الخميس، 18 أغسطس 2016

ميراث الجد مع الإخوة


المذهب الثاني ـ مذهب علي وابن مسعود وزيد بن ثابت وفريق من الصحابة
رضي الله عنهم: توريث الإخوة مع الجد، فلا يحجب الجد الإخوة الأشقاء أو لأب، بل يقاسمهم في الميراث، وهو مبدأ مقاسمة الجد.
وهو رأي الجمهور "المذاهب الثلاثة والصاحبين" وبه أخذ القانون في مصر وسورية.
ودليلهم ما يأتي:
أولاً ـ إن ميراث الإخوة "من بني الأعيان وبني العَلاَّت" ثبت بالقرآن، فلا يحجبون إلا بنص أو إجماع، وليس هناك واحد منهما.


- بنو الأعيان هم  الإخوة والأخوات الشقيقات. وبنو العَلاَّت: هم الإخوة والأخوات لأب. وبنو الأخياف: الإخوة والأخوات لأم.

ثانياً ـ إن الجد والإخوة متساوون في سبب الاستحقاق؛ إذ كل منهم يدلي إلى الميت بدرجة واحدة هي الأب.

طريق التوريث:

اختلف القائلون بتوريث الجد مع الإخوة في طريقة التوريث على مذاهب ثلاثة:
المذهب الأول ـ لسيدنا علي رضي الله عنه:
للجد مع الإخوة ثلاث حالات:
1 - فرض السدس له: يقاسم الجد الإخوة ما لم ينتقص حقه من السدس، فإذا انتقص، يعطى السدس. فلو كان معه أخوان شقيقان أو ثلاثة، أو أربعة، فالمقاسمة خير له، فإذا كانوا خمسة فالمقاسمة والسدس سواء. وفي جد وأم وزوج وبنت وأخوين: للأم السدس، وللزوج الربع، وللبنت النصف، فيبقى أقل من السدس، فيفرض للجد السدس، وتعول المسألة إلى (13)، ولا شيء للأخوين.
الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي 
2 - يرث بالتعصيب: فيأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض. فلو كان معه

إناث من الأخوات أو أخت واحدة، فللأخوات الثلثان في حالة التعدد، والنصف في حالة الانفراد، والباقي للجد تعصيباً. فإذا كان مع الجد أخت شقيقة وأخت لأب، فللأولى النصف، وللثانية السدس، وللجد الباقي.
3 - المقاسمة: يقاسم الجد الإخوة على أنه واحد منهم، وله ضعف الأنثى. فإذا كان مع الجد أخ شقيق وأخ لأب، كان المال نصفين بينه وبين الشقيق، والإخوة لأب أو الأخت لأب لايحسبون في القسمة مع الأشقاء. وفي جد وشقيقتين وأخ شقيق، يقاسمهم الجد، وتكون التركة بينهم أثلاثاً.
4 - لا يعصب الجد الأخوات، فتكون الأخت صاحبة فرض، فلو كان مع الجد أخت شقيقة وأخت لأب، فللأولى النصف وللثانية السدس، وللجد الباقي.

والمذهب الثاني ـ لابن مسعود رضي الله عنه:
1 ً - إن الجد يقاسم الإخوة، ما لم ينتقص حقه من الثلث، وفاقاً لمذهب زيد.
2ً - لا يعتبر بنو العَلاَّت (الإخوة لأب) في مقاسمة الجد، مع بني الأعيان (الإخوة الأشقاء) كما قال علي رضي الله عنه في البند الثالث السابق، فلا تحسب الأخت لأب مع الأخت الشقيقة على الجد، وعبارة الفقهاء: إن بني العلات لا يعدون عليه في القسمة مع بني الأعيان، بخلاف طريقة زيد الآتية: يعد بنو العلات على الجد مع بني الأعيان.
3ً - إن الأخوات المنفردات صاحبات فروض مع جد، وافق به علياً، في البند الثاني. ويلاحظ أن هذه الطريقة جمع بين طريقتي علي وزيد رضي الله عنهم.

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي 

والمذهب الثالث ـ لزيد بن ثابت رضي الله عنه:
1 ً - إن للجد مع الإخوة أفضل الأمرين من المقاسمة ومن ثلث جميع المال، إذا لم يكن معهم صاحب فرض. فيجعل الجد في القسمة كأحد الإخوة، ويقسم المال بينهم وبين الأخوات، للذكر مثل حظ الأنثيين، ويجعل نصيبه مع الإخوة كواحد منهم ما دامت المقاسمة خيراً له، فإن نقصت عن ثلث المال، أعطيناه الثلث. وإذا كان معه أخ واحد، أخذ نصف المال. والحاصل: إذا لم يكن معهم ذو فرض فللجد الأحظ من المقاسمة أو ثلث جميع المال.
2ً - إن بني العَلاَّت (الإخوة والأخوات لأب) يشتركون في القسمة مع بني الأعيان (الأشقاء)، إضراراً للجد، أي يعدون عليه مع الأشقاء، فإذا أخذ الجد نصيبه، فبنو العَلاَّت لا شيء لهم، والباقي بعد نصيب الجد لبني الأعيان، يتقاسمونه بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين. وهذه هي المعادَّة؛ لأنه عَادَّ الجد بالأخ لأب، ثم أخذ منه ما حصل له. ففي جد وأخ شقيق وأخ لأب، يحسب الأخ لأب في العدّ على الجد، لينتقص الجد عن المقاسمة إلى ثلث المال، وبعد أن يأخذ الجد الثلث، يعود الشقيق على الأخ لأب، فيأخذ ما بيده، لحجبه إياه.
3ً - إذا وجدت أخت شقيقة واحدة فتأخذ فرضها، ويأخذ الجد نصيبه، فإن بقي شيء فلبني العلات (الأخوات لأب) وإلا فلا شيء لهم. كجد وأخت شقيقة وأختين لأب، تكون المقاسمة خيراً للجد، فتجعل المسألة من عدد رؤوسهم أي من خمسة: للجد منها سهمان، وللشقيقة نصف الكل سهمان، والسهم الباقي هو للأختين لأب، وتصح المسألة من عشرين.
ولو كان في المثال المذكور بدل الأختين لأب أخت واحدة، لم يبق لها شيء؛ لأن الجد يأخذ بالمقاسمة نصف المال، وهو خير له من الثلث، فبقي النصف الآخر للشقيقة، ولا يبقى للأخت لأب شيء.

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي 


4ً - إذا وجد معهم ذو فرض: فإما أن يكون للجد السدس فرضاً، وإما أن يكون له الأحظ من أمور ثلاثة: هي المقاسمة، أو ثلث الباقي، أو سدس جميع المال، وذلك إن بقي بعد الفروض أكثر من السدس.
فإن بقي قدر السدس: كبنتين، وأم، وجد، وإخوة، أو دون السدس كزوج وبنتين وجد وإخوة، أو لم يبق شيء كبنتين وزوج وأم وجد وإخوة، فللجد السدس، وتعول المسألة إن احتيج إلى ذلك.

وتسقط الإخوة إلا الأخت الأكدرية؛ لأنها كدرت مذهب زيد (1). أما وجوب السدس للجد: فلأن الأولاد لا ينقصون الجد عن السدس إذا كانوا معه، فأولى ألا ينقصه إخوة عنه.
وأما المقاسمة: فلأنها الأصل في جعل الإخوة في درجة الجد.
وأما ثلث الباقي: فلأن صاحب الفرض استحق فرضه، فيصبح الباقي كأنه جميع المال. والمبدأ لا ينقص حظ الجد عن الثلث، فلا ينقص عن ثلث الباقي هنا، قياساً على الأم في مسألة الغراوين.

الأكدرية: أن تتوفى امرأة عن زوج، وأم، وجد، وأخت شقيقة أو لأب. فبناء على مذهب زيد: وهو أن الجد يعصب الإناث من الأخوات، فلا يعتبرن من ذوات الفرض عنده خلافاً لمذهبي علي وابن مسعود، لا يكون للأخت شيء بمقتضى كونها عصبة، والعاصب لا شيء له إذا استغرقت الفروض التركة.
ولكن لما لم يكن هناك مسوغ لسقوط الأخت إذ لا حاجب يحجبها، ولم يمكن تعصيبها بالجد هنا؛ لأنه أصبح ذا فرض، فلو عصبها لنقص عن السدس،

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي  


فاستثنى زيد هذه المسألة من أصله في ميراث الجد مع الإخوة، فورّث الأخت مع الجد بالفرض، ففرض لها النصف، والمسألة من ستة.
فيكون للزوج النصف وهو (3)، وللأم الثلث وهو (2)، وللجد السدس وهو (1)، وللأخت النصف وهو (3)، وتعول إلى (9).
ولكن يؤدي التقسيم إلى زيادة حصة الأخت على الجد، ولما كان للجد ضعف الأخت إذا اجتمعا، فيجب أن يجمع نصيب الأخت ونصيب الجد، ثم يقتسماه، للذكر ضعف الأنثى، فتصبح المسألة من (27)، للزوج منها (9)،وللأم منها (6)، وللجد (8) وللأخت (4).
ويتم ذلك بضرب عدد رؤوس الجد مع الأخت وهو (3) في أصل المسألة وهو (9)، فتصبح من (27)، للزوج (3×3=9) ثلث المال، وللأم (2×3=6) هي ثلث الباقي، وللجد والأخت: (4×3=12)، للأخت (4) ثلث باقي الباقي، وللجد (8) هي الباقي.
والخلاصة: مذهب زيد لا يجعل الأخت الشقيقة أو لأب صاحبة فرض مع الجد، بل يجعلها معه عصبة، إلا في هذه المسألة، فإنه يجعلها معه صاحبة فرض، ويقتسمان مجموع النصيبين للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولو كانَ مكان الأخت: أخ أو أختان، فلا عول، ولا أكدرية؛ لأن سدس جميع المال خير للجد، فيكون السدس الثاني له، ولا شيء للأخ، ولا أكدرية؛ لأن الأخ عصبة. وأما إن كان بدلَ الأخت أختان، فيختلف نصيب الأم، فتأخذ السدس، ويبقى بعد نصيب الزوج سهمان، أي الثلث، فالمقاسمة والسدس سواء، فلا عول ولا أكدرية. 



الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي


تقسيم على مذهب زيد:
هذا التقسيم يبين أحوال الجد مع الإخوة باعتبار أهل الفرض معهم وجوداً وعدماً:

أولاً ـ إما ألا يكون معهم صاحب فرض:
فللجد خير الأمرين: من ثلث جميع المال، كجد وأخوين وأخت، أو المقاسمة، وتكون خيراً له إذا كان عدد الإخوة والأخوات أقل من مثليه وهي محصورة في خمس مسائل.
كجد وأخ، وجد وأخت، وجد وأختين، وجد وثلاث أخوات، وجد وأخ وأخت.

ثانياً ـ وإما أن يكون معهم صاحب فرض: من الزوجين والأم والجدتين والبنت وبنت الابن، أي ما عدا الأخوات.
1ً - فإما أن يفضل عن الفرض أكثر من السدس، فللجد أفضل أمور ثلاثة: وهي المقاسمة، وثلث الباقي، وسدس جميع المال.
وتكون المقاسمة خيراً له في جد وجدة وأخ، المسألة من (12)، لكل من الجد والأخ خمسة وللجدة اثنان. وكزوج وجد وأخ، المسألة من (4).
وثلث الباقي يكون خيراً له في مثل: أم وجد وعشرة إخوة، المسألة من (6) وتصح من (18)، للأ م (3)، وللجدة (5)، والباقي للإخوة.
وكجد وجدة وأخوين وأخت، المسألة من (6)، وتصح من (18)، ويتم التقسيم إذا لم يكن للباقي ثلث صحيح، فيضرب مخرج الثلث في أصل المسألة أي (3×6=18)، للجد (5)، وللجدة (3)، وللأخوين (8)، وللأخت (2).
وسدس جميع المال يكون خيراً له في مثل: زوجة، وبنتين، وجد، وأخ: للزوجة (3) من (24)، وللبنتين الثلثان (16)، ويبقى (5)، وسدس الجميع 4 خير له من المقاسمة.
2ً - أو يفضل السدس: فيدفع للجد فرضاً، ويسقط الأخ: كزوج وأم وجد وأخ، المسألة من (6)، للزوج النصف ثلاثة، وللأم الثلث اثنان، وللجد السدس واحد، ولا شيء للأخ.
3ً - أو يفضل أقل من السدس: فيعال الجد بتمام السدس، ويسقط الأخ: كزوج وبنتين وجد وأخ، المسألة من (12)، وتعول إلى (13)، للبنتين (8)، وللزوج (3)، ويبقى واحد، فيعال بواحد لتمام السدس، ويسقط الأخ.
وكزوج وجد وبنت وأم وأخت لأبوين، تعول إلى (13)، ولا شيء للأخت، لأنها عصبة مع البنت أو مع الجد، ولم يبق لها شيء بعد أخذ الجد السدس فرضاً.
4ً - أن تستغرق الفروض السدس، ويسقط الأخ، ويزاد في العول: كزوج وبنتين وأم وجد وأخ، المسألة تعول إلى (13)، ويزاد في العول سدس الجد، فتصير (15).

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

موقف القانون من مقاسمة الجد لإخوة:
نص القانون المصري (م 22) والسوري (م 1/ 279 - 4) على مقاسمة الجد للإخوة.
أما القانون المصري فقد جعل للجد مع الإخوة حالتين:


الأولى ـ أن يكون الموجود مع الجد من الإخوة والأخوات وارثاً بالتعصيب، ذكوراً فقط، أو ذكوراً وإناثاً، أو إناثاً عصبة مع الغير .كأخ شقيق؛ أو أخ شقيق مع أخت شقيقة، أو أخ لأب مع أخت لأب؛ أو أخت شقيقة أو لأب مع البنت أو بنت الابن.
فيجعل الجد كالأخ، ويرث معهم بالتعصيب، ويقاسمهم ما لم ينقص عن السدس، فإن نقص عنه يعطى عندئذ السدس فرضاً.
ولايُحسب على الجد الإخوة لأب مع الإخوة الأشقاء؛ لأنهم محجوبون بالأشقاء، ففي جد وأخ وشقيق وإخوة لأب، لكل من الجد والشقيق النصف، ويسقط الإخوة.
وهذا أخذ بمذهب علي وابن مسعود.

الثانية ـ أن يكون الموجود من الأخوات مع الجد وارثاً بالفرض: كأخت شقيقة أو لأب أو أكثر، ولا معصب مع الجد.
فيرث الجد بالتعصيب، ويأخذ ما بقي بعد الفروض، ما لم ينقص عن السدس، فإن نقص عنه، فإنه يعطى السدس.
ففي جد وأخت شقيقة أو لأب، يكون للأخت النصف فرضاً، والباقي للجد تعصيباً. وفي جد وأختين شقيقتين أو لأب، للأختين الثلثان فرضاً، والباقي للجد تعصيباً.
 وفي أخت شقيقة، وأخت لأب، وجد، للشقيقة النصف فرضاً، وللأخت لأب السدس فرضاً تكملة للثلثين، وللجد الباقي تعصيباً. وهذا مذهب علي وابن مسعود: وهوأن الجد لا يعصب الأخوات المنفردات.
أمثلة:
1 - مات عن جد وأخ شقيق وأخت شقيقة: المسألة من خمسة، للجد سهمان، وللأخ سهمان، وللأخت سهم واحد.
2 - مات عن زوجة وأختين شقيقتين: للزوجة الربع، وللأختين الثلثان، وللجد السدس، وتعول المسألة إلى (13).
3 - مات عن أب وجد وابن: للأب السدس، وللابن الباقي، ولا شيء للجد- لأنه محجوب بالأب-.

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي