الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الهُدى والتُّقى والعَفافَ والغِنى




 اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الهُدى والتُّقى والعَفافَ والغِنى

-1   كان سعدُ بن أبي وقاصٍ في إبلِه . فجاءه ابنُه عمرُ . فلما رآه سعدٌ قال : أعوذ باللهِ من شرِّ هذا الراكبِ . فنزل . فقال له : أَنَزلتَ في إبلِك وغنمِك وتركت الناسَ يتنازعون المُلكَ بينهم ؟ فضرب سعدٌ في صدرِه فقال : اسكتْ . سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول " إنَّ اللهَ يحبُّ العبدَ التَّقيَّ ، الغنيَّ ، الخفيَّ " .
الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم 2965 -خلاصة حكم المحدث: صحيح

 -5 - اللهم إني أسألُك الهُدَى و التُّقَى ، و العفافَ و الغِنى
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1275
خلاصة حكم المحدث: صحيح


11 - أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يَدعو: "اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الهُدى والتُّقى والعَفافَ والغِنى"
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3489
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وأما معنى الحديث فهو كما قال السيوطي في الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج: إن الله يحب العبد التقي الغني أي غني النفس. الخفي بالخاء المعجمة أي الخامل المنقطع إلى العبادة والاشتغال بأمور نفسه، وروي بالمهملة "الحفي"أي الوصول للرحم اللطيف بهم وبغيرهم. وقال النووي في كتابه رياض الصالحين: باب استحباب العزلة عند فساد الزمان أو لخوف من فتنة في الدين أو وقوع في حرام وشبهات ونحوها ..وذكر الحديث، وقال الصنعاني في سبل السلام: والتقي هو الآتي بما يجب عليه المجتنب لما يحرم عليه، والغني هو غني النفس فإنه الغنى المحبوب، قال صلى الله عليه وسلم  ليس الغنى بكثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس،  وأشار عياض إلى أن المراد به غنى المال وهو محتمل. والخفي بالخاء المعجمة والفاء أي الخامل المنقطع إلى عبادة الله والاشتغال بأمور نفسه، وضبطه بعض رواة مسلم بالحاء المهملة ذكره القاضي عياض، والمراد به الوصول للرحم اللطيف بهم وبغيرهم من الضعفاء، وفيه دليل على تفضيل الاعتزال وترك الاختلاط . انتهى
بين النبي عليه الصلاة والسلام فضل الرجل الذي يحبه الله عز وجلَّ فقال: (( إن الله يحبّ العبد التقي الغني الخفي)).

التقي :الذي يتقي الله عزَّ وجلَّ، فيقوم بأوامره، ويجتنب نواهيه؛ يقوم بأوامره من فعل الصلاة وأدائها في جماعة، يقوم بأوامره من أداء الزكاة وإعطائها مستحقيها، يصوم رمضان، ويحج البيت، يبر والديه، يصل أرحامه، يحسن إلى جيرانه، يحسن إلى اليتامى، إلى غير ذلك من أنواع التقى والبر وأبواب الخير.

الغني: الذي استغنى بنفسه عن الناس، غني الله عزّ وجلّ عمن سواه، لا يسأل الناس شيئاً، ولا يتعرض للناس بتذلل؛ بل هو غني عن الناس، عارف نفسه، مستغن بربه، لا يلتفت إلى غيره.

الخفي : هو الذي لا يظهر نفسه، ولا يهتم أن يظهر عند الناس، أو يشار إليه بالبنان، أو يتحدث الناس عنه، تجده من بيته إلى المسجد، ومن مسجده إلى بيته، ومن بيته إلى أقاربه وإخوانه خفي، يخفي نفسه.

ولكن لا يعني ذلك أن الإنسان إذا أعطاه الله علماً أن يتقوقع في بيته ولا يُعلم الناس، هذا يعارض التقى، فتعليمه الناس خيرٌ من كونه يقبع في بيته ولا ينفع الناس بعلمه، أو يقعد في بيته ولا ينفع الناس بماله.

لكن إذا دار الأمر بين أن يلمَّع نفسه ويظهر نفسه ويبين نفسه، وبين أن يخفيها، فحينئذٍ يختار الخفاء، أما إذا كان لا بد من إظهار نفسه فلا بد أن يظهرها، هذا ممن يحبه الله عزّ وجلّ، وفيه الحث على أن الإنسان يكون خفياً، يكون غنياً عن غيره عن غير الله عزّ وجلّ، يكون تقياً لربه سبحانه وتعالى حتى يعبد الله سبحانه وتعالى في خير وعافية.




المكتبة المقروءة : الحديث : شرح رياض الصالحين المجلد الثالث - العثيمين
باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان
هنا  

      اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى، وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ، وَالْغِنَى))([1]).
الشرح:
هذا الدعاء العظيم، شامل لأربعة مطالب عظيمة، وجليلة، لا غنى عنها لأي عبد سائر إلى اللَّه عز وجل لما فيها من أهم مطالب الدنيا والآخرة.
فبدأ بسؤال (الهدى) وهو أعظم مطلوب للعباد، لا غنى لهم عنه في هذه الدار؛ لأن الهدى: هو طلب الهداية، وهي كلمة شاملة تتناول كل ما ينبغي أن يُهتدى إليه من أمر الدنيا والآخرة من حسن الاعتقاد، وصلاح الأعمال، والأقوال، والأخلاق .
قوله: (التُّقَى): أي التقوى: وهو اسم جامع لفعل ما أمر اللَّه به، وترك ما نهى عنه، ((قال الطيبي: أطلق الهدى والتقى؛ ليتناول كل ما ينبغي أن يهتدي إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق، وكل ما يجب أن يتقي منه من الشرك، والمعاصي، ورذائل الأخلاق، وطلب العفاف))([2]). وأصل الكلمة من التوقي، وهو أن تجعل بينك وبين عقوبة اللَّه تعالى وقاية, ويكون بفعل الطاعات، واجتناب المحرمات .
قوله: (العفاف):هو التنزُّه عما لا يُباح, والصيانة عن مطامع الدنيا، فيشمل العفاف بكل أنواعه ((العفاف عن الزنا كله بأنواعه: زنى النظر، وزنى اللمس، وزنى الاستماع، وزنى الفرج))([3])، والتعفُّف عن الكسب، والرزق الحرام.
قوله: (الغنى): وهو غنى النفس بأن يستغني العبد عن الناس، وعمّا في أيديهم، فيستغني العبد بما أعطاه اللَّه، سواء أُعطي قليلاً أو كثيراً، وهذه الصفة يحبها اللَّه عز وجل قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ))([4])، وسؤال اللَّه (العفاف والغنى)، وهما داخلان في الهدى والتقى من باب التخصيص بعد التعميم، وذلك لعظم شأنهما، وشدة احتياج الخلائق لهما.
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه اللَّه عن هذا الحديث، فقال: ((هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها، وهو يتضمن سؤال خير الدين وخير الدنيا، فإن الهدى هو: العلم النافع، والتقى: العمل الصالح، وترك ما نهى عنه اللَّه ورسوله، وبذلك يصلح الدين، فإن الدين علوم نافعة ومعارف صادقة فهو (الهُدَى)، وقيام بطاعة اللَّه ورسوله، فهو (التقى), والعفاف، والغنى يتضمّن العفاف عن الخلق، وعدم تعليق القلب بهم، والغنى باللَّه وبرزقه، والقناعة بما فيه، وحصول ما يطمئن به القلب من الكفاية، وبذلك تتم سعادة الحياة الدنيا، والراحة القلبية، وهي الحياة الطيبة، فمن رُزِقَ الهُدى، والتقى، والعفاف، والغنى نال السعادتين، وحصل على كل مطلوب، ونجا من كل مرهوب([5]).
وهذا الدعاء المبارك من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم التي تجمع فيها قلة الألفاظ والمباني، وكثرة المعاني، وسعة مدلولاتها، ومقاصدها في الدارين .


([1]) أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل، برقم 2721.
([2])  نقلاً عن شرح صحيح الأدب المفرد، للشيخ حسين العوايشة، 2/ 333.
([3])  شرح رياض الصالحين للعلامة ابن عثيمين رحمه الله، 4/ 58.
([4])  صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ما بين النفختين، برقم 2965.
([5])  بهجة قلوب الأبرار، ص 249.

هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق