الجمعة، 21 أغسطس 2015

هل من مشمر في هذه العشر المباركة


أيقظ قلبك لاستقبال العشر من ذي الحجة
ما أجل نعمة الله علينا , وما أرحمه بنا , سبحانه وتعالى يوم أن جعل لنا مواسم لطاعته , وأوقات نتعرض لنفحاته فيها , يرفع الله لنا بها الدرجات
 والعبد المؤمن يتنقل بين تلك المواسم والأوقات وكله رجاء أن يقبل منه ربه ما قدم يوم أن جد وأجتهد وعلم وعمل وأخلص وأصدق , وهو على يقين أنه متى ما قدم ذلك فله الجنة قال تعالى "وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا " سورة النساء (124) .
وقال تعالى "وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا " طه(112).

 أكثرُ الناس مشغولون بحسنةِ الدنيا المضمونة، وهم في غفلةٍ عن حسنة الآخرة، مع أن الآخرةَ خيرٌ وأبقى، ولكي يترسَّخ هذا المعنى، وهو أن الآخرة هي الخير وهي الباقية، تتكرر مواسم الخير من وقت إلى آخر؛ كي يعيدَ الإنسان حساباته، ويشغل أوقاته بما فيه النفع لنفسه وأمته، وكما ألمحنا أن كل ذلك لا يأتي إلا بتزكية وتربية.هنا
تمتاز حياة الإنسان المسلم بأنها زاخرةٌ بالأعمال الصالحة ، والعبادات المشروعة التي تجعل المسلم في عبادةٍ مُستمرةٍ ، وتحوِّل حياته كلَّها إلى قولٍ حسنٍ ، وعملٍ صالحٍ ، وسعيٍ دؤوبٍ إلى الله جل في عُلاه  ، دونما كللٍ أو مللٍ أو فتورٍ أو انقطاع . والمعنى أن حياة الإنسان المسلم يجب أن تكون كلَّها عبادةٌ وطاعةٌ وعملٌ صالحٌ يُقربه من الله تعالى ، ويصِلُه بخالقه العظيم جل في عُلاه في كل جزئيةٍ من جزئيات حياته ، وفي كل شأنٍ من شؤونها .


ولا تنحصر الأعمال الصالحة في العبادة القاصرة على نفس العبد، وإنما المتعدية للغير. فمن الأعمال الصالحة والتي ينبغي للإنسان أن يحرص عليها في هذه العشر ما يلي:

الإخلاص:

فأول عملٍ يجب على الإنسان أن يستحضره هو إخلاص النية لله - عز وجل - في جميع عباداته، وأن لا ينوي بعبادته إلا وجه الله سبحانه وتعالى والدار الآخرة. 

 فالإخلاص لله - عز وجل - شرط لقبول أي عملٍ من الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى ربه ﻷ؛ ولذلك حرصنا على التذكير به ونحن مقبلون على هذا الموسم المبارك لنجدد النية ونخلصها لرب البرية؛ لأنه تبارك وتعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا ابتغى به وجهه سبحانه وتعالى؛وصوابًا.

هنا  

اصدُق مع ربِّك في إقبالك عليه وتوبتِك؛ فإنك إن صدقتَ مع الله، فإنه يَصدُقُك، عن شداد بن الهاد - رضي الله عنه -:

- "أنَّ رجلًا مِنَ الأعرابِ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فآمنَ بِهِ واتَّبعَهُ، ثمَّ قالَ: أُهاجرُ معَكَ، فأوصى بِهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بعضَ أصحابِهِ، فلمَّا كانَت غزوةٌ غنمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ سبيًا، فقسمَ وقسمَ لَهُ، فأعطى ما قسمَ لَهُ، وَكانَ يرعى ظَهْرَهُم، فلمَّا جاءَ دفعوهُ إليهِ، فقالَ: ما هذا؟ قالوا: قَسمٌ قَسمَهُ لَكَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فأخذَهُ فجاءَ بِهِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: ما هذا؟ قالَ: قَسمتُهُ لَكَ، قالَ: ما علَى هذا اتَّبعتُكَ، ولَكِنِّي اتَّبعتُكَ على أن أرمى إلى ههُنا، وأشارَ إلى حَلقِهِ بسَهْمٍ، فأموتَ فأدخلَ الجنَّةَ فقالَ: إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقكَ، فلبِثوا قليلًا ثمَّ نَهَضوا في قتالِ العدوِّ، فأتيَ بِهِ النَّبيُّ يحملُ قَد أصابَهُ سَهْمٌ حيثُ أشارَ، فقالَ النَّبيُّ: أَهوَ هوَ؟ قالوا: نعَم، قالَ: صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ، ثمَّ كفَّنَهُ النَّبيُّ في جبَّةِ النَّبيِّ، ثمَّ قدَّمَهُ فصلَّى علَيهِ، فَكانَ فيما ظَهَرَ من صلاتِهِ: اللَّهمَّ هذا عبدُكَ خرجَ مُهاجِرًا في سبيلِكَ فقُتلَ شَهيدًا أَنا شَهيدٌ على ذلِكَ"

الراوي : شداد بن الهاد الليثي- المحدث : الألباني- المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 1952 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية



ولنحذر مما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا وهو الرياء، ففي صحيح البخاري من حديث جندب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سمَّع سمَّع الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به»- "من سمَّع سمَّعَ اللهُ بهِ، ومن يُرائي يُرائي اللهُ بهِ"الراوي : جندب بن عبدالله - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أوالرقم: 6499 - خلاصة حكم المحدث :صحيح الدرر السنية 

فاصدقِ اللهَ في هذه الأيام، لعلها تكون البداية التي تغيِّر حياتك، وعلامةُ الصدق أن تسعى سعيًا حقيقيًّا لإرضاء الله ورسوله، ولا تتركْ نفسك لنفسك وشيطانك وهواك وأقران السوء، وللعادات والتقاليد والأعراف الفاسدة، وتسير مع تيار المنحرفين، ثم تطلب من ربك الهدايةَ والتوفيق، فلا هداية بدون جهد وعمل: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ [التوبة: 46]، فجاهِدْ في اللهِ حقَّ جهاده في هذه الأيام، وحقُّ الجهادِ هو استقامة الإنسان نيةً وقولاً وعملاً، واعلم أن هذه الأيام فرصةٌ من الممكن أن تأتي وأنت في قبرك، فبادِرْ بالعمل واقطَعِ الأماني الباطلة، التي شعارُها: سوف أعمل، سوف أكون، سوف وسوف، فهذه أماني العَجَزة التي يتحسَّرون بسببها يوم القيامة: ﴿ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 12].

أيام العشر هي أيام تشمُّ منها رائحةَ الجنة؛ وذلك بسبب كثرة الطاعات من عباد الله، فلا تحرِمْ نفسك أن تستنشقَ عبير الجنة، فأهلُ الطاعة في جنَّة هي بداية لجنةِ الخلد عند رب العالمين، يقول ابن القيم: "سمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: "إن في الدنيا جنةً مَن لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة"، وقال لي مرة: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، إن رحت فهي معي لا تفارقني، إنَّ حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"، وكان يقول في محبسه في القلعة: "لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبًا، ما عدل عندي شكر هذه النعمة"، أو قال: "ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير" ونحو هذا... وقال لي مرة: "المحبوس مَن حُبِس قلبُه عن ربه تعالى، والمأسور مَن أسَرَه هواه"، ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورِها نظر إليه، وقال: ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾ [الحديد: 13]، وعلِم اللهُ ما رأيتُ أحدًا أطيب عيشًا منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشًا، وأشرحهم صدرًا، وأقواهم قلبًا، وأسرِّهم نفسًا، تلوح نضرةُ النعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض، أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحًا وقوةً ويقينًا وطمأنينةً، فسبحان مَن أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها... وكان بعض العارفين يقول: لو علِم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف، وقال آخر: مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله - تعالى - ومعرفته وذِكره، أو نحو هذا، وقال آخر: إنه لتمرُّ بالقلب أوقات يرقصُ فيها طربًا، وقال آخر: إنه لتمر بي أوقات أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا، إنهم لفي عيش طيب(الوابل الصيب 1/67).

فيا أخي الكريم، عِشْ في رياح الجنة في ظل العمل الصالح في هذه الأيام العشر، التي هي أفضل أيام الدنيا
.هنا

نسأل الله أن يرزقنا الصدق والإخلاص في الأقوال والأفعال والأحوال إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بر الوالدين:
وهو من أهم الأعمال التي يجب على المسلم القيام بها، حيث جاء الأمر به بعد الأمر بالتوحيد في قول الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].

وبر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله كما جاء في الصحيحين
[4] من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: «الصلاة على وقتها»، قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»، قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله».

- سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم:أيُّ العملِ أحبُّ إلى اللهِ؟ قال:الصلاةُ على وقتِها قال: ثم أيُّ؟ قال: ثم برُّ الوالديْن قال: ثم أيُّ ؟ قال: الجهادُ في سبيلِ اللهِ قال: حدثني بهن، ولو استزدتُه لزادني.

الراوي : عبدالله بن مسعود -| المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5970 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح]- الدرر السنية


فلنحرص على بر الوالدين ولندخل السرور عليهما، ولنتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر: أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة»[5].

-" رغمَ أنفُ ، ثم رغم أنفُ ، ثم رغم أنفُ قيل : من ؟ يا رسولَ اللهِ ! قال : من أدرك أبويه عند الكبرِ ، أحدَّهما أو كليهما فلم يَدْخلِ الجنةَ"


- الدرر السنية 
  فعلينا برهما إن كان أحياءً أو أمواتًا، فإن كانا أحياءً فبرهما بالإحسان إليهما وطاعتهما وإدخال السرور عليهما وخدمتهما والسعي في نيل رضاهما، فحقهما كبير وأجرهما عظيم، وإن كانا أمواتًا فالدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، والصدقة عنهما.
صلة الأرحام:
ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»متفق عليه.


- " الرحمُ معلَّقةٌ بالعرشِ تقولُ : من وصلني وصله اللهُ . ومن قطعني قطعه اللهُ"

الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم

الصفحة أو الرقم: 2555 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية
فليحرص المسلم على صلة أرحامه وإن قاطعوه لما جاء في صحيح البخاري - رحمه الله تعالى - من حديث عبدالله بن عمرو ابن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها».

-" ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ ، ولَكنِ الواصلُ الَّذي إذا قُطِعتْ رَحِمُه وصلَها"

الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5991 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]- الدرر السنية

هنا
هل من مشمر في هذه العشر المباركة:

نصيحة أخوية لنجاح برنامج العشر:

أ‌- حاول أن تفرغ نفسك من الشواغل والالتزامات الأخرى وليكن همك الطاعة والتعبد لله تعالى في هذه العشر.
ب‌- أشعر من حولك من الناس بحرصك على استغلال العشر في فعل الخير والعمل الصالح، ولك أجر الإقتداء إن شاء الله.
ج- تذكر عمل أجر وثواب هذه الأعمال الصالحة العشر لتجد لذة كل عمل تفعله في رضاه.
د- اغتنم نهار هذه العشر ما استطعت إلى ذلك سبيلًا فلعلها هي المقصودة في قوله صلى الله عليه وسلم
»ما من أيام من العمل الصالح «.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق