الاثنين، 30 ديسمبر 2013

هل لسانك وراء قلبك؟ أم قلبك في طرف لسانك ؟!

هل لسانك وراء قلبك؟ أم قلبك في طرف لسانك ؟! 

 تفضل جل وعلا على عبده بعد أن خلقه بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومن ذلك نعمة الجوارح كالسمع و البصر و النطق وغير ذلك من الأعضاء والجوارح التي أنعم بها الباري سبحانه على الإنسان.
ومن أجل هذه الأعضاء وأكثرها تأثيرا على حياة العبد ،جارحة إذا استقامت تبعتها باقي الجوارح فاعتدلت وكان لصاحبها بذلك الخير و السعادة، وإذا مالت وفسدت انحرفت بسببها باقي الجوارح فكان لصاحبها بذلك الشر والشقاوة، فهي مع صغر حجمها سلاح ذو حدين قد تسخر في فعل الطاعات والزيادة من الخيرات فيكون صاحبها من أولياء الرحمن،فيفوز بعون المنان بالجنان، وقد تضيع في المعاصي و المنكرات فيكون صاحبها من أولياء الشيطان فيبوء بالخسران و الحرمان ألا وهي جارحة اللسان.
 يقول صلى الله عليه وسلم:"من يَضْمَنْ لي ما بين لَحْيَيْهِ وما بين رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ له الْجَنَّةَ ".رواه البخاري (6109) من حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- .
قال ابن بطال –رحمه الله- :"دل بهذا الحديث أن أعظم البلاء على العبد في الدنيا اللسان والفرج،فمن وقى شرهما فقد وقى أعظم الشر".شرح صحيح البخاري لابن بطال(10/186)
 قال صلى الله عليه وسلم:"وَهَلْ يَكُبُّ الناس في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ،أو على مَنَاخِرِهِمْ،إلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ".رواه الترمذي(2616) من حديث معاذ –رضي الله عنه-،وصححه الشيخ الألباني–رحمه الله-
 قال الإمام ابن رجب –رحمه الله- :"والمراد بحصائد الألسنة جزاء الكلام المحرم وعقوباته، فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيرا من قول أو عمل حصد الكرامة، ومن زرع شرا من قول أو عمل حصد غدا الندامة،وظاهر حديث معاذ يدل على أن أكثر ما يدخل الناس به النار النطق بألسنتهم،فإن معصية النطق يدخل فيها الشرك وهو أعظم الذنوب عند الله عز وجل،ويدخل فيها القول على الله بغير علم وهو قرين الشرك ويدخل فيها شهادة الزور التي عدلت الإشراك بالله عز وجل،ويدخل فيها السحر والقذف وغير ذلك من الكبائر والصغائر،كالكذب والغيبة والنميمة وسائر المعاصي الفعلية لا يخلو غالبا من قول يقترن بها يكون معينا عليها". 
جامع العلوم والحكم (ص 274)
قال الإمام أبو حاتم بن حبان-رحمه الله-:"لسان العاقل يكون وراء قلبه،فإذا أراد القول رجع إلى القلب،فإن كان له قال وإلا فلا،والجاهل قلبه في طرف لسانه،ما أتى على لسانه تكلم به،وما عقل دينه من لم يحفظ لسانه".روضة العقلاء(ص49)
 
 قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- :" إن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان الله، ويعني كلمة ترضي الله، قرآن، تسبيح، تكبير، تهليل، أمر بالمعروف، نهي عن المنكر، تعليم علم، إصلاح ذات البين، وما أشبه ذلك، يتكلم بالكلمة ترضي الله عز وجل ولا يلقي لها بالاً، يعني أنه لا يظن أنها تبلغ به ما بلغ، وإلا فهو قد درسها وعرفها وألقى لها البال، لكن لا يظن أن تبلغ ما بلغت يرفع الله له بها درجات في الجنة، وعلى ذلك رجل يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي بها بالاً يهوي بها في النار، لأنه تكلم بها ولا ظن أن تبلغ ما بلغت".شرح رياض الصالحين (6/120)
 قال الإمام النووي –رحمه الله- :"اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما تظهر المصلحة فيه ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه بل هذا كثير أو غالب في العادة والسلامة لا يعدلها شيء ". الأذكار (ص 262)

 فالله أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يشغلنا بذكره وطاعته ويطهر ألسنتنا من الكذب والنميمة و الغيبة ومن كل ما يغضبه ويسخطه فهو سبحانه قدير وبالإجابة جدير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق