز للمرأة أن تمشط شعر رأسها لكن يكون بلطف ورفق لئلا يتساقط شيء من شعرها يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: (يجوز
للمحرم أن يمشط رأسه ولا دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع على منعه من ذلك
ولا تحريمه وليس في ذلك ما يحرم على المحرم تسريح شعره فإن أمن من تقطيع
الشعر لم يمنع من تسريح رأسه).
الثالث:
تغطية الرأس بملاصق بالنسبة للرجل إجماعاً وذلك لنهيه صلى الله عليه وسلم
عن لبس العمائم والبرانس كما سبق في الحديث وسواء كانت هذه التغطية بما هو
معتاد كالطاقية أو الغترة أو العمامة أو غير معتاد كقرطاس ونحوه لكن إن
كانت التغطية بغير ملاصق كمن يستظل بالخيمة أو بالسيارة راكباً أو بيت أو
مظلة يستظل بها عن الشمس أو شجرة وكذا إن حمل على رأسه حملاً لا لقصد
التغطية وإنما ليحمله وينتقل به من مكان إلى آخر فكل ذلك لا بأس به إن شاء
الله لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى عرفة وجد الخيمة قد ضربت
له فنزل بها, لكن من غطى رأسه بما هو ملاصق فعليه الفدية التي ذكرناها
سابقاً في حلق الرأس وتقليم الأظافر.
أما
بالنسبة للمرأة فلها أن تغطي رأسها بل يجب عليها إن كانت بحضرة رجال أجانب
عنها وهذا مما تفترق فيه المرأة عن الرجل لأنها مأمورة بالستر والحجاب.
الرابع:
لبس المخيط للذكر في بدنه أو بعضه بما عمل على قدره إجماعاً قل أو كثر
سواء كان ثوباً أو سروالاً أو قميصاً ونحوه وذلك للحديث السابق ذكره في
قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل) (6).
أما
المرأة فلها أن تلبس المخيط لكن تجتنب البرقع والنقاب وما في معناها كما
لا تلبس القفازين وهما شراب اليدين, أما الخفان أو شراب الرجلين فلها ذلك
بل يحسن لكي تغطيهما وما يلاحظ هنا أن بعض الناس يظن أن كل مخيط يحرم
بالإحرام والصواب أن المحظور في الإحرام ليس ذات المخيط وإنما اللباس
المعتاد وهو كل ما عمل على قدر العضو كلباس معتاد, أما مجرد المخيط كما إذا
وجد بالإزار أو الرداء أو النعلين فلا يضر, ومما ينبه له في هذا المقام أن
البعض يظن أنه لا يجوز ربط الإزار بالحزام أو بالهميان وهو ما يسمى بـ
(الكمر) والصواب أنه يجوز ذلك إن شاء الله إذا كان لحاجة كأن يضع فيه نقوده
أو أوراقه التي يحتاجها في سفره ونحو ذلك أما الرداء فلا يحتاج إلى ربط
بالمشابك وغيرها فعلى المحرم اجتناب ذلك.
كما أنه لا يجوز للرجل لبس الجوارب ونحوها إلا أن لا يجد نعلين فإن لم يجد نعلين فليلبس الخفين كما هو نص الحديث السابق.
ومما
ينبه له أيضاً أن لبس الإزار الذي يكون محاطاً بمغاط فيكون مغلقاً من جميع
الجوانب فهذا مما اختلف فيه العلماء المعاصرون فمن ألحقه بالمخيط منعه,
ومن رأى أنه ليس لباساً معتاداً أجازه, والأولى تركه بعداً عن الخلاف.
الخامس:
الطيب, فلا يجوز للمحرم ذكراً كان أو أنثى أن يتطيب أو يمس شيئاً من الطيب
ثوبه أو بدنه إجماعاً لأنه صلى الله عليه وسلم أمر يعلى بن أمية بغسل
الطيب(7), وقال صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته راحلته (ولا تحنطوه) متفق عليه(8), وفي رواية لمسلم: (ولا تمسوه بطيب),
والحكمة من ذلك –والله أعلم- أنه يبعد عن الترفه وزينة الدنيا وملاذها,
ويجمع همه لمقاصد الآخرة, ولكونه من أسباب دواعي القرب من النساء.
كما
نص بعض الفقهاء رحمهم الله أن لا يستعمله المحرم في أكل أو شرب يظهر في
طعمه أو ريحه ولو مطبوخاً أو مسته النار, لكن إن ذهب الطعم والريح ولم يبق
سوى اللون فلا بأس بذلك.
والطيب يشمل جميع العطورات السائلة وغيرها كالبخور والدهونات ولو مازجت مواداً أخرى(9),
كما يجوز له أن يشم ماله رائحة طيبة كالشيح والخزامى ونحوهما أو أن يدهن
بدهن غير مطيب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله فيما رواه أحمد والترمذي(10).
السادس: قتل صيد البر واصطياده, وذبحه فإن فعل المحرم ذلك فعليه جزاؤه إجماعاً لقوله تعالى: {ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} (11), أي: محرمون بالحج أو العمرة, ولقوله سبحانه: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} (12).
كما
لا يجوز للمحرم أن يدل عليه غيره أو يشير إليه أو يعينه أو يعيره آله
ليقتله ونحو ذلك لأن هذا وسيلة إلى الحرام فكان حراماً, أما صيد البحر فإنه
لا يحرم إن لم يكن بالحرم إجماعاً لقوله تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه}(13).
أما
الحيوانات المؤذية أو الحشرات الضارة ونحوها كالحية والعقرب والزنبور
والبعوض والفأرة فهذه يجوز قتلها واستحبه بعض أهلم العلم لأنها مؤذية ولا
جزاء في قتلها.
السابع:
عقد النكاح للمحرم فليس له أن يعقد النكاح, فلو تزوج المحرم, أو زوج محرمة
أو غير محرمة, أو كان ولياً في النكاح فيحرم عليه ولا يصح النكاح لما رواه
مسلم في صحيحه عن عثمان رضي الله عنهما مرفوعاً: (لا ينكح المحرم ولا ينكح) (14), أي لا يعقد لنفسه ولا يتولى العقد لغيره, وفي رواية: (ولا يخطب).
الثامن:
الوطء ودواعيه, قال الفقهاء رحمهم الله: وإن جامع المحرم بأن غيب حشفته
الأصلية في قبل أو دبر من حي أو غيره حرم, وكما يحرم الوطء تحرم مقدماته
ولا يتمتع بقبلة ولا مباشرة ولا نظر بشهوة, لقوله سبحانه وتعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}(15), قال ابن عباس: الرفث: الجماع(16), والحكمة من ذلك والله أعلم أن يبعد عن ملاذ الدنيا وشهواتها ويجمع همه لمقاصد الآخرة.
وذكر
أهل العلم أن من وطء أثناء الحج فعليه الجزاء, فإن كان الوطء قبل التحلل
الأول ولو بعد الوقوف بعرفة فسد النسك, ولا فرق بين العامد والساهي في قول
جمهور أهل العلم ومع فساد النسك عليهما المضي في إتمامه كما أثر ذلك عن عمر
وعلى وأبي هريرة وآخرين رضي الله عنهم فلا يخرجان من الحج بسبب الوطء بل
عليهما الاستمرار لقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله}, وعليهما أيضاً القضاء وجوباً في العام الذي يليه لما روي ذلك عن ابن عباس وابن عمروا رضي الله عنهم.
وعلى الواطئ أيضاً بدنة لقول ابن عباس رضي الله عنهما أهدى ناقة.
أما
الوطء بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني فإن الواطئ يكون قد ارتكب
محظوراً لكنه لا يفسد حجه, وعليه شاة لفعله المحظور في الإحرام.
التاسع: المباشرة دون الفرج فلا يجوز للمحرم أن يباشر فيما دون الفرج, ولو بتقبيل أو لمس أو نظر بشهوة وفاقاً.
فإن
فعل المحرم فباشر زوجته فأنزل لم يفسد حجه لكن عليه بدنة إن أنزل بمباشرة
أو قبلة أو تكرار نظر أو لمس لشهوة أو أمنى باستمناء وهناك قول آخر أن عليه
شاة وليس عليه بدنة.
ومن
فعل ذلك كله ولم ينزل فعليه فدية الأذى أي التخيير بين الإطعام وذبح شاو
أو صيام ثلاثة أيام كما سبق فيمن حلق شعره أو قلم أظافره, والمرأة في
المباشرة كالرجل إلا المكرهة فلا شيء عليها.
*****
فتخلص مما سبق عدة أمور:
1- أن على الحاج أو المعتمر محظورات يجب أن يتجنبها –كما عرفناها-.
2- أن من فعل هذه المحظورات متعمداً فعليه الإثم والفدية على كل محظور بحسبه –كما سبق- وعليه التوبة والاستغفار.
3-
أما الناسي والجاهل فالذي يظهر والله أعلم أنه ليس عليهما شيء إلا في
مسألة الجماع فإن الخلاف قوي وجمهور أهل العلم يرون أن عليه الجزاءات التي
ذكرت والله أعلم.
ومما
ينبه له أن المرأة يباح لها التحلي بما شاءت من الحلي, ولكن لا تبرزه
للرجال لترى زينتها, كما يباح لها الخضاب بالحناء عند الإحرام ويكره بعده,
كما يباح الاكتحال لكن لا يكون من أجل الزينة.
*****
(1)
أخرجه البخاري مع الفتح( 1: 231 رقم 134 )في كتاب العلم باب من أجاب
السائل بأكثر مما سأله, ومسلم 2/835 رقم 1177 في الحج باب ما يباح للمحرم
بحج أو عمرة.
(2) البقرة:196.
(3) المغني 3/320.
(4) البقرة:196.
(5)البخاري
مع الفتح في مواضع منها( 3: 12 رقم 1813) كتاب المحصر, باب قول الله تعالى
فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك.،
ومسلم( 2: 859 رقم 1201)، كتاب الحج، باب جواز حلق الرأس.
(6) انظر: تخريج حديث رقم (1) هذا الدرس.
(7) أخرجه البخاري مع الفتح( 3: 393 رقم 1536 )في الحج, باب غسل الخلوف ثلاث مرات من الثياب.
(8)
أخرجه البخاري مع الفتح (4: 63 رقم 1849 )في جزاء الصيد, باب المحرم يموت
بعرفه, وأيضاً 3/136 رقم 1266 في الجنائز, باب الحنوط على الميت, وأخرجه
مسلم( 2: 865 رقم 1206) الحج, باب ما يفعل بالمحرم إذا مات.
(9)
إذا كان الأصل غير طيب ولا عطر كالصابون الذي فيه رائحة عطر فهذا محل خلاف
بين المعاصرين, والأولى اجتنابه بعداً عن الخلاف لكن لو استعمله فالذي
يظهر أنه ليس عليه شي وهو رأي سماحة الشيخ ابن باز –رحمه الله-.
(10) أخرجه الترمذي كما في التحفة( 4: 31 رقم 969 )في الحج باب رقم 110 في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(11) المائدة:95.
(12) المائدة:96.
(13) المائدة:96.
(14)أخرجه
مسلم( 2: 1030 رقم 1409 )في النكاح, باب تحريم نكاح المحرم وأبو داود كما
في عون المعبود (3: 2067 رقم 1838 )في المناسك باب المحرم يتزوج.
(15) المائدة:96.
(16) المائدة:96.
شبكة السنة النبوية وعلوما هنا
محظورات الإحرام
محمد بن صالح العثيمين
محظورات الإحرام: ما يُمنع منه المُحرم بحج أو عمرة وهي ثلاثة أقسام:
قسمٌ محرّمٌ على الذكور والإناث.
قسمٌ محرّمٌ على الذكور فقط.
قسمٌ محرّمٌ على الإناث فقط.
فأما المُحَرَّمُ على الذكور والإناث فهو:
1 ـ إزالةُ شعر الرأس بحلق أو غيره لقوله تعالى: { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [البقرة: 196]
ألحق جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى شعرَ بقية الجسم بشعر الرأس، وعلى هذا فلا يجوز للمحرمِ أن يُزيل أي شعر كان من بدنه. وقد بيّن الله سبحانه وتعالى فدية حلق الرأس بقوله: { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } البقرة: 196].
وأوضح النبي صلى الله عليه وسلّم أن الصيام مقداره ثلاثة أيام، وأن الصدقة مقدارُها ثلاثة آصع من الطعام لستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، وأن النسك شاة، والمراد شاة تبلغ السن المعتبر في الهدي، وتكونُ سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء. ويُسمّي العلماء هذه الفدية فدية الأذى
2 ـ تقليم الأظافر أو قلعُها أو قصُّها قياساً على حلق الشعر؛ على المشهور عند أهل العلم. ولا فرق بين أظفار اليدين والرجلين، لكن لو انكسر ظُفُرهُ وتأذى به فلا بأسَ أن يقص القدر المؤذي منه، ولا فدية عليه.
لقوله تعالى:" ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ "الحج:29
فإن نص الآية الكريمة هو قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {الحج: 29}.
والتفث: هو القذارة والوسخ، قال ابن الجوزي في زاد المسير: والتفث الوسخ والقذارة من طول الشعر والأظفار والشعث، وقضاؤه: نقضه وإذهابه، والحاج مغبر شعث لم يدهن ولم يستحد، فإذا قضى نسكه وخرج من إحرامه بالحلق والقلم وقص الأظفار ولبس الثياب ونحو ذلك فهذا قضاء تفثه.هنا
3 ـ استعمال الطيب بعد الإحرام في ثوبه أو بدنه أو غيرهما مما يتصل به لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال في المُحرِم: « لا يلبس ثوباً مسه زعفران ولا ورس »، وقال في المُحرم الذي وقَصَتْهُ راحلته وهو واقف بعرفة : « لا تُقربوه طيباً » وعلل ذلك بكونه يُبعث يوم القيامة مُلبياً. والحديثان صحيحان. فدل هذا على أن المُحرِم ممنوع من قُربان الطيب.
ولا يجوز للمحرم شمُّ الطيب عمداً ولا خلط قهوته بالزعفران الذي يُؤثر في طعم القهوة أو رائحتها، ولا خَلطُ الشاي بماء الورد ونحوه مما يظهر فيه طعمه أو ريحه. ولا يستعمل الصابون المُمَسك إذا ظهرت فيه رائحة الطيب، وأما الطيب الذي تطيب به قبل إحرامه فلا يضُرُّ بقاؤه بعد الإحرام لقول عائشة رضي الله عنها: « كنت أنظرُ إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو مُحرم » متفق عليه.
4 ـ عقد النكاح لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : « لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب » رواه مسلم. فلا يجوز للمُحرم أن يتزوج امرأةً ولا أن يعقدَ لها النكاحَ بولايةٍ ولا بوكالةٍ، ولا يخطبُ امرأةً حتى يُحِلَّ من إحرامه. ولا تُزوَّج المرأةُ وهي محرمةٌ. وعقدُ النكاح حالَ الإحرام فاسدٌ غير صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: « مَن عمل عملاً ليس عليه أمُرنا فهو رد ».
5 ـ المباشرةُ لشهوةٍ بتقبيل أو لمسٍّ أو ضمٍّ أو نحوه لقوله تعالى: { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ } [البقرة: 197].
ويدخل في الرّفث مقدمات الجماع كالتقبيل والغمز والمُداعبة لشهوة. فلا يحل للمحرم أن يُقبّل زوجَته لشهوة، أو يمسها لشهوة، أو يغمزها لشهوة، أو يداعبها لشهوة. ولا يحلُّ لها أن تمكنه من ذلك وهي مُحرمة. ولا يحل النظر لشهوة أيضاً لأنه يستمتع به كالمباشرة.
6 ـ الجماع لقوله تعالى: { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ } [البقرة: 197]. والرفث الجماع ومقدماته.
والجماع أشد محظورات الإحرام تأثيراً على الحج وله حالان:
الحال الأولى: أن يكون قبلَ التحللِ الأول فيترتب عليه شيئان:
أ ـ وجوب الفدية وهي بَدنَة أو بقرة تُجزىء في الأضحية يذبحها ويُفرقها كلها على الفقراء، ولا يأكل منها شيئاً.
ب ـ فساد الحج الذي حصل فيه الجماع، لكن يلزم إتمامه وقضاؤه من السنة القادمة بدون تأخير. قال مالك في
(الموطأ): بلغني أن عمر وعلياً وأبا هريرة سُئلوا عن رجلٍ أصاب أهله وهو مُحرم؟
فقالوا: يَنفذان لوجههما حتى يقضيا حَجهما، ثم عليهما حجٌّ قابل والهدي. قال: وقال عليٌّ: وإذا أهلا بالحج من عامٍ قابلٍ تفرقا حتى يقضيا حَجّهما. ولا يفسدُ النُّسُكُ في باقي المحظورات.
الحال الثانية: أن يكونَ الجماع بعد التحلل الأول، أي بعد رمي جمرةِ العقبة والحلق، وقبل طواف الإفاضة، فالحج صحيح، لكن يلزمه شيئان على المشهور من المذهب:
أ ـ فديةٌ شاة يذبحها ويُفرقها جميعاً على الفقراء، ولا يأكل منها شيئاً.
ب ـ أن يخرج إلى الحل، أي: إلى ما وراء حدود الحرم فَيُجدد إحرامه، ويلبس إزراً ورداءً ليطوف للإفاضة مُحرماً.
7 ـ من محظورات الإحرام: قتل الصيد، والصيد: كل حيوان بري حلال متوحش طبعاً كالظباء والأرانب والحمام، لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}، وقوله : {يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَـلِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـكِينَ أَو عَدْلُ ذلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: 96-97]
فلا يجوز للمُحْرِم اصطياد الصيد المذكور، ولا قتلُه بمباشرةٍ أو تسبب أو إعانةٍ على قتلهِ بدلالةٍ أو إشارةٍ أو مناولةِ سلاحٍ أو نحو ذلك.
وأما الأكل منه فهو أقسامٌ ثلاثةٌ:
الأول: ما قتله المُحرمُ أو شاركَ في قتله فأكله حرامٌ على المحرم وغيره.
الثاني: ما صاده حلالٌ بإعانة المُحرم، مثل أن يدله المُحرم على الصيد، أو يناوله آلةَ الصيد، فهو حرامٌ على المُحرمِ دون غيره. الثالث: ما صاده الحلالُ للمحرمِ، فهو حرامٌ على المُحرِمِ دون غيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: « صيد البرِّ لكم حلالٌ ما لم تَصيدوه أو يُصَد لكم ».
وعن أبي قتادة رضي الله عنه أنه صاد حماراً وحشيًّا، وكان أبو قتادة غيرَ محرمٍ وأصحابه مُحرمين، فأكلوا منه، ثم شكوا في أكلهم، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلّم؟
فقال: « هل أشار إليه إنسانٌ أو أمره بشيء »
قالوا: لا
قال: « فكلوه ».
وإذا قتل المُحرمُ الصيد متعمداً فعليه جزاؤه، لقوله تعالى: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَـلِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـكِينَ أَو عَدْلُ ذلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: 95].
فإذا قتلَ حمامة مثلاً فمثلها الشاة فَيُخير بين أن يذبح الشاة ويُفرقها على الفقراء فديةً عن الحمامة، وبين أن يُقومها ويُخرج ما يقابل القيمة طعاماً للمساكين، لكل مسكين نصف صاع، وبين أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً.
وأما قطع الشجر فليس حراماً على المُحرم من أجل الإحرام، لأنه لا تأثير للإحرام فيه، وإنما يَحرمُ على من كان داخل حدود الحرَمِ سواءٌ أكان محرِماً أم غيرَ محرم، وعلى هذا يجوز قطع الشجر في عرفة للمُحرِم وغير المُحرِم، ويحرَّم في مزدلفة ومنى على المحرم وغير المحرم لأن عرفة خارجُ حدودِ الحرم، ومزدلفة ومنى داخل حدودِ الحرمِ.
فهذه المحظورات السبعة حرامٌ على الرجال والنساء.
ويختص الرجال بمحظورين حرامٌ عليهم دونَ النساء وهما:
1 ـ تغطية الرأس، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم في المُحرِم الذي وقصته راحلته بعرفة : « اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تُخَمِّروا رأسَه ـ أي لا تُغطوه »، متفق عليه. فلا يجوز للرجل أن يُغطي رأسَه بما يلاصقه كالعمامة ـ والقُبع والطاقية والغُترة ونحوها، فأما غير الملاصق كالشمسية وسقف السيارة والخيمة ونحوها فلا بأسَ به لقول أم حصين رضي الله عنها: « حجَجنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلالٌ وأسامة أحدُهما يقود راحلته والاخر رافعٌ ثوبه على رأس النبي صلى الله عليه وسلّم يُظلله من الشمس » رواه مسلم. وفي رواية : «يستره من الحرّ حتى رمى جمرة العقبة».
ولا بأس أن يحمل متاعه على رأسه وإن تغطى بعض الرأس لأن ذلك لا يُقصد به الستر غالباً. ولا بأسَ أن يغوص في الماء ولو تغطى رأسه بالماء.
2 ـ مما يختص به الرجال من محظورات الإحرام لُبس المخيط، وهو أن يلبس ما يلبس عادةً على الهيئة المُعتادة، سواء كان شاملاً للجسم كله، كالبرنس والقميص، أو لجزء منه كالسراويل والفنايل والخفاف والجوارب وشراب اليدين والرجلين، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم سُئل: ما يلبس المُحرِم من الثياب؟
قال: « لا يلبسُ القميص ولا العمامة ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف ولا ثوباً مسّه زعفرانٌ ولا ورس » متفق عليه.
لكن إذا لم يجد الإزار ولا ثَمنه لبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين ولا ثَمنهما لبس الخفين ولا شيء عليه؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلّم يخطب بعرفات يقول: « من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خُفين » متفق عليه.
ولا بأس أن يلف القميص على جسمه بدون لبس. ولا بأس أن يجعل العباءة رداءً بحيث لا يلبسها كالعادة. ولا بأس أن يلبس رداءً أو إزاراً مُرقعاً. ولا بأس أن يعقد على إزاره خيطاً أو نحوه. ولا بأس أن يلبس الخاتم وساعة اليد ونظارةَ العين وسماعة الأُذن، ويُعلق القِربَة ووعاء النفقة في عنقه. ولا بأس أن يعقد رداءه عند الحاجة مثل أن يخاف سقوطه، لأن هذه الأمور لم يرد فيها منعٌ عن الرسول صلى الله عليه وسلّم، وليست في معنى المنصوص عليه، بل لقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلّم عما يلبس المُحرم؟
فقال: « لا يلبس القيمص ولا العمامة ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف ». فإجابته صلى الله عليه وسلّم بما لا يُلْبسُ عن السؤالِ عما يُلْبسُ دليلٌ على أن كل ما عدا هذه المذكوراتِ فإنه يَلْبسهُ المُحرِم.
وقد أجازَ النبي صلى الله عليه وسلّم للمُحرم أن يلبس الخفين إذا عدم النعلين لاحتياجه إلى وقاية رجليه، فمثل ذلك لبس نظارة العين لاحتياج لابسها إلى حفظ عينيه. وهذان المحظوران خاصان بالرجال، أما المرأة فلها أن تغطي رأسها، ولها أن تلبس في الإحرام ما شاءت من الثياب، غير أن لا تتبرج بالزينة، ولا تلبس القفازين، وهما شراب اليدين، ولا تنتقب ولا تُغطي وجهها إلا أن يمر الرجال قريباً منها فتغطي وجهها حيئنذٍ، لأنه لا يجوزُ كشفُ الوجه للرجال الأجانب أي غير المحارم. ويجوز للرجال والنساء تغيير ثياب الإحرام إلى غيرها مما لا يمتنعُ عليهما لُبسه حال الإحرام.
وإذا فعل المُحرم شيئًا من المحظورات السابقة من الجماع أو قتلِ الصيد أو غيرهما فله ثلاث حالاتٍ:
الأولى: أن يكون ناسيًا أو جاهلاً أو مُكرَهًا أو نائمًا، فلا شيء عليه، لا إثم ولا فدية ولا فساد نسك، لقوله تعالى: { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَـنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَـفِرِينَ }
وقوله: { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}، وقوله : {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَـنِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَـنِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.
فإذا انتفى حُكم الكفر عمن أُكره عليه، فما دونه من الذنوب أولى. وهذه نصوصٌ عامةٌ في محظورات الإحرام وغيرها، تفيدُ رفع الحكم عمن كان معذوراً بها. وقال الله تعالى في خُصوص المحظورات في الصيد: { وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَـلِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـكِينَ أَو عَدْلُ ذلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ } [المائدة: 95]، فقيَّد وجوب الجزاء بكون القاتل متعمداً، والتعمد وصف مناسب للعقوبة والضمان، فوجب اعتباره وتعليق الحكم به وإن لم يكن متعمداً فلا جزاء عليه ولا إثم، لكن متى زال العذر فعلم الجاهل، وذكر الناسي، واستيقظ النائم، وزال الإكراه وجب عليه التخلي عن المحظور فورًا. فإن استمر عليه مع زوال العذر كان آثمًا، وعليه ما يترتب على فعله من الفدية وغيرها. مثال ذلك أن يُغطي المُحرمُ رأسه وهو نائم، فلا شيء عليه ما دام نائمًا، فإذا استيقظ لزمه كشف رأسه فورًا، فإن استمر في تغطيته مع علمه بوجوب كشفه كان آثما، وعليه ما يترتب على ذلك.
الثانية: أن يفعل المحظور عمدًا لكن لِعُذرٍ يبيحُه، فعليه ما يترتب على فعل المحظور ولا إثم عليه لقوله تعالى: { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [البقرة: 196] .
الثالثة: أن يفعل المحظور عَمدًا بلا عُذرٍ يبيحه، فعليه ما يترتب على فعله مع الإثم.
أقسام المحظورات باعتبار الفدية:
تنقسم محظورات الإحرام باعتبار الفدية إلى أربعة أقسام:
أولاً: ما لا فدية فيه، وهو عقدُ النكاح.
ثانيًا: ما فديته بدنة، وهو الجماع في الحج قبل التحلل الأول.
ثالثًا: ما فديته جزاؤه أو ما يقوم مقامَه، وهو قتل الصيد.
رابعًا: ما فديته صيامٌ أو صدقةٌ أو نُسكٌ حَسَب البيان السابق في فدية الأذى، وهو حلقُ الرأس. وأَلْحَقَ به العلماء بقيةَ المحظورات سوى الثلاثة السابقة.
محمد بن صالح العثيمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق