الخميس، 10 أكتوبر 2013

كن مفتاحاً للخير


- إنَّ هذا الخيرَ خزائنُ ، ولتلكَ الخزائنُ مفاتيحَ ، فطوبَى لعبدٍ جعلهُ اللهُ مِفتاحًا للخيرِ مِغلاقًا للشرِّ ، وويلٌ لعبدٍ جعله اللهُ مِفتاحًا للشرِّ مِغلاقًا للخيرِ
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1/96خلاصة حكم المحدث: حسن 
 
- عند اللهِ خزائنُ الخيرِ والشرِّ ، مفاتيحُها الرجالُ ، فطُوبى لمن جعله اللهُ مِفتاحًا للخيرِ ، مِغلاقًا للشرِّ ، وويلٌ لمن جعله اللهُ مِفتاحًا للشرِّ مِغلاقًا للخيرِ
الراوي: أنس بن مالك و سهل بن سعد المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4108
خلاصة حكم المحدث: حسن 
 
 
 الدرر السنية

كن مفتاحاً للخير

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه، ومبلغ الناس شرعه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله تعالى، فإن تقوى الله جلّ وعلا أساس السعادة، وسبيل الفوز في الدنيا والآخرة، والعاقبة دائما وأبدا لأهل التقوى، عباد الله لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن ابن ماجة وغيره من حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إن من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر،  ومن الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير"، فطوبى لمن جعل الله مفتاح الخير على يديه،  وويل لمن جعل مفتاح الشر على يديه"،وطوبى عباد الله قيل هي الجنة، وقيل هي شجرة في الجنة لا يقطعها الراكب إلا في مئة عام، وويل عباد الله قيل هي النار، وقيل العذاب الشديد والنكال الأليم، حمانا الله وإياكم ووقانا ووقاكم، عباد الله لنتأمل هذا الحديث العظيم والوصية الجامعة عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الناس فريقان فريق مفتاح للخير مغلاق للشر،وفريق على العكس من ذلك مفتاح للشر مغلاق للخير، هل تأمل كل واحد منا حاله وأمره وشأنه في هذا المقام العظيم، هل هو من مفاتيح الخير مغاليق الشر، أو أنه على العكس من ذلك، عباد الله لابد من وقفة صادقة ومحاسبة جادة، وتأمل للتاريخ أعني تاريخ كل واحد منا، ينظر في حاله في سلوكه ومعاملاته، في مخالطته للناس ما شأنه في هذا الأمر، أهو من مفاتيح الخير مغاليق الشر أم أنه على العكس من ذلك، لا بد عباد الله من محاسبة للنفس في هذه الحياة قبل أن نحاسب عندما نقف بين يدي الله جلّ وعلا،  فما ثم إلا مسلكان إما إلى طوبى وإما إلى ويل، محاسبة جادة عباد الله تفوز بها وتربح من ورائها، تفكَّر في أمرك وحالك هل أنت من مفاتيح الخير أم أنك من مفاتيح الشر، وكل ذلك لا يظهر لك إلا بتأمل دقيق، ونظر جميل إلى حالك وأقوالك ومعاملاتك مع عباد الله ومع نفسك، هل أنت تفتح على نفسك وعلى غيرك أبواب الخير وسبله، وتغلق أبواب الشر وسبله ووسائله، أم أنك على العكس من ذلك.
عباد الله:
ووقفة نقفها مع هذا الحديث، لأن كل واحد منا إذا سمع هذا الحديث لا بد أن تتحرك نفسه شوقا وطمعا، بأن يكون من مفاتيح الخير مغاليق الشر، من أهل طوبى، وإني والله لأرجو لنفسي ولكل من يسمعني أن يكون كذلك، اللهم اجعلنا من مفاتيح الخير مغاليق الشر،  اللهم اجعلنا من مفاتيح الخير مغاليق الشر، اللهم اجعلنا من مفاتيح الخير مغاليق الشر،  عباد الله ثمة أمور أنبه عليها، من جد واجتهد في القيام بها وتحقيقها، فإنه بإذن الله يكون من مفاتيح الخير مغاليق الشر.
أما الأول عباد الله فالإخلاص لله جلّ وعلا في الأقوال والأعمال، لا تعمل أي عمل ولا تقل قولا إلا وأنت ترجو به ثواب الله، فالمخلصون عباد الله صادقون في أقوالهم وأعمالهم، جادّون فيما يأتون ويذرون، مأمونة منهم الغائلة، سبيلهم إلى الخير ومآلهم إلى الصلاح والإصلاح، والله جلّ وعلا لا يقبل من العمل إلا الخالص لوجهه جلّ وعلا: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]، ومن نعمة الله عزّ وجل على عبده المخلص، أن يصرف عنه سبيل الشر، وأن يهديه إلى سبيل الخير، وقد قال الله عزّ وجل عن نبيه يوسف عليه السلام: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24].
أما الثاني عباد الله فالدعاء والإلحاح على الله بالسؤال والطلب، بأن يجعلك من مفاتيح الخير مغاليق الشر، والدعاء عباد الله نفسه مفتاح الخير، كما قال ذلك أئمة العلم وأئمة الهدى، الدعاء مفتاح الخير، والله جلّ وعلا لا يخيب عبدا دعاه، ولا يرد عبدا ناداه، ومن أدعية ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ [الأعراف: 89]، ومن أسماء الله العظيمة الفتّاح، فاسأل الله جلّ وعلا، توسل إليه بهذا الاسم وبأسمائه الحسنى وصفاته العلا بأن يجعلك من مفاتيح الخير ومغاليق الشر.
أما الثالث عباد الله فالإقبال على عبادة الله جلّ وعلا ولاسيما الفرائض وبخاصة الصلاة، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وإذا كان هذا شأن العبد محافظا على أوامر الله، مقبلا على طاعة الله مجدا مجتهدا في التقرب إلى الله، فإنه بأذن الله عزّ وجل يكون مفتاحا للخير مغلاقا للشر.
الرابع عباد الله التحلي بمكارم الأخلاق ورفيعها، والبعد عن سفساف الأخلاق ورديئها، فصاحب الخلق الكريم يحجزه خلقه عن الرذائل، ويبعده عن العظائم بخلاف سيء الخلق رديء الخلق، فإن خلقه السيئ يسوقه إلى القبائح والعظائم.
عباد الله خامسا مجالسة الأخيار ومصاحبتهم ومرافقتهم، وليس للمؤمن أن يجلس مع من شاء، كما جاء في سنن أبي داوود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"،مجالسة الأخيار غنيمة، فإن مجالسهم تغشاها الرحمة وتتنـزل عليها الملائكة، بخلاف مجالس الأشرار فإنها متنزل الشياطين﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ [الشعراء: 221 - 223]، كيف يرضى مؤمن لنفسه بمجالسة أناس مجالسهم متنزل الشياطين، كيف يرضى مؤمن لنفسه بالدون،  فيجالس من في مجالستهم شر عليه ووبال،  ولهذا الواجب على العاقل الذي يريد لنفسه الخير أن يحرص على مجالسة الأخيار، والله يقول: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].
سادسا عباد الله النصيحة لعباد الله،  فلا تحمل في قلبك تجاه أيّ مؤمن إلا النصيحة، وقد قال عليه الصلاة والسلام وكرَّر وأعاد:"الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة "،والناصح عباد الله هو من يريد الخير لإخوانه، ويسعى في تحقيقه لهم جهده ومستطاعه، فالنصيحة عباد الله إذا وُجدت بين الناس عمّت بينهم الفضيلة، وانتشر بينهم الخير، ولا يكون الإنسان مفتاحا للخير مغلاقا للشر إلا إذا كان ناصحا لعباد الله. سابعا عباد الله تذكّر يوم المعاد والوقوف بين يدي رب العباد، تذكر أنك ستقف يوما سوف تقف بين يدي الله جلّ وعلا، يحاسبك فيه على أعمالك ويجازيك على ما قدمت في هذه الحياة، فطوبى لمن جعل مفتاح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفتاح الشر على يديه.
اللهم وفقنا لما تحب وترضى، وأعنا على البر والتقوى، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين يا ذا الجلال والإكرام،  اللهم إنا نتوجه إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا ونسألك بأنك أنت الفتاح وأنت خير الفاتحين أن تجعلنا من مفاتيح الخير مغاليق الشر، اللهم اجعلنا من مفاتيح الخير مغاليق الشر، اللهم اجعلنا من مفاتيح الخير مغاليق الشر،  وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانيه

الحمد لله الفتاح العليم،  أحمده جلّ وعلا وهو خير الفاتحين،  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليما كثير.
أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله تعالى، جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه راو الحديث المتقدم أنه قال:"إن ثابت البناني من مفاتيح الخير"،وثابت عباد الله هو من أجلة التابعين و علماء المسلمين حملة الدين وأنصار السنة، وقد وصفه هذا الصحابي الجليل بأنه من مفاتيح الخير، وما ذاك عباد الله إلا أن ثابتا رحمه الله كان إماما معلما ناصحا مرشدا، دالا عباد الله إلى الخير، معلما لهم مفقها في دين الله، فوصفه أنس رضي الله عنه بهذه الصفة العظيمة فقال:"إن ثابتا من مفاتيح الخير"، عباد الله وهكذا شأن العلماء الناصحين والدعاة المصلحين في كل زمان وأوان، وفي كل وقت وحين، هم مفاتيح للخير مغاليق للشر، يدلون الناس إلى الهدى وينهونهم عن سبيل الردى، يعلمون الجاهل ويذكرون الغافل، ويرشدون الحائر ويفتون السائل، وينصحون لعباد الله، فما أعظم أثرهم على الناس وما أعظم خيرهم ونفعهم، وهذا في كل زمان وحين، أفلا عرفنا عباد الله لأهل العلم مكانتهم وقدرهم ومنزلتهم، يقول صلى الله عليه وسلم :"ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه"،إن جهود أهل العلم في كل زمان وأوان، علماء السنة ودعاة الخير جهود عظيمة في تبصير الناس وتفقيههم في دين الله، وقد قال بعض أهل العلم قديما:"لولا العلماء لأصبح الناس مثل البهائم"، أي لا يعرفون شيئا من دين الله جلّ وعلا، إلا أن الله جلّّ وعلا قيض في الناس علماء مصلحين ودعاة ناصحين، يبينون للناس دين الله، ويفقهونهم في شريعة الله، ويبينون لهم أحكام الله، والواجب عل كل مسلم أن يعرف للعلماء قدرهم، وأن يحفظ لهم مكانتهم، وأن ينزلهم منازلهم، وأن يحرص تمام الحرص على حسن الاستفادة منهم، والأدب معهم وتلقي الخير عنهم وعدم الافتيات عليهم.
ونسأل الله جلّ وعلا أن يجزي عنا علماءنا خير الجزاء، علماءنا في القديم والحديث أن يجزيهم عنا خير الجزاء على نصرهم للسنة، وحفظهم للدين وتعليمهم لعباد الله المؤمنين، وأن يوفقنا للأدب معهم وحسن الاستفادة منهم، إن ربي لسميع الدعاء، وهو أهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلوا وسلموا رعاكم الله على إمام الهداة ومفتاح الخير محمد بن عبد الله، كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال:﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليم ا﴾ [الأحزاب: ٥٦] وقال صلى الله عليه وسلم :"من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا"،وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم الحث من الإكثار من الصلاة والسلام عليه في ليلة الجمعة ويومها، ولهذا يقول الإمام الشافعي رحمه الله:"إني أحب الصلاة والسلام على رسول الله في كل وقت وحين، ولكنه في ليلة الجمعة ويومها أحب إلي"، فأكثروا في هذا اليوم المبارك من الصلاة والسلام على رسول الله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وأبي السبطين علي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وأعنه على البر والتقوى، وسدده في أقواله وأعماله، وألبسه ثوب الصحة والعافية، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة ورأفة على عبادك المؤمنين، اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر، اللهم أصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وأموالنا وأزواجنا وذرياتنا واجعلنا مباركين أينما كنا، اللهم اجعلنا شاكرين لنعمك مستعملين لها في طاعتك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفقنا لما تحب وترضى وأعنا على البر والتقوى، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلنه، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت، اللهم اغفر ذنوب المذنبين من المسلمين، وتب على التائبين، واكتب الصحة والسلامة والعافية لعموم المسلمين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا، اللهم اسقنا وأغثنا،  اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر، اللهم غيثا مغيثا هنيئا مريئا سحا طبقا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر لله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

 الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر 

**************** 

طوبى لمن كان مفتاحا للخير مغلاقا للشر

الحمد لله الذي أمر بالتعاون على الخيرات , ونهى عن التفرق والاختلاف والمشاحنات , وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده , لا شريك له ,
فاطر الأرض والسموات , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , سيد الرسل وأكمل المخلوقات , اللهم صل على محمد , وعلى آله وأصحابه أولي الفضائل والكرمات , وسلم تسليما . أما بعد , أيها الناس , اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم , وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين , وقوموا بالنصيحة بين عباد الله فإن الله لا يضيع أجر المحسنين . قال تعالى : { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما } [ سورة النساء : الآية 114 ] وقال صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ إصلاح ذات البين . فإن فساد ذات البين هي الحالقة . لا أقول تحلق الشعر . ولكن تحلق الدين ) فرحم الله امرأ رأى بين اثنين عداوة فقام بتقريب بعضهم إلى بعض بالتأليف والإصلاح ; ويا ويح من أغرى بين الناس فلقح العداوة  وغذاها بالتفريق بين المتصافيين وراح . أما علمتم أن من أصلح بين الناس أصلح الله باله ؟ ومن فرق بينهم فرق الله أمره وشتت أحواله ؟ فطوبى لمن كان مفتاحا للخير مغلاقا للشر , وويل لمن كان مفتاحا للشر مغلاقا للخير . أما سمعتم بأن النمام عليه العقوبة الشنيعة يوم البعث والنشور ؟ فإنه ينقل الكلام بين الناس فيحدث البغضاء ويوغر الصدور ; يجيئ النمام إلى قلوب متآلفة متفقة فيفرقها , وإلى صداقات وصلات بين الناس فيمزقها ; قد انسلخ من أعمال أهل الصلاح المصلحين , ورضي لنفسه أن يكون من المفسدين . ألا وإن المصلحين بين عباد الله لهم الرتب السامية والمحل الأعلى , وقد حازوا الشرف والأجور الكثيرة ورضى المولى ; يأتون إلى المتباعدين فيقربونهم , وإلى الذين فرقتهم الأغراض الدنيئة فيؤلفون بين قلوبهم ويجمعونهم ; فلله درهم ما أفضل أعمالهم , وما أرفع مكانهم وأكمل أحوالهم ; فكم حصل بسعيهم المشكور من خيرات وبركات , وكم اندفع بعملهم المبرور من شرور ومفاسد وآفات ; وكم قمعوا من ضغائن وإحن , وكم أخمدوا بإصلاحهم ولطفهم من شرور وفتن ; فيا فوزهم بمكارم الأخلاق , ويا سعادتهم عند لقاء الملك الخلاق ; ويا فلاحهم إذا أكرموا بجنات النعيم , ووقوا من عذاب الجحيم , فتمت لهم حينئذ العيشة الراضية , في جنة عالية , قطوفها دانية , وقيل لهم { كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية } [ سورة الحاقة : الآية 24 ] بارك الله لي ولكم . للاستزادة كتاب مجموع خطب الشيخ في المواضيع النافعة 

للشيخ عبدالرحمن السعدي 

هنا  

******************** 

طوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه
د. خالد سعد النجار

بسم الله الرحمن الرحيم

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( إنَّ من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإنَّ من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ) [1]

العمل الصالح من آثار العقيدة السليمة. فالمؤمن يخاف الله ويطيعه، ويخالف نفسه ويعصى هواه، ويقًدم الآخرة الباقية على الدنيا الفانية، هذا في تعامله مع الله تعالى، أما مع الناس فهو مفتاح خير، ودلال معروف، وسفير هداية، ورسول صلاح .. مغلاق شرِّ، ودافع بلاء، ومانع نقمة، وصمام أمان من غضب الرحمن.
والإسلام عندما أمرنا وكلفنا بالعمل الصالح، لم يجعله ماليا فقط يختص به الأغنياء، ولا علميا يختص به المثقفون، ولا بدنيا ينفرد به الأقوياء، ولكنه جعله عملا إنسانيا عاما يتقرب به كل إنسان من الله تعالى على قدر طاقته، يشترك فيه الفقير والغني، والأمي والمتعلم، والضعيف والقوي والمؤمن دائما مفتاح للخير، مغلاق للشر، راغب في رحمة الله وجنته، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( عند الله خزائن الخير والشر، مفاتيحها الرجال، فطوبى لمن جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر، وويل لمن جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير ) [2]
قال الراغب: الخير ما يرغب فيه الكل، كالعقل مثلاً والعدل والفضل، والشر ضده، والخير قد يكون خيراً لواحد شراً لآخر والشر كذلك، كالمال الذي ربما يكون خيراً لزيد وشراً لعمرو، ولذلك وصفه اللّه بالأمرين.

قال الطيبي: والمعنى الذي يحتوي على خيرية المال وعلى كونه شراً هو المشبه بالخزائن، فمن توسل بفتح ذلك المعنى وأخرج المال منها وأنفق في سبيل اللّه ولا ينفقه في سبيل الشيطان، فهو مفتاح للخير مغلاق للشر، ومن توسل بإغلاق ذلك الباب في إنفاقه في سبيل اللّه وفتحه في سبيل الشيطان فهو مغلاق للخير، ومفتاح للشر.
قال المناوي في التعليق على هذا الحديث الجليل: ( إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى ) أي حسنى أو خيراً وهو من الطيب أي عيش طيب ( لمن جعل اللّه مفاتيح الخير على يديه، وويل ) شدة حسرة ودمار وهلاك ( لمن جعل اللّه مفاتيح الشر على يديه ) قال الحكيم: فالخير مرضاة اللّه والشر سخطه، فإذا رضي اللّه عن عبد فعلامة رضاه أن يجعله مفتاحاً للخير، فإن رؤى ذُكر الخير برؤيته، وإن حضر حضر الخير معه، وإن نطق نطق بخير، وعليه من اللّه سمات ظاهرة لأنه يتقلب في الخير، يعمل خير وينطق بخير ويفكر في خير ويضمر خيراً فهو مفتاح الخير حسبما حضر وسبب الخير لكل من صحبه، والآخر يتقلب في شر ويعمل شراً وينطق بشر ويفكر في شر ويضمر شراً، فهو مفتاح الشر لذلك فصحبة الأول دواء والثاني داء [3]

وما أكثر ما تكاثرت الأحاديث النبوية حول هذا المعني، فقال -صلى الله عليه وسلم-:
- ( دليل الخير كفاعله ) [4]
- ( إن الدال على الخير كفاعله ) [5] يعني في مطلق حصول الثواب وإن اختلف الكم والكيف، قال الراغب: والدلالة ما يتوصل به إلى معرفة الشيء.
- ( إن لله تعالى ملائكة في الأرض تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر ) [6] أي كأنها تركب ألسنتها على ألسنتهم بما في المرء من الخير والشر، لأن مادة الطهارة إذا غلبت في شخص واستحكمت صار مظهراً للأفعال الجميلة التي هي عنوان السعادة، فيستفيض ذلك على الألسنة، وضده من استحكمت فيه مادة الخبث، ومن ثم لم تزل سنة اللّه جارية في عبيده بإطلاق الألسنة بالثناء والمدح للطيبين الأخيار وبالثناء والذم للخبيثين الأشرار {ليميز اللّه الخبيث من الطيب} في هذه الدار وينكشف الغطاء بالكلية يوم القرار.
- ( والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير ) [7]
- ( إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتق الشر يوقه ) [8] أي ومن يجتهد في تحصيل الخير يعطه اللّه تعالى إياه.
وكون الإنسان مفتاحاً للخير ومغلاقاً للشر معناه أن يحفظ نفسه ووقته وجهده وما يستطيع لمنفعة الآخرين من المسلمين أيضاً، فزيادة على أن يستقيم في ذاته ينفع الله تعالى به المسلمين ومن حوله من الناس، بحيث يكون -كما كان أنبياء الله عز وجل- رحمة للعالمين، كما أخبر الله تبارك وتعالى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو رحمة لأقوامهم ومن حولهم كما كان كل الأنبياء.
وبهذا يعيش المسلم في مجتمعه ينبوعاً يفيض بالخير والرحمة، ويتدفق بالنفع والبركة، يفعل الخير ويدعو إليه؛ ويبذل المعروف ويدل عليه، فهو مفتاح للخير، ومغلاق للشر.
ومعرفة مفاتيح الخير والشر، باب عظيم من أنفع أبواب العلم، لا يوفق لمعرفته ومراعاته إلا من عظم حظه وتوفيقه، فإن الله -سبحانه وتعالى- جعل لكل خير وشر مفتاحاً وباباً يدخل منه إليه، فجعل الطاعة مفتاحا لسكينة النفس، والاستغفار مفتاحا لاستجلاب الخيرات، والتذلل بين يديه جل وعلا مفتاحا لرحمته ومغفرته، والصدقة مفتاحا لإطفاء الخطيئة، والصدق مفتاحا للبر.
كما جعل الشرك والكبر والإعراض عما بعث الله به رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والغفلة عن ذكره والقيام بحقه مفتاحاً للنار، وجعل الخمر مفتاح كل إثم، وجعل الغي مفتاح الزنا، وجعل إطلاق النظر في الصور مفتاح الطلب والعشق، وجعل الكسل والراحة مفتاح الخيبة والحرمان، وجعل المعاصي مفتاح الكفر، وجعل الكذب مفتاح النفاق، وجعل الشح والحرص مفتاح البخل، وقطيعة الرحم وأخذ المال من غير حلّه، وجعل الإعراض عما جاء به الرسول مفتاح كل بدعة وضلال.
وهذه الأمور لا يصدق بها إلا كل من له بصيرة صحيحة، وعقل يعرف به ما في نفسه وما في الوجود من الخير والشر. فينبغي للعبد أن يعتني كل الاعتناء بمعرفة المفاتيح وما جعلت المفاتيح له، والله من وراء توفيقه وعدله، له الملك وله الحمد وله النعمة والفضل، لا يسال عما يفعل وهم يسألون.

الهوامش
[1] رواه ابن ماجة (195)، السلسلة الصحيحة (1332) [2] ( حسن ) حديث 4108 صحيح الجامع [3] فيض القدير للمناوي 1/254 [4]( حسن ) حديث 3390 صحيح الجامع [5] رواه الترمذي عن أنس( صحيح ) حديث 1605 صحيح الجامع [6] رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم وأقره الذهبي ( صحيح ) حديث 2175 صحيح الجامع [7]( صحيح ) حديث 7085 صحيح الجامع [8] ( حسن ) حديث 2328 صحيح الجامع
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق