تاريخ العقيدة وتدوينها
والفرق الإسلامية
ظهر من البدع والانحرافات عن العقيدةالصافية التي كان عليها جيلالصحابة - رضوان الله عليهم - بعد سنين من خلافة علي - رضي الله عنه -.
وقد تتبع المقريزي - رحمه الله - نشأة هذه البدع ورصد سيرها منذ حدوثالقولبالقدر، وتبرأ عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- من أصحاب هذهالبدعة، وحدث أيضاًفي زمنهم: مذهب الخوارج وقد ناظرهم ابن عباس واقامعليهم الحجة.
وحدث في زمنهم مذهب التشيع لعلي بن أبي طالب والغلو فيه، وقام في زمنهعبد الله بنسبأ وأحدث القول بوصية الرسول لعلي بالإمامة من بعده، وابتدعالقول بالرجعة بعدموته..
ومنه تشعبت أصناف الغلاة من الرافضة.
ثم حدث بعد عصر الصحابة مذهب جَهم بن صفوان في نفي الصفات وإثارة الشكوك والشبهات.
وفي أثناء ذلك حدث مذهب الاعتزال، وكانت بينهما مناظرات وفتن كثيرة متعددة أزماتها [1]..
ولما ظهرت هذه البدع، وقف علماء السلف وأهل السنة دون عليها ويحذرون منها، ويوضحونأصول العقيدة، ويدعون للتمسك بالكتاب والسنة.
فكان ذلك واحداً من الأسباب والعوامل التي ساعدت على تدوين العقيدة الإسلامية فيكتب خاصة.
(1) الخطط المقرزية: 3/310-313، ومقدمة أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي: 1/17-37
المختار الإسلامي
العقيدة الإسلامية تاريخ النشأة وعوامل التدوين
الهدف من دراسة الفرق
دراستنا للفرق ليس إقراراً أو فرحاً بها، أو شماتة بالآخرين، وإنما ندرسها مع أسفنا الشديد للتفرق الحاصل بين المسلمين، والذي نرجو من وراء هذه الدراسة أن تحقق أهدافاً طيبة في خدمة الإسلام، وفي كسر حدة الخلافات التي مزقت المسلمين وفرقتهم إلى فرق وأحزاب.
والتي تهدف كذلك إلى جمع كلمتهم، ولفت أنظارهم إلى مواقع الخلاف فيما بينهم؛ ليبتعدوا عما وقع فيه من سبق من هذه الأمة، فإن الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل، فهي نوع من أنواع العلاج لتلك المآسي الحالَّة بالمسلمين، وسبب من الأسباب التي تبذل لينفع الله بها إن شاء؛ لأن معرفة الدواء النافع يتوقف على معرفة الداء.
ولا يحتاج المسلمون لجمع كلمتهم، وإعادة مجدهم وعزهم وانتصارهم على جحافل الكفر والطغيان إلا إلى العودة الصادقة والنية الخالصة، فإن الأسس التي قام عليها عز الإسلام والمسلمين فيما سبق لا تزال كما هي قائمة قوية جديدة على مر الأيام والليالي - كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
وتلك الأهداف التي نتطلع إلى تحقيقها كثيرة نذكر أهمها فيما يأتي:
1- تذكير المسلمين بما كان عليه أسلافهم من العزة والكرامة والمنعة حينما كانوا يداً واحدة، وقلباً واحداً.
2- لفت أنظارهم إلى الحال الذي يعيشونه، ومدى ما لحقهم من الخسارة بسبب تفرقهم.
3- توجيه الأمة الإسلامية إلى الوحدة فيما بينهم، وذلك بالتركيز على ذم التفرق وبيان مساوئه، وبيان محاسن اتحاد المسلمين، وجمعهم على طريق واحد.
4- تبصير المسلمين بأسباب الخلافات التي مزقتهم فيما سبق من الزمان ليجتنبوها بعد أن يتدارسوها فيما بينهم بعزم قوي وصدق نية.
5- معرفة ما يطرأ على العقيدة الإسلامية الصحيحة من أفكار وآراء هدامة مخالفة لحقيقة الإسلام بعيدة عن طريقه الواضحة.
6- رصد تلك الحركات والأفكار التي يقوم بها أولئك الخارجون عن الخط السوي والصراط المستقيم؛ لتعرية دورهم الخطر في تفريق وحدة الأمة الإسلامية بتعريف الناس بأمرهم، وجلاء حقيقتهم للتحذير منهم، وبيان ما يقومون به من خدمة تلك الأفكار وترويجها.
ذلك أنه ما من بلاء كان فيما سبق من الزمان إلا وهو موجود اليوم في وضوح تام؛ فلكل قوم وارث .
7- حتى تبقى الفرقة الناجية علماً يهتدى به بعيدة عن تلك الشوائب الطارئة على العقيدة.
8- وصل حاضر هذه الأمة بماضيها، وبيان منشأ جذور الخلافات بينهم والتي أدت إلى تفرقهم فيما مضى من الزمان للتحذير منها، وللرد على أولئك الذين يحاولون دعوة المسلمين إلى قطع صلتهم بماضيهم، والبناء من جديد كما يزعمون.
9- ثم إن دراستنا للفرق وإن كان يبدو عليها أنها بمثابة جمع لتراث الماضين- فإنه يراد من وراء ذلك دعوة علماء المسلمين إلى القيام بدارسته وفحصه واستخراج الحق من ذلك، واستبعاد كل ما من شأنه أن يخرج بالمسلمين عن عقيدتهم الصحيحة أو يفرق كلمتهم.
وهذا فيما أرى هو أنجح الطرق وأقربها إلى إشعار المخالفين بالإنصاف وطلب الحق للاستدلال على خلافهم وخروجهم عن الصواب من كتبهم ومن كلام علمائهم لقطع كل حجة مخالفة بعد ذلك.
والتأليف في شأن الفرق يحتاج إلى: إثبات ما نقل عن الفرقة إليها والتأكد من نسبته وأخذ ذلك من مصادره الموثوقة ثم فهمه على الوجه الصحيح ثم نقد آراء تلك الفرقة على وفق منهج أهل السنة والجماعة مع لزوم الإنصاف والصدق والتجرد عن الهوى والعصبية
موسوعة الفرق » الباب الأول : مقدمة في الفرق
هنا
تعريف علم الكلام
وعرف بأنه: "باب من الاعتبار في أصول الدين يدور النظر منه على محض العقل في التحسين, والتقبيح, والإحالة, والتصحيح, والإيجاب, والتجويز, والاقتدار, والتعديل, والتحوير, والتوحيد, والتفكير"
وسمي علم الكلام بهذا الاسم لعدة أسباب منها:
- أن مسألة الكلام هي من أشهر مباحثه التي وقع فيها نزاع وجدل بين المتكلمين، والمقصود من مسألة الكلام هي مسألة خلق القرآن التي تبنتها المعتزلة، ونفوا صفة الكلام عن الله تعالى وأكثروا فيها القيل والقال.
- وقيل لأن العادة جرت عند المتكلمين الباحثين في أصول الدين أن يعنونوا لأبحاثهم بـ"الكلام في كذا... إلخ".
- وقيل لأن الكلام والمجادلة والقيل، والقال قد كثر فيه وأصبح سمة لأهله.
هنا
بداية نشأة الفرق الإسلامية
كانت بداية نشأة الفرق الإسلامية في عهد عليِّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وإن كانت بوادرها قد ظهرت من قبله، إلا أنها لم تتخذ الشكل الرسمي، ومن أهم هذه الفرق:*الخوارج:
ظهرت فرقة الخوارج في زمان علي ومعاوية -رضي الله عنهما- حين شب النزاع على الخلافة، وانقسم المسلمون إلى مؤيد لعلي -رضي الله عنه- ومؤيد لمعاوية-رضي الله عنه- ووقعت موقعة صفين، التي رفع معاوية وأصحابه فيها المصاحف على أسنة الرماح، يطلبون تحكيم كتاب الله عز وجل.
وما كان لعلي -رضي الله عنه- إلا أن يقبل تحكيم القرآن، فهو لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأوكل علي أبا موسى الأشعري نائبًا عنه وعن صحبه، بينما كان عمرو بن العاص نائبًا عن معاوية وعن صحبه؛ ليفصلا في القضية، ولكن بعضًا ممن كان يناصر عليًّا-رضي الله عنه- خرجوا عليه، وقالوا: لقد حكَّم علي الرجال في كتاب الله؟ كيف يحكم أبا موسى وعمرًا في كتاب الله -عز وجل-؟ والله يقول: {إن الحكم إلا لله} [يوسف: 40].
ومادام قد فعل ذلك فقد خرج من دين الله عز وجل، فسموا بالخوارج لأنهم خرجوا على عليٍّ -رضي الله عنه- ولقد حاربهم علي -رضي الله عنه- ومَنْ بعده حتى قُضي عليهم في القرن الثالث الهجري.
*الشيعة:
وهم الذين تشيعوا لعلي وناصروه، فسموا بالشيعة، وقد ظهروا في عهد عثمان-رضي الله عنه- ومذهبهم أنهم يفضلون أهل بيت النبي ( ويقولون بأولويتهم بالخلافة، وهم ليسوا على درجة واحدة في الغلو والإفراط، فقد اقتصر المعتدلون منهم على تفضيل علي على بقية الصحابة من غير تكفير أو تفسيق لأحد، وقالوا: إن عليًّا لا يفرق عن النبي ( إلا في درجة النبوة. ويقولون: إن الرسول ( قد أوصى لعلي بالخلافة، ولكن الصحابة كتمت ذلك.
ومنهم من يتمادى في ضلاله، فلا يكتفي بتفضيل علي على الخلفاء، بل يرفعوه إلى مرتبة النبوة. ومنهم من قال: إنه إله، وهؤلاء أحرقهم علي -رضي الله عنه- بالنار؛ لغلوهم وافترائهم على الله -عز وجل-. وكان التشيع لأهل البيت، ومازال مدخلاً لمن أراد أن يهدم الإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى وأعداء الدين، الذين يجعلون حب آل البيت ستارًا يهدم قواعد الإسلام.
والمسلم يحب أهل بيت النبي ( ويحترمهم، ويدعو لهم ويقدرهم حق قدرهم، ولكنه لا يرفعهم فوق منزلة البشر، فهم لا يقدرون على شيء من ملك الله، ولا يشفعون لأحد إلا بإذن الله تعالى.
*المرجئة:
وبين غلو وجهل الشيعة والخوارج خرجت طائفة ثالثة، توقفت وأرجأت
-أي أجلت- الحكم بين الطرفين، فسموا بالمرجئة. وقالوا: نحن لا نعلم المخطئ من المصيب، لذلك نؤخر ونرجئ أمرهم إلى الله -عز وجل-. وقالوا: إن الإيمان تصديق بالقلب، ولا تعلق له بالعمل. وقالوا: لا تضر مع الإيمان معصية.
وامتد فريق منهم في طغيانهم، فقالوا: إن الإيمان اعتقاد بالقلب فقط، ولا يضر الإنسان ما يفعل حتى إذا أعلن الكفر بلسانه، وعبد الأصنام، ودخل في اليهودية أو النصرانية، فإذا مات في دار الإسلام فهو مؤمن، وقد وجد الفساق وأصحاب الضلالات في مذهب المرجئة بابًا عظيمًا في الدخول في الإسلام، وعمل ما يريدون عمله من الكفر والشرك وغيرهما غير مبالين بذلك، مما جعل زيد بن علي بن الحسين بن علي -رضي الله عنهم- يقول: (أبرأ من المرجئة الذين أطمعوا الفساق في عفو الله).
*الجبرية:
ومن الفرق الضالة، فرقة ادعت أن الإنسان لا إرادة له، وهو مسير ولا اختيار له، وسموا بالجبرية. وهؤلاء تركوا العمل واحتجوا بالقدر، فلماذا يعملون وهم مجبورون والقدر يسري عليهم؟ ومن مبادئهم أنهم أنكروا رؤية الله في الآخرة، وقالوا: إن الجنة والنار تفنيان. وقد حكم كثير من العلماء بكفرهم.
المسلم يؤمن بقضاء الله وقدره، ويؤمن أن الإنسان مخير في كل أمر لإرادته دخل فيه بأن يفعل أو لا يفعل، ومسير في غير ذلك، وله القدرة على مزاولة ما يريد، وأنه محاسب على اختياره.
*المعتزلة:
تنسب إلى واصل بن عطاء، وكان واصل يجلس في حلقة علم للحسن البصري، ودخل رجل ليسأل الحسن، فقال له: يا إمام ظهر في زماننا جماعة يكفرون مرتكب الكبيرة وهم الخوارج، وجماعة يرجئون الحكم عليهم، ويقولون: لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وهم المرجئة. فتفكر الحسن، وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة -الذي يفعل الكبيرة- مؤمن مطلق ولا كافر مطلق، بل هو في منزلة بين منزلتين. وتبعه عمرو بن عبيد في رأيه، ثم جلس في ناحية من المسجد يقرر هذا المذهب، فقال الحسن: اعتزلنا واصل، فسمُّوا بالمعتزلة.
ومن هذه الفرق وغيرها خرجت فرق كثيرة، متعددة المناهج والأفكار، ليتحقق ما قاله الرسول (: (إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة وهي الجماعة) [ابن ماجه].
وهذه الفرقة التي وعد الرسول ( بأنها هي الناجية من النار، هي الفرقة المتمسكة بالحق الذي جاءها من الله جل وعلا، العاملة بسنة رسول الله (. فمبادئهم ومنهج حياتهم من كتاب الله -عز وجل- وسنة الرسول (، ويتخذون نفس طريق السلف الصالح من الصحابة والتابعين.
هنا
وهنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق