المتن
:
4 -
دَوامَ الْمُراقَبَة:
ِ
التَّحَلي بِدَوامِ الْمَراقَبَةِ لله تَعالى في
التَّحَلي بِدَوامِ الْمَراقَبَةِ لله تَعالى في
السِّرِ
وَالْعَلَنِ؛ سائِراً إِلى رَبِّكَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجاءِ،
فَإِنَّهُما
لِلْمُسْلِمِ كَالجناحَيْنِ لِلطَّائِرِ، فَأَقْبِلْ عَلى
الله
بِكُلِّيََتِكَ، وَليَمْتَلِئ قَلْبَكَ بِمَحَبَّتِهِ،
وَلِسانَكَ
بِذِكْرِهِ،
وَالاسْتِبْشارِ وَالْفَرَحِ وَالسُّرورِ بِأَحْكامِهِ
وَحِكَمهِ
سُبْحانَهُ.
الشرح:
هذا من المهم؛ دوام المراقبة لله، وهذا من ثمرات الخشية أن الإنسان يكون مع الله دائماً يعبد الله كأنه يراه.
يقوم للصلاة فيتوضأ وكأنه ينفذ قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ"
[
المائدة:
6]
يقوم يتوضأ وكأنه ينظر إلى رسول الله صلى اله عليه وسلم وهو يتوضأ، ويقول: (من توضأ نحو وضوئي هذا)، كمال المراقبة.. وهذا أمر مهم..
وقوله:
(يكون
سائراً بين الخوف والرجاء فإنهما للمسلم كالجناحين للطائر)
هذاأحد
الأقوال في هذه المسألة، وهي: هل الأولى للإنسان أن يسير إلى الله
بين
الخوف
والرجاء؟ أو يغلِّب جانب الخوف؟ أو يغلِّب جانب الرجاء؟
الإمام أحمد رحمه الله يقول: ينبغي أن يكون خوفه ورجاه واحداً فأيهما غلب هلك صاحبه.ومن العلماء من يفصٍّل ويقول: إذا هممت بطاعة فغلب جانب الرجاء، فإنك إذا
الإمام أحمد رحمه الله يقول: ينبغي أن يكون خوفه ورجاه واحداً فأيهما غلب هلك صاحبه.ومن العلماء من يفصٍّل ويقول: إذا هممت بطاعة فغلب جانب الرجاء، فإنك إذا
فعلتها قبلها
الله منك ورفعك بها درجات-من أجل أن تقوى -، وإذا
هممت
بمعصية فغلب
جانب الخوف حتى لا تقع فيها، فعلى ذلك يكون التغليب لأحدهما
بحسب
حال الإنسان.
ومنهم من قال: بحسب الحال على وجه آخر، فقال: أما في المرض فيغلب جانب الرجاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ومنهم من قال: بحسب الحال على وجه آخر، فقال: أما في المرض فيغلب جانب الرجاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
.(لا
يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)
ولأنه إذا غلب في حالة المرض جانب الخوف فربما
يدفعه
ذلك إلى القنوط من رحمة الله، في حال الصحة يغلب جانب
الخوف لأن
الصحة
مدعاة للفساد كما قال الشاعر الحكيم:
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
والذي أرى: أن الإنسان يجب أن يعامل حاله بما
تقتضيه
الحال، وأن أقرب الأقوال في ذلك: أنه إذا عمل خيراً فيغلب جانب
الرجاء، وإذا
همَّ بسيئة فليغلب جانب الخوف، هذا أحسن ما أراه في هذه
المسألة
الخطيرة العظيمة.
إذا قال قائل: تغليب جانب الرجاء هل يجب أن يكون مبنياً على سبب صالح للرجاء، أو يكون رجاء المفلسين، الإجابة: الأولى.
إذا قال قائل: تغليب جانب الرجاء هل يجب أن يكون مبنياً على سبب صالح للرجاء، أو يكون رجاء المفلسين، الإجابة: الأولى.
إنسان مثلاً يعصي الله دائماً وأبداً ويقول: رحمة الله واسعة، هذا غلط،
لأن
إحسان الظن بالله ورجاء الله لا بد أن يكون هناك سبباً
ينبني عليه
الرجاء
وإحسان الظن، وإلا كان مجرد أمنية، والتمني كما يقول عامة أهل
نجد
التمني
رأس مال المفاليس- الي ماعندهم شيء.-
هُ.
***************
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مقالة جديدة أيها الأحبة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي ( وفقه الله)، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها
وقفات مع اسم من أسماء رب البريات
"الرقيب "
"الرقيب "
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد وعلى آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن معرفة أسماء الله جل جلاله الواردة في الكتاب و السنة وما تتضمنه من معاني جليلة وأسرار بديعة لمن أعظم الأسباب التي تعين على زيادة إيمان العبد وتقوية يقينه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم الحاجات، كانت طرق معرفتهم له أعظم من طرق معرفة ما سواه، وكان ذكرهم لأسمائه أعظم من ذكرهم لأسماء ما سواه".درء تعارض العقل و النقل(3/331)
فعلى قدر معرفة العبد لربه أيها الأحبة يكون تعظيم الباري جل جلاه في قلبه،يقول الشيخ السعدي-رحمه الله-: "وبحسب معرفته- أي العبد-بربه يكون إيمانه،فكلما ازداد معرفة بربه ازداد إيمانه،وكلما نقص نقص،وأقرب طريق يوصله إلى ذلك:تدبر صفاته و أسمائه من القرآن".تفسير السعدي(1/24)
فأسماء الباري سبحانه الحسنى الثابتة بالكتاب و السنة الصحيحة ينبغي للعبد المؤمن دائما أن يستحضرها ويتدبر معانيها، ومن هذه الأسماء الكريمة،اسم يدل على عظمة الله جل جلاله وإطلاعه على كل شيء،وأنه لا تخفى عليه خافية مهما كان حجمها ، يعلم مكان عبده ويسمع كلامه ألا وهو اسم"الرقيب"،قال سبحانه:(يَآأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَآءً وَاتَّقُوا۟ اللّهَ الَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرۡحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبًا )[النساء:1]
قال الشيخ السعدي–رحمه الله-:" أي:مطلع على العباد، في حال حركاتهم وسكونهم،وسرهم وعلنهم،وجميع الأحوال ، مراقبا لهم فيها،مما يوجب مراقبته،وشدة الحياء منه،بلزوم تقواه ".تفسير السعدي(ص163)
أما معنى هذا الاسم الجليل،فيقول الزجاجي-رحمه الله-:
"(الرقيب) هو: الحافظ الذي لا يغيب عما يحفظه". تفسير أسماء الله الحسنى(ص51)
ويقول الإمام ابن القيم في نونيته (البيت :3248) :
هو الرقيبُ على الخَواطِر و اللَّوا حظ كَيفَ بالأفعالِ بالأركَانِ
قال الشيخ السعدي –رحمه الله- :"(كيف بالأفعال بالأركان): أي أنه إذا كان الله – عز وجل-رقيبا على دقائق الخفيات ، مطلعا على السرائر و النيات كان من باب أولى شهيدا على الظواهر و الجليات،وهي الأفعال التي تفعل بالأركان أي الجوارح".شرح القصيدة النونية للسعدي (ص89).
وقال الشيخ الفوزان-حفظه الله-:"(الرقيب):الذي يراقب عباده ويراهم ويسمعهم ولا يخفون عليه،بل لا تخفى عليه ضمائرهم ونياتهم،لا يخفى عليه شيء من أمورهم".التعليق المختصر على القصيدة النونية(2/781)
إن الإيمان بهذا الاسم الجليل وتدبر معانيه أيها الأفاضل ينبت في قلب العبد المؤمن ثمارا مستطابة نافعة له،يقول العز بن عبد السلام -رحمه الله- :" معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العليا هي أفضل الأعمال شرفا و ثمرا ". شجرة المعارف و الأحوال للعز بن عبد السلام ( ص18)
إن الثمار الزكية المقتطفة من تحقيق الإيمان بهذا الاسم الكريم منها ما ينالها العبد في الدار العاجلة ومنها ما يُدخر له ليناله في الدار الآجلة بإذنه سبحانه،ومن هذه الثمار الطيبة :
1- إثبات صفة المراقبة لله عز وجل إثباتا يليق به سبحانه لا يشبهه في ذلك أحد من خلقه ولا يدانيه كما في قوله سبحانه: ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضِ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَاجًا وَمِنَ الۡأَنۡعَامِ أَزۡوَاجًا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِ شَىۡءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾[الشورى:11] ، فالمراقبة هي من صفات الله الذاتية وهي صفة مدح و كمال،و المخلوق لا يدرك حقيقتها لا تفكيرا و لا تصويرا.
قال الشيخ السعدي-رحمه الله-:"الرقيب والشهيد من أسمائه الحسنى هما مترادفان،وكلاهما يدل على إحاطة سمع الله بالمسموعات،ونصره بالمبصرات،وعلمه بجميع المعلومات الجلية والخفية وهو الرقيب على ما دار في الخواطر ، وما تحركت به اللواحظ،ومن باب أولى الأفعال الظاهرة بالأركان". الحق الواضح المبين (ص58)
2-التعــبد لله سبحانه ودعائه باسمه الرقيب، فنتعبد الله باسمه، فنقول:"عبد الرقيب"، لكن لا يُتعبد بصفاته، فلا يقال :"عبد المراقبة"، أو "عبد البصر" كما أنه يُدعى اللهُ بأسمائه، فنقول:"يا رقيب يسر أمري"،لكن لا ندعو صفاته فنقول:"يا مراقبة الله ارحمينا!"،فالمراقبة ليست هي الله،بل هي من صفات الله جل جلاله،والصفة غير الموصوف.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"إن مسألة الله بأسمائه وصفاته وكلماته جائز مشروع كما جاءت به الأحاديث، وأما دعاء صفاته وكلماته فكفر باتفاق المسلمين".تلخيص كتاب الاستغاثة(1/181)
3-استشعار مراقبة الله في الليل والنهار والخلوة و الجلوة وفي كل وقت وحين،يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- :" فمن راقب الله في سره:حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته والمراقبة هي التعبد باسمه الرقيب الحفيظ العليم السميع البصير فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها:حصلت له المراقبة".مدارج السالكين ( 2/ 66)
إن العبد إذا استشعر مراقبة الباري سبحانه له اتقاه وابتعد عن معصيته خاصة في الخلوات فيتذكر عند قدرته على المعصية في السر وغياب أعين البشر عنه!أن هناك من يراه،ويعلم سره وجهره،لا يخفى عليه شيء مهما كان حجمه،فيستحي منه ويتقيه،ألا وهو رب العزة جل جلاله.
ولقد أحسن من قال :
إذا ما خلوتَ الدَّهر يوما فلا تقل خلوتُ ولكن قُل عليَّ رقيبُ
ولا تـحسبن اللهَ يَغفل ساعــةً ولا أن ما يخفـى عليه يَغيبُ . روضة العقلاء لابن حبان(ص 26)
وعلى العبد أن يعلم ويتيقن أنه سبحانه لحلمه الكامل لم يُعاجله بالعقوبة مع قدرته على ذلك،وأن في إمهاله له فرصة للرجوع والتوبة.
قال الشيخ السعدي-رحمه الله-:"وسبحان الحليم،الذي لا يعاجل العاصين بالعقوبة،بل يعافيهم ويرزقهم،كأنهم ما عصوه مع قدرته عليهم".تفسير السعدي(ص 790)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا وإياكم لتحقيق ثمرات الإيمان بكل أسمائه تعالى الجليلة و صفاته الكريمة،فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبو عبد الله حمزة النايلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق