الخميس، 24 أبريل 2014

هجر الترفه

المتن
10- هجر الترفه:
لا تسترسل في ( التنعم والرفاهية )، فإن البذاذة من الايمان
وخذ بوصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كتابه المشهور، وفيه
"وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا
شرح الشيخ
يقول لا تسترسل في التنعم والرفاهية
... وهذه نصيحة تقال لطالب العلم ولغيره
, لان الاسترسال في ذلك مخالف لإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم
فقد كان ينهى عن كثرة الارفاه
ويأمر بالاحتفاء أحيانا
, والانسان الذي يعتاد الرفاهية يصعب عليه معالجة الأمور
لأنه قد تأتيه الأمور على وجه لا يتمكن معه من الرفاهية ومثال ذلك:
ان النبي صلى الله عليه وسلك كان يأمر بالاحتفاء أحيانا
, بعض الناس لا يحتفون
دائما عليه جورب وخف أو نعل ولا تجده يمشي
, هذا الرجل لو عرض له عرض ٌ ما
, متر بدون تنعل500 وقيل له تمشي
لوجدت ذلك يشق عليه مشقة عظيمة
, وربما تدمى قدمه من مماسة الأرض
لكن لو عوَّد نفسه على الخشونة وترك الترفه دائما
لحصل له خير كثير
ثم إن البدن إذا لم يعتاد على مثل هذه الأمور لم يكن عنده مناعة
, فتجده يتألم من أي شئ من ذلك
, فمثلا تجد الآن أيدي العمال أقوى بكثير من أيدي طلبة العلم
لأنها اعتادت على ذلك
وكان العمال فيما سبق يتعاملون مع الطين واللبن إذا مسست أيديهم كأنما مسست حجرا من خشونتها
وربما لو أنه ضم أصابعه على يدك لآلمك كثيرا
فترفيه الإنسان نفسه كثيرا لا شك ضرر عليه كبير
قوله: البذاذة من الايمان
ما هي البذاذة ؟؟؟
عدم التنعم والترفه
, وهي ليست البذاءة
, هناك فرق بينهما
البذاءة صفة غير محمودة
أما البذاذة فهي صفة محمودة
يقول أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كتابه المشهور، وفيه
وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا
هذه الجمله تحذيرية
لأن العرب عندهم جمل تحذيرية وعندهم جمل إغرائية
.فإن وردت في مطلوب فهي إغراء
وإن وردت في محذور فهي تحذير
فلو قلت لشخص: الأسد الأسد.
هذا تحذير
وإن قلت : الغزال الغزال.
هذا إغراء
أما ( إيَّا) فهي للتحذير .
قال أبو مالك إياك والشر ونحوه ،نصب بما استجار وجر
ومعنى إياكم: احذركم .
والتنعم: الواو للعطف وقيل للمعية والمعنى :
أحذركم أن تكونوا مع التنعم
باللباس أو البدن , والمراد بذلك كثرته
لأن التنعم بما أحل الله على وجه لا إسراف فيه
من الأمور المحمودة بلا شك
ومن ترك التنعم بما أحل الله من غير سبب شرعي
هو مذموم
أما قوله زي العجم
ما هو زي العجم ؟؟؟ هو شكله
سواء كان باللحية أو شعر الرأس أو اللباس
...فإننا منهون عن زي العجم
وليس المقصود بالعجم أمة ايران
والمراد بالعجم كل ما سوى العرب فيدخل فيه الأوروبيون والشرقيون في آسيا وغيرها
لا نسبالكن المسلم من العجم التحق بالأعرابي حكما
لأنه اقتدى بمن بعث في الأميين رسولا
صلى الله عليه وسلم
تمعددوا: معد بن عدنان أعلى أشجارالرسول صلى الله عليه وسلم في النسب وهو لا شك من صميم العرب أي كأنه يقول اتركوا زي العجم وعليكم زي العرب ( معد بن عدنان )
اخشوشنوا:
هو من الخشونة التي هي ضد الليونة والتنعم
وكل هذا وصايا نافعة من عمر رضي الله عنه
, لو أن الناس عملوا بها
, سواء طلبة العلم أو غيرهم
, لكان في هذا خير كثير
لكن الآن في البلاد التي منَّ الله عليها بالأمن وطيب العيش وكثرة المال
صار الأمر بالعكس
التنعم موجود ولا يعجب الإنسان إلا أن يركب مركبا مريحا ويبني قصرا مشيدا
ولهذا كثرت الأمراض التي تترتب على عدم الحركة
وعدم القدرةكالسمنة والضغط وضيق التنفس
غيرها
تجد الشاب اذا صعد جبلا لا ينتصف الجبل إلا وقد انقطع نفسه
وانت تكون مستريح لأنك متعود على ذلك وهو لا مع أنه شاب
كذلك الأمر
زي العجم موجود يترقبون كل موضة تخرج حتى يقلدوها
, وقد أتعبت النساء رجالها تجدها تأتي الصباح بلباس نظيف ساتر
, ثم تنزل آخر النهار الى السوق فإذا بموضة جديدة
, تجدها تريد ان تشتريه مع أنه أضيق وأسوأ من الأول
, لكن هذا جديد تريد شراؤه
, خصوصا من منَّ الله عليها بالمال
فلا يهمها تشتر ما تريد
وهذا غلط
كذلك المجلات التي كثرت بين أيدي النساء تسمى البردة
تأخذها وتنظر ما فيها حتى ولو كان لا يتناسب مع اللباس الشرعي
لكنه جديد ؟ نسأل الله السلامة والهداية
المتن
وعليه، فازور عن زيف الحضارة، فإنه يؤنث الطباع، ويرخى الأعصاب، ويقيدك بخيط الأوهام، ويصل المجدون لغاياتهم وأنت لم تبرح مكانك، مشغول بالتأنق في ملبسك، وإن كان منها شيات ليست محرمة ولا مكروهة، لكن ليست سمتاً صالحاً، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على انتماء الشخص، بل تحديد له، وهل اللباس إلا وسيلة التعبير عن الذات؟!
فكن حذراً في لباسك، لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق، ولهذا قيل
الحلية في الظاهر تدل على ميل في الباطن، والناس يصنفونك من لباسك، بل إن كيفية اللبس تعطي للناظر تصنيف اللابس من:
الرصانة والتعقل
أو التمشيخ والرهبنة
.أو التصابي وحب الظهور
فخذ من اللباس ما يزينك ولا يشينك، ولا يجعل فيك مقالا لقائل، ولا لمزا للامز، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية لبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعي، كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك، بل بحسن نيتك يكون قربة، إنه وسيلة إلى هداية الخلق للحق
وفي المأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه
أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب
أي ليعظم في نفوس الناس، فيعظم في نفوسهم ما لديه من الحق
والناس - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كأسراب القطا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض
فإياك ثم إياك من لباس التصابي، أما اللباس الإفرنجي، فغير خاف عليك حكمه، وليس معنى هذا أن تأتى بلباس مشوه، لكنه الاقتصاد في اللباس برسم الشرع، تحفه بالسمت الصالح والهدي الحسن.
وتطلب دلائل ذلك في كتب السنة الرقاق، لا سيما في
للخطيبالجامع
ولا تستنكر هذه الإشارة، فما زال أهل العلم ينبهون على هذا في كتب الرقاق والآداب واللباس والله اعلم .
شرح الشيخ
هو لما ذكر
هجر الترفه ، أطنب في ذكر اللباس, وفقه الله
لأن اللباس الظاهر عنوان على اللباس الباطن
ولهذا يمر بك رجلان كلاهما عليه ثوب مثل الآخر
فتزدري أحدهما ولا تهتم بالآخر
تزدري باللباس ان يكون على غير هذا المنظر
. إما بالكيفية أو باللون أو بالخياطة أو غير ذلك
, والثاني لا ترفه به رأسا ولا ترى بلباسه بأسا
لأن لكل قالب ما يناسبه
مثلا لبس العقال
في الأصل لا بأس فيه
, وبعضهم يقول أنه العمامة العصرية
وعمامة الرسول عليه الصلاة والسلام لفافة تطوى على الرأس
لكن هذا مطوي جاهز ليس عليك إلا أن تضعه على رأسك ، عمامه ميسرة
( العقل ) بيضاء لتكون كالعمامة تماما.ولهذا كان بعض الناس فيما سبق يجعلون
وهذه العقل لا يلبسها كل الناس على حد سواء
مثلا يمر بك رجلان كلاهما يلبسان العقال أحدهما تزدريه والثاني لا تهتم به
لأن الأول لبس ما لا يلبسه مثله والثاني لبس ما يلبسه مثله ولا تهتم به
وايضا مثلا مر بك رجلان أحدهما ميكانيكي عليه بنطلون والآخر عالم أيضا عليه بنطلون في بلد لا يلبس العلماء فيه مثله تجد نفسك تزدري الثاني ولا تزدري الأول
المهم أن الشيخ وفقه الله
, يقول أن بعض الناس يكون مشغولا بالتأنق في ملابسه
, حتى وإن كانت مباحة
, فلا ينبغي أن يكون أكبر همك الهندمة والتأنق في اللباس
, كالتأنق في لبس الغترة وأجعلها مرزاب لما مرزابين أو ثلاثة ..
لا تهتم لذلك
, ولكن أيضا لا تكون بالعكس
, لا تهتم بنفسك ولا بلباسك
, وقد سبق أن التجمل باللباس مما يحبه الله عز وجل
, وهذا عمر رضي الله عنه يقول
أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب
لأنه جمال, وقول الشيخ بكر أبو زيد ,وفقه الله
وقول الشيخ محمد بكر ابو زيد
لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق
هذا أيضا صحيح ،لأن كل إنسان قد يزن من لاقاه بحسب ما عليه من اللباس
كما يزنه بالنسبة لحكاته وكلامه وأقواله
وخفته ورزانته كذلك في اللباس
والناس مجبولون على التشبه بعضهم ببعض
ولذلك إذا ظهر نوع جديد من اللباس تجد الناس يتطايرون عليه فما تلبث أن يسع الناس كلهم
ثم حذر من لباس التصابي
وهو أن يلبس الشيخ الكبير سنا ما يلبسه الصبيان
من رقيق الثياب وما أشبه ذلك فهذه من الامور التي لا ينبغي للانسان أن يمارسها
أما اللباس الإفرنجي فغير خاف عليك حكمه
ما هو حكمه ؟
التحريم
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم
لكن ما هو اللباس الافرنجي ؟؟
هو اللباس المختص بهم بحيث لا يلبسه غيرهم
وإذا رآه الرائي قال إن لابسه من الإفرنج
, وأما ما كان شائعا بين الناس
, من الإفرنج وغيرهم
, فهذا لا يكون من التشبه
لكن من جهة أخرى قد يحرم كأن يكون حريرا بالنسبة للرجال
أو قصيرا بالنسبة للنساء وما أشبه ذلك
ولما خاف الشيخ بكر ان يذهب الذهن بعيدا قال
وليس معنى هذا أن تأتي بلباس مشوه
كما بفعله بعض الناس اظهارا للزهد
.تجد ثوبه مشق ومتسخ لا يهتم به
, يقول أنا مآلي للتراب والأرض تأكل البدن
الانسان يجب ان يعتني بنفسه ولا يأتي بهزءا في حقه
لأن الانسان مأمور أن يدفع الغيبة عن نفسه
رحم الله امرئ كف الغيبة عن نفسه
*********************************************** 


خطر الرفاهية على الدين
للشيخ ابن عثيمين رحمه الله



المقطع من شرحه -رحمه الله- لرياض الصالحين (الشريط 17)


التفريغ :

ومع هذا؛ فإن الناس كلما ازادوا في الرفاهية، وكلما انفتحوا على الناس؛ انفتحت عليهم الشرور، فالرفاهية هي التي تدمر الإنسان؛ لأن الإنسان إذا نظر إلى الرفاهية وتنعيم جسده؛ غفل عن تنعيم قلبه، وصار أكبر همه أن ينعم هذا الجسد الذي مآله إلى الديدان والنتن، وهذا هو البلاء، وهذا هو الذي ضر الناس اليوم، لا تكاد تجد أحداً إلا ويقول: ما قصرنا ؟ ما سيارتنا ؟ ما فرشنا ؟ ما أكلنا ؟ حتى الذين يقرءون العلم ويدرسون العلم، بعضهم إنما يدرس لينال رتبة أو مرتبة يتوصل بها إلى نعيم الدنيا. وكأن الإنسان لم يخلق لأمر عظيم، والدنيا ونعيمها إنما هي وسيلة فقط. نسأل الله أن نستعمله وإياكم وسيلة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - ما معناه: ينبغي على الإنسان أن يستعمل المال كما يستعمل الحمار للركوب، وكما يستعمل بيت الخلاء للغائط .
فهؤلاء هم الذين يعرفون المال ويعرفون قدره، لا تجعل المال أكبر همك، اركب المال، فإن لم تركب المال ركبك المال، وصار همك هو الدنيا.

ولهذا نقول: إن الناس كلما انفتحت عليهم الدنيا، وصاروا ينظرون إليها، فإنهم يخسرون من الآخرة بقدر ما ربحوا من الدنيا، قال النبي : ( والله ما الفقر أخشى عليكم ) يعني ما أخاف عليكم الفقر، فالدنيا ستفتح ( ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوا كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتكم ) (*)، وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا الذي أهلك الناس اليوم، الذي أهلك الناس اليوم التنافس في الدنيا، وكونهم كأنهم إنما خلقوا لها لا أنها خلقت لهم، فاشتغلوا بما خلق لهم عما خلقوا له، وهذا من الانتكاس -نسأل الله العافية-.

________
(*) أخرجه البخاري ، كتاب المغازي ، باب رقم (12) حديث رقم (4015) ، ومسلم ، كتاب الزهد ، باب الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، رقم (2961) .




وذلك عند شرحه الحديث التالي
 92 ـ السادس : عن الزبير بن عدي قال : أتينا أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج . فقال : ( اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري( 
(33)  أخرجه البخاري  ، كتاب الفتن ، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه ، رقم (  
7068) . 

========


92 ـ السادس : عن الزبير بن عدي قال : أتينا أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج . فقال : ( اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري(33) .
 
(33)  أخرجه البخاري  ، كتاب الفتن ، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه ، رقم ( 7068

الشرح
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ فيما نقله عن الزبير بن عدي ؛ أنهم أتوا إلى أنس بن مالك رضي الله عنه ؛ خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان قد عمر ، وبقى إلى حوالي تسعين سنة من الهجرة النبوية ، وكان قد أدرك وقته شيء من الفتن ، فجاءوا يشكون إليه ما يجدون من الحجاج بن يوسف الثقفي ؛ أحد الأمراء لخلفاء بني أمية ، وكان معروفاً بالظلم وسفك الدماء ، وكان جباراً عنيداً والعياذ بالله .
وهو الذي حاصر مكة لقتال عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ، وجعل يرمي الكعبة بالمنجنيق ؛ حتى هدمها أو هدم شيئاً منها ، وكان قد آذى الناس ، فجاءوا يشكون إلى أنس بن مالك رضي الله عنه ، فقال لهم أنس رضي الله عنه : اصبروا ؛ أمرهم بالصبر على جور ولاة الأمور ، وذلك لأن ولاة الأمور قد يسلطون على الناس ؛ بسبب ظلم الناس ، كما قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129) .
فإذا رأيت ولاة الأمور قد ظلموا الناس في أموالهم ، أو في أبدانهم ، أو حالوا بينهم وبين الدعوة إلى الله عز وجل ، أو ما أشبه ذلك ؛ ففكر في حال الناس ؛ تجد أن البلاء أساسه من الناس ، هم الذين انحرفوا ؛ فسلط الله عليهم من سلط من ولاة الأمور ، وفي الأثر ـ وليس بحديث ـ كما تكونون يولى عليكم .

ويذكر أن بعض خلفاء بني أمية ـ وأظنه عبد الملك بن مروان ـ جمع وجهاء الناس ؛ لما سمع أن الناس يتكلمون في الولاية ، جمع الوجهاء وقال لهم : أيها الناس ، أتريدون أن نكون لكم كما كان أبو بكر وعمر ؟
قالوا : بلى نريد ذلك ، قال : كونوا كالرجال الذين تولى عليهم أبو بكر وعمر ؛ لنكون لكم كأبي بكر وعمر ، يعني أن الناس على دين ملوكهم ، فإذا ظلم ولاة الأمور الناس ؛ فإنه غالباً يكون بسبب أعمال الناس .
وجاء رجل من الخوارج إلى على بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وقال : ما بال الناس انتقضوا عليك ولم ينتقضوا على أبي بكر وعمر ، قال : لأن رجال أبي بكر وعمر أنا وأمثالي ، ورجالي أنت وأمثالك ؛ يعني أن الناس إذا ظلموا سلطت عليهم الولاة .
ولهذا قال أنس : اصبروا ، هذا هو الواجب ، الواجب أن يصبر الإنسان ، ولكل كربة فرجة ، لا تظن أن الأمور تأتي بكل سهولة ، الشر ربما يأتي بغتة ويأتي هجمة ، ولكنه لن يدال على الخير أبداً ، ولكن علينا أن نصبر ، وأن نعالج الأمور بحكمة ، لا نستسلم ولا نتهور ، نعالج الأمور بحكمة وصبر وتأن ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (آل عمران:200) ، إن كنت تريد الفلاح فهذه أسبابه وهذه طرقه ؛ أربعة أشياء : ( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .
ثم قال أنس بن مالك : فإنه لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده أشر منه ، حتى تلقوا ربكم ، سمعته من نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم . يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده أشر منه ) . شر منه في الدين ، وهذا الشر ليس شراً مطلقاً عاماً ، بل قد يكون شراً في بعض المواضع ، ويكون خيراً في مواضع أخرى وهكذا .
ومع هذا ؛ فإن الناس كما ازادوا في الرفاهية ، وكلما انفتحوا على الناس ؛ انفتحت عليهم الشرور ، فالرفاهية هي التي تدمر الإنسان ؛ لأن الإنسان إذا نظر إلى الرفاهية وتنعيم جسده ؛ غفل عن تنعيم قلبه ، وصار أكبر همه أن ينعم هذا الجسد الذي مآله إلى الديدان والنتن ، وهذا هو البلاء ، وهذا هو الذي ضر الناس اليوم ، لا تكاد تجد أحداً إلا ويقول : ما قصرنا ؟ ما سيارتنا ؟ ما فرشنا ؟ ما أكلنا ؟ حتى الذين يقرءون العلم ويدرسون العلم ، بعضهم إنما يدرس لينال رتبة أو مرتبة يتوصل بها إلى نعيم الدنيا . وكأن الإنسان لم يخلق لأمر عظيم ، والدنيا ونعيمها إنما هي وسيلة فقط . نسأل الله أن نستعمله وإياكم وسيلة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ما معناه : ينبغي على الإنسان أن يستعمل المال كما يستعمل الحمار للركوب ، وكما يستعمل بيت الخلاء للغائط .
فهؤلاء هم الذين يعرفون المال ويعرفون قدره ، لا تجعل المال أكبر همك ، اركب المال ، فإن لم تركب المال ركبك المال ، وصار همك هو الدنيا .
ولهذا نقول : إن الناس كلما انفتحت عليهم الدنيا ، وصاروا ينظرون إليها ، فإنهم يخسرون من الآخرة بقدر ما ربحوا من الدنيا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله ما الفقر أخشى عليكم ) يعني ما أخاف عليكم الفقر ، فالدنيا ستفتح . ( ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوا كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتكم )(34) 
 - *أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَثَ أبا عُبيدَةَ بنَ الجَرَّاحِ إلى البَحرَينِ يأتي بجِزيَتِها، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟و صالَحَ أهلَ البَحرَينِ وأمَّرَ عَلَيهمُ العلاءَ بنَ الحَضرَميِّ، فقَدِمَ أبو عُبيدَةَ بمالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فسمِعَتِ الأنصارُ بِقُدومِهِ، فوافَت صلاةَ الصُّبْحِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلما انصَرَف تَعَرَّضوا له، فتَبَسَّم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين رآهُم وقال : ( أظُنُّكُم سَمِعتُم بِقُدومِ أبي عُبيدَةَ، وأنه جاء بشيءٍ ) . قالوا : أجل يا رسولَ اللهِ، قال : ( فأبْشِروا وأمِّلُوا ما يَسُرُّكم، فواللَّهِ ما الفقرَ أخشَى عليكم، ولكن أخشَى عليكم أن تُبسَطَ عليكمُ الدُّنْيا، كما بُسِطَتْ علَى مَن كان قبلكم، فَتَنافَسوها كما تَنافَسوها، وتُلْهيَكُم كما ألهَتْهُمْ ) .
 
الراوي: عمرو بن عوف المزني المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6425
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] 
، وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام ، هذا الذي أهلك الناس اليوم ، الذي أهلك الناس اليوم التنافس في الدنيا ، وكونهم كأنهم إنما خلقوا لها لا أنها خلقت لهم ، فاشتغلوا بما خلق لهم عما خلقوا له ، وهذا من الانتكاس نسأل الله العافية .
وفي هذا الحديث وجوب الصبر على ولاة الأمور وإن ظلموا وجاروا ، لأنك سوف تقف معهم موقفاً تكون أنت وإياهم على حد سواء ؛ عند ملك الملوك ، سوف تكون خصمهم يوم القيامة إذا ظلموك ، لا تظن أن ما يكون في الدنيا من الظلم سيذهب هباءً أبداً ، حق المخلوق لابد أن يؤخذ يوم القيامة ؛ فأنت سوف تقف معهم بين يدي الله ـ عز وجل ـ ليقضي بينكم بالعدل ، فاصبر وانتظر الفرج ، فيحصل لك بذلك اطمئنان النفس والثبات ، وانتظار الفرج عبادة ، تتعبد لله به ، وإذا انتظرت الفرج من الله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً )(35) .
وفي هذا التحذير من سوء الزمان ، وأن الزمان يتغير ، ويتغير إلى ما هو أشر . وقد قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ذات يوم لأصحابه : ( من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً )(36) وأظن أننا ـ وعيشنا في الدنيا قليل بالنسبة لمن سبق ـ نرى اختلافاً كثيراً . رأينا اختلافاً كثيراً بين سنين مضت وسنين الوقت الحاضر .
حدثني من أثق به ؛ أن هذا المسجد ـ مسجد الجامع ـ كان لا يؤذن لصلاة الفجر إلا وقد تم الصف الأول ، يأتي الناس إلى المسجد يتهجدون ، أين المتهجدون اليوم إلا ما شاء الله ؟ . قليل !! تغيرت الأحوال ، كنت تجد الواحد منهم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( كالطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً )(37) إذا أصبح يقول : اللهم ارزقني ، قلبه معلق بالله ـ عز وجل ـ فيرزقه الله ، وأما الآن ، فأكثر الناس في غفلة عن هذا الشيء ، يعتمدون على من سوى الله ، ومن تعلق شيئاً وكل إليه .
نعم في الآونة الأخيرة ـ والحمد لله ـ لا شك أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ فتح على الشباب فتحاً ؛ أسأل الله تعالى أن يزيدهم من فضله ، فتح عليهم وأقبلوا إلى الله ، فتجد بين سنواتنا هذه الأخيرة ، والسنوات الماضية بالنسبة للشباب فرقاً عظيماً ، قبل نحو عشرين سنة ؛ كنت لا تكاد تجد الشباب بالمسجد ، أما الآن ـ ولله الحمد ـ فأكثر من في المسجد هم الشباب ، وهذه نعمة ولله الحمد ، يرجو الإنسان لها مستقبلاً زاهراً ، وثقوا أن الشعب إذا صلح فسوف تضطر ولاة أموره إلى الصلاح مهما كان فنحن نرجو لإخواننا في غير هذه البلاد ـ الذين من الله ـ عليهم بالصلاح واستقاموا على الحق ـ أن يصلح لهم الولاة ، ونقول : اصبروا فإن ولاتكم سيصلحون رغماً عنهم ، فإذا صلحت الشعوب ؛ صلحت الولاة بالاضطرار .
نسأل الله أن يصلح للمسلمين ولاة أمورهم وشعوبهم ؛ إنه جواد كريم .
*********** 

- كتب إلينا عمرُ ونحن بأذرِبيجانَ : يا عتبةُ بنَ فرقدٍ ! إنه ليس من كدِّكَ ولا من كَدِّ أبيك ولا من كدِّ أمِّكَ . فأشبِعِ المسلمين في رِحالهم ، مما تشبعُ منه في رَحلِكَ ، وإياكم والتَّنعمَ ، وزيَّ أهلِ الشركِ ، ولبوسَ الحريرِ ! فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نهى عن لُبوسِ الحريرِ . قال إلا هكذا . ورفع لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إصبعَيه الوُسطى والسبَّابةِ وضمَّهما . قال زهيرٌ : قال عاصمٌ : هذا في الكتابِ قال ورفع زهيرٌ إصبعَيهِ .
الراوي: عبدالرحمن بن مل النهدي أبو عثمان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2069
خلاصة حكم المحدث: صحيح 
*********** 
عن القعقاع بن أبي حدردٍ مرفوعًا
ما صحة حديث : تمعددوا، واخشوشنوا ، وانتعلوا ، وامشوا حفاةً؟
  حديث ضعيف جدا

ضعيف جدّا

أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6061)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (4/2361) عن صفوان بن عيسى، والطبراني في «الكبير» (ج19/ رقم 84)، وأبو نعيم في «المعرفة» (5801)، وأبو الشيخ في «كتاب السبق»، وابن شاهين في «الصحابة» عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (1655، 1987)، ومن طريقه أبو نعيم في «المعرفة» (5800) عن إسماعيل بن زكريا ثلاثتهم عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن القعقاع بن أبي حدردٍ مرفوعًا به.ووقع عند البغوي: «ابن أبي حدردٍ» غير مسمى. وسمَّاه البغوي مرة «عبد الله» ومرة: «قعقاع».ونقل السيوطي في «الجامع الكبير» (12850/526) عن ابن عساكر قال: «اعتقد البغوي أن ابن أبي حدردٍ، هو عبد الله فأخرجه في ترجمته، وإنما هو القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد، وكذلك رواه صفوان بن عيسى ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عبد الله بن سعيد المقبري، فيكون الحديثُ مرسلاً؛ لأن القعقاع لا صحبة له، وعبد الله بن سعيد ضعيف بمرة». انتهى.قلت: وقد اختلف في إسناده، فرواه صفوان بن عيسى، ويحيى بن زكريا، وإسماعيل بن زكريا ثلاثتهم عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن القعقاع ابن أبي حدْردٍ.وخالفهم عبد الرحيم بن سليمان فرواه عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن رجل من أسلم يقال له: ابنُ الأدرع مرفوعًا فذكره.أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2386)، والرامهرمزي في «الأمثال» (136) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرميّ، قالا: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وهذا في «المصنف» (9/22)، وفي «المسند» (597) قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان بهذا.وأخرجه الطبراني في «الكبير» (ج22/ رقم 885) من طريق سعيد بن سليمان، عن إسماعيل بن زكريا، عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي حدْردٍ مرفوعًا، وهذا اضطرابٌ شديد، وآفته عبد الله بن سعيد فإنه واهٍ، متروك الحديث.وقد صحَّ هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: «أمَّا بعدُ، فاتزروا وارتدوا، وانتعلوا وارموا بالخفاف، واقطعوا السراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل، وإيَّاكم والتنعم وزيّ الأعاجم، وعليكم بالشمس، فإنها حمام العرب، وتمعددوا، واخشوشنوا، واخلولقوا، وارموا الأغراض، وانزوا نزوًا، والنبي صلى الله عليه و سلم نهانا عن الحرير إلا هكذا: أصبعيه، السبابة والوسطى، قال: فما علمنا أنه يعني إلا الأعلام».أخرجه أبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1030) قال: حدثنا عليّ بنُ الجعد. وابنُ حبان (5454) عن عيسى بن يونس عن شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: أتانا كتاب عمر، ونحن بأذريبجان مع عتبة بن فرقد: «أما بعدُ... إلخ».وأخرجه البغوي أيضًا (1031) قال: حدثنا علي بن الجعد، والبيهقي (10/14) عن آدم بن أبي إياس، عن شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي عن عمر نحوه وزاد: «وتعلموا العربية».وتوبع شعبة على هذا الوجه. فأخرجه البخاري في «اللباس» (10/284)، ومسلم (2069/12) عن زهير بن معاوية وأحمد (1/43) قال: حدثنا يزيد بن هارون، وأبو يعلى (213) عن حماد بن سلمة ثلاثتهم عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن عمر نحوه مطوَّلاً ومختصرًا. وأخرجه أبو عبيد في «غريب الحديث» (3/325) قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي العدبَّس الأسدي، عن عمر نحوه.وأبو العدبَّس فيه جهالة.وأخرجه البخاري (10/284) عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان قال: كنا مع عتبة- يعني: ابن فرقد- فكتب إليه عمرُ. فذكر بعضه مرفوعًا: «لا يلبس الحرير في الدنيا، إلا لم يُلبس منه شيء في الآخرة

هنا 
قال الإمام العجلوني رحمه الله في كشف الخفاء :
والمشهور على الألسنة "اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم " فليراجع اهـ .

قلت : لا أصل له بهذا اللفظ ، ومعناه صحيح .

هنا 
تقشفوا واخشوشنو فإن النعمة لن تدوم هذا الحديث ثابت من قول عمر رضي الله عنه
السحيم
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق