السبت، 1 مارس 2014

التحلي برونق العلم

 التحلي برونق العلم
التَّحَلِّي برَوْنَقِ العِلْمِ :
التَّحَلِّي بـ ( رَوْنَقِ العِلْمِ ) حُسْنِ السمْتِ ، والْهَدْيِ الصالحِ ، من دَوامِ السكينةِ والوَقارِ والخشوعِ والتواضُعِ ولزومِ الْمَحَجَّةِ بعِمارةِ الظاهِرِ والباطنِ والتَّخَلِّي عن نواقِضِها .

وعن ابنِ سيرينَ رَحِمَه اللهُ تعالى قالَ : ( كَانُوا يَتَعَلَّمُون الْهَدْيَ كما يَتَعَلَّمُون العِلْمَ ) وعن رجاءِ بنِ حَيْوَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ لرَجُلٍ : (حَدِّثْنَا ، ولا تُحَدِّثْنا عن مُتَمَاوِتٍ ولا طَعَّانٍ ) رواهما الخطيبُ في ( الجامِعِ ) وقالَ :( يَجِبُ على طالبِ الحديثِ أن يَتَجَنَّبَ : اللعِبَ ، والعَبَثَ ،والتبَذُّلَ في المجالِسِ بالسُّخْفِ والضحِكِ والقَهْقَهَةِ وكثرةِالتنادُرِ وإدمانِ الْمِزاحِ والإكثارِ منه ، فإنما يُستجازُ من الْمِزاحِ  بيَسيرِه ونادِرِه وطَريفِه والذي لا يَخْرُجُ عن حدِّ الأَدَبِ وطَريقةِ العلمِ ، فأمَّا متَّصِلُه وفاحِشُه وسخيفُه وما أَوْغَرَ منه الصدورَوجَلَبَ الشرَّ فإنه مَذمومٌ وكثرةُ الْمِزاحِ والضحِكِ يَضَعُ من القدْرِويُزيلُ الْمُروءةَ ) اهـ .
وقد قيلَ : ( مَنْ أَكْثَرَ مِن شيءٍ عُرِفَ به ) فتَجَنَّبْ هاتِيكَ السقَطَاتِ في مُجالَسَتِكَ ومُحادَثَتِك .وبعضُ مَن يَجْهَلُ يَظُنُّ أنَّ التبَسُّطَ في هذا أَرْيَحِيَّةٌ .
وعن الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ قالَ : ( جَنِّبُوا مَجالِسَنَا ذِكْرَ النساءِ والطعامِ ، إني أَبْغَضُ الرجلَ يكونُ وَصَّافًا لفَرْجِه وبَطْنِه ) وفي كتابِ المحدَّثِ الملْهَمِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في القَضاءِ : ( وَمَن تَزَيَّنَ بما ليس فيه ، شانَه اللهُ ) .وانْظُرْ شَرْحَه لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .

ا.هـ المتن



نعم، المقصود من هذا الأدب هو أن الإنسان مادام يطلب العلم فلابد أن يتحلى برونق العلم، فللعلم رونق خاص، ولأصحابه وصف خاص يتميزون به، فهم لا يتكلفون، لكنهم في نفس الوقت ليسوا مثل أصحاب الفسق أو أصحاب المجون الذين لا يضبطون كلامهم ولا يضبطون أخلاقياتهم فيما بينهم.

فكثير من الناس قد يتمازحون، لكن التمازح أنواع: 
فهناك مزاح لطيف يدخل السرور على قلب الإنسان ويحترم فيه

 الأخ أخاه، 
وهناك نوع آخر من المزاح يسيء فيه إلى الآخرين، ويكون فيه تبذل وسخف، ويكون فيه قلة أدب، ويكون فيه إساءة إلى الشخص نفسه، ولهذا كم من مزاح انتهى -والعياذ بالله- إلى مشكلات بين الإخوان والأصدقاء، 

فقد يكون المزاح في بعض الأحيان بالتعيير: إما بالقبائل، أو المناطق، أو بالأشكال، أو الأنساب أو بأي أمر من الأمور.
ولا شك أن لأهل العلم وطلاب العلم أخلاقيات خاصة من حيث الأدب، وحسن السمت مع الآخرين، والبعد عن جرح مشاعرهم، ولهذا فكثير من الناس قد يخرجون في سفر واحد مجموعة فيرجعون أفراداً، يعني: يخرجون خمسة أشخاص أو عشرة أشخاص ثم يرجعون وكل واحد لوحده، أو كل اثنين مع بعض، والسبب أنه لا يحترم بعضهم بعضاً، ولا يقدر بضعهم بعضاً، أو يتجاوزون فيما بينهم فيما يتعلق بالمزاح حتى يصل إلى القطيعة والفرقة والعياذ بالله.
ولهذا على الإنسان أن يحرص غاية الحرص على أن يتحلى برونق العلم، وأن يبتعد عن إحراج إخوانه، فبعض الأحيان قد يتكلم إنسان بكلام، ويكون في كلامه مدخل لإحراجه، فهنا يتميز المتحلي برونق العلم من الشخص الآخر السخيف الذي لا يهمه، فالمتحلي برونق العلم يبتعد عن إحراجه ويبتعد عن إزعاجه، وأما الإنسان الذي ليس فيه شيء من هذه الآداب فإنه سيحرجه، وربما تنقلب مثل هذه الإحراجات إلى سفه وتبذل في النطق ونحو ذلك، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: بعض الأحيان قد يحصل بين الإخوة اختلاف مثلاً في وجهات النظر، فيغضب أحدهم لرأيه، وهنا يبرز رونق العلم وأدب العلم، فإن الإنسان حتى ولو غضب لرأيه فلابد أن يضبط نفسه، وأن يستجيب للدعاء المشهور: اللهم إني أسألك قول كلمة الحق في الرضا والغضب، وبعض الناس يكون وضعه مختلفاً إذا كان راضياً فتجد أنه من أحسن الناس أدباً، ومن أحسن الناس ابتسامة، فإذا غضب انقلب تماماً وأصبح شخصاً آخر، فيكون ممن إذا خاصم فجر، وإذا تكلم كذب، وإذا نطق أسف في النطق ونحو ذلك، وهذا لا شك أنه ليس من أخلاق وآداب طالب العلم، وإنما ينبغي لطالب العلم في أسوأ الحالات التي تمر عليه أن يضبط نفسه، وأن يتحلى بالآداب وحسن الأخلاق في التعامل مع إخوانه جميعاً. 

"يا أبا هريرةَ كن ورعًا تكن أعبدَ الناسِ وكن قنعًا تكن أشكرَ الناسِ وأحبَّ للناسِ ما تحبُّ لنفسِك تكن مؤمنًا وأحسِنْ جوارَ من جاورَك تكن مسلمًا وأقِلَّ الضحكَ فإنَّ كثرةَ الضحكِ تميتُ القلبَ"
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3417
خلاصة حكم المحدث:
صحيح
الدرر السنية  


 حُسْنِ السمْتِ ، والْهَدْيِ الصالحِ
"خصلتانِ لا تجتمعانِ في منافقٍ حُسنُ سمتٍ ولا فقْهٌ في الدِّينِ"
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2684
خلاصة حكم المحدث:
صحيح
الدرر السنية 



 *عن أبيه قال الأعمشُ راويه : ولا أعلُمه إلا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : التُؤْدَةُ في كلِّ شيءٍ ، إلا في عملِ الآخرةِ.
 
الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4810 - خلاصة حكم المحدث: صحيح 
الدرر السنية  

 لسَّمتُ الحسَنُ، والتُّؤَدةُ والاقتِصادُ جزءٌ من أربعَةٍ وعِشرينَ جزءًا منَ النُّبوَّةِ"
الراوي: عبدالله بن سرجس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2010
خلاصة حكم المحدث:
حسن
الدرر السنية 


شرح الأحاديث:
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَدْي الرَّجُل حَاله وَمَذْهَبه وَكَذَلِكَ سَمْته ، وَأَصْل السَّمْت الطَّرِيق الْمُنْقَاد وَالِاقْتِصَاد سُلُوك الْقَصْد فِي الْأَمْر وَالدُّخُول فِيهِ بِرِفْقٍ وَعَلَى سَبِيل يُمْكِن الدَّوَام عَلَيْهِ ، يُرِيد أَنَّ هَذِهِ الْخِلَال مِنْ شَمَائِل الْأَنْبِيَاء وَمِنْ الْخِصَال الْمَعْدُودَة مِنْ خَصَائِلهمْ وَأَنَّهَا جُزْء مِنْ أَجْزَاء خَصَائِلهمْ فَاقْتَدُوا بِهِمْ فِيهَا وَتَابِعُوهُمْ عَلَيْهَا اِنْتَهَى . (عون المعبود).
وفي المنتقى شرح الموطأ: وَقَوْلُهُ : وَحُسْنُ السَّمْتِ يُرِيدُ الطَّرِيقَةَ وَالدِّينَ وَأَصْلُ السَّمْتِ الطَّرِيقُ وَقَوْلُهُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ وَصِفَاتِهِمْ الَّتِي طُبِعُوا عَلَيْهَا وَأُمِرُوا بِهَا وَجُبِلُوا عَلَى الْتِزَامِهَا وَيُعْتَقَدُ أَنَّ هَذِهِ التَّجْزِئَةَ عَلَى مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَلَا يُدْرَى وَجْهُ ذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَقَالَ : عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَنْ كَانَ عَلَى هَذَا وَقَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا بِمَا يَعْنِيهِ كَانَ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ .اهـ
  ملتقى أهل الحديث
 ووصف الله سبحانه وتعالى نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – ومن معه من الصحابة بأنهم أشداء أقوياء على الكفار رحماء مع بعضهم بعضا، ووصفهم بأنهم يكثرون الركوع والسجود لله، كما وصف نبيه ووصف من معه بأنهم ممن حسُن سمتهم يقول تعالى:

" مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"(سورة الفتح/ 29) 


* ونقل ابن كثير هذا القول عن ابن عباس أيضًا قال :
" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : سيماهم في وجوههم يعني السمت الحسن "
  تفسير القرآن العظيم " ابن كثير : ( 3 / 401 ) , تحقيق : سامي بن محمد سلامة , ط : دار طيبة للنشر والتوزيع , الطبعة الثانية 1420هـ - 1999م .

حسن السمت

(1) معنى السمت:

السَّمْت: الطريق، وربما جُعل القصد سَمْتاً. يقال: فلان على سَمْتٍ صالح، أي على طريقة صالحة. وسلكَ فلان لسَمْتَ فلان، إذا اقتدى به.وسَمَتُّ سَمْتَ القوم فأنا سامِت، إذا قصدت قصدَهم.(جمهرة اللغة).
السَّمْتُ الطريقُ، وهَيْئَةُ أهل الخَيْرِ، والسَّيْرُ على الطريقِ بالظَّنِّ، وحُسْنُ النَّحْوِ، وقَصْدُ الشيءِ. سَمَتَ يَسْمِتُ ويَسْمُتُ(القاموس المحيط).
السمت: أخذ النهج ولزوم المحجة. وسمت فلان الطريق يسمت. وأنشد الأصمعي لطرفة:
خواضع بالرُّكْبان خُوصاً عيونُها ... وهنَّ إلى البيت العتيق سوامِتُ
ثم قال: ما أحسن سمته؛ أي طريقته التي ينتهجها في تحري الخير والتزييّ بزيّ الصالحين.(الفائق في غريب الحديث)
(فالسمت يكون في معنيين: أحدهما حسن الهيئة / والمنظر في مذهب الدين، وليس من الجمال والزينة، ولكن يكون له هيئة أهل الخير ومنظرهم وأما الوجه الآخر فإن السمت الطريق، يقال: الزم هذا السمت كلاهما له معنى جيد، يكون أن يلزم طريقة أهل الإسلام، ويكون أن يكون له هيئة أهل الإسلام).( غريب الحديث لأبي عبيد الهروي رحمه الله).
وعرفه الحافظ ابْنُ حَجَر تعريفاً جامعاً فقالأَنَّهُ تَحَرِّي طُرُقِ الْخَيْرِ وَالتَّزَيِّ بِزِيِّ الصَّالِحِينَ مَعَ التَّنَزُّهِ عَنْ الْمَعَائِبِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ.
نقله عنه في تحفة الأحوذي ولم أجده في الفتح.
وقال المناوي رحمه الله:(والسمت الحسن) أي حسن الهيئة والمنظر وأصل السمت الطريق ثم استعير للزي الحسن والهيئة المثلى في الملبس وغيره.(فيض القدير).
 ملتقى أهل الحديث 

"ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها فلما مرض النبي صلى الله عليه وسلم دخلت فاطمة فأكبت عليه فقبلته ثم رفعت رأسها فبكت ثم أكبت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت فقلت إن كنت لأظن أن هذه من أعقل نسائنا فإذا هي من النساء فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قلت لها أرأيت حين أكببت على النبي صلى الله عليه وسلم فرفعت رأسك فبكيت ثم أكببت عليه فرفعت رأسك فضحكت ما حملك على ذلك قالت إني أذن لبذرة أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت ثم أخبرني أني أسرع أهله لحوقا به فذاك حين ضحكت"

الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3872
خلاصة حكم المحدث:
صحيح
الدرر السنية 
 "ما أَعْرِفُ [ أَقْرَبَ ] سَمْتًا وهَدْيًا ودَلا بِرَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؛ مِنِ ابنِ أُمِّ عبدٍ ، حتى يُوَارِيهِ جِدَارُ بَيتِه ، ولقدْ عَلِمَ المَحْفُوظُونَ من أصحابِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّ ابنَ أُمِّ عبدٍ من أَقْرَبِهمْ إلى اللهِ وسِيلَةً"
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الموارد - الصفحة أو الرقم: 1902
خلاصة حكم المحدث:
صحيح

الدرر السنية

لما كان الحرص

على حديث رسول الله الله صلى الله عليه و سلم

نابعًا من تربية إيمانية صحيحة مبنية على إخلاص

العمل وصوابه أي إخلاصه لله ؛على نهج رسول الله

لذا

لم يقتصر هذا الاهتمام والحرص على زمن الرسول فحسب،

بل استمر الحال إلى الأزمنة والأجيال التالية

فقد أخرج الحاكم في مستدركه،

عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال:

( لما قُـبِـضَ رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت لرجل


هلمَّ فلنتعلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم كثير،

فقال :

العجب والله لك يابن عباس ، أترى الناس يحتاجون إليك

وفي الناس
من ترى من أصحاب رسول الله صلى

الله عليه وسلم؟


فركبت ذلك وأقبلت على المسألة


وتتبع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

فإن كنت لآتي الرجل في الحديث

يبلغني أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه

وسلم
فأتوسد ردائي على باب داره، تسفي الرياح

عليَّ وجهي حتى يخرج إليَّ

فإذا رآني قال:

يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لك ؟

قلت :حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله

عليه وسلم
فأحببت أن أسمعه منك .

فيقول : هلاَّ أرسلت إليّ فآتِيَك؟

فأقول : أنا كنت أحق أن آتيك،

وكان ذلك الرجل يراني فذهب أصحاب رسول الله صلى

الله عليه وسلم
وقد احتاج الناس إليَّ .

فيقول : أنت أعلم مني

مجمع الزوائد للهيثمي حديث رقم 9/280 خلاصة
الدرجة : رجاله رجال الصحيح

(الدرر السنية)

* قال ابن عبد البر وغيره:

"الحجة عند التنازع السنة فمن أدلى بها فقد أفلح"

أ.هـ

كتاب{ القول المبين في أخطاء المصلين }

وهكذا كان اهتمام الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم في

حفظ السنة ونقلها، جيلاً بعد جيل رواية وحفظاً وعملاً

فتأدبوا حتى وإن اختلفت مذاهبهم وأفهامهم للسنة

ا.هـ

*نقل الحافظ الذهبي في سِيَر أعلام النبلاء


في ترجمة الإمام الشافعي، عن الإمام الحافظ أبي

موسى
يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري،

أحد أصحاب الإمام الشافعي،

أنه قال :

ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرتُه يوماً في مسألة، ثم افترقنا،

ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال أيا أبا موسى :


ألا يستقيم أن نكون إخواناً، وإن لم نتفق في مسألة .

قال الذهبي : هذا يدلُّ على فقه الإمام وفقه نفسه،

فمازال النظراء يختلفون.

* وفي سِيَر أعلام النبلاء أيضاً في ترجمة


الإمام إسحاق بن راهويه : قال أحمد بن حفص السعدي :

سمعت أحمد بن حنبل الإمام يقول

لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان

يخالفنا في أشياء،
فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً.

*وروى الحافظ المؤرخ الإمام أبو عمر بن عبد البر في

"جامع بيان العلم وفضله" في باب

إثبات المناظرة والمجادلة وإقامة الحجة :

- عن محمد بن عتاب بن المربع قال :

سمعت العباس بن عبد العظيم العنبري، أخبرني قال :

كنـت عـند أحـمد بـن حـنبل وجاءه علي بن المديني

راكباً على دابة قال : فتناظرا في الشهادة وارتفعت

أصواتهما،
حتى خفت أن يقع بينهما جفاء. وكان

أحمد يرى الشهادة، وعلي يأبى ويدفع،

فلما أراد عليُّ الانصراف، قام أحمد فأخذ بركابه.

فتأدبوا حتى وإن اختلفت مذاهبهم وأفهامهم للسنة

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم * * "* * ** إن التشبه بالكرام فلاح

زهور السنة 

 2/ج)يقول ربنا تعالى:
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (سورة يوسف/ 36).

قال السدي: وكان يوسف، عليه السلام، قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة وصدق الحديث، وحسن السّمت وكثرة العبادة، صلوات الله عليه وسلامه،(ابن كثير (4/387).
هنا

كيف تكتسب حسن السمت

أهم الأسباب المعينة على اكتساب حسن السمت والتحلي به ، ومنها:

أولا: تعمير الباطن بالإخلاص لله وتنقية الباطن مما يبغضه الله تعالى

فهذا أصل التحلي بحسن السمت في الظاهر ، إذ ما يُسِرُّه العبد يظهر عليه علانية شاء أم أبى كما قيل: ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها علانية إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. ومن هنا لا سبيل إلى التماس السمت الحسن بدون إصلاح القلب،ولعل هذا هو ما عناه بعضهم بقوله: أظهر السمت في الليل فإنه أشرف من إظهاره بالنهار؛ لأن  إظهارالسمت بالنهار للمخلوقين وإظهار السمت بالليل لرب العالمين.إن من أجمل ما يتزين به العبد ويكتسب به السمت الحسن تحقيقه لتقوى الله عز وجل ،وهي في أساسها عمل قلبي ينعكس على الجوارح ، وقد نبه الله عباده على هذا المعنى الجليل حين قال: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (الأعراف:26)

ثانيا:التزام العمل الصالح  وحفظ الجوارح

وهذا من أحسن ما يتزين به المؤمنون فتراهم يقيمون فرائض الله ويتبعونها بالنوافل ، ويراقبون جوارحهم فيحفظونها من المعاصي ومخالفة أمر الله تعالى ، بل يمنعونها الفضول ، وهي الأمور الزائدة عن الحاجة. ومن أهم الجوارح التي ينبغي الاعتناء بها وحفظها اللسان ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت". وقد كان الصالحون يرون أن كثرة الكلام تذهب الوقار. وكان يحي بن أبي كثير رحمه الله يقول:خصلتان إذا رأيتهما في الرجل فاعلم أن ما وراءهما خيرٌ منهما:إذا كان حابساً لسانه محافظاً على صلاته.

وذكر بعضهم أبياتا نسبها لابن المبارك رحمه الله  يقول فيها:
الصـمت زيــنٌ للفتى        من منطقٍ في غير حينه
والصدق أجمل للفتى        في العـقـد عـنـد يـمـيــنـه
وعلى الفتى بوقـاره         سمتٌ يلــوح على جبينه

كما يحفظ بصره من إطلاقه إلى ما حرم الله تعالى  ، وفي الجملة يتنزه عن ارتكاب المحظورات بجوارحه ويعلم أنها ستشهد عليه وستنطق بما فعلت بين يدي الله تعالى الذي لا تخفى عليه خافية.كما لا يكثر من الالتفات والعبث بثوبه أو لحيته عند مجالسة القوم.

ثالثا: تعمير الظاهر باتباع السنة

فخير الهدي هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن الاقتداء به اتباع سنته في الهدي الظاهر بإعفاء اللحية وحف الشارب ولبس الثياب البيض ، والعناية بنظافتها من غير تكلف ولا كبر ولا خيلاء ، استمع في هذا المقام إلى وصية العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله إذ يقول في حلية طالب العلم:[ لا تسترسل في التنعم والرفاهية، فإن "البذاذة من الإيمان"، وخذ بوصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه المشهور، وفيه:
"
وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا ".


وعليه فازْوَرَّ عن زَيْفِ الحضارةِ فإنه يُؤَنِّثُ الطِّباعَ ويُرْخِي الأعصابَ ويُقَيِّدُك بِخَيْطِ الأَوْهَامِ ويَصِلُ المُجِدُّونَ لغاياتِهم وأنتَ لم تَبْرَحْ مكَانكَ مَشْغُولٌ بالتأَنُّقِ في مَلْبَسِكَ وإن كان منها شِيَاتٌ ليست مُحَرَّمَةً ولا مَكروهةً لكن ليست سَمْتًا صالحًا والحِلْيَةُ في الظاهرِ كاللِّباسِ عُنوانٌ على انتماءِ الشخصِ بل تَحديدٌ له وهل اللِّباسُ إلا وَسيلةٌ من وسائلِ التعبيرِ عن الذاتِ ؟!
فكُنْ حَذِرًا في لِباسِكَ؛ لأنه يُعَبِّرُ لغَيْرِكَ عن تَقْوِيمِك في الانتماءِ والتكوينِ والذوْقِ ، ولهذا قِيلَ : الْحِلْيَةُ في الظاهِرِ تَدُلُّ على مَيْلٍ في الباطِنِ والناسُ يُصَنِّفُونَكَ من لِباسِك بل إنَّ كيفِيَّةَ اللُّبْسِ تُعْطِي للناظِرِ تَصنيفَ اللابسِ من : الرصانةِ والتعَقُّلِ أو التَّمَشْيُخِ والرَّهْبَنَةِ أو التصابِي وحُبِّ الظهورِ،. فخُذْ من اللِّباسِ ما يَزينُك ولا يَشينُك ولا يَجْعَلْ فيكَ مَقالًا لقائلٍ ولا لَمْزًا لِلَامِزٍ ، وإذا تلاقَى مَلْبَسُك وكيفيَّةُ لُبْسِك بما يَلتَقِي مع شَرَفِ ما تَحْمِلُه من العِلْمِ الشرعيِّ كان أَدْعَى لتعظيمِك والانتفاعِ بعلْمِك، بل بِحُسْنِ نِيَّتِك يكونُ قُرْبَةً إنه وسيلةٌ إلى هِدايةِ الْخَلْقِ للحَقِّ .وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ :  أَحَبُّ إليَّ أن أَنْظُرَ القارِئَ أبيضَ الثيابِ  . أي : ليَعْظُمَ في نفوسِ الناسِ فيَعْظُمَ في نفوسِهم ما لَدَيْهِ من الْحَقِّ .
والناسُ – كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى – كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ .فإيَّاكَ ثم إيَّاكَ من لِباسِ التصابِي، أمَّا اللِّباسُ الإفرنجيُّ فغَيرُ خافٍ عليك حُكْمُه ، وليس معنى هذا أن تأتِيَ بلِباسٍ مُشَوَّهٍ لكنه الاقتصادُ في اللِّباسِ برَسْمِ الشرْعِ ، تَحُفُّه بالسمْتِ الصالحِ والْهَدْيِ الْحَسَنِ ..


فإياك ثم إياك والتشبه بالكافرين في زيهم وشاراتهم فإن هذا ليس من سمت الصالحين ولا من هدي المسلمين وفي الحديث: " ومن تشبه بقوم فهو منهم".

رابعا:صحبة ذوي السمت الحسن

من العلماء والصالحين فإن مصاحبتهم والخلطة بهم تؤدي إلى الاستفادة منهم في هديهم وسمتهم وأخلاقهم ، وقد كان الصحابة يجالسون النبي صلى الله عليه وسلم ويستفيدون من لحظه ولفظه ويتشبهون به في هديه وسمته ، كما كان من بعدهم يسأل عن أشبه الناس هديا وسمتا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليأخذوا عنه كما ورد في ذلك أن عبد الرحمن بن زيد – رحمه الله – قال : "سألتُ حذيفةَ عن رجل قريب السَّمْتِ والهَدي والدَّلِّ من رسولِ الله –صلى الله عليه وسلم- حتى نأخذَ عنه ؟ فقال : ما نعلم أحدا أقربَ سَمْتا وهَدْيا ودَلاّ بالنبيِّ –صلى الله عليه وسلم- من ابنِ أمِّ عبد ، حتى يتوارى بجدار بيته ، ولقد عَلِمَ المحفُوظُون من أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- : أن ابن أم عبد أقربُهم إلى الله وسيلة".ولعل علقمة رحمه الله تعالى قد حرص على صحبة ابن مسعود رحمه الله تعالى لأجل هذا المعنى فقد أورد الذهبي في السير أنه لازم ابن مسعود حتى رأس في العلم والعمل، وتفقه به العلماء، وبَعُد صيته.وكان يشبه بابن مسعود في هديه ودله وسمته.

نسأل الله الكريم بمنه أن يرزقنا حسن السمت وأن يزيننا بزينة الإيمان ، وأن يجعل سرنا خيرا من علانيتنا وأن يسترنا بستره الجميل الطيب في الدنيا والآخرة ، والحمد لله رب العالمين

هنا

 

 

إن عظيم الهمة لا يقنع بملء وقتِه بالطاعات

إنما يفكر أن لا تموت حسناته بموته
 حسن السمت من أخلاق الأنبياء .

 لسَّمتُ الحسَنُ، والتُّؤَدةُ والاقتِصادُ جزءٌ من أربعَةٍ وعِشرينَ جزءًا منَ النُّبوَّةِ"
الراوي: عبدالله بن سرجس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2010
خلاصة حكم المحدث:
حسن
الدرر السنية  


 *عن أبيه قال الأعمشُ راويه : ولا أعلُمه إلا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : التُؤْدَةُ في كلِّ شيءٍ ، إلا في عملِ الآخرةِ.
 


الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4810 - خلاصة حكم المحدث: صحيح 
الدرر السنية  
وفي المنتقى شرح الموطأ: وَقَوْلُهُ : وَحُسْنُ السَّمْتِ يُرِيدُ الطَّرِيقَةَ وَالدِّينَ وَأَصْلُ السَّمْتِ الطَّرِيقُ وَقَوْلُهُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ وَصِفَاتِهِمْ الَّتِي طُبِعُوا عَلَيْهَا وَأُمِرُوا بِهَا وَجُبِلُوا عَلَى الْتِزَامِهَا وَيُعْتَقَدُ أَنَّ هَذِهِ التَّجْزِئَةَ عَلَى مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَلَا يُدْرَى وَجْهُ ذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَقَالَ : عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَنْ كَانَ عَلَى هَذَا وَقَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا بِمَا يَعْنِيهِ كَانَ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ .اهـ  
   ملتقى أهل الحديث 

حسن السمت من الصفات اللازمة للداعية والمربي :


  قال عبد الرّحمن بن مهديّ- رحمه اللّه تعالى-: كنّا نأتي الرّجل ما نريد علمه ليس إلّا أن نتعلّم من هديه وسمته ودلّه.[الآداب الشرعية (2/ 149) ] .
  قال المروذيّ- رحمه اللّه تعالى-: لم أر الفقير في مجلس أعزّ منه في مجلس أبي عبد اللّه ، كان مائلا إليهم مقصرا عن أهل الدّنيا، وكان فيه حلم، ولم يكن بالعجول، وكان كثير التّواضع تعلوه السّكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلّم حتّى يٌسأل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدّر، يقعد حيث انتهى به المجلس. [سير أعلام النبلاء (11/ 218) ] .
  قال ابن مفلح- رحمه اللّه تعالى-: كان يحضر مجلس أحمد زهاء خمسة آلاف أو يزيدون، أقلّ من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلّمون منه حسن الأدب وحسن السّمت. [الآداب الشرعية (2/ 12) ] .

  قال البدر العينيّ صاحب عمدة القاري على صحيح البخاريّ- رحمه اللّه تعالى-: ينبغي للنّاس الاقتداء بأهل الفضل والصّلاح في جميع أحوالهم في هيئتهم وتواضعهم للخلق ورحمتهم وإنصافهم من أنفسهم وفي مأكلهم ومشربهم واقتصادهم في أمورهم تبرّكا بذلك . [عمدة القاري شرح صحيح البخاري (22/ 154) ] .

"أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ لأشجِّ عبدالقيس : إنَّ فيكَ خَصلتينِ يحبُّهُما اللَّهُ: الحِلمُ، والأَناةُ"
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2011 -خلاصة حكم المحدث: صحيح
  يا نبيَّ اللَّهِ إنَّا حيٌّ من ربيعةَ وبينَنا وبينَكَ كفَّارُ مُضرَ ولا نقدرُ عليكَ إلَّا في أشهرِ الحرمِ فمرنا بأمرٍ نأمرُ بهِ من وراءنا وندخلُ بهِ الجنَّةَ إذا نحنُ أخذْنا بهِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ آمرُكم بأربعٍ وأنهاكم عن أربعٍ اعبدوا اللَّهَ ولا تُشرِكوا بهِ شيئًا وأقيموا الصَّلاةَ وآتوا الزَّكاةَ وصوموا رمضانَ وأعطوا الخمُسَ منَ الغنائمِ وأنهاكم عن أربعٍ عنِ الدُّبَّاءِ والحَنتمِ والمزفَّتِ والنَّقيرِ قالوا يا نبيَّ اللَّهِ ما عِلمُكَم بالنَّقيرِ قالَ بلى جِذعٌ تنقرونهُ فتقذِفونَ فيهِ منَ القُطيعاءِ - قالَ سعيدٌ أو قالَ منَ التَّمرِ - ثمَّ تصبُّونَ فيهِ منَ الماءِ حتَّى إذا سكنَ غليانُهُ شربتموهُ حتَّى إنَّ أحدَكم أو إنَّ أحدَهم ليضربُ ابنَ عمِّهِ بالسَّيفِ قالَ وفي القومِ رجلٌ أصابتْهُ جراحةٌ كذلِكَ قالَ وكنتُ أَخبَأُها حياءً من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ ففيمَ نشربُ يا رسولَ اللَّهِ قالَ في أسقيةِ الأدَمِ الَّتي يُلاثُ على أفواهِها قالوا يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أرضَنا كثيرةُ الجُرذانِ ولا تبقى بها أسقِيةُ الأدمِ فقالَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وإن أكلَتْها الجرذانُ وإن أكلَتْها الجرذانُ وإن أكلَتْها الجرذان قالَ وقالَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لأشجِّ عبدِ القيسِ إنَّ فيكَ لَخَصْلَتينِ يحبُّهُما اللَّهُ الحِلمُ والأناةُ وذَكرَ أبا نضرةَ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ أنَّ وفدَ عبدِ القيسِ لمَّا قدِموا على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بمثلِ حديثِ ابنِ عُليَّةَ غيرَ أنَّ فيهِ وتُذِيفونَ فيهِ منَ القُطَيعاءِ أوِ التَّمرِ والماءِ ولم يقُل قال سعيدٌ أوِ قال من التَّمرِ
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 18
خلاصة حكم المحدث: صحيح
 والأناة هي التثبت وترك العجلة , وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا إلى المدينة بادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقام الأشج عند رحالهم , فجمعها وعقل ناقته ولبس أحسن ثيابه , ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقربه النبي صلى الله عليه وسلم وأجلسه إلى جانبه , 
هنا  
 آدابـ الإمامأحمد وأخلاقــه :

* عـن أبـي داود السـجسـتاني قـال : لـم يكـن " أحمـد بـن حنبـل " يخـوض فـي شـيء ممـا يخـوض فيـه النـاس مـن أمـر الدنيـا ، فإذا ذُكـر العلـم تكلـم . وقـال مجالسـة " أحمـد بـن حنبـل " مجالسـة الآخـرة ، لا يذكـر فيهـا شـيء مـن أمـر الدنيـا .
وعن أبـي بكـر المطوعـي قـال : اختلفـت إلى أبـي عبـد الله أحمـد بن حنبـل اثنـى عشـرة سـنة وهـو يقـرأ المسـند علـى أولاده ، فمـا كتبـتُ منـه حديثًـا واحـدًا ، وإنمـا كنـت أنظـر إلـى هديـه وأخلاقـه وآدابـه .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 232 . 
ومن أخلاقه
* كان يحضر مجلس الإمام أحمد خمسة آلاف طالب ، ( 500 ) كانوا يكـتبون العلم ، والبقية ينظرون إلى أدبه وأخلاقه وسَمْتِـهِ .

* قال يحيى بن معين : ما رأيتُ مثـل أحمد ، صحبناه خمسين سنة فما افـتخر علينا بشيء ممَّا كان فيه من الخير .
* كان الإمام أحمد مائلاً إلى الفقـراء ، وكان فيه حِلْمْ ، ولم يكن بالعجول ، وكان كثير التواضع ، وكانت تعلوه السكينة والوقار .
* قال رجل للإمام أحمد : جزاك الله عن الإسلام خيراً ، فقال الإمام أحمد : بل جزى الله الإسلام عني خيراً ، مَنْ أنا ؟ وما أنا ؟
* كان الإمام أحمد شديد الحياء ، وأكرم الناس ، وأحسنهم عِشْرةً وأدباً ، لمْ يُسمع عنه إلاَّ المُذاكرة للحديث ، وذِكْر الصالحين ، وكان عليه وقارٌ وسكينة ، ولفْـظٌ حَسَنْ .

منقول
وصـايــا الصالحيـــن :

من أسـباب الثبـات الدعـاء بأن يقيـض الله للمـرء رجـلاً صالحـًا يعظـه فيثبتـه الله وينفعـه بتلـك الكلمـات ، فتنبنـي نفسـه ، وتُسـدَّد خطـاه يـوم يتعـرض لفتنـة أو بـلاء مـن ربـه ليمحصـه بـه .
هـا هـو الإمـام أحمـد ـ رحمه الله ـ يسـاق إلـى المأمـون مقيـدًا بالأغـلال ، وقـد توعـده وعيـدًا شـديدًا قبـل أن يصـل إليـه حتـى قـال خادمـه : يعـز علـيَّ يـا أبـا عبـد الله أن المأمـون قـد سـلَّ سـيفًا لـم يسـلَّه قبـل ذلـك ، وأنـه أقسـم بقرابتـه (1) مـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لئـن لـم تجبـه ليقتلنـك بذلـك السـيف . وهنـا يأتـي الصالحـون ، أهـل البصيـرة لينتهـزوا الفرصـة ليلقـوا بالوصايـا التـي تثبـت فـي المواقـف الحرجـة . ففـي السِّـيَرِ ( 11 / 241 ) :
أن أبـا جعفـر الأنبـاري قــال : لمـا حُمـل الإمـام أحمـد إلـى المأمـون أُخبـرتُ ، فعبـرتُ الفــرات ، وجئتَـهُ ، فسـلمتُ عليـه ، وقلـتُ : يـا إمـام أنـت اليـوم رأس ، والنـاس يقتـدون بـك ؛ فـوالله لئـن أجبـت إلـى خلـق القـرآن ليجيبـنَّ خلـق كثيـر ، وإن لـم تجـب ليمتنعـن خلـق كثيـر ، ومـع هـذا فـإن الرجـل إن لـم يقتلـك فإنـك تمـوت ، لابـد مـن المـوت فاتـق الله ولا تجبـه .
والإمـام أحمـد في سـياق رحلتـه إلى المأمـون يقـول : وصلنـا إلـى رحبـة (2) ، ورحلنـا منهـا في جـوف الليـل ، قـال : فعـرض لنـا رجــل ، فقـال : أيكـم أحمـد بـن حنبـل ؟ فقيــل هـذا . فقـال : يـا هـذا مـاعليـك أن تُقْتَـل هـا هنـا وتدخـل الجنـة . ثـم قـال : أسـتودعك الله ، ومضـى .
وأعرابـي يعترضـه ، ويقـول : يـا هـذا إنـك وافـد النـاس فـلا تكـن شـؤمًا عليهـم ، إنـك رأس النـاس فإيـاك أن تجيبهـم إلـى مـا يدعونـك إليـه ؛ فيجيبـوا فتحمـل أوزارهـم يـوم القيامـة ، إن كنـت تحـب الله فاصبـر ، فـوالله مـا بينـك وبيـن الجنـة إلا أن تُقتـل .
ويقـول الإمـام أحمـد : مـا سـمعت كلمـة مُـذ وقعـت في هـذا الأمـر أقـوى من كلمـة أعرابـي كلمنـي بهـا في " طـوق " ، قـال : يا أحمـد إن يقتلـك الحـق مـت شـهيدًا ، وإن عشـت عشـت حميـدًا فقـوَّى بها قلبـي .

( 1 ) لا يجـوز القسـم إلا بالله أو بصفاتـه سـبحانه فقـط .
( 2 ) رحبـة : تقـع بيـن الرقـة وبغـداد علـى شـاطئ الفـرات .
( حاشية : عوامل بناء النفس / ص : 55 ) .

فـإن أردت بنـاء نفسـك أخـي الكريـم ـ فاحـرص علـى طلـب الوصيـة مـن الصالحيـن ، اعقلهـا إذا تُلِيَـت عليـك ، اطلبهـا قبـل سـفر إذا خشـيت ممـا يقـع فيـه ـ مـن المعاصـي ..... ، اطلبهـا أثنـاء ابتــلاء ، أو قبـل حـدوث محنـة متوقعـة ، اطلبهـا إذا عُيِّنْـتَ فـي منصـب صَغُـرَ أو كَبُـرَ ، أو ورثـت مـالاً وصـرت ذا غنـى ، اطلبهـا فـي الشـدة والرخـاء والعسـر واليسـر لتنبنـي نفسـك ـ علـى الحـق ـ وينبنـي بهـا غيـرك والله ولـي المؤمنيـن .
عوامل بناء النفس / علي القرني / ص : 55 . هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق