"ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في
صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي
سياحة"
شيخ الإسلام ابن تيمية
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان
شيخ الإسلام ابن تيمية
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان
"المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه
و سلم= ، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس
والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، ),[74] ] => هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة) ، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
text,[data] أفتى وله تسع عشرة سنة) => ، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
> ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَ),
على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، ),[74] ] => هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة) ، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
text,[data] أفتى وله تسع عشرة سنة) => ، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
> ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَ),
إِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )"النساء59
، وبقوله تعالى => وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
=> رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل > وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.)
، وبقوله تعالى => وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
=> رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل > وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.)
=============================
"ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا
تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"
(شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا .
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59
، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 1,[2] => 1,[3] => 0)),[2] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[line] => 456,[function] => do_parse,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"
(شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا .
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59
، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 0,[2] => 1,[3] => 1,[4] => 1,[5] => 1,[6] => ,[7] => on_nl2br,[8] => ,[9] => 1)),[3] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_postbit.php,[line] => 1231,[function] => parse,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" (شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا . هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني. ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته. انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه . أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل. قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه. شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع. وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم. اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) . ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." . اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" . كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59 ، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10 وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) . توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 15,[2] => 1,[3] => ,[4] => ,[5] => ,[6] => ,[7] => on_nl2br)),[4] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_postbit.php,[line] => 329,[function] => parse_bbcode,[class] => vB_Postbit_Post,[type] => ->,[args] => Array ()),[5] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/showthread.php,[line] => 1096,[function] => construct_postbit,[class] => vB_Postbit,[type] => ->,[args] => Array ([0] => Array))),[Errorprevious] => ),[code] => 256)) #1 trigger_error(Function name must be a string on line 1566 in /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php , 256) called at [/home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/vb/vb.php:286] #2 vB::handleException(Error Object ([*message] => Function name must be a string,[Errorstring] => ,[*code] => 0,[*file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[*line] => 1566,[Errortrace] => Array ([0] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[line] => 1021,[function] => parse_array,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => Array ([0] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[1] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[2] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[3] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[4] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[5] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[6] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[7] => Array ([type] => text,[data] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"
),[8] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[9] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[10] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[11] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[12] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[13] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[14] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[15] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #8b4513,[delimiter] => ,[closing] => ),[16] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[17] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[18] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[19] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[20] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[21] => Array ([type] => text,[data] => (شيخ الإسلام ابن تيمية),[22] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[23] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[24] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[25] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[26] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[27] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[28] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[29] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[30] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[31] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[32] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[33] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[34] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[35] => Array ([type] => text,[data] => ) ),[36] => Array ([type] => tag,[name] => url,[name_orig] => URL,[option] => http://shamela.ws/browse.php/book-21524/page-14#page-6,[delimiter] => ",[closing] => ),[37] => Array ([type] => text,[data] => هنا),[38] => Array ([type] => tag,[name] => url,[name_orig] => URL,[option] => ,[closing] => 1),[39] => Array ([type] => text,[data] => .),[40] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[41] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[42] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[43] => Array ([type] => text,[data] =>
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان ),[44] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[45] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[46] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #800080,[delimiter] => ,[closing] => ),[47] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[48] => Array ([type] => text,[data] => جده),[49] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[50] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[51] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[52] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[53] => Array ([type] => text,[data] => أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب ),[54] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[55] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[56] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #008080,[delimiter] => ,[closing] => ),[57] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[58] => Array ([type] => text,[data] => "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"),[59] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[60] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[61] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[62] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[63] => Array ([type] => text,[data] => ، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
),[64] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[65] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[66] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #0000ff,[delimiter] => ,[closing] => ),[67] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[68] => Array ([type] => text,[data] => انتقل مع أسرته إلى دمشق ),[69] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[70] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[71] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[72] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[73] => Array ([type] => text,[data] => على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، ),[74] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[75] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[76] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #0000ff,[delimiter] => ,[closing] => ),[77] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[78] => Array ([type] => text,[data] => هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة),[79] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[80] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[81] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[82] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[83] => Array ([type] => text,[data] => ، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
),[84] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[85] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[86] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #008080,[delimiter] => ,[closing] => ),[87] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[88] => Array ([type] => text,[data] => أفتى وله تسع عشرة سنة),[89] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[90] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[91] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[92] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[93] => Array ([type] => text,[data] => ، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
),[94] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[95] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[96] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #b22222,[delimiter] => ,[closing] => ),[97] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[98] => Array ([type] => text,[data] => ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، ),[99] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[100] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[101] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[102] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[103] => Array ([type] => text,[data] => فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَ),[104] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[105] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[106] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #800080,[delimiter] => ,[closing] => ),[107] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[108] => Array ([type] => text,[data] => إِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ),[109] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[110] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[111] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[112] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[113] => Array ([type] => text,[data] => "النساء59
، وبقوله تعالى " {),[114] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[115] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[116] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #008080,[delimiter] => ,[closing] => ),[117] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[118] => Array ([type] => text,[data] => وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "),[119] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[120] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[121] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[122] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[123] => Array ([type] => text,[data] => الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
),[124] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[125] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[126] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #b22222,[delimiter] => ,[closing] => ),[127] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[128] => Array ([type] => text,[data] => توفي),[129] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[130] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[131] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[132] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[133] => Array ([type] => text,[data] => رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل :),[134] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[135] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[136] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #008080,[delimiter] => ,[closing] => ),[137] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[138] => Array ([type] => text,[data] => إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف،),[139] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[140] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[141] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[142] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[143] => Array ([type] => text,[data] => وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.),[144] => Array ([type] => tag,[name] => url,[name_orig] => URL,[option] => http://library.islamweb.net/newlibrary/display_umma.php?lang=&BabId=3&ChapterId=3&BookId=255&CatId=201&startno=0,[delimiter] => ",[closing] => ),[145] => Array ([type] => text,[data] => هنا),[146] => Array ([type] => tag,[name] => url,[name_orig] => URL,[option] => ,[closing] => 1),[147] => Array ([type] => text,[data] => .),[148] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[149] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[150] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[151] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1)),[1] => 1,[2] => 1,[3] => 0)),[1] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[line] => 542,[function] => parse_bbcode,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"
(شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا .
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59
، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 1,[2] => 1,[3] => 0)),[2] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[line] => 456,[function] => do_parse,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"
(شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا .
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59
، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 0,[2] => 1,[3] => 1,[4] => 1,[5] => 1,[6] => ,[7] => on_nl2br,[8] => ,[9] => 1)),[3] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_postbit.php,[line] => 1231,[function] => parse,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" (شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا . هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني. ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته. انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه . أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل. قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه. شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع. وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم. اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) . ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." . اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" . كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59 ، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10 وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) . توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا . =>
(شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا .
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59
، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 1,[2] => 1,[3] => 0)),[2] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[line] => 456,[function] => do_parse,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"
(شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا .
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59
، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 0,[2] => 1,[3] => 1,[4] => 1,[5] => 1,[6] => ,[7] => on_nl2br,[8] => ,[9] => 1)),[3] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_postbit.php,[line] => 1231,[function] => parse,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" (شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا . هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني. ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته. انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه . أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل. قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه. شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع. وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم. اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) . ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." . اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" . كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59 ، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10 وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) . توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 15,[2] => 1,[3] => ,[4] => ,[5] => ,[6] => ,[7] => on_nl2br)),[4] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_postbit.php,[line] => 329,[function] => parse_bbcode,[class] => vB_Postbit_Post,[type] => ->,[args] => Array ()),[5] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/showthread.php,[line] => 1096,[function] => construct_postbit,[class] => vB_Postbit,[type] => ->,[args] => Array ([0] => Array))),[Errorprevious] => ),[code] => 256)) #1 trigger_error(Function name must be a string on line 1566 in /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php , 256) called at [/home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/vb/vb.php:286] #2 vB::handleException(Error Object ([*message] => Function name must be a string,[Errorstring] => ,[*code] => 0,[*file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[*line] => 1566,[Errortrace] => Array ([0] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[line] => 1021,[function] => parse_array,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => Array ([0] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[1] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[2] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[3] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[4] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[5] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[6] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[7] => Array ([type] => text,[data] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"
),[8] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[9] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[10] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[11] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[12] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[13] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[14] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[15] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #8b4513,[delimiter] => ,[closing] => ),[16] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[17] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[18] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[19] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[20] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[21] => Array ([type] => text,[data] => (شيخ الإسلام ابن تيمية),[22] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[23] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[24] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[25] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[26] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[27] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[28] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[29] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[30] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[31] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[32] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => Traditional Arabic,[delimiter] => ,[closing] => ),[33] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => 6,[delimiter] => ,[closing] => ),[34] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[35] => Array ([type] => text,[data] => ) ),[36] => Array ([type] => tag,[name] => url,[name_orig] => URL,[option] => http://shamela.ws/browse.php/book-21524/page-14#page-6,[delimiter] => ",[closing] => ),[37] => Array ([type] => text,[data] => هنا),[38] => Array ([type] => tag,[name] => url,[name_orig] => URL,[option] => ,[closing] => 1),[39] => Array ([type] => text,[data] => .),[40] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[41] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[42] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1),[43] => Array ([type] => text,[data] =>
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان ),[44] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[45] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[46] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #800080,[delimiter] => ,[closing] => ),[47] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[48] => Array ([type] => text,[data] => جده),[49] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[50] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[51] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[52] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[53] => Array ([type] => text,[data] => أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب ),[54] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[55] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[56] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #008080,[delimiter] => ,[closing] => ),[57] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[58] => Array ([type] => text,[data] => "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"),[59] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[60] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[61] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[62] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[63] => Array ([type] => text,[data] => ، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
),[64] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[65] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[66] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #0000ff,[delimiter] => ,[closing] => ),[67] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[68] => Array ([type] => text,[data] => انتقل مع أسرته إلى دمشق ),[69] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[70] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[71] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[72] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[73] => Array ([type] => text,[data] => على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، ),[74] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[75] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[76] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #0000ff,[delimiter] => ,[closing] => ),[77] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[78] => Array ([type] => text,[data] => هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة),[79] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[80] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[81] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[82] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[83] => Array ([type] => text,[data] => ، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
),[84] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[85] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[86] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #008080,[delimiter] => ,[closing] => ),[87] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[88] => Array ([type] => text,[data] => أفتى وله تسع عشرة سنة),[89] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[90] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[91] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[92] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[93] => Array ([type] => text,[data] => ، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
),[94] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[95] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[96] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #b22222,[delimiter] => ,[closing] => ),[97] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[98] => Array ([type] => text,[data] => ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، ),[99] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[100] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[101] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[102] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[103] => Array ([type] => text,[data] => فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَ),[104] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[105] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[106] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #800080,[delimiter] => ,[closing] => ),[107] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[108] => Array ([type] => text,[data] => إِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ),[109] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[110] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[111] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[112] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[113] => Array ([type] => text,[data] => "النساء59
، وبقوله تعالى " {),[114] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[115] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[116] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #008080,[delimiter] => ,[closing] => ),[117] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[118] => Array ([type] => text,[data] => وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "),[119] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[120] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[121] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[122] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[123] => Array ([type] => text,[data] => الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
),[124] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[125] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[126] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #b22222,[delimiter] => ,[closing] => ),[127] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[128] => Array ([type] => text,[data] => توفي),[129] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[130] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[131] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[132] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[133] => Array ([type] => text,[data] => رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل :),[134] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[135] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[136] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => #008080,[delimiter] => ,[closing] => ),[137] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[138] => Array ([type] => text,[data] => إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف،),[139] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[140] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[141] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => Navy,[delimiter] => ,[closing] => ),[142] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => ),[143] => Array ([type] => text,[data] => وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.),[144] => Array ([type] => tag,[name] => url,[name_orig] => URL,[option] => http://library.islamweb.net/newlibrary/display_umma.php?lang=&BabId=3&ChapterId=3&BookId=255&CatId=201&startno=0,[delimiter] => ",[closing] => ),[145] => Array ([type] => text,[data] => هنا),[146] => Array ([type] => tag,[name] => url,[name_orig] => URL,[option] => ,[closing] => 1),[147] => Array ([type] => text,[data] => .),[148] => Array ([type] => tag,[name] => b,[name_orig] => B,[option] => ,[closing] => 1),[149] => Array ([type] => tag,[name] => color,[name_orig] => COLOR,[option] => ,[closing] => 1),[150] => Array ([type] => tag,[name] => size,[name_orig] => SIZE,[option] => ,[closing] => 1),[151] => Array ([type] => tag,[name] => font,[name_orig] => FONT,[option] => ,[closing] => 1)),[1] => 1,[2] => 1,[3] => 0)),[1] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[line] => 542,[function] => parse_bbcode,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"
(شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا .
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59
، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 1,[2] => 1,[3] => 0)),[2] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_bbcode.php,[line] => 456,[function] => do_parse,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة"
(شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا .
هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني.
ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته.
انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه .
أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل.
قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه.
شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع.
وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم.
اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) .
ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." .
اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" .
كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59
، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10
وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) .
توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا .,[1] => 0,[2] => 1,[3] => 1,[4] => 1,[5] => 1,[6] => ,[7] => on_nl2br,[8] => ,[9] => 1)),[3] => Array ([file] => /home/vol13_1/byethost11.com/b11_13506655/htdocs/includes/class_postbit.php,[line] => 1231,[function] => parse,[class] => vB_BbCodeParser,[type] => ->,[args] => Array ([0] => "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" (شيخ الإسلام ابن تيمية) هنا . هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العبـــاس أحمـــد ابن عبد الحليـــم بن عبد الســلام بن عبــد الله بن الخضـــر بن محمـــد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني. ولد بحَرَّان يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، سنة إحدى وستين وستمائة، ونشأ في بيئة علمية، فكان جده أبو البركات عبد السلام ابن عبد الله، صاحب كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم"، من أئمة علماء المذهب الحنبلي، ووالده من علماء المذهب، اشتغل بالتدريس والفتوى، وولي مشيخة دار الحديث السكرية حتى وفاته. انتقل مع أسرته إلى دمشق على إثر تخريب التتار لبلده حران، وهو ابن سبع سنين، وبدت عليه مخايل النجابة والذكاء والفطنة منذ صغره، فحفظ القرآن في سن مبكرة، ولم يتم العشرين إلا وبلغ من العلم مبلغه، ذكر ابن عبد الهادي في ترجمته : أن شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه، حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كليًا، حتى حاز فيه قَصَب السَّبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه . أفتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في التأليف وهو ابن هذا السن، وتولى التدريس بعد وفاة والده، سنة 682هـ بدار الحديث السكرية، وله إحدى وعشرون سنة، حتى اشتهر أمره بين الناس، وبعد صيته في الآفاق، نظرًا لغزارة علمه وسعة معرفته، فقد خصه الله باستعداد ذاتي أهَّلَهُ لذلك، منه قوة الحافظة، وإبطاء النسيان، فلم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء إلا ويبقى غالبًا على خاطره، إما بلفظه أو معناه. ففي محنته الأولى بمصر، صنف عدة كتب وهو بالسجن، استدل فيها بما احتاج إليه من الأحاديث والآثار، وذكر فيها أقوال المحدثين والفقهاء، وعزاها إلى قائليها بأسمائهم، كل ذلك بديهة اعتمادًا على حفظه، فلما روجعت لم يعثر فيها على خطأ ولا خلل. قضى حياته في التدريس والفتوى والتأليف والجهاد، فكانت تفد إليه الوفود لسماع دروسه، وتَرِدُه الرسائل للاستفتاء في مسائل العقيدة والشريعة، فيجيب عليها كتابة.. ترك ثروة علمية تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه، وتكامل إدراكه لأطراف ما يبحثه واستوائه لديه، ومن ذلك مسائل علم الكلام ومباحث الفلسفة، فهو يناقش المتكلمين والفلاسفة بأدلتهم، وينقد مناهجهم، ويبطل حُجَجَهُم بثقة وعلم، ذكر ابن عبد الهادي أن مصنفاته وفتاواه ورسائله لا يمكن ضبط عددها، وأنه لا يَعلم أحدًا من متقدمي الأمة جَمَعَ مثل ما جمعه، وصنف نحو ما صنفه. شارك في معركة شقحب، التي وقعت بين أهل الشام والبُغاة من التتار، بقرب دمشق في شهر رمضان سنة 702هـ، وانتهت بانتصار أهل الشام ودحر التتار، الذين أرادوا بسط نفوذهم في الشام، وتوسيع سلطتهم على أطرافها، وقد ضرب ابن تيمية في هذه المعركة أروع مثال للفارس الشجاع. وجاهد المخالفين من أهل الأهواء والبدع، مستعينًا بسلاح العلم، ومتحليًا في منازلتهم بالعدل والرحمة، فقد حاور أهل الكلام، مظهرًا منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، ومفندًا آراءهم بالحجة والبيان، وتصدى للفلاسفة وغلاة التصوف من أتباع ابن عربي وتلاميذه، فكشف أستارهم، وأبان عوار مسلكهم. اتبع مسلك الاجتهاد في المسائل العلمية (ففي بعض الأحكام يفتي بما أداه إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور من مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة في مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف) . ابتلي *رحمه الله* في سبيل إظهار الحق وبيانه، ونصيحة المسلمين، فصبر، فقد وُشي به لدى السلطان، واتهم بالباطل زورًا وبهتانًا، وسُجن بسبب ذلك مرارًا، ليُثنَى عن منهجه، ويُحال بينه وبين الناس، ولكنه قابل ذلك كله بالصبر على قَدَر الله، والرضا بقضائه، والحِلْم على من آذاه، والعفو عنهم، ولا أدلّ على ذلك من رسالته التي بعثها من مصر إلى أهله وأنصاره في دمشق، يدعوهم فيها إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين، ويحذرهم فيها من أذية مـن آذاه أو إهانتهم، يقول فيها "تعلمون رضي الله عنكم، أني لا أحب أن يُؤذَى أحدٌ من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم، أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه، مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المسلمين، فنطوي بساط الكلام لهذا الأصل، كقول القائل : فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلامات التي فيها مذمة لبعض الأصحاب والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." . اتصف بسلامة النفس، والبراءة من التشفي والانتقام حتى ممن كاده، ذُكر أن الناصر بن قلاوون لما رجع إلى الحكم في مصر بعد خلعه، جلس معه، "وأخرج من جيبه فتاوى لبعض المشايخ من خصومه في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم، قال : ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديًا عليهم لما خلعوه، وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فشرعتُ في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم، وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حِلٍّ من حقي ومن جهتي، وسَكَّنْتُ ما عنده عليهم. قال : فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلوف يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" . كان منهجه قائمًا على اتباع الدليل، وغايته إظهار الحق والانتصار له، دون خوف من أحد ولا مداهنة فيه، فإنه كان سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحق ونصرة الدين . من قرأ رسائله وتراثه العلمي، أدرك دقة وصف تلميذه الحافظ عمر بن علي البزار لمنهجه لما قال "إذا نظر المنصف إليه بعين العدل، يراه واقفًا مع الكتاب والسنة، لا يميله عنهما قول أحد كائنًا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدًا، ولا يخاف في ذلك أميرًا ولا سلطانًا ولا سوطًا ولا سيفًا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو مستمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقول الله تعالى" فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً "النساء59 ، وبقوله تعالى " {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "الشورى10 وما سمعنا أنه اشتهر عن أحد منذ دهر طويل ما اشتهر عنه من كثرة متابعته للكتاب والسنة، والإمعان في تتبع معانيهما، والعمل بمقتضاهما، ولهذا لا يرى في مسألة أقوالاً للعلماء، إلا وقد أفتى بأبلغها موافقة للكتاب والسنة، وتحرى الأخذ بأقومها من جهة المنقول والمعقول) . توفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق محبوسًا، بعد مرض أصابه بضعة وعشرين يومًا، فاشتد أسف الناس عليه.. قيل : إن عدد مَن حضر جنازته يزيد على نحو خمسمائة ألف، وإنه لم يسمع بجنازة حضرها مثل هذا الجمع، إلا جنازة الإمام أحمد رحمه الله.هنا . =>
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق