الجمعة، 31 أغسطس 2012

دورة مدخل المعتقد الصحيح الأولى تحضير


دورة مدخل المعتقد الصحيح الأولى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه

مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ

فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ

إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»
[
آل عِمْرَان:١٠٢].

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ

وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً

وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ

عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»
[
النِّسَاء:١].

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ

وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا"
[
الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ

مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،

وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

ثم أَمَّا بَعْدُ:
إن خير ما أنفق فيه الإنسان عمره، وأوقاته وأنفاسه طلب العلم وتعلم العلم
وتعليمه، الذي هو من أفضل العبادات وأجل القربات
فإن الاشتغال بالعلم النافع المستمد من كتاب الله عز وجل

وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بهذا العلم هو

سبيل الفلاح وسبب السعادة في الدنيا والآخرة لأن هذا

العلم هو ميراث النبوة الذي من أخذ به أخذ بحظ وافر

ولأن العمل بهذا العلم مبني على جادة قويمة

وصراط مستقيم ، لذا نقدم قبسة من قبسات علم العقيدة ، نظرًا لأهمية دراسة العقيدة

«فأهمية دراسة العقيدة تتبين من وجهين:

الوجه الأول: أنها جزء من الدين , وبالتالي فكل النصوص

الآمرة بأخذ الدين وتعلمه تتناول مسائل العقيدة بالأولوية.

الوجه الثاني: أنها أصل في أعمال الجوارح , بمعنى أن صلاح العقيدة يورث صلاح العمل والعكس بالعكس , وقد ضرب الله مثلا لذلك بأهل الكتاب حين قال:
"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ
اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ *
ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ۖ وَغَرَّهُمْ
فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ"  
" آلعمران 24- 23:
تولوا وهم معرضون لاعتقادهم أن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودات

 " لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ  "
فالله -عز وجل- جعل افتراءهم في الدين , وفساد اعتقادهم... سببًا لفساد أعمالهم وأصلا لإعراضهم.

شبكة النصيحة الإسلامية بتصرف 


 تعريف العقيدة وعلاقتها بالتوحيد«




أولاً : تعريــف العقيــدة :
---------------
لغـــةً :
العقيدة مأخوذة من العقد ، وهو الشد والربط والإيثاق والثبوت والإحكام .
لسان العرب / مادة : عقد
وقـد تكـون عقيـدة فاسـدة مثـل : عقيـدة النصـارى - التثليـث -، وعقائـد الفـرق الضالـة .
وقـد تكـون عقيـدة حقـة ، فهـي عقيـدة المسـلم - التوحيـد - .

وقيل : العقيدة مأخوذة مـن العقـد ، وهـو ضـد الحَـل ، وفيـه : العُقـدة ، لأنهـا غيـر محلولـة ، ومنـه :
العَقْـدُ : وهـو الجمـع بيـن المتفرقـات .
عقـد نكـاح : وهـو جمـع بيـن رجـل وامـرأة .
عقـد البيـع : وهـو جمـع بيـن ثمـن ومثمـون وبائـع ومشـتري .
اصطلاحـًـا :
 العقيدة :هي الإيمان الجازم بالله تعالى ، وما يجب له _ سبحانه _ من التوحيد ، والإيمان بملائكته وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقَدَر خيره وشره  ،وبما يتفرع عن هذه الأصول ويلحق بها _ مما هو من أصول الدين - .
رسالة : العقيدة الصحيحة / للشيخ عبد العزيز بن باز / ص: 3،4 .
ورسالة : مجمل أصول أهل السنة والجماعة / ص: 5 .

ثانيــًا : تعريــف التوحيــد :

-------------------
لغــةً :
التوحيد : مصدر وحَّد ، يوحِّد ، وهو جعل الشيءواحدًا .
لسان العرب / مادة : وحَّد .
اصطلاحــًا :
التوحيد : هو الإيمان بوجود الله ، وإفراده بالربوبية والألوهية ، والإيمان بجميع أسمائه وصفاته – التي أثبتها لنفسه - .
تسهيل العقيدة الإسلامية  / د . عبد الله بن عبد العزيز الجبرين
أو : هو إفراد الله تعالى بما يختص به .

فتاوى أركان الإسلام / للشيخ محمد بن صالح العثيمين / ص : 9


-8-
وقسم أهل العلم  التوحيـد إلـى ثلاثـة أقسـام :
1 ـ توحيـد الربوبيـة .                2 ـ توحيـد الألوهيـة .         3 ـ توحيـد الأسـماء والصفـات .
وقـد اجتمعـت فـي قولـه تعالـى :
" رَّبُّ السَّمَـوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَـا بَيْنَهُمَـا فاعْبُـدْهُ وَاصْطَبِـرْ لِعِبَادَتِـهِ هَـلْ تَعْلَـمُ لَـهُ سَـمِيًّا " .
سورة مريم / آية : 65 .
 


ثالثــًا : تعريــف الإيمــان :
------------------
لغــةً :
التصديـق.
قـال إخـوة يوسـف لأبيهـم : " ... وَمَـا أَنـتَ بِمُؤْمِـنٍ لَّنَـا وَلَـوْ كُنَّـا صَادِقِيـنَ " .
سورة يوسف / آية : 17 .
ومـا أنـت بمؤمـن لنـا : أي ومـا أنـت بمصـدق لنـا .
مختصر معارج القبول بشرح سُلِّم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد /
للشيخ حافظ بن أحمد حكمي  / ص : 175 / بتصرف .
اصطلاحــًا :
هـو جملـة الاعتقـادات والأقـوال والأفعـال التـي يسـتقيم بهـا ديـن العبـد .
شــرعًا :
الإيمـان فـي الشـريعة فلإطلاقـه حالتـان :
الأولــى : أن يطلـق علـى الإِفْـراد غيـر مقتـرن بذكـر الإسـلام ، فحينئـذ يـراد بـه الديـن كلـه ، القـول والعمـل .
والثانيــة : أن يطلـق الإيمـان مقرونـًا بالإسـلام ، وحينئـذ يفسـر بالاعتقـادات الباطنـة كمـا فـي حديـث جبريـل(1) ـ عليه السلام ـ .                                            مختصر معارج القبول / للشيخ حافظ بن أحمد حكمي  / ص : 175 .
(1) حديث جبريل ؛بصحيح البخاري / 2- كتاب الإيمان / 37 – باب سؤال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم / حديث رقم : 50 / ص: 16

·                شــرح التعريــف شــرعًا :
--------------

الحالــة الأولــى :
يـراد بالإيمـان الديـن كلـه إذا ذُكِـرَ علـى الإفـراد ، مـن أمثلـة هـذه الحالـة : قولـه تعالـى :
" إِنَّمَـا الْمُؤْمِنُـونَ الَّذِيـنَ إِذَا ذُكِـرَ اللهُ وَجِلَـتْ قُلُوبُهُـمْ وَإِذَ تُلِيَـتْ عَلَيْهِـمْ آيَاتُـهُ زَادَتْهُـمْ إِيمَانـًا وَعَلَـى رَبِّهِـمْ يَتَوَكَّلُـونَ * الَّذِيـنَ يُقِيمُـونَ الصَّـلاَةَ وَمِمَّـا رَزَقْنَاهُـمْ يُنفِقُـونَ * أُولَئِـكَ هُـمُ الْمُؤْمِنُـونَ حَقًّـا لَّهُـمْ دَرَجَـاتٌ عِنـدَ رَّبَّهِـمْ وَمَغْفِـرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيـمٌ " .
سورة الأنفال / آية : 2 ـ 4 .
وفسـره النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بأمـور الديـن الظاهـرة والباطنـة فـي حديـث وفـد عبـد القيـس فـي الصحيحيـن وغيرهمـا :

* فعـن أبـي حمـزة قـال : كنـتُ أقعـدُ مـع ابـن عبـاسٍ يجلسُـني علـى سـريره ، فقـال : أقِـمْ عنـدي حتـى أجعـل لـك سـهمًا مـن مالـي . فأقمـتُ معـه شـهرين ، ثـم قـال : إن وفـد عبـد القيـس لمـَّا أتَـوْا النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال:
 " مَـن القـوم ـ أو مَـن الوفـدُ ؟ ـ " . قالـوا : ربيعـةُ . قـال : " مرحبـًا بالقـوم ـ أو بالوفـد ـ غيـرَ خزايـا (1) ولا ندامـى " . فقالـوا : يـا رسـول الله ، إنـا لا نسـتطيع أن نأتيـك إلا فـي الشـهر الحـرام ، وبيننـا وبينـك هـذا الحـيُّ مـن كفـار مُضَـرَ ، فَمُرْنـا بأمـرٍ فصـلٍ نخبـرُ بـه مَـنُ وراءَنـا ، وندخـلُ بـه الجنـةَ وسـألوه عـن الأشـربة .
فأمرهـم بأربـعٍ ونهاهـم عـن أربـعٍ :
أمرهـم بالإيمــان بالله وحـده ، قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : أتـدرون مـا الإيمـان بالله وحـده ؟ قالـوا : الله ورسـوله أعلـمُ .
قـال : شـهادة أن لا إله إلا الله وأن محمـدًا رســولُ اللهِ ، وإقـام الصـلاة ، وإيتـاء الزكـاةِ وصيـام رمضـانَ ، وأن تُعطـوا مِـنَ المغنـم الخمـسَ .
ونهاهـم عـن أربــع : عـن الحنتـم (2) ، والدُّبَّــاء (3) ، والنقيــر (4) ، والمزفَّــت (5) ، ـ وربمـا قـال
----------------------------------------------------
( 1 ) غير خزايا : المعنى أنهم أسلموا طوعًا من غير حرب أو سبي يخزيهم ويفضحهم .
( 2 ) الحنتم : الجرة ، وروى الحربي في الغريب عن عطاء أنها جرار كانت تعمل من طين وشعر ودم .
( 3 ) الدُّباء : القرع ـ قال النووي : والمراد اليابس منه .
( 4 ) النقير : أصل النخلة ينقر فيتخذ منه وعاء .
( 5 ) المزفت : ما طلي بالزفت .

المُقَيَّـر (1) ـ وقـال : احفظوهـن ، وأخبـروا بهـن مَـن مَـن وراءكـم .
  فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 1/ ( 2 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 40 )  ـ باب :
   أداء الخُمُس من الإيمان/ حديث رقم : 53/ ص : 157 .
الحالــة الثانيــة :
أن يطلـق الإيمـان مقرونًـا بالإسـلام ، وحينئـذ يفسـر الإيمـان بالاعتقـادات الباطنـة كمـا فـي حديـث جبريـل ـ عليه السلام ـ .             
                   مختصر معارج القبول ... / للشيخ حافظ بن أحمد حكمي  / ص : 175 / بتصرف .
* فعـن أبـي زُرْعَـةَ عـن أبـي هريـرة قـال : كـان النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بـارزًا يومـًا للنـاس ، فأتـاه رجـلٌ فقـال : مـا الإيمـان ؟ قـال : "الإيمـانُ أن تؤمـنَ باللهِ ، وملائكتـه ، وبلقائـه ، ورسـله ، وتؤمـن بالبعـث ".
قـال : مـا الإسـلام ؟ قـال : "الإسـلام أن تعبـدَ الله ولا تشـرك بـه ، وتقيـم الصـلاة ، وتـؤدي الزكـاة المفروضـة ، وتصـوم رمضـان ".
قـال : مـا الإحسـان ؟ قـال : "أن تعبـد الله كأنـك تـراه ، فـإن لـم تكـن تـراه فإنـه يـراك ".
قـال : متـى السـاعة ؟ قـال : مـا المسـئول عنهـا بأعلـمَ مـن السـائل ، وسـأخبرُكَ عـن أشـراطِهَا :
إذا ولـدتِ الأمـةُ ربهـا ، وإذا تطـاول رُعـاةُ الإبـلِ البُهْـمِ فـي البنيـان ، فـي خمـسٍ لا يعلمهـن إلا الله 0
ثـم تـلا النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " إن الله عنـده علـم السـاعةِ . " الآية (2) . ثـم أدبـر . فقـال : ردوه . فلـم يـروا شـيئًا .
فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : هـذا جبريـل جـاء يعلـمُ النـاس دينهـم" .
  فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 1 / ( 2 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 37 ) ـ باب : سؤال جبريل
  النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم 000 / حديث رقم : 50 / ص : 140  

وقـد حكـى الإسـماعيلي عـن أهـل السـنة والجماعـة قالـوا : إنهـا تختلـف دلالتهمـا بالاقتـران ، فـإن أُفـِردَ أحدهمـا دخـل الآخـر فيـه .                                                  فتح الباري بشرح صحيح البخاري  / ج : 1 / ص : 141 .

o   فائـــدة :
ـــــــ
الإيمـان بالكتــب والرسـل والملائكـة واليــوم الآخــر والإيمـان بالقـدر يدخـل فـي إطـار العقيــدة
---------------------------------------------------
( 1 ) المقير : ما طُلي بالقار ، وهو نبت يحرق إذا يبس ، تطلى به السفن وغيرها كما تطلى بالزفت ، ومعنى النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية بخصوصها لأنه يسرع فيها الإسكار ، فربما شرب منها من لا يشعر بذلك ثم ثبتت الرخصة في الانتباذ في كل وعاء مع النهي عن شرب كل مسكر .
( 2 ) سورة / لقمان : 34
-11-
" بالمطابقـة " وفـي التوحيـد " بالالتـزام " .
المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية على مذهب أهل السنة والجماعة /د. إبراهيم بن محمد البريكان / ص : 15 .

مفهوم السنة في المعتقد:
السنة في اللغة: الطريقة والسيرة، حسنة كانت أم قبيحة، وهي في اصطلاح علماء العقيدة الإسلامية: الهدي الذي كان عليه رسول الله وأصحابُه، علمًا واعتقادًا، وقولا، وعملا، وهي السنة التي يجب اتباعها، ويحمد أهلُها، ويُذمُّ من خَالَفها؛ ولهذا قيل: فلان من أهل السنة: أي من أهل الطريقة الصحيحة المستقيمة المحمودة.


الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

فالعلماء يعتبرون السنة مقابل البدعة مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) حتى قال (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 58
خلاصة حكم المحدث: صحيح 
 
- اتقوا الله و عليكم بالسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا ، و إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء من بعدي الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و محدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة
الراوي: العرباض بن سارية المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 54
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح 



«بيان مصادر العقيدة ومنهج السلف في تلقيها :-
العقيدة توقيفية؛ فلا تثبت إلا بدليل من الشارع، ولا مسرح فيها للرأي والاجتهاد، ومن ثَمَّ فإن مصادرها مقصورة على ما جاء في الكتاب والسنة؛ لأنه لا أحد أعلمُ بالله ، وما يجب له ، وما ينزه عنه ، من الله، ولا أحد -بعد الله- أعلمُ بالله من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا كان منهج السلف الصالح ومن تبعهم في تلقِّي العقيدة مقصورًا على الكتاب والسنة.
فما دلّ عليه الكتاب والسنة في حق الله -تعالى- آمنوا به، واعتقدوه وعملوا به. وما لم يدل عليه كتاب الله ولا سنة رسوله نقَوْهُ عن الله -تعالى- ورفضوه؛ ولهذا لم يحصل بينهم اختلاف في الاعتقاد، بل كانت عقيدتهم واحدة، وكانت جماعتهم واحدة؛ لأن الله تكفّل لمن تمسك بكتابه، وسنة رسوله ، باجتماع الكلمة، والصواب في المعتقد واتحاد المنهج، قال -تعالى-: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}  [آل عمران:103].
وقال -تعالى-: {فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى} [طه:23].
ولذلك سُمُّوا بالفرقة الناجية؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد لهم بالنجاة حين أخبر بافتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، ولما سئل عن هذه الواحدة قال: « من كان على ما أنا عليه وأصحابي  »
 - وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة , كلها في النار إلا واحدة قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : من كان على ما أنا عليه وأصحابي 
  الراوي: - المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/353
خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته
 الدرر السنية 



المرجع : كتاب عقيدة التوحيد للشيخ صالح الفوزان بتصرف
 ______________  





 
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه

مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ

فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ

إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»
[
آل عِمْرَان:١٠٢].

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ

وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً

وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ

عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»
[
النِّسَاء:١].

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ

وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
» [الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ

مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،

وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

ثم أَمَّا بَعْدُ:
إن خير ما أنفق فيه الإنسان عمره، وأوقاته وأنفاسه طلب

العلم وتعلم العلم
وتعليمه، الذي هو من أفضل العبادات

وأجل القربات

فإن الاشتغال بالعلم النافع المستمد من كتاب الله عز وجل

وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بهذا العلم هو

سبيل الفلاح وسبب السعادة في الدنيا والآخرة لأن هذا

العلم هو ميراث النبوة الذي من أخذ به أخذ بحظ وافر

ولأن العمل بهذا العلم مبني على جادة قويمة

وصراط مستقيم ، لذا نقدم قبسة من قبسات علم المعتقد ،

نظرًا لأهمية دراسة المعتقد
ولفظ ( عقيدة ) غير موجود في الكتاب ولا في السنة ،
فهي مولدة إذ لم تكن في الصدر الأول و المستعمل هو الاعتقاد ، وكلمة معتقد اسم مفعول أو مصدر ميمي من اعتقد .

فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)1، وإن أعظم الفقه في الدين هو الفقه الأكبر كما سماه السلف الصالح، أعني: فقه العقيدة والأصول والمسلمات والثوابت التي يقوم عليها الدين،

شرح
مجمل أصول أهل السنة
1
«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين . وإنما أنا قاسم ويعطى الله»
الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: مسلم - المصدر:
صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1037
خلاصة حكم المحدث:
صحيح
الدرر السنية


قال مسلم في صحيحه

1721 1037- وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ،
قال:أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ

" سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ

«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ»

صحيح مسلم - كِتَاب الزَّكَاةِ - لا تلحفوا في المسألة فوالله لا يسألني
أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك
له فيما أعطيته

موقع الإسلام

شرح الحديث

هنا




نقدم قبسة من قبسات علم العقيدة ، نظرًا لأهمية دراسة العقيدة

«فأهمية دراسة العقيدة تتبين من وجهين:

الوجه الأول:أنها جزء من الدين , وبالتالي فكل النصوص

الآمرة بأخذ الدين وتعلمه تتناول مسائل العقيدة بالأولوية.

الوجه الثاني:أنها أصل في أعمال الجوارح , بمعنى أن صلاح العقيدة يورث صلاح العمل والعكس بالعكس , وقد ضرب الله مثلا لذلك بأهل الكتاب حين قال:
"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ
اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ *
ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ۖ وَغَرَّهُمْ
فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ"
" آلعمران 24- 23:
تولوا وهم معرضون لاعتقادهم أن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودات

" لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ "
فالله -عز وجل- جعل افتراءهم في الدين , وفساد اعتقادهم،
سببًا لفساد أعمالهم وأصلا لإعراضهم


شبكة النصيحة الإسلامية بتصرف

فغرس العقيدة في النفوس هو أمثَلُ طريقة لإيجاد عناصر صالحة تستطيع أن تقوم بدورها كاملاً في الحياة وتُسْهِم بنصيب كبير في تزويدها بما هو أنفع وأرشد؛ إذْ إنَّ هذا اللون من التربية يُضْفِي على الحياة ثوب الجمال والكمال، ويظلِّلها بظلال المحبَّة والسلام. العقيدة هي الالتزام بالأصول والمسلمات والقطعيات في أبواب الدين كله، وللعقيدة أهمية بالغة؛ إذ إنها هي الأسس والركائز التي يقوم عليها الدين، وللعقيدة الإسلامية خصائص وسمات منها: الوضوح والكمال والشمول، ونقاء المصادر، والبقاء والديمومة، بخلاف بقية العقائد الملفقة التي نهايتها الزوال والاضمحلال.
شرح مجمل أصول أهل السنة
ناصر العقل
ونظراً لأنه في بداية كل علم لابد من الوقوف على مصطلحاته، فلابد هنا أن نستهل هذه الدورة بالتعريف بأهم مصطلحات الموضوع أو مصطلحات العقيدة وما يرادفها. تعريف العقيدة وعلاقتها بالتوحيد«

*العقيدة في اللغة :



مأخوذة من العقد وهو ربط الشيء، واعتقدت كذا‏:‏ عقدت عليه القلب والضمير‏.‏ والعقيدة‏:‏ ما يدين به الإنسان، يقال‏:‏ له عقيدة حسنة، أي‏:‏ سالمةٌ من الشك‏.‏ والعقيدةُ عمل قلبي، وهي إيمانُ القلب بالشيء وتصديقه به‏.‏

عقيدة التوحيد
لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله آل فوزان

وقيل


العقيدة في اللغة: من العقد؛ وهو الربط، والإبرام، والإحكام، والتوثق، والشد بقوة، والتماسك، والمراصة، والإثبات؛ ومنه اليقين والجزم. والعقد نقيض الحل، ويقال: عقده يعقده عقداً، ومنه عقدة اليمين والنكاح، قال الله تبارك وتعالى:
{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم
بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ
}
[المائدة: 89].


والعقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين ما يقصد به الاعتقاد دون العمل؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل. والجمع: عقائد وخلاصة ما عقد الإنسان عليه قلبه جازماً به؛ فهو عقيدة، سواء كان حقاً، أم باطلاً

الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص29

وقيل


العقيدة مأخوذة من العقد ، وهو الشد والربط والإيثاق والثبوت والإحكام .
لسان العرب / مادة : عقد
وقـد تكـون عقيـدة فاسـدة مثـل : عقيـدة النصـارى - التثليـث -، وعقائـد الفـرق الضالـة
وقـد تكـون عقيـدة حقـة ، فهـي عقيـدة المسـلم - التوحيـد - .

وقيل : العقيدة مأخوذة مـن العقـد ، وهـو ضـد الحَـل ، وفيـه : العُقـدة ، لأنهـا غيـر محلولـة ، ومنـه :
العَقْـدُ : وهـو الجمـع بيـن المتفرقـات .
عقـد نكـاح : وهـو جمـع بيـن رجـل وامـرأة .
عقـد البيـع : وهـو جمـع بيـن ثمـن ومثمـون وبائـع ومشـتري .

*العقيدة في الاصطلاح

و(العقيدة) في الاصطلاح: هي الأمور التي يجب أن يصدق بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك. أي: الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى معتقده، ويجب أن يكون مطابقاً للواقع، لا يقبل شكاً ولا ظنا؛ فإن لم يصل العلم إلى درجة اليقين الجازم لا يسمى عقيدة. وسمي عقيدة؛ لأن الإنسان يعقد عليه قلبه

الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص30

والعقيدة الإِسلاميَّة :
هي الإيمان الجازم بالله، وما يجب له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وبكل ما جاءت به النصوص الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب وأخباره، وما أجمع عليه السلف الصالح. والتسليم لله تعالى في الحكم والأمر والقدر والشرع، ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة والتحكيم والاتباع

مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة لناصر بن

عبد الكريم العقل - ص9

والعقيدة الإِسلاميَّة:

إِذا أُطلقت فهي عقيدة أَهل السُّنَّة والجماعة ؛ لأنَّها هي الإِسلام الذي ارتضاه اللّه دينا لعباده ، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضَّلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإِحسان .

الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص30

تنبيه

ليست العقيدة مجرد معرفة باردة بالله أو معرفة يستعلي صاحبها عن الإقرار بها أو يرفض أن ينصـاع لحكمها ؛ بل هي عقيدة رضي بها قلب صاحبها وأعلن عنها بلسانه وارتضى المنهج الذي صاغه الله متصلاً بها .
ولذلك قال علماء السلف : " الإيمان : اعتقاد بالجنان ، ونطق باللسان ، وعمل بالأركان " .

فالعقيدة الإسلامية إجمالاً هي الإيمان ، وتفصيلا هي :
( مجموعة التصورات الإيمانية المستمدة من الكتاب والسنة وما يرتبط بها من الإرادات التي يربط عليها القلب ويظهر أثر ذلك على اللسان والجوارح ما أمكن )

وأقصد بالتصورات: قول القلب، وبالإرادات :عمل القلب، والإرادات والتصورات: هما الباطن الذي إذا صلح صلح الجسد كله ( اللسان والأعضاء ) .
فنحن نرى كثيراً من الناس يعرفون الحقيقة على وجهها ولكنّهم لا ينصاعون لها ، ولا يصوغون حياتهم وفقها بل قد يعارضون الحق الذي استيقنوه ويحاربونه.
فهذا إبليس يعرف الحقائق الكبرى معرفة يقينية يعرف الله ، ويعرف صدق الرسل والكتب ولكنّه نذر نفسه لمحاربة الحق الذي يعرفه .1

وفرعون كان يوقن بأن المعجزات التي جاء بها موسى إنما هي من عند الله ولكنه جحد بها استكباراً وعلواً كما قال الله في حقه وملئه : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّاً ) [النمل : 14] .وقد خاطب موسى فرعون قائلاً : ( قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ) [الإسراء : 102]
وأهل الكتاب يعرفون أنّ محمداً مرسل من ربه : (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ ) [البقرة : 146]
ولكنّهم لا يقرّون بذلك

هنا

1
{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَلِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}[إبراهيم:22]
{فلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم:22].

______________

نمـوذج للمعرفــة التـي لا تعتبــر تصديقًــا

عـن محمــود بـن لبيـد أخـي بنــي عبـد الأشـهل عـن سـلمة بـن سـلامة بـن وقـش ـ وكـان مـن أصحـاب بـدر ـ وقـال : كـان لنـا جـار مـن يهـود فـي بنـي عبـد الأشـهل .
قـال : فخـرج علينـا يومـًا مـن بيتـه قبـل مبعـث النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بيسـير ، فوقـف علـى مجلـس عبـد الأشـهل .
قـال سـلمة : وأنـا يومئـذ أحـدث مـن فيـه سِـنًا علـى بـردة مضطجعـًا فيهـا بفنـاء أهلـي ، فذكـر البعـث والقيامـة والحسـاب والميـزان والجنـة والنـار ، فقـال ذلـك لقـومٍ أهـل شـركٍ أصحـاب أوثـانٍ لا يـرون أن بعثـًا كائـنٌ بعـد المـوت .
فقالـوا لـه : ويحـك يا فـلان ، تـرى هـذا كائنـًا ، أن النـاس يُبعثـون بعـد موتهـم إلـى دارٍ فيهـا جنـة ونـار يجـزون فيهـا بأعمالهـم ؟ قـال : نعـم ، والـذي يُحلَـفُ بـه لَـوَدَّ (1) أن لـه بحظـه (2) مـن تلـك النـار أعظـمَ تنـورٍ فـي الدنيـا يحمُّونَـهُ ، ثـم يدخلونـه إيـاه فيُطْبَـقُ بـه عليـه وأن ينجـو مـن تلـك النـار غـدًا .
قالـوا لـه : ويحـك ، ومـا آيـة ذلـك ؟
قـال : نبـي يبعـث مـن نحـو هـذه البـلادِ ، وأشـار بيـده نحـو مكـة واليمـن .
قالـوا : ومتـى تـراه ؟
قـال : فنظـر إلـيَّ وأنـا مـن أحدثهـم سِـنًّا ، فقـال : إن يسـتنفذ هـذا الغـلام عمـره يدركـه .
قـال سـلمة : فوالله مـا ذهـب الليـل والنهـار حتـى بعـث الله تعالـى رسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـو حـي (3) بيـن أظهرنـا فآمنـا بـه ، وكفـر بغيـًا وحسـدًا .
فقلنـا : ويلـك يـا فـلان ألسـت بالـذي قلـت لنـا فيـه مـا قلـت ؟ ! .
قـال : بلـى وليـس بـه .
رواه أحمد . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / مجلد رقم : 5 / ص : 407 .
( 1 ) يَـوَدّ : أي : يَـوَدُّ الـذي رأى هـذه النـار .
( 2 ) بحظـه : أي : بنصيبـه .
( 3 ) وهـو : أي : اليهـودي .


**************

نمـــوذج للتصديـــق
قـال تعالـى : { وَمَرْيَـمَ ابْنَـتَ عِمْـرَانَ الَّتِـي أَحْصَنَـتْ فَرْجَـهَا فَنَفَخْنَـا فِيـهِ مِـن رُّوحِنَا وَصَدَّقَـتْ بِكَلِمَـاتِ رَبِّهَـا وَكُتُبِـهِ وَكَانَـتْ مِـنَ الْقَانِتِيـنَ } .
سورة التحريم / آية : 12
مـن تفسـير : تيسـير الكريـم الرحمـن

( للشيخ / عبد الرحمن السعدي ) :
قــال : وهـذا وصـف لهـا بالعلــم والمعرفــة ، فـإن التصديـق بكلمـات الله يشـمل كلماتـه الدينيــة والقدريـة .

والتصديـق بكتبـه يقتضـي معرفـة مـا بـه يحصـل التصديـق ، ولا يكـون ذلـك إلا بالعلـم والعمـل .

ولهـذا قـال تعالـى : " وَكَانَـتْ مِـنَ الْقَانِتِيـنَ " أي : المطيعيـن لله ، المداوميـن علـى طاعتـه بخشـية وخشـوع ، وهـذا وصـف لهـا بكمـال العمـل ، فإنهـا ـ رضي الله عنها ـ صِدِّيقـه ، والصديقيـة هـي كمـال العلـم والعمـل .
ا.هـ_____________________

المجلس الثاني


تعريــف التوحيــد
*التوحيد في اللغة
التوحيد : مصدر وحَّد ، يوحِّد ، وهو جعل الشيءواحدًا .
لسان العرب / مادة : وحَّد .
*التوحيد في الاصطلاح
التوحيد : هو الإيمان بوجود الله ، وإفراده بالربوبية والألوهية ،
والإيمان بجميع أسمائه وصفاته – التي أثبتها لنفسه - .
تسهيل العقيدة الإسلامية / د . عبد الله بن عبد العزيز الجبرين

أو : هو إفراد الله تعالى بما يختص به .

فتاوى أركان الإسلام / للشيخ محمد بن صالح العثيمين / ص : 9

وورد فـي القـول المفيـد علـى كتـاب التوحيـد ج : 1 / ص : 56 :
والعبـادة الخالصـة الحقـة ، مبنيـة علـي التوحيـد ، فكـل عبـادة لا توحيـد فيهـا فهـي باطلـة .
عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" قـال الله تعالـى : أنـا أغنـى الشـركاء عـن الشـرك ، مـن عمـل عمـلاً أشـرك فيـه مَعِـيَ غَيـري ، تركتـه وشـركه "1 . ا . هـ .
1صحيح مسلم / كتاب : الزهد / باب : من أشرك في عمله غير الله / حديث رقم : 2289

وقـد بقـي النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي مكـة بعـد البعثـة ثلاثـة عشـرَ عامـًا يدعـو النـاس إلـى التوحيـد ، وإصـلاح العقيـدة ، لأنهـا الأسـاس الـذي يقـوم عليـه بنـاء الديـن .
وقـد احتـذى الدعـاة والمصلحـون فـي كـل زمـان حـذو الأنبيـاء والمرسـلين ، فكانـوا يبـدءون بالدعـوة إلـى التوحيـد ، وإصـلاح العقيـدة ، ثـم يتجهـون بعـد ذلـك إلـى الأمـر ببقيـة أوامـر الديـن .


أنـواع التوحيـد

أنـواع التوحيـد تدخـل كلهـا فـي تعريـف عـام وهـو :
إفـراد الله سـبحانه وتعالـى بمـا يختـص بـه .
هنـاك مـن أهـل العلـم مـن قسـم التوحيـد إلـى ثلاثـة أقسـام وهـي :
1ـ توحيـد الربوبيـة .
2ـ توحيـد الألوهيـة .
3 ـ توحيـد الأسـماء والصفـات .

وقـد اجتمعـت هذه الأنواع الثلاثة فـي قولـه تعالـى :
{ رَبُّ السَّـمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَـا بَيْنَهُمَـا فَاعْبُـدْهُ وَاصْطَبِـرْ لِعِبَادَتِـهِ هَـلْ تَعْلَـمُ لَـهُ سَـمِيّاً }


سورة مريم / آية : 65


قـال الشـيخ العثيميـن :
والعلمـاء ـ علمـوا ذلـك التقسـيم ـ بالتتبـع والاسـتقراء والنظـر فـي الآيـات والأحاديـث فوجـدوا أن التوحيـد لا يخـرج عـن هـذه الأنـواع الثلاثـة . ا . هـ .

فتـاوى العقيـدة للشـيخ العثيميـن : ص : 6

ومن العلماء من قسم التوحيد إلى قسمين فقط وهما:

توحيد المعرفة والإثبات وهو يقابل:

توحيـد الربوبيـة وتوحيـد الأسـماء والصفـات

♥ توحيد الطلب والقصد وهو يقابل:


توحيد الألوهية


* قال ابن أبي العز الحنفي في شرحه على العقيدية الطحاوية:
ثم التوحيد الذي دعت إليه رسل الله، ونزلت به كتبه نوعان:
1/ توحيد في الإثبات والمعرفة.
2/ وتوحيد في الطلب والقصد.

وهـذا التقسـيم إنمـا هـو للتفهيـم والبيـان ، وإلا فاللـه

لايقبـل التوحيـد مـن إنسـان أخـل بأحـد أنواعـه .

ما حقيقة أنواع التوحيد الثلاثة ؟

أولاً : توحيــد الربوبيــة
هـو الإيمـان بأن الـرب هـو الخالـق ، الـرازق ، المحيـي ، المميـت ، مُنَـزِّل الكتـب ، مرسـل الرسـل ، المجـازي فـي الدنيـا والآخـرة ، وإفـراده سـبحانه بكـل هـذا .

فتوحيد الربوبية توحيد الله تعالى بأفعاله كالخلق والرَّزق والإحياء والإماتة وغيرها من أفعاله التي اختص بها ولم يشاركه فيها أحد.

ومـن خـلال هـذا التعريـف نجـد أن :
أقسـام توحيـد الربوبيـة هـى :

1 ـ قــدر كونــي :

قـال تعالـى : { إِنَّـا كُـلَّ شَـيْءٍ خَلَقْنَـاهُ بِقَـدَرٍ }
سورة القمر / آية : 49

وقـال تعالـى : { إِنَّمَـا قَوْلُنَـا لِشَـيْءٍ إِذَا أَرَدْنَـاهُ أَن نَّقُـولَ لَـهُ كُـن فَيَكُـونُ }
سورة النحل / آية : 40
فالقـدر الكونـي : كالخلـق ، والـرزق ، والإحيـاء ، والإماتـة ، والنفـع ، والضـر .

2ـ قـدر تشـريعي :

وهـو يشـمل العلـم ، والرسـالات ، والكتـب ، والوحـي ، والتحليـل ، والتحريـم .
ـ ومـن أدلـة ذلـك :
ـ ( العلـم ) : قـال تعالـى : { ... ذَلِكُمَـا مِمَّـا عَلَّمَنِـي رَبِّـي ... } .سورة يوسف / آية : 37

وقـال تعالـى : { ... وَقُـل رَّبِّ زِدْنِـي عِلْمـاً }
سورة طه / آية : 114

ـ ( الرسـالات ) : قـال تعالـى : { لِيَعْلَـمَ أَن قَـدْ أَبْلَغُـوا رِسَـالاَتِ رَبِّهِـمْ ... } .
سورة الجن / آية : 28 .
ـ ( الكتـب ) : قـال تعالـى : { ... تِلْـكَ آيَـاتُ الْكِتَـابِ وَالَّـذِيَ أُنـزِلَ إِلَيْـكَ مِـن رَّبِّـكَ الْحَـقُّ ... }
سورة الرعد / آية : 1

ـ ( الوحـي ) : قـال تعالـى : { ذَلِـكَ مِمَّـا أَوْحَـى إِلَيْـكَ رَبُّـكَ مِـنَ الْحِكْمَـةِ ... }
سورة الإسراء / آية : 39 .

ـ ( التحليـل والتحريـم ) :

قـال تعالـى : { قُـلْ تَعَالَـوْاْ أَتْـلُ مَـا حَـرَّمَ رَبُّكُـمْ عَلَيْكُـمْ ... } .سورة الأنعام / آية : 151 .

باختصـار القـدر التشـريعي يشـمل : ( افعـل ولا تفعـل ) .

3 ـ القــدر الجزائــي :

فالـذي يجـازي فـي الدنيـا والآخـرة إنمـا هـو الـرب .
مـن أمثلـة الجـزاء فـي الدنيـا :
قولـه تعالـى : { أَلَـمْ تَـرَ كَيْـفَ فَعَـلَ رَبُّـكَ بِأَصْحَـابِ الْفِيـلِ } .سورة الفيل / آية : 1 .
وقولـه تعالـى :{ أَلَـمْ تَـرَ كَيْـفَ فَعَـلَ رَبُّـكَ بِعَـادٍ }
سورة الفجر / آية : 6 .

ومـن أمثلـة الجـزاء فـي الآخـرة :
قولـه تعالـى : { إِنَّ السَّـاعَةَ ءاَتِيَـةٌ أَكَـادُ أُخْفِيهَـا لِتُجْـزَى كُـلُّ نَفْـسٍ بِمَا تَسْـعَى } .
سورة طه / آية : 15 .
وقولـه تعالـى : { ... أَدْخِلُـوا آلَ فِرْعَـوْنَ أَشَـدَّ الْعَـذَابِ } . سورة غافر / آية : 46 .
وقولـه : { ... إِنَّـا أَعْتَدْنَـا لِلظَّالِمِيـنَ نَـاراً أَحَـاطَ بِهِـمْ سُـرَادِقُهَا ... } .
سورة الكهف / آية : 29 .
وقولـه : { إِنَّ الَّذِيـنَ آمَنُـوا وَعَمِلُـوا الصَّالِحَـاتِ إِنَّـا لاَ نُضِيـعُ أَجْـرَ مَـنْ أَحْسَـنَ عَمَـلاً * أُوْلَئِـكَ لَهُـمْ جَنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـرِي مِـن تَحْتِهِـمُ الأََنْهَـارُ ... } .
سورة الكهف / آية : 30 ، 31 .

فتوحيـد الربوبيـة : كـل مـا نـزل مـن الـرب إلـى العبـاد مـن رزق ، وإحيـاء ( كوني ) ، رسـالات ( تشـريعي ) .
ونتيجـة تعاملـك مـع قـدر الله الكونـي والتشـريعي ، يكـون قـدر الله الجزائـي .
فالمعاصـي جزاؤهـا الابتـلاءات والمصائـب فـي الدنيـا ، وشـدة سـكرات المـوت ، وعـذاب القبـر ، وشـدة المـرور علـى الصـراط ، وعـذاب النـار ... .
وفـي المقابـل مـن عمـل صالحـًا لا يضيـع أجـره ، ولـه جـزاء ذلـك في الدنيا والآخرة بحكمة الله.

مـع ملاحظـة أن الابتـلاءات فـي الدنيـا قـد تكـون لتكفيـر الذنـوب ، أو لرفـع الدرجـات والتمحيـص ، وليسـت دائمـًا عقابـًا .
فقـد لا ينـال المؤمـن منزلـة عاليـة فـي الآخـرة بعملـه ، فتكـون هـذه الابتـلاءات والصبـر عليهـا سـبب لرفـع درجاتـه . _____________________

ثانيًــا : توحيــد الألوهيــة


وهـو إفـراد الله تعالـى بالعبـادة ، فكـل مـا هـو صادر مـن

العبـاد إلـى الله ، هـو ألوهيـة .


وهذا التوحيد توحيد الألوهية ، تشتمله وتدل عليه

كلمة التوحيد
" أشـهد أن لا إله إلا الله "

فتوحيد الألوهية: توحيده تعالى بأفعال العباد كالدعاء والخوف والرجاء والرغبة والرهبة والتوكل والإنابة والاستغاثة والاستعاذة والذبح والنذر وغيرها من أفعال العباد، فإنه يجب أن يخصوا الله بها ولا يجعلوا له شريكاً فيها. هنا

مالغاية من خلق الإنس والجن؟

قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات : 56]


وهـذا النـوع مـن التوحيـد هـو موضـوع دعـوة الرسـل
مـن أولهـم إلـى آخرهـم .

قـال تعالـى : { وَلَقَـدْ بَعَثْنَـا فِـي كُـلِّ أُمَّـةٍ رَّسُـولاً أَنِ اعْبُـدُواْ
اللهَ وَاجْتَنِبُـواْ الطَّاغُـوتَ ... } .
سورة النحل / آية : 36.

وكـل رسـول يبـدأ دعوتـه بتوحيـد الألوهيـة ، كمـا قـال نـوح وهـود وصالـح وشـعيب عليهـم السـلام :
{ ... يَـا قَـوْمِ اعْبُـدُواْ اللهَ مَـا لَكُـم مِّـنْ إِلَهٍ غَيْـرُهُ ... } .

سورة الأعراف / آية :59 ، 65 ، 73 ، 85 .



قال الإمام مسلم في صحيحه

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا : مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ وَالْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا الْأَسْوَدَ بْنَ هِلَالٍ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ « قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ ؟ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَلَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، قَالَ: أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ»
صحيح مسلم - كِتَاب الْإِيمَانِ - حديث رقم 3045
هنا

موقع الإسلام


ومـن كتـاب عقيـدة المؤمـن لأبي بكر الجزائري : ص : 78.

قـال : إن توحيـد الألوهيـة جـزء هـام مـن عقيـدة المؤمـن ،
إذ هـو ثمـرة توحيـد الربوبيـة ، وتوحيـد الأسـماء والصفـات ، وجَنـاه الطيـب .
وبدونـه يفقـد توحيـد الربوبيـة ، وتوحيـد الأسـماء
والصفـات معنـاه ، وتنعـدم فائدتـه .ا.هـ

وهـذا النـوع مـن التوحيـد يسـمى توحيـد ألوهيـة باعتبـار إضافتـه إلـى الله .
ويسـمى توحيـد عبـادة باعتبـار إضافتـه إلـى العابـد .


أسمــاء توحيد الألوهية الأخـــرى

توحيد الألوهية يسمى بعدة أسماء منها:

1- توحيد الألوهية- كما مر - وسمي بذلك، باعتبار إضافته إلى الله، أو باعتبار الموحِّد، ولأنه مبني على إخلاص التأله، وهو أشد المحبة لله وحده، وذلك يستلزم إخلاص العبادة.

2- توحيد العبادة؛ باعتبار إضافته إلى الموحِّد وهو العبد، ولتضمنه إخلاص العبادة لله وحده.

3- توحيد الإرادة؛ لتضمنه الإخلاص، وتوحيد الإرادة والمراد، فهو مبني على إرادة وجه الله بالأعمال.

4- توحيد القصد؛ لأنه مبنيٌّ على إخلاص القصد المستلزم لإخلاص العبادة لله وحده.

5- التوحيد الطلبي؛ لتضمنه الطلب، والدعاء من العبد لله.

6- التوحيد الفعلي؛ لتضمنه لأفعال القلوب والجوارح.

7- توحيد العمل؛ لأنه مبني على إخلاص العمل لله وحده

وهذا التوحيد يتمثل في تحقيق شهادة ألا إله إلا الله

- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في صحيح البخاري أنه قال للنبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قال: « مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ»1 ؛ فمن جاء يوم القيامة معه التَّوحيد والإخلاص وتحقيق « لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ » فاز برضا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحظي بشفاعة الشُّفعاء من الأنبياء والملائكة وغيرهم ممن يأذن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لهم بالشَّفاعة. فـ« لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ » هي أساس الدِّين الذي عليه يبنى
كلمة التوحيد
1 1 - قيل : يا رسولَ اللهِ ، مَن أسعَدُ الناسِ بشَفاعتِك يومَ القيامةِ ؟ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : لقد ظنَنتُ - يا أبا هُرَيرَةَ - أن لا يَسأَلَني عن هذا الحديثِ أحدٌ أولَ منك ، لمِا رأيتُ من حِرصِك على الحديثِ ، أسعَدُ الناسِ بشَفاعَتي يومَ القيامةِ ، مَن قال لا إلهَ إلا اللهُ ، خالصًا من قلبِه ، أو نفسِه ".


الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 99
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية




إن تجديد الإيمان لا يعني النطق بكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله) باللسان فقط، وإنما يقتضي العمل بمعنى هذه الكلمة العظيمة، والعمل بمقتضاها امتثالاً لقوله تعالى:" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ" [محمد:19] وإلا فإنه لا ينفع مجرد التلفظ بها مع الوقوع فيما يخالفها ويناقضها.

إن كلمة لا إله إلا الله هي الكلمة التي فطر الله الناس عليها، وهي التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهي شعار الإسلام، وهي الفارق بين الكفر والإيمان.

فمعنى شهادة: أن لا إله إلا الله: الإقرار بأنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده، بكل ما تحمله كلمة العبادة من معنى، وأن كل معبود سواه باطل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ [لقمان:30].
ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: إفراد الله بالعبادة
فلا يعبد معه غيره،

عبد الرحمن السديس
هنا

· معنـى الشـهادتين :
" أشـهد أن لا إله إلا الله " ( كلمـة التوحيـد ) .
أي : لا معبـود حـق إلا الله .
" أشهـد أن محمـدًا رسـول الله " .
أي : تجريـد المتابعـة لـه صلـى الله عليـه وعلـى آلـه وسـلم .

** قال الإمام مسلم في صحيحه


حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب ‏ ‏كِلَاهُمَا ‏،
‏عَنْ ‏ ‏إِسْمَعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ‏،
قال : ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو بَكْر ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ عُلَيَّةَ ، ‏ ‏عَنْ ‏ ‏خَالِد ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ،‏
الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِم ‏ ‏عَنْ ‏حُمْرَانَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُثْمَانَ ‏ ‏قَالَ ‏


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" ‏ ‏مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاإِلَهَ إإلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ "



صحيح مسلم / 1- كتاب الإيمان / 10- باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة .. / حديث رقم : 43- (26) / ص: 21
المعنى الإجمالي


فضل التوحيد يأتي من كونه أساس الدين ولبه،
فغيره يبنى عليه،ولا يبنى هو على غيره،
ومن مات على التوحيد فقد مات على لب الدين وأساسه،
فلا غرو أن يكون له
من الفضل ما يؤهله لدخول الجنة،
والفوز
برضوان الله، ومعنى التوحيد
لا يقتصر على
قول كلمته دون العلم بمعناها، والعمل بمقتضاها،
فالدين عقيدة وشريعة،

ولا تتم النجاة في الآخرة إلا بالإتيان بهما معاً .



والسؤال الذي يطرح نفسه :



ماهي الآلية


التي نحتاجها كأفراد وتحتاجها الأمة عامةً للعمل بمقتضاه؟؟؟؟؟

الجواب

الآلية المطلوبة منا هي أن تكوم جميع أعمالنا خالصة لله


وعلى نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتكون أوامر
الله نصب أعيينا ، ماذا يريد
الله منَّا في هذه اللحظة ؟!

وفي كل الأ حوال نؤثر رضا الله ومراده على مرادنا
ومراد أحبابنا




وهذا لا يتأتى في الغالب إلا في وسط بيئة


إيمانيه مع صحبة يشاطرونك نفس المقصد ويعينونك عليه!!!


eee

قال تعالى
{فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ }

النور36


{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ
وَإِيتَاء الزَّكَاةِ
يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ }


النور37


(في بيوت أذن الله أن ترفع)
إشارة إلى المكان المناسب .


(يذكر فيها اسمه, يسبح له فيها)
إشارة للأعمال الصالحه .

(رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع)

إشارة إلى الرفقة الصالحه .




سبق ونوهنا بقول

ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: إفراد الله بالعبادة
فلا يعبد معه غيره،

ما هي العبادة المقبولة؟_______________________________

المجلس الرابع
16 ذو القعدة 1422 هـ


سبق ونوهنا بقول

ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: إفراد الله بالعبادة
فلا يعبد معه غيره،

ما هي العبادة المقبولة؟
- تعريف العبادة :
*قال ابن سيده: أصل العبادة في اللغة : التذلل، من قولهم - طريق معبد - أي مذلل ، ومنه أخذ " العبد " لذلته لمولاه .

*وقال الجوهري: أصل العبودية : الخضوع والذل ، والعبادة الطاعة
تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين
/ص: 38
العـبادةفي الاصطلاح :
عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله:
هي
اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال و
الأفعال الظاهرة والباطنة.
تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 38

شروط العبادة
وأصولها


حقيقة عبادة الله تعالى وأصلها : كمال المحبة له
مع كمال الذل والخضوع

.فمن يحب مَن لايخضع له ، فليس عابدًا له ، وكذلك من يخضع ويذل لمن لايحبه فليس عابدًا له

وعبادة الله تعالى لاتكون مقبولة ولا مرضية له جل وعلا حتى تستكمل شروطها وأركانها

تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 42

♥شروط العبادة ♥
العمل لا يقبل إلا بشرطين :

الشـرط الأول: الإخلاص: وهو : أن يقصد العبد بعبادته وجـه الله تعـالى دون سواه .

قال تعالى : " وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ
حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ
وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
"
سورة البينة / آية : 5


هنا


الشـرط الثـاني: موافقة شرع الله .
أي "خالصًا وصوابًا"

وهذا جاء في قوله تعالى

"وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ "
سورة البقرة : 111 ، 112

قوله " مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ " هذا هو الإخلاص، الإخلاص في العمل بحيث لا يكون فيه شرك لا أكبر ولا أصغر.
وقوله " وَهُوَ مُحْسِنٌ" هذا هو الشرط الثاني، فالإحسان هو المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلمفيما جاء به من الكتاب والسنة الصحيحة

قال الإمام مسلم في صحيحه
وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَامِرٍ قَالَ عَبْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو ،قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ - ص 1344 - مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ مَسَاكِنَ فَأَوْصَى بِثُلُثِ كُلِّ مَسْكَنٍ مِنْهَا قَالَ يُجْمَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
مَنْ عَمِلَ عَمَلًا
لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ
"



صحيح مسلم - كِتَاب الْأَقْضِيَةِ - من أحدث في أمرنا
هذا ما ليس منه فهو رد -
حديث رقم 3243- 1718

موقع الإسلام

قال البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ،قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ
الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ
" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي
أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ"

صحيح البخاري - كِتَاب الصُّلْحِ - لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فرد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام
موقع الإسلام

فمهما حسنت نية الإنسان وقصده إذا كان يعمل عملاً لم يشرعه الرسول ، فهو بدعة ومردود عليه ولا يقبل مه شيء، وهذا هو معنى شهادة أن إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: متابعته والاقتداء به وترك ما نهى عنه وتصديقه

أصل المعلومة مستخلصة من كتاب أهمية التوحيد للشيخ الفوزان

قال علامة الهند الإمام المحدث صديق حسن الحسيني
" لاخلاف في أن الإخلاص شرط لصحة العمل وقبوله"


وبناءًا على هذا الشرط ، فمن أدى العبادة ونوى بها غير وجه الله ،كأن يريد مدح الناس ، أو يريد مصلحة دنيوية ، أو فعلها تقليدًا لغيره دون أن يقصد بعمله وجه الله ، أو أراد بعبادته التقرب إلى أحد من الخلق، أو فعلها خوفًا من السلطان أو من غيره،فلا تقبل منه ،ولا يثاب عليها،وهذا مجمع عليه بين أهل العلم .
وإن قصد بالعبادة وجه الله وخالط نيته رياء حبط عمله أيضًا

تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 42



فالعبــادة حتـى تكـون مقبولـة لهـا شـرطان :
1 ـ الإخـلاص : وذلـك بألا يـراد بهـا إلا وجـه الله تعالـى وهـذا لا يتأتـى إلا بدراسـة التوحيـد .
2 ـ صوابًـا ( أي : المتابعـة ) : وذلـك بـأن تكـون العبـادة علـى الكتـاب والسـنة الصحيحـة .
وهـذا يتأتـى بتعلـم العلـم الشرعـي بمقاصـده الشرعيـة الصحيحـة ، بـأن يـراد مـن تعلـم العلـم أن يكـون وقـودًا للإيمـان فيزيـده ، وأن يكـون علـى المنهـج الصحيـح وذلـك باتبــاع الرسـول ـ صلى اللهعليه وعلى آله وسلم ـ .
· والسـلف الصالـح خيـر مـن حقـق الاتبـاع .
ـ فحيـن خَلُصَـت نفـوس المؤمنيـن بـ " لا إله إلا الله " مـن ألـوان الشـرك المختلفـة ، فقـد حـدث فـي نفوسـهم تحـول هائـل ... كأنـه ميـلاد جديـد .
لـم يكـن مجـرد التصديـق ، ولا مجـرد الإقـرار ... لقـد كـان كأنـه إعـادة ترتيـب ذرات نفوسـهم علـى وضـع جديـد ، كمـا يعـاد ترتيـب الـذرات فـي قطعـة الحديـد ، فتتحـول إلـى طاقـة مغناطيسـية كهربائيـة ... كـان الاهتـداء إلـى " الحـق " هائـل الأثـر فـي كـل جوانـب حياتهـم .
لقـد صـارت " لا إله إلا الله " هـي مفتـاح التجمـع والافتـراق ، هـي الربـاط الـذي يربـط القلـوب التـي آمنـت بهـا ، ويفصـل بينهـا وبيـن غيرهـا مـن القلـوب .
ـ ولـم ينحصـر مفهـوم " لا إله إلا الله " فـي حسـهم فـي نطـاق الشـعائر التعبديـة وحدهـا ، كمـا انحصـر فـي حـس الأجيـال المتأخـرة التـي جـاءت بفهـم للإسـلام غريـب عن الإسـلام .
إن شـعائـر التعبـد لا يمكـن بداهـةً أن تكـون هـي كـل " العبـادة " المطلـوبـة مـن الإنســان .
فمـا دامـت غايـة الوجـود الإنسـاني كمـا تنـص الآيـة الكريمـة ، محصـورة فـي عبـادة الله .
{ وَمَـا خَلَقْـتُ الْجِـنَّ وَالإِنـسَ إِلاَّ لِيَعْبُـدُونِ }
سورة الذاريات / آية : 56 .

فأنـى يستطيـع الإنسـان أن يوفـي العبـادة المطلوبـة بالشعـائر التعبديـة فحسـب ؟
كـم تستغـرق الشعـائر مـن اليـوم والليلـة ؟ وكـم تستغـرق مـن عمـرالإنسـان ؟
وبقيـة العمـر؟ وبقيـة الطاقـة ؟ وبقيـة الوقــت ؟ أيـن تُنفَـق ، وأيـن تذهــب ؟
ـ كـان فـي حسـهم أن حياتهـم كلهـا عبــادة ، وأن الشعـائر إنمـا هـي لحظـات مركـزة ، يتــزود
الإنسـان فيهـا بالطاقـة الروحيـة التـي تعينـه علـى أداء بقيـة العبــادة المطلوبـة منـه .
كانـوا يقومـون بالعبـادة وهـم يمارسـون الحيـاة فـي شتَّـى مجالاتهـا ، كانـوا يذكـرون الله فيسـألون أنفسهـم : هـل هـم فـي الموضـع الـذي يُرضـي الله ، أم فيمـا يُسـخط الله ؟ !
فإن كانـوا فـي موضـع الرضـى حمـدوا الله ، وإن كانـوا علـى غيـر ذلـك اسـتغفروا الله وتابـوا إليـه .
ـ وكانـوا يذكـرون اللـه ، فيسـألون أنفسـهم : مـاذا
يريـد الله منـا فـي هـذه اللحظـة ؟
!
أي : مـا التكليـف المفـروض علينـا فـي هـذه اللحظـة ؟ !
- إذا كـان التكليـف : { ... وَعَاشِـرُوهُنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... } .سورة النساء / آية : 19 .
كـان ذكـر الله مؤديـًا إلـى القيـام بهـذا الواجـب الـذي أمـر بـه الله تجـاه الزوجـات .
- وإذا كـان التكليـف : { ... قُـوا أَنفُسَـكُمْ وَأَهْلِيكُـمْ نَـاراً ... } .سورة التحريم / آية : 6 .
كـان ذكـر الله مؤديـًا إلـى القيـام بتربيـة الأهـل والأولاد علـى النهـج الربانـي الـذي يضبـط سـلوكهم بالضوابـط الشـرعية .
- وإذا كـان التكليـف : { ... فَامْشُـوا فِـي مَنَاكِبِهَـا وَكُلُـوا مِـن رِّزْقِـهِ وَإِلَيْـهِ النُّشُـورُ } .


سورة الملك / آية : 15 .
كـان مقتضـى ذكـر الله ، هـو المشـي في مناكـب الأرض وابتغـاء رزق الله في حـدود الحـلال الـذي أحلَّـهُ الله ، لأنـه إليـه النشـور فيحاسـب النـاس علـى مـا اجترحـوا في الحيـاة الدنيـا .
وهكـذا ... فقـد فهمـوا أن الصـلاةَ والنُّسُـك ( أى : الشـعائر ) إنمـا هـي المنطلـق الـذي ينطلـق منـه الإنسـان ليقـوم ببقيـة العبـادة التـي تشـمل الحيـاة كلهـا ، بـل المـوت كذلـك .
فالشـعائر مجـرد محطـات شـحن للانطـلاق إلـى بقيـة العبـادة ، ويشمـل ذلـك المـوت
المـوت فـي حـد ذاتـه لا يمكـن أن يكـون عبـادة بطبيعـة الحـال ، لأنـه لا خيـار للإنسـان فيـه ... ولكـن المقصـود فـي قولـه تعالـى :


{ ... وَمَحْيَـايَ وَمَمَاتِـي للهِ رَبِّ الْعَالَمِيـنَ * لاَ شَـرِيكَ لَـهُ ... } .
سورة الأنعام / آية : 162 ، 163 .
هـو أن يمـوت الإنسـان غيـر مشـرك بالله ، وذلـك هـو الحـد الأدنـى الـذي يكـون بـه الإنسـان ( فـي موتـه ) عابـدًا لله ، أمـا الحـد الأعلـى فهـو أن يكـون موتُـه فـي سـبيل الله ، أمـا اليـوم فقـد حدثـت انحرافـات كثيـرة فـي حيـاة المسـلمين ، وانحـراف المسـلمين فـي سـلوكهم أمـر واضـح ، تفشَّـى فـي حياتهـم الكـذب والغـش والنفـاق ، والضعـف والجبـن والبـدع والمعاصـي والتبلُّـد والفجـور والمنكـر...
ـ فهـذا واقــع المسـلمين ومـع ذلـك فليـس الانحـراف السـلوكي هـو الانحـراف الوحيــد فـي حيـاة
المسـلمين ، ولكـن الأمـر تجـاوز ذلـك إلـى الانحـراف فـي " المفاهيـم " كـل مفاهيـم الإسـلام الرئيسـية
ابتـداءً مـن مفهـوم ( لا إله إلا الله ) .

وحيـن تجـد إنسـانًا منحرفـًا فـي سـلوكـه ، ولكـن تصـوره لحقيقـة الديـن صحيـح ، فسـتبذل جهـدًا مـا لـرده عـن انحرافـه السـلوكي ، ولكنـك لا تحتـاج أن تبـذل جهـدًا فـي تصحيـح مفاهيمـه ، لأنهـا صحيحـة عنـده وإن كـان سـلوكه منحرفـًا عنهـا .
أي : أنه حيـن يقـع الانحـراف فـي المفاهيـم ذاتهـا ، فكـم تحتـاج مـن الجهـد لتصحيـح المفاهيـم أولاً ثـم تصحيـح السـلوك بعـد ذلـك .
********

أصول العبادة

عبادة الله تبارك وتعالى يجب أن ترتكز على أصول ثلاثة :
المحبة
والخوف والرجاء

فيعبد المسلم ربه

محبة له وخوفًًا من عقابه ورجاء لثوابه
____________________

المجلس الخامس
23 ذو القعدة 1433 هـ


أصول العبادة

عبادة الله تبارك وتعالى يجب أن ترتكز على أصول ثلاثة :
المحبة
والخوف والرجاء

فيعبد المسلم ربه

محبة له وخوفًًا من عقابه ورجاء لثوابه

من أصول العبادة: أن الله تعالى يعبد بالحب والخوف والرجاء


جميعاً، وعبادته ببعضها دون بعض ضلال،

قال بعض العلماء: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق،
ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده
بالرجاء وحده فهو مرجئ).

عبادة الله عز وجل عند كل عابد لله عز وجل لا بد أن تقوم في قلبه على ثلاثة أسس وأركان موجودة جميعاً وفي آثار أعماله القلبية على جوارحه، وعلى لسانه وأعماله،
وهذه الأركان الثلاثة هي:

من أصول العبادة المحبة

المحبة، ومعناها أن محبة التعظيم والتقديس لا تكون إلا لله عز وجل، فالواجب على العباد أن يحبوا الله سبحانه، وتمتلئ قلوبهم بمحبة الله تعظيماً وإجلالاً وتقديساً وتأليهاً وانجذاباً إلى الله عز وجل، وأن يكون الله عز وجل أحب إلى العبد من كل شيء، محبة التقديس والتعظيم والكمال.
ثم لا بد بعد ذلك من الركنين الأساسيين، وهما: الرجاء من جانب والخوف من جانب آخر، وهما لا يفترقان، بل لا بد أن تعلق كل منهما بالمحبة؛ ولذلك شبه بعض أهل العلم العبادة بالطير، فالمحبة رأسه، والرجاء جناحه الأيمن، والخوف جناحه الأيسر، ولا يمكن أن يطير الطير إلا بهذه الكيانات الثلاث، فعلى هذا لا بد أن يتعلق قلب المسلم برجاء الله، وأن يكون راجياً لله عز وجل، لا يتطرق إليه اليأس، والرجاء لا بد أن تقترن به الأسباب.
وكذلك الخوف لا بد أن يكون الإنسان خائفاً من الله، فيجمع بين المحبة والرجاء والخوف، ويوازن بينها، فلا يطغى جانب على جانب، وعلى هذا فإن من لوازم المحبة والرجاء والخوف العمل بشرع الله عز وجل؛
لأن
مسألة المحبة إذا لم ينبثق عنها رجاء وخوف ثم عمل؛
تصبح مجرد دعوى، والله عز وجل قال على لسان نبيه:
"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ "
[آل عمران:31]،
فلا بد من الاتباع، والاتباع يجمع بين الوعد والوعيد والخوف والرجاء والعمل بالأحكام.

فالمسلم لا بد أن يجمع بين هذه الأصول الثلاثة: أن يكون محباً لله، ثم راجياً لثواب الله، ويعمل بالأسباب، وخائفاً من عقاب الله ويدرأ هذا العقاب باجتناب النواهي، فيعمل بالأوامر رجاء فضل الله، وينتهي عن النواهي خوفاً من الله، ومع ذلك كله لا بد أن يحب الله، وأن يعظم الله في المحبة، وأن يحب ما يحبه الله، ويحب من يحبهم الله.
وهذه الأمور إذا ضعف فيها جانب اختل الإيمان، وإذا فقد جانب فقد يفقد الإيمان كله، فالنقص في هذه الأصول الثلاثة أو في أحدها نقص في الإيمان، مع أنه يلزم من وجود بعضها وجود البعض الآخر، بمعنى أن من اكتملت محبته لله؛ اكتمل رجاؤه وخوفه، والعكس كذلك؛ ولذلك فإن من نقص أو اختل عنده أصل من هذه الأصول نقص إيمانه واختل إيمانه، وقد يفقد الإيمان بالكلية.
وقوله: (من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق)، معنى ذلك: أنه يوجد من المتفلسفة وبعض المتعبدة الجهال الذين ينتسبون للإسلام، من يزعم أنه يكفيهم التعلق القلبي بالله، وأن الإنسان إذا وصل إلى هذه الدرجة فإنه يستغني عن العمل بالشرع، ولا يعول على الرجاء ولا على الخوف، ويزعم أنه بالمحبة حقق كمال العبادة وكمال المطلوب، وهذا خلاف قطعيات النصوص، والله عز وجل طلب من عباده أن يرجوه ويخافوه، وجعل ذلك هو أصل الدين والعبادة.
وأيضاً قد يترتب على هذه النزعة الاستهانة بشرع الله، فالذين زعموا أنهم يعبدون الله بالمحبة وتعلق القلوب بالله بالتقديس فحسب، سواء كان هذا عن طريق التفكر، أو عن طريق الرياضة القلبية أو الرياضة العقلية، أو تحت أي شعار من الشعارات التي عليها عباد الأمم وكثير من الفلاسفة؛ كل ذلك ضلال، مهما كانت المسالك المؤدية إليه؛ لأنه لا يمكن أن تكتمل المحبة إلا بتعلق القلب برجاء الله والعمل بأسباب الرجاء، وتعلق القلب بالخوف من الله والعمل بأسباب ذلك.
فعلى هذا فإن من عبد الله بالحب وحده تزندق، لأنه وقع في الاستهتار في الدين، وأقرب عبارة في عصرنا لمفهوم التزندق: الاستهتار، وهو اللامبالاة، لا يعمل بالأوامر ولا ينتهي عن النواهي، ويزعم أنه وصل إلى درجة فوق مستوى أن يلتزم الشرع.
وهناك مقولة خطيرة قال بها بعض العباد، ومن خلالها انغرست هذه المناهج الباطلة عند بعض الطرق الصوفية، وهي قول القائل: اللهم إني لا أعبدك طمعاً في جنتك ولا خوفاً من نارك، ونحن نعبد الله رجاءً وخوفاً، نعبد الله محبة له سبحانه، لكن نجمع مع ذلك رجاء الثواب والنعيم، وعلى رأس الثواب الجنة كما يلزم من محبتنا لله عز وجل الخوف من ناره ومن عقابه، نسأل الله أن يعيذنا من النار؛ فعلى هذا لا بد للمسلم أن يجمع بين هذه الأصول.

من أصول العبادة الخوف
من عبده بالخوف وحده فهو حروري)، يعني: من عبده بمجرد الخوف، لا يبالي بالحب ولا بالرجاء؛ ووصل عنده الأمر إلى اليأس من رحمة الله، وهذا منهج غلاة العباد الذين منهم الحرورية، والحروري نسبة إلى حروراء التي لجأ إليها الخوارج بعدما فاصلوا علي بن أبي طالب وجماعة المسلمين، ومما تميز به الخوارج: التشديد على النفس بالعبادة؛ لأنهم غلبوا جانب اليأس وجانب الوعيد ولم يبالوا بالوعد؛ ولذلك غلب عليهم التنطع والغلو، وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم)1، وذلك لأنهم يبالغون في الصلاة والصيام إلى أن زادوا عن الحد المشروع، فمن هنا انغرست في قلوبهم نزعة اليأس، ولم يعولوا على الوعد؛ فمن هنا وصف من يعمل ذلك بأنه حروري، وإلا فالذين يسلكون هذا المسلك أوسع من مجرد الحرورية، وهم طوائف عدة من الفلاسفة ومن العباد الأوائل الجهلة، ومن النساك، ومن بعض شيوخ الطرق وأتباعها، فهم ينضوون تحت إطار أكثر فرق المسلمين أحياناً، ويوجد من جهلة المسلمين حتى ممن ينتسب للسنة من قد يغلو ويشتدّ على نفسه وعلى الآخرين فيغلب جانب الخوف على جانب الرجاء.

♥من أصول العبادة الرجاء♥
من عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، بمعنى: من قال: الله عز وجل غفور رحيم، وسيغفر لنا جميع الذنوب، يترك الفرائض ويعمل المحرمات، ويقول: الله غفور رحيم، هذا مرجئ، المعنى أنه مال إلى مذهب غلاة المرجئة؛
لأن المرجئة صنفان:
الصنف الأول: الغلاة الجهمية الذين لا يبالون بالشرائع، ولا يبالون بالدين، بل يقولون: يكفي معرفة الله، فإذا عرفت الله فقد فزت الفوز الكامل، وكان إيمانك كاملاً، ومن هنا عولوا على هذا المبدأ وقالوا: لا قيمة للأعمال، ولهم فلسفات كثيرة في الأعمال وقد يقول قائل: هل يعقل للمسلم أن ينتسب للإسلام ويقول هذا؟ نقول: نعم، فقد يزل في هذا ويتزندق، لأن لهم فلسفة في هذا أغواهم الشيطان بها، وزعموا أن الشرائع إنما وضعت للناس الذين لا يتقيدون بمعنى الإيمان المعرفي، ويزعمون أنهم لا يحتاجون إلى ذلك كله، ويكفيهم معرفة الله؛ فلا يعولون على الخوف ولا المحبة، بل يكتفون بالرجاء.
الصنف الثاني: مرجئة الفقهاء وهم كذلك عندهم نوع انحراف عن السبيل، خاصة المتأخرة منهم، أما المرجئة الأوائل فقد يكون عندهم تعظيم للأعمال، وعندهم التزام بسنن الإسلام، لكن متأخرة المرجئة يغلبون جانب الإرجاء، ويستهينون بالكبائر والمعاصي، بل أحياناً يستهينون بالشركيات والكفريات زعماً منهم أن الناس تحت رجاء الله، فلا يعولون كثيراً على نصوص الوعيد، وإن عملوا بها يرجحون جانب الرجاء فيقعون في الخلل الذي يجعل المعاصي والفجور والبدع تكثر عندهم.

هنا
1
1 -" يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، وعملكم مع عملهم ، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر في النصل فلا يرى شيئا ، وينظر في القدح فلا يرى شيئا ، وينظر في الريش فلا يرى شيئا ، ويتمارى في الفوق"
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5058
خلاصة حكم المحدث:
[صحيح]
الدرر السنية

باب الجمع بين الخوف والرجاء

اعلم أن المختار للعبد في حال صحته أن يكون خائفاً راجياً، ويكون خوفه ورجاؤه سواء، وفي حال المرض يُمَحِّضُ الرجاء. وقواعد الشرع من نصوص الكتاب والسنة وغير ذلك متظاهرة على ذلك.


قال الشيخ العثيمين في شرحه لكتاب رياض الصالحين

الـشـرح

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: باب الجمع بين الخوف والرجاء ، وتغليب الرجاء في حال المرض .

هذا الباب قد اختلف فيه العلماء هل الإنسان يغلب جانب
الرجاء أو جانب الخوف ؟ .


فمنهم من قال : يغلب جانب الرجاء مطلقاً ، ومنهم من قال : يغلب جانب الخوف مطلقاً .


ومنهم من قال ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه سواء ، لا يغلب هذا على هذا ، ولا هذا على هذا ؛ لأنه إن غلب جانب الرجاء ؛ أمن مكر الله ، وإن غلب جانب الخوف ؛ يئس من رحمة الله .


وقال بعضهم : في حال الصحة يجعل رجاءه وخوفه واحداً كما اختاره النووي رحمه الله في هذا الكتاب ، وفي حال المرض يغلب الرجاء أو يمحضه .


وقال بعض العلماء أيضاً : إذا كان في طاعة ؛ فليغلب الرجاء ، وأن الله يقبل منه ، وإذا كان فعل المعصية ؛ فليغلب الخوف ؛ لئلا يقدم على المعصية .


والإنسان ينبغي له أن يكون طبيب نفسه ، إذا رأى من نفسه أنه أمن من مكر الله ، وأنه مقيم على معصية الله ، ومتمنٍ على الله .الأماني ، فليعدل عن هذه الطريق ، وليسلك طريق الخوف .


وإذا رأى أن فيه وسوسة ، وأنه يخاف بلا موجب ؛ فليعدل عن هذا الطريق وليغلب جانب الرجاء حتى يستوي خوفه ورجاؤه .


ثم ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ آيات جمع الله فيها ذكر ما يوجب الخوف ، وذكر ما يوجب الرجاء ، ذكر فيها أهل الجنة وأهل النار، وذكر فيها صفته عز وجل وأنه شديد العقاب وأنه غفور رحيم .


وتأمل قوله تعالى :
( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ ) [المائدة: 98 ، 99] ؛
حيث إنه في مقام التهديد والوعيد قدم ذكر شدة العقاب

(اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

وفي حالة تحدثه عن نفسه وبيان كمال صفاته قال :
( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ) [الحجر: 49 ، 50] ؛
فقدم ذكر المغفرة على ذكر العذاب ؛ لأنه يتحدث عن نفسه عز وجل ،
وعن صفاته الكاملة ورحمته التي سبقت غضبه .


ثم ذكر المؤلف أحاديث في هذا المعنى تدل على أنه يجب على الإنسان أن يجمع بين الخوف الرجاء ، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ؛ ما طمع بجنته أحد )) .1

والمراد لو يعلم علم حقيقة وعلم كيفية لا أن المراد لو يعلم علم نظر وخبر ؛ فإن المؤمن يعلم ما عند الله من العذاب لأهل الكفر والضلال ، لكن حقيقة هذا لا تدرك الآن ، لا يدركها إلا من رقع في ذلك ـ أعاذنا الله وإياكم من عذابه .


(
( ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ، ما قنط من جنته أحد ))1 ، والمراد حقيقة ذلك ، وإلا فإن الكافر يعلم أن الله غفور رحيم ، ويعلم معنى المغفرة ، ويعلم معنى الرحمة .

وذكر المؤلف أحاديث في معنى ذلك مثل قوله:
((الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك))2.
شراك النعل يضرب به المثل في القرب ؛ لأن الإنسان لا بس نعله ، فالجنة أقرب إلى أحدنا من شراك نعله ؛ لأنها ربما تحصل للإنسان بكلمة واحدة ، والنار مثل ذلك ، ربما تحدث النار بسبب كلمة يقولها القائل ، مثل الرجل الذي كان يمر على صاحب معصية فينهاه ويزجره ، فلما تعب قال : والله لا يغفر الله لفلان .


فقال الله تعالى :
(( من ذا الذي يتألى علىَ ألا أغفر لفلان ؛ قد غفرت له وأحبطت عملك ))3،
قال أبو هريرة : تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته .


فالواجب على الإنسان أن يكون طبيب نفسه في كونه يغلب كونه الخوف أو الرجاء ، إن رأى نفسه تميل إلى الرجاء وإلى التهاون بالواجبات وإلى انتهاك المحرمات استناداً إلى مغفرة الله ورحمته ؛ فليعدل عن هذا الطريق ، وإن رأى أن عنده وسواساً ، وأن الله لا يقبل منه ؛ فإنه يعدل عنه هذا الطريق .


هنا
1
1 - " الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك"
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري -
الصفحة أو الرقم: 6488- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

الدرر السنية
3 - " لو يعلم المؤمنُ ما عند اللهِ من العقوبةِ ، ما طمع بجنتِه أحدٌ .
ولو يعلمُ الكافرُ ما عند اللهِ من الرحمةِ ، ما قنط من جنتِه أحدٌ"

الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة
أو الرقم: 2755 - خلاصة حكم المحدث:
صحيح
الدرر السنية

2
1 - " الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك"
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6488 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية


3
1 - أنَّ رجلًا قال : واللهِ ! لا يغفِرُ اللهُ لفلانٍ . وإنَّ اللهَ تعالَى قال : من ذا الَّذي يتألَّى عليَّ أن أغفرَ لفلانٍ . فإنِّي قد غفرتُ لفلانٍ? وأحبطتُ عملَك . أو كما قال .
الراوي: جندب بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2621
خلاصة حكم المحدث:
صحيح
الدرر السنية



______________

واعلم أن قول القائل: أيما أفضل

الخوف
أو الرجاء؟


كقوله: أيما أفضل الخبز أو الماء؟



وجوابه: أن يقال الخبز للجائع أفضل، والماء للعطشان أفضل، فإن اجتمعا نظر إلى الأغلب، فإن استويا، فهما متساويان، والخوف والرجاء دواءان يداوى بهما القلوب، ففضلهما بحسب الداء الموجود، فإن كان الغالب على القلب الأمن من مكر الله، فالخوف أفضل، وكذلك إن كان الغالب على العبد المعصية، وإن كان الغالب عليه اليأس والقنوط، فالرجاء أفضل، ويجوز أن يقال مطلقاً: الخوف أفضل، كما يقال: الخبز أفضل من السكنجبين لأن الخبز يعالج به مرض الجوع، والسكنجبين يعالج به مرض الصفراء، ومرض الجوع أغلب وأكثر، فالحاجة إلى الخبز أكثر، فهو أفضل بهذا الاعتبار، لأن المعاصي والاغترار من الخلق أغلب.

وإن نظرنا إلى موضع الخوف والرجاء فالرجاء أفضل،

لأن الرجاء يُسقى من بحر الرحمة, والخوف يُسقى من
بحر الغضب.

وأما المتقي، فالأفضل عنده اعتدال الخوف والرجاء، ولذلك قيل: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا، قال بعض السلف: لو نودي: ليدخل الجنة كل الناس إلا رجلاً واحداً، لخشيت أن أكون أنا ذلك الرجل. ولو نودي: ليدخل النار كل الناس إلا رجلاً واحداً، لرجوت أن أكون أنا ذلك الرجل. وهذا ينبغي أن يكون مختصاً بالمؤمن المتقي.

فإن قيل: كيف اعتدال الخوف والرجاء في قلب المؤمن، وهو
على قدم التقوى؟ فينبغي أن يكون رجاؤه أقوى.

فالجواب: أن المؤمن غير متيقن صحة عمله، فمثله من بذر بذراً ولم يجرب جنسه في أرض غريبة، والبذر الإيمان، وشروط صحته دقيقة، والأرض القلب، وخفايا خبثه وصفائه من النفاق، وخبايا الأخلاق غامضة، والصواعق أهوال سكرات الموت، وهناك تضطرب العقائد، وكل هذا يوجب الخوف عليه، وكيف لا يخاف المؤمن؟
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة رضي الله عنه: هل أنا من المنافقين؟ وإنما خاف أن تلتبس حاله عليه، ويستتر عيبه عنه، فالخوف المحمود هو الذي يبعث على العمل، ويزعج القلب عن الركون إلى الدنيا، وأما عند نزول الموت، فالأصلح للإنسان الرجاء، لأن الخوف كالسوط الباعث على العمل، وليس ثمة عمل، فلا يستفيد الخائف حينئذ إلا تقطيع نياط قلبه، والرجاء في هذه الحال يقوي قلبه، ويحبب إليه ربه، فلا ينبغي لأحد أن يفارق الدنيا إلا محباً لله تعالى، محباً للقائه، حسن الظن به، وقد قال سليمان التيمي عند الموت لمن حضره: حدثني بالرخص، لعلي ألقى الله وأنا أحسن الظن به. انتهى

هنا



____________________________

المجلس السادس
30 ذو القعدة 1433 هـ

تحقيق عبارة كله خير

هل كل عمل ظاهره الخير يقبله الله ويرفعه؟
قال تعالى

"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ "
فاطر : 10
هنا

ما هو العمل الصالح الذي يقبله ويرفعه سبحانه
سبق ونوهنا على شروط العمل الصالح
لكن ما الضوابط العملية والقواعد، التي تعيننا على تطبيق وتحقيق شروط العمل الصالح
نعيش مع حديث ماتع لإبراز مقصدنا ثم نثني بقاعدة جليلة

ـ عـن عمـر بـن سـلمة الهَمْـدَانـي ـ رحمه الله ـ قـال :
" كنـا نجلـس علـى بـاب " عبـد الله بـن مسعـود " قبـل صـلاة
الغـداةِ ، فـإذا خـرج مَشَـيْنا معـه إلـى المسجـد .
فجاءنـا " أبـو موسـى الأشعـري " ، فقـال : أَخَـرَجَ إليكـم
" أبـو عبـد الرحمـن " بعـد ؟
قلنـا : لا .
فجلـس معنـا حتـى خـرج ، فلمـا خـرج قمنـا إليـه جميعـًا .
فقـال لـه " أبـو موسـى " : يـا " أبـا عبـد الرحمـن "
إنـي رأيـت فـي المسجـد آنفـًا أمْـرًا أنكرتـه ! ولـم أرَ والحمـد
لله إلا خيـرًا .
قـال : فمـا هـو ؟
فقـال ( أي أبـي موسـى ) : إنْ عشـتَ فسـتراه .
قـال أبـو موسـى : رأيـتُ فـي المسـجد قوْمـًا حِِِلَقـًا ، جلوسـًا ،
ينتظـرون الصـلاة ، فـي كـل حلْقـة رجـل ، وفـي أيديهـم
حصـى فيقـول : سـبَّحوا مائـة ، فيسـبحون مائـةً .
قـال ـ أي : عبـد الله بـن مسـعود ( أبـو عبـد الرحمـن ) ـ :
فمـاذا قلـتَ لهـم ؟
قـال ( أي : أبـي موسـى الأشـعري ) : مـا قلـتُ لهـم شـيئًا انتظـارَ رأيـك .
قـال ( ابـن مسـعود ) : أفـلا أمرتَهـم أن يَعُـدُّوا سـيئاتهم وضَمِنـتَ
لهـم أن لا يضيـع مـن حسـناتهم شـيء ؟ !
ثـم مضـى ومضينـا معـه ، حتـى أتـى حَلْقـةً مـن تلـك الحِلَـق ،
فوقـف عليهـم فقـال : مـا هـذا الـذى أراكـم تصنعـون ؟
قالـوا : يـا أبـا عبـد الرحمـن ، حصـى نَعُـدُّ بـه التكبيـر
والتهليـل والتسـبيح .
قـال : فَعُـدُّوا سـيئاتكم ، فأنـا ضامـن أن لا يضيـع مـن حسـناتكم شـيء ، ويْحَكُـم يا أمـة محمـد ! مـا أَسْـرعَ هلكتكـم ! هـؤلاء صحابـة نبيكـم ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ متوافـرون وهـذه ثيـابـه لـم تَبْـل ، وآنيتـه لـم تُكْسَـرْ ، والـذي نفسـي بيـده إنكـم لعلـى ملـة هـي أهـدى مـن ملـة محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو مفتتحـو بـاب ضلالـة ؟ ! ! !
قالـوا : والله يـا أبـا عبـد الرحمـن ، مـا أردنـا إلا الخيـر .
قـال : وكـم مـن مريـد للخيـر لـن يصيبـه ،
إن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حدثنـا :
" إن قومـًا يقـرءون القـرآن ، لا يجـاوز تراقيـهم ،
يمرقـون مـن الإسـلام كما يمـرقُ السـهم مـن الرَّمِيَّـة " .
" وايـم الله " (1) مـا أدري لعـلَّ أكثرهـم منكـم!
ثـم تولـى عنهـم .
فقـال عمـرو بـن سلمـة : فرأينـا عامـة أولئـك الحِلَـق
يطاعنوننـا يـوم النهـروان مـع الخـوارج .
أخرجه الدارمي . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة
الصحيحة / مجلد رقم :5/حديث رقم : 5002 .
( 1 ) " وايـم الله " : كلمـة قسـم . همزتهـا همـزة وصـل . المعجم الوجيز / ص :31 .


* قـال الشـيخ الألبانـي ـ رحمـه الله ـ :
وإنمـا عُنيـتُ بتخريجـه مـن هـذا الوجـه لقصـة ابـنمسـعود مـع أصحـاب الحلقـات ، فـإن فيهـا عبـرة لأصحـاب
الطـرق وحلقـات الذكـر علـى خـلاف السـنة ، فـإن هـؤلاء إذاأنكـرعليهـم منكـر مـا هـم فيـه ، اتهمـوه بإنكـار الذكـر مـن
أصلـه ! وهـذا كفـر لا يقـع فيـه مسـلم ، وإنمـا المنكَـر مـاأُلصِـق بـه مـن الهيئـات والتجمعـات التـي لـم تكـن مشـروعةعلـى عهـد النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وإلا فمـا الـذي أنكـره ابـنُ مسـعود ـ رضي الله عنه ـ علـى
أصحـاب تلـك الحلقـات ؟ !
ليـس هـو إلا التجمـع فـي يـوم معيـن ، والذكـر بعـدد لـم يـرد ،
وإنمـا يحصـره الشـيخ صاحـب الحَلْقـة ، ويأمرهـم بـه
مـن عنـد نفسـه ، وكأنـه مُشـرِّع عـن الله تعالـى .
قـال تعالـى :
{ أَمْ لَهُـمْ شُـرَكَاء شَـرَعُوا لَهُـم مِّـنَ الدِّيـنِ مَـا لَـمْ يَـأْذَنبِـهِ اللهُ ... } .
سورة الشورى / آية : 21 .
ـ زد علـى ذلـك أن السـنة الثابتـة عنـه صلـى الله عليـه
وعلـى آله وسـلم فعـلاً وقـولاً إنمـا هـي التسبيـح بالأنامـل .
* ومـن الفوائـد التـي تؤخـذ مـن الحديـث ، أن العبـرة ليسـت
بكثـرة العبـادة ، وإنمـا بكونهـا علـى السـنة ، بعيـدة عـن البدعـة .
وقـد أشـار إلـى هـذا ( ابـن مسـعود ) بقولـه :
" اقتصـاد فـي سـنة ، خيـرٌ مـن اجتهـادٍ فـي بدعـة " .

* ومـن الفوائـد أن البدعـة الصغيـرة بريـدٌ إلـى البدعـة الكبيـرة ،
ألا تـرى أن أصحـاب الحلقـات صـاروا بعـدُ مِـنَ الخـوارج
الذيـن قتلهـم الخليفـة الراشـد " علـي بـن أبـى طالـب " ؟
فهـل مـن مُعْتَبِـر ؟
نظم الفرائد : ج : 1 / ص : 211 .

قاعدة جليلة

فلا يجوزإحـداث عبـادات ، ويُقَـال : مـا نريـد إلا الخيـر
الأصـل فـي عاداتنـا الإباحـة حتـى يجـيء صـارفُ الإباحـة .
وليـس مشـروعًا مـن الأمـور

غيـرُ الـذي فـي شـرعنا مذكـور .

هـذه قاعـدة عظيمـة نافعـة ، تضمنـت " أصليـن عظيميـن " دل عليهمـا الكتـاب والسـنة فـي مواضـع .

وَالأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ الْمَنْعُ؛ فَلاَ يُشْرَعُ مِنْهَا إِلاَّ مَا شَرَعَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
هذه القاعدة هي معنى قول الإمام أحمد -رحمه الله- وغيره من الأئمة: "إن الأصل في العبادات التوقيف فالعلماء يقولون: "العبادات توقيفية؛ لا يشرع منها ولا يُتعبد إلا بما شَرَعَه الله ورسوله".
وعلى هذا: فالأصل في العبادات المنع والحظر؛ قال الله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾(1)، فهذه الآية سيقت مساق الاستفهام الإنكاري.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا؛ فَهُوَ رَدٌّ»(2)، وفي رواية: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ؛ فَهُوَ رَدٌّ»(3)،
وقد ورد عن جابر(4) -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبته يوم الجمعة: «أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثُاتها، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»، أو: «وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»(5) رواه مسلم.
فالعبادة هي ما أمر به الشرع، أمر إيجاب أو أمر استحباب، فما خرج عن هذا؛ فليس بعبادة، بل هو بدعة والبدعة نوعان:
النوع الأول: أن يَشرع أو يَخترع عبادة ليس لها أصل في الشرع؛ كأذكار ما لها أصل، أو صلوات لها أصل، ومن هذا النداء لصلاة العيد، أو النداء لصلاة الاستسقاء، هذا ليس له أصل في الشرع؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد بدون نداء وصلى الاستسقاء بدون نداء، لكن في الكسوف فيها نداء، لماذا؟ لأن الكسوف يقع فجأة، لكن العيد يعلم به الناس، الاستسقاء يخبرون به.
النوع الثاني: أن يبتدع العبادة على وجه يغير ما شرعه الله ورسوله؛ مثل: الوضوء أكثر من ثلاث مرات هذا ليس له أصل، وإلا فالوضوء له أصل، ومثل التلحين الزائد في الأذان، فتحسين الصوت في الأذان، لكن التلحين والتمطيط الزائد ليس له أصل، ومثل هذا الأذكار الجماعية، أو التكبير الجماعي.
________________
(1) الشورى: 21.
(2) أخرجه مسلم كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة (1718) من حديث عائشة.
(3) متفق عليه: أخرجه البخاري كتاب الصلح، باب إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ فَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ (2697)، ومسلم كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة (1718) من حديث عائشة.
(4) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة، أبو عبد الله، وأبو عبد الرحمن الأنصاري، الخزرجي، السلمي، المدني، الفقيه الإمام الكبير، المجتهد، الحافظ، صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم. وكان مفتي المدينة في زمانه. شهد ليلة العقبة مع والده، وأطاع أباه يوم أحد، وقعد لأجل أخواته، ثم شهد الخندق وبيعة الشجرة، وقد ورد أنه شهد بدرا. شاخ، وذهب بصره، وقارب التسعين. توفي بالمدينة سنة أربع وتسعين، وقيل: سنة سبع وتسعين. انظر: الاستيعاب (ص: 114 ترجمة 296)، وأسد الغابة (1/ 492 ترجمة 647).
(5) أخرجه مسلم كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة (867).

شرح رسالة مختصرة في أصول الفقه لفضيلة الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان
جامع شيخ الإسلام ابن تيمية

هنا
___________________

المجلس السابع
7 ذو الحجة 1433 هـ





ثالثًــا : توحيــد الأســماء والصفـات

وهـو الإيمـان بمـا وصـف الله تعالـى بـه نفسـه فـي كتابـه ووصفـه بـه رسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـن الأسـماء الحسنـى والصفـات العلـى ، لفظـًا ومعنـىً ،من غير تحريف،ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ، ولا تمثيل

واعتقـاد أن هـذه الأسـماء والصفـات علـى الحقيقـة لا علـى المجـاز ، وأن لهـا معـانٍ حقيقيـة تليـق بجـلال الله وعظمتـه .
أي : نثبـت لله مـا أثبتـه لنفسـه مـن أسـماء وصفـات ، ونؤمـن بمعناهـا ، وأن لهـا كيـف . لكـنْ نفـوض هـذا الكيـف لله لعجزنـا وجهلنـا بهـذا الكيـف .
لقولـه تعالـى : { ... لَيْـسَ كَمِثْلِـهِ شَـيْءٌ وَهُـوَ السَّـمِيعُ البَصِيـرُ }
سورة الشورى / آية : 11.
فقـد أثبـت سـبحانه صفتـي السـمع والبصـر ، ونفـى المِثليـة .

طريقة أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى

1 - طريقتهم في الإثبات

إثبات ما مـا أثبتـه الله لنفسـه مـن أسـماء وصفـات ، فـي كتابـه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ونؤمـن بمعناهـا ، وأن لهـا كيـف . لكـنْ نفـوض هـذا الكيـف لله لعجزنـا وجهلنـا بهـذا الكيـف .
صفات حقيقية تليق بجلال الله تعالى ، وأنها لاتماثل صفات المخلوقين ويؤمنون بأن كل اسم يتضمن صفة لله تعالى ،
فاسم العزيز يتضمن صفة العزة - المطلقة - لله تعالى .
واسم القوي يتضمن صفة القوة - المطلقة- لله تعالى .

: أسماء اللَّه تعالى كلها حسنى :
أي بالغة في الحسن غايته ، وفي الجمال ذروته ، قال اللَّه تعالى :
{ وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } .
وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالاً ولا تقديرًا .
ومعنى الحسنى المضافة إلى أسمائه معنيان :
الأول : حُسْنَى في معناها وفي نفسها .

فإن أسماء اللَّه كلُّها حُسْنٌ وجمالٌ ، وخيرٌ وكمالٌ ، وقوةٌ وجلالٌ .
مثال ذلك : (( الحي )) اسم من أسماء اللَّه تعالى ، متضمن للحياة الكاملة التي لم تُسْبَق بعدم ولا يلحقها زوال ولا يطرأ عليها خلل . الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها . قال تعالى : { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ }
[ الفرقان : 58 ] ، وقال النبي : (( إن اللَّه لا ينام ولا ينبغي له أن ينام .
1 - "قام فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بأربعٍ: إنَّ اللهَ لا ينامُ ولا ينبغي له أن ينامَ . يرفعُ القِسطَ ويخفِضُه . ويُرفَعُ إليه عملُ النهارِ بالليلِ . وعملُ الليلِ بالنهارِ."

الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 179-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية

مثال آخر : (( العليم )) اسم من أسماء اللَّه تعالى متضمن للعلم الكامل
الذي لم يُسبق بجهل ولا يلحقه نسيان ، قال اللَّه تعالى : { عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنْسَى } [ طه : 52 ] .
وعلمه عز وجل هو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً ،
قال تعالى : { وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا } .

الثاني : حُسْنَى في أثرها لمن تعبد للَّه بمقتضاها .

1- : أن من عرفها فقد عرف الله عز وجل ، فهي حُسنى في المقصد والثمرة التي هي معرفة اللَّه عز وجل .

2- : أن اللَّه عز وجل وَعَد عليها بعظيم الثواب من دخول الجنة لمن أحصاها وحفظها ، فهي حُسنى في العاقبة والأجر لمن تعلَّمها وآمن بها وأدَّى حقَّها ، فقد قال النبي : (( إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة)) .

1 - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ) .
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2736
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية

مع التنبيه على ضعف حديث سرد الأسماء

3 - إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، إنه وتر يحب الوتر ، من حفظها دخل الجنة وهي : الله ، الواحد الصمد ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الملك ، الحق ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الرحمن ، الرحيم ، اللطيف ، الخبير ، السميع ، البصير ، العليم ، العظيم ، البار ، المتعال ، الجليل ، الجميل ، الحي ، القيوم ، القادر ، القاهر ، العلي ، الحكيم ، القريب ، المجيب ، الغني ، الوهاب ، الودود ، الشكور ، الماجد ، الواجد ، الوالي ، الراشد ، العفو ، الغفور ، الحليم ، الكريم ، التواب ، الرب ، المجيد ، الولي ، الشهيد ، المبين ، البرهان ، الرءوف ، الرحيم ، المبدئ ، المعيد ، الباعث ، الوارث ، القوي ، الشديد ، الضار ، النافع ، الباقي ، الواقي ، الخافض ، الرافع ، القابض ، الباسط ، المعز ، المذل ، المقسط ، الرزاق ، ذو القوة ، المتين ، القائم ، الدائم ، الحافظ ، الوكيل ، الفاطر ، السامع ، المعطي ، المحيي ، المميت ، المانع ، الجامع ، الهادي ، الكافي ، الأبد ، العالم ، الصادق ، النور ، المنير ، التام ، القديم ، الوتر ، الأحد ، الصمد ، الذي لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، قال زهير : فبلغنا من غير واحد من أهل العلم ، أن أولها يفتح بقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 776
خلاصة حكم المحدث: ضعيف بهذا التمام

4-[الحديث الوارد في تعيين الأسماء الحسنى] الراوي: - المحدث: ابن عثيمين - المصدر: مجموع فتاوى ابن عثيمين - الصفحة أو الرقم: 276/3
خلاصة حكم المحدث: ضعيف

5 - [الحديث الوارد في سرد الأسماء الحسنى]
الراوي: - المحدث: ابن عثيمين - المصدر: مجموع فتاوى ابن عثيمين - الصفحة أو الرقم: 495/9
خلاصة حكم المحدث: لا يصح
الدرر السنية

هنـاك مراتـب للإحصـاء :
المرتبـة الأولـى : إحصـاء ألفاظهـا وعددهـا المحـدد فـي الحديـث ( 99 اسـمًا ) .
المرتبـة الثانيـة : فهـم معانيهـا ومدلولهـا .
المرتبـة الثالثـة : دعـاء الله بهـا .
كمـا قـال تعالـى :{ وَلِلّهِ الأَسْـمَاء الْحُسْـنَى فَادْعُـوهُ بِهَـا … } . سورة الأعراف / آية : 180.
ثالثًا : ومن تمام أنها حُسنى أن اللَّه تبارك وتعالى لا يُدعى إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ، قال تعالى :
{ وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }
[ الأعراف : 180 ] .

·أنــواع الدعــاء بأســماء الله :
1 ـ دعـاء ثنـاء .
2 ـ دعـاء عبـادة .
3 ـ دعـاء طلـب ومسـألة .

* دعــاء ثنــاء :
وهـو أن يثنـي علـى الله بأسـمائه الحسـنى وصفـاته العُلـى .
مثـال : يـا حـي يـا قيـوم ( دعـاء ثنـاء ) ، برحمتـك استغيـث .
* دعــاء العبــادة :
وهـو أن تتعـرض فـي عبادتـك لمـا تقتضيـه هـذه الأسـماء ، فمقتضـى " الرحيـم " : الرحمـة ، فترحـم عبـاد الله ، وتتصـف بصـفة الرحمـة ، دعـاء عبـادة باسـمه الرحيـم .
وتقـوم بالتوبـة لأنـه هـو " التـواب " ، وتخشـاه فـي السـر والعلـن لأنـه هـو " الطيف الخبيـر " .

مـع ملاحظـة أن من أسـماء الله أسـماء تقتضـي مـن العبـد مجـرد الإقـرار بهـا والخضـوع لهـا ، وهـي الأسـماء التـي يختـص بهـا سـبحانـه لنفسـه " كالجبـار " ، و" العظيــم " ، و" المتكبــر " .
* دعـاء الطلـب والمسـألة :
وفيـه يسـأل فـي كـل مطلـوب باسـم ـ مـن أسـماء الله الحسـنى ـ يكـون مقتضيـًا لذلـك المطلـوب .
فيقـول فـي مقـام الحاجـة مثـلاً : يا " معطـي يـا مانـع " ، اعطنـي كيـت وكيـت .
ويقـول فـي مقـام الرحمـة : " يا رحمـن " ارحمنـي
وفـي مقـام التوبـة : " يا تـواب " تـب علـي .
إذًا لابـد أن يسـأل فـي كـل مطلـوب باسـم يكـون مقتضيـًا لذلـك المطلـوب ، ولكـن يسـتثنى مـن ذلـك لفظـا " الله " و " رب " فيصـح قـول : يـا رب ارحمنـي ، يـا ألله اغفـر لـي ...
_______________

المجلس الثامن
28 ذو الحجة 1433هـ

_____________

2 - طريقة أهل السنة في النفي
هي : نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه ، أو على لسان رسوله
صلى الله عليه وسلم ، من صفات النقص ، مع اعتقادهم ثبوت كمال ضد الصفة المنفية عنه جل وعلا إذا تبين هذا فمما نفى الله عن نفسه " الظلم"
قال تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا" النساء 40

"وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا "
الكهف : 49
هنا

والمراد به انتفاء الظلم عن الله مع ثبوت كمال ضده له تعالى ، وهو "العدل "
ونفى عن نفسه اللغوب
" وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ"
ق : 38
هنا
اللغوب : هو التعب والإعياء ، والمراد نفي اللغوب مع ثبوت كمال ضده ، وهو " القوة " ، وهكذا بقية ما نفاه الله عن نفسه
_______
3 - طريقة أهل السنة فيما لم يرد نفيه ولا إثباته
كالجسم والحيز والجهة ،ونحو ذلك ، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه ،
فلا يثبتونه ولا ينفونه ، لعدم ورورده ، وأما معناه فيستفصلون عنه ، فإن
إريد به باطل ينزه الله عنه ، ردوه ،وإن إريد به حق لايمتنع عن الله قبلوه

منها : المكان ، فإذا قيل لك هل الله تعالى في مكان ؟ فقل : أما لفظ المكان فلا نثبته ؛ لعدم ورود الأدلة بإثباته ، ولم يثبت عن السلف القول به ، وأما معناه فنتوقف فيه ، فيقال : ماذا تريد بأن الله تعالى في مكان هل تعني أنه مكان سفل فهو باطل لأن الله تعالى منزه عن النقص والسفل نقص ، أم تريد مكان علو محيط بالله تعالى فهو باطل أيضًا لأن الله تعالى لا يحيط به شيءٌ من مخلوقاته ، أم تريد مكان علو غير محيط بالله تعالى فهذا حق نثبته لله تعالى لكن لا ننخدع بألفاظ أهل البدع ، ويكفينا من ذلك قول أهل السنة :- إن الله فوق العرش

منها : لفظ الجسم ، فإذا قيل لك هل لله تعالى جسم ؟ فقل إن لفظ الجسم من الألفاظ البدعية التي لم ترد عن السلف فلا نثبته ، وأما معناه فنتوقف فيه ونقول : ماذا تريد بالجسم ؟ هل تريد مـا هو أجـزاءٌ وأبعـاض في حقنـا مفتقـر بعضهـا إلى بعض ؟ فهذا معنى باطل لا يجوز على الله تعالى ، أم تريد به الذات القائمة بنفسها المتصفة بصفات الكمـال ونعوت الجلال ، فهذا حق لكن لا نتكلم بلفظ الجسم لأنه لفظٌ محدث ولكن نسميه ذاتاً وصفاتاً
هنا

المنهج في إثبات الأسماء والصفات

المنهج في إثباته :
يقوم المنهج الحق في باب الأسماء والصفات على الإيمان الكامل والتصديق الجازم بما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .

وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : ( مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ ) أَنَّهُمْ يَنْفُونَ الْكَيْفَ مُطْلَقًا ؛ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى كَيْفِيَّةٍ مَا، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَنْفُونَ عِلْمَهُمْ بِالْكَيْفِ ؛ إِذْ لَا يَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ .

بَلْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ




الشيخ السيد العربي بن كمال
بتصرف في ترتيب المعلومة


اقتباس:
فإِنَّ الفِرْقةَ النَّاجِيَةَ : أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ , كَمَا يُؤْمِنُونَ بِمَا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلاَ تَعْطيلٍ ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلاَ تَمْثِيلٍ.

والتحريف :
والمراد به تغيير معنى نصوص الكتاب والسنة من المعنى الحق الذي دلت عليه ، والذي هو إثبات الأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى إلى معنى آخر لم يرده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى: [يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ] (النساء: 46)
مثال ذلك :
تحريفهم معنى صفة اليد الثابتة لله تعالى والواردة في كثير من النصوص بأن معناها النعمة أو القدرة .
رسالة شرح أصول الإيمان للشيخ ابن عثيمين

التعطيل :
والمراد بالتعطيل نفي الأسماء الحسنى والصفات العلى أو بعضها عن الله تعالى .
فكل من نفى عن الله تعالى اسماً من أسمائه أو صفة من صفاته مما ثبت في الكتاب أو السنة فإنه لم يؤمن بأسماء الله تعالى وصفاته إيماناً صحيحاً .

رسالة شرح أصول الإيمان للشيخ ابن عثيمين

والفرق بين التحريف والتعطيل هو أن التحريف نفي المعنى الصحيح الذي دلت عليه النصوص واستبداله بمعنى آخر غير صحيح، أما التعطيل فهو نفي المعنى الصحيح من غير استبدال له بمعنى آخر .

والتكييف :
وهو تحديد الكيفية والحقيقة التي عليها صفات الله تعالى ، فيحاول الإنسان تقديراً بقلبه ، أو قولاً بلسانه أن يحدد كيفية صفة الله تعالى .
وهذا باطل قطعاً ، ولا يمكن للبشر العلم به ، قال الله تعالى : ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) طـه /110 .
ومعنى قولنا: (بدون تكييف): ليس معناه ألا نعتقد لها كيفية، بل نعتقد لها كيفية؛ لكن المنفي علمنا بالكيفية، لأن استواء الله على عرشه لا شك أن له كيفية لكن لا تُعلم، نزوله إلى السماء الدنيا له كيفية لكن لا تُعلم، لأنه ما من موجود إلا وله كيفية لكنها قد تكون معلومة وقد تكون مجهولة.

4 - التمثيل :
وهو تمثيل صفة الله تعالى بصفة المخلوق ، فيقال مثلاً : إن يد الله مثل يد المخلوق . أو إن الله تعالى يسمع مثل سمع المخلوق . أو إن الله تعالى استوى على العرش مثل استواء الإنسان على الكرسي . . . وهكذا .
دليل ثبوت صفة اليد لله
. وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّـهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرً‌ا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرً‌ا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارً‌ا لِّلْحَرْ‌بِ أَطْفَأَهَا اللَّـهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْ‌ضِ فَسَادًا وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴿المائدة: ٦٤﴾
هنا

1. قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْ‌تَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴿ص: ٧٥﴾
هنا

ولا شك أن تمثيل صفات الله تعالى بصفات خلقه منكر وباطل ، قال الله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى /11 .
فاشتملت هذه الآية على إثبات الصفات لله عز وجل، ونفي المماثلة للخلق في صفاته.
رسالة شرح أصول الإيمان للشيخ ابن عثيمين بتصرف
ما بين هذه العلامة تصرف هنا
تنبيه

سؤال: ما الفرق بين التشبيه والتمثيل والتكييف؟
الجواب: التكييف هو أن يبين أو أن يقول: كيفية الصفة كذا وكذا .
أما التمثيل فهو أن يمثل صفة الله بصفات خلقه، أو بالعكس.
وأما التشبيه فهو أن يقول: إن صفة الله كذا شبيهة بكذا.
فالتمثيل معناه المطابقة من كل وجه، والتشبيه هو التشابه من بعض الوجوه دون بعض، والتكييف أن يكيف الصفة، بمعنى: أنه يصفها بصفة لا يشبهها بكذا وكذا، وإنما يريد بها كيفية معينة من طول أو قصر أو عرض أو غير ذلك.
هنا

شرح لمعة الاعتقاد للشيخ عبد الرحمن صالح المحمود

مسألة وجود التشابه اللفظي فهذه أشكلت على كثير من قليلي الفقه في الدين، الذين يجهلون عقائد السلف وفقههم حيث ظنوا أن مجرد المشابهة اللفظية الموجودة في أسماء الله وصفاته وموجودة أيضاً في بعض صفات الخلق تعني التمثيل، فهرب بعضهم إلى الإنكار زعماً منهم أن الإثبات يقتضي المماثلة وهذا خطأ، لأن التشابه اللفظي لا يعني التشابه في الحقيقة، فمثلاً: الله عز وجل هو الحي، والمخلوق الذي فيه روح يسمى الحي، وهذا تشابه لفظي، فالله عز وجل موصوف بالحياة والإنسان والحيوان الحي موصوف بالحياة، وليست الحياة مثل الحياة، فحياة الله كاملة لا يعتريها فناء ولا محدودية ولا نهاية، وحياة المخلوق لها بداية ونهاية.إذاً التشابه في اللفظ
مجمل أصول أهل السنة - توحيد الأسماء والصفات
عبد الرحمن بن ناصر العقل

__________________

المجلس التاسع
6 شهر الله المحرم 1434هـ

وينتظم المنهج الحق في باب الأسماء والصفات في ثلاثة أصول من حققها سلم من الانحراف في هذا الباب . وهي :

الأصل الأول : تنزيه الله جل وعلا عن أن يشبه- يماثل- شيءٌ من صفاتِه شيئًا من صفات المخلوقين .
ومن الأدلة على الأصل الأول : وهو تنزيه الرب عز وجل عن مشابهة - مماثلة - المخلوقين ، قول الله تبارك وتعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (الشورى : 11) . ومقتضى الآية نفي المماثلة بين الخالق والمخلوق من كل وجه مع إثبات السمع والبصر لله عز وجل وفي هذا إشارة إلى أن ما يثبت لله من السمع والبصر ليس كما يثبت للمخلوقين من هاتين الصفتين مع كثرة من يتصف بهما من المخلوقين . وما يقال في السمع والبصر يقال في غيرهما من الصفات . واقرأ قوله تعالى : { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } . أورد ابن كثير في تفسير الآية ما رواه البخاري في التوحيد (13 / 372) والإمام أحمد في المسند (6 / 46) عن عائشة رضي الله عنها قالت : " الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع فأنزل الله عز وجل { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا } . . . . إلى آخر الآية "
ومن الأدلة أيضًا قول الله تعالى : { فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ } (النحل : 74) . قال الطبري في تفسير الآية : " فلا تمثلوا لله الأمثال ولا تشبهوا له الأشباه فإنه لا مثل له ولا شبه " ... وقال تعالى : { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } (مريمَ : 65) قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها : " هل تعلم للرب مثلًا أو شبيهًا " .
ومن الأدلة لهذا الأصل : قول الله تبارك وتعالى : { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } (الإخلاص : 4) قال الطبري : " ولم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء " .

الأصل الثاني : الإيمان . بما سمى ووصف الله به نفسه وبما سماه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بجلال الله وعظمته .
ومن الأدلة على الأصل الثاني : وهو الإيمان بما جاء في الكتاب والسنة من أسماء الله وصفاته ، قول الله عز وجل : { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } (البقرة : 255) . وقوله تعالى : { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (الحديد : 3) . وقوله تعالى : { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }{ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (الحشر : 22- 24) .
ومن السنة حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم في صحيحه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول : « اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها . اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدَّيْن وأغْنِنا من الفقر » (مسلم برقم (2713))1 . والنصوص في تقرير هذا الباب كثيرة تجل عن الحصر .

الأصل الثالث : قطع الطمع عن إدراك حقيقة كيفية صفات الله تعالى لأن إدراك المخلوق لذلك مستحيل .
فمن حقق هذه الأصول الثلاثة فقد حقق الإيمان الواجب في باب الأسماء والصفات على ما قرره الأئمة المحققون في هذا الباب .

ومن الأدلة على هذا الأصل الأصل الثالث وهو قطع الطمع عن إدراك كيفية صفات الله تبارك وتعالى... قول الله تعالى : { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } (طه : 110) . قال بعض أهل العلم في معنى الآية : " لا إحاطة للعلم البشري برب السماوات والأرض فينفي جنس أنواع الإحاطة عن كيفيتها " .
ومن الأدلة لهذا الأصل أيضًا قول الله تعالى : { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ } (الأنعام : 103) قال بعض العلماء في معرض حديثه عن الآية : " وهذا يدل على كمال عظمته وأنه أكبر من كل شيء ، وأنه لكمال عظمته لا يدرك بحيث يحاط به فإن الإدراك وهو الإحاطة بالشيء قدر زائد على الرؤية فالرب يرى في الآخرة ولا يدرك كما يعلم ولا يحاط بعلمه " . وينبغي للعاقل أن يعلم أن للعقل حدا يصل إليه ولا يتعداه كما أن للسمع والبصر حدا ينتهيان إليه ، فمن تكلف ما لا يمكن أن يدرك بالعقل كالتفكر في كيفية صفات الله ، فهو كالذي يتكلف أن يبصر ما وراء الجدار أو يسمع الأصوات في الأماكن البعيدة جدا عنه .

الشيخ السيد العربي بن كمال

الإلحاد


الإلحاد لغة ً: الميل ، واصطلاحاً الميل عما يجب اعتقاده أو عمله ، ويكون في أسماء الله لقوله تعالى : ( وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أسمائه )(الأعراف: الاية180)

ويكون في آيات الله لقوله تعالى : (إن الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا )(فصلت: الاية40) .

فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَالْإِلْحَادُ فِي أَسْمَائِهِ هُوَ الْعُدُولُ بِهَا وَبِحَقَائِقِهَا وَمَعَانِيهَا عَنِ الْحَقِّ الثَّابِتِ لَهَا ؛ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَيْلِ ؛ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَادَّةُ ( ل ح د ) ، فَمِنْهُ اللَّحْدُ ، وَهُوَ الشَّقُّ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ ، الَّذِي قَدْ مَالَ عَنِ الْوَسَطِ ، وَمِنْهُ الْمُلْحِدُ فِي الدِّينِ : الْمَائِلُ عَنِ الْحَقِّ ، الْمُدْخِلُ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ ) . اهـ

فَالْإِلْحَادُ فِيهَا: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِجَحْدِهَا وَإِنْكَارِهَا بِالْكُلِّيَّةِ ، وَإِمَّا بِجَحْدِ مَعَانِيهَا وَتَعْطِيلِهَا ، وَإِمَّا بِتَحْرِيفِهَا عَنِ الصَّوَابِ وَإِخْرَاجِهَا عَنِ الْحَقِّ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ ، وَإِمَّا بِجَعْلِهَا أَسْمَاءً لِبَعْضِ الْمُبْتَدَعَاتِ ، كَإِلْحَادِ أَهْلِ الِاتِّحَادِ .
الشيخ السيد العربي بن كمال

أنواع الإلحاد


والإلحاد في أسمائه يكون بأمور:
يكون بتسمية غيره بأسمائه، نظير ذلك ما فعله أهل الجاهلية من تسمية أصنامهم بأسماء الله سبحانه وتعالى، أو الاشتقاق من أسماء الله عز وجل أسماءً لآلهتهم، ونظير ذلك تسميتهم العزى ومناة، العزى من العزيز ومناة من المنان، واللات من الإله، فهذا نوع من أنواع الإلحاد في أسماء الله عز وجل.

النوع الثاني من أنواع الإلحاد في أسماء الله عز وجل: وصفه بالنقص كوصف النصارى لربهم بأنه أب، وقولهم: الأب يريدون به الله عز وجل، وكقول المتكلمين في وصف الله عز وجل: هو العلة الفاعلة، وهذا من وصفه بالنقص، فهذه من صور الإلحاد في أسمائه.
الصورة الثالثة من صور الإلحاد في أسمائه: إثبات النقص فيما سمى به نفسه، وذلك بتحريفها وتعطيلها؛ لأنهم يقولون: إن مقتضى إثباتها يفضي إلى مشابهته بالمخلوقين، فالنوع الثالث من أنواع التحريف هو تعطيل أسماء الله عز وجل، وتعطيل صفاته، وصرفها عن معناها المتبادر الظاهر الراجح إلى تحريفات وتأويلات اخترعوها.
هذه من صور الإلحاد في أسماء الله عز وجل، وقد تكلم عليها المفسرون، والجامع لجميع صور التحريف والإلحاد في أسماء الله عز وجل هو تغييرها وصرفها من الكمال إلى النقص

( شرح العقيدة الواسطية [2] )
للشيخ : ( خالد بن عبد الله المصلح )


قال الإمام مسلم في صحيحه

4888 - ص 2084 - 2713 حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ كَانَ أَبُو صَالِحٍ " يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ"
صحيح مسلم
- كِتَاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ - اللهم خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أحييتها فاحفظها هنا__________________

المجلس العاشر
13 من شهر الله المحرم 1434 هـ


قواعد في أسماء الله تعالى
*القاعدة الأولى :أسماء الله تعالى كلها حسنى
أي بالغة في الحسن غايته، قال الله تعالى: (
وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُ‌وا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿الأعراف: ١٨٠﴾) هنا وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالاً ولا تقديراً.
* مثال ذلك: "الحي" اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر وغيرها.

*القاعدة الثانية: أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف:
أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله - عز وجل - وبالاعتبار الثاني متباينة لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم". كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا.
وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف، لدلالة القرآن عليه. كما في قوله تعالى: (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(9). وقوله: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة)(10). فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة. ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر

*القاعدة الثالثة : أسماء الله تعالى
#إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة
أمور

أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها
* مثال ذلك: "السميع" يتضمن إثبات السميع اسماً لله تعالى، وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال تعالى: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)(17).

# وإن دلت على وصف غير متعد تضمنت أمرين:
أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
* مثال ذلك:"الحي" يتضمن إثبات الحي اسماً لله - عزوجل - وإثبات الحياة صفة له.



_______________________

المجلس الحادي عشر
20
من شهر الله المحرم 1434 هـ
*القاعدة الرابعة: أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها:
وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص.
لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ‌ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا
﴿الإسراء: ٣٦﴾
القاعدة الخامسة: أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين:
لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك". الحديث رواه أحمد وابن حبان والحاكم، وهو صحيح(23).
وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به.

ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء، والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف.
ولما لم يصح تعيينها عن النبي صلى الله عليه وسلم اختلف السلف فيه، وروي عنهم في ذلك أنواع. وقد جمعت تسعة وتسعين اسماً مما ظهر لي من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فمن كتاب الله تعالى:

الله الأحد الأعلى الأكرم الإله الأول
والآخر والظاهر والباطن البارئ البر البصير
التواب الجبار الحافظ الحسيب الحفيظ الحفي
الحق المبين الحكيم الحليم الحميد الحي
القيوم الخبير الخالق الخلاق الرؤوف الرحمن
الرحيم الرزاق الرقيب السلام السميع الشاكر
الشكور الشهيد الصمد العالم العزيز العظيم
العفو العليم العلي الغفار الغفور الغني
الفتاح القادر القاهر القدوس القدير القريب
القوي القهار الكبير الكريم اللطيف المؤمن
المتعالي المتكبر المتين المجيب المجيد المحيط
المصور المقتدر المقيت الملك المليك المولى
المهيمن النصير الواحد الوارث الواسع الودود
الوكيل الولي الوهاب

ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الجميل(26) الجواد(27) الحكم(28) الحيي(29) الرب(30) الرفيق(31) السبوح(32) السيد(33) الشافي(34) الطيب(35) القابض(36)الباسط(37)المقدم(38)المؤخر(39) المحسن(40) المعطي(41) المنان(42) الوتر(43).
هذا ما اخترناه بالتتبع، واحد وثمانون اسماً في كتاب الله تعالى وثمانية عشر اسماً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان عندنا تردد في إدخال (الحفي)؛ لأنه إنما ورد مقيداً في قوله تعالى عن إبراهيم: (إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً)(44) وما اخترناه فهو حسب علمنا وفهمنا وفوق كل ذي علم عليم حتى يصل ذلك إلى عالم الغيب والشهادة ومن هو بكل شيء عليم(45).
 _________________
الإيمان

تعريف (الإيمان) لغة
(الإيمان) لغة :(الإقرار) ؛ فنقول: الإيمان: الإقرار، ولا إقرار إلا بتصديق، فتقول أقر به، كما تقول: آمن به، وأقر له كما تقول: آمن له)
*قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
(
أكثر أهل العلم يقولون: إن الإيمان في اللغة: التصديق، ولكن في هذا نظر! لأن الكلمة إذا كانت بمعنى الكلمة؛ فإنها تتعدى بتعديها، ومعلوم أن التصديق يتعدى بنفسه، والإيمان لا يتعدى بنفسه؛ فنقول مثلاً: صدقته، ولا تقول آمنته! بل تقول: آمنت به، أو آمنت له. فلا يمكن أن نفسر فعلاً لازماً لا يتعدى إلا بحرف الجر بفعل متعد ينصب المفعول به بنفسه، ثم إن كلمة (صدقت) لا تعطي معنى كلمة (آمنت) فإن (آمنت) تدل على طمأنينة بخبره أكثر من (صدقت).
ولهذا؛ لو فسر (الإيمان) بـ(الإقرار) لكان أجود؛ فنقول: الإيمان: الإقرار، ولا إقرار إلا بتصديق، فتقول أقر به، كما تقول: آمن به، وأقر له كما تقول: آمن له)
شرح العقيدة الواسطية/ ج 2/ ص : 229
هنا

تعريف (الإيمان) اصطلاحًا
الإيمان:قول باللسان، اعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
صالح الفوزان
فالإيمان قول وعمل.
وأما تفصيلاً؛ فأربعة هي:
قول القلب - قول اللسان - عمل القلب - عمل الجوارح.
باعتبار أن عمل اللسان يدخل في عمل الجوارح.
1) فقول القلب: المراد به اعتقاده وتصديقه وإيقانه وإقراره بأركان الإيمان وبكل ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْْ} [المائدة:41].
وكما جاء في حديث جبريل «..قال: ما الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وبالقدر خيره وشره..» [رواه مسلم].

قال البخاري في صحيحه
50 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مَا الْإِيمَانُ قَالَ الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ قَالَ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ قَالَ مَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ- ص 28 - قَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّهَا وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْإِبِلِ الْبُهْمُ فِي الْبُنْيَانِ فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَلَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الْآيَةَ ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ رُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَقَالَ هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ " قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ جَعَلَ ذَلِك كُلَّهُ مِنْ الْإِيمَانِ
صحيح البخاري - كِتَاب الْإِيمَانِ - بَاب سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ وَعِلْمِ السَّاعَةِ
موقع الإسلام

2) وقول اللسان: المراد به التكلم بكلمة الإسلام والإقرار بلوازمها.
كما قال تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونََ} [البقرة:136].
وقوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله
....
قال البخاري في صحيحه
25 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ ، قَالَ :حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ"
صحيح البخاري - كِتَاب الْإِيمَانِ - بَاب" فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ"
موقع الإسلام

3) وعمل القلب: المراد به انقياد القلب وإذعانه بتحقيق أعمال القلوب من الإخلال لله بجميع أنواع العبادة من المحبة والخوف والتوكل والرضا.
كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون} [الأنفال:2].
وقوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِين[المائدة:23].
وقوله: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين} [آل عمران:175].
والآيات الدالة على ذلك كثيرة، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبمحمد نبياً وبالإسلام دينا».

قال مسلم في صحيحه
34 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ وَبِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ " أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا"
صحيح مسلم - كِتَاب الْإِيمَانِ - بَاب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَإِنْ ارْتَكَبَ الْمَعَاصِيَ الْكَبَائِرَ
موقع الإسلام
والأحاديث الدالة على أعمال القلوب كثيرة.

4) وعمل الجوارح - وعمل اللسان يدخل في عمل الجوارح - والمراد بعمل الجوارح: الالتزام العملي الظاهر بفعل الواجبات، وترك المحرمات من حيث هي جنس.
أما بالنظر إلى آحاد هذه الواجبات والمحرمات فمنها ما هو ركن في الإيمان لا يصح إلا به: كالصلاة وإفراد الله بالدعاء. أو إذا كان من المحرمات فمثل الاستغاثة بغير الله أو تبديل شرع الله.
ومنها ما هو من واجبات الإيمان يصح الإيمان بدونها مثل بر الوالدين أو السرقة والزنا، لكن يستوجب معه العقوبة ويفوته كمال الإيمان الواجب.
ومنها ما هو مستحبات الإيمان كإماطة الأذى عن الطريق والسواك ونوافل الصلوات والصيام، فهذه لو تركها فإنه كمال الإيمان المستحب ولا يستوجب العقوبة.
فإذا نظرنا إلى عمل الجوارح كجنس فإنه ركن لا يصح الإيمان إلا به لدخول الأركان فيه.
منبر علماء اليمن
هنا

أحاديث في الإيمان:
-
عن عبد الله بن مسعود قال : إن الله قسم بينكم أخلاقكم ، كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يؤتي المال من يحب ومن لا يحب ، ولا يؤتي الإيمان إلا من أحب ، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان ، فمن ضن بالمال أن ينفقه ، وهاب العدو أن يجاهده ، والليل أن يكابده ؛ فليكثر من قول : ( لاإله إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ) .
الراوي
: - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1571-خلاصة حكم المحدث : صحيح


· عن يزيد بن عميرة قال: " لما حضر معاذ بن جبل الموت قيل له: يا أبا عبد الرحمن أوصينا. قال أجلسوني. فقال:" إن العلم والإيمان مكانهما, من ابتغاهما وجدهما.. يقول ثلاث مرات... ".
أخرجه الإمام أحمد. وصححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي" في الجامع الصحيح ج1 صـ236
"المؤمِنُ مَن أمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أموالِهم وأنفسِهِم، والمُهاجرُ من هجرَ الخطايا والذُّنوبَ"

لراوي: فضالة بن عبيد - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3193
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية



قال مسلم في صحيحه
61 43 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ "
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَمَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ"

صحيح مسلم - كِتَاب الْإِيمَانِ - ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان
موقع الإسلام