أهل السنة نقاوة
المسلمين
المتن:
وَهؤلاءِ هُمْ
وَهؤلاءِ هُمْ
(أَهْلُ
السُّنَةِ وَالْجَماعَةِ)
، الْمُتَّبِعونَ
آثارَ رَسولِ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُمْ
كَما
قالَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابن تَيْمِيَّةِ – رَحِمَهُ الله تَعالى:
فالزم
السبيل.(للناس وَأَهْلُ
السُّنَةِ: نَقاوَةُ الْمُسْلِمينَ، وَهُمْ خَيْرُ النّاسِ)
"
وَلَا
تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ "
[
سورة
الأنعام: 153]
اعلم أن من المتأخرين من قال: إن أهل السنة
ينقسمون
إلى قسمين: مفوِّضة ومؤوِّلة، وجعلوا الأشاعرة، والماتريدية،
وأشباهمم من
أهل السنة، وجعلوا المفوِّضة هم السلف، فأخطؤوا في فهم
السلف
وفي
منهجهم، لأن السلف لا يفوضون المعنى إطلاقاً، بل قال شيخ الإسلام
ابن
تيمية:
(إن
القول بالتفويض من شر أقوال أهل البدع، والإلحاد)
، واستدل
بذلك بأننا
إذا كنا لا ندري معاني ما أخبر الله به عن نفسه من
أسماء
وصفات،
جاءنا الفلاسفة وقالوا: أنتم جهال، ونحن الذين عندنا
العلم، ثم
يتكلموا بما
يريدون، وقالوا: إن المراد بالنص كذا وكذا، ومعلوم أن معنىً
للنص خيرٌ
من توقفٍ فيه وأنه ليس له معنى.ً
فانتبهوا لهذا، لأن بعض الناس يرى أن أهل السنة والجماعة يدخل فيهم المتكلمون من الأشاعرة والماتريدية وغيرهم.
ثم يقول – من العجب العجاب- طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم.سبحان الله !! وكيف تكون طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم؟ وهل
فانتبهوا لهذا، لأن بعض الناس يرى أن أهل السنة والجماعة يدخل فيهم المتكلمون من الأشاعرة والماتريدية وغيرهم.
ثم يقول – من العجب العجاب- طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم.سبحان الله !! وكيف تكون طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم؟ وهل
يمكن أن
تكون أعلم وأحكم وليست أسلم ؟ بل يلزم من كون طريقة السلف
أعلم وأحكم
أن تكون أسلم بلا شك، لأن شخصاً يقول: هذا النص له معنىً وأنا
أؤمن
به، أعلم بلا شك وأحكم من شخص يقول: لا أدري، فلا سلامة
إلا بالعلم
والحكمة، فهذا
تناقض عظيم، ولهذا كان القول الصحيح في هذه العبارة: أن
طريقة
السلف أعلم وأسلم وأحكم.
ويلزم من كوننا نحث الطلبة على منهج السلف، يلزم من
ويلزم من كوننا نحث الطلبة على منهج السلف، يلزم من
ذلك
تحريضهم على معرفة منهج السلف، فنطالع الكتب المؤلفة في ذلك، كـ (سير
أعلام
النبلاء)، وغيرها حتى نعرف طريقهم، ونسلك هذا المنهج
القويم.
* * *
* * *
أهل السنة نقاوة المسلمين
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
" أهل السنة نقاوة المسلمين , وهم خير الناس للناس " .
رواه الدارمي في " سننه " (1/68-69) , بسند صحيح .
رواه البيهقي في " السنن الكبرى " (2/466) , والدارمي (1/116) , وهو صحيح الإسناد .
" منهج السنة النبوية " (5/158) .
أخشى عليك الفتنة ! :
عن سفيان بن عيينة – رحمه الله – قال :
سمعت مالك بن أنس وأتاه رجل فقال : " يا أبا عبد الله , من أين أحرم ؟ " قال : " من ذي الحليفة , من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم " . فقال : " إني أريد أن أحرم من المسجد عند القبر " , قال : " لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة " , فقال : " وأي فتنة في هذا ؟! إنما هي أميال أريدها " قال : " وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! إني سمعت الله يقول : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63 .
رواه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (1/148) , وأبو نعيم في " الحلية " (6/326) , والبيهقي في " المدخل " (236) , وابن بطة في " الإبانة " (98) , وعزاها أبو شامة في " الباعث " (90) , للخلال .
لا تجالس حزبيا :
قال الإمام ابن بطة – رحمه الله - :
" اعلموا – إخواني – أني فكرت في السبب الذي أخرج أقواما من السنة والجماعة , واضطرهم إلى البدعة والشناعة , وفتح باب البلية على أفئدتهم , وحجب نور الحق عن بصيرتهم , فوجدت ذلك من وجهين :
أحدهما : البحث والتنقير , وكثرة السؤال عما لا يعني , ولا يضر المسلم جهله , ولا ينفع المؤمن فهمه .
والآخر : مجالسة من لا تؤمن فتنته , وتفسد القلوب صحبته " .
" الإبانة " لابن بطة (1/390) .
الطريق الموصل إلى الله واحد :
عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال :
" خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً , ثم قال : " هذا سبيل الله " ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله , ثم قال : " وهذا سبل , وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه", ثم قرأ : {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}الأنعام153 .
قال ابن القيم – رحمه الله - : " وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد , وهو ما بعث به رسله , وأنزل كتبه ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق , ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب فالطريق عليهم مسدودة , والأبواب مغلقة , إلا من الطريق الواحد , فإنه متصل بالله , موصل إلى الله " .
رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح
" التفسير القيم " (ص14-15) .
لا تجالسوهم ! :
قال أبو قلابة – رحمه الله - :
" لا تجالسوهم – أي : أصحاب البدع – ولا تخالطوهم ؛ فإنه لا آمن أن يفسدوكم ويلبسوا عليكم كثيرا مما تعرفون " .
نهي السلف عن مجالسة أهل البدع :
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
" كان السلف ينهون عن مجالسة أهل البدع , والنظر في كتبهم , والاستماع إلى كلامهم " .
" الاعتقاد " (ص118) بتحقيق الحلبي , و " السنة " لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ص18) .
" الآداب الشرعية " لابن مفلح (1/263) .
نهي السلف عن الاستماع للمبتدعة :
قال أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث , بعد ذكره أهل البدع ومجانبتهم : " ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان , وقرَّت في القلوب ضرت , وجرت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت " .
لتقومان عني ! :
دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء , فقالا : " يا أبا بكر , نحدثك بحديث ؟ " قال : " لا " قالا : " فنقرأ عليك آية من كتاب الله ؟ " قال : " لا , لتقومان عني أو لأقومنَّ " .
عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص100) .
رواه الدارمي (1/109) , واللالكائي (242) .
مصاحبة الفاسق أهون من المبتدع :
نقل ابن بطة عن سعيد بن جبير – رحمه الله – قوله :
" لأن يصاحب ابني فاسقا شاطرا – أي : قاطع طريق – سنيا أحب إلي من أن يصحب عابدا مبتدعا " .
جالس أهل البدع فصار ملحدا ! :
قال الذهبي – رحمه الله – في ترجمة الريوندي :
" وكان يلازم الرافضة والملاحدة , فإذا عُوتب قال : إنما أريد أن أعرف أقوالهم , إلى أن صار ملحدا , وحط على الدين والملة " .
" الإبانة الصغرى " (ص132) .
" السير " (4/59) .
جالس المعتزلة فوقع في حبائلهم :
قال الذهبي – رحمه الله – في ترجمة ابن عقيل الحنبلي حيث نقل عنه قوله :
" وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء , وكان ذلك يحرمني علما نافعا " .
فعلق الذهبي بقوله : " كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة ويأبى , حتى وقع في حبائلهم, وتجسَّر على تأويل النصوص , نسأل الله السلامة " .
من سمع ببدعة , فلا يحكها لجلسائه :
قال سفيان الثوري – رحمه الله - :
" من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه , لا يُلقها في قلوبهم " .
أوردها الذهبي وعلق عليها بقوله : " أكثر أئمة السلف على هذا التحذير يرون أن القلوب ضعيفة والشبه خطافة " .
" السير " (19/447) .
" السير " (7/261) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
" أهل السنة نقاوة المسلمين , وهم خير الناس للناس " .
رواه الدارمي في " سننه " (1/68-69) , بسند صحيح .
رواه البيهقي في " السنن الكبرى " (2/466) , والدارمي (1/116) , وهو صحيح الإسناد .
" منهج السنة النبوية " (5/158) .
أخشى عليك الفتنة ! :
عن سفيان بن عيينة – رحمه الله – قال :
سمعت مالك بن أنس وأتاه رجل فقال : " يا أبا عبد الله , من أين أحرم ؟ " قال : " من ذي الحليفة , من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم " . فقال : " إني أريد أن أحرم من المسجد عند القبر " , قال : " لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة " , فقال : " وأي فتنة في هذا ؟! إنما هي أميال أريدها " قال : " وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! إني سمعت الله يقول : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63 .
رواه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (1/148) , وأبو نعيم في " الحلية " (6/326) , والبيهقي في " المدخل " (236) , وابن بطة في " الإبانة " (98) , وعزاها أبو شامة في " الباعث " (90) , للخلال .
لا تجالس حزبيا :
قال الإمام ابن بطة – رحمه الله - :
" اعلموا – إخواني – أني فكرت في السبب الذي أخرج أقواما من السنة والجماعة , واضطرهم إلى البدعة والشناعة , وفتح باب البلية على أفئدتهم , وحجب نور الحق عن بصيرتهم , فوجدت ذلك من وجهين :
أحدهما : البحث والتنقير , وكثرة السؤال عما لا يعني , ولا يضر المسلم جهله , ولا ينفع المؤمن فهمه .
والآخر : مجالسة من لا تؤمن فتنته , وتفسد القلوب صحبته " .
" الإبانة " لابن بطة (1/390) .
الطريق الموصل إلى الله واحد :
عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال :
" خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً , ثم قال : " هذا سبيل الله " ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله , ثم قال : " وهذا سبل , وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه", ثم قرأ : {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}الأنعام153 .
قال ابن القيم – رحمه الله - : " وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد , وهو ما بعث به رسله , وأنزل كتبه ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق , ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب فالطريق عليهم مسدودة , والأبواب مغلقة , إلا من الطريق الواحد , فإنه متصل بالله , موصل إلى الله " .
رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح
" التفسير القيم " (ص14-15) .
لا تجالسوهم ! :
قال أبو قلابة – رحمه الله - :
" لا تجالسوهم – أي : أصحاب البدع – ولا تخالطوهم ؛ فإنه لا آمن أن يفسدوكم ويلبسوا عليكم كثيرا مما تعرفون " .
نهي السلف عن مجالسة أهل البدع :
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
" كان السلف ينهون عن مجالسة أهل البدع , والنظر في كتبهم , والاستماع إلى كلامهم " .
" الاعتقاد " (ص118) بتحقيق الحلبي , و " السنة " لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ص18) .
" الآداب الشرعية " لابن مفلح (1/263) .
نهي السلف عن الاستماع للمبتدعة :
قال أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث , بعد ذكره أهل البدع ومجانبتهم : " ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان , وقرَّت في القلوب ضرت , وجرت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت " .
لتقومان عني ! :
دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء , فقالا : " يا أبا بكر , نحدثك بحديث ؟ " قال : " لا " قالا : " فنقرأ عليك آية من كتاب الله ؟ " قال : " لا , لتقومان عني أو لأقومنَّ " .
عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص100) .
رواه الدارمي (1/109) , واللالكائي (242) .
مصاحبة الفاسق أهون من المبتدع :
نقل ابن بطة عن سعيد بن جبير – رحمه الله – قوله :
" لأن يصاحب ابني فاسقا شاطرا – أي : قاطع طريق – سنيا أحب إلي من أن يصحب عابدا مبتدعا " .
جالس أهل البدع فصار ملحدا ! :
قال الذهبي – رحمه الله – في ترجمة الريوندي :
" وكان يلازم الرافضة والملاحدة , فإذا عُوتب قال : إنما أريد أن أعرف أقوالهم , إلى أن صار ملحدا , وحط على الدين والملة " .
" الإبانة الصغرى " (ص132) .
" السير " (4/59) .
جالس المعتزلة فوقع في حبائلهم :
قال الذهبي – رحمه الله – في ترجمة ابن عقيل الحنبلي حيث نقل عنه قوله :
" وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء , وكان ذلك يحرمني علما نافعا " .
فعلق الذهبي بقوله : " كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة ويأبى , حتى وقع في حبائلهم, وتجسَّر على تأويل النصوص , نسأل الله السلامة " .
من سمع ببدعة , فلا يحكها لجلسائه :
قال سفيان الثوري – رحمه الله - :
" من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه , لا يُلقها في قلوبهم " .
أوردها الذهبي وعلق عليها بقوله : " أكثر أئمة السلف على هذا التحذير يرون أن القلوب ضعيفة والشبه خطافة " .
" السير " (19/447) .
" السير " (7/261) .
بسم الله الرحمن الرحيم
وقد ورد في كتاب الله آياتٌ كثيرة تدلُّ على الترغيب في اتِّباع ما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، والحث على ذلك والتحذير من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق والهدى والوقوع في الشرك والبدع والمعاصي، فمِن ذلك قول الله عزَّ وجلَّ: ((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))، وقوله: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً))، وقوله: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) ، قال ابن كثير في تفسيره: (( أي: عن أمْر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزَن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبل، وما خالفه فهو مردودٌ على قائله وفاعله كائناً من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، أي: فليحذر وليخش مَن خالف شريعة الرسول باطناً وظاهراً ((أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ)) أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة، ((أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) أي: في الدنيا بقتل أو حدٍّ أو حبس أو نحو ذلك )).
وقال تعالى: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) ، وقال: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))، قال ابن كثير في تفسيره: (( هذه الآية الكريمة حاكمة على كلِّ مَن ادَّعى محبَّةَ الله وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنَّه كاذبٌ في نفس الأمر حتى يتَّبع الشرعَ المحمدي والدِّينَ النَّبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ولهذا قال: ((إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ))، أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبَّتكم إيَّاه، وهو محبَّته إيَّاكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تُحِبَّ، إنَّما الشأن أن تُحَبَّ، وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قومٌ أنَّهم يُحبُّون اللهَ فابتلاهم الله بهذه الآية فقال: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)) )).
وقال تعالى: ((فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ))، وقال: ((اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))، وقال: ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً))، وقال: ((اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ))، وقال: ((وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ))، وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً))، وقال: ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ))، وقال: ((قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))، وقال: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))، وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))، وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ))، وقال: ((إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ))، وقال: ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ))، وقال: ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ))، وقال: ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ))، وقال: ((فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))، وقال عن الجنِّ لَمَّا ولَّوا إلى قومهم منذرِين: ((قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)).
وورد في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديثُ عديدة تدلُّ على الترغيب في اتِّباع السنن والتحذير من البدع، وتبين خطرَها، منها:
1 ـ قولـه صلى الله عليه وسلم: (( مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ )) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718)، وفي لفظ لمسلم: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ))، وهذه الرواية عند مسلم أعمُّ من الرواية الأخرى؛ لأنَّها تشمل مَن أحدث البدعة ومَن تابَعَ مَن أحدثها، وهو دليل على أحد شرطي قبول العمل، وهو اتِّباع الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ كلَّ عمل يُتقرَّب به إلى الله لا يكون مقبولاً عند الله إلاَّ إذا توفَّر فيه شرطان:
أحدهما: تجريد الإخلاص لله وحده، وهو مقتضى شهادة أن لا إله إلاَّ الله.
والثاني: تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو مقتضى شهادة أنَّ محمداً رسول الله، قال الفضيل بن عياض كما في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (18/250) في قوله تعالى: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)) : (( أخلصُه وأصوَبُه، قال: فإنَّ العملَ إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنَّة ))، وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)) قال: ((فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً)) أي: ما كان موافقاً لشرع الله، ((وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)) وهو الذي يُراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبَّل، لا بدَّ أن يكون خالصاً لله صواباً على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم )).
2 ـ وقال العرباض بن سارية رضي الله عنه : (( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، قال قائل: يا رسول الله! كأنَّ هذه موعظة مودِّع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي، فإنَّه مَن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديِّين الراشدين، تَمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة )) رواه أبو داود (4607) ـ وهذا لفظه ـ والترمذي (2676)، وابن ماجه (43 ـ 44)، وقال الترمذي: (( حديث حسن صحيح )).
فقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن حصول الاختلاف قريباً من زمنه صلى الله عليه وسلم ، وأنَّه يكون كثيراً، وأنَّ مَن عاش من أصحابه يرى ذلك، ثم أرشد إلى ما فيه العصمة والسلامة، وهو اتِّباع سنَّته وسنَّة الخلفاء الراشدين وترك البدع ومحدثات الأمور، فرغَّب في السنَّة وحثَّ عليها بقوله: (( فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديين الراشدين ))، ورهَّب من البدع والمحدثات بقوله: (( وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة )).
3 ـ وروى مسلم في صحيحه (867) عن جابر ابن عبد الله أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يوم الجمعة قال: (( أمَّا بعد، فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكلَّ بدعة ضلالة )).
4 ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فمَن رغب عن سنَّتي فليس منِّي )) رواه البخاري (5063) ومسلم (1401).
5 ـ وقال صلى الله عليه وسلم : (( يا أيُّها الناس! إنِّي تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلُّوا أبداً، كتاب الله وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ))، وقال: (( إنِّي قد تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنَّتي )) رواهما الحاكم (1/93)، وفي صحيح مسلم (1218) حديث جابر الطويل في حجة الوداع قوله صلى الله عليه وسلم : (( وقد تركتُ فيكم ما لن تضلُّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تُسألون عنِّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنَّك قد بلَّغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللَّهمَّ اشهد! اللَّهمَّ اشهد! ثلاث مرات )).
6 ـ وروى البخاري في صحيحه (7280) عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( كلُّ أمَّتي يدخلون الجنَّة إلاَّ من أبى، قالوا: يا رسول الله! ومَن يأبى؟ قال: مَن أطاعني دخل الجنَّة، ومَن عصاني فقد أبى )).
7 ـ وروى البخاري (7288) ومسلم (1337) ـ وهذا لفظه ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتُكم به فافعلوا منه ما استطعتم؛ فإنَّما أهلك الذين من قبلكم كثرةُ مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم )).
8 ـ وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تَبَعاً لِما جئتُ به )) صححه النووي في الأربعين من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وقال الحافظ في الفتح (13/289):
(( وأخرج البيهقي في المدخل وابن عبد البر في بيان العلم عن جماعة من التابعين، كالحسن وابن سيرين وشريح والشعبي والنخعي بأسانيد جياد ذم القول بالرأي المجرَّد، ويجمع ذلك كلَّه حديثُ أبي هريرة (لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تبَعاً لِما جئتُ به)، أخرجه الحسن بن سفيان وغيره، ورجاله ثقات، وقد صححه النووي في آخر الأربعين )).
9 ـ وروى البخاري (1597) ومسلم (1270) أنَّ عمر رضي الله عنه جاء إلى الحجر الأسود وقبًَّله، وقال: (( إنِّي أعلمُ أنَّك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أنِّي رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُقبِّلك ما قبَّلتُك )).
10 ـ وروى مسلم (2674) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( مَن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً )).
وكما وردت نصوصُ الكتاب والسنَّة في الترغيب في اتِّباع السنن والتحذير من البدع، فقد جاءت آثارٌ كثيرة عن سلف هذه الأمَّة المتَّبعين للكتاب والسنَّة من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم، فيها الحثُّ على اتِّباع السنَّة والتحذير من البدع وبيان خطرها، ومن ذلك:
1 ـ قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (( اتِّبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفيتُم )) رواه الدارمي (211).
2 ـ قال عثمان بن حاضر: (( دخلتُ على ابن عباس، فقلت: أوصني، فقال: نعم! عليك بتقوى الله والاستقامة، اتَّبع ولا تبتدع )) رواه الدارمي (141).
3 ـ قال عبد الله بن مسعود: (( مَن سرَّه أن يلقى اللهَ غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهنَّ؛ فإنَّ الله شرع لنبيِّكم سنن الهدى، وإنَّهنَّ من سُنن الهدى، ولو أنَّكم صلَّيتُم في بيوتكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّف في بيته لتركتُم سنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سنَّة نبيِّكم لضللتُم ... )) رواه مسلم (654).
4 ـ قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (( كلُّ بدعة ضلالة وإن رآها الناسُ حسنة )) رواه محمد بن نصر المروزي في السنة.
5 ـ قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (( فإيَّاكم وما يُبتدَع؛ فإنَّ ما ابتُدع ضلالة )) رواه أبو داود (4611).
6 ـ كتب رجلٌ إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر، فكتب: (( أمَّا بعد، أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتِّباع سنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته، وكُفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنَّة؛ فإنها لك بإذن الله عصمة ... )) رواه أبو داود (4612).
7 ـ قال سهل بن عبد الله التستري: (( ما أحدث أحدٌ في العلم شيئاً إلاَّ سُئل عنه يوم القيامة، فإن وافق السنَّة سلِم، وإلاَّ فلا )) فتح الباري (13/290).
8 ـ قال أبو عثمان النيسابوري: (( مَن أمَّر السنَّة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة )) حلية الأولياء (10/244).
9 ـ قال الإمام مالك رحمه الله: (( مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمداً خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ))، فما لَم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً )) الاعتصام للشاطبي (1/28).
10 ـ قال الإمام أحمد رحمه الله: (( أصول السنة عندنا التمسُّك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة ضلالة )) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (317).
مقتبس من كتاب
الحث على اتِّباع السنَّة
والتحذير من البدع وبيان خطرها
للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
وقد ورد في كتاب الله آياتٌ كثيرة تدلُّ على الترغيب في اتِّباع ما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، والحث على ذلك والتحذير من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق والهدى والوقوع في الشرك والبدع والمعاصي، فمِن ذلك قول الله عزَّ وجلَّ: ((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))، وقوله: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً))، وقوله: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) ، قال ابن كثير في تفسيره: (( أي: عن أمْر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزَن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبل، وما خالفه فهو مردودٌ على قائله وفاعله كائناً من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، أي: فليحذر وليخش مَن خالف شريعة الرسول باطناً وظاهراً ((أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ)) أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة، ((أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) أي: في الدنيا بقتل أو حدٍّ أو حبس أو نحو ذلك )).
وقال تعالى: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) ، وقال: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))، قال ابن كثير في تفسيره: (( هذه الآية الكريمة حاكمة على كلِّ مَن ادَّعى محبَّةَ الله وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنَّه كاذبٌ في نفس الأمر حتى يتَّبع الشرعَ المحمدي والدِّينَ النَّبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ولهذا قال: ((إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ))، أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبَّتكم إيَّاه، وهو محبَّته إيَّاكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تُحِبَّ، إنَّما الشأن أن تُحَبَّ، وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قومٌ أنَّهم يُحبُّون اللهَ فابتلاهم الله بهذه الآية فقال: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)) )).
وقال تعالى: ((فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ))، وقال: ((اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))، وقال: ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً))، وقال: ((اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ))، وقال: ((وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ))، وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً))، وقال: ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ))، وقال: ((قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))، وقال: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))، وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))، وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ))، وقال: ((إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ))، وقال: ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ))، وقال: ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ))، وقال: ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ))، وقال: ((فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))، وقال عن الجنِّ لَمَّا ولَّوا إلى قومهم منذرِين: ((قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)).
وورد في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديثُ عديدة تدلُّ على الترغيب في اتِّباع السنن والتحذير من البدع، وتبين خطرَها، منها:
1 ـ قولـه صلى الله عليه وسلم: (( مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ )) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718)، وفي لفظ لمسلم: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ))، وهذه الرواية عند مسلم أعمُّ من الرواية الأخرى؛ لأنَّها تشمل مَن أحدث البدعة ومَن تابَعَ مَن أحدثها، وهو دليل على أحد شرطي قبول العمل، وهو اتِّباع الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ كلَّ عمل يُتقرَّب به إلى الله لا يكون مقبولاً عند الله إلاَّ إذا توفَّر فيه شرطان:
أحدهما: تجريد الإخلاص لله وحده، وهو مقتضى شهادة أن لا إله إلاَّ الله.
والثاني: تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو مقتضى شهادة أنَّ محمداً رسول الله، قال الفضيل بن عياض كما في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (18/250) في قوله تعالى: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)) : (( أخلصُه وأصوَبُه، قال: فإنَّ العملَ إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنَّة ))، وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)) قال: ((فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً)) أي: ما كان موافقاً لشرع الله، ((وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)) وهو الذي يُراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبَّل، لا بدَّ أن يكون خالصاً لله صواباً على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم )).
2 ـ وقال العرباض بن سارية رضي الله عنه : (( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، قال قائل: يا رسول الله! كأنَّ هذه موعظة مودِّع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي، فإنَّه مَن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديِّين الراشدين، تَمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة )) رواه أبو داود (4607) ـ وهذا لفظه ـ والترمذي (2676)، وابن ماجه (43 ـ 44)، وقال الترمذي: (( حديث حسن صحيح )).
فقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن حصول الاختلاف قريباً من زمنه صلى الله عليه وسلم ، وأنَّه يكون كثيراً، وأنَّ مَن عاش من أصحابه يرى ذلك، ثم أرشد إلى ما فيه العصمة والسلامة، وهو اتِّباع سنَّته وسنَّة الخلفاء الراشدين وترك البدع ومحدثات الأمور، فرغَّب في السنَّة وحثَّ عليها بقوله: (( فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديين الراشدين ))، ورهَّب من البدع والمحدثات بقوله: (( وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة )).
3 ـ وروى مسلم في صحيحه (867) عن جابر ابن عبد الله أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يوم الجمعة قال: (( أمَّا بعد، فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكلَّ بدعة ضلالة )).
4 ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فمَن رغب عن سنَّتي فليس منِّي )) رواه البخاري (5063) ومسلم (1401).
5 ـ وقال صلى الله عليه وسلم : (( يا أيُّها الناس! إنِّي تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلُّوا أبداً، كتاب الله وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ))، وقال: (( إنِّي قد تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنَّتي )) رواهما الحاكم (1/93)، وفي صحيح مسلم (1218) حديث جابر الطويل في حجة الوداع قوله صلى الله عليه وسلم : (( وقد تركتُ فيكم ما لن تضلُّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تُسألون عنِّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنَّك قد بلَّغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللَّهمَّ اشهد! اللَّهمَّ اشهد! ثلاث مرات )).
6 ـ وروى البخاري في صحيحه (7280) عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( كلُّ أمَّتي يدخلون الجنَّة إلاَّ من أبى، قالوا: يا رسول الله! ومَن يأبى؟ قال: مَن أطاعني دخل الجنَّة، ومَن عصاني فقد أبى )).
7 ـ وروى البخاري (7288) ومسلم (1337) ـ وهذا لفظه ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتُكم به فافعلوا منه ما استطعتم؛ فإنَّما أهلك الذين من قبلكم كثرةُ مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم )).
8 ـ وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تَبَعاً لِما جئتُ به )) صححه النووي في الأربعين من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وقال الحافظ في الفتح (13/289):
(( وأخرج البيهقي في المدخل وابن عبد البر في بيان العلم عن جماعة من التابعين، كالحسن وابن سيرين وشريح والشعبي والنخعي بأسانيد جياد ذم القول بالرأي المجرَّد، ويجمع ذلك كلَّه حديثُ أبي هريرة (لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تبَعاً لِما جئتُ به)، أخرجه الحسن بن سفيان وغيره، ورجاله ثقات، وقد صححه النووي في آخر الأربعين )).
9 ـ وروى البخاري (1597) ومسلم (1270) أنَّ عمر رضي الله عنه جاء إلى الحجر الأسود وقبًَّله، وقال: (( إنِّي أعلمُ أنَّك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أنِّي رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُقبِّلك ما قبَّلتُك )).
10 ـ وروى مسلم (2674) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( مَن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً )).
وكما وردت نصوصُ الكتاب والسنَّة في الترغيب في اتِّباع السنن والتحذير من البدع، فقد جاءت آثارٌ كثيرة عن سلف هذه الأمَّة المتَّبعين للكتاب والسنَّة من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم، فيها الحثُّ على اتِّباع السنَّة والتحذير من البدع وبيان خطرها، ومن ذلك:
1 ـ قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (( اتِّبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفيتُم )) رواه الدارمي (211).
2 ـ قال عثمان بن حاضر: (( دخلتُ على ابن عباس، فقلت: أوصني، فقال: نعم! عليك بتقوى الله والاستقامة، اتَّبع ولا تبتدع )) رواه الدارمي (141).
3 ـ قال عبد الله بن مسعود: (( مَن سرَّه أن يلقى اللهَ غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهنَّ؛ فإنَّ الله شرع لنبيِّكم سنن الهدى، وإنَّهنَّ من سُنن الهدى، ولو أنَّكم صلَّيتُم في بيوتكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّف في بيته لتركتُم سنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سنَّة نبيِّكم لضللتُم ... )) رواه مسلم (654).
4 ـ قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (( كلُّ بدعة ضلالة وإن رآها الناسُ حسنة )) رواه محمد بن نصر المروزي في السنة.
5 ـ قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (( فإيَّاكم وما يُبتدَع؛ فإنَّ ما ابتُدع ضلالة )) رواه أبو داود (4611).
6 ـ كتب رجلٌ إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر، فكتب: (( أمَّا بعد، أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتِّباع سنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته، وكُفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنَّة؛ فإنها لك بإذن الله عصمة ... )) رواه أبو داود (4612).
7 ـ قال سهل بن عبد الله التستري: (( ما أحدث أحدٌ في العلم شيئاً إلاَّ سُئل عنه يوم القيامة، فإن وافق السنَّة سلِم، وإلاَّ فلا )) فتح الباري (13/290).
8 ـ قال أبو عثمان النيسابوري: (( مَن أمَّر السنَّة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة )) حلية الأولياء (10/244).
9 ـ قال الإمام مالك رحمه الله: (( مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمداً خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ))، فما لَم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً )) الاعتصام للشاطبي (1/28).
10 ـ قال الإمام أحمد رحمه الله: (( أصول السنة عندنا التمسُّك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة ضلالة )) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (317).
مقتبس من كتاب
الحث على اتِّباع السنَّة
والتحذير من البدع وبيان خطرها
للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق