المجلس الأول
21 جماد أول 1434 هـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه
مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ
فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»[آل عِمْرَان:١٠٢].
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»[النِّسَاء:١].
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا» [الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،
وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
ثم أَمَّا بَعْدُ:
قـال تعالـى :
{ ... يَرْفَـعِ اللهُ الَّذِيـنَ آمَنُـوا مِنكُـمْ وَالَّذِيـنَ أُوتُـوا الْعِلْـمَ دَرَجَـاتٍ ... }.سورة المجادلة / آية : 11 .
والجهـل يهبـط بصاحبـه . فكلمـا ازداد الإنسـان مـن العلـم النافـع ، حصـل لـه كمـال اليقيـن ، وكمـال الإرادة ، ولا تتـم سـعادة العبـد إلا باجتمـاع هذيـن الأمريـن .
وإذا كـان العلــم بهـذه المثابـة ، فينبغـي للمسـلم أن يحـرص كـل الحـرص ويجتهـد كـل الاجتهـاد فـيتحصيلـه ، وأن يديـم الاسـتعانة بالله فـي تحصيلــه ، ويبـدأ بالأهــم فالمهـم . ومـن أهمـه معرفــةأصولـه ، وقواعـده التـي ترجـع مسـائله إليهـا . ومـن هـذه الأصـول ؛ العلـم " بالقواعـد الفقهيـة " . وهـذا العلـم لا يسـتغني عنه كـل مجتهـد فقيـه ، وقـد أشـاد كثيـر مـن العلمـاء بشـأن هـذا العلـم ، وبَيَّنـوا حاجـة الفقيـه الماسـة إلى الإلمام به وتعلمـه
فالقواعـد الفقهيـة أهـم مـن دراسـة الفقـه بدايـةً ، فَمَـنْ أراد دراسـة الفقـه وفهمـه علـى أسـس صحيحـة فعليـة بدراسـة وفهـم القواعـد الكليـة أولاً ، حتـى يسـتطيع فهـم الفقـه ومسـائله المتفرقـة فترتقـي فـي العلـم ،
فإن علم القواعد الفقهية من أعظم علوم الشريعة وأهمها للفقيه والمفتي والقاضي والحاكم.
وبه تتدرب مدارك طلاب العلم ويفتح لهم بها آفاق المسائل وتشعبات الفروع,
وهو الأرض الصلبة التي ينطلقوا منها للاستنباط والنظر والاستدلال مع توقدٍ في ملكة الفهم
والاستيعاب لإدراك معاني النصوص وفقهها,
وكل هذا يتأتى إليهم وزيادة عليه بإتقان قواعد هذا العلم حفظاً وفهماً, والتوسع في دراستها ومدارستها.
ـ القواعـد فـي اللغــة :
جمـع قاعـدة ، ومعنـى القاعـدة : أصـل الشـيء ، وقواعـد البيـت أسـاسـه ، ومنـه قولـه تعالـى :
{ وَإِذْ يَرْفَـعُ إِبْرَاهِيـمُ الْقَوَاعِـدَ مِـنَ الْبَيْـتِ وَإِسْـمَاعِيلُ رَبَّنَـا تَقَبَّـلْ مِنَّـا ... } .
وقولـه تعالـى : { ... فَأَتَـى اللهُ بُنْيَانَهُـم مِّـنَ الْقَوَاعِـدِ ... } . سورة النحل / آية : 26 .
ـ القواعــد فـي اصطــلاح الفقهــاء :
اختلـف الفقهـاء فـي تعريـف " القاعـدة الفقهيـة " بِنـاء علـى اختلافهـم فـي مفهومهـا ، هـل هـي قضيـة كُليـة أو قضيـة أغلبيـة ؟
ونختـار لكـل مدرسـة تعريفـًا مـن تعريفاتهـا :
ـ فمـن تعريفـات المدرسـة الأولـى :
" الأمـر الكلـي الـذي ينطبـق عليـه جزئيـات كثيـرة ، تُفهـم أحكامهـا منـه " .
ـ ومـن تعريفـات المدرسـة الثانيـة :
" حكـم أكثـري لا كُلِّـي ، ينطبـق علـى أكثـر جزئياتـه ، لِتُعْـرَف أحكامهـا منـه " .
والظاهـر أن الباعـث لمـن يُعَرِّفهـا بأنهـا حكـم أكثـري هـو : أن كثيـرًا مـن قواعـد الفقـه لها صـور مسـتثناة منهـا ، ولا ينطبـق عليهـا حكمهـا ، ويلحـظ هذا الأمـر من يُطالـع كتـب " قواعـد الفقـه " .
ولكـن هـذا الاسـتثناء وعـدم الاطـراد ، لا ينقـض كُليـة تلـك القواعـد ، ولا يقـدح فـي عمومهـا ، لأن الغالـب الأكثـري معتبـر فـي الشـريعة اعتبـار القطعـي ، كمـا أن الكليـات الاسـتقرائية صحيحـة وإن تخلَّـف عـن مقتضاهـا بعـض الجزيئـات .
تُقَسَّـم القواعـد الفقهيـة مـن حيثيتيـن :
*** الحيثيــة الأولـى : مصدرهـــا واسـتمدادها يمكـن تقسـيم القواعـد الفقهيـة مـن حيـث مصادرهـا أو اسـتمدادها إلـى قسـمين :
أ ـ قواعـد جـاء بهـا نـص شـرعي :
* وقـد تكـون القاعـدة بلفـظ النـص .
مثـل قاعـدة : " لا ضـرر ولا ضِـرار " .
حيـث أن مصدرهـا حديـث نبـوي صحيـح .
فعـن عبـادة بـن الصامـتِ ؛ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قضـى أن : " لا ضـرر ولا ضِـرار " .
* وقـد تكـون القاعـدة أُنشِـأ لفظهـا مـن ظاهـر النـص دون حاجـة إلـى اسـتنباط .
مثــل قاعــدة :
* فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" دعـوني مـا تركتكـم ، إنمـا هلـك مـن كـان قبلكـم بسـؤالهم واختلافهـم علـى أنبيائهـم ، فـإذا نهيتكـم عـن شـيء فاجتنبـوه ، وإذا أمرتكـم بأمـرٍ فَأْتُـوا منـه مـا اسـتطعتم " .
ولقولـه تعالـى :
{لاَ يُكَلِّـفُاللهُ نَفْسًـا إِلاَّ وُسْـعَهَا} سورة البقرة / آية : 286 .
ولقولـه تعالـى :
{ فَاتَّقُـوا اللهَ مَـا اسْـتَطَعْتُمْ ... }
سورة التغابن / آية : 16 .
ويُسـتفاد مـن هـذه القاعـدة ومـا يتفـرع عنهـا أن : القـدرة منـاط التكليـف .
بالاسـتقراء جمـع العلمـاء أحكـام جزئيـة نتـج عنهـا هـذه القاعـدة .
*** الحيثيــة الثانيــة : اتفـاق الفقهـاء عليهـا وعدمـه :
إذ مـن القواعـد مـا اتفقـت المذاهـب الفقهيـة عليهـا ، وتسـمى بالقواعـد الكليـة .
ومنهـا مـا حصـل الاختـلاف فيهـا ـ أعنـي القواعـد الفقهيـة ـ .
مثــال للقواعـد الكليــة :
وترجـع الأحكـامُ لليقيـن
فـلا يزيـلُ الشـكُّ لليقيـن .
ـ قـال العلامـة جـلال الديـن السـيوطي ـ رحمه الله ـ فـي : " الأشـباه والنظائـر " / ص : 56 :
" اعلـم أن هـذه القاعـدة تدخـل فـي جميـع أبـواب الفقـه ، والمسـائل المخرجـة عليهـا تبلـغ ثلاثـة أربـاع الفقـه وأكثـر " .
( 1 ) واسمه : أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكرِ بنِ أيوبَ بنِ سعدِ بنِ حَرِيزِ بن مكي زين الدين -الزُّرعي الأصل -ثم الدمشقيُّ الحنبليُّ الشهيرُ بابن قيم الجوزية .
والزرعي : نسبة إلى زُرع : قرية من حَوْران ، وهي ناحية واسعة كثيرة الخير بنواحي دمشق ، منها كانت تحصل غلاتها وقيم الجوزية ، هو والد الإمام ، إذ كان قيمًا ـ مثل كلمة ناظر ـ على المدرسة الجوزية بدمشق .
من أجل ذلك قيل للإمام : ابن قيم الجوزية ، ثم أطلق القول على الإضافة فقيل : ابن القيم .
-واختلـف العلمــاء فـي عـدد القواعــد الكليـة ، منهـم مـن قـال : ( 45 قاعـدة ) ومنهـم مـن قــال : ( 66 قاعـدة ) ، إلا أن القواعـد الكليـة الكبـرى قصرهـا الأكثـر علـى خمـس قواعـد ، وهـي :
( الأمـور بمقاصدهـا ) ، و ( اليقيــن لا يـزول بالشـك ) ، و ( المشـقة تجلـب التيسـير ) ، و ( لا ضـرر ولا ضِـرار ) ، و ( العـادة مُحَكَّمَـة ) .
سـيأتي خـلال الشـرح إن شـاء الله .
س : هـل يجـوز أن نجعـل القاعـدة الفقهيـة دليـلاً شـرعيًّا يُسـتنبط منـه حكـم شـرعي ؟ !
هنـاك خـلاف فـي وجهـات النظـر بيـن العلمـاء :
ـ ورد بكتـاب : منظومـة القواعـد الفقهيـة ( للسـعدي ) : شـرح / د . خالـد إبراهيـم الصقعبـي :
هنـاك أقـوال لأهــل العلـم وهـي بمجموعهـا تفيــد أنـه لا يسـوغ اعتبــار القواعـد الفقهيـة أدلـة شـرعية لاسـتنباط الأحكـام لسـببين :
الأول : أن هـذه القواعـد ثمـرة للفـروع المختلفـة ، وجامـع ورابـط لهـا وليـس مـن المعقـول أن يُجعـل مـا هـو ثمـرة وجامـع دليـلاً لاسـتنباط أحكـام الفـروع .
الثانــي : أن معظـم هـذه القواعـد لا تخلـو مـن المسـتثنيات ، فقـد تكـون المسـألة المبحـوث عـن حكمهـا مـن المسـائل والفـروع المسـتثناة .
ولذلـك لا يجـوز بنـاء الحكـم علـى أسـاس هـذه القواعـد ، ولكنهـا تعتبـر شـواهد مصاحبـة للأدلـة يسـتأنس بهـا فـي تخريـج الأحكـام للوقائـع الجديـدة قياسًـا علـى المسـائل الفقهيـة المدونـة .
ولكـن هـذا لا يؤخـذ علـى إطلاقـه ، وقـد مـر معنـا أن مـن القواعـد الفقهيـة مـا كـان أصلـه ومصـدره مـن كتـاب الله تعالـى أو مـن سـنة رسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، أو يكـون مبنيًّـا علـى أدلـة واضحـة مـن الكتـاب والسـنة المطهـرة أو مبنيًّـا علـى دليـل شـرعي مـن الأدلـة المعتبـرة عنـد العلمـاء ، أو تكـون القاعـدة مبنيـة علـى الاسـتدلال القياسـي وتعليـل الأحكـام فهـذه أدلـة شـرعية وقواعـد فقهيـة يمكـن الاسـتناد إليهـا فـي اسـتنباط الأحكـام وإصـدار الفتـاوى وإلـزام القضـاء بهـا .
ـ وقـال الشـيخ : حسـين بـن عبـد العزيـز آل الشـيخ فـي شـرح هـذه المنظومـة :
والأولـى الاسـتدلال بالدليـل المسـتندة إليـه القاعـدة وليـس بالقاعـدة . ا . هـ .
ـ وورد بكتـاب : القواعـد والأصـول الجامعـة والفـروق والتقاسـيم البديعـة النافعـة / تأليـف الشـيخ : عبـد الرحمـن بـن ناصـر السـعدي . تعليـق الشـيخ : محمـد بـن صالـح العثيميـن / ص : 11 :
ذهـب فريـق مـن الباحثيـن إلـى أنـه لا يجـوز جعـل القواعـد الفقهيـة أدلـة للأحكـام الفرعيـة .
واسـتدلوا بنصـوص قليلـة عـن بعـض المتقدميـن ، هـي فـي الواقـع ظنيـة لا قطعيـة ، فـلا يكـاد يصفـو لهـم ذلـك كدليـل مـن نصـوص الأئمـة إلا قليـلاً مـن هـذا القليـل !
وعللـوا ذلـك بأسـباب :
1ـ أن القواعـد ثمـرة للفـروع وجامـع لهـا ؛ وليـس مـن المعقـول أن يجعـل مـا هـو ثمـرة وجامـع دليـلاً لاسـتنباط أحكـام الفـروع .
2ـ معظـم القواعـد لا تخلـو مـن المسـتثنيات .
3 ـ كثيـر مـن القواعـد الفقهيـة اسـتقرائية ، وقـد يكـون اسـتقراءً ناقصًـا .
الـرد علـى عللهـم وأسـبابهم :
ـ الاعتـراض الأول : فالإجابـة عنـه ، أن كـل قواعـد العلـوم بُنيـت علـى فروعهـا ، وأيضًـا فـإن الفـروع التـي نريـد تطبيـق القاعـدة عليهـا ليسـت هـي الفـروع التـي بُنيـت عليهـا القاعـدة ، فـلا دَوْرَ إذن .
ـ الاعتـراض الثانـي : فالإجابـة أنـه لا يسـتدل بهـا إلا العالـم بهـا ، فقـد يكـون الحكـم المسـتثنى منصوصًـا علـى اسـتثنائه فـي كتـب الفـروع أو فـي كتـب الأشـباه والنظائـر ثـم يدرجـه بعضهـم فـي القاعـدة ! فـإن كـان الفـرع جديـدًا فـلا بـأس للماهـر بالقواعـد الاسـتدلال بهـا كـأي اسـتدلال بدليـل ظنـي الثبـوت أو الدلالـة أو بعـام ، والعـام قـد يكـون لـه مُخَصِّـص .
ـ الاعتـراض الثالـث : فالإجابـة أن هنـاك مـن القواعـد مـا ليـس اسـتقرائيًا ، بـل هـي نصـوص شـرعية كمـا قدمنـا ، وأمـا القواعـد الاسـتقرائية فالواقـع يبيـن أنهـا وليـدة عصـور علميـة متتاليـة ، فتمـر القاعـدة بمـن يؤكدهـا ، وبمـن يشـرحها ، وبمـن يسـتثني منهـا ، وبمـن يعتـرض عليهـا ، ممـا يـؤدي إلـى إيضـاح تـام لمـن يريـد الإفتـاء بهـا . ا . هـ .
21 جماد أول 1434 هـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه
مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ
فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»[آل عِمْرَان:١٠٢].
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»[النِّسَاء:١].
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا» [الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،
وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
ثم أَمَّا بَعْدُ:
قـال تعالـى :
{ ... يَرْفَـعِ اللهُ الَّذِيـنَ آمَنُـوا مِنكُـمْ وَالَّذِيـنَ أُوتُـوا الْعِلْـمَ دَرَجَـاتٍ ... }.سورة المجادلة / آية : 11 .
والجهـل يهبـط بصاحبـه . فكلمـا ازداد الإنسـان مـن العلـم النافـع ، حصـل لـه كمـال اليقيـن ، وكمـال الإرادة ، ولا تتـم سـعادة العبـد إلا باجتمـاع هذيـن الأمريـن .
وإذا كـان العلــم بهـذه المثابـة ، فينبغـي للمسـلم أن يحـرص كـل الحـرص ويجتهـد كـل الاجتهـاد فـيتحصيلـه ، وأن يديـم الاسـتعانة بالله فـي تحصيلــه ، ويبـدأ بالأهــم فالمهـم . ومـن أهمـه معرفــةأصولـه ، وقواعـده التـي ترجـع مسـائله إليهـا . ومـن هـذه الأصـول ؛ العلـم " بالقواعـد الفقهيـة " . وهـذا العلـم لا يسـتغني عنه كـل مجتهـد فقيـه ، وقـد أشـاد كثيـر مـن العلمـاء بشـأن هـذا العلـم ، وبَيَّنـوا حاجـة الفقيـه الماسـة إلى الإلمام به وتعلمـه
فالقواعـد الفقهيـة أهـم مـن دراسـة الفقـه بدايـةً ، فَمَـنْ أراد دراسـة الفقـه وفهمـه علـى أسـس صحيحـة فعليـة بدراسـة وفهـم القواعـد الكليـة أولاً ، حتـى يسـتطيع فهـم الفقـه ومسـائله المتفرقـة فترتقـي فـي العلـم ،
فإن علم القواعد الفقهية من أعظم علوم الشريعة وأهمها للفقيه والمفتي والقاضي والحاكم.
وبه تتدرب مدارك طلاب العلم ويفتح لهم بها آفاق المسائل وتشعبات الفروع,
وهو الأرض الصلبة التي ينطلقوا منها للاستنباط والنظر والاستدلال مع توقدٍ في ملكة الفهم
والاستيعاب لإدراك معاني النصوص وفقهها,
وكل هذا يتأتى إليهم وزيادة عليه بإتقان قواعد هذا العلم حفظاً وفهماً, والتوسع في دراستها ومدارستها.
*تعريــف القاعــدة الفقهيـــة
جمـع قاعـدة ، ومعنـى القاعـدة : أصـل الشـيء ، وقواعـد البيـت أسـاسـه ، ومنـه قولـه تعالـى :
{ وَإِذْ يَرْفَـعُ إِبْرَاهِيـمُ الْقَوَاعِـدَ مِـنَ الْبَيْـتِ وَإِسْـمَاعِيلُ رَبَّنَـا تَقَبَّـلْ مِنَّـا ... } .
سورة البقرة / آية : 127 .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : حسين بن عبد العزيز آل الشيخ .
اختلـف الفقهـاء فـي تعريـف " القاعـدة الفقهيـة " بِنـاء علـى اختلافهـم فـي مفهومهـا ، هـل هـي قضيـة كُليـة أو قضيـة أغلبيـة ؟
ونختـار لكـل مدرسـة تعريفـًا مـن تعريفاتهـا :
ـ فمـن تعريفـات المدرسـة الأولـى :
" الأمـر الكلـي الـذي ينطبـق عليـه جزئيـات كثيـرة ، تُفهـم أحكامهـا منـه " .
ـ ومـن تعريفـات المدرسـة الثانيـة :
" حكـم أكثـري لا كُلِّـي ، ينطبـق علـى أكثـر جزئياتـه ، لِتُعْـرَف أحكامهـا منـه " .
والظاهـر أن الباعـث لمـن يُعَرِّفهـا بأنهـا حكـم أكثـري هـو : أن كثيـرًا مـن قواعـد الفقـه لها صـور مسـتثناة منهـا ، ولا ينطبـق عليهـا حكمهـا ، ويلحـظ هذا الأمـر من يُطالـع كتـب " قواعـد الفقـه " .
ولكـن هـذا الاسـتثناء وعـدم الاطـراد ، لا ينقـض كُليـة تلـك القواعـد ، ولا يقـدح فـي عمومهـا ، لأن الغالـب الأكثـري معتبـر فـي الشـريعة اعتبـار القطعـي ، كمـا أن الكليـات الاسـتقرائية صحيحـة وإن تخلَّـف عـن مقتضاهـا بعـض الجزيئـات .
القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / للسعدي / تعليق : العثيمين / ص : 4 .
* * * * *
أقســـام القواعــد الفقهيــة
أقســـام القواعــد الفقهيــة
*** الحيثيــة الأولـى : مصدرهـــا واسـتمدادها يمكـن تقسـيم القواعـد الفقهيـة مـن حيـث مصادرهـا أو اسـتمدادها إلـى قسـمين :
أ ـ قواعـد جـاء بهـا نـص شـرعي :
* وقـد تكـون القاعـدة بلفـظ النـص .
مثـل قاعـدة : " لا ضـرر ولا ضِـرار " .
حيـث أن مصدرهـا حديـث نبـوي صحيـح .
فعـن عبـادة بـن الصامـتِ ؛ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قضـى أن : " لا ضـرر ولا ضِـرار " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 13 ) ـ كتاب : الأحكام / ( 17 ) ـ
باب : من بنى في حقه مايضر بجاره / حديث رقم : 2340 / ص : 400 / صحيح .
مثــل قاعــدة :
- وليـس واجــبٌ بـلا اقتــدار
ولا محــرمٌ مـع اضطــرار .
- وكـل محظـور مـع الضـرورة
بقـدر مـا تحتاجـه الضـرورة .
فهـذه القاعـدة مسـتفادة مـن ظاهـر نـص حديـث صحيـح دون الحاجـة إلـى اسـتنباط . ولا محــرمٌ مـع اضطــرار .
- وكـل محظـور مـع الضـرورة
بقـدر مـا تحتاجـه الضـرورة .
* فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" دعـوني مـا تركتكـم ، إنمـا هلـك مـن كـان قبلكـم بسـؤالهم واختلافهـم علـى أنبيائهـم ، فـإذا نهيتكـم عـن شـيء فاجتنبـوه ، وإذا أمرتكـم بأمـرٍ فَأْتُـوا منـه مـا اسـتطعتم " .
صحيح البخاري . متون / ( 96 ) ـ كتاب : الاعتصام / ( 2 ) ـ باب : الاقتداء بسنن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ /حديث رقم : 7288 / ص : 846 .
{لاَ يُكَلِّـفُاللهُ نَفْسًـا إِلاَّ وُسْـعَهَا} سورة البقرة / آية : 286 .
ولقولـه تعالـى :
{ فَاتَّقُـوا اللهَ مَـا اسْـتَطَعْتُمْ ... }
سورة التغابن / آية : 16 .
ويُسـتفاد مـن هـذه القاعـدة ومـا يتفـرع عنهـا أن : القـدرة منـاط التكليـف .
ب ـ قواعـد خرَّجهـا العلمـاء مـن اسـتقراء (1) الأحكـام الجزئيـة :
وهـي التـي تتبعهـا العلمـاء فـي أبـواب الفقـه المختلفـة ، وصاغوهـا في عبـارات موجـزة مسـلسـلة .
( 1 ) الاستقراء ---> أي التتبع .
مثــل قاعــدة :
وهـي التـي تتبعهـا العلمـاء فـي أبـواب الفقـه المختلفـة ، وصاغوهـا في عبـارات موجـزة مسـلسـلة .
( 1 ) الاستقراء ---> أي التتبع .
مثــل قاعــدة :
وكـلُّ مشـغولٍ فـلا يُشَـغَّلُ
مثالُـه المرهـونُ والمُسَـبَّلُ .
مثالُـه المرهـونُ والمُسَـبَّلُ .
القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 6 / بتصرف .
ومجموعة الفوائد البهية ... / ص : 21 / بتصرف .
بالاسـتقراء جمـع العلمـاء أحكـام جزئيـة نتـج عنهـا هـذه القاعـدة .
إذ مـن القواعـد مـا اتفقـت المذاهـب الفقهيـة عليهـا ، وتسـمى بالقواعـد الكليـة .
ومنهـا مـا حصـل الاختـلاف فيهـا ـ أعنـي القواعـد الفقهيـة ـ .
مثــال للقواعـد الكليــة :
وترجـع الأحكـامُ لليقيـن
فـلا يزيـلُ الشـكُّ لليقيـن .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 22 / بتصرف .
" اعلـم أن هـذه القاعـدة تدخـل فـي جميـع أبـواب الفقـه ، والمسـائل المخرجـة عليهـا تبلـغ ثلاثـة أربـاع الفقـه وأكثـر " .
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموقعين لابن القيم (1) / إعداد عبد الرحمن ... / ص : 272 .
( 1 ) واسمه : أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكرِ بنِ أيوبَ بنِ سعدِ بنِ حَرِيزِ بن مكي زين الدين -الزُّرعي الأصل -ثم الدمشقيُّ الحنبليُّ الشهيرُ بابن قيم الجوزية .
والزرعي : نسبة إلى زُرع : قرية من حَوْران ، وهي ناحية واسعة كثيرة الخير بنواحي دمشق ، منها كانت تحصل غلاتها وقيم الجوزية ، هو والد الإمام ، إذ كان قيمًا ـ مثل كلمة ناظر ـ على المدرسة الجوزية بدمشق .
من أجل ذلك قيل للإمام : ابن قيم الجوزية ، ثم أطلق القول على الإضافة فقيل : ابن القيم .
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموقعين / ص : 36 .
( الأمـور بمقاصدهـا ) ، و ( اليقيــن لا يـزول بالشـك ) ، و ( المشـقة تجلـب التيسـير ) ، و ( لا ضـرر ولا ضِـرار ) ، و ( العـادة مُحَكَّمَـة ) .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 22 / بتصرف .
مثــال للقواعـد المختلَـف فيهـا : سـيأتي خـلال الشـرح إن شـاء الله .
س : هـل يجـوز أن نجعـل القاعـدة الفقهيـة دليـلاً شـرعيًّا يُسـتنبط منـه حكـم شـرعي ؟ !
هنـاك خـلاف فـي وجهـات النظـر بيـن العلمـاء :
ـ ورد بكتـاب : منظومـة القواعـد الفقهيـة ( للسـعدي ) : شـرح / د . خالـد إبراهيـم الصقعبـي :
هنـاك أقـوال لأهــل العلـم وهـي بمجموعهـا تفيــد أنـه لا يسـوغ اعتبــار القواعـد الفقهيـة أدلـة شـرعية لاسـتنباط الأحكـام لسـببين :
الأول : أن هـذه القواعـد ثمـرة للفـروع المختلفـة ، وجامـع ورابـط لهـا وليـس مـن المعقـول أن يُجعـل مـا هـو ثمـرة وجامـع دليـلاً لاسـتنباط أحكـام الفـروع .
الثانــي : أن معظـم هـذه القواعـد لا تخلـو مـن المسـتثنيات ، فقـد تكـون المسـألة المبحـوث عـن حكمهـا مـن المسـائل والفـروع المسـتثناة .
ولذلـك لا يجـوز بنـاء الحكـم علـى أسـاس هـذه القواعـد ، ولكنهـا تعتبـر شـواهد مصاحبـة للأدلـة يسـتأنس بهـا فـي تخريـج الأحكـام للوقائـع الجديـدة قياسًـا علـى المسـائل الفقهيـة المدونـة .
ولكـن هـذا لا يؤخـذ علـى إطلاقـه ، وقـد مـر معنـا أن مـن القواعـد الفقهيـة مـا كـان أصلـه ومصـدره مـن كتـاب الله تعالـى أو مـن سـنة رسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، أو يكـون مبنيًّـا علـى أدلـة واضحـة مـن الكتـاب والسـنة المطهـرة أو مبنيًّـا علـى دليـل شـرعي مـن الأدلـة المعتبـرة عنـد العلمـاء ، أو تكـون القاعـدة مبنيـة علـى الاسـتدلال القياسـي وتعليـل الأحكـام فهـذه أدلـة شـرعية وقواعـد فقهيـة يمكـن الاسـتناد إليهـا فـي اسـتنباط الأحكـام وإصـدار الفتـاوى وإلـزام القضـاء بهـا .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد إبراهيم الصقعبي / ص : 10 .
والأولـى الاسـتدلال بالدليـل المسـتندة إليـه القاعـدة وليـس بالقاعـدة . ا . هـ .
ـ وورد بكتـاب : القواعـد والأصـول الجامعـة والفـروق والتقاسـيم البديعـة النافعـة / تأليـف الشـيخ : عبـد الرحمـن بـن ناصـر السـعدي . تعليـق الشـيخ : محمـد بـن صالـح العثيميـن / ص : 11 :
ذهـب فريـق مـن الباحثيـن إلـى أنـه لا يجـوز جعـل القواعـد الفقهيـة أدلـة للأحكـام الفرعيـة .
واسـتدلوا بنصـوص قليلـة عـن بعـض المتقدميـن ، هـي فـي الواقـع ظنيـة لا قطعيـة ، فـلا يكـاد يصفـو لهـم ذلـك كدليـل مـن نصـوص الأئمـة إلا قليـلاً مـن هـذا القليـل !
وعللـوا ذلـك بأسـباب :
1ـ أن القواعـد ثمـرة للفـروع وجامـع لهـا ؛ وليـس مـن المعقـول أن يجعـل مـا هـو ثمـرة وجامـع دليـلاً لاسـتنباط أحكـام الفـروع .
2ـ معظـم القواعـد لا تخلـو مـن المسـتثنيات .
3 ـ كثيـر مـن القواعـد الفقهيـة اسـتقرائية ، وقـد يكـون اسـتقراءً ناقصًـا .
الـرد علـى عللهـم وأسـبابهم :
ـ الاعتـراض الأول : فالإجابـة عنـه ، أن كـل قواعـد العلـوم بُنيـت علـى فروعهـا ، وأيضًـا فـإن الفـروع التـي نريـد تطبيـق القاعـدة عليهـا ليسـت هـي الفـروع التـي بُنيـت عليهـا القاعـدة ، فـلا دَوْرَ إذن .
ـ الاعتـراض الثانـي : فالإجابـة أنـه لا يسـتدل بهـا إلا العالـم بهـا ، فقـد يكـون الحكـم المسـتثنى منصوصًـا علـى اسـتثنائه فـي كتـب الفـروع أو فـي كتـب الأشـباه والنظائـر ثـم يدرجـه بعضهـم فـي القاعـدة ! فـإن كـان الفـرع جديـدًا فـلا بـأس للماهـر بالقواعـد الاسـتدلال بهـا كـأي اسـتدلال بدليـل ظنـي الثبـوت أو الدلالـة أو بعـام ، والعـام قـد يكـون لـه مُخَصِّـص .
ـ الاعتـراض الثالـث : فالإجابـة أن هنـاك مـن القواعـد مـا ليـس اسـتقرائيًا ، بـل هـي نصـوص شـرعية كمـا قدمنـا ، وأمـا القواعـد الاسـتقرائية فالواقـع يبيـن أنهـا وليـدة عصـور علميـة متتاليـة ، فتمـر القاعـدة بمـن يؤكدهـا ، وبمـن يشـرحها ، وبمـن يسـتثني منهـا ، وبمـن يعتـرض عليهـا ، ممـا يـؤدي إلـى إيضـاح تـام لمـن يريـد الإفتـاء بهـا . ا . هـ .
* * * * *