قال البخاري في صحيحه
-حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ: " الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ".
فتح الباري بشرح صحيح البخاري / بَاب الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ/ حديث رقم 10
هنا
وهنا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبيّ بعده أمّا بعد :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبيّ بعده أمّا بعد :
قال عليه الصَّلاة والسلام (المُسلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لسَانِهِ وَيَدِه)
قال الألباني سنده صحيح أخرجه أبو داود وإسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه" .
قال الألباني سنده صحيح أخرجه أبو داود وإسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه" .
فقال الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه على كتاب فضل الإسلام معلّقا على هذا الحديث :
هذا تفسير للمسلم بأنه (مَنْ سَلِمَ
الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ), وها هنا وجهان لتفسير المسلم
بهذا الوصف، ومعلوم أن المسلم هو من شهد الشهادتين وأتى بالأركان, المسلم
من صَدَقَ وبَرَّ, المسلم من لم يأتِ المحرمات، المسلم إلى آخره، فثمَّ
صفات كثيرة للمسلم , فَلِمَ حصر هنا وصف المسلم بأنه من سلم المسلمون من
لسانه ويده ؟
والجواب عن هذا من وجهين:
الوجه الأول :
أنه هنا وصف المسلم بهذا الوصف لأجل قلة من يسلم المسلمون من ألسنتهم
وأيديهم، فهو وإن كان آتيا بالأركان الخمسة؛ لكنه قلَّ من يكون بصاحب غيبة
أو وقوع في الأعراض, أو قذف، أو قد يعتدي بيده، أو أن يعتدي على أملاك
الغير، أو أن يتصرف في أملاك الغير بغير إذنهم، إلى آخره، هذا قليل في
المسلمين كما هو الواقع.
فإذًا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبَّه بهذه
الخصلة على أنَّ من أتى بهذه الخصلة وهم القليل فهم أحرى أن يأتوا بالخصال
الأخرى من خصال الإسلام.
الوجه الثاني :
أنه وصف المسلم بهذا الوصف لشدة الحاجة إليه، للتنبيه على أن هذا الوصف
وهذا الواجب وهو سلامة المسلمين من اللسان والْيَدِ أن هذا واجب من واجبات
الإسلام، ويجب أن يتعاهده المسلم؛ لأن المسلم الكامل هو من سلم المسلمون من
لسانه ويده، وهذا جاء مبيَّنا في آيات كثيرة في الحض على أن المسلم يجب أن
يسلم المسلمون من لسانه كما قال جل وعلا (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ
بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا
فَكَرِهْتُمُوهُ )[الحجرات:12] وقال أيضا جل وعلا (لَا يُحِبُّ اللَّهُ
الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ) [النساء:148]،
وقال أيضا جل جلاله ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ )[الإسراء:53]، وقال جل وعلا (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) [الحجر:85]،
ونحو ذلك من الآيات التي فيها نقاء
المسلم وأنه صاحب قول طيب وأنه لا يخوض في أعراض إخوانه المؤمنين، وكذلك ما
صح عنه عليه الصلاة والسلام في حديث أبي بكر وغيره أنه عَلَيْهِ
الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال في حجة الوداع :
فَإِنّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ, كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هََذَا, فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ،
وفي حديث آخر أيضا في الصحيح :
كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ. دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ.
وإذا كان كذلك فوجب حينئذ أن يَسْلَم كل مسلم من المسلم
الآخر في اللسان واليد والاعتداء على العرض أو على المال أو على ما يختص به
أخوه المسلم.
فإذًا على أحد هذين الوجهين أو على الوجهين معا يدل ذلك على
أن مما يفسر به الإسلام التفسير الصحيح : أن المسلم الحق هو من يسلم
المسلمون من لسانه ويده ، أما إذا كان وقَّاعا في أعراض إخوانه المؤمنين لا
يحفظ لسانه لا من غيبة ولا من نميمة ولا من كذب ، وينتصر لنفسه بالباطل
ويعتدي, هذا لم يأتِ بحقيقة الإسلام المطلوب من المؤمن ؛ لأن الإسلام
المطلوب من المؤمن منه ما يتعبد به ربه جل وعلا بأداء حق الله جل جلاله
وأداء حق نبيه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ثم بأداء حقوق العباد وخاصة
المسلمين في أن يسلموا من اللسان واليد وأنواع الاعتداء
إذا تبين هذا فإن تفسير الأول ينبغي أن
يُنظر فيه دائما وهو الارتباط القائم ما بين تحقيق الإسلام وسلامة
المسلمين من لسان المسلم ويده, تحقيق الإسلام فيمن حققه وعبد الله جل وعلا
حقا وحقق الشهادتين وأقام الصلاة آتى الزكاة وصام وتعبد لله جل وعلا ذلا
وخضوعا وانقيادا، فإنه حينئذ سَيَتَنَكَّف بأن يؤذي مسلما سواء أكان ذلك
المسلم قريبا له في النسب أم لم يكن قريبا له, سواء أكان جارا له أم لم يكن
جارا له، فكيف إذن يكون المسلم إذ والديه؟ أو إذا آذى أهله؟ أو إذا آذى
جيرانه؟ أو إذا آذى من يعاشرهم دائما؟ وهكذا.
جزى الله خيرا شيخنا صالح وحفظه الله ورعاه ونفعنا بما قال
والله أعلم وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
المكان : جامع الرحمة بالشحر . الزمان : 23/6/1434هـ الموافق3/5/2013م
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي المسلمين خير؟ فقال:
(( من سلم المسلمون من لسانه ويده )), وسئل: أي الإسلام خير؟ فقال: (( تطعم
الطعام, وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف )).
هذا هو الإسلام، وهؤلاء هم المسلمون، تطعم الطعام, وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف، وتكف الأذى عن الناس قولًا وفعلًا.
الإسلام هو هذه الأخلاق العالية، الإسلام هو الخلق الحسن، فمن حسن خلقه حسن
إسلامه، قيل للحسن البصري: ما حسن الخلق؟ فقال: (( بذل الندى, وكف الأذى,
وطلاقة الوجه )).
يا رسول الله، أي المسلمين خير؟ قال: (( من سلم المسلمون من لسانه ويده )).
جواب مختصر في كلمة واحدة ، لكنه من أصعب المهمات في الحياة، فهل سلم
المسلمون من ألسنتنا وأيدينا؟ هل كففنا ألسنتنا وأيدينا عن الناس؟
أيها المسلمون، إن أكمل المسلمين إسلامًا هو من سلم المسلمون من لسانه ويده
وأطعم الطعام وقرأ السلام على من عرف وعلى من لم يعرف؛ أي أن تمام الإسلام
هو الإحسان إلى الآخرين وكف الأذى عن المسلمين، والإحسان قول وعمل، فالقول
مثل إفشاء السلام، والعمل مثل إطعام الطعام، وكف الأذى يشمل أذى الأقوال
وأذى الأفعال؛ أذى اللسان وأذى الجوارح التي عبر عنها باليد؛ لأنها آلة
العمل في الغالب.
وما من شيء أحق بطول حبس من اللسان! وهل يكب الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم!
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت )).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة )).
وعن سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، حدثني
بأمر أعتصم به، قال: (( قل ربي الله ثم استقم ))، قلت: يا رسول الله، ما
أخوف ما تخاف علي، فأخذ بلسان نفسه ثم قال: (( هذا )).
وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله, ما النجاة ؟ قال: أمسك عليك لسانك, وليسعك بيتك, وابكِ على خطيئتك )).
وفي الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( إذا أصبح ابن
آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان, فتقول: اتق الله فينا؛ فإنما نحن بك فإن
استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا )).
وآفات اللسان كثيرة؛ الغيبة, والنميمة, والشتم, والهمز, واللمز, وغير ذلك.
ولما وصى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال:
(( ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى, يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كف
عليك هذا، قلت: يا نبي الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك
يا معاذ، وهل يكب الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم )).
وإيذاء الآخرين باللسان قد يمنع من دخول الجنة، قيل للنبي - صلى الله عليه
وسلم -: يا رسول الله, إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصّدّق
وتؤذي جيرانها بلسانها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (( لا خير
فيها, هي من أهل النار, قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتصّدّق بأثوار من أقط
( وهو اللبن المجفف ) ولا تؤذي أحدًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - هي من أهل الجنة )).
فتلك مع كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها منعها أذية الجيران بلسانها من الجنة،
وهذه مع قلة صلاتها وصيامها وصدقتها فتحت لها الجنة أبوابها ورحّبت بها؛
لأنها لا تؤذي جيرانها.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق؛ لا يهدي لأحسنها إلا أنت, واصرف عنا سيئها؛ لا
يصرف عني سيئها إلا أنت، اللهم جنّبنا منكرات الأخلاق، والأهواء، والأعمال،
والأدواء..
أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، حفظ اللسان أحد المهمات الصعبة في الحياة، وهي مهمة تحتاج
إلى يقظة تامة, ومحاسبة مستمرة, وعزيمة ماضية, وإرادة مصمِّمة، ومن أفضل
الوسائل في كسب الأدب والخلق وعفة اللسان انتقاء الأصدقاء, والإعراض عن
اللغو وأهله, حتى لا يعلق بذهنك شيء من لغوهم وأذاهم ثم يجري على لسانك؛
فمن جالس جانس، وقد كان الإمام مالك - رحمه الله - مضرب المثل في التقوى
والأدب، قال عبدالرحمن بن مهدي: (( ما رأيت أحدًا أهيب، ولا أتم عقلًا من
مالك، ولا أشد تقوى )) . وقال ابن وهب: (( ما نقلنا من أدب مالك أكثر مما
تعلمنا من علمه )) .
وإنما استفاد مالك هذا الأدب؛ لأنه أعرض عن الجاهلين، قال مالك - رحمه الله -: (( ما جالست سفيهًا قط! )).
فمن التوفيق في الحياة أن ييسر الله لك أخًا صالحًا يذكِّرك بالله إذا
نسيت، وتأخذ عنه الأدب والخلق, قال البخاري: سمعت أبا عاصم يقول: (( منذ
عقلت أن الغيبة حرام ما اغتبت أحدًا قط! )).
وأبو عاصم هذا هو أبو عاصم النبيل أحد شيوخ البخاري الكبار، عنه أخذ
البخاري العلم والإيمان, ومما تعلمه البخاري منه التحرز من الغيبة، قال
البخاري - رحمه الله-: (( ما اغتبت أحدًا قط منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها
)) .
أيها المسلمون، ومن تمام الإسلام أن يسلم المسلمون من يدك، فلا تؤذ أحدًا
بفعلك، ومن الأذى الكتابة على أملاك الآخرين بلا إذن من صاحب الملك، وتشويه
الشوارع العامة بكتابة ما يتنافى مع ديننا وقيمنا وأخلاقنا وذوقنا، وورمي
المخلفات في الطريق..
وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البول في الماء الراكد, وفي
الطريق, والظل, وتحت الشجرة المثمرة, وفي موارد الماء؛ لما في ذلك من
الأذى. فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن المفلس من أمتي يأتي يوم
القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا،
وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت
حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار
)).
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين ..
هنا
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلي عليه وسلم قال :( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه ) رواه البخاري
هذا الحديث من جوامع الكلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه مسلم عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ).
وقوله
المسلم قيل الألف واللام فيه للكمال أي كمال المسلم في أن يسلم المسلمين من
لسانه ويده ويحتمل أن المراد من ذلك أن يبين علامة المسلم الذي يستدل بها
على إسلامه وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده كما ذكر مثله في علامة
المنافق .
وعن أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) رواه النسائي
وفي الحديث عن فضالة بن عبيد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع(
ألا أخبركم بالمؤمن المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من
سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من
هجر الخطايا والذنوب) رواه بن حبان
وروى البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قالوا يا رسول الله أي الإسلام أفضل ؟ قال :( من سلم المسلمون من لسانه ويده ).
وخص اللسان بالذكر لأنه المعبر عما في النفس.
ومعلوم أن أكثر الذنوب من اللسان وقد روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن
العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفع الله بها درجات
وإن العبد ليتكلم الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار
جهنم) .
وقال تعالى (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ) سورة ق
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ( ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم أو قال مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) جزء من حديث رواه الإمام أحمد والحاكم والترمذي
وأجتمع
قس بن ساعده وأكثم بن صيفي فقال أحدهما للآخر كم وجدت في ابن آدم من عيوب ؟
فقال هي أكثر من أن تحصى والذي أحصيته ثمانية آلاف عيبا ووجدت خصلة إن
استعملتها سترت العيوب كلها , قال ما هي ؟ قال أحفظ اللسان .
وعن الفضيل بن عياض من عد كلامه من عمله قل كلامه فيما لا يعنيه
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) رواه بن حبان وأحمد عن طريق علي بن الحسين عن أبيه رضي الله عنه وابن الجعد في مسنده .
وقال الإمام الشافعي لصاحبه الربيع : يا ربيع لا تتكلم فيما لا يعنيك فإنك إذا تكلمت الكلمة ملكتك ولم تملكها .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما من شيء أحق بالسجن من اللسان .
وقال غيره : مثل اللسان مثل السبع إن لم توثقه عدا عليك.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من
كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فلا يؤذي جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يصمت )
وعن
أبي القاسم القشيري رحمه الله في رسالته المشهورة قال : الصمت سلامة وهو
الأصل والسكوت في وقته صفة الرجال كما النطق في وقته أشرف الخصال .
وقال الشاعر
ويريك من طرف اللسان حلاوة *ويروغ عنك كما يروغ الثعلب
وقال آخر
أحفظ لسانك أيها الإنسان * لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه * قد هاب لقاءه الشجعان
وعن
إبراهيم بن أدهم رحمه الله إنه دعي إلى وليمة فحضر فذكروا رجلا لم يأتهم
فقالوا إنه ثقيل فقال إبراهيم : أنا فعلت هذا بنفسي حيث حضرت لموضع يغتاب
فيه الناس فخرج ولم يأكل ثلاثة أيام .
قال تعالى (
وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ
لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)) .الحجرات
وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال أتدرون ما الغيبة) قالوا الله ورسوله أعلم قال( ذكرك أخاك بما يكره) قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟؟قال( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه قد بهته ).
وعن الحسن البصري رحمه الله أن رجلا قال له : إنك تغتابني فقال : ما بلغ قدرك عندي أن أحكمك في حسناتك .
وعن ابن مبارك قال : لو كنت مغتابا أحدا لاغتبت والدي لأنهما أحق بحسناتي .
ومما انشدوه
وسمعك صن عن سماع القبيح * تصون اللسان عن النطق به
فإنك عند سماع القبيح * شريك لقائله فانتبه
وكذلك
اليد لأن أكثر الأفعال بها وهو عام في اللسان دون اليد لأن اللسان يتكلم في
الماضين والموجودين والحادثين نعم اليد من الممكن أن تشارك اللسان
بالكتابة ويكون أثرها عظيم وقد عبر باللسان دون الكلام ليشمل الاستهزاء
بإخراج اللسان وغيره كما ذكر اليد دون باقي الجوارح فيدخل فيها اليد
المعنوية كالغصب والاستلاء على حقوق الغير .
وقوله
والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه فإن الهجرة ضربان هجرة جسدية وهي الخروج
من دار الكفر إلى دار الإسلام وهجره معنوية وهى هجرة الذنوب والمعاصي
وأحق
الأشياء بالضبط والقهر اللسان فإن من حفظ اللسان عليه المدار وهو ملاك أمر
العبد فمتى ملك العبد لسانه لم يعنه عن الكلام الضار فإن أمره يختل في دينه
ودنياه فلا يتكلم بكلام إلا قد عرف نفعه في دينه ودنياه وكل كلام يحتمل أن
يكون فيه انتقاد أو اعتذار فليدعه فإنه إذا تكلمه ملكه الكلام وصار أسيرا
له وربما أحدث ضررا لا يتمكن من تلافيه .
وكذلك اليد فعلى كل مسلم أن يحفظ جوارحه عن أخيه المسلم فلا يؤذيه ولا يتتبع عوراته ولا يبطش به فإن كل هذا منافي لكمال الإسلام .
والله أعلم
سبحان رب العالمينخالق البشر
فوالله لا يتحقق هذا الحديث فى المسلمين الا ورأيت الخير منتشر
فلا يصل المسلم الى هذه الدرجه الطيبة الا اذا حقق كثيرا من الامور الواجبة عليه
فالله اسأل ان يرد المسلمين الى دينه ردا جميلا
هنا
قد ذكر العلماء فرقا بين الإسلام والإيمان؛ ولكن كأن هذا الفرق عندما يجتمعان؛ كما في حديث جبريل الذي سيأتي إن شاء الله، فقد ذكر فيه الإيمان والإسلام، فيقولون: إذا ذكر الإسلام والإيمان فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة والإيمان بأعمال القلب، وأما إذا اقتُصر على واحد فإنه يدخل فيه الجميع، فإذا قيل: هذا مؤمن؛ دخل فيه الإسلام؛ دخلت فيه فعل الصلاة وإقامتها وأداء الزكاة والشهادتان ونحو ذلك؛ أي أن ذلك كله داخل في خصال الإيمان؛ هذا من جملة خصال الإيمان، وكذلك خصال الإسلام؛ إذا اقتُصر عليها دخل فيه التصديق، ودخل فيه العقيدة؛ كلها أيضا من الإسلام، وإذا ذكر بعض الخصال فلا يدل ذلك على الحصر، وإنما يدل على أن هذا جزء منه.
في هذا الحديث ذكر خصلة من خصال الإسلام: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه فهل تقول إن الإسلام فقط هو من سلم المسلمون من لسانه ويده؛ فلا تكون الصلاة من الإسلام ولا الزكاة، ولا الصوم ولا الحج ولا العمرة ولا الجهاد؟ الجواب: أنه أراد بذلك ذكر خصلة من خصال الإسلام، أو أراد بذلك علامة من علامات المسلم: أنه في الحقيقة هو الذي يكف شره عن الناس؛ أي عن المسلمين؛ فيكفّ لسانه فلا يعيب أحدا ولا يثلب ولا يغتاب، ولا يقذف ولا يشتم ولا يلعن، ولا ينم ولا يؤذي بلسانه؛ بل يكف لسانه عن ذلك كله؛ فيكون بذلك قد سلم المسلمون من لسانه، وكذلك أيضا يكف يده، فلا يعتدي على أحد؛ لا بقتل ولا بضرب ولا بجلد ولا بنهب ولا بغير ذلك، فهذا متى كان كذلك أصبح أنه مسلم؛ يعني: مستسلم منقاد لأمر الله، يحترم المسلمين ويعرف حقهم، وإذا عرف حقهم فما الذي حمله؟ حمله على ذلك ما في قلبه من التصديق القوي؛ فيكون بذلك هذه الخصال علامة على أنه مؤمن؛ لأنه إذا كف شره عن الناس؛ فبطريق الأولى أن يكف نفسه عن المعاصي؛ فلا يستحل شيئا من حقوق غيره من الكفار ونحوهم. لا شك أن هذا هو الخصلة الظاهرة للمسلم.
ثم عرَّف المهاجر: من هجر ما نهى الله عنه؛ لأن الهجر هو بغض الشيء وتركه، ومنه سمي المهاجر الذي أبغض بلده لكونها بلاد كفر، وانتقل منها إلا بلاد الإسلام؛ فإنه أيضا يسمى مهاجرا، وذلك من الهجر؛ لأنه هجر بلده، وحيث إن الهجرة إنما هي خاصة بمن انتقل من بلد الكفر إلى بلد الإسلام؛ فنقول: كذلك أيضا من هجر ما نهى الله عنه مع وجود الدوافع فإنه يصدق عليه أنه هاجر أو هجر، فإذا دعته نفسه إلى القتل أو إلى الكبر، أو إلى البطش بالمسلمين أو إلى الظلم، أو إلى السلب والنهب أو إلى الاغتياب والتنقص، أو دعته إلى فاحشة؛ دعته إلى زنا أو إلى ربا أو إلى خمر أو نحو ذلك؛ فإنه يكف نفسه ويمسكها ويهجر هذه المحرمات، ويعلم أن في فعلها إثما؛ فيكون بذلك له أجر المهاجر.
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
هنا
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
بقلم: مصطفى محمد الطحان
soutahhan@hotmal.com
ذكر
الإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية" عند ترجمة قاضي البصرة، الذي
يُضرب بذكائه المثل: إياس بن معاوية المُزَنِي (46-122هـ)،عن أحد تلامذته
أنّه قال: ذكرتُ رجلاً من المسلمين بسوء عند القاضي إياس، فنظر فيّ وقال:
أغزوتَ الرّوم؟ قلتُ: لا . قال: أغزوتَ السّند والتٌرك؟ قال: لا. قال:
أفيسلم منك الرّوم والسند والتّرك، ولا يسلم منك أخوك المسلم؟.
إنّها لفتة تربوية كريمة، تذكّرنا بهدي النّبوة أوّلاً، وبواقع المسلمين اليوم ثانياً.
أمّا هدي النّبوّة فذلك قول النّبي r: (المُسلم من سَلِمَ المُسلمون من لسانه ويده) (1).
فأنت ترى أنّ سلامة المسلمين من لسان أخيهم ويده، وَصْف لازمٌ لأخيهم هذا،
لا يكاد من دونه يستحقّ اسم المسلم، أو يتحقّق فيه الانتماء إلى الإسلام.
كل المسلم على المسلم حرام
ولا عجب، فالمسلمون المؤمنون كالجسد الواحد وكيف يبغي بعضُ هذا الجسد على بعض؟
وكيف يعتدي عضوٌ منه على عضو آخر؟!، وإنّ أيّ اعتداء من المسلم حرام ، وكما قال رسول الله r: (كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله. حَسْبُ امرئ من الشّرِّ أن يحقر أخاه المسلم) (2).
وإذا تأمّلت في قول الله تعالى: } وَلا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضاً {(3) . – والغيبة اعتداء على سُمعة المسلم، أي عِرضه –
وجدّت الّتعبير عجيباً في الّدلالة على ارتباط المسلمين ووحدتهم وانتمائهم
إلى جسد واحد، فالذين يغتابون أحداً من المسلمين إنّما يغتابون
(بعضهم).وأوضَحُ من هذا، أنّ الله تعالى عندما نهى عن (اللمز)، وهو الطّعن
باللسان والإشارة بالعين ونحوه، قال: } وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ { (4).
قال المفسّرون: (أي لا يَعِبْ بعضكم بعضاً، فإنّ المؤمنين كنفسٍ واحدة، فمتى عاب المؤمن مؤمناً فكأنّما عاب نفسه).
واقع المسلمين اليوم
وأمّا
واقع المسلمين فانظر إليهم في مشارق الأرض ومغاربها، ابدأ ببلدك، وانتقل
ببصرك إلى أيّ جهة شئت، ولتصل إلى كشمير والهند والفلبّين، وإلى البوسنة
والهرسك، وإلى شمال أفريقيا ووسطها…
لتجد الحروب تُشَنٌ على المسلمين ألواناً، بدءاً من حرب الإشاعة والتضليل
والتزييف، إلى حرب الإغراء وغرس العملاء وشراء الذّمم، إلى إقصاء الشريعة
عن ميادين الحياة ونشاطاتها، ووصولاً إلى التجويع والحصار والسّجن
والتّشريد واستباحة الأعراض والأموال وإزهاق الأرواح والذّبح بالسّكين
والقتل بالرّصاص…
فإذا
تململ الموجوع، أو تضجّر المظلوم، أو رفع المقهور صوته في وجه الطّاغية،
أو مدّ يداً ليدفع السّكين عن عنقه... كان ذلك جرماً يُحاسب عليه، وجناية
تقتضي المزيد من الاضطهاد له،وكان أصوليّاً متطرّفاً،وإرهابيّاً متعطّشاً
للدماء، ورجعيّاً واستعماريّاً وحقيق بهذه المحنة التي شملت العالم
الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، وتغلغلت في أنحاء المجتمع وزواياه، أن توحّد
قلوب المسلمين، وتجمعها على قلب واحد، وتعيدها إلى الله تعالى، وتُحيي فيها
التّقوى، وتبعثها على جهاد العدوّ، وتُثير فيها معاني الحبّ والرّحمة
والرّأفة، وتجعلها تتمثّل قول الله تعالى في وصف عباده المَرْضيين: }أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ{ (5).
وقوله: } أََذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أََعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ { (6).
لذلك
يبدو شأن كثير من المسلمين غريباً كئيباً: يتسقّطون زلاّت بعضهم بعضاً،
ويتتبّعون عوراتهم، ويُسيئون الظنّ بهم، ويَسْلُقونهم بألسنة حِداد،
ويجهدون في كيدهم وحربهم، ويُسوّغون كلّ أسباب الخلاف والشّقاق والخصومة
معهم… ويَدَعون العدوّ يَنهَش فيهم، ويسطو على الأرض والعرض، ويُهلكَ الحرث والنّسل.
أخي الداعية المربي
أيسلم الأعداء من يد المسلم ولسانه، ولا يسلم المسلمون؟!!
-----------------------------
(1) أحمد والشيخان والترمذي والنسائي.
(2) أبو داود والترمذي.
(3) الحجرات-12.
(4) الحجرات-11.
(5) الفتح-29.
(6) المائدة-54.
هنا ===============
- بَاب الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ
4- بَاب الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ (1). 10- حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُ (2) مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ (3) مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ (4) قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ هُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (5).
1- | من أمور الإيمان والإسلام: كف اللسان واليد والكف عن محارم الله. |
2- | أي المسلم الكامل، والمهاجر الكامل، وأدخل هذه الترجمة في كتاب الإيمان لأن خصال الإسلام من الإيمان، وفيه الرد على المرجئة القائلين بأن الأعمال ليست من الإيمان، والبخاري -رحمه الله- يرى أن الإسلام والإيمان مترادفان. |
3- | أي المسلم الكامل، والمهاجر الكامل، وأدخل هذه الترجمة في كتاب الإيمان لأن خصال الإسلام من الإيمان، وفيه الرد على المرجئة القائلين بأن الأعمال ليست من الإيمان، والبخاري -رحمه الله- يرى أن الإسلام والإيمان مترادفان. |
4- | ويدخل فيه هجر بلد الشرك، بالانتقال منه إلى بلد الإسلام. |
5- | الحديث يدل على أن الإسلام يتفاوت؛ فدل على أنه يزيد وينقص، وكذا الإيمان يتفاوت ويزيد وينقص، والإسلام من الإيمان. |
|
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم |
هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق