السبت، 17 مايو 2014

ما حكم تخصيص شهر رجب بالعمرة؟للعثيمين

س 789: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم تخصيص شهر رجب بالعمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: شهر رجب أحد الأشهر الأربعة الحرم وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب، هذه أربعة أشهر حرم ورجب منها بلا شك، والله حرم القتال فيها، أما الثلاثة: ذو القعدة، ذو الحجة، ومحرم، فلأنها أشهر الحج: القعدة للقادمين إلى مكة، والحجة للذين في مكة، ومحرم
للراجعين من مكة، فجعل الله هذه الأشهر الحرم يحرم فيها القتال حتى يأمن الناس الذين يأتون إلى الحج، وشهر رجب كان في الجاهلية يعظمونه ويعتمرون فيه فجعله الله محرم.
واختلف السلف- رحمهم الله- هل العمرة فيه سنة أو لا؟ فقال بعضهم: سنة وقال الآخرون: ليست سنة لأنها لو كانت سنة لبينها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إما بقوله، وإما
بفعله.
والعمرة في أشهر الحج أفضل من العمرة في رجب؟ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتمر في أشهر الحج، ولما ذكر ابن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتمر في رجب، وهمته عائشة وقالت: (لقد وهم أبو عبد الرحمن) قالت له: وهو يسمع. فسكت. فعلى كل حال لا أرى دليلاً واضحاً على استحباب العمرة في رجب.
كذلك أيضاً يوجد في رجب أن بعض الناس يخصه بالصوم يقول: إنه يسن الصيام فيه. وهذا غلط فإفراده بالصوم مكروه، أما
صومه مع شعبان ورمضان فهذا لا بأس فيه، وفعله بعض السلف، ولكن مع ذلك لا نراه، نرى أن لا يصوم الثلاثة أشهر يعني رجب وشعبان ورمضان.
وأما ما يسمى بصلاة الرغائب وهي ألف ركعة في ليلة أول رجب، أو في أول ليلة جمعة منه فأيضاً لا صحة له وليست مشروعة.
وأما العتيرة التي تذبح في رجب فهي أيضاً منسوخة كانت في الأول مشروعة ثم نسخت فليست مشروعة.
وأما الإسراء والمعراج الذي اشتهر عند كثير من الناس أو أكثرهم أنه في رجب وفي ليلة السابع والعشرين منه، فهذا لا صحة له إطلاقاً، وأحسن وأظهر الأقوال أن الإسراء والمعراج كان في ربيع الأول، ثم إن إقامة في ليلة سبع وعشرين من رجب بدعة لا أصل لها، والبدع أمرها عظيم جداً، أمرها شديد؛ لأن البدع الدينية التي يتقرب بها الناس إلى الله فيها مفاسد عظيمة منها:
أولاً: أن الله لم يأذن بها وقد أنكر الله على الذين شرعوا بلا إذن فقال: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) .
ثانياً: أنها خارجة عن هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وإياكم ومحدثات الأمور".
ثالثاً: أنها تقتضي إما جهل النبي صلى الله عليه وعلى آله
وسلم وأصحابه بهذه البدعة، وإما عدم عملهم بها، وكلا الأمرين خاطىء.
رابعاً: أنها تستلزم عدم صحة قول الله تعالى: "
الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ " 1لأنك إذا أتيت بشيء جديد يعني أن الدين في الأول ناقص ما كمل، وهذا خطير جداً أن نقول هذه البدعة تقتضي أن الدين لم يكمل.
خامساً: ومنها أن هؤلاء المبتدعون جعلوا أنفسهم بمنزلة الرسل الذين يشرعون للناس وهذه أيضاً مسألة خطيرة، ولو تأملت لوجدت أكثر من هذه الخمسة في مضار البدع، ولو لم يكن منها إلا أن القلوب تتعلق بهذه البدعة أكثر مما تتعلق بالسنة كما هو مشاهد تجد هؤلاء الذين يعتنون بالبدع ويحرصون عليها لو فكرت في حال كثير منهم لوجدت عنده فتوراً في الأمور المشروعة المتيقنة، ربما يبتدع هذه البدعة وهو حليق اللحية مسبل الثياب شارب للدخان، مقصر في صلاة الجماعة، ويقول بعض السلف: ما ابتدع قوم بدعة إلا تركوا من السنة مثلها، أو أشد، حتى أن بعض العلماء قال: المبتدع لا توبة له؛ لأنه سن سنة يمشي الناس عليها إلى يوم القيامة، أو إلى ما شاء الله،
بخلاف المعاصي الخاصة، فهي خاصة بفاعلها، وإذا تاب ارتفعت، لكن البدعة لو تاب الإنسان منها فالذين يتبعونها فيها لم يتوبوا، فلذلك قال بعض العلماء إنه لا توبة لمبتدع، لكن الصحيح أن له توبة، وإذا تاب توبة نصوحاً تاب الله عليه، ثم يسر الله أن تمحى هذه البدعة ممن اتبعوه فيها.



المكتبة الشاملة 


1{ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَة غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ْ} واليوم المشار إليه يوم عرفة، إذ أتم الله دينه، ونصر عبده ورسوله، وانخذل أهل الشرك انخذالا بليغا، بعد ما كانوا حريصين على رد المؤمنين عن دينهم، طامعين في ذلك. فلما رأوا عز الإسلام وانتصاره وظهوره، يئسوا كل اليأس من المؤمنين، أن يرجعوا إلى دينهم، وصاروا يخافون منهم ويخشون، ولهذا في هذه السنة التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر حجة الوداع - لم يحج فيها مشرك، ولم يطف بالبيت عريان. ولهذا قال: { فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ْ} أي: فلا تخشوا المشركين، واخشوا الله الذي نصركم عليهم وخذلهم، ورد كيدهم في نحورهم. { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ْ} بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية، في أحكام الدين أصوله وفروعه. فكل متكلف يزعم أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم إلى علوم غير علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل، مبطل في دعواه، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله ودعا إليه، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل لله ولرسوله. { وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ْ} الظاهرة والباطنة { وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ْ} أي: اخترته واصطفيته لكم دينا، كما ارتضيتكم له، فقوموا به شكرا لربكم، واحمدوا الذي مَنَّ عليكم بأفضل الأديان وأشرفها وأكملها. { فَمَنِ اضْطُرَّ ْ} أي: ألجأته الضرورة إلى أكل شيء من المحرمات السابقة، في قوله: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ْ} { فِي مَخْمَصَةٍ ْ} أي: مجاعة 
{ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ ْ} أي: مائل { لِإِثْمٍ ْ} بأن لا يأكل حتى يضطر، ولا يزيد في الأكل على كفايته { فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ْ} حيث أباح له الأكل في هذه الحال، ورحمه بما يقيم به بنيته من غير نقص يلحقه في دينه.

تفسير السعدي 




هل صحيح أن شهر رجب يفرد بعبادة معينة أو بخصوصية؟ أرجو إفادتنا؛ حيث إن هذا الأمر مُلتبسٌ علينا، وهل يُفردُ أيضاً بزيارة المسجد النبوي فيه؟

أجاب الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان
ج : شهر رجب كغيره من الشهور، لا يخصص بعبادة دون غيره من الشهور؛ لأنه لم يثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – تخصيصه لا بصلاة ولا صيام ولا بعمرة ولا بذبيحة ولا غير ذلك، وإنما كانت هذه الأمور تفعل في الجاهليَّة فأبطلها الإسلام؛ فشهر رجب كغيره من الشهور، لم يثبت فيه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – تخصيصه بشيء من العبادات؛ فمن أحدث فيه عبادة من العبادات وخصه بها؛ فإنه يكون مبتدعاً؛ لأنه أحدث في الدين ما ليس منه، والعبادات توقيفية؛ لا يقدم على شيء منها؛ إلا إذا كان له دليل من الكتاب والسنة، ولم يرد في شهر رجب بخصوصيته دليل يُعتمد عليه، وكل ما ورد فيه لم يثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، بل كان الصحابة – رضوان الله عليهم – ينهون عن ذلك ويُحذَّرون من صيام شيء من رجب خاصة.
أما الإنسان الذي له صلاة مستمر عليها، وله صيام مستمر عليه؛ فهذا لا مانع من استمراره في رجب كغيره، ويدخل تبعاً.

[المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان الجزء الأول 222 - 223] 


قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في لطائف المعارف ص 142 :


( أما الاعتمار في رجب فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتمر في رجب فأنكرت ذلك عائشة عليه و هو يسمع فسكت ، ...............

هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق