الجمعة، 13 سبتمبر 2013

طلب العلم من أجل العبادات

طلب العلم  من أجل العبادات

السؤال: أنا شاب في الثامنة عشرة من العمر وقد رغبت في طلب العلم فقيل لي إن العبادة أفضل من طلب العلم، فما توجيهكم لي حفظكم الله؟
الإجابة: الحمد لله؛ طلب العلم الشرعي علمِ الكتاب والسنة عبادة، بل من أجل العبادات التي يتقرب بها إلى الله، والعلم هو الطريق لمعرفة العبادات التي يحبها الله، ومعرفة ما يصححها ويكملها، وما يفسدها ويبطلها، وبالعلم الشرعي يعرف العبد ربه بأسمائه وصفاته، ويعرف الطريق الموصل إليه، وذلك بمعرفة ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال، أو ما يسخطه ويبغضه، فيعرف الحلال والحرام والخير والشر، وبالعلم تكون الدعوة إلى الله وهداية الخلق بتعليمهم ما بعث اللهُ به رسولَه صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، فمن علم وعمل وعلَّم فذلك الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "فذلك مثل من فَقُه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به من الهدى والعلم، فعلم وعلَّم 1" وبالعلم يعرف المؤمن ما أعد الله للعاملين من الجزاء ثوابا أو عقابا، وطلب العلم لا يمنع من أداء الفرائض، ومن أداء النوافل المؤكدة بل يعين على ذلك، وبهذا يكون المسلم عالما عابدا، وهذا هو الصراط المستقيم، صراط المنعَم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فهم الذين علموا وعملوا، عرفوا الحق واتبعوه، وعرفوا الباطل واجتنبوه، فعبدوا الله على علم وبصيرة، فكانوا راشدين ومهتدين، غير مغضوب عليهم ولا ضالين، فسبيل المغضوب عليهم سبيل الغاوين، وهم الذين علموا ولم يعملوا بعلمهم، والضالون هم الذين عملوا بلا علم، فعبدوا الله بأهوائهم، فالعلم والإيمان نور وهدى ورشاد، وبه الهدى والفلاح، ومن سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة2، والله أعلم.
26-7-1431
هـ 8-7-2010

المصدرهنا

1
- مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللهُ به من الهُدَى والعِلْمِ، كمَثَلِ الغيثِ الكثيرِ أصاب أرضًا، فكان منها نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ الماءَ، فأَنْبَتَتِ الكَلَأَ والعُشْبَ الكثيرَ، وكانت منها أجادِبُ، أَمْسَكَتِ الماءَ، فنفع اللهُ بها الناسَ، فشَرِبُوا وسَقَوْا وزرعوا، وأصابت منها طائفةً أخرى، إنما هي قِيعانٌ لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلَأً، فذلك مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللهِ، ونفعه ما بعثني اللهُ به فعَلِمَ وعَلَّمَ، ومَثَلُ من لم يَرْفَعْ بذلك رأسًا، ولم يَقْبَلْ هُدَي اللهِ الذي أُرْسِلْتُ به .
الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم :- 79خلاصة حكم المحدث: صحيح



فقه الحديث 




وقفات مع حديث( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم )

علي بن عبدالعزيز الراجحي
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مثل ما بعثني اله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً ، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت الكلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به) .
( رواه البخاري ، كتاب العلم ، باب فضل من علم وعلم 1/175 ، ومسلم كتاب الفضائل ، باب بيان مثل ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، في 4/787 برقم 2282)

الراوي هو الصحابي الجليل ، الإمام الكبير ، عبد الله بن قيس بن سليم ، أبو موسى الأشعري ، الفقيه ، المقرئ ، أقرأ أهل البصرة ، وفقههم في الدين ، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( اللهم أغفر لعبد الله بن قيس ذنبه ، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريماً) (رواه البخاري باب غزاة أوطاس 8/41 ومسلم باب فضائل أبي موسى برقم 2498) هنا 


فقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى ناحية في اليمن ، يدعو الناس ويعلمهم ويفقههم في الدين ، هاجر إلى الحبشة ، وقدم منها ليالي خيبر ، وشارك فيما بعدها من الغزوات ، قال الذهبي : وقد كان أبو موسى صواماً قواماً ربانياً زاهداً عابداً ، ممن جمع العلم والعمل والجهاد وسلامة الصدر ، لم تغيره الإمارة ولا اغتر بالدنيا . توفي رضي الله عنه سنة اثنتين وأربعين ، وقيل سنة ثلاث وأربعين.(سير أعلام النبلاء 2/380 ، وتهذيب التهذيب 5/249) 
 
والهدى هو الدلالة الموصلة إلى المطلوب.

2ـ لا غنى لأي مسلم عن العلم ، إذ به يعرف دينه ، وكيف يؤدي عبادة ربه ، وكيف تقوم علاقته مع الناس ، فحاجة الناس للعلم أشد من حاجتهم إلى المطر ، وما ارتفع فرد أو أفراد إلا بالعلم ، وقد تضافرت النصوص الشرعية على ذلك.
3ـ الرسول صلى الله عليه وسلم معلم البشرية ، وإمام المعلمين يعطي درساً في أسلوب التعليم ، ذلكم هو ضرب الأمثال لتقريب الفكرة لدى السامعين ، فالرسول صلى الله عليه وسلم هنا يشبه الناس بالأرض ، ويشبه العلم بالغيث ، والناس يعرفون عمل الغيث بالأرض ويعيشونه . فعلي المعلم والمربي أن يسلك الأساليب المقربة للعلم لدى أبنائه وطلابه.
4ـ قدرات الناس مختلفة ، وتقبلهم متفاوت ، ولذلك كانوا أقساماً في تقبلهم للعلم ، وعلى المسلم أن يحرص أن يكون من القسم الأعلى الذي يستقبل العلم ويعمل به وينشره بين الناس.
5ـ جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الناس في تقبلهم للعمل ثلاث درجات:
أـ الدرجة الأولى : من تقبل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وعلمه وعمل بما فيه ، وعلم الناس ، فهؤلاء هم أفضل الناس لأنهم انتفعوا في أنفسهم ونفعوا غيرهم.
ب ـ الدرجة الثانية: من تقبل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وحمله إلى الناس فانتفعوا به ، لكنه لم يتفقه فيه ، وقل اجتهاده في العمل به.
ج ـ الدرجة الثالثة: من لم يستفد مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعمل به أو ينقله إلى الناس ، وهؤلاء مذمومون على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم.
ونقية بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء ، والمراد بها سهلة طيبة.
والكلأ بالهمزة بلا مد ، وهو النبات الرطب واليابس ، أما العشب فهو الرطب دون اليابس .
و أجادب جمع جدب ، وهي الأرض الصلبة التي لا ينضب منها الماء.
فنفع الله بها: أي بالأرض الأجادب التي أمسكت الماء.
وزرعوا : وفي رواية ( ورعوا ) من الرعي ، قال النووي : وكلاهما صحيح.
قيعان: بكسر القاف ، جمع قاع ، وهي : الأرض المستوية الملساء التي لا تنبت.
ومثل من لم يرفع بذلك رأساً: كناية عمن جاءه العلم فلم يحفظه ولم يعمل به ولم ينقله إلى غيره.

من أحكام الحديث :
1
ـ العلم الشرعي : وهو العلم المستنبط من الكتاب والسنة وما يتعلق بهما رأس العلوم وأفضلها ، حري بأن يتسابق إليه الجادون والحريصون استجابة لترغيب الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، فجعل أهل الفقه في الدين كالغيث الذي نفع الأرض فاستفاد منه الناس ، يقول تعالى : (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)، (سورة الزمر آية 9). ويقول سبحانه مادحاً أهل العلم الذين هم أهل خشية الله : (إنما يخشى الله من عباده العلمؤا) (سورة فاطر آية 28) ويقول صلى الله عليه وسلم: (فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب). (رواه أبو داود في السنن ، كتاب العلم ، باب الحث على طلب العلم 2/341 ، رقم الحديث (3641) ، والترمذي ، كتاب العلم باب ما جاء في فضل الفقه 5/46 ، رقم الحديث (2681) .
هنا 

************
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى :


الوجه الثاني والاربعون:

ما في الصحيحين أيضا من حديث ـ أبي موسى رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله "إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا ،وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لاتمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به""

شبّه العلم والهدى الذي جاء به بالغيث لما يحصل بكل واحد منهما من الحياة والنفع والأغذية والأدوية وسائر مصالح العباد، فإنها بالعلم والمطر وشبّه القلوب بالأراضي التي وقع عليها المطر لأنها المحل الذي يمسك الماء فينبت سائر أنواع النبات النافع .

كما أن القلوب تعي العلم فيُثمر فيها ويزكو وتظهر بركته وثمرته. ثم قسم الناس إلى ثلاثة أقسام بحسب قبولهم واستعدادهم لحفظه وفهم معانيه واستنباط أحكامه واستخراج حكمه وفوائده.

أحدها أهل الحفظ والفهم الذين حفظوه وعقلوه وفهموا معانيه واستنبطوا وجوه الأحكام والحكم والفوائد منه، فهؤلاء بمنزلة الأرض التي قبلت الماء ،وهذا بمنزلة الحفظ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وهذا هو الفهم فيه والمعرفة والاستنباط، فإنه بمنزلة إنبات الكلأ والعشب بالماء، فهذا مثل الحفاظ الفقهاء أهل الرواية والدراية.

القسم الثاني أهل الحفظ الذين رزقوا حفظه ونقله وضبطه ولم يرزقوا تفقها في معانيه ولا استنباطا ولا استخراجا لوجوه الحكم والفوائد منه، فهم بمنزلة من يقرأ القرآن ويحفظه ويراعي حروفه وإعرابه ولم يرزق فيه فهما خاصا عن الله كما قال على ابن أبي طالب رضى الله عنه" إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه" والناس متفاوتون في الفهم عن الله ورسوله أعظم تفاوت فرب شخص يفهم من النص حكما أو حكمين ويفهم منه الآخر مائة أو مائتين فهؤلاء بمنزلة الأرض التي أمسكت الماء للناس فانتفعوا به، هذا يشرب منه وهذا يسقى وهذا يزرع فهؤلاء القسمان هم السعداء والأولون أرفع درجة وأعلى قدرا ،وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

القسم الثالث : الذين لا نصيب لهم منه لا حفظا ولا فهما ولا رواية ولا دراية بل هم بمنزلة الأرض التي هي قيعان لا تنبت ولا تمسك الماء، وهؤلاء هم الأشقياء والقسمان الأولان اشتركا في العلم والتعليم كل بحسب ما قبله ووصل إليه فهذا يعلم الفاظ القرآن ويحفظها وهذا يعلم معانيه وأحكامه وعلومه والقسم الثالث لا علم ولا تعليم فهم الذين لم يرفعوا بهدى الله رأسا، ولم يقبلوه وهؤلاء شر من الأنعام، وهم وقود، النار


فقد اشتمل هذا الحديث الشريف العظيم على التنبيه على شرف العلم والتعليم، وعظم موقعه وشقاء من ليس من أهله وذكر أقسام بني آدم بالنسبة فيه إلى شقيهم وسعيدهم وتقسم سعيدهم إلى سابق مقرب وصاحب يمين مقتصد، وفيه دلالة على أن حاجة العباد إلى العلم كحاجتهم إلى المطر بل أعظم وأنهم إذا فقدوا العلم فهم بمنزلة الأرض التي فقدت الغيث


قال الأمام أحمد الناس محتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب ،لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين، والعلم يحتاج إليه بعدد الأنفاس


وقد قال تعالى

أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ" .



شبه سبحانه العلم الذي أنزله على رسوله بالماء الذي أنزله من السماء لما يحصل لكل واحد منهما من الحياة ومصالح العباد في معاشهم ومعادهم ثم شبه القلوب بالأودية ،فقلب كبير يسع علما كثيرا كواد عظيم يسع ماء كثيرا، وقلب صغيرا إنما يسع علما قليلا كواد صغير إنما يسع ماء قليلا، فقال "فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا ۚ


هذا مثل ضربه الله تعالى للعلم حين تخالط القلوب بشاشته فإنه يستخرج منها زبد الشبهات الباطلة فيطفو على وجه القلب، كما يستخرج السيل من الوادي زبدا يعلو فوق الماء .


وأخبر سبحانه أنه راب يطفو ويعلو على الماء لايستقر في أرض الوادي

كذلك الشبهات الباطلة إذا أخرجها العلم ربت فوق القلوب وطفت فلا تستقر فيه بل تجفى وترمى فيستقر في القلب ما ينفع صاحبه والناس من الهدى ودين الحق كما يستقر في الوادي الماء الصافي ويذهب الزبد جفاء، وما يعقِلُ عن الله أمثاله إلا العالمون.


ثم ضرب سبحانه لذلك مثلا آخر فقال

وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ...."

الآية 17 من سورة الرعد (وهي السورة رقم 13 في ترتيب المصحف) .
والآية تقع في الصفحة 251 والجزء 13 والربع الأخير من الحزب 25 .

يعني أن مما يوقد عليه بنو آدم من الذهب والفضة والنحاس والحديد يخرج منه خبثه وهو الزبد الذي تلقيه النار وتخرجه من ذلك الجوهر بسبب مخالطتها، فإنه يقذف ويلقى به ويستقر الجوهر الخالص وحده


وضرب سبحانه مثلا بالماء لما فيه من الحياة والتبريد والمنفعة ومثلا بالنار لما فيها من الأضاءة والإشراق والاحراق ،فآيات القرآن تحيي القلوب كما تحيا الأرض بالماء وتحرق خبثها وشبهاتها وشهواتها وسخائمها كما تحرق النار ما يلقى فيها وتميز جيدها من زبدها، كما تميز النار الخبث من الذهب والفضة والنحاس ونحوه منه فهذا بعض ما في هذا المثل العظيم من العبر والعلم قال الله تعالى
 


"وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ .
الآية 43 من سورة العنكبوت (وهي السورة رقم 29 في ترتيب المصحف) .
والآية تقع في الصفحة 401 والجزء 20 والربع الأخير من الحزب 40 .




مفتاح دار السعـــــــــــــــــــادة..



أسعد الله قلوبكم بما يحب ويرضى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق