المجلس السادس عشر
شرح حلية طالب العلم
تابع
:خَفْضُ الْجَناحِ ونَبذُ الْخُيلاءِ والكِبرياءِ
تَحَلَّ
بآدابِ النفْسِ من العَفافِ والحِلْمِ والصبرِ والتواضُعِ للحَقِّ وسكونِ الطائرِ
من الوَقارِ والرزانةِ وخَفْضِ الْجَناحِ لعزةِ العلمِ ، مُتَحَمِّلًا ذُلَّ التعلُّمِ
لعِزَّةِ العِلْمِ ذَليلًا للحَقِّ .
شرح
الشيخ العثيمين:
قوله"تحل
بآداب النفس من العفاف والحلم والصبر والتواضع للحق" لأن المقام يقتضي هكذا
أن يكون عند طالب العلم عفة عما في أيدي الناس وعفة عما يتعلق بالنظر المحرم وحلم
لا يعاجل بالعقوبة إذا أساء إليه أحد وصبر على ما يحصل من الأذى مما يسمعه إما من
عامة الناس وإما من أقرانه وإما من معلمه فليصبر وليحتسب، والتواضع للحق وكذلك
للخلق، يتواضع للحق بمعنى أنه متى بان له الحق خضع له، ولم يبغ بدله، نعم، ولم يبغ
لسواه بديلا وكذلك للخلق فكم من طالب فتح على معلمه أبوابا ليست على بال منه ولا
تحقرن شيئًا. وقوله :
وسكونِ الطائرِ من الوَقارِ والرزانةِ وخَفْضِ الْجَناحِ ،
هذه
أيضًا ينبغي لطالب العلم أن يبتعد عن الخفة سواء كان في مشيته أو في تعامله مع
الناس وألا يكثر من القهقهة التي تميت القلب وتذهب الوقار بل يكون خافضًا للجناح
متأدبًا بالآداب التي تليق بطالب العلم وقوله :مُتَحَمِّلًا
ذُلَّ التعلُّمِ لعِزَّةِ العِلْمِ ذَليلًا للحَقِّ :
هذا جيد يعني : أنك لو أذللت نفسك للتعلم فإنما تطلب عزها بالعلم فيكون تذليلها
بالتعلم لأنه ينتج ثمرة طيبة .
القارئ:
وعليه : فاحْذَرْ نَواقِضَ هذه الآدابِ فإنَّها مع الإثْمِ تُقيمُ على نَفْسِكَ شاهدًا على أنَّ في العَقْلِ عِلَّةً . وعلى حِرمانٍ من العلْمِ والعملِ به ، فإيَّاكَ والْخُيلاءَ فإنه نِفاقٌ وكِبرياءُ وقد بَلَغَ من شِدَّةِ التَّوَقِّي منه عندَ السلَفِ مَبْلَغًا.
شرح الشيخ العثيمين :
وعليه : فاحْذَرْ نَواقِضَ هذه الآدابِ فإنَّها مع الإثْمِ تُقيمُ على نَفْسِكَ شاهدًا على أنَّ في العَقْلِ عِلَّةً . وعلى حِرمانٍ من العلْمِ والعملِ به ، فإيَّاكَ والْخُيلاءَ فإنه نِفاقٌ وكِبرياءُ وقد بَلَغَ من شِدَّةِ التَّوَقِّي منه عندَ السلَفِ مَبْلَغًا.
شرح الشيخ العثيمين :
صحيح
الخيلاء هذه تحدث للإنسان طالب العلم وللإنسان كثير المال وللإنسان سديد الرأي
وكذلك في كل نعمة أنعم الله بها على العبد ربما يحصل عنده خيلاء ،والخيلاء هي
الإعجاب بالنفس مع ظهور ذلك على هيئة البدن كما جاء في الحديث " من
جر ثوابه خيلاء " فالإعجاب يكون بالقلب فقط،
فإن ظهرت آثاره فهو خيلاء، وقوله " فإنه
نِفاقٌ وكِبرياءُ " أما كونه كبرياء فواضح وأما
كونه نفاقًا فلأن الإنسان يظهر بمظهر أكبر من حجمه الحقيقي وهكذا المنافق يظهر
بمظهر المخلص الناصح وهو ليس كذلك.
القارئ:
ومن دقيقِه ما أَسنَدَه الذهبيُّ في تَرجمةِ عمرِو بنِ الأسودِ العَنْسِيِّ الْمُتَوَفَّى في خِلافةِ عبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ رَحِمَه اللهُ تعالى : أنه كان إذا خَرَجَ من المسجدِ قَبَضَ بيمينِه على شِمالِه فُسِئَل عن ذلك ؟ فقال : مَخافةَ أن تُنافِقَ يَدِي
قلتُ : يُمْسِكُها خَوفًا من أن يَخْطُرَ بيدِه في مِشيتِه ، فإنَّ ذلك من الْخُيلاءِ. اهـ .
ومن دقيقِه ما أَسنَدَه الذهبيُّ في تَرجمةِ عمرِو بنِ الأسودِ العَنْسِيِّ الْمُتَوَفَّى في خِلافةِ عبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ رَحِمَه اللهُ تعالى : أنه كان إذا خَرَجَ من المسجدِ قَبَضَ بيمينِه على شِمالِه فُسِئَل عن ذلك ؟ فقال : مَخافةَ أن تُنافِقَ يَدِي
قلتُ : يُمْسِكُها خَوفًا من أن يَخْطُرَ بيدِه في مِشيتِه ، فإنَّ ذلك من الْخُيلاءِ. اهـ .
الشيخ:
صحيح يخطر بيده يعني يحركها تحريكًا معينًا يدل على أنه عنده كبرياء وعنده خيلاء فيقبض بيمنه على شماله لئلا تتحرك .
صحيح يخطر بيده يعني يحركها تحريكًا معينًا يدل على أنه عنده كبرياء وعنده خيلاء فيقبض بيمنه على شماله لئلا تتحرك .
القارئ:
وهذا العارِضُ عَرَضَ للعَنْسِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وهذا العارِضُ عَرَضَ للعَنْسِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
*تداخل
خارج شرح الكتاب:
*الإعجاب
بالنفس:
"ثلاثٌ مُهلِكاتٌ ، و ثلاثٌ مُنْجِياتٌ ، فقال : ثلاثٌ مُهلِكاتٌ : شُحٌّ مُطاعٌ ، و هوًى مُتَّبَعٌ ، و إعجابُ المرءِ بنفسِه . وثلاثٌ مُنجِياتٌ : خشيةُ اللهِ في السرِّ و العلانيةِ ، و القصدُ في الفقرِ و الغِنى ، و العدلُ في الغضبِ و الرِّضا"
الراوي : أنس بن
مالك و ابن عباس و أبو هريرة و عبدالله بن أبي أوفى عبدالله بن عمر
-
المحدث : الألباني
-لمصدر : السلسلة الصحيحة
-الصفحة
أو الرقم: 1802 -خلاصة حكم المحدث : حسن لشواهده –
الدرر
=
الآفة التي يصاب بها بعض العاملين وعليهم
أن يعملوا جاهدين على مداواة أنفسهم وتحريرها بل والاحتراز والتوقي منها : إنما هي
الإعجاب بالنفس . ولكي يكون حديثنا عن هذه الآفة واضح الأبعاد محدد المعالم سنجعله
يدور على النحو التالي :
*أولًا : معنى
الإعجاب بالنفس : لغة : يطلق الإعجاب بالنفس في
اللغة ويراد به :
(أ) السرور
والاستحسان تقول : أعجبه الأمر : سره وأعجب به :
سر به ومنه قوله تعالى" وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ
خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ
"البقرة 221. " قُلْ لا
يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ" المائدة
100 . "كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ
يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا " الحديد 20.
ب) الزهو
أو الإعظام والإكبار تقول : أعجبه الأمر أي زها به
وعظم عنده وكبر لديه ، ورجل معجب أي مزهر أو معظم ومكبر لما يكون منه حسنًا أو
قبيحًا ومنه قوله تعالى "
وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ
كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا " التوبة 25.
اصطلاحًا
: أما في اصطلاح الدعاة أو العاملين فإن الإعجاب بالنفس هو : السرور
أو الفرح بالنفس وبما يصدر عنها من أقوال أو أعمال من غير تعد أو تجاوز إلى
الآخرين من الناس سواء أكانت هذه الأقوال وتلك الأعمال خيرًا أو شرًا محمودة أو
غير محمودة فإن كان هناك تعد أو تجاوز إلى الآخرين من الناس باحتقار واستصغار ما
يصدر عنهم فهو الغرور أو شدة الإعجاب وإن كان هناك تعد أو تجاوز إلى الآخرين من
الناس باحتقارهم في أشخاصهم وذواتهم والترفع عليهم فهو التكبر أو شدة الإعجاب .
*ثانيًا :
أسباب الإعجاب بالنفس للإعجاب بالنفس أسباب تؤدي إليه وبواعث توقع فيه نذكر منها
:
1- النشأة
الأولى
: فقد يكون السبب في الإعجاب
بالنفس إنما هي النشأة الأولى . ذلك أن الإنسان قد ينشأ بين أبوين يلمس منهما أو من أحدهما : حب
المحمدة ودوام تزكية النفس أن بالحق وإن بالباطل والاستعصاء على النصح والإرشاد
ونحو ذلك من مظاهر الإعجاب بالنفس فيحاكيهما وبمرور الزمن يتأثر بهما ويصبح
الإعجاب بالنفس جزء من شخصيته إلا من رحم الله . ولعل ذلك السر في تأكيد الإسلام على التزام الأبوين بمنهج الله ،إذ
منهج الله وحده هو الذي يحمى الأبوين من أي انحراف وبذلك يصلحان أن يكونا قدوة للأولاد.
2- الإطراء والمدح في الوجه دون مراعاة للآداب الشرعية المتعلقة بذلك : وقد يكون السبب في الإعجاب بالنفس إنما هو الإطراء والمدح في الوجه دون مراعاة للآداب الشرعية المتعلقة بذلك : ذلك أن هناك فريقًا من الناس إذا أطرى أو مدح في وجهة دون تقيد بالآداب الشرعية في هذا الإطراء وذلك المدح اعتراه أو ساوره لجهله بمكائد الشيطان خاطر : أنه ما مدح وما أطرى أي أنه يملك من المواهب ما ليس لغيره وما يزال هذا الخاطر يلاحقه ويلح عليه حتى يصاب والعياذ بالله بالإعجاب بالنفس ولعل ذلك هو السر في ذمه صلى الله عليه وسلم للثناء والمدح في الوجه بل وتأكيده على ضرورة مراعاة الآداب الشرعية إن كان ولابد من ذلك . جاء عن مجاهد عن أبى معمر أنه قال - قام رجُلٌ يُثني على أميرٍ من الأمراءِ . فجعل المقدادُ يُحثي عليه التُّرابِ ، وقال : أمرنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن نُحثيَ في وجوه المدَّاحينَ التُّرابَ .
الراوي : عبدالله
بن سخبرة الأزدي أبو معمر - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم
-الصفحة
أو الرقم-
3002 خلاصة
حكم المحدث
: صحيح=
الدرر =
"مدح رجُلٌ رجلًا ، عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال ، فقال " ويحك ! قطعتَ عُنقَ صاحبِك . قطعتَ عُنُقَ صاحبِك " مرارًا " إذا كان أحدُكم مادحًا صاحبَه لا محالةَ ، فلْيقلْ : أحسبُ فلانًا . واللهُ حسيبُه . ولا أُزكِّي على اللهِ أحدًا . أحسبُه ، إن كان يعلمُ ذاك ، كذا وكذا "
الراوي : نفيع بن
الحارث الثقفي أبو بكرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم
-
3-صحبة
نفر من ذوى الإعجاب بأنفسهم : وقد يكون السبب في الإعجاب
بالنفس إنما هي الصحبة والملازمة لنفر من ذوي الإعجاب بأنفسهم ، ذلك أن الإنسان
شديد المحاكاة والتأثر بصاحبه، لا سيما إذا كان هذا الصاحب قوي الشخصية ذا خبرة ودراية
بالحياة وكان المصحوب غافلًا على سجيته يتأثر بكل ما يلقى عليه وعليه فإذا كان
الصاحب مصابًا بداء الإعجاب فإن عَدْوَاه تصل إلى قرينه فيصير مثله ، ولعل هذا هو
السر في تأكيد الإسلام على ضرورة انتقاء واختيار الصاحب لتكون الثمرة طيبة
والعواقب حميدة . = هنا =
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق