الاثنين، 3 ديسمبر 2018

15-حلية طالب العلم



المجلس الخامس عشر
شرح حلية طالب العلم
خَفْضُ الْجَناحِ ونَبذُ الْخُيلاءِ والكِبرياءِ
تَحَلَّ بآدابِ النفْسِ من العَفافِ والحِلْمِ والصبرِ والتواضُعِ للحَقِّ وسكونِ الطائرِ من الوَقارِ والرزانةِ وخَفْضِ الْجَناحِ مُتَحَمِّلًا ذُلَّ التعلُّمِ لعِزَّةِ العِلْمِ ذَليلًا للحَقِّ .
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : مفرغ
القارئ: قوله"تحل بآداب النفس من العفاف والحلم والصبر والتواضع للحق" لأن المقام يقتضي هكذا أن يكون عند طالب العلم عفة عما في أيدي الناس وعفة عما يتعلق بالنظر المحرم وحلم لا يعاجل بالعقوبة إذا أساء إليه أحد، وصبر على ما يحصل من الأذى مما يسمعه إما من عامة الناس وإما من أقرانه وإما من معلمه فليصبر وليحتسب، والتواضع للحق وكذلك للخلق، يتواضع للحق بمعنى أنه متى بان له الحق خضع له ، نعم، ولم يبغ لسواه بديلًا،
العفة:
إنَّ العفةَ تحفظُ المسلمَ مِنْ كُلِّ خُلُقٍ سَيْئٍ، وتدفعُ بهِ نَحوَ الفضيلةِ والرُّقِيِّ، فلاَ يتكَلَّمُ إلاَّ بخيرٍ ولاَ يقولُ إلاَّ طيبًا
قَالَ أحَدُ العلماءِ: الْكَمَالُ فِي ثَلاثَةٍ: الْعِفَّةُ فِي الدِّينِ، وَالصَّبْرُ عَلَى النَّوَائِبِ، وَحُسْنُ التَّدْبِيرِ فِي الْمَعِيشَةِ.
والعفَّةُ صِفَةُ الأنبياءِ والمرسلينَ، وهِيَ دَعْوَةُ سيد ولد آدم َ، نبيِّنَا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وقَدْ سألَ هِرَقْلُ أَبَا سُفْيَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فقالَ: يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ([1][1]).
ولِفضْلِ العفةِ وأهميتِهَا كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يسألُ اللهَ تعالَى فيقولُ« اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى»([2][2]).
عبادَ اللهِ: وأعظمُ مَا تكونُ العفةُ فِي الجوارحِ، فإنَّهَا أداةُ اكتسابِ الأعمالِ، ومتَى سَلِمَتْ جوارحُ الإنسانِ مِنَ الآفاتِ، وعَفَّتْ عَنِ ارتكابِ الْمُنكراتِ، أثابَهُ اللهُ تعالَى بالخيراتِ، وأكرَمَهُ بدخولِ

يقول النبي صلى الله عليه وسلم
﴿أنَّ ناسًا منَ الأنصارِ سَألوا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأعطاهم ثمَّ سَألوهُ فأعطاهم حتَّى إذا نفِدَ ما عندَهُ قالَ" ما يَكونُ عِندي من خيرٍ فلن أدَّخرَهُ عنكُم ومن يستَعفِفْ يعفَّهُ اللَّهُ ومن يستَغنِ يُغنِهِ اللَّهُ ومن يتَصبَّر يُصبِّرهُ اللَّهُ، وما أعطى اللَّهُ أحدًا من عطاءٍ أوسعَ منَ الصَّبرِ" الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1644-خلاصة حكم المحدث:صحيح -الدرر السنية
وعلَى الإنسانِ أَنْ يتعفَّفَ عَنْ أموالِ غيرِهِ فلاَ يأخُذَهَا بغيرِ حقٍّ، وقدْ أمرَ اللهُ تعالَى الْغَنِيَّ القائمَ علَى أموالِ اليتامَى بالتعفُّفِ، وسَمَحَ للفقيرِ أَنْ يأخُذَ منْهَا بالمعروفِ فقالَ تعالَى" وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ" النساء :6.
ومِنَ العفَّةِ أَنْ يستعفِفَ عَنِ الْمُمتلكاتِ العامةِ للدولةِ، فلاَ يستخدمَهَا فِي غيرِ مَا خُصِّصَتْ لهُ، أَوْ يستعمِلَهَا للأغراضِ الشخصيةِ، بَلْ يُحافِظُ عليهَا، فهِيَ مِلكٌ للجميعِ، وصيانَتُهَا مسؤوليةُ كُلِّ فردٍ.
والمسلمُ يَعِفُّ نفسَهُ ويُنَزِّهُهَا عَنْ سُؤالِ الناسِ، فلاَ يطلُبُ مالاً بدونِ عملٍ، وقَدْ مدحَ اللهُ تعالَى عبادَهُ المتعففينَ عَنِ المسألةِ فقالَ سبحانَهُ"يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا" النور : 33.
 أَيْ إِلحاحًا، وقالَ صلى الله عليه وسلم« وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ»
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1644-خلاصة حكم المحدث:صحيح-الدرر السنية
.




([1][1]) متفق عليه .
([2][2]) مسلم : 2721.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق